MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




'شيء من حكومة القضاة' قراءة نقدية في قرار المحكمة الدستورية تحت رقم 31/17

     

الدكتور: عمر أزوكار
محام بالدار البيضاء وباريز



'شيء من حكومة القضاة' قراءة نقدية في قرار المحكمة الدستورية تحت رقم 31/17

 
 
أصدرت المحكمة الدستورية  قرارا بتعذر البت على الحالة في القانون الداخلي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية الذي احيل عليها من طرف رئيسها للنظر في مدى مطابقته للدستور و للقانونين التنظيميين للمجلس الاعلى للسلطة القضائية و النظام الاساسي للقضاة.

وقد ذهبت بعض التعليقات الى اثارة الانتباه الى اغفال المجلس الاعلى للسلطة القضائية للإجراءات اللازمة لإقرار ووضع النظام الداخلي للمجلس و ضوابط و شكليات تعديله من جهة أخرى.

ولذلك هذا القرار يثير نقاشا أعمق مما سبق و ان طرح بخصوصه لان النقاش يمتد الى اختصاص المحكمة الدستورية و احقيتها في الاستنكاف عن الفصل في مسالة دستورية و مطابقة القانون الداخلي أمام إغفال المجلس الاعلى للسلطة القضائية لأجرأة مقتضى يتعلق بالتعديل مما يجعل من المحكمة الدستورية محكمة النظر في الدستورية و المطابقة من جهة، و محكمة إجبار و مراقبة على المجلس الاعلى للسلطة القضائية أن
قصر عن ممارسة اختصاصه في تنظيم ما اوجبه المشرع القيام به في التنظيم القضائي من جهة أخرى؟

وقد يفهم من قرار المحكمة الدستورية أن ولايتها في البت في الدستورية و المطابقة للنظام الداخلي رهين بشكلية إجرائية سابقة و تتمثل في ان يحتوي القانون الداخلي المحال عليها كاملا و محتويا لتنظيم جميع الإجراءات التي تؤطره تحث طائلة تعذر البت في الدستورية و المطابقة و إن
نظم و أجرأ غالبية المقتضيات المرتبطة به؟

من خلال قراءة قرار المحكمة الدستورية نجده مشوب بعيب الاختصاص في صورته السلبية و الايجابية و مخالف للقانون و موسوم بتجاوز السلطة و فساد التعليل الموازي انعدامه، لكن قبل بحث تفاصيل المؤاخذات والملاحظات المثارة على القرار ( العنوان الثاني ) يتناسب بحث المآخذ المبنائية ( العنوان الأول )، والكل وفق التفصيل الآتي:

العنوان الأول: المآخذ المبنائية على قرار المحكمة الدستورية.

إن المأخذ الأساسي الذي ركزت عليه المحكمة الدستورية هو أن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، جاء خلوا من تبيان إجراءات إعداده وتعديله خرقا لمقتضيات المادة 49 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، فيما يتعلق بوضع وتعديل النظام الداخلي، دون أن يبين بوجه هذه الإجراءات اللازم اتخاذها.

إلا أنه وقبل الدخول تفصيليا لتشخيص أعطاب القرار والتي تكثرت حتى تجاوزت عتبة " الدستورانية " نفسها وأعادتنا إلى مرحلة لوفيتانية المحكمة الدستورية، نود التركيز على متغيرين تحققا في النازلة الحالية وبمناسبة هذا القرار موضوع القراءة النقدية

لماذا ثمة شيء من " حكومة القضاة ": 

يقول الأستاذ محمد أتركين بخصوص ولادة القضاء الدستوري إلى أن " ميلاد هذه المؤسسة، قد اعتبر من قبل الفقه الدستوري الكلاسيكي سقوطا في حكومة القضاة واستقالة للسياسي ومراقبة أطراف معينين لممثلين منتخبين، في غياب استحضار التطورات التي عرفتها المؤسسات الدستورية وتأثيرات نمط الاقتراع والفعل الأغلبي التي جعلت البرلمان لم يعد مجالا للنقاش السياسي ولا فاعلا في مستويات التشريع والمراقبة بسبب هيمنة السلطة التنفيذية التي جعلت مبدأ فصل السلط يعيش أزمة تنظيم المجال الدستوري. " ( ) خالصا إلى أن " إدماج هذه المؤسسة في البناء الدستوري إلى تغيير مفهوم الدستور ذاته بتحويله إلى وثيقة قانونية يستوجب عدم احترامها عقوبة قانونية، وخلخلة لتماهي الحاكمين والمحكومين عبر مقولة الإرادة العامة وهندسة لفصل جديد للسلط قائم على الزوج حكومة / برلمان في مواجهة القضاء الدستوري. " ( ) فهذه الخلاصة التي نوه إليها أستاذنا في كتابه، سوف نجدها تقف تنطعا معرفيا في قلب القرار الصادر

بمراجعة القرار الصادر عن المحكمة الدستورية سوف نعاين بأنه من جهة الاختصاص نوه إلى أن المادة 49 منحته صلاحية النظر في النظام الداخلي والبت في نقطة " المطابقة مع الدستور " و " المطابقة مع القانون التنظيمي "، وأنها على هذا الأساس تقول بقيام اختصاصها في " التفصيلتين " معا

لكن حيث إنه بمراجعة مقتضيات المادة 132 من دستور المملكة المغربية سوف نجد بأنه يشير إلى أنه " تمارس المحكمة الدستورية الاختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور، وبأحكام القوانين التنظيمية ... "، مما يجعل من دائرة الصلاحيات المشار إليها حتى وإن اتسعت لا تهم إلا نقطة " المطابقة مع الدستور " ولا تمتد إلى مجال آخر في غياب نص دستوري، لأن توسيع الصلاحيات وإن كان من حيث المبدأ ممكنا إلا أنه لا يمكن أن يقع في عرض النص الدستوري نفسه، فالقوانين التنظيمية من حيث المبدأ يشترط في تمريرها أن تكون مطابقة للدستور، كما أشار إلى ذلك الفقيه فرانسوا لوشير عندما صرح " بالمقابل، وفي المجالات الغير المضمنة بالدستور، القانون التنظيمي لا يمكنه الزيادة في صلاحيات المجلس، ليس لأنه مجلس دستوري، ولكن لأن مجال القانون التنظيمي محدود بالدستور نفسه ".) ( فالقوانين التنظيمية حتى في دائرة توسعة الصلاحيات تظل مقيدة بالنص الدستوري ولا يمكنها تجاوزه

وبالتالي المادة 49 من القانون التنظيمي والتي أحالت الاختصاص للبت في المطابقة مع القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية مع تعليق التطبيق على قرار هذه الأخيرة، هي في حد ذاتها مادة غير دستورية، ومن وجهين

الوجه الأول: أن البت في المطابقة مع القانون التنظيمي لم يشر إليه الدستور من أساسه ولا ضمن بالقانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، وبالتالي لا يتيسر لأي قانون تنظيمي أن يزيد أو يوسع من صلاحيات المحكمة الدستورية بعيدا عن المتن الدستوري نفسه، وأن أقصى ما يفهم من صريح المادة 132 هو بحث جنبة " المطابقة مع الدستور " كما يظل ناضحا في طول المادة، ولا تنجر إلى " المطابقة مع القانون التنظيمي "، ومن هنا يكون سابقية القول بدستورية هذه المادة بمناسبة النظر في القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية مثيرا للكثير من الإشكاليات والملاحظات، لا نرى ضرورة للتعمق بخصوصها

الوجه الثاني: أن دستور المملكة كما القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية لم يعلق نافذية النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى حين بت بالمطابقة مع الدستور، فبمراجعة مقتضيات المادة 27 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية سوف نقف على أن النظام الداخلي لا تتوقف نافذيته ولا يؤثر فيه قرار المحكمة الدستورية إلا عند التصريح بعدم المطابقة للدستور، وبشكل تفصيلي يهم المواد التي شخصت على أنها كذلك

فالأنظمة الداخلية – عدا تلك المتعلقة بالمجلسين - غير معلقة التطبيق أو إصدار أمر بالتنفيذ كما في القوانين والقوانين التنظيمية، وبالتالي ما لم يصدر قرار قائل بعدم دستورية أحد نصوص النظام الداخلي، يبنى على " أصالة الدستورية " ويدخل حيز التفعيل من تأريخ إصداره

حيث إن المحكمة الدستورية صرحت بتعذر البت وانتهى الأجل القانوني للنظر في النظام الداخلي، فإنه ولو في غياب النشر بالجريدة الرسمية يظل النظام الداخلي فاعلا، وليس ثمة مأخذ جدي يمكن إثارته بهذا الخصوص

ذلك أن المادة 22 في فقرتها الأولى خصصت القوانين والقوانين التنظيمية بتعليق التطبيق إلى حين صدور قرار عن المحكمة الدستورية يقول بالمطابقة كما النظامين الداخليين لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين على وجه الحصر احتراما لمباني الفصل 132 من دستور المملكة، ففقط بعد صدور القرار يمكن إصدار أمر بالتنفيذ، لكنها لم تشر إلى واقعة التعليق فيما يتعلق بالأنظمة الداخلية في غيرها من المؤسسات.

وعليه تكون المادة 49 قد خرقت نصا دستوريا من جهة ترتيب آثار قانونية غير ضرورية ولا مسموح بها دستوريا

إلا أن المحكمة الدستورية عندما سبق لها وصرحت بدستورية هذه المادة تكون كما لو أنها تأثرت بمخرجات المحكمة الدستورية الجنوب الإفريقية والتي جعلت " القاضي الدستوري يمكن أن يمتد عمله ليشمل التشريع الدستوري " ( )

ومن هنا واقعا يرتفع تخوفنا من " حكومة قضاة " تنظر إلى نفسها مؤسسة فوق المؤسسات، بل مؤسسة هي روح - بالمعنى الهيغيلي - لكل المؤسسات، ولو تم القبول بهكذا منزلق فسنضحي أمام دستور أرادته " الإرادة العامة " ودستور يسكن في مخيلة نخبة " دولة القانون " في حرم القضاء الدستوري دون تشخيص لمديات هذه الدولة نفسها

وكما سبق للفقيه لامبير أن صرح بأنه يجب أن نقف بكثير من الحيطة أمام هكذا سلوكات لأنها لو تسربت إلى المتن الدستوري فإنه سيصعب علينا احتواؤها في دور محدد أو إخراجها بشكل سلمي ودستوري، لنجد أنفسنا بين " دستور " مصوت عليه، و " دستور قضائي " كثير المرونة يقحم المتغيرات حتى يضمحل النص الأساسي في قلب دهاليز حرب الرؤى في القضاء الدستوري. ( )

وواقعا نجد المجهود البحثي للأستاذ محمد أتركين يصب في هذا الاتجاه عندما أظهر امتعاضا من " الإرادة العامة " ونحى نحو " دولة القانون " بوصفها ضابطة للرقابة في دستورية القوانين، والتي تستشف في طول المتن المتعلق بالقضاء الدستوري

شبهة إنكار العدالة

واقعا عندما نقف أمام منطوق القرار موضوع القراءة النقدية نجد أنفسنا أمام " معضلة " عقلية قانونية بامتياز، فمن جهة المحكمة سمحت لنفسها بحث تفصيلة " المطابقة مع القانون التنظيمي " إلا أنها سارعت إلى القول بتعذر البت على الحالة في مطابقة النظام الداخلي للدستور أو للقانونين التنظيميين، والحال أن مخرجات تعليلها كلها تسير في اتجاه عدم المطابقة، لأن المأخذ الأساسي هو إغفال التنويه إلى كيفية الإعداد والتعديل

وبالتالي نطرح هكذا سؤال لماذا لم تخلص المحكمة الدستورية إلى القول بعدم المطابقة مع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ما دام النظام الداخلي وفق وجهة نظرها لم يحترم مفاعيل المادة 49 من القانون التنظيمي

الجواب بسيط جدا، وهو أن المحكمة الدستورية اكتشفت حجم الهفوة التي اقترفت عندما صرحت بدستورية المادة 49 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والتي وسعت في صلاحيات المحكمة الدستورية خرقا للدستور ورتبت آثارا قانونية بخصوص نافذية النظام الداخلي غفلا عن التسامح الدستوري نفسه بهذا الخصوص، وهي تفصيلة أضحت ناضحة بمناسبة النظر في دستورية النظام الداخلي الذي تم معاينة عدم قيام أي خرق دستوري له، لكنه قد يفهم منه مساس بالقانون التنظيمي، وبصدور قرار بعدم " المطابقة مع القانون التنظيمي " أن يفتح أبوابا مشرعة أمام شيء إسمه " حكومة القضاة " وحجم التسلطن الذي يمكن أن يستشف أمام هكذا خرق قانوني مبنائي
فاختارت أن تتنكر لما سبق لها وصرحت بدستوريته فاختارت الحياد و " تعذر البت ". 

العنوان الثاني: النعي في التفاصيل. 

كما سبق وأوضحنا أعلاه، أوجه النعي المثارة على القرار تنقسم بين فساد في التعليل ومخالفة القانون ( أولا )، ثم عيب الاختصاص وتجاوز السلطة ( ثانيا ) فالوقوف أمام وضع شاذ ( ثالثا ).

أولا: في فساد التعليل ومخالفة القانون.

ذهب قرار المحكمة الدستورية في تعليله الى أن فحص دستورية النظام الداخلي يشمل مراقبة اجراءات هذا الاخير و جوهره، في حين:
لم ينظم الدستور في مقتضياته أي مقتضيات إجرائية تخص النظام الداخلي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية، و نتيجة لذالك، فكيف للمحكمة الدستورية أن تبسط رقابتها في مطابقة النظام الداخلي للدستور في غياب أي إجراء او شكليات يحيل عليها الدستور بهذا الخصوص.

إذ تدعى المحكمة الدستورية الى فحص الدستورية لو نظم الدستور الجانب الاجرائي لمقتضيات النظام الداخلي و تبعا لذالك يكون تعليل المحكمة الدستورية بان فحص دستورية النظام الداخلي تبدأ من الجانب الاجرائي تعليل فاسد و ينزل بمنزلة انعدام التعليل لان موجبات رقابة الدستورية في الشق المتعلق بالإجراءات و الشكليات غير قائمة.

و من غير أن تبين المحكمة الدستورية المقتضيات الدستورية التي نظمت الجانب الإجرائي للنظام الداخلي عرجت مباشرة الى الاستدلال بالقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وركنت الى الاستناد على القانون التنظيمي و انتقلت و من غير تدقيق من فحص الدستورية التي لا يسعفها الدستور في ذالك الى فحص مطابقة النظام الداخلي للقانون التنظيمي و مزجت بين فحص الدستورية و فحص المطابقة بين النظام الداخلي و القانون التنظيمي الذي يعتبر قانونا أقل رتبة من الدستور و اكثر من القانون العادي مما يكون قرارها مشوب بفساد التعليل الموازي انعدامه

قررت المحكمة الدستورية أحقيتها في مراقبة إجراءات النظام الداخلي و هذا يفترض وجود هذه الاجراءات و التنصيص عليها لمراقبة مدى إعمالها و احترامها في تضمينات النظام الداخلي في حين ان القانون التنظيمي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية نص على اختصاص المجلس في وضع النظام الداخلي دون التنصيص على إجراءات خاصة لوضعه و الواجب التقيد بهاو تكون بذالك المحكمة الدستورية يريد أن تبسط رقابته على معدوم لغياب الإجراءات في القانون التنظيمي لمكنة مراقبة تضمينها في النظام الداخلي بشكل مطابق للقانون الاعلى.

أو الظاهر من خلال القرار المعلق عليه رغبة المحكمة الدستورية الزام المجلس الاعلى للسلطة القضائية بالتصريح بكيفبة وضع النظام الداخلي من خلال تحريفها لما سمته حقها في مراقبة الاجراءات مما يشكل مظهرا من مظاهر تجاوز السلطة و بسط رقابتها خارج مجال اختصاصها المتمثل اساسا القول بدستورية النظام الداخلي و مطابقته للقانونين التنظيميين أم لا.

ثانيا: في عيب الاختصاص و تجاوز السلطة.

اعتبرت المحكمة الدستورية إن عدم تضمين النظام الداخلي للضوابط المتطلبة لوضعه و تعديله إغفال من طرف المجلس الاعلى للسلطة القضائية لقواعد شكلية جوهرية يترتب عن عدم احترامها تعذر المحكمة الدستورية عن البت في النظام الداخلي و مدى دستوريته و مطابقته للنظامين التنظيمين في حين:

لا يحق للمحكمة الدستورية ان تنصب نفسها مؤسسة مراقبة لممارسة المجلس الاعلى للسلطة القضائية لاختصاصه الممنوح له بمقتضى القانون التنظيمي، و لا جهة حلول محلها و لا جهة جير و إكراه لها بارجاء البت في الدستورية و المطابقة الى حين أن يمارس المجلس الاعلى اعتصاصه الاصيل ، إذ بمنحى المحكمة الدستورية بالقول بتعذر البت الى حين تضمين النظام الداخلي لمسالة تعديل هذا الاخير تكون علقت ممارسة إختصاها في النظر في الدستورية على ممارسة المجلس الاعلى لاختصاصه كاملا، و هذا يشكل في نهائيته مظهرا من مظاهر تسليط إختصاص المحكمة الدستورية على أختصاص المجلس الاعلى للسلكة القضائية و عيب الاختصاص في ادبيات القضاء الاداري مما يثيره القضاء تلقائيا إن مقرون بالجسامة في الممارسة.

لا يحق للمحكمة الدستورية ان تقضي بتعذر البت في النظام الداخلي لان من صميم وظيفتها طبقا للمادة 26 من القانون التنظيمي لها أن تبت في مدى دستورية الفصول المحال عليها ومدى مطابقتها للقانونين التنظيميين من عدمه لا غير، مما يوجب عليها وفقا لقواعد الاختصاص المؤطرة وبوصفها محكمة ذات اختصاص خاص أن تنفذ الى جوهر ما أحيل عليها، و ليست محكمة موضوع ذات ولاية عامة تنظر المحال عليه كما تنظر الخصومة القضائية ، وتكون بما قضت به تجاوزت أختصاصها و أدى قرارها الى وضع شاذ عن اليات اشتغال المحكمة الدستورية و الغاية من اقرارها دستوريا.

لا يحق للمحكمة الدستورية ان تقضي بتعذر البت في النظام الداخلي بعلة عدم احترام المجلس الاعلى للسلطة القضائية لقواعد شكلية جوهرية، إذ كيف للمحكمة الدستورية أن تعتبرها متخلفة و الحال أن المجلس الاعلى من عهد اليه وظعها و تسطيرها من جهة، و من جهة ثانية إذ لوكانت جوهرية الى هذا الدرجة لكانت المحكمة الدستورية التي حلت محل المجلس الدستوري ان يقرر تضمنها يوم إحالة القانون التنظيمي عليه يومها،
لا يحق للمحكمة الدستورية ان تقضي بتعذر البت في النظام الداخلي بعلة عدم احترام المجلس الاعلى للسلطة القضائية لقواعد شكلية جوهرية في إغفال و المثمثلة في إغفال نقطة وضع و تعديل القانون الداخلي لان لا تاثير لهذا الاغفال على صلاحية المحكمة الدستورية للبت في الفصول الاخرى للنطام الداخلي و البت في الدستورية و المطابقة.

ثالثا: - الوضع الشاذ لقرار المحكمة الدستورية:

ونحن امام قرار المحكمة الدستورية، ما مال النظام الداخلي نفاذه و نشره متوقف عليه اشتغال مرفق القضاء بشكل عام.
لا يحق للمجلس الاعلى للسلطة القضائية أن يدخل تعديلا و المطابقة لقرار المحكمة الدستورية لأن ولايته في الإعداد و العرض و الاحالة على المحكمة الدستورية قد انقضت بمرور اجل ثلاثة اشهر من تاريخ التنصيب من طرف جلالة الملك.

و قد يعض المجلس الاعلى الطرف عن هذه النقطة، و يعدل النظام الداخلي فيما سجلته المحكمة الدستورية، و يحق لهذه الاخير أن ترد النظام الداخلي بعدم القبول لانه ورد عليها خارج الاجل المقرر في القانون التنظيمي، و يكون عمل المجلس الاعلى اقبح من زلة.
و قد يذهب البعض من غير اساس الى القول بان قرار المحكمة الدستورية يؤدي الى فتح الاجل من جديد لمعاودة عرض النظام الداخلي عليه مما يتعارض مع القواعد الثالية:

-
أن مسالة الاجل و الاعداد و الاحالة حدد لها الدستور و القانون التنظيمي نقطة البدائة و تتمثل في ثلاثة اشهر من تاريخ التنصيب في الحالة الاولى، و أجل ثلاثين يوما من تاريخ الاحالة على المحكمة الدستورية،مما ينشأ بداية بداية الاجل و تمديده خارج ما قرره القانون التنظمي و الذي لا يتصور أن تبت المحكمة الدستورية إلا فيما قرر لها دستوريا و تنظيميا.

-
أن المحكمة الدستورية استنفذت ولايتها في النظر في القانون الداخلي و ان منكة الاحالة عليه من جديد لا يمكن تصورها بصدور قرارها و الامر بنشره في الجريدة الرسمية ، و الحال أن الذي ينشر في الجريدة الرسمية و الذي يتحصن من كل طعن القرار الذي صدر في مجال اختصاصها بالقول بالدستورية أو عدم الدستورية مما لا يتحصن معه هذا الطعن الاخير من الطعن

-
من الخطأ الاعتقاد أن نفاذ القوانين التنظيمية و القوانين العادية المحالة و القوانين الداخلية يتوقف نفادها على قرار صريح من المحكمة الدستورية، و إن غياب مثل هذا القرار الصريح مانع من تنفيذ القانون مما يجعل من المحكمة الدستورية مؤسسة فوق المؤسسات حين امتناعها البت أو إ صدار مثل هذا القرار موضوع التعليق.

إذ يفترض في جميع القوانين التنظيمية و القوانين الداخلية أنها موافقة للدستور و مطابقة للقانون، و أن إحالتها على المحكمة الدستورية من شانه أن يوقف الامر بتنفيدها الى حين البت فها في أجل شهر.

فلا شك أن الاحالة على المحكمة الدستورية موقف اجلها للتنفيذ، إذ بمرور أجل الشهر و لم تقم المحكمة بالبت استصحب الاصل ووقع صدور الامر بتنفيذ القانون أو النظام الداخلي المحال.

و بذالك، فإن بت المحكمة الدستورية بتعدر البت في القانون الداخلي و الحال انها ملزمة بالبت في جوهر النظام المحال و مرور أجل الشهر من تاريخ الاحالة ، يرتب الجزاء المقرر في الفصل 26 من القانون التنظيمي.

و نميل الى قرار المحكمة الدستورية بتعذر البت ينزل بمنزلة عدم البت داخل اجل الشهرو يصبح النظام الداخلي قابلا للتنفيذ
 



الاحد 6 غشت 2017
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter