MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




سقوط حق المؤمن له في الضمان بين الإلتزام الإتفاقي و الحماية القانونية ''دراسة من صميم مدونة التأمينات و العمل القضائي

     



رشيد العنب
طالب باحث

ماستر القانون المدني بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكادير.



سقوط حق المؤمن له في الضمان بين الإلتزام الإتفاقي و الحماية القانونية ''دراسة من صميم مدونة التأمينات و العمل القضائي

مقدمة:

 
إن حاجة الإنسان للحصول على معاشه و رزقه حاجة فطرية، و يتبع ذلك حاجته لتأمين نفسه من المخاطر التي تهدده في سبيل الحصول على غايته، و من هذا المنطلق تفتق الفكر البشري إلى إيجاد الوسائل التي يحمي بها الإنسان نفسه من المخاطر التي يتعرض لها في حياته عن طريق التكتل و التضامن عند وقوع الخطر، و ذلك بالتعاون على تعويض الأضرار التي تلحق المتضرر، و لتوقي العواقب المالية للمخاطر التي تصيبه.
ومن هذا المنطلق ظهرت فكرة التأمين
[1]، الذي لا يخفى ماله من أهمية بالغة في الدفع بالعجلة الإقتصادية و الإجتماعية للمجتمع، و لذلك أصبح عقد التأمين من العقود المتعارف عليها بين الناس، و تطور ليصل إلى أقصى درجات الرقي و التعقيد.
و باعتبار عقد التأمين من العقود التبادلية بين طرفيه، فإنه بمجرد انعقاده تترتب التزامات متبادلة على كل من المؤمن و المؤمن له، و لعل أبرز هذه الالتزامات، الالتزام بالتصريح بالحادث الذي يقع على عاتق المؤمن له، و الذي ينتج عن الإخلال به سقوط حق المؤمن له في الضمان، الذي من أجله التزم في عقد التأمين.
 و ما دام السقوط جزاء يمس حق المؤمن له في التعويض، فإن المشرع تدخل لتنظيم هذا الجزاء لكي يمنع أي تعسف أو إضرار بحقوق المؤمن له. و ذلك في إطار الحماية القانونية للمستهلك (المؤمن له) من الشروط التعسفية. و لذلك فهذا الموضوع ـ سقوط الحق في الضمان ـ تكمن أهميته في خطورته التي تحدق بالمؤمن له، و خصوصا إذا كان هذا الأخير مخلا بالتزاماته، بصرف النظر عن أهميته العلمية البالغة،و المتمثلة في أن هذا الموضوع كان مدار جدل كبير في العديد من الأوساط الفقهية المختصة في التأمين،و خصوصا الفقه الفرنسي و المصري.  
و لذلك فإن هذا الموضوع كما يطرح إشكالات على المستوى العملي، فإنه يطرح عدة  إشكاليات على المستوى النظري، ولعل من أبرز هذه الاشكاليات التي أثارت اهتمامنا في هذا الصدد هي أنه باعتبار السقوط جزاء مدنيا، فما هي أهم المميزات و الخصائص التي تميزه عن باقي الجزاءات الأخرى المرتبطة بعقد التأمين؟و إلى أي حد كان المشرع المغربي متوفقا في تنظيم هذا الجزاء، على نحو يخلق نوع من التوازن بين مركز المؤمن و المؤمن له في العلاقة التأمينية؟
و يتفرع عن هاتين الإشكاليتين أسئلة فرعية عديدة كالتالي:
ـ ماذا نعني بسقوط الحق في الضمان؟ وما هي شروط إعماله و القيود الواردة عليه؟.
ـ ما هي الأسباب الموجبة للسقوط؟ و ما الدفوع التي يواجه بها المؤمن له هذا الجزاء؟.
ـ ما هي الآثار المترتبة عن سقوط حق المؤمن له في الضمان؟.
و سنحاول أن نجيب عن هذه الإشكالية في قالب منهجي يعتمد على التحليل و المقارنة، مع الإعتماد على تصميم للموضوع يكون على الشكل التالي:

        المبحث الأول: مـاهـية سقـوط الـحق فــي الـضمـان.
        المبحث الثاني: أحكام سقوط الحق في الضمان و آثاره. 

المبحث الاول :ماهية سقوط الحق في الضمان[2]:

 
إذا  كان المؤمن له قد أبرم عقد التأمين لكي يغطي الأخطار التي تحوم به في حياته و معاشه، و ذلك عن طريق أداء المؤمن(التعويض)، فإن هذا الأخير قد يكون مهددا بالسقوط إذا ما أخل المؤمن له بأحد الالتزامات الملقاة على عاتقه، و مادام الأمر بهذه الخطورة فإنه ينبغي تحديد مفهوم السقوط و الإحاطة بخصائصه وتمييزه عما يشابهه (المطلب الأول). و كذلك التمكن من معرفة الشروط التي لا بد منها لكي يقع السقوط على المؤمن له، و في نفس الوقت القيود التي تحد منه(المطلب الثاني).

المطلب الاول : مفهوم سقوط الحق في الضمان 
:

   لتحديد مفهوم السقوط يجدر بنا أولا تعريفه، ثم إبراز أهم خصائصه و مميزاته، إضافة إلى تمييزه عن الأنظمة المشابهة له.

الفقرة الاولى : تعريف سقوط الحق في الضمان 
 

     يعرف السقوط لغة بأنه الوقعة الشديدة،من فعل سقط يسقط سقوطا فهو ساقط و سقوط[3]،والسقوط هو إخراج الشيء واستبعاده من مكان عال الى منخفض، كالسقوط من السطح[4].
أما في الاصطلاح القانوني فيمكن تعريفه حسب القواعد العامة بأنه: ''فقد الحق على سبيل العقوبة''
[5]،وهذا التعريف بطبيعته يدخل في اطاره جميع العقوبات الخاصة في التأمين سواء تلك التي تسبق الكارثة أو التي تلحقها، لذلك فهو قد لا يكون كافيا لاستجلاء كنه ومضمون السقوط - سقوط الحق في الضمان- إذا ما انتقلنا الى حقل التأمين، لأنه كثيرة هي الأسباب التي تؤدي الى فقد المؤمن له لحقه فيما كان ينتظره من عوض وذلك لخطأ ارتكبه[6].
ولطبيعة التعريف السابق المتميز بنوع من الترهل والتوسع الذي من شأنه إدخال فيه  ما ليس منه من بعض الجزاءات الاخرى غير السقوط، فقد انكب الفقهاء القانونين المتخصصين في التأمين الى إعطاء تعاريف أكثر دقة عملت على تضييق مفهوم السقوط ليتم استبعاد الجزاءات الأخرى غيره
[7].
ولذلك فقد عرف السقوط بأنه وسيلة أو دفع يسمح للمؤمن ولو أن الخطر المنصوص في العقد يكون هو الذي تحقق، أن يرفض تنفيذ تعهده بالضمان، بسبب عدم تنفيذ المستأمن (المؤمن له)لأحد الالتزامات التي يفرضها عليه العقد أو القانون في حالة وقوع الكارثة
[8].
فقد تصدى المشرع المغربي في القانون 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات
[9]،إلى تعريف السقوط في مادته الأولى حيث ينص على أنه:'' ...
   - سقوط الحق:حالة لا تعدم عقد التامين ولا يزول إلا حق التعويض بالنسبة لحادث معين على إثر إخلال المؤمن له بأحد التزاماته''.
ويتضح من خلال التعريف أن المشرع لئن كان موفقا في تميز السقوط عن البطلان بأن أكد أن السقوط لا يعدم التأمين،فانه كان أقل توفقا حين لم يحدد الالتزامات التي ينتج عن الاخلال بها سقوط حق المؤمن له في التعويض، ذلك أن عبارة ''اخلال المؤمن له بأحد التزاماته''،عامة قد تشمل الإلتزامات غير الموجبة للسقوط أيضا، و معلوم أن الالتزامات الملقاة على عاتق المؤمن له في إطار عقد التأمين، متعددة وكثيرة
[10]، لذلك كان يحسن بالمشرع لو حدد تلك الالتزامات التي من شأنها ان توجب السقوط. 

الفقرة الثانية : خصائص السقوط
[11] :

 
من خلال التعاريف السابقة يتضح أن سقوط الحق في الضمان يتميز بمجموعة من الخصائص، نذكر منها :

أولا :السقوط جزاء اتفاقي
[12]:

 
تنص المادة 20 من مدونة التأمينات في فقرتها الثامنة على أنه: "لا يمكن الاحتجاج بسقوط الحق الناشئ عن أحد شروط العقد تجاه المؤمن له الذي ثبت استحالة قيامه بالتصريح داخل الأجل المحدد بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة+.
وبهذا فإذا تخلف المؤمن له عن الإخطار بوقوع الحادث خلال المدة المحددة، فانه يكون مسؤولا عن فقدانه لحقه في التعويض، ولذلك فان السقوط عقوبة مدنية لا يجوز توقيعها إلا باتفاق خاص، وعليه فانه يجب على المؤمن أن يشترط على المؤمن له بموجب اتفاق خاص في وثيقة التأمين أن يسقط حقه في مبلغ التأمين اذا ما هو أخل بالتزامه  بالتصريح بوقوع الحادث، أو أخل بأي التزام أخر من الإلتزامات الاتفاقية التي يرتضيانها باتفاق خاص بينهما، و يرتبان عليها جزاء السقوط. 


ثانيا :السقوط جزاء رادع 
:

       باعتبار التأمين قائم على فكرة التعاون بين مجموع المؤمنين والمؤمن لهم،فان التشريعات تدخلت عبر جزاءات خاصة منها السقوط لحماية ذلك التعاون من جراء سوء نية بعض أفراده أو حتى إهماله،وذلك عن طريق حرمانه من كل حق في الضمان[13] .
إن الجزاء المقرر في حالة إخلال المؤمن له بالتزامه وعدم إشعار المؤمن بوقوع الحادثة في الوقت المحدد والمناسب، هو سقوط الحق في التعويض، ما لم يتعلق الأمر بحادث فجائي
أو قوة قاهرة
[14]، إذ يجب على المؤمن له بعد وقوع الحادث أن يبلغ المؤمن في أقرب الآجال بجميع المعلومات الضرورية عن الحادث[15].
فشرط السقوط يراد به ردع المؤمن له من أن يخل بالتزامه، وينزل به أشد الجزاء إذا ما هو أخل بهذا الالتزام، فهذا الشرط لا يقوم على أساس الشرط الجزائي، وإنما هو عقوبة مدنية توقع على المؤمن له جراء إخلاله بالتزام قانوني أو اتفاقي سابق، ولما كان سقوط الحق جزاءا قاسيا بالنسبة للمؤمن له حسن النية الذي يتأخر بعض الوقت عن إخطار المؤمن بوقوع الحادث دون أن يتعمد الإضرار به، فقد أخذت بعض التشريعات بالتلطيف من هذا الجزاء في حقه(التشريع الألماني منذ 1939،التشريع الفرنسي منذ سنة 1941)،بأن قضت بعدم سقوط حق المؤمن له اذا لم يخطر بوقوع الحادث في الميعاد المتفق عليه،واكتفت بتعويض يتناسب مع الضرر الذي اصاب المؤمن جراء تأخر المؤمن له في الاخطار
[16].

ثالثا :السقوط شرط 'خطير' يمس حقوق المؤمن له،ويحتم ضرورة   تدخل تشريعي:

في زمن يكثر فيه الحديث عن الحماية القانونية للطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، فإنه من أولى الناس بهذه الحماية هم فئة المؤمن لهم،لذلك كان المشرع حاضرا و متفطنا لهذه الغاية.

1-خطورة شرط السقوط على حقوق المؤمن له :

إنه بالرغم مما تقدم من القول بضرورة المحافظة على فكرة التعاون في عقد التأمين وتدعيم حسن النية فيه، فإنه أحيانا يشترط السقوط في ظروف غير عادلة، وذلك كجزاء لالتزامات ثانوية تفرض على المؤمن له وغالبا ما يكون جاهلا بها، وما يزيد من هذا الثقل على المؤمن له هو استغلال بعض المؤمنين لهذه الإمكانية ليدسوا شروطا في عقد التأمين يتوقف على تحققها سقوط حق المؤمن في التعويض، و بالتالي تحلل المؤمن من التزامه المتمثل في أداء مبلغ التأمين.
وما دام الامر بهذه الخطورة فقد تدخل التشريع المغربي أسوة بباقي التشريعات المقارنة، لكي يمكنوا المؤمن لهم من حماية - ولو مبدئية- بهذا الخصوص، إذن فما هي الخطوات التي اتخذها المشرع المغربي في هذا الاطار؟

2-حماية المؤمن له من شرط السقوط في القانون المغربي:

يبدو أن النصوص التشريعية التي أتى بها ظهير الالتزامات والعقود المغربي غير كافية لتحقيق حماية المؤمن له، و المعتبر الطرف الأقل خبرة في مواجهة الشروط المجحفة المؤدية الى اختلال التوازن العقدي، لكن الاستقلال النسبي لقانون التأمين عن  قانون الالتزامات والعقود، ساهم في بلورة منظومة قانونية تراعي البعدين الاجتماعي والاقتصادي في العملية التأمينية
[17].
وسوف نقف على الخطوات التي قرر المشرع بها المزيد من الحماية القانونية للمؤمن له من شرط السقوط:

  • تحديد الشروط المقيدة لصحة حالات السقوط، ولهذه الغاية استلزم المشرع لصحة هذه الحالات ضرورة وجود شرط خاص بشأنها في عقد التأمين فضلا عن وضوح هذا الشرط بأن يكون مكتوبا بأحرف بارزة[18].
  • تبني نظام بطلان الشروط التعسفية، وقد سعى المشرع من خلال إبطال بعض الشروط غير المشروعة الى حماية المؤمن له أيضا من تعسف المؤمن، المتمثل في تقييد الحق في الضمان بدون سبب حقيقي و جدي ومشروع لا ينسجم و المصالح المشروعة للطرفين والتي يهدف العقد الى تحقيقها.
  • بطلان شرط التحكيم، حيث تكمن خطورة التحكيم على مصالح المؤمن له المستهلك، في كون المؤمن هو الذي يضع نظام التحكيم إضافة الى أن القرار التحكيمي يكون ملزما ولا يقبل أي طعن[19].
  • الحماية القضائية للمؤمن له على مستوى تفسير عقد التأمين، وذلك عن طريق تفسير عبارات عقد التأمين لصالح المؤمن له كطرف ضعيف في العلاقة التأمينية[20].  
وهكذا،فان المشرع المغربي قطع أشواطا مهمة في تدعيم الحماية القانونية للمؤمن له في عقد التأمين، وخصوصا تلك المتعلقة بشرط السقوط الذي يتهدد حق المؤمن له في التعويض، إلا أنه لا يسوغ القول أنه استكمل هذا المشوار، مادام أن عقود التأمين لايلزم المؤمن بكتابتها باللغة العربية، وكذلك مادام أن وضوح شروط عقد الـتأمين غير متعلقة بالنظام العام المطلق الذي يمكن للقاضي إثارته من تلقاء نفسه.

الفقرة الثالثة: تمييز السقوط عن بعض الأنظمة المشابهة له:

 
يتضح من خلال الفقرات السابقة أن السقوط يتقاطع مع مجموعة من الأنظمة الأخرى، وهو ما حتم علينا ضرورة التمييز بينه و بين تلك الأنظمة من خلال النقاط التالية:

أولا: تمييز السقوط عن البطلان[21]:

 
إن البطلان يعدم العقد من أساسه بسبب ما أصابه من خلل في تكوينه و ذلك بانعدام أحد أركانه الأساسية[22]. أما السقوط فإنه يبقي على العقد قائما منتجا لكافة آثاره القانونية سواء في الماضي أو المستقبل، لكن المؤمن له يفقد حقه في الحصول على التعويض بسبب إخلاله بأحد الإلتزامات الموجبة للسقوط، مع بقائه ملتزما بأداء الأقساط[23].
هذا و يمكن التمسك بالبطلان في مواجهة الكافة، أما السقوط فإنه إن أمكن مواجهة الغير به، إلا أنه بالنسبة للتأمين من المسؤولية لا يواجه به الغير إذا كان سببه لاحقا على وقوع الكارثة
[24].
و إن كان البطلان و السقوط يختلفان فيما ذكر، فإن ذلك لا يمنع من وجود نقاط تشابه فيما بينهما. حيث بالرجوع إلى المادة 14 من مدونة التأمينات نجدها تقضي بوجوب كتابة حالات البطلان و السقوط في عقد التأمين بحروف جد بارزة، كما نجدهما يتفقان في النتيجة التي تنشأ عنهما، إذ يؤديان كلاهما في نهاية الأمر إلى سقوط حق المؤمن له في التعويض.
ثم إن عبء الإثبات في كل من البطلان و السقوط يقع على عاتق المؤمن، فهو الذي عليه إثبات إخلال المؤمن له بالتزاماته، كما أن لهذا الأخير أن يتنازل عن حقه في إثارة البطلان و السقوط، و ذلك بعد أن يكون على بينة و على علم بكل الظروف والملابسات
[25].

ثانيا: تمييز السقوط عن عدم التأمين أو استبعاد الخطر:

 
يعني استبعاد الخطر[26]، أن يتفق المؤمن و المؤمن له على استبعاد خطر معين من نطاق التأمين، فهو خطر مستثنى من التأمين، و بالتالي فإن المؤمن له لا يستحق عنه أي تعويض في حالة حدوثه. أما في السقوط فإن الخطر يكون غير مستبعد من نطاق التأمين، فهو خطر مؤمن عليه، و كل ما في الأمر أن المؤمن له يكون قد حرم نفسه من حقه في التأمين بسبب إخلاله بالتزام الإعلام بوقوع الحادث[27].
 و يختلف شرط السقوط عن شرط استبعاد الخطر، في أن الأول وكما أكدت المادة 14 من مدونة التأمينات يجب أن يشار إليه بأحرف جد بارزة، و لا يشترط ذلك في استبعاد الخطر. كذلك في أن المؤمن هو الذي يقع عليه عبء إثبات الواقعة التي يترتب عليها السقوط، في حين أن المؤمن له هو من يثبت الخطر الذي تحقق ليس مستبعدا من التأمين
[28].
كما أنه يمكن للمؤمن التنازل عن حقه في إثارة السقوط لفائدة المؤمن له،على خلاف ما هو عليه الأمر في استبعاد الخطر، فهو ليس بجزاء حتى يمكن للمؤمن التنازل عنه.
أما من حيث أوجه التشابه بينهما، فإن السقوط و استبعاد الخطر يتفقان في أن المؤمن له لا يحصل على أي تعويض عن الخطر الذي تحقق في كلاهما، لذلك فقد وصف عدم التأمين بانعدام الحق، و السقوط بسلب الحق.


ثالثا: تمييز السقوط عن الشرط الجزائي[29]:

 
يعرف الشرط الجزائي بأنه شرط يحدد مسبقا بموجبه المتعاقدون باتفاقهم وعلى وجه جزافي مبلغ التعويض الواجب عند الإخلال بتنفيذ الإلتزام، و الذي يلتزم المدين بدفعه للدائن حتى و لو زادت قيمته أو قلت عن الضرر الفعلي الذي لحق هذا الأخير[30].و عليه، فإنه يمكن للمؤمن و المؤمن له إدراج مثل هذا الشرط في عقد التأمين[31]. و ما دام الأمر كذلك فإنه قد يلتبس الشرط الجزائي مع شرط السقوط، خصوصا و أن كلا منهما يجب أن يكون منصوصا عليه صراحة في العقد بين الطرفين للتمسك به.
و مع ذلك فإن هناك أكثر من فارق للتمييز بين النظامين، ففي الشرط الجزائي يعرف كلا المتعاقدين مسبقا قدر التعويض الواجب على الطرف المخل بالتزامه اتجاه الدائن لأنه يكون موضوع اتفاق بينهما، أما في مجال التأمين و خاصة التأمين من المسؤولية فإن المتعاقدان يجهلان مقدار التعويض الذي يلتزم به المؤمن لفائدة المؤمن له لذلك فالتعويض الذي يفقده المؤمن له بسبب السقوط يبقى غير معروف
[32].
إضافة إلى أنه إذا كان القاضي لا يتمتع بأي سلطة تقديرية أمام شرط السقوط حيث يطبق هذا الأخير تلقائيا، و لا يمكن للقاضي أن يخفض منه بتقرير حق المؤمن له على قدر من التعويض و إسقاط الباقي، مهما كانت تفاهة الضرر اللاحق بالمؤمن بالمقارنة مع مبلغ التعويض، أما بخصوص الشرط الجزائي، فإن القاضي يتمتع بسلطة تقديرية واسعة بشأن تعديل الشرط الجزائي، وذلك بتخفيضه إذا كان مبالغا فيه بدرجة كبيرة
[33].

رابعا: تمييز السقوط عن وقف الضمان[34]:

 
يمكن تعريف وقف الضمان بأنه وقف سريان عقد التأمين أو توقف التزام المؤمن بضمان الخطر بسبب تراخي المؤمن له في سداد الأقساط، فإذا تحقق الخطر المؤمن منه خلال مدة الوقف لم يكن المؤمن ملتزما بالضمان[35].
و بذلك يختلف وقف الضمان عن سقوط الضمان، في أن الأول هو جزاء رتبه المشرع عند إخلال المؤمن بالتزامه بدفع القسط، و هو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 21 من مدونة التأمينات. في حين أن سقوط الضمان ما هو إلا جزاء على عدم قيام المؤمن له بالتزامه بالإخطار عند وقوع الحادث. ثم إن المشرع اشترط بموجب المادة 22 من نفس القانون ضرورة إنذار المؤمن له و بعد مرور المدة المحددة  لهذا الإنذار، آنذاك يكون من حق المؤمن وقف الضمان، بخلاف سقوط الضمان الذي يتم إعماله دون التقيد بمثل هذه الإجراءات التمهيدية فهو يكون محل اتفاق في العقد.
أضف الى ذلك أن تحقق شروط وقف الضمان يؤدي إلى تعطيل التزام المؤمن بالضمان إلى حين أداء الأقساط، أما عند سقوط الضمان فإن المؤمن يتحلل فقط من التزامه المتمثل في التعويض على الحادث، الذي لم يصرح المؤمن له بوقوعه مع بقائه ضامنا لبقية الأخطار.
أما بخصوص جوانب التشابه بين النظامين، فإنهما لا يؤديان إلى تعطيل عقد التأمين، بل يظل ساريا بالنسبة إلى التزام المؤمن له الذي يبقى ملتزما بدفع مقابل التأمين.


المطلب الثاني: شروط اعمال السقوط والقيود الواردة عليه
:

إذا كان السقوط جزاء إتفاقي مدني يترتب عليه فقد المؤمن له حقه في الضمان،فإنه لابد لترتيبه من توافر عدة شروط(الفقرة الاولى)،ونظرا لخطورة هذا الجزاء فإن المشرع ربطه بعدة قيود(الفقرة الثانية).

الفقرة الاولى : شروط إعمال السقوط
:

فحتى يكون شرط السقوط صحيحا ومنتجا لكافة أثاره القانونية أي حرمان المؤمن له من قبض مبلغ التأمين،فإنه يجب توافر شروط شكلية (أولا)وأخرى موضوعية (ثانيا).

أولا :الشروط الشكلية للسقوط
:

حرص المشرع المغربي على وضع شروط شكلية لابد من توفرها لكي يكون شرط السقوط صحيحا،ونجمل هذه الشروط  فيما يلي:

  • وجود شرط خاص بالسقوط في عقد التأمين:
 
فباعتبار شرط السقوط عقوبة مدنية، فإنه لا بد من الإتفاق عليه، كما أنه ورد على سبيل الاستثناء، فلا يقضى به بغير النص عليه في صلب العقد، وبالتالي فإنه لا يفترض ولا يصح استنتاجه ضمنيا من العقد بل يجب النص عليه بشكل صريح فيه[36].
ويستفاد هذا الشرط من المادة 14 من مدونة التأمينات التي تنص على أن:"...شروط العقد التي تنص على حالات البطلان المنصوص عليها في هذا الكتاب أو على حالات سقوط الحق أو الاستثناءات أو حالات انعدام التأمين، لا تكون صحيحة إلا إذا أشير إليها بحروف جد بارزة+.
فجزاء سقوط الحق هو جزاء استثنائي يفرض نتيجة مخالفة التزام قانوني أو اتفاقي، لذلك يجب التنصيص عليه في صلب العقد حتى ينتح أثره القانوني، وهذه مسألة منطقية لارتباطها أكثر بإرادة المتعاقدين، ولعل هذا ما جعل محكمة النقض الفرنسية  تعتبر أن مسألة الإشارة الى حالات السقوط والبطلان وانعدام الضمان بحروف جد بارزة لا يتعلق بتلك الحالات المحددة بقوة القانون، وإنما تلك التي تكون موضوع اتفاق خاص بين المتعاقدين
[37].

  • وضوح شرط السقوط
فإنه لا يكفي أن يكون شرط السقوط مكتوبا في عقد التأمين، وإنما لابد من كون ذلك الشرط واضحا وضوحا يرفع اللبس و الغموض عنه، إذ نقصد هنا كلا نوعي الوضوح شكلا و موضوعا.

أ-الوضوح الشكلي :

ونعني به أن يكون شرط السقوط مكتوبا بشكل بارز ملفت للنظر
[38]، وذلك كأن يوضع تحته خط إذا كان مكتوبا، أو يطبع بحروف ظاهرة بارزة مغايرة لباقي الحروف  إذا كان مطبوعا، وهذا ما نجد المادة 14 من مدونة التأمينات تنص عليه:"لا تكون صحيحة إلا إذا أشير إليها بحروف جد بارزة+.والجدير بالذكر أن الذي يجب توضيحه ليس فقط شرط السقوط، وإنما كذلك الالتزامات التي يجب على المؤمن الالتزام بها لتلافي تحقق شرط السقوط.

ب- الوضوح الموضوعي :

ونعني به أنه يجب أن يكون شرط السقوط قاطعا في الدلالة على نية المؤمن في حرمان المؤمن له من الحق في الضمان إذا ما أخل بالتزامه وفعل ما يستوجب سقوط حقه
[39]. ولذلك فشرط السقوط قد يكون واضحا في الكتابة لكنه ظنيا في الدلالة يحتمل أوجه عديدة من التفسير و التأويل، وبالرجوع الى القواعد العامة فإنه يتوجب على القاضي تضييق التفسير، وعند الشك يفسر لمصلحة الملتزم وهو المؤمن له (الفصل 473 ق.ل.ع)[40]، فالغموض يجعل الشرط باطلا غير قابلا للتفسير، لأن الوضوح هنا شرط صحة لا شرط كمال.

ثانيا :الشروط الموضوعية للسقوط
:

لا يكفي لصحة شرط السقوط توافر الشروط الشكلية فقط –على أهميتها-، إذ لابد من توافر شرطين موضوعيين لا يكتمل بنيان ذلك الشرط إلا بهما، وهما:

1-ألا يكون شرط السقوط مخالفا للنظام العام أو الاداب:

فباعتبار النظام العام مجموعة من الأسس السياسية و الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية التي تقوم في كل مجتمع على حده، فإن شرط السقوط يكون باطلا اذا كان مخالفا للنظام العام
[41] والآداب، ويكون هذا الشرط مخالفا للأداب العامة بلا خلاف اذا تعارض مع واجب خلقي، كأن يرتبط تحقق شرط السقوط بشرط يتطلب من المؤمن له فعل أو ترك مخالف للآداب العامة.

2-ألا يكون من بين الشروط المحظورة قانونا :

تطلب المشرع المغربي في شرط السقوط ألا يكون مخالفا للقانون،حيث أنه تكفل بحظر بعض شروط السقوط التي تعتبر تعسفية، وقد سعى المشرع من خلال إبطال بعض هذه الشروط غير المشروعة أو التعسفية الى حماية المؤمن له من تعسف المؤمن، الذي يسعى الى تقييد حق المؤمن له في التعويض بدون سبب حقيقي أو مشروع. وسنتناول هذا الإطار بشيء من التفصيل في الفقرة المتعلقة بالقيود الواردة على سقوط الحق في الضمان. 


الفقرة الثانية: القيود الواردة على سقوط الحق في الضمان.

 
إذا كان المشرع قد أعطى للطرفين حق الاتفاق على شرط السقوط في عقد التأمين، فإنه لم يترك ذلك لإرادة الطرفين المطلقة، فحرصه (المشرع) على مصلحة المؤمن له و حماية له من تعسف المؤمن في استعمال حقه في إثارة السقوط، جعله ينص على مجموعة من الشروط المحظورة في المادة 35 من مدونة التأمينات[42]، و التي بتحقق أحدها يبطل شرط السقوط.

أولا: بطلان الشروط المتعلقة بالإخلال بالقوانين و الأنظمة.

 
بالرجوع إلى المادة 35 من مدونة التأمينات، يتضح أن المشرع المغربي قد أكد على بطلان الشروط التي تقضي بسقوط حق المؤمن له في التأمين بسبب مخالفته النصوص التشريعية و التنظيمية ما لم تكن تنطوي على جناية أو جنحة.
يريد المشرع من خلال هذا النص أن يمنع المؤمن من الاعتماد على سقوط الحق، و يفرض على المؤمن له شروطا عامة لاستثناء الأخطار من التأمين
[43]، ذلك أن اشتراط مثل هذه الشروط لا يقصد بها سوى إفراغ عقد التأمين من كل مضمونه، إذ من شأن الأخذ به حرمان المؤمن له من حقه في الحصول على التعويض بمجرد مخالفته للنصوص التشريعية و التنظيمية، خاصة و أن بعض صور التأمين غالبا ما يكون تحقق الكارثة فيها راجع لمخالفته القوانين، و مثال ذلك التأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السير.[44]
فمثل هذه الشروط عدها المشرع باطلة لمخالفتها النظام العام و أن فيها إجحاف في حق المؤمن له، و بالتالي فإن حق هذا الأخير في التعويض يبقى قائما، و يظل المؤمن ملتزما بضمان الخطر المؤمن منه[45]. غير أنه بتمعننا لمضمون المادة 35 نجدها قد قيدت تحقق هذا الأمر بألا يكون المؤمن له قد تعمد ارتكاب المخالفة، و بالتالي حين تدخل إرادة المؤمن له في حدوثها فإن جميع البنود التي تتضمن إسقاط حقه في التأمين لمخالفة القوانين و الأنظمة تكون صحيحة، على اعتبار أنه لا يجوز للمؤمن له الاستفادة من عمله المتعمد.


ثانيا: بطلان شرط السقوط عند تأخر المؤمن له في التصريح بالحادث   للسلطات المختصة أو في تقديم المستندات للمؤمن.

 
نصت المادة 35 في فقرتها الثانية ببطلان جميع الشروط التي تقضي بسقوط حق المؤمن له لمجرد تأخره  في التصريح بالحادث للسلطات أو في الإدلاء بالوثائق.
فإذا تبين من الوقائع أن تأخر المؤمن له في التصريح بالحادث للسلطات المختصة
[46] أو في تقديم الوثائق اللازمة للمؤمن[47]، تبرره ظروف الحال أو كان لعذر مقبول فإن شرط السقوط يكون باطلا و لو كان مدرجا في العقد، و ذلك لما ينطوي عليه هذا الشرط من تعسف في حق المؤمن له، ما لم يترتب عن ذلك ضرر للمؤمن، أما في حالة العكس فيحق للمؤمن المطالبة بالتعويض ـ لكن شرط السقوط يبطل ـ وهو ما أكدته الفقرة الثانية من المادة 35 "... دون المساس بحق المؤمن في المطالبة بتعويض يتناسب مع الضرر الذي يكون قد لحقه من هذا التأخير أو الإدلاء بالوثائق+. أما إذا تعمد المؤمن له عدم التبليغ أو التأخر في ذلك دون عذر مقبول نفذ الشرط و سقط حقه في التعويض[48].
 و للإشارة فإن أمر تقدير ما إذا كان العذر الذي يمنع المؤمن له من التصريح بالحادث أو تقديم المستندات مقبولا من عدمه، و ما مدى أحقية المؤمن له أن يتمسك به، يعود للسلطة التقديرية للمحكمة
[49].

ثالثا: بطلان الشروط الرامية إلى حرمان المؤمن له من حقه في التقاضي:

 
من ضمن الشروط التي تقيد المؤمن له، ذلك الشرط الذي يمنع المؤمن له من ممارسة حقه في التقاضي،وقد نصت المادة 19 من مدونة التأمينات في فقرتها الأخيرة على أنه:"...يحظر كل شرط من شأنه أن يمنع المؤمن له أو من يحل محله من مقاضاة المؤمن أو من مطالبته بالضمان بمناسبة تسوية الحوادث+.
فالهدف من التنصيص على بطلان مثل هذا الشرط، أنه يفرغ عقد التأمين من مضمونه، ذلك أن حرمان المؤمن له أو من يحل محله من مقاضاة المؤمن يعني تحلل هذا الأخير من مسؤوليته و التزامه بضمان الخطر المؤمن منه، و المتمثل في أداء التعويض المستحق، لذلك فإنه حماية للمؤمن له من تعسف المؤمن و تحقيقا لمبدأ العدالة التعاقدية، قرر المشرع إبطال الشرط الذي يمنع من التقاضي و المطالبة بالضمان
[50].
و إضافة إلى ذلك، فقد قرر المشرع أيضا بطلان شرط التحكيم
[51]، حيث عبرت عن ذلك المادة 35 من مدونة التأمينات بأن كل شرط تحكيم لم يوافق عليه المؤمن له صراحة عند اكتتاب العقد يكون باطلا.
 
 

المبحث الثاني: أحكام سقوط الحق في الضمان و آثاره:

 
لقد نظم المشرع المغربي أسوة بباقي التشريعات المقارنة، سقوط الحق في  الضمان و ربطه بأسباب لابد من وقوعها لكي يترتب عنها(المطلب الأول) ، إلا أن المؤمن له لا يبقى مكتوف الأيدي حيال ما يهدد حقه في التعويض، إذ من حقه أن يباشر كافة الدفوعات التي قد تسعفه في المحافظة على بقاء حقه في التعويض(المطلب الثاني)، و إن لم تسعفه هذه الدفوعات، أو أنه لم يستعملها أصلا كان لزاما  عليه أن يتحمل كافة الآثار التي قد تترتب عن سقوط حقه في الضمان(المطلب الثالث).

المطلب الأول: الأسباب المؤدية إلى سقوط الحق في الضمان:

 
باعتبار السقوط جزاء يلحق المؤمن له جراء إخلاله بأحد الالتزامات المتعلقة بالحادث، فإنه يمكن تقسيم الأسباب المؤدية للسقوط إلى قسمين، و ذلك بحسب مصدر الالتزام الذي أخل به المؤمن له، و لذلك فإما أن يكون السقوط بسبب الإخلال بالتزام يفرضه القانون على المؤمن له (الفقرة الأولى)، و إما أن يكون سببه الإخلال بالتزام اتفاقي بين المؤمن والمؤمن له(الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: السقوط الناشئ عن مخالفة التزام قانوني:

 
إن الالتزام القانوني الذي يفرضه القانون مفاده الالتزام بإخطار المؤمن عند تحقق الخطر المؤمن منه[52]، لذلك فإن أي إخلال من جانب المؤمن له بهذا الالتزام يبرر سقوط حقه في الضمان، و لهذا فإنه تقتضي الإحاطة بهذا السبب من أسباب السقوط، أن نتعرض له من ناحية أساس الالتزام بالتصريح بالحادث و مضمونه (أولا)، لنحدد بعدها مفاد مخالفة الالتزام المستوجب للسقوط (ثانيا ).

أولا: أساس الالتزام بالتصريح بالحادث و مضمونه.

 
باعتبار أن الالتزام بالتصريح بالحادث التزام قانوني، فإنه لابد من التطرق إلى الأساس الذي يقوم عليه هذا الالتزام لكي يتأتى لنا فهم مضمونه بشكل أوضح.

  1. أساس الالتزام بالتصريح بالحادث.
إذا كان الالتزام بالتصريح بالحادث لا يثير أي إشكال من حيث مصدره الذي هو بالضرورة التزام عقدي يفرضه عقد التأمين على المؤمن له، بل و تكرسه كذلك نصوص بعض التشريعات صراحة، كما هو الحال في المادة 20 من مدونة التأمينات، فإنه يثير إشكالا حقيقيا من حيث أساسه، أهو يقوم على أساس قانوني أم أساس عقدي يستند إلى المسؤولية العقدية، و على هذا الأساس استقر الأمر، حيث يظل الالتزام أساسه العقد حتى و لو كان الملتزم غير من وقع على الوثيقة كما هو الحال في التأمين لمصلحة الغير.
و لذلك فنشوء الالتزام بإعلان الكارثة عن مصدر عقدي، يجعل جزاء الإخلال به يدخل في حالة عدم وجود تنظيم خاص، الأمر الذي يحتم الإستناد إلى المسؤولية العقدية، و يرتب بالتالي أحكامها
[53].

  1. مضمون الالتزام بالتصريح بالحادث.
انطلاقا من المادة 20 من مدونة التأمينات و خاصة الفقرة الخامسة منها السابقة الذكر، يتبين أن الالتزام بالتصريح بالحادث أمر ضروري لأنه يمكن المؤمن من اتخاذ كافة الإحتياطات اللازمة للمحافظة على حقوقه في الوقت المناسب و منعها من الضياع، فالمؤمن يجب أن يحاط علما و في أسرع الأوقات بوقوع الحادث و تاريخه و مكانه و الظروف المحيطة به و المسؤول عنه، و الشهود إن وجدوا، و كذا بكل المعلومات الضرورية التي تفيده في الوصول إلى معرفة الحقيقة من حجج ووثائق و غيرها، حتى تتكون لدى المؤمن فكرة تقريبية عن مدى الخسائر الحاصلة[54].
لكن، ماذا إن لم يلتزم المؤمن له بهذا الالتزام، ما هو الجزاء الذي يترتب عليه؟، و للجواب على هذا السؤال سنتطرق لمفهوم الإخلال بالالتزام بالتصريح بالحادث كسبب موجب للسقوط.


ثانيا: مفهوم الإخلال بالالتزام بالتصريح بالحادث:

 
لا يخفى ما لتحديد مدلول الالتزام بالتصريح بالحادث من أهمية قصوى، ما دام أن جزاء السقوط  لا يمكن أن يلحق إلا مؤمن له أخل بتنفيذ التزامه في هذا الشأن، إلا أن هذا المفهوم ليس بهذه البساطة، ما دام أنه يرتبط بتحديد مدى التزام المؤمن له بإخبار المؤمن بوقوع الحادثة المؤمن منها، و ذلك كله وفق الإجراءات المحددة قانونا، سواء من حيث شكل الإخطار أو ميعاده أو أجله أو الجهة التي يجب أن يتم الإخطار لديها[55].  
كما يرتبط تحديد مفهوم الإخلال بالتزام التصريح بالحادث ببعض التقديرات الشخصية في ذهن المؤمن له، و ما إذا كان لحسن نية أو سوئها دور و تأثير في هذا الصدد، و لذلك فإن الإخلال بالتزام التصريح بالحادث قد يكون بدافع التدليس و التعمد وقد يكون عن مجرد سهو أو إهمال:
1- فالتصريح المدلس فيه أو تعمد عدم التصريح في الوقت المحدد أو الإخلال بباقي إجراءات الإخطار الأخرى، فإنه يترتب عنه سقوط الحق في الضمان بالنسبة للمؤمن له
[56].
2- أما إذ كان التصريح بالحادث ناتجا عن إهمال أو سهو أو جهل بأحكام الالتزام بالتصريح بالحادث، ولم يثبت أي تعمد و سوء نية فإن عقد التأمين يبقى قائما و يكون الضمان واردا، مع تمكين الطرف الآخر(المؤمن) من المطالبة بتعويض يتناسب و مقدار الضرر الذي لحق به بسبب عدم إعلامه بالحادث خلال الأجل المحدد
[57].

الفقرة الثانية: السقوط الناشئ عن مخالفة التزام اتفاقي:

 
طبقا للقاعدة التي استقرت في القواعد العامة بأن العقد شريعة المتعاقدين، فإنه بإمكان المؤمن اشتراط السقوط كجزاء لالتزامات اتفاقية، يفرض المؤمن على المؤمن له القيام و الالتزام بها، و تكون من حيث المبدأ هذه الشروط صحيحة ما لم تدخل في إطار الشروط التعسفية المحكوم عليها بالبطلان.
و يمكن القول أنه مما تقدم أن السقوط جزاء اتفاقي، يمكن أن ينتج عن مخالفة التزام اتفاقي، إلا أن هذه الالتزامات لا تقع تحت الحصر، فمنها ما تكون سابقا لوقوع الحادثة و منها أيضا ما تكون مصاحبة لها، و أخرى لاحقة لوقوع الحادثة.


أولا: حالات السقوط لمخالفة الالتزامات السابقة على وقوع الحادثة.

 
لقد أدى الاستعمال المتحرر للفظ السقوط في عقود التأمين، إلى أن يعرف العمل من المنازعات ما يدور حول هذا الجزاء حين يتعلق الأمر في الواقع بفكرة تفاقم الخطر أو عدم التأمين.
فبعض الوثائق (عقود التأمين) تشترط هذا النظام جزاء لمخالفة التزامات اتفاقية، تفرض على المؤمن له أن يبادر إلى إخطار بتفاقم الخطر، و رغم الإختلاف الكبير الذي يفصل بين جزاء الإخلال بالالتزام بإعلان تفاقم الخطر الذي هو البطلان و بين السقوط، فإن القضاء
[58] لم يجد حرجا في ترديد لفظ السقوط في هذا المجال احتراما لصياغة الوثائق[59].

ثانيا: حالات مخافة التزامات مصاحبة لوقوع الحادث:

 
لعل أبرز هذه الحالات في الواقع ما يعرف بالالتزام بالإنقاذ[60]. حيث تفرض عقود التأمين على المؤمن لهم ـ تحت طائلة السقوط ـ أن يبذلوا كل ما في وسعهم لتفادي وقوع الحادثة، أو على الأقل لوقف تطورها و حصر ما يمكن أن يترتب عليها من أضرار في أضيق نطاق ممكن.
و لقد أثيرت العديد من المنازعات القضائية حول هذا الالتزام ( الالتزام بالإنقاذ) في مصر، بل لعله كان من الأهمية في نظر بعض المحاكم إلى حد يمكن القول أن مخالفته تستوجب سقوط حق المؤمن له في الضمان جزاءً، و على هذا النهج سار حكم لمحكمة الاستئناف المختلطة
[61]
إلا أن هذا الحكم لئن كان محقا و صائبا في الأخذ بفكرة الإنقاذ على أساس أن التأمين قائم على فكرة التعاون بين أطرافه بشكل يسوده حسن النية، فإنه كان مجانبا للصواب في نقطتين:


  • أن السقوط يكون إما جزاء قانوني منصوص عليه في القانون، أو جزاء اتفاقي يستوجبه شرط في عقد التأمين، و الالتزام بالإنقاذ هو التزام غير منصوص عليه صراحة في عقد التأمين لكي يستوجب السقوط.
  • أن من شأن مثل هذه الالتزامات أن تضيع حق المؤمن له في الضمان، و خصوصا إذا ما كان مقصرا في الإنقاد حقيقة، مع العلم أن في حالة تحقق الخطر كثير من الناس لا يعرفون ما يفعلون، و ذلك إما لهول الصدمة أو لشدة المفاجأة، و لذلك ففي رأينا فإن جزاء السقوط في حق المؤمن له في هذه الحالة يكون مبالغا فيه و غير قائم على أساس قانوني و واقعي متين.
 

ثالثا: حالات سقوط مخالفة التزامات لاحقة على وقوع الكارثة.

 
 إن أغلب الالتزامات المضمنة في عقد التأمين، التي تكون واجبة التنفيذ بعد وقوع الحادثة تستوجب السقوط إذا ما وقع الإخلال بها، و الأمثلة عليها كثيرة نذكر منها:

1ـ الالتزام بإعلان ظروف الحادثة:

إذا وقع الخطر المؤمن منه، يقع على المؤمن له الالتزام بإخطار المؤمن بتحققه و ما يتصل بذلك من معلومات و ظروف الحادث، كتاريخ وقوعه و مكانه و أسباب وقوعه إذا أمكن لمؤمن له ذلك
[62].
 وقد يشترط المؤمن في وثيقة التأمين أن يعلمه المؤمن له ببيانات خاصة إلى جانب البيانات المتقدمة الذكر، ففي التأمين من الحريق مثلا قد يشترط المؤمن تقديم بيان تقديري عن الأشياء التي تلفت و الأشياء التي أمكن إنقاذها، و في التأمين من المسؤولية قد يشترط تبليغه بجميع ما صدر من المضرور من مراسلات و من إنذارات و مطالبات قضائية
[63].
و أي إخلال من قبيل المؤمن له بهذه الالتزامات الاتفاقية يكون بذلك قد عرض حقه في الضمان للسقوط جزاء على إخلاله.

2ـ الالتزام بترك دعوى المسؤولية للمؤمن:

يقع كثيرا أن يشترط المؤمن في عقد التأمين توليه بنفسه الدفاع عن المؤمن له، فالمؤمن عنده مصلحة أكيدة في مواجهة مطالبة المتضرر ما دام أنه في النهاية هو الذي يتولى دفع التعويض.
و شرط تولي إدارة الدعوى هذا يعتبر بمثابة توكيل من المؤمن له للمؤمن، لذلك فما لم ينص عليه صراحة في عقد التأمين فإنه لا يعمل به، و لا يحق للمؤمن حينئذ إدارة الدعوى.
و حتى يتمكن المؤمن من ممارسة هذا الحق الاتفاقي بفعالية فإنه غالبا ما يشترط شروطا إضافية
[64]، و أي مخالفة لأي شرط منها يكون حق المؤمن له في التعويض مهددا بالسقوط إن كان المؤمن له سيء النية بحيث تعمد الإخلال بتلك الشروط، أما إذا كان حسن النية بحيث كان له عذر مقبول في إخلاله فإن الشرط يقع باطلا[65].

المطلب الثاني: الدفوع الممكن مواجهة المؤمن بها.

 
منح المشرع المغربي للمؤمن له وسائل عديدة، يمكن له من خلالها أن يعطل حق المؤمن في إثارة السقوط في مواجهته، حتى و إن استجمع هذا الأخير كافة شروطه. وتسمى هذه الوسائل بالدفوع، و التي سنتناولها تباعا في الفقرات الآتية.

الفقرة الأولى: تنازل المؤمن عن السقوط:

 
يستطيع المؤمن له أن يتفادى شرط السقوط، و أن يحتفظ بحقه في الحصول على التعويض، إذا هو أثبت تنازل المؤمن عن التمسك بالسقوط و إثارته[66]. و تنازل المؤمن عن السقوط لا يفترض، بل يجب أن يرد واضحا لا لبس فيه ولا غموض، و ما دام كذلك فبديهي أن يتحمل المؤمن له عبء إثباته و إقامة الدليل عليه[67].
و التنازل بهذا المعنى، يمكن أن يتفق عليه الطرفان بشكل صريح في العقد قبل وقوع الحادثة
[68]، و قد يكون ضمنيا[69]، وهو الشائع حيث يستفاد من اتجاه نية المؤمن التسامح مع المؤمن له فيما ارتكبه من مخالفات موجبة للسقوط، غير أنه يجب أن يكون تنازل المؤمن الضمني واضحا، بأن يأتي تصرفا يدل عن عدم رغبته في ممارسة حقه في إثارة السقوط و إلا لن يكون بإمكان المؤمن له مواجهته به[70].
و للإشارة فإن التنازل لما كان يستخلص من نية المؤمن فهو بالتالي من أمور الواقع، لذلك استقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على أن استخلاص قصد التنازل يدخل ضمن سلطة قضاة الموضوع
[71].

الفقرة الثانية: القوة القاهرة أو الحادث الفجائي[72].

 
تعتبر القوة القاهرة كواقعة مادية خارجة عن نشاط المدين، أحد أهم الأسباب القانونية التي تجعل المدين عادة في حل من تنفيذ التزاماته العقدية من غير أن يتحمل أي مسؤولية مدنية، وقد عرف المشرع المغربي القوة القاهرة من خلال الفصل 263 من ظهير الالتزامات و العقود بأنها:"القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية ( الفيضانات و الجفاف، و العواصف و الحرائق و الجراد) وغارات العدو و فعل السلطة، و يكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا...+.
فالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي، ذلك الأمر الذي لا يمكن للإنسان أن يتوقعه و يستحيل دفعه، وهي كثيرة الوقوع في مجال التأمين، فإذا ما أثبت المؤمن له أن سبب الإخلال بالالتزام بالإعلام بالكارثة يرجع إلى قوة قاهرة، فإنه لا يتعرض لجزاء السقوط و يبقى محتفظا بحقه في الحصول على التعويض، وقد نص المشرع على هذا الدفع بموجب المادة 20 من مدونة التأمينات
[73].  
و بديهي أنه يقع على المؤمن له عبء إثبات وجود الحادث الفجائي أو القوة القاهرة
[74] اللذين يعود بطبيعة الحال لقاضي الموضوع أمر تقدير وجودهما من عدمه وفق ظروف كل قضية على حدة، على اعتبار أن مسألة تنفيذ الالتزام من عدمه من أمور الواقع يستقل بتقديرها قاضي الموضوع[75].
و يعتبر من قبيل القوة القاهرة، إصابة المؤمن له بغيبوبة أو بفقدانه الذاكرة، أو تأخره عن الإعلام بسبب الحرب، و لا يعتبر تغيب المؤمن له عن موطنه وقت تحقق الخطر المؤمن منه قوة قاهرة لأنه بإمكانه أن ينيب عنه غيره في الإعلام بالحادث أثناء مدة غيابه، كما يمكن للمستفيد من الـتأمين أن يتفادى شرط السقوط، إذا استطاع أن يثبت أنه استحال عليه الوفاء بالالتزام بالإعلام بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي
[76].

الفقرة الثالثة: تدارك المؤمن له لسبب السقوط بإصلاح الخطأ:

 
يمكن للمؤمن له أن يتفادى جزاء السقوط، إذا قام من تلقاء نفسه بتدارك الإخلال بالالتزام و نفذه على الوجه المطلوب المتفق عليه، فإذا كان الإخلال بالالتزام قابلا للإصلاح و أصلحه المؤمن له قبل أن يتمسك به المؤمن، فقد هذا الأخير حقه في إثارة السقوط[77].
أما إذا كان الإخلال غير قابل للإصلاح، كأن يكون الالتزام واجب التنفيذ في أجل معين، و يكون الأجل قد انتهى دون إعلام المؤمن بالحادث الذي تحقق به الخطر المؤمن منه، بالرغم من عدم وجود أي عذر مقبول كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي، فإن تدارك المؤمن له بإصلاح الخطأ يكون عديم الأثر، و بالتالي فإن عقوبة السقوط التي هي الحرمان من الحصول على مبلغ التأمين تسري في حقه
[78].
هذا و يجب أن يكون تدارك الخطأ كاملا، أي أن يزيل كل مخلفات المخالفة، و أن لا يبقى ضرر بعد التدارك يمكن أن يلحق المؤمن و إلا طبق جزاء السقوط على المؤمن له
[79].

المطلب الثالث: آثار سقوط الحق في الضمان :

 
تترتب على شرط السقوط متى كان صحيحا ولم يكن من بين الشروط المحظورة  قانونا، مجموعة من الآثار التي تتنوع بحسب ما إذا كان فيما بين الطرفين أو في مواجهة الغير.

الفقرة الأولى: أثار السقوط بين الطرفين:

 
إن الأثر الأساسي الذي يترتب على تحقيق شرط السقوط يتمثل في حرمان المؤمن له من الحق في الضمان الذي يخوله له العقد، وفقدانه مبلغ التأمين الثابت له بموجب عقد التأمين[80].
والسقوط لا يسري إلا على الواقعة أو الحادثة التي بشأنها أخل المؤمن له بالتزامه في الإعلام، دون أن يتعدى إلى ما عداها من الحوادث السابقة أو اللاحقة، أي أن عقد التأمين يظل ساريا ومنتجا لكافة أثاره القانونية سواء بالنسبة للماضي أو المستقبل، فالمؤمن يبقى محتفظا بأقساط التأمين التي دفعت، كما يحق له المطالبة بالأقساط التي لا زالت في  ذمة المؤمن له، وبدوره فإن هذا الأخير يحق له الرجوع على المؤمن ومطالبته بالتعويض عن الأخطار التي تحققت في الماضي ما عدا تلك التي سقطت من الضمان
[81].
وهو ما أكدته المادة الأولى من مدونة التأمينات عندما نصت أن سقوط الحق لا يزيل إلا حق التعويض بالنسبة لحادث معين -أي الحادث الذي لم يتم التصريح به دون غيره- ومن ثم فإن كان المؤمن له قد أوفى بالتزاماته المتعلقة بالكوارث التي سبق وقوعها، تعلق حقه بالحصول على التعويض عن هذه الكوارث بشكل نهائي، ولا يؤثر على هذا الحق أن يخل المؤمن له بعد ذلك بالتزاماته المتعلقة بكارثة جديدة وقعت، فلا يسقط إلا حقه في التعويض المتعلق بالكارثة الأخيرة
[82].
وطبقا للقواعد العامة التي تقضي بأن إثبات الالتزام على مدعيه، ومادام أن مدعي السقوط هو المؤمن، فيجب عليه إثبات تأخر المؤمن له في التصريح بالحادث، كما يقع على المؤمن له إن أراد رد ادعاء المؤمن إثبات أنه محق في المطالبة بالضمان، وأنه صرح بالحادث دون تأخير
[83].أو يثبت تحقق أحد الدفوع الممنوحة له في هذا الإطار والتي سبق بيانها في معرض الحديث عن الدفوع.

الفقرة الثانية: آثار السقوط في مواجهة الغير

 
يستطيع المؤمن أن يحتج بسقوط الحق، لا على المؤمن له وحده، بل أيضا على المستفيدين من التأمين، الذين اشترط أن يسري عليهم عقد التأمين في إطار الاشتراط لمصلحة الغير، وذلك طبقا لما نصت عليه المادة 9 من مدونة التأمينات أن: "الدفوعات التي يمكن للمؤمن أن يحتج بها اتجاه مكتتب العقد، يمكن له كذلك أن يحتج بها اتجاه أي مستفيد من العقد+، وبذلك فأي مستفيد من التأمين -كالمستفيد من التأمين في حالة الوفاة-يكون معرضا لفقدان حقه في التعويض كما لو كان هو المؤمن له.
غير انه لا يمكن للمؤمن أن يحتج بسقوط الحق في التأمين من المسؤولية في مواجهة المضرور
[84]، لأن هذا الأخير قد ثبت له حق مباشر في ذمة المؤمن منذ وقوع الحادث، فلا يتأثر هذا الحق بما سيتخذ بعد ذلك [85]، وهو ما نصت عليه المادة 62 من مدونة التأمينات، هذا وإذا كان المؤمن لا يستطيع أن يحتج بسقوط حق المؤمن له على المضرور، ورجع عليه هذا الأخير بمبلغ التأمين في إطار الدعوى المباشرة، فان المؤمن يرجع بدوره على المؤمن له.
نفس الشيء بالنسبة للدائن المرتهن أو الممتاز في التأمينات على الأشياء، حيث لا يمكن للمؤمن أن يواجههم بسقوط الحق في الضمان، كما هو الحال بالنسبة للتأمين من المسؤولية، وذلك لأنهم يتمتعون بدعوى مباشرة ضد المؤمن
[86]، إلا أنه وفي هذا الإطار نجد بعض الفقه يذهب في منحى آخر، حين يقول بأنه: "يمكن الاحتجاج بالسقوط في تأمينات الأشياء على كل من الدائن المرتهن للشيء المؤمن عليه أو الذي له حق امتياز على هذا الشيء،وهو أمر منطقي، لأن هذه التأمينات قد تقررت في إطار العلاقة الشخصية بين المؤمن له كمدين، وبين أصحاب هذه التأمينات كدائنين حيث كان المؤمن ''بالفرض'' وقت إبرام الوثيقة أجنبيا عن هذه العلاقة، بما يبدو من غير المقبول معه أن نلزمه بدفع عوض التأمين لهؤلاء رغم سقوط حق المؤمن له في الضمان، ونحمله هو خطر إعسار المستأمن حين يرجع عليه بعد ذلك بما دفع+[87].
إلا أننا نخالف هذا الرأي الاخير، ذلك أنه و إن كان العقد لاينغع ولا يضر إلا من كان طرفا فيه وقت إبرامه، عملا بنسبية اثار العقد، فإن الدائن عاديا أو مرتهنا يعتبر بمثابة الغير حسن النية الذي اتجهت أغلب التشريعات القديمة منها و الحديثة نحو تمتيعه بالحماية القانونية، و ذلك لما تغيت و قصدت في هذا الاجراء من مصلحة عامة، و تدعيم الثقة و الامن الاستثماري.


خاتمة:

 
يعتبر السقوط إذن جزاء اتفاقي و عقوبة مدنية مفادها فقد المؤمن له لحقه في الضمان و التعويض، و ذلك لإخلاله بالتزام التصريح بالحادث الملقى على عاتقه، و انطلاقا مما سبق بيانه، فإن خير ما نختمه به هذا العرض المتواضع، بسط بعض الاستنتاجات التي نأمل من خلالها ترسيخ أهم محاور هذا العرض:
  • يتضح أنه ليس هناك تعريف محدد لمفهوم السقوط نظرا لاختلاف الفقه و التشريع على وضع تعريف موحد، وخيرا فعل المشرع المغربي حين بادر إلى تعريف السقوط في مدونة التأمينات الجديدة، و ذلك لقطع دابر النزاعات القضائية و الفقهية بشأن مفهومه و طبيعته و تكييفه.
  • أن السقوط يتميز بمجموعة من الخصائص تجعله بحق جزاءا مدنيا من نوع خاص،لعل أهمها هي خاصية الخطورة التي يكتسيها، و التي تحدق بالمؤمن له إذا ما هو فرط أو أخل بالتزاماته القانونية أو الاتفاقية الموجبة له، من هنا تتجلى أهمية و ضرورة حماية المؤمن له من هذه الشروط الموجبة للسقوط، والتي قد يكون في بعض الأحيان تعسف و شطط من جانب المؤمن،الذي من جانبه يستغل شرط السقوط للتحلل من التزامه المتمثل في أداء مبلغ التأمين.   
  • أنه باعتبار الطبيعة الردعية و الجزائية للسقوط، تجعله يتشابه مع بعض الجزاءات المدنية الاخرى المرتبطة بعقد التأمين، و خصوصا البطلان و وقف الضمان و الشرط الجزائي، إلا أن السقوط يبقى مميزا لا من حيث طبيعته و لا من حيث نطاق إعماله.
  • أن للسقوط شروطا لابد من توفرها لإعماله، فمنها ما هو شكلي و ما هو موضوعي، يظهر من هذه الشروط أن المشرع تناول السقوط بنوع من الخصوصية و الحذر، نظرا لما من شأنه المساس بمراكز الأطراف في عقد التأمين.
  • أن المشرع قيد السقوط بمجموعة من القيود و رسم له حدودا لا يمكن للمؤمن أن يتعداها نظرا لخطورته البالغة على المصلحة المرعية للمؤمن له.
  • فالسقوط له أسباب عديدة تختلف باختلاف مصادرها بين ما هو قانوني و اتفاقي،      لكنها اتفقت جميعا في كونها إخلالا بالتزام ملقى على عاتق المؤمن له.
  •  أن المؤمن له، له صلاحية استعمال سائر الدفوعات التي تفيده في إبقاء حقه في الضمان قائما، ومن حقه ذلك مادام حسن النية في تنفيذه لالتزاماته.
  •  أنه يترتب عن السقوط آثار عديدة سواء إزاء المؤمن له أو باتجاه الغير، إلا أن الأثر البارز هو فقد المؤمن له لحقه في التعويض عن الحادثة التي لم يصرح بها.    
 
وفي الأخير، فإنه تنبغي الإشارة إلى أن سقوط الحق في الضمان من العقوبات المدنية الخطيرة التي تتميز بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن باقي الجزاءات المدنية المرتبطة بعقد التأمين، و أهم هذه الخصائص هو كون السقوط ذو خطورة بالغة  تستوجب حماية أكبر لصالح المؤمن له، مخافة أن يكون هذا الجزاء مسوغا للمؤمن في أن يتحلل من التزامه المتمثل في دفع مبلغ التأمين، و هذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن ما هي  الضمانات القانونية الأخرى التي تخول حماية أكبر للمؤمن له من السقوط خاصة، ومن سائر الجزاءات الخاصة في عقد التأمين عامة، باعتبار أن المؤمن له الطرف الضعيف في العملية التأمينية؟
  

الهوامش

[1] التأمين مصدر أمن، و أمن الشخص حاله أو نفسه، و حصنها و جعلها في حرز من المخاطر و الآفات التي قد تهددها. وهو مأخوذ من الأمان و الاطمئنان وراحة البال، و على هذا الأساس فقد عرف الفقه القانوني التأمين بأنه: تلك العملية التي يحصل بمقتضاها أحد الطرفين وهو المؤمن له، نظير دفع قسط على تعهد لصالحه أو لصالح الغير من الطرف  الآخر وهو المؤمن، بمقتضاه يدفع هذا الأخير أداء ً معينا عند تحقق خطر معين. و ذلك عن طريق تجميع مجموعة من المخاطر و إجراء المقاصة بينها وفقا لقوانين الإحصاء. "تعريف الأستاذ الفرنسي جوزيف هيمار+ .
  • أورده عبد العزيز توفيق، عقد التأمين في التشريع و القضاء "دراسة تأصيلية+، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية 1998، ص 1 و 31.  
[2] الضمان لغة من ضمن ضمانا أي كفله والتزم أن يؤدي عنه ما قد يقتصر في أدائه.
  • أحمد الزيات،وآخرون،المعجم الوسيط،دار الدعوة(لم يشر الى الطبعة والسنة)الجزء الاول ص544.
وقد عرفه الفقه الاسلامي بأنه :اعطاء مثل الشيء اذا كان مثليا أو قيمته اذا كان قيميا.
  •  علي حيدر، درر الحكام في شرح مجلة الاحكام العدلية،دار الكتب العلمية،بيروت- لبنان،ص79.
أما في الاصطلاح القانوني فإنه يطلق في نصوص بعض التشريعات العربية على التأمين Assurance، كما تستعمل الضامن Assureur على المؤمن وكلمة المضمون Assuré على المؤمن له.
  •  توفيق حسن فرج، أحكام الضمان في القانون اللبناني، الدار الجامعية، بيروت، سنة 1985،ص9.
 أما الضمان المقصود هنا  في هذا البحث فهو ليس التأمين بحد ذاته، وإنما مبلغ التأمين الذي يحصل عليه المؤمن له عند تحقق الخطر المؤمن منه.  
[3] ابن منظور،لسان العرب،دار صادر.بيروت،الطبعة الاولى،الجزء السابع ص316 "سقط+.
[4] محمد بن عبد الرزاق الحسيني،تاج العروس من مجوهرات القاموس،دار الهداية،الجزء19، ص355 "سقط+.
[5] M.picard et A.Besson، les Assurances terrestres en droit ،t1:le contrat d’assurance،L.G.D،paris،1982،4ed p: 204.
[6] La déchéance est la privation d’un droit subjectif à titre de sanction envers son titulaire. Dans le contrat d’assurance, elle sanctionne le plus souvent la violation par le souscripteur d’obligations mises à sa charge après sinistre. Elle consiste alor dans la privation du droit au règlement de la prestation due par l’assureur, sanction qui doit être prévue par une clause du contrat.
  •  Luc  mayaux , ASSURANCES TERRESTRES (2o le contrat d’assurance), Rép. civ. Dalloz, Page : 58
[7] محمد شكري سرور، سقوط الحق في الضمان: دراسة في عقد التأمين البري، دار الفكر العربي، الطبعة الاولى، 1979، ص 9.
8 ومن بين تعريفات السقوط أيضا انه :جزاء خاص يتفق عليه الأطراف يوقع على المؤمن له الذي أخل بالتزام يفرضه عليه القانون أو العقد،ينتج عنه حرمانه من التغطية في حالة تحقق الخطر المؤمن منه،بالنسبة للحادث المعني بالإخطار فقط. " قرار محكمة الاستيناف التجارية رقم 149،الصادر بتاريخ 08-12-2005،في الملف عدد 326-05+ .
  • فؤاد معلال، الوسيط في قانون التأمين: دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمين المغربية الجديدة، دار ابي رقراق، الرباط، الطبعة الاولى 2011، ص 127
[9] الظهير الشريف رقم 238-02-1 الصادر في 25 رجب 1423 الموافق ل 13 أكتوبر 2002، بتنفيذ القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات.
[10] جاءت المادة 20 من مدونة التأمينات بمجموعة من الالتزامات الملقاة على عاتق المؤمن له،نجملها في :
  • الالتزام بالتصريح بكل البيانات و الظروف المتعلقة بالخطر.
  • الالتزام بأداء قسط التأمين.
  • الالتزام بالتصريح بالحادث.
[11] un moyen ou une exception qui permet à l’assureur ،bien que le risque prévu au contrat soit réalise ،de refuser ;à raison de l’inexécution pas l’assuré de ses obligations en cas de sinistre، la garantir par lui promise.
  • M. picard et A. Besson، les Assurances terrestres en droit fronçais ،t1:le contrat d’assurance ،L.G.D، paris،1982،p208 
[12] استاذنا الدكتور الحسين بلوش، شرح مدونة التأمينات، مكتبة قرطبة أكادير، الطبعة الاولى2013 ، ص325.
[13] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص23.
[14] إن عبء إثبات الحادث الفجائي أو القوة القاهرة يقع على المؤمن له،لأنه هو من ادعاهما فيلزم باثباثهما بكافة طرق الاثبات.
[15] محمد أوغريس، التأمين الاجباري على العربات ذات المحرك، دراسة على ضوء مدونة التأمينات ومدونة السير على الطرق، مطبعة دار القرويين، الدار البيضاء، الطبعة الاولى 2001، ص 84.
[16] عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع، المجلد2.عقود الغرر وعقد التأمين، دار احياء التراث العربي، بيروت 1964، ص 1330و1331.
[17] محمد الهيني،الحماية القانونية للطرف الضعيف في عقد التأمين البري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله،فاس، السنة الجامعية 2005-2006، ص164.
[18] Ce formalisme a tout de même un domaine limité. Malgré la formule « clauses des polices », qui semble viser l’instrumentum plutôt que le negotium, il ne s’applique pas aux nullités, déchéances ou exclusions  prévues par la loi, même si elles sont rappelées dans la police.(Cass. 1re civ. 1er déc. 1993, D. 1994. 434, note C. J. Berr et H. Groutel, RGAT 1994. 82, note R. Maurice)… La solution est justifiée, car le formalisme édicté à l’article L. 112-4 du code des assurances tend à protéger la volonté du souscripteur qui n’est pas ici en cause.
  •  Luc  mayaux , ASSURANCES TERRESTRES (2o le contrat d’assurance), Rép. civ. Dalloz, Page :19
  [19] ما عدا الطعن بإعادة النظر.فإن قرار المحكم يعتبر بمثابة حكم بقوة القانون، فقانون المسطرة المدنية هو الذي أعطاه هذا الوصف،حيث تنص المادة 34-327 من قانون المسطرة المدنية على أن:''لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن...''
  • شعيبي المذكوري، القرارات التحكيمية في قانون المسطرة المدنية، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية،العدد 76،شتنبر 1975، ص9 .
[20] محمد الهيني، مرجع سابق، ص 163وما بعدها.
[21]  فقد عرفه الفقيه الاستاذ عبد الرزاق السنهوري بأنه:"الجزاء القانوني على عدم استجماع العقد لأركانه كاملة مستوفية لشروطها+، إلا أن تعريف الأستاذ شكري السباعي يبقى أكثر التعاريف إحاطة ، حيث ذهب إلى أن البطلان هو: " وصف يلحق التصرف القانوني لعيب فيه ويحرمه من آثاره+.
  • أحمد شكري السباعي، نظرية بطلان العقود في القانون المغربي و الفقه الاسلامي و القانون المغربي،منشورات عكاظ، الطبعة الأولى، سنة 1987، ص 6 و ما بعدها.
[22]  و فضلا عن ذلك فإن عقد التأمين قد  يتعرض للبطلان حتى و إن توافرت هذه الأركان و ذلك إن تحققت بعض الأسباب المنصوص عليها في مدونة التأمينات، كما في الإخلال بالالتزام بالتصريح بالخطرعن سوء نية من طرف المؤمن له طبقا للمادة 30 من المدونة. 
[23] محمد أوغريس، أحكام التأمين البري في التشريع المغربي الجديد دار القرويين، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2003، ص 186.
[24] أستاذنا الحسين بلوش، مرجع سابق، ص327.
[25] أستاذنا الحسين بلوش، مرجع سابق، ص327.
[26] أجازت المادة 17 من مدونة التأمينات في فقرتها الأولى للطرفين الإتفاق على استبعاد بعض الأخطار من الضمان في عقد التأمين، إلا أنها قيدت ذلك بضرورة تحقق شرطين:
  • أن يكون الإتفاق على استبعاد الخطر واضحا.
  • أن يكون هذا الإتفاق محددا.
  • لمزيد من التوسع راجع: استاذنا الحسين بلوش، مرجع سابق ص 98 و ما بعدها. عبد الرزاق السنهوري، مرجع سابق، ص 1238 و ما بعدها.
[27] محمد أوغريس، مرجع سابق، ص187.
[28] عبد الرزاق أحمد السنهوري، مرجع سابق، ص 1330.
[29] نظرا لأهمية الشرط الجزائي كوسيلة ضغط على المدين للوفاء بالتزاماته، فقد أقرته عدة تشريعات في قوانينها بشكل صريح و نذكر المشرع الفرنسي في المادة 1152من قانونه المدني، و المشرع المصري في المادة 223 من قانونه المدني،اما بخصوص المشرع المغربي فنجده قد التزم الصمت و لم ينص بشكل صريح على الشرط الجزائي، إلا أنه قد تدارك هذا النقص في النهاية وذلك بتقريره للتعويض الإتفاقي  بموجب القانون رقم 95-27 (المتمم للفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 157-95-1 بتاريخ 13 من ربيع الأول 1416 (11 أغسطس 1995) الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4323 بتاريخ 10 ربيع الآخر 1416 (6 سبتمبر 1995)، ص 2443)،حيث ينص الفصل 264 ق.ل.ع  على أنه:
''... يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بالالتزام الأصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه.
يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا كان زهيدا، ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي''. و بهذا المقتضى وضع الحد لاختلاف الاجتهاد القضائي حول سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي.

  • للتوسع أكثر انظر:استاذنا عبد الرزاق أيوب، سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي(دراسة مقارنة)،مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الاولى سنة2003،ص 17.
[30] عبد الحق صافي، القانون المدني : الجزء الأول، العقد، الكتاب الثاني، آثار العقد، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2007، ص 271.
[31] غالبا ما يضمن الشرط الجزائي في ذات العقد الأصلي، غير أنه يمكن إيراده في اتفاق لاحق شريطة أن يسبق هذا الإتفاق واقعة الإخلال بالتنفيذ. أما إذا كان تاليا لها فإنه يعد صلحا لا شرطا جزائيا.
[32] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص263.
[33] بخصوص سلطة القاضي في تعديل الشرط الجزائي، نجد  أن المشرع أعطاه سلطة تقديرية واسعة،تتمثل في استخلاص وقائع النزاع و استنباط الحالات الاخرى المرتبطة باستحقاقه،و تقدير درجة المبالغة أو التفاهة في مبلغه، وهذه المعطيات تساعد القاضي على استكمال قناعته بوجوب التعديل أو رفضه.
  • استاذنا عبد الرزاق أيوب، مرجع سابق، ص 218.
[34] يعرف وقف الضمان بأنه:جزاء يخول المؤمن عند تماطل المؤمن له في سداد الأقساط المستحقة،حق تعطيل التزامه بالضمان مع استمرار التزام المؤمن له بسداد هذه الأقساط و اللاحقة على هذا التعطيل.وذلك بتوافر عدة شروط:
  • مطل المؤمن له: أي تأخره في سداد القسط المستحق و امتناعه عن ذلك مع ثبوت تقصيره.
  • إنذار المؤمن له: و يقصد به إثبات تقصير المدين في أداء القسط.
  • مرور مدة معينة اعتبارا من اليوم التالي للإنذار:وهي مدة 20 يوما اعتبارا من منتصف الليلة الأولى.
  • للاستزادة راجع:امحمد الأمراني زنطار، شرح قانون التأمين(رقم 99-17):دراسة نظرية و تطبيقية، المطبعة الوطنية، مراكش،الطبعة الأولى سنة 2005،ص 152-153.
[35] عبد الرزاق أحمد السنهوري، مرجع سابق، ص 1314.
[36] محمود عبد الرحيم الديب، أحكام التأمين، دراسة لعقد التأمين، دار الجامعة الجديدة للنشر،(بدون ذكر الطبعة)،سنة 2010،ص130
[37] محمد الهيني، مرجع سابق، ص 166
[38] عبد القادر العطير، التأمين البري في التشريع، القواعد العامة والأحكام الخاصة’’دراسة مقارنة’’مكتبة دار الثقافة، عمان الاردن، الطبعة الاولى سنة 2001، ص.232
[39] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص 86
[40] الفصل473 ق.ل.ع ينص على أن:"عند الشك يؤول الالتزام بالمعنى الأكثر فائدة للملتزم+.
[41] وكمثال لبعض الشروط المخالفة للنظام العام الشرط الذي تتضمنه وثائق التأمين من المسؤولية عن حوادث الشغل، الذي بموجبه يتعهد العامل -مقدما- و إلا سقط حقه في العوض، بعدم مطالبة رب بالعمل بالتعويض عن مسؤوليته جراء خطئه الشخصي أو خطأ تابعه، عندما يحدث له ضرر،وقد جاء في حكم لمحكمة النقض الفرنسية في 08-01- 1900 أن مثل هذا الشرط يقع باطلا لمخالفته النظام العام من حيث إنه يتيح لأصحاب الأعمال أن يتحللوا من المسؤولية عن خطئهم الشخصي أو ان يرغموا العامل عن التنازل عن حق يستمده من القانون نفسه.
  • محمد شكري سرور، مرجع سابق،ص98  
[42] وهو ما نصت عليه كذلك المادة 750 من القانون المدني المصري، و كذلك المادة 983 من القانون اللبناني.
[43] أستاذنا الحسين بلوش، مرجع سابق، ص333.
[44] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص99.
[45] محمد أوغريس، أحكام التأمين البري، ص 191.
[46] كالضابطة القضائية و النيابة العامة في التأمين من السرقة، و السلطات الصحية في التأمين من موت الماشية.
[47] كأن يشترط المؤمن في التأمين من المسؤولية تولي الدعوى بنفسه في مواجهة المتضرر، و أن يرسل المؤمن له جميع الأوراق و المستندات الخاصة بالدعوى كالإنذارات و غيرها.
[48] عبد الرزاق أحمد السنهوري، مرجع سابق، ص 1335.
[49]  وهو ما أكده القرار عدد 5648 بتاريخ 2/11/95 في الملف المدني عدد 4443/93 بقوله: " حيث إن مسألة العذر المقبول من قبيل الواقع الذي يخضع لسلطة المحكمة و الذي قدرته بما لها من سلطة في تقديره...+.
وفي قرار آخر عدد 2864 بتاريخ 25/5/95 في الملف المدني عدد 3669/92، حيث جاء فيه: " لكن، حيث إن المحكمة الابتدائية أثبتت في تعليلها بخصوص الدفع بسقوط دعوى المدعي و الذي تثبته محكمة الاستئناف بتأييد الحكم  الابتدائي، أن المدعي راسل صندوق مال الضمان داخل أجل الستة أشهر معتبرة توفر العذر المقبول الذي يدخل ضمن سلطتها التقديرية مما تكون معه الوسيلة غير جديرة بالاعتبار+.

  •  محمد أوغريس، قضاء المجلس الأعلى في التعويض و التأمين، دار القرويين، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1988، ص77و 78.
[50] محمد الهيني، مرجع سابق، ص178.
[51] يستفاد من خلال المادة 309 من قانون المسطرة المدنية أن التحكيم هو اتفاق أطراف العلاقة التعاقدية، على عرض النزاعات المحتملة بشأن تنفيذ العقد على جهة مختصة غير السلطة القضائية تسمى جهة التحكيم أو المحكمين.
 [52] نظم المشرع المغربي أحكام هذا الالتزام في العديد من القوانين نذكر منها:
  •  في القرار الوزيري المؤرخ ب28 نونبر 1934 المتعلق بعقد التأمين البري: في الفصل 15 منه حيث ينص على أنه: " يلتزم المضمون (المؤمن له) بما يلي: ...خامسا: أن يعلم الضامن (المؤمن) بكل نازلة من شأنها أن تلزم الضامن بالتعويض عنها و ذلك حال إطلاعه عليها و بعد و قوعها بخمسة أيام على الأكثر+، و كذلك في الفصل 46 عندما يتعلق الأمر بالضمان الواقع على البرد ( التبروري) الذي يجب على المضمون أن يوجه التصريح بالنازلة خلال أربعة أيام.
  • كذلك في قرار 25 يناير 1965 المتعلق بالشروط النموذجية العامة لعقد التأمين على السيارات: و ذلك في فصله 23 حيث نص على أنه:"...يجب على المؤمن له ما عدا في حالة عرضية أو ظروف قاهرة، أن يصرح إلى شركة التأمين بكل كارثة من شأنها أن تستوجب ضمانها بمجرد إطلاعه عليها و في أجل خمسة أيام على الأكثر و إلا سقط حقه في ذلك...+. و أول ما يلاحظ من خلال هذه النصوص أن المشرع حدد آجال قصيرة لإعلام المؤمن بكل حادثة من شأنها أن تستوجب تعويضه، و ذلك لتمكين المؤمن من فرصة معاينة و تقصي أسباب و حقيقة و حجم الضرر.
  • أنظر في هذا الصدد: جاجي بناصر، النظرية العامة في قانون التأمين، دار النشر الجسور، وجدة 2011، ص63.
  • و أخيرا فبعد صدور مدونة التأمينات الجديدة سنة 2002 فقد تناولت المادة 20 هذا الالتزام في فقرتها الخامسة حيث تنص على أنه: "...يشعر المؤمن له بكل حادث من شأنه أن يؤدي إلى إثارة ضمان المؤمن، و ذلك بمجرد علمه به، و على أبعد تقدير خلال الخمسة (5) أيام الموالية لوقوعه+.
[53] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص31 وما بعدها.
[54] محمد أوغريس، التأمين الإجباري على العربات ذات المحرك "دراسة على ضوء مدونة التأمينات  مدونة السير على الطرق+، دار القرويين، الطبعة الأولى، سنة2002، ص 83.
[55] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص35.
[56] ذلك أن عدم التصريح بالحادث في الأجل القانوني (خمسة أيام ) من الدفوع المتعلقة بسقوط الضمان لا بانعدامه، حيث جاء في القرار عدد 987/97/2/3 بتاريخ 1/7/1997 في الملف الجنحي عدد 25970 أنه: " حيث إن ما أثارته الوسيلة من عدم تصرح المؤمن له بالحادثة في الأجل إنما يتعلق بالدفوع المتعلقة بسقوط الضمان لا بانعدامه كما يتجلى ذلك من الفصل المذكور (قانون 25/1/1965 المتعلق بالشروط النموذجية العامة لعقد التأمين) الذي ينص على أن المؤمن له في حالة وقوع الكارثة يجب عليه ما عدا في حالة عرضية أو ظروف قاهرة، أن يصرح إلى الشركة بكل كارثة من شأنها أن تستوجب ضمانها بمجرد اطلاعه على الكارثة وفي اجل 5 أيام على الأكثر وإلا سقط حقه في ذلك...+.
  • محمد أوغريس، قضاء المجلس الأعلى...، مرجع سابق، ص72.
[57] جاجي بناصر، مرجع سابق، ص 65 و مابعدها.
[58] ففي فرنسا قضت محكمة النقض بأن: " التقرير العام من جانب المؤمن له في وثيقة تأمين ضد الإصابات أنه مضمون لدى شركات أخرى لا يعفيه من السقوط الذي يستحق عليه، لعدم قيامه بإبلاغ الشركات بالتأمينات الجديدة التي يعقدها فيما بعد، ما دام أن الوثيقة تفرض عليه وجوب الإخطار الخاص إذا هو عقد تأمينات من نفس النوع لدى شركة أخرى+.
و في مصر جاء حكم محكمة الاستئناف المختلطة بسقوط حق المؤمن له في التعويض، لعدم قيامه بإعلام المؤمن بالتأمين الذي أبرمه فبما بعد لدى مؤمن آخر، حتى و لو كان هذا التأمين لا يغطي إلا جانبا من الأشياء المؤمن عليها.

  • محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص73 و ما بعدها.
[59] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص73
[60] هذا الالتزام كان منظما في مشروع التأمين الفرنسي لسنة 1904، و لكنه لم يظهر إلا في النصوص النهائية التي نظمها قانون التأمين 1930.
[61] فقد جاء في حكم لمحكمة الاستئناف المختلطة أن: " عقد التأمين من عقود حسن النية، ومن واجب المؤمن إذا أوشكت الكارثة المنصوصة بالوثيقة على الوقوع أن يبذل كل ما في وسعه لتفادي وقوعها، أو على الأقل لمنع تفاقهما بقدر الإمكان...فكونه مضمونا لا يصلح مبررا لأقل قدر من الإهمال في هذه العناية، و حتى لو كان ذلك فإن عدم مبالاته، إنما يكون من شأنه أن يؤدي بذاته إلى سقوط حقه في الضمان+.
  • راجع في هذا الصدد: محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص76.
[62] محمود عبد الرحيم الديب، مرجع سابق، ص127.
[63] عبد الرزاق أحمد السنهوري، مرجع سابق، ص 1323.
[64] من الشروط الإضافية التي يشترطها المؤمن على المؤمن له، أنه يشترط عليه عدم الاعتراف بالمسؤولية أو يمنعه من عقد صلح بشأنها و كذلك إلزامه بتسليم كافة الوثائق و المستندات المتعلقة بالدعوى، و كذلك يشترط عليه أيضا عدم تدخله في الدعوى إلى غير ذلك من الشروط.
[65] فؤاد معلال، مرجع سابق، ص171و 172.
[66] محمد أوغريس، أحكام التأمين...، مرجع سابق، ص 196.
[67] عبد الرزاق أحمد السنهوري، مرجع سابق، ص1339.
[68] هذا و ينذر في الواقع أن يكون التنازل عن السقوط صريحا، حيث قلما يوافق المؤمن عن مثل هذا الشرط.
[69] كأن يقوم بتعيين خبير لتقدير قيم الخسائر التي نجمت عن الحادث أو أن يعرض على المؤمن له مبلغا على سبيل التعويض.
  • عبد الرزاق أحمد السنهوري، مرجع سابق، ص 1339و 1340.
[70] حيث اعتبرت محكمة الاستئناف بالرباط تصالح المؤمن  مع المضرور تنازلا ضمنيا من جانبه في مواجهة المؤمن له. قرار صادر في 22/2/1950
  • أورده محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص222.
[71] محمد شكري سرور،مرجع سابق، ص217.
[72]بالرغم من وجود بعض الآراء الفقهية خصوصا على صعيد القانون الفرنسي الداعية إلى التفريق بين كل من القوة القاهرة و الحادث الفجائي. فإن الثابت عندنا هو أن المشرع يأخذ بوحدة المؤسستين، فهما معا يؤديان إلى تحلل المدين من التزاماته التعاقدية عند تحقق الشروط الآتية: عدم التوقع، استحالة الدفع، و عدم صدور خطأ من المدين المتمسك بالقوة القاهرة.
  • لمزيد من التوسع أنظر: محمد الكشبور،نظام التعاقد و نظريتا القوة القاهرة و الظروف الطارئة، مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء،الطبعة الاولى سنة 1993،ص 63.
[73] نصت هذه المادة على أنه: " ...لا يمكن الاحتجاج بسقوط الحق الناشئ عن أحد شروط العقد اتجاه المؤمن له الذي يثبت استحالة قيامه بالتصريح داخل الأجل المحدود بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة...+.
[74]جاء في قرار عدد7681 بتاريخ 16/12/1998 في الملف التجاري عدد:106/98 أنه: " يفيد إعلام المؤمن له للمؤمن بكل حادثة من شأنها إلزام  هذا الأخير بالتعويض في أجل خمسة أيام على الأكثر ما لم يتوفر حادث فجائي أو قوة قاهرة عملا بالفصل 15 من القرار الوزيري 1934  و القرار 1965 المتعلق بالشروط النموذجية مالا دام الأمر لا يتعلق بمواجهة الضحية أو ذوي حقوقها بالإخلال بالحادث و إنما برجوع المؤمن له بما أداه من تعويض للضحية دون إثبات قيام حالة الحادث الفجائي أو القوة القاهرة+.
  • أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التأمين من سنة 1990 ـ2004 الجزء الثاني، دار الإيمان الرباط، الطبعة الأولى 2005، ص38.                         
[75] محمد أوغريس، مرجع سابق، ص197.
[76] محمد أوغريس، مرجع سابق، ص 198.
[77] عبد الرزاق أحمد السنهوري، مرجع سابق، ص 1338.
[78] محمد أوغريس، مرجع سابق، أحكام التأمين ... ص199.
[79] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص 228.
[80] الحسين بلوش ، مرجع سابق،ص330
[81] محمد أوغريس، أحكام التأمين، مرجع سابق، ص،199 و 200.
[82] محمد شكري سرور، مرجع سابق،ص 196.
[83]  أستاذنا الحسين بلوش، مرجع سابق،ص،330.
[84] وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها بتاريخ 22 مارس 1962 أنه::"ان سقوط الضمان لا يخول مبدئيا للمؤمن التخلص من تنفيذ التزاماته المتعلقة بالضمان اتجاه الغير المتضرر، ولا يكون لسقوط الضمان أي أثر إلا في العلاقة بين المؤمن والمؤمن له"
  • أورده محمد أوغريس، أحكام التأمين البري، مرجع سابق، ص 200.
[85] عبد الرزاق أحمد السنهوري، مرجع سابق،ص 1340.
[86] أستاذنا الحسين بلوش، مرجع سابق،ص332.
[87] محمد شكري سرور، مرجع سابق،ص 201.
 



الاحد 1 ديسمبر 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter