MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




دراسة نقدية لمقاولات التشغيل المؤقت ،شروط و حالات اللجوء إليها

     

كريم ابوطالب

ماستر القانون و المقاولة ، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية ،مكناس



دراسة نقدية  لمقاولات التشغيل المؤقت ،شروط و حالات اللجوء إليها
إذا كان تشريع الشغل السابق قد منع كل مساومة في أجورالعمال و عقد المقاولة من الباطن ، فإن المدونة التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2004 بمقتضى قانون 65.99 سمحت بخلق قنوات جديدة لانعاش التشغيل ، سميت بمقاولات التشغيل المؤقت،غايتها توريد اليد العاملة إلى أرباب المعمل – المقاولة المستعملة – لغرض إنجاز مهام محددة ( الفقرة الأخيرة من المادة 477 م ش) ولهذه الغاية فإنها تبرم عقدا سماه المشرع عقد الوضع رهن الإشارة يجمع بين المقاولة المستعملة و مقاولة التشغيل المؤقت ( المادة 499 م ش ) هذه الأخيرة التي تبرم لنفس الغاية عقدا يجمعها بالأجراء سماه المشرع بعقد مهمة (الفقرة الأولى من المادة 496) .

وقد عمل المشرع على شرعنة هذا العقد - أي عقد مهمة - و الذي يظهر منذ اول وهلة عن هشاشته و تناقضه مع مبدأ إستقرار الشغل ،لغرض تشجيع اراب العمل على التشغيل حيث كان هؤلاء يتخوفون من أي أرتباط أبدي مع أي أجير قد يحملهم تكاليف ، لذلك فإن هذا التوجه فيه مافيه من مرونة كبيرة لفائدة المشغل و لدعم إنطلاق المقاولة .

هذا ويقصد بعقد الوضع رهن الإشارة ،ذلك العقد التجاري الذي يجمع مقاولة التشغيل المؤقت بالمقاولة المستعملة ،محله توريد اليد العاملة للإشتغال داخل بالمقاولة المستعملة.

و يعنى بعقد مهمة ، العقد الذي يجمع الأجير المؤقت بمقاولة التشغيل المؤقت محله إنجاز أشغال غير دائمة عبر عنها المشرع بكلمة مهام في المادة496 من م ش .

مما سبق نتساءل ماهي شروط التي وضعها المشرع للجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت ؟ و ماهي حالات التي يسمح خلال باللجوء إلى أجراء مقاولة التشغيل المؤقت ؟ وهل يمكن اللجوء إلى أجراء مقاولة التشغيل المؤقت عند إفتتاح المقاولة – نقصد هنا المقاولة المستعملة – لأول مرة ؟

للإجابة عن هذه الأسئلة نرى أن نتناول دراسة هذا الموضوع في مطلبين كالتالي :

المطلب الأول : شروط و حالات اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت
المطلب الثاني : هل يمكن اللجوء إلى مقاولة التشغيل المؤقت عند إفتتاح مقاولة لأول مرة ؟

المطلب الأول : شروط و حالات اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت .


الفرع الأول : شروط اللجوء إلى أجراء مقاولة لتشغيل المؤقت

إنه بالرجوع إلى المادة 496 من م ش نجد المشرع نص على شرطين أساسين :

اولا : إستشارة الهيئات التمثيلية للأجراء داخل المقاولة.


إن الغاية من هذا الشرط هو حماية الأجراء القارين بالمقاولة المستعملة ، الذين قد تهدد مصالحهم بتواجد أجراء مؤقتين داخل المقاولة لأداء مهام معينة كانت ستوفر للأجراء القارين مزيدا من ساعات العمل ، لذلك فأن المشرع هنا أراد أن يغلق الباب على تهريب الشغل لأجراء آخرين و بأقل تكلفة .
و إذا كان هذا الشرط واضحا ، فإن يطرح إشكالات مهمة خاصة في المقاولات التي لايتوفر فيها ممثل للأجراء ، حيث نعم جميعا ان انتخاب مندوب الأجراء لايكون إلزاميا إلا في المقاولات التي تشغل إعتياديا 10 أجراء دائمين فأكثرحسب المادة 430 من م ش .كما يمكن أن ينتخب ممثل للأجراء في المقاولات التي تشغل أقل من النصاب القانوني المشار إليه أعلاه و ذلك بمقتضى إتفاق كتابي و هو ما تنص عليه المادة 431 من م ش .
في الواقع إن المشرع بتنصيصه على حد أدنى من أجل الزام المشغل بانتخاب مندوب للأجراء ، قد سمح بطريقة غير مباشرة للأرباب العمل من جل التملص من هذا الواجب و التطاول على القانون بالقانون لان الواقع العملي يأكد أن أغلب المقاولات تتعمد أن تشغل فقط تسعة أجراء دائمين أو اقل ، لتتهرب من هذا المقتضى .و حرمان الأجراء من التمثيلية النقابية ، و بالتالي نكون امام فراغ و صوعبة تطبيق هذا الشرط ، ويبقى السؤال هل المقاولات التي لا تتوفر على ممثل للأجراء لايمكنها اللجوء إلى أجراء مقاولات التشغيل المؤقت ؟ أم أنها غير مخاطبة بهذا الشرط ؟
من جانبنا نقول وتماشيا مع المنطق الحمائي للمدونة و روح المادة 496 من م ش ، فإن المشرع كان وضاحا و أن في جعل الإستشارة أمر لامهرب و لامناص منه لأجل الإستفادة من هذا النوع من العقود .و كأن لسان حاله يقول للمقاولا ت من اردت أن تستفيذ من أمتيازات المدونة فل تلتزم بالمدونة و تحرص على حقوق الأجراء لتكرس الإستقرار في الشغل ، الذي هو من مطالب المنظمات النقابية منذ تأسيسها .

ثانيا : إنجاز أشغال غير دائمة


من شروط اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت أن يبرم عقد المهمة من أجل إنجاز أشغال مؤقتة ، وتترك تحديد طبيعة هذه الأشغال للسطلة التقديرية للمشغل و القضاء في حالة و جود نزاع ، وهو ما لانتفق معه إذ من شأن ذلك أن يوسع من نطاق إعمال هذا العقد الهش الذي لاتتوافر فيه الحماية للأجراء المؤقتين من جهة ، ومن جهة ثانية تؤدي هذه المرونة إلى تهريب ساعات العمل عن الأجراء القارين لفائدة أجراء مؤقتين و بسعر أقل .

الفرع الثاني : حالات اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت


بعد أن تتطرقنا لشروط اللجوء إلى أجراء مقاولات التشغيل المؤقت ، و التي تنسحب على جميع هذه الحالات التي سنقف عندها بالدرس و التحليل إنطلاقا من المادة 496 من م ش :

أولا : إحلال أجير محل أجير آخر في حالة غيابه ، أو في حالة توقف عقد الشغل مالم يكن التوقف ناتجا عن الَإضراب :


 حالة غياب الأجير :


بحسب هذا المقتضى فإنه يمكن للمشغل الإعتماد على عقد الوضع رهن الإشارة للإستفادة من يد عاملة تغطي فترة تغيب الأجير ، هذا الأخير الذي يفترض فيه أن يكون قارا أو مرتبطا بعقد شغل محدد المدة حسب المواد 16 و17 من المدونة .هذا والمشرع لم يضع قيدا على حالة الغياب و بالتالي سواء كان ناتجا عن المرض أو أنه غياب غير مبرر او لسبب الوقف للعقوبات التأديبية .

 توقف عقد الشغل مالم يكن التوقف ناتجا عن الإضراب :


يمكن كذلك اللجوء إلى أجراء مقاولات التشغيل المؤقت في تحقق إحدى حالات توقف عقد الشغل طبقا للمادة 32 من م ش هذه الأجيرة التي حددت 5 حالات

 فترة الخدمة العسكرية الإجبارية و التي تم الغائها
 تغيب الأجير لمرض ، أو إصابة يثبتهما إثباتا قانونيا ،
 فترة ماقبل وضع الحامل حملها ، وبعده ، وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 154 و 156 ،
 فترة العجز المؤقت الناتج عن حادثة شغل أو مرض مهني ،
 فترات تغيب الأجير المنصوص عليها في المواد 274 و 275 و 277
 مدة الإضراب ،

غير أن التوقف الناتج عن الإضراب لايخول اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت ، وذلك حماية للحق النقابي و عدم تعطيل حركة اللإضراب ،غير أنه بتعميق النظر في هذا المقتضى يتأكد بوضوح أن بعض المشغلين سيئ النية بإمكانهم تعطيل هذه الحماية و نسفها بطريقة سهلة ، نناشد المشرع التدخل لأجل سد هذه الثغرة ،حيث قد يوضع الأجير غير المضرب مكان المضرب ويأتى بالأجير المؤقت ليوضع مكان الأجير غير المضرب ،فينتهي الحضر و تنسف الحماية .

ثانيا : التزايد المؤقت في نشاط المقاولة


إن هذه العبارة الفضفاضة لا إشارة من المشرع عن نيته في توسيع نطاق اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت ، ذلك لأن كلمتا تزايد و مؤقت تنقصهما الموضوعية و المعيارية ، خاصة و ان المشرع لم يحدد ما لمقصود بالتزايد و لا بالمؤقت ،وفي الواقع كان عليه الإحالة على نص تنظيمي يحدد طبيعىة هذا التزايد حسب كل قطاع على حدة و يعطي أمثلة عنها ،لتجنب كل لبس و تفسير يكرس هشاشة عقود الشغل . وبما أن التزايد هنا قد تطول مدته فإن المشرع عمل على وضع حد اقصى لهذه العقود لايمكن تجاوزها ،حيث نصت الفقرة الأولى من المادة 500 من م ش على ان مدة عقد المهمة في هذه الحالة لايمكن ان تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة لتجديد مرة واحدة فقط.

ثالثا : إنجاز أشغال ذات طابع موسمي


يقصد بالموسم، فترات دورية من السنة متعارف عليها حيث تتميز بنشاط معين . كموسم الحصاد و موسم جني الزيون أو حالة التدفق السياحي في بعض المناطق خلال السنة مما يجعل النشاط يتزايد لدى الفنادق و أصحاب المقاهي .
ولصعوبة تحديد مدة إنتهاء الموسم و الذي قد يطول، عمل المشرع على ضبط هذه الحالة حيث نصت المادة 500 في فقترها الثانية أن عقد المهمة لا يجوز أن يتجاوز - في هذه الحالة – ثلاث أشهر قابلة لتجديد مرة واحدة فقط .

رابعا : إنجاز أشغال إستقر العرف على عدم اللجوء فيها إلى عقد الشغل غير محدد المدة بسبب طبيعة الشغل .


ماقيل عن الحالات السابقة يمكن أن نسقطه عن هذه الحالة ، حيث المشرع يأكد مرة أخرى عن منح مرونة كبيرة للمشغل ، لأجل للجوء لمقاولات التشغيل المؤقت ،فاعتماد العرف و الذي نعرف أنه يتغير من مكان إلى أخر دون أن يكلف المشرع نفسه الإحالة على نص تنظيمي طبيعة هذه الأعراف و لائحتها على المستوى القطاعي و الترابي كذلك . حتى يثم مراقبته وتقنين هذا المقتضى بشكل يكرس الإستقرار في الشغل .

إضافة إلى الحالات الاربع التي حددوها المشرع فإننا نقترح إضافة حالة أخرى خامسة ، وهي حالة إنجاز اشغال تكتسي خطورة خاصة . لان مثل هذه الأشغال تكون عبارة عن إصلاحات معقدة و خطيرة يصعب على الأجير العادي لإنجازها دون أن يخاطر بجسمه و نفسه .لذلك فهي تحتاج لذي المهارة و التكوين الخاص لأنجاز مثل هذه الأشغال .
ومادام عقد الوضع رهن الإشارة عقد تجاري يخضع لقاعدة العرض و الطلب ، فإنه بإمكان مقاولات التشغيل المؤقت و التي تبحث عن الربح تكوين أفراد متخصصين في إنجاز هذه الأشغال التي تكتسي خطورة خاصة .
لذلك فأننا نتجه عكس مايراه المشرع حين إعتبر أنه يمنع اللجوء إلى أجراء مقاولات التشغيل المؤقت لإنجاز أشغال خطيرة و ذلك حسب المادة 597 من م ش .لذلك يجب إلغاء حالة المنع هذه و إلحاقها بحالات الجواز الأربع التي نصت عليها المادة 496 من م ش.


المطلب الثاني : هل يمكن اللجوء إلى مقاولة التشغيل المؤقت عند إفتتاح مقاولة لأول مرة ؟


إستنادا إلى مجموعة من النصوص و التي تأكد بطريقة غير مباشرة عدم إمكانيىة اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت لأول مرة عند إفتتاح مقاولة لأول مرة و اسانيدنا في ذلك مايلي :
المادة 596 تنص على أن من شروط اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت أن يثم إستشارة الهيئات التمثيلية للأجراء ، وهو مالا يفترض توافره لدى مقاولة سواء في القطاع الفلاحي أو الصناعي ، ثم إفتتاحها لأول مرة ، إذ لابد أن تشغل أكثر من عشرة اجرء قارين .
كما أن نفس المادة حددت حالات اللجوء و هي الحالات التي يتواجد فيها اصلا أجرء مرتبطين بعقود شغل مع المشغل لذلك جاء المشرع بهذه الحالات لحماية هؤلاء من مزاحمة و تهريب شغلهم عن كريق عقد شغل مهمة إلى أجراء أخرين و بأقل تكفلة .
علاوة على ذلك فإن الأصل في العقود كونها غير محددة المدة طبق المادة 16 من م ش، و ان كل العقود الاخرى ترتبط بحالات إستنائية ، و ان غاية المشرع هو تكريس إستقرار الشغل وبموازاة مع دعم إنطلاق المقاولة.


خــاتـمــة:


إذا كنا نقبل بمثل هذه المرونة و تشجيع ارباب الشغل على التشغيل و توفير فرص الشغل بعد أن تبت أن الدولة عجزت عن تنشيط حركة التشغيل ، و ان مساهتها تكون شبه منعدمة و أن مناخ التشغيل يعتمد اساس على الزبونية و المعارف و الأصدقاء ، فأنه يتوجب على المشرع أن يحين نصوصه حتى تساهم بجد في التنمية لتكون مدونة الشغل عنوانا لتنمية و الإقتصدية و الإجتماعية كما روج لذلك واضعوها .لذلك فإنه لابد من تشديد الرقابة على هذه المقاولات و تقينن حالات اللجوء إليها حتى لابكون دعم إنطلاق المقاولة على حساب مبدأ إستقرار الشغل ، وذلك بأن تعطى لمفتش الشغل المرجعية في الترخيص باللجوء إلى مقاولة التشغيل لمؤقت ، إضافة إلى ضرورة شديد العقوبات ضد كل مقاولة تشغيل مؤقت تخالف القانون و الأنظمة الجاري بها العمل ،خاصة و أن المادة 505 من مدونة الشغل تنص على أنه يعاقب على مخافة أحكام هذا الباب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم وهو مانرى فيه تلاعب بمصالح الأجراء الذين قد يكونوا ضحية مساومة في أجورهم و لا يحصلون على أدنى الحقوق التي تخولها لهم المدونة .خاصة و أن هذه المادة العقابية المشار إليها أعلاه تخالف ماهو متاعرف عليه في كل تشريعات الشغل ، و التي مفاذها أن العقوبة تتعد بتعدد الأجراء ضحية المخالفة علما أن القاضي لايمكنه الحكم بالتعدد إلابنص .


إنتهى بعون من الله وحسن توفيقه


تاريخ التوصل 18 غشت 2012
تاريخ النشر 18 غشت 2012



الاحد 19 غشت 2012
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter