نظرا للخطورة القصوى التي تتميز بها الجريمة الإرهابية على كل القيم التي تسود المجتمع لما تتسم به من اللجوء إلى العنف بغاية التخويف و الترهيب و بث الرعب في الناس من أجل فرض و جهة نظر في مسائل متعددة أهمها السياسة و الدين ، و تتجسد بقوة في زعزعة الركنين الأساسيين للنظام العام ، حقوق و حريات الإنسان من جهة و السير العادي للمؤسسات و المرافق العمومية من جهة أخرى ، و بناء عليه يعاملها القانون بصرامة واضحة على سواء على مستوى التجريم أو على مستوى العقاب، لذلك يأتي القانون رقم86-14 _الصادر بتاريخ فاتح شعبان 1436 الموافق20 ماي 2015 القاضي بتغيير و تتميم المقتضيات القانونية المتعلقة بمكافحة الإرهاب ، و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6365 بالصفحة 5490 بتاريخ 13 شعبان 1436 الموافق لفاتح يونيو 2015_ ، بعد مرور 12 سنة على دخول القانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب حيز التنفيذ ، و من خلال ما تضمنه من مستجدات في ظل ظرفية حساسة يعرف فيها المنتظم الدولي عددا من التغييرات ، إن على مستوى ظهور بؤر جديدة للتوتر تستقطب عددا لا يستهان به من الأشخاص للتغرير بهم و تصديرهم في اتجاه البلدان التي تعرف هذا التوتر و دفعهم لإرتكاب أعمال إرهابية ، أو على مستوى مراجعة مجموعة من الدول لمنظوماتها القانونية حتى تتلاءم مع هذه الظرفية الحساسة ، وهو ما فرض على المغرب على غرار هذه الدول أن يواءم منظومته القانونية مع هذا الوضع الجديد.
فالمؤكد أن المستجدات التي حملها القانون 86-14 و الذي يروم تعديل و مراجعة مجموعة القانون الجنائي فيما يخص الشق التجريمي و العقابي من خلال الفصول218-1 إلى218-9 ( المواد 1و 2و3 من القانون86-14)، و قانون المسطرة الجنائية و على الخصوص أحكام المادتين49 فيما يخص مدة سحب جواز السفر و إغلاق الحدود و711-1 فيما يخص الإختصاص القضائي ( المادتين 4و5 من القانون 86-14 ) ، تشكل نوعا من التقوية للآليات القانونية بهدف تحصين البلاد من الخطر الإرهابي الذي يتربص بها و الذي لا يؤمن مكره ، وذلك وفق استراتيجية متعددة الجوانب و الواجهات حيث تشكل المقاربة القانونية و الزجرية إحدى أهم مستوياتها ، الشيء الذي يفرض التحيين المستمر للترسانة القانونية و التكييف الجنائي للجريمة الإرهابية المتحولة و المتغيرة في مضامينها و أشكالها و امتداداتها الترابية ووسائلها المتعددة للإستقطاب و التجنيد ، و ذلك بالقدر الذي يهم أمن المجتمع و استقراره و حقوق الأفراد و حرياتهم ، و لتحقيق نوع من الإنسجام و التكامل بين المغرب القانوني و المغرب الأمني.
فالإشكال الذي يطرح في هذا الموضوع يدور حول ما إذا كان المشرع من خلال هذه المستجدات التي حملها 86-14 قد وفق في وضع مقتضيات قانونية جنائية تواكب ما تعرفه الساحة الوطنية و الدولية من متغيرات و تنسجم مع طبيعة الجريمة الإرهابية المتغيرة في مضامينها و أشكالها و امتداداتها الترابية ، لذلك فمقاربتنا لهذا الإشكال ستكون من زاويتين ، الوقوف أولا عند راهنية هذا القانون بالنظر لما تشهده الساحة الوطنية و الدولية من مستجدات ، ثم الوقوف بعد ذلك عند بعض الملاحظات المسجلة على المستجدات التي جاء بها القانون86-14.
أولا : راهنية القانون بالنظر إلى المستجدات الوطنية و الدولية
يظل الإرهاب من المفاهيم الإيديولوجية و الفكرية و الثقافية المرتبطة بالمرجعيات ، فهو ليس بالمفهوم القانوني القار و الصرف ، لذلك يكون من الصعب رسم الحدود الفاصلة بين ما هو من صميم المرجعيات الدينية و ما هو من صميم المرجعيات السياسية و القانونية ، الأمر الذي يحتم المقاربة الشمولية للظاهرة الإرهابية و التي لا يجب أن تتوقف عند حدود الهواجس الأمنية و الزجرية ، بقدر ما تحتاج الظاهرة الإرهابية لهذه المقاربة التي يتداخل فيها ما هو قانوني بما هو اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، تربوي، تعليمي.
فهذه المستجدات تأتي في ظرفية حساسة على اعتبار ما يشهده المنتظم الدولي من تغيرات، و الحديث هنا عن تزايد بؤر التوتر و التي تسعى ليل نهار عن طريق مختلف الوسائط لإستقطاب المقاتلين و شحنهم _تحت مسميات الجهاد و النصرة_ بإختلاف أعمارهم و أجناسهم و التغرير بهم و دفعهم لإرتكاب أعمال إرهابية ، حيث تشير الإحصائيات التي كشف عنها وزير العدل نهاية سنة 2014 بأن 1212 مغربي موجودون في بؤر التوتر و إذا ما أضيف إليهم أشخاص ذوو أصول مغربية يحملون جنسيات أجنبية سيتجاوز العدد 2000 مغربي ، و بـأن 147 شخصا عادوا إلى المغرب و6 أشخاص حاولوا مغادرة التراب الوطني و تم ضبطهم عند الحدود ، هذا من جهة ، من جهة ثانية فهذه المستجدات تأتي أيضا في سياق تحرص فيه مجموعة من الدول على مراجعة منظوماتها التشريعية لتتلاءم مع هذه الظرفية الحساسة ، الأمر الذي فرض على المغرب أن يواءم منظومته القانونية لتستوعب هذه التغيرات، وذلك في ظل النهج و التوجه الإستباقي الذي يروم تقوية الآليات القانونية لمواجهة ظاهرة الإلتحاق أو محاولة الإلتحاق بمعسكرات تدريبية بالخارج و تلقي تدريبات بها، و أيضا في سبيل تحقيق الموازنة بين المغرب القانوني و المغرب الأمني بما يوفر الحماية الكاملة و المضمونة للمجتمع أفرادا و مؤسسات من الإنفلاتات الإرهابية ، بالموازاة مع احترام مبادئ حقوق الإنسان و الحريات العامة و الفردية .
ثانيا : ملاحظات حول بعض مستجدات القانون 86-14
الملاحظ من خلال هذا القانون أنه أضاف فصلا جديدا إلى مجموعة القانون الجنائي و المتمثل في الفصل 218 .1 .1 و الذي أدرجت من خلاله مجموعة من الأفعال ذات الصلة بمعسكرات التدريب ببؤر التوتر الإرهابية ، و يتعلق الأمر بالأفعال التالية :
_ الإلتحاق أو محاولة الإلتحاق بشكل فردي أو جماعي في إطار منظم أو غير منظم بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان وجودها و لو كانت الأفعال لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها ؛
_ تلقي تدريب أو تكوين ، كيفما كان شكله أو نوعه أو مدته داخل أو خارج المملكة المغربية أو محاولة ذلك ، بقصد ارتكاب أحد الأفعال الإرهابية داخل المملكة أو خارجها ، سواء وقع الفعل المذكور أو لم يقع ؛
_ تجنيد بأي وسيلة كانت أو تدريب أو تكوين شخص أو أكثر من أجل الإلتحاق بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها ، أو محاولة ارتكاب هذه الأفعال.
فالصياغة القانونية لهذا الفصل تؤكد بوضوح استمرار المشرع في استعمال المصطلحات الفضفاضة و هو ما لا ينسجم مع روح القانون الجنائي الذي ينبغي أن يتسم بالدقة في مقتضياته ، فضلا على أنها غير واضحة و فيها خلط بين توصيف الكيانات أو العصابات أو الجماعات الإرهابية و بين أفعالها ، كما تطرح إشكالا على مستوى التشخيص القانوني للمحاولة ، و ما مدى استيعاب الأحكام العامة المتعلقة بمحاولة ارتكاب جناية المقررة من خلال الفصل 114من القانون الجنائي لمحاولة ارتكاب أحد الأفعال المنصوص عليها في الفقرات الثلاث من الفصل218-1-1 .
لذلك ، وتفاديا للإشكاليات العملية التي قد تصادف هذا القانون عند تطبيقه ،كان حري بالمشرع إدراج مقتضيات تعرف بشكل واضح و لأغراض القانون هدف الكيانات أو العصابات أو الجماعات الإرهابية ، و إدراج مقتضى بين الفقرة الثانية و الثالثة من هذا الفصل يعرف المقصود بالتدريب من أجل الإرهاب ، أما فيما يخص المحاولة فكان ينبغي وضع مقتضيات تشخصها من الناحية القانونية.
كما أن هذا القانون أضاف فقرة ثانية للفصل 218-2 حيث جاء فيها " يعاقب بنفس العقوبة كل من قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة شخص أو كيان أو تنظيم أو عصابة أو جماعة إرهابية بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى." فالملاحظ من خلال هذه الفقرة أنها تطرح جملة من الإشكالات في مقدمتها ، الحدود الفاصلة بين الإشادة و فعل الدعاية و الترويج ، و كيفية التمييز الآن بين بعض الأفعال الدعوية و الفتاوى و التي تكون تحت يافطات مغلفة ببعض المبادئ المغلوطة القائمة على الجهل بالدين و الفهم الخاطئ لقيمه السمحة و التي لا تصدر عن الجهات الرسمية المختصة من جهة و فعل الدعاية و الإشادة بالإرهاب من جهة ثانية.
ونظرا لكون فعل التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية يبقى أصل كل بلاء لتزايد عدد المحرضين و المفتين عن طريق مختلف الوسائط خصوصا عبر شبكة الأنترنيت وعلى وجه التحديد مواقع التواصل الإجتماعي، فقد أدخل القانون 86-14 تعديلات على الفصل 218-5 سواء على مستوى العقوبة المخصصة له ، أو على مستوى التحريض الذي يستهدف القاصرين ، حيث جاء في فقرته الأولى "كل من قام بأي وسيلة من الوسائل بإقناع الغير بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب أو دفعه إلى القيام بها أو حرضه على ذلك يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات و بغرامة تتراوح بين 5000و 1000درهم. " ، فالملاحظ من خلال هذه المقتضيات أن المشرع احتفظ بعبارة "إقناع الغير" و ما تطرحه هذه العبارة من إشكالات على اعتبار أن الإقناع حالة نفسية يصعب ضبطها و بالتالي كان من الأفضل الإبقاء على العبارتين الأكثر وضوحا من الناحية المعيارية و هما الدفع و التحريض بالإضافة إلى استعمال عبارة التغرير عندما يتعلق الأمر بالقاصرين بدل عبارات الإقناع أو الدفع أو التحريض التي استعملها المشرع من خلال الفقرة الثانية " تضاعف العقوبات المشار إليها في الفقرة السابقة إذا تعلق الأمر بإقناع أو دفع أو تحريض قاصر."
كما يلاحظ أن المشرع حدد العقوبة المقررة للفعل التحريضي على الأفعال الإرهابية ، سواء كان المرتكب شخص طبيعي(الفقرة الأولى) أو شخص معنوي( الفقرة الثالثة) على عكس ما كان عليه الأمر قبل التعديل حيث أن المشرع كان يعاقب على الإقناع أو التحريض بالعقوبات المقررة للجريمة الإرهابية التي وقع التحريض أو دفع أو إقناع الغير لإرتكابها و التي كانت تصل إلى حد الإعدام .
في الختام لا بد من التأكيد أن مقاربة الظاهرة الإرهابية لا ينبغي أن تتوقف عند حدود الهواجس الأمنية و الزجر القانوني ، فالثابت أن المقاربة الأمنية و القانونية ضرورية ، لكن لوحدها لا تكفي ، فمن اللازم استحضار مقاربات أخرى و على الخصوص المقاربتين التصالحية و الإدماجية الإصلاحية التأهيلية ، لإعادة إدماج و إصلاح و تأهيل العائدين المدانين حتى لا يتم رصدهم و استقطابهم مرة أخرى و إعادة إلحاقهم و تجنيدهم و النماذج في هذا الباب كثيرة.
فالمؤكد أن المستجدات التي حملها القانون 86-14 و الذي يروم تعديل و مراجعة مجموعة القانون الجنائي فيما يخص الشق التجريمي و العقابي من خلال الفصول218-1 إلى218-9 ( المواد 1و 2و3 من القانون86-14)، و قانون المسطرة الجنائية و على الخصوص أحكام المادتين49 فيما يخص مدة سحب جواز السفر و إغلاق الحدود و711-1 فيما يخص الإختصاص القضائي ( المادتين 4و5 من القانون 86-14 ) ، تشكل نوعا من التقوية للآليات القانونية بهدف تحصين البلاد من الخطر الإرهابي الذي يتربص بها و الذي لا يؤمن مكره ، وذلك وفق استراتيجية متعددة الجوانب و الواجهات حيث تشكل المقاربة القانونية و الزجرية إحدى أهم مستوياتها ، الشيء الذي يفرض التحيين المستمر للترسانة القانونية و التكييف الجنائي للجريمة الإرهابية المتحولة و المتغيرة في مضامينها و أشكالها و امتداداتها الترابية ووسائلها المتعددة للإستقطاب و التجنيد ، و ذلك بالقدر الذي يهم أمن المجتمع و استقراره و حقوق الأفراد و حرياتهم ، و لتحقيق نوع من الإنسجام و التكامل بين المغرب القانوني و المغرب الأمني.
فالإشكال الذي يطرح في هذا الموضوع يدور حول ما إذا كان المشرع من خلال هذه المستجدات التي حملها 86-14 قد وفق في وضع مقتضيات قانونية جنائية تواكب ما تعرفه الساحة الوطنية و الدولية من متغيرات و تنسجم مع طبيعة الجريمة الإرهابية المتغيرة في مضامينها و أشكالها و امتداداتها الترابية ، لذلك فمقاربتنا لهذا الإشكال ستكون من زاويتين ، الوقوف أولا عند راهنية هذا القانون بالنظر لما تشهده الساحة الوطنية و الدولية من مستجدات ، ثم الوقوف بعد ذلك عند بعض الملاحظات المسجلة على المستجدات التي جاء بها القانون86-14.
أولا : راهنية القانون بالنظر إلى المستجدات الوطنية و الدولية
يظل الإرهاب من المفاهيم الإيديولوجية و الفكرية و الثقافية المرتبطة بالمرجعيات ، فهو ليس بالمفهوم القانوني القار و الصرف ، لذلك يكون من الصعب رسم الحدود الفاصلة بين ما هو من صميم المرجعيات الدينية و ما هو من صميم المرجعيات السياسية و القانونية ، الأمر الذي يحتم المقاربة الشمولية للظاهرة الإرهابية و التي لا يجب أن تتوقف عند حدود الهواجس الأمنية و الزجرية ، بقدر ما تحتاج الظاهرة الإرهابية لهذه المقاربة التي يتداخل فيها ما هو قانوني بما هو اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، تربوي، تعليمي.
فهذه المستجدات تأتي في ظرفية حساسة على اعتبار ما يشهده المنتظم الدولي من تغيرات، و الحديث هنا عن تزايد بؤر التوتر و التي تسعى ليل نهار عن طريق مختلف الوسائط لإستقطاب المقاتلين و شحنهم _تحت مسميات الجهاد و النصرة_ بإختلاف أعمارهم و أجناسهم و التغرير بهم و دفعهم لإرتكاب أعمال إرهابية ، حيث تشير الإحصائيات التي كشف عنها وزير العدل نهاية سنة 2014 بأن 1212 مغربي موجودون في بؤر التوتر و إذا ما أضيف إليهم أشخاص ذوو أصول مغربية يحملون جنسيات أجنبية سيتجاوز العدد 2000 مغربي ، و بـأن 147 شخصا عادوا إلى المغرب و6 أشخاص حاولوا مغادرة التراب الوطني و تم ضبطهم عند الحدود ، هذا من جهة ، من جهة ثانية فهذه المستجدات تأتي أيضا في سياق تحرص فيه مجموعة من الدول على مراجعة منظوماتها التشريعية لتتلاءم مع هذه الظرفية الحساسة ، الأمر الذي فرض على المغرب أن يواءم منظومته القانونية لتستوعب هذه التغيرات، وذلك في ظل النهج و التوجه الإستباقي الذي يروم تقوية الآليات القانونية لمواجهة ظاهرة الإلتحاق أو محاولة الإلتحاق بمعسكرات تدريبية بالخارج و تلقي تدريبات بها، و أيضا في سبيل تحقيق الموازنة بين المغرب القانوني و المغرب الأمني بما يوفر الحماية الكاملة و المضمونة للمجتمع أفرادا و مؤسسات من الإنفلاتات الإرهابية ، بالموازاة مع احترام مبادئ حقوق الإنسان و الحريات العامة و الفردية .
ثانيا : ملاحظات حول بعض مستجدات القانون 86-14
الملاحظ من خلال هذا القانون أنه أضاف فصلا جديدا إلى مجموعة القانون الجنائي و المتمثل في الفصل 218 .1 .1 و الذي أدرجت من خلاله مجموعة من الأفعال ذات الصلة بمعسكرات التدريب ببؤر التوتر الإرهابية ، و يتعلق الأمر بالأفعال التالية :
_ الإلتحاق أو محاولة الإلتحاق بشكل فردي أو جماعي في إطار منظم أو غير منظم بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان وجودها و لو كانت الأفعال لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها ؛
_ تلقي تدريب أو تكوين ، كيفما كان شكله أو نوعه أو مدته داخل أو خارج المملكة المغربية أو محاولة ذلك ، بقصد ارتكاب أحد الأفعال الإرهابية داخل المملكة أو خارجها ، سواء وقع الفعل المذكور أو لم يقع ؛
_ تجنيد بأي وسيلة كانت أو تدريب أو تكوين شخص أو أكثر من أجل الإلتحاق بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها ، أو محاولة ارتكاب هذه الأفعال.
فالصياغة القانونية لهذا الفصل تؤكد بوضوح استمرار المشرع في استعمال المصطلحات الفضفاضة و هو ما لا ينسجم مع روح القانون الجنائي الذي ينبغي أن يتسم بالدقة في مقتضياته ، فضلا على أنها غير واضحة و فيها خلط بين توصيف الكيانات أو العصابات أو الجماعات الإرهابية و بين أفعالها ، كما تطرح إشكالا على مستوى التشخيص القانوني للمحاولة ، و ما مدى استيعاب الأحكام العامة المتعلقة بمحاولة ارتكاب جناية المقررة من خلال الفصل 114من القانون الجنائي لمحاولة ارتكاب أحد الأفعال المنصوص عليها في الفقرات الثلاث من الفصل218-1-1 .
لذلك ، وتفاديا للإشكاليات العملية التي قد تصادف هذا القانون عند تطبيقه ،كان حري بالمشرع إدراج مقتضيات تعرف بشكل واضح و لأغراض القانون هدف الكيانات أو العصابات أو الجماعات الإرهابية ، و إدراج مقتضى بين الفقرة الثانية و الثالثة من هذا الفصل يعرف المقصود بالتدريب من أجل الإرهاب ، أما فيما يخص المحاولة فكان ينبغي وضع مقتضيات تشخصها من الناحية القانونية.
كما أن هذا القانون أضاف فقرة ثانية للفصل 218-2 حيث جاء فيها " يعاقب بنفس العقوبة كل من قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة شخص أو كيان أو تنظيم أو عصابة أو جماعة إرهابية بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى." فالملاحظ من خلال هذه الفقرة أنها تطرح جملة من الإشكالات في مقدمتها ، الحدود الفاصلة بين الإشادة و فعل الدعاية و الترويج ، و كيفية التمييز الآن بين بعض الأفعال الدعوية و الفتاوى و التي تكون تحت يافطات مغلفة ببعض المبادئ المغلوطة القائمة على الجهل بالدين و الفهم الخاطئ لقيمه السمحة و التي لا تصدر عن الجهات الرسمية المختصة من جهة و فعل الدعاية و الإشادة بالإرهاب من جهة ثانية.
ونظرا لكون فعل التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية يبقى أصل كل بلاء لتزايد عدد المحرضين و المفتين عن طريق مختلف الوسائط خصوصا عبر شبكة الأنترنيت وعلى وجه التحديد مواقع التواصل الإجتماعي، فقد أدخل القانون 86-14 تعديلات على الفصل 218-5 سواء على مستوى العقوبة المخصصة له ، أو على مستوى التحريض الذي يستهدف القاصرين ، حيث جاء في فقرته الأولى "كل من قام بأي وسيلة من الوسائل بإقناع الغير بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب أو دفعه إلى القيام بها أو حرضه على ذلك يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات و بغرامة تتراوح بين 5000و 1000درهم. " ، فالملاحظ من خلال هذه المقتضيات أن المشرع احتفظ بعبارة "إقناع الغير" و ما تطرحه هذه العبارة من إشكالات على اعتبار أن الإقناع حالة نفسية يصعب ضبطها و بالتالي كان من الأفضل الإبقاء على العبارتين الأكثر وضوحا من الناحية المعيارية و هما الدفع و التحريض بالإضافة إلى استعمال عبارة التغرير عندما يتعلق الأمر بالقاصرين بدل عبارات الإقناع أو الدفع أو التحريض التي استعملها المشرع من خلال الفقرة الثانية " تضاعف العقوبات المشار إليها في الفقرة السابقة إذا تعلق الأمر بإقناع أو دفع أو تحريض قاصر."
كما يلاحظ أن المشرع حدد العقوبة المقررة للفعل التحريضي على الأفعال الإرهابية ، سواء كان المرتكب شخص طبيعي(الفقرة الأولى) أو شخص معنوي( الفقرة الثالثة) على عكس ما كان عليه الأمر قبل التعديل حيث أن المشرع كان يعاقب على الإقناع أو التحريض بالعقوبات المقررة للجريمة الإرهابية التي وقع التحريض أو دفع أو إقناع الغير لإرتكابها و التي كانت تصل إلى حد الإعدام .
في الختام لا بد من التأكيد أن مقاربة الظاهرة الإرهابية لا ينبغي أن تتوقف عند حدود الهواجس الأمنية و الزجر القانوني ، فالثابت أن المقاربة الأمنية و القانونية ضرورية ، لكن لوحدها لا تكفي ، فمن اللازم استحضار مقاربات أخرى و على الخصوص المقاربتين التصالحية و الإدماجية الإصلاحية التأهيلية ، لإعادة إدماج و إصلاح و تأهيل العائدين المدانين حتى لا يتم رصدهم و استقطابهم مرة أخرى و إعادة إلحاقهم و تجنيدهم و النماذج في هذا الباب كثيرة.