MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




طرق الطعن في المادة التجارية

     

خليهنا فتوح
طالب باحث
ماستر القانون والمقاولة
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
جامعة الحسن الأول سطات



طرق الطعن في المادة التجارية
 
مقدمة

يصدر القضاء أحكاما عندما يفصل في النزاعات المعروضة عليه، وهو بذلك قد يصيب وقد يخطئ لأن القاضي بشر والبشر ليس معصوما عن الخطأ.
ثم إن أطراف النزاع أنفسهم قد يرتابون في حكم القاضي ولا يرتاحون إليه، لأن الشعور بالشك وبعدم الثقة هو شعور طبيعي لدى من ردت دعواه أو من حكم عليه.
يضاف إلى ذلك، أن الحكم الصادر في نزاع قد يمس حقوق أو مصالح شخص لم يكن طرفا في هذا النزاع، لهذه الاعتبارات كان لابد من فسح المجال للمضرور في أن يطعن في هذا الحكم أو يطلب إبطاله[[1]]url:#_ftn1 .
وإذا كان من حق الأطراف الطعن[[2]]url:#_ftn2 في القرارات القضائية تكريسا لحقوق الدفاع وتمكينا للأطراف من نقل النزاع إلى محكمة أعلى درجة، فإن المشرع لم يخرج عن هذا المبدأ في  القانون المحدث للمحاكم التجارية.
كما يلاحظ باستقراء المادة 19  في قانون إحداث المحاكم التجارية  أنها قررت الإحالة الصريحة تاركة بذلك لقضاة المحاكم التجارية هامشا واسعا من الحرية لإسقاط مقتضيات قانون المسطرة المدنية على الأحكام والقرارات التجارية. ولهذا نجد أن الأحكام القضائية لحد الآن تقتصر على التطبيق الضيق والدقيق لمقتضيات المسطرة المدنية. ولعل ذلك راجع بالأساس إلى صياغة المادة 19 من القانون المحدث للمحاكم التجارية[[3]]url:#_ftn3 التي نصت على ما يلي: «تطبق أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية نفس القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك».
تتحدد بذلك أهمية الموضوع من خلال معرفة الإجراءات والمساطر التي تمكن المتضرر من الحكم الصادر عن المحاكم التجارية  من الطعن دون تعريض طعنه لعدم القبول وكذا معرفة أنواع الطعون التي يمكن ممارستها في هذا الإطار، في ظل ازدواجية القواعد المطبقة على طرق الطعن  .
وبالتالي هل يمكن القول أن المشرع المغربي حافظ على نفس طرق الطعن ومساطره في المادة التجارية ؟  أم أعطاها خصوصية تميزها عن القواعد العامة؟
انطلاقا مما سبق، سنعمل على معالجة هذا الموضوع بتناول طرق الطعن العادية ، ثم بعد ذلك طرق الطعن غير العادية أو الاستثنائية.

المبحث الأول : طرق الطعن  العادية في المادة التجارية
المبحث الثاني : طرق الطعن الاستثنائية في المادة التجارية
 
المبحث الأول : طرق الطعن العادية في المادة التجارية

 تقسم طرق الطعن عادة إلى طرق عادية وأخرى غير عادية وتعرف الأولى بتلك التسمية لأنها لا تتطلب إجراءات استثنائية إذ بموجبها يمكن الطعن في الأحكام بناء على أي سبب سواء كان متعلقا بالواقع أم بالقانون، كما تسمى كذلك لأن القاضي الذي ينظر فيها لا يتمتع بسلطات إضافية عن تلك التي كان يتمتع بها القاضي المصدر للأحكام المطعون فيها[[4]]url:#_ftn4 . وهي في القانون المغربي التعرض والاستئناف.
وعليه ستنقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعالج التعرض في( مطلب أول) على أن نعالج الاستئناف في (مطلب ثاني).

المطلب الأول: الطعن بالتعرض

يعتبر التعرض[[5]]url:#_ftn5 طريقا من طرق الطعن العادية يمارسه المحكوم عليه ضد الحكم الصادر في حقه غيابيا أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، فهو لا يقبل إلا في مواجهة الأحكام الغيابية[[6]]url:#_ftn6 التي لا تقبل الاستئناف كما يقع ضد قرارات محاكم الاستئناف التي تصدر غيابيا، أي في حالة عدم جواب المستأنف عليه[[7]]url:#_ftn7 .
وعليه سنعالج هذا المطلب من خلال فقرتين سنعرض للطعن بالتعرض وفق القواعد العامة (فقرة أولى)، ثم سنعالج خصوصية هذه الطعن في الأحكام التجارية.

الفقرة الأولى: الطعن بالتعرض وفق القواعد العامة

يستلزم لقبول التعرض توفر شرطان أساسيان، يتمثل الأول في صدور حكم غيابي، بينما يظهر الثاني في عدم قابلية الحكم للاستئناف، فلا يقبل تبعا لذلك التعرض على كل حكم كان قابلا للاستئناف.
و التعـرض هو الطريق الذي يسلكـه الطاعن عندما يصدر الحكـم بحقه بالصورة الغيابية، وقد نص الفصل 130 من ق.م.م على أنه يجوز التعـرض على الأحكام الغيابيـة الصادرة عن المحكمة الابتدائية إذا لم تكن قابـلة للاستئناف.
هذا عن الأحكام الصـادرة عن المحاكم الابتدائية، أما فيما يتعلق بالأحكام الغيابية الصادرة عن محاكم الاستئناف والقابلة للتعـرض، فقد نص عليها المشرع في الفصل 352 من ق.م.م ومع أن القاعدة أن تخضع الأحكام الغيابيـة للتعرض، فإن المشرع أوجد بعض الاستثناءات على ذلك منها ما يقضي به الفصل 153 من ق.م.م في فقـرته الثالثة إذ لا يطعن في الأوامر الاستعجاليـة بالتعرض، ومنها كذلك ما ينص عليه الفصل 378 من نفس القانـون حيث لا يقبل التـعرض على القرارات الغيابية الصادرة عن محكمة النقـض[[8]]url:#_ftn8 .

أولا – مسـطرة التعـرض

طبقـا للفصل 131 من ق.م.م تبدأ باستدعاء المدعي الأصلي للحضـور بالجلسة طبقا للقواعد المنصوص عليها في الفصـول 31، 37، 38، 39 من ق.م.م.
كما ينص الفصل 130 من نفس القـانون بوجوب تنبيه الطرف في وثيـقة التبليغ إلى أن بانقضاء الأجل المذكـور يسقط حقه في التعـرض.
وعليه، يقـدم التعـرض في شكل مقال مكتـوب موقع عليـه من طرف المدعي أو وكيـله أو في صورة تصريح يدلي به المدعـي شخصيا أمام أحد أعوان كتابة الضبط الذي يحـرر به محضر يوقع عليه المدعي أو يشـار إلى إمكانيـة التوقيع[[9]]url:#_ftn9 .
وقد نص المشـرع المغربي على البيانات الإلزامية التي يجب أن يتضمنـها مقال التعـرض أو محضره وذلك من خلال الفصل 32 من ق.م.م[[10]]url:#_ftn10 .
كمـا أنه يجب أن يودع المقـال لدى كتابة الضبط التي أصـدرت الحكم الغيابي، ليتم تسجيله في سجل خاص حسب وصوله وتاريخـه، مع تبيان أسماء الأطراف وكذا تاريخ الاستدعاءات ثم يطبع عليه وعلى الأوراق التي تصاحبـه بطابع يشير إلى تاريخ وصوله.
ويبلغ التعرض إذ يوجـه بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط أو أحد المفوضين القضائييـن، أو عن طريق رسالة مضمونة بالبريد مع الإشعار بالتوصـل، أو بالطريقة الإدارية، ويسلم إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه، وينبغي أن يتم التسليم في غلاف مختـوم لا يحمل إلا الإسم الشخصي والعائلي وعنوان سكنى الطرف وتاريخ التبليغ متبوعا بتوقيـع العون وطابع المحكـمة.[[11]]url:#_ftn11
وكما أنه ممارسـة التعرض في المرحلة الاستئنافية يخضع لنفس قواعد الاستئناف مبدئيا باستثناء ما يتعلق بالرسوم القضائية وسلوك المسطرة الكتابية وفق مقتضيات الفصلين 141 و142 من ق.م.م.

ثانيــا – آثــار التعـرض

ينص الفصل 132 من ق.م.م على أنه " يوقف التعرض التنفيذ ما لم يؤمـر بغير ذلك في الحكم الغيابي، و في هذه الحالة فإذا قدم المحكوم عليه الطلب بإيقاف التنفيذ بتت غرفة المشورة مسبقا في طلب إيقاف التنفيذ المعجل طبقا لمقتضيات الفصل 147 ".
فأهـم أثر يتوقف على تقديم التعرض هو وقف تنفيذ الحكم الغيابي الصادر من المحكـمة التي فصلت في الموضوع، غير أنه وفقا للفصـل 147 من ق.م.م يمكن تنفيذ الحكـم إذا كان مشمولا بالتنفيذ المعجل، لكن مع ذلك يجوز إيقاف تنفيذ الحكـم الغيابي ولو كان مشمولا بالتنفيذ المعجل وذلك في حالة إذا تقدم المعني بالأمر ( المحكوم عليه ) وطلب إلى المحكمـة التي أصدرت الحكم يرمي من خلاله إلى إيقاف التنفيذ، إذ في هذه الحالة على غرفة المشـورة أن تبت في هذا الطلب طبقا لما يقتضيه الفصل 147 من ق.م.م.
وبالتالي عندمـا يحال المقال على المحكمـة فإن هذه الأخيرة تقوم باستدعاء الأطراف للمناقشـة والحكم في غرفة المشورة، حيث يمكن لهم أن يقدموا ملاحظـاتهم شفويا أو كتابيا، وما على المحكمة سوى أن تبت داخل أجل 30 يوما ويبقى لغرفة المشـورة إما أن ترفض الطلب أو أن تقرر إيقاف التنفيذ المعجل إلى أن يقع البت في الجـوهر.
كما يجوز لها أن تأمر بإيقاف التنفيذ المذكـور لمدة معينة أو تعليق متابعة التنفيذ كليا أو جزئيا على تقديم كفالة من طـالبه.
وإلى جانب الأثر الموقف للتعرض، ينتج عنه عـرض القضية ونشرها من جديد حيث يفتح التـعرض باب المناقشة أمام المحكمـة المقدم من جديد، لتنظر في طلب التعـرض قصد تلافي ما قد يلحق المحكوم عليه غيابيا من أثـر سلبي من جراء الحكم الغيابي الصادر ضده[[12]]url:#_ftn12 .

ثالثا: آجال التعرض

حدد المشرع أجل التعرض في عشرة أيام تحسب ابتداء من تاريخ التبليغ الحكم الغيابي إلى الخصم، تبليغا صحيحا وفق مقتضيات الفصل 54 من ق م. م، مع تنبيهه إلى أن انقضاء الأجل المذكور يسقط حقه في التعرض.[[13]]url:#_ftn13
وتجدر الإشارة أن أجال التعرض هنا آجال كامل لا يدخل في حسابه اليوم الأول واليوم الأخير وإذا كان اليوم الأخير يوم عطلة. امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده.[[14]]url:#_ftn14
قد يطرح إشكال بخصوص تحديد المسافات المنصوص عليها في الفصلين 40 و41[[15]]url:#_ftn15 من قانون المسطرة المدنية.
 وفي نظرنا فإنه بالرغم من أن الأخذ بمهل المسافات لا يتماشى مع المادة التجارية التي تقتضي السرعة وتفادي البطء في الإنجاز، فإن مع ذلك تطبق قواعد قانون المسطرة المدنية استنادا لنص المادة 19 من القانون المحدث للمحاكم التجارية التي ينص فقرتها الثانية على تطبيق القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية ما لم تنص على خلاف ذلك.

الفقرة الثانية : خصوصية الطعن بالتعرض في المادة التجارية

أولا: الطعن بالتعرض في مساطر صعوبات المقاولة

بالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 130 من ق.م.م، يتضح لنا أن الأحكام التي تقبل التعرض، هي الأحكام الصادرة غيابيا، شرط أن تكون غير قابلة للاستئناف[[16]]url:#_ftn16 .
والحكم الغيابي هو الحكم الذي يصدر عن المدعى عليه الذي لم يحضر رغم استدعائه وفقا للفصول : 37، 38 و 39 من ق.م.م، مع التنبيه أن المشرع استثنى في الفقرة الرابعة من الفصل 47 المدعى عليه الذي توصل بالاستدعاء بنفسه، وكان الحكم قابلا للاستئناف حيث جعل الحكم بمثابة حضوري.
وهكذا، فإنه لا يجوز الطعن بالتعرض في الأحكام والأوامر القضائية الصادرة في إطار مساطر المعالجة القضائية، سواء القاضية بفتح المسطرة أو تلك الصادرة أثناء سريان المسطرة، بحسب ما يقرره المشرع لكل حكم أو أمر قضائي، إلا إذا كانت غيابية تجاه أطراف الدعوى إذا لم تكن قابلة للاستئناف ( الفصل 130 ق.م.م ).
إلا أنه وبالرجوع لمقتضيات المادة 730 من م.ت[[17]]url:#_ftn17 ، فإن الأحكام الغيابية الصادرة في مادة التسوية القضائية تقبل التعرض ولو أن المقررات والأحكام الصادرة في هذه المادة تقبل الاستئناف.
ويرى عبد الكريم عباد[[18]]url:#_ftn18 أن هذه المادة المذكورة، والتي استند عليها الأستاذ  شكري السباعي[[19]]url:#_ftn19 للقول بإمكانية التعرض على الحكم الغيابي الصادر في مادة التسوية القضائية ولو كان قابلا للاستئناف، تتعارض والمبادئ العامة للطعن، والتي من بينها عدم اجتماع طريقين عاديين للطعن لهما نفس الخصائص والآثار، وهما التعرض والاستئناف، الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة أمد النزاع وانشغال القضاة بنفس الملفات لمدة طويلة، وهو ما يتعارض مع تبسيط واختصار إجراءات الطعن في مادة التسوية القضائية، لضمان استقرار الأحكام الصادرة في إطار هذه المادة، كما أن وصف الحكم بالغيابي يكون بالنظر إلى وضعية المدين في المسطرة، هل هو مدعي أم مدعى عليه، لذلك فهو لا يستفيد من الطعن بالتعرض إلا إذا كان مدعى عليه، بحكم أن المدعي يعتبر دائما حاضرا بمقاله الافتتاحي[[20]]url:#_ftn20 .
ويرى هذا الجانب، بعدم جدوى إدراج هذه الطريقة من طرق الطعن في الأحكام والقرارات الصادرة في مادة صعوبات المقاولة، وذلك بالنظر إلى أن هذا الطريق يمارس في إطار ضيق وهو إطار الأحكام الانتهائية ( أي غير قابلة للاستئناف )، مع العلم أن المشرع المغربي لم يبين في قانون معالجة صعوبات المقاولة ما إذا كانت هناك أحكام انتهائية لا تقبل الاستئناف في مادة معالجة صعوبات المقاولة، وهذا يعني انعدام وجود الحكم الانتهائي الصادر في إطار هذه المادة، إلا على مستوى قرارات محكمة الاستئناف التجارية، لذلك فهي لا تشكل المجال الوحيد لممارسته الطعن بالتعرض إذا صدرت غيابية[[21]]url:#_ftn21 .
لكن المشرع المغربي يتجه إلى حذف طريق الطعن بالتعرض في مادة صعوبات المقاولة من خلال ما نصت عليه المادة 729 من مشروع تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة : " يتم تعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد القرارات الصادرة بشأن التسوية أو التصفية القضائية وسقوط الأهلية التجارية بمقال لدى كتابة ضبط المحكمة داخل أجل عشرة أيام ابتداء من تاريخ النطق بالمقرر القضائي أو نشره في الجريدة الرسمية إذا كان من اللازم إجراء هذا النشر ".

ثانيا: الطعن بالتعرض في المادة 113 من مدونة التجارة

من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 113 من مدونة التجارة :"...يصدر الحكم خلال الخمسة عشر يوما التي تلي أول جلسة، و يكون هذا الحكم غير قابل للتعرض و مشمولا بالنفاذ على الأصل. و يكون لاستئناف الحكم أثر موقف، و يجب أن يقع خلال خمسة عشر يوما من تبليغ الحكم. و يصدر قرار محكمة الاستئناف خلال الثلاثين يوما، و يكون قرارها قابلا للتنفيذ على الأصل."، يتضح أن المشرع حرم الطرف الذي صدر الحكم في غيابه من سلوك مسطرة التعرض ضد هذا الحكم .
باعتبار الطعن بالتعرض من شأنه تأخير إجراءات بيع الأصل التجاري وبالتالي ضياع حقوق الدائنين نتيجة اندثار عناصر الأصل التجاري ،الشئ الذي سيحول دون تحقيق الغرض من مسطرة البيع القضائي للأصل التجاري،كما أن المشرع المغربي من خلال الفقرة السابقة جعل الاستئناف موقفا للنفاذ ،باعتبار الاستئناف لا يوقف تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل إلا إذا طلب من المحكمة إيقاف التنفيذ ورأت في ذلك جدية.
 
 
المطلب الثاني :الطعن بالاستئناف.

يعتبر الاستئناف طريقا من طرق الطعن العادي يقدمه الخصم الذي خسر دعواه كلا أو جزءا إلى محكمة أعلى من المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ابتغاء تدقيق النزاع ثانية والحكم فيه من جديد على نحو يصحح معه الخطأ الذي تضرر منه الفريق الطاعن[[22]]url:#_ftn22 .
نظـم المشرع المغربـي الاستئنـاف في الفصول من 134 إلى 146 من ق.م.م حيث تعتبر هذه الفصـول القواعد العامة للاستئناف، أي في انعدام وجود نص قانوني في قانون رقم 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجاريـة ( الذي تعتبر مواده قواعد خاصـة تطبق على الدعاوى التجاريـة المعروضة على المحاكم التجارية )، فإنه يتم الرجـوع إليها.

الفقرة الأولى : الطعن بالاستئناف وفق القواعد العامة

تكون جميـع الأحكام الصادرة عن المحكـمة التجارية قابلة للاستئناف وذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 134 من ق.م.م[[23]]url:#_ftn23 ، وبالتالـي فإن كل الدعاوى التي لا تنظـر فيها المحاكـم التجارية ( الدرجة الأولى ) لا يمكن أن تنظر فيها محـاكم الاستئناف التجارية، ومن قبيل هذه الدعاوى كل دعـوى تكون مجموع الطلبات الأصلية فيها لا تتجاوز 20000 درهم بغض النظر عن الطلبات المقابلة وطلبات المقاصـة ( المادة 6 من قانون إحداث المحاكم التجاريـة )[[24]]url:#_ftn24 ، وبالتالي وإن كان الاختصاص المكاني والنوعـي ينعقد للمحكمة التجارية فإنه لا تنظـر في الدعوى بموجب عدم اختصاصها القيمي.
وينقسـم الاستئنـاف إلى نوعين، استئنـاف أصلي واستئنـاف فرعي :
فالاستئنـاف الأصلي هو الذي يسلكه المحكـوم عليه في المرحلة الابتدائية ( المحكوم ضده )، أما الاستئنـاف الفرعي فهو الذي يمارسه المستأنف عليه الذي حكم لفائدته ابتدائيـا إذا كان هذا الحكم قد أعطاه جزءا من مطالبه فقط، وبالتالي لا يمكن استعمال الاستئناف الفرعـي إلا إذا تقدم الطرف الآخر في الدعوى.
وقد عرفت محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) الاستئنـاف الفرعي من خلال قرار صادر عنه بتاريخ 20/2/1985 حيث جاء فيه " إنه الاستئنـاف الذي يكون ناتجا عن الاستئنـاف الأصلي وردا عليه وهو لا يتناول موضوع النزاع برمته، وإنما يقتصر على بقية الطلبات التي وقع إغفالهـا ورفضها ابتدائيا "[[25]]url:#_ftn25 .
ومن خلال استقراء الفصل 135 من ق.م.م الذي ينص على أنه " يحق للمستأنف عليه رفع استئناف فرعي في كل الأحوال و لو كان قد طلب دون تحفظ تبليغ الحكم و يكون كـل استئناف نتج عن الاستئناف الأصلي مقبولا في جميع الأحوال غير أنه لا يمكن في أي حالة أن يكون سببا في تأخير الفصل فـي الاستئناف الأصلي " يتبيـن بأنه لقبول الاستئـناف الفرعي يستلزم توفر مجموعة من الشروط نوردها كالتالي :
- أن يكون هناك استئـناف أصلي صحيح، لأن بطلان أو سقوط الاستئـناف الأصلي سيؤدي لبطلان أو سقوط الاستئناف الفرعي، لأن هذا الأخيـر ينبني على الأول.
- يجب رفع الاستئـناف الفرعي من قبل المستأنف عليه، غير أنه قد يتم قبول الاستئـناف الفرعي من قبل غير المستأنف عليه في حالة تضامن المحكـوم لهم وعدم قبول النزاع للتجـزئة.
- يجب رفع الاستئـناف الفرعي قبل قفـل باب المناقشة حتى لا يكون سببا في تأخير الفصل في الاستئـناف الأصلي.
- يرفع الاستئـناف الفرعي في مواجهـة المستأنف الأصلي ولا يرفع ضد الخصوم الآخرين إلا إذا كان هناك تضامـن بينهم وبين المستأنف الأصلي.

أولا – مســطرة الاستئـناف

يقدم الاستئـناف في شكل مقـال مكتوب أمام كتابة ضبط المحكـمة التجارية التي أصدرت الحكم المطعـون فيه.
ويتعين أن يتضمن المقال الاستئـنافي الذي يجب أن يوقعه محام مسجل في هيئة من هيئات المحامين بالمغـرب مجموعة من البيانات الإلزامية المتعلقة بأطراف النزاع وكذلك موضـوع الطلب والوقائع والوسائل المثارة، وترفق المستندات التي يريد الطالب استعمالها بالمقـال ( الفقرة الأولى من الفصل 142 من ق.م.م ).
ويتم تقييد القضـايا في سجل معد لهذا الغرض ويسلم كاتب الضبط للمستأنف وصلا يثبت فيه اسم المستأنف وتاريخ إيداع المقال ورقمـه بالسجل وعدد المستندات المرفقة ونوعها ( الفقرة الثانية من المادة 13 من ق.إ.م.ت ).
وفي حالة تعدد الأطراف المسـتأنف عليهم، وجب إرفاق المقال بعدد النسخ الكافية والمطابقة لعدد هؤلاء.
ويتوجب على المستأنف أن يرفق مقاله بنسخة من الحكم المطعـون فيه، غير أن المشرع لم يرتب على عدم القيام بذلك أي جزاء، بل ألزم كتابـة ضبط محكمة الاستئناف التجارية أن تطلبها من المحكمة التجارية.
فبعد إيداع المقال الاستئـنافي وتوصل محكمة الاستئـناف التجارية به، يعين رئيس محكمة الاستئـناف التجارية مستشارا مقررا يحيـل إليه الملف خلال 24 ساعة وذلك ما قررته المادة 19 من قانون إحداث المحاكم التجـارية التي تحيل على المادة 14 منه.
ثم سيدعى المستـشار المقرر الأطراف لأقرب جلسة يحدد تاريخها عن طريق توجيه الاستدعاء بواسطة عون قضائي ما لم تقرر المحكمة توجيه الاستدعاء بالطرق المنصوص عليها في الفصول 37، 38، 39 من ق.م.م، أي عن طريق أحد أعوان كتابة الضبط عن طريق رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصـل، أو بالطريقة الإدارية.
كما أن المشرع قد منع تقديـم طلبات جديدة أمام محكمة الاستئـناف التجارية ذلك من شأنه أن يفوت على الخصم درجة من درجـات التقاضي.
لكن مع ذلك فقد استثنى المشرع بعض الطلبات التي تنظر فيها المحاكم التجارية وهي التي أوردها المشـرع في الفصل 143 من ق.م.م في :
- طلب المقاصة، والدفاع عن الطلب الأصلي؛
- طلب الفوائد المستحقـة منذ صدور الحكم المستأنف؛
- طلب تعويـض الأضرار الناتجـة بعد صدور الحكم المسـتأنف؛
- طلب تعديـل السبب الذي بني عليه الطلب الأصـلي.

ثانيــا – آثــار الاستئنـاف

يرتب الاستئنـاف أثرين يتمثلان في أنه ينقل النـزاع من المحكمة التجارية إلى محكمة الاستئنـاف التجارية وأنه يوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه :

أ) الأثر الناقــل للاستئنـاف :

يعني هذا الأثـر نقل كل عناصر الدعوى من بين أيدي المحكمـة التجارية إلى بين يدي محكمة الاستئنـاف التجارية، وبالتالي فتصبح هذه الأخيرة المختصة بالنظـر في الدعوى، حيث يتم نشر الدعوى من جديد أمامـها، وبالتالي فإن هيئة المستشارين التي يُـعهد إليها بالنظر في الدعوى التي تم استئنافها لهم صلاحيات القيام بكل إجراءات البحث والتحقيق في النزاع، لكن هذه الصلاحية ليست مطلقة بل مقيدة بالنقـط التي سبقـت للمحكمـة التجارية الفصل فيها والمدرجـة في المقال الافتتاحي للدعوى باستثناء ما ورد فيه نص خاص ( الفصلين 143 و 144 من ق.م.م ).
فنظر محكمة الاستـئناف التجارية في الدعوى لا يمكن أن ينتهي إلا بقرار يقضـي إما بتأييد أو إلغاء الحكم المستأنف كليا أو جزئيـا، إذا تم قبول استئناف الحكم شكلا ( أي إذا استوفى المقال الافتتاحي كل الشروط الشـكلية ).

ب) الأثـر الموقف للاستئنـاف :

إن الاستئـناف المقدم بصورة قانونـية يؤدي إلى وقف تنفيذ الحـكم الابتدائي المطعون فيه، وهذه مسألة بديهية لأن طرق الطعـن العادية توقف التنفيذ[[26]]url:#_ftn26 ، غير أن الاستئـناف لا يوقف تنفيذ الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة التجاريـة ( المادة 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية ).
ومنطلق سريان هذا الأثـر هو منذ إيداع المقال الاستئنافي بكتابة ضبط محكمة الاستئـناف التجارية سواء تعلق الأمر بحكم تمهيدي أو حكم فاصل في الموضوع.
 
الفقرة الثانية : خصوصية الطعن بالاستئناف في المادة التجارية

أولا : أجل الطعن بالاستئناف لدى المحاكم التجارية

يتعين تقديم الاستئـناف داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكـم، وفي ذلك خروج عن القواعد العامة التي يتحدد أجل الاستئناف بها في 30 يوما، وفي ذلك مراعاة لخصوصية المادة التجارية والسرعة التي تعتبر سمة من سماتها.كما يقدم الاستئناف وفقا للإجراءات المنصوص عليها في الفصل 134 وما يليه إلى الفصل 141 من ق.م.م، هذا بالإضافة إلى الأوامر الاستعجالية والأوامر المبنية على طلب، غير أنه إذا تعلق الاستئـناف بعدم الاختصاص فإن أجله محدد في 10 أيام من تاريـخ التبليغ وفق المادة 8 من قانون إحداث المحاكم التجـارية.
 كما وضعت مدونة التجارة أجلا جديدا للاستئناف الأحكام الصادرة في موضوع صعوبات المقاولة يجري على سائر الأطراف، والذي حدد في 10 أيام .
إلا أن بداية انطلاق حساب هذا الأجل يختلف باختلاف الأطراف على الشكل التالي.
يبدأ حساب الأجل بالنسبة لرئيس المقاولة والدائن والنيابة العامة من تاريخ تبليغ المقرر القضائي ما لم يوجد مقتضى مخالف لذلك في هذا القانون.
 أما بالنسبة للسنديك وحده، فيجري الأجل في مواجهته ابتداء من تاريخ النطق بالمقرر أو الحكم القضائي[[27]]url:#_ftn27 .

ثانيا : خصوصية الطعن بالاستئناف في مساطر صعوبات المقاولة

يلاحظ أن المشرع المغربي من خلال المادة 730 من مدونة التجارة أفرد للطعن بالاستئناف في مادة صعوبات المقاولة مقتضيات خاصة؛ والتي هي في الواقع مظهر جديد في مادة طرق الطعن التجارية غايتها الإسراع بالمسطرة وتجاوز شكليات المسطرة المدنية وعرقلتها. فالاستئناف في إطار صعوبات المقاولة يتم بتصريح فقط وهو لا يحتاج إلى الشكليات المنصوص عليها في المادتين 131 و132 من قانون المسطرة المدنية. والسند في ذلك أن المشرع لم يحدد أي شكل لهذا التصريح. وما انتهى إليه العمل القضائي الفرنسي في ذات الصدد هو أنه يمكن قبول التصريح بالاستئناف بواسطة البريد المضمون[[28]]url:#_ftn28 . غير أن مشروع تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة استعاض عن التصريح  بمقال .
ويمكن الطعن بالاستئناف ضد الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية من طرف كل من المدين والدائن أما النيابة العامة حسب رأي الأستاذ عبد الرحيم السليماني[[29]]url:#_ftn29 فلا أحقية لها في الطعن بالاستئناف لعدم وجود نص صريح يخولها هذا الحق ما لم تكن طرفا رئيسيا في الدعوى. ذلك أنه بالرجوع إلى المواد من 728 إلى 731 من مدونة التجارة يتضح أن المشرع لم يحتفظ للنيابة العامة بأي مقتضى يسمح لها بممارسة الطعن تاركا بذلك الباب مفتوحا لتطبيق المقتضيات العامة أي المواد من 6 إلى 10 من قانون المسطرة المدنية.
وفي هذا الاتجاه ذهبت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش[[30]]url:#_ftn30 . حيث جاء في إحدى قراراتها ما يلي: «حيث استأنفت النيابة العامة لدى المحكمة التجارية بمراكش بموجب تصريح لها بتاريخ 1/6/2000 الحكم الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ 20/04/2000 تحت عدد 2000/2 في ملف التسوية القضائية عدد 198 بعد أن اعتبرت نفسها طرفا أصليا في مساطر صعوبات المقاولة سواء كانت هي التي طالبت بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية أم لا، لارتباط هذه المساطر بالنظام العام الاقتصادي»
«لكن حيث إن اكتساب النيابة العامة صفة طرف رئيسي في الدعوى أمر يحدده القانون لأن النيابة العامة تكون استثناءا طرفا رئيسيا أمام القضاء المدني والتجاري في الحالة التي يعطيها القانون بموجب نص صريح الحق في ممارسة الدعوى بصفة رئيسية كمدعية أو مدعى عليها. وحيث إن المشرع وإن كان قد أعطى للنيابة العامة الحق في طلب فتح المسطرة حسبما هو منصوص عليه في الفصل 563 من مدونة التجارة، فإن النيابة العامة في نازلة الحال لم تكن هي التي حركت المسطرة...وحيث إن من المبادئ المستقرة فقها وقضاء أن الطعن بالاستئناف لا يقبل إلا ممن كان طرفا في الدعوى مباشرة أو بواسطة خلال المرحلة الابتدائية (قرار المجلس الأعلى عدد 62/833 الصادر بتاريخ 2 يوليوز 1962 في الملف عدد 8022 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 56/55)، وحيث إنه واستنادا على المبدأ أعلاه ولتكون النيابة العامة محقة في الطعن بالاستئناف يتعين أن تكون قد مارست الدعوى كمدعية أو مدعى عليها أو أن يكون النص القانوني يعتبرها طرفا رئيسيا، وإنه بالرجوع إلى مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتضمن للنصوص القانونية المنظمة لصعوبات المقاولة لا نجد فيه أي مقتضيات استثنائية بخصوص وضعية النيابة العامة بحيث لم يعطها أية صلاحيات لممارسة حق الطعن بالاستئناف عكس المشرع الفرنسي الذي خول لها الحق بموجب المادة 171 من قانون 25 يناير 1985 كما تم تعديله بقانون 10 يوليوز 1994 والذي جاء فيه أن الحكم القاضي بفتح المسطرة يقبل الطعن بالاستئناف، من طرف كل من المدين والدائن والنيابة العامة ولو لم تكن طرفا رئيسيا، وبالتالي فإن القياس على ما يجري به العمل بالنسبة للقضاء الفرنسي لا يستند على أساس لوجود نص صريح بالتشريع الفرنسي ولكون طرق الطعن محددة من طرف المشرع ولا يمارسها إلا من خول له القانون هذا الحق وفي الآجال والحالات المقررة بموجب النص ولا يمكن التوسع فيها أو الاتفاق على مخالفتها.
وحيث إنه وأمام انعدام أي نص قانوني بمدونة التجارة يخول للنيابة العامة صفة الطرف الرئيسي في كل القضايا المتعلقة بمساطر صعوبات المقاولة فإنه يتعين الرجوع إلى قانون المسطرة المدنية استنادا على مقتضيات الفصل 19 من قانون إحداث المحاكم التجارية الذي نص في الفقرة الأخيرة منه على تطبيق القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك أمام كل من المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية، وإنه بموجب الإحالة المذكورة وبالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية فإن الموضوع تنظمه الفصول 6 و7 و8.»
«وحيث إن النصوص المذكورة لا يوجد ما يخالفها بمدونة التجارة وقانون إحداث المحاكم التجارية وتكون بذلك هي الواجبة التطبيق وبالرجوع إليه يتأكد أنها تقرر مبدأين واضحين هو أن اكتساب النيابة العامة صفة طرف رئيسي في دعوى معينة هو أمر يحدده القانون وبموجب نصوص خاصة تتيح لها إمكانية مباشرة الدعوى كمدعية أو كمدعى عليها ويكون من حقها أن تؤطر الدعوى وتحدد طلباتها وتدلي بالحجج ويكون لها حق الطعن عدا التعرض إذ صدر الحكم ضد طلباتها والمبدأ الثاني هو أن النيابة العامة لما تكون طرفا منضما لا يحق لها أن تستعمل أي طريق من طرق الطعن[[31]]url:#_ftn31 ولا تكون خصما لأحد وإنما تتدخل لتبدي رأيها لمصلحة القانون والعدالة ورأيها يعتبر كفتوى لهل قيمة أدبية في نظر المحكمة لأنها تبدي وجهة نظرها بشكل حيادي وبما تراه حقا وعدلا وهذا ما فعلته النيابة العامة في النازلة أثناء المرحلة الابتدائية.»
«وحيث إنه وما دامت النيابة العامة قد تدخلت في المسطرة من تلقاء نفسها في نطاق السلطة التي خولها لها القانون بموجب الفصل الثامن من قانون المسطرة المدنية فإنها تعتبر طرفا منضما وبالتالي لا يحق لها ممارسة أي طعن مما يتعين معه التصريح بعدم قبول استئنافها».
عكس اتجاه الأستاذ عبد الرحيم السليماني ومحكمة الاستئناف التجارية بمراكش نجد الأستاذ شكري السباعي[[32]]url:#_ftn32 يعطي إمكانية للنيابة للطعن بالاستئناف ولو لم تكن طرفا رئيسيا في الدعوى لأن المشرع في المساطر الجماعية يوكل إلى النيابة العامة حق تحريك هذه المساطر ومراقبتها والإشراف على سير إجراءاتها من فتحها إلى اختتامها.
يبدو أن الاتجاه الأول الذي يمثله الأستاذ عبد الرحيم السليماني ومحكمة الاستئناف التجارية بمراكش هي الرأي الأقرب للصواب والمستند إلى أساس قانوني وهو الذي نتمنى أن تسير عليه باقي المحاكم التجارية المغربية.  
 
المبحث الثاني – طرق الطعن الغير العادية في المادة التجارية

تعتبر طرق الطعن غير العادية. تلك التي تتطلب إجراءات استثنائية وسلطات إضافية. فهي توجه ضد الأحكام الحائزة لحجية الشيء المقضي به، التي لم يعد بالإمكان الطعن فيها بالطرق العادية وهي في القانون المغربي تعرض الغير الخارج عن الخصومة والنقض وإعادة النظر[[33]]url:#_ftn33 ، وعليه سنتناول هذه الطرق بالتحليل تباعا ، من خلال تخصيص (المطلب الأول) للطعن تعرض الغير الخارج عن الخصومة والطعن بإعادة النظر ثم الحديث عن الطعن بالنقض في (مطلب ثاني).

المطلب الأول: الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة والطعن بإعادة النظر

يجب على الطاعن بطريق غير عادي أن يبني طعنه على سبب من الأسباب التي نص عليها القانون، ومن طرق الطعن غير العادية التي يمكن للطاعن أن يسلكها هي تعرض الغير الخارج عن الخصومة ( فقرة أولى ) والطعن بإعادة النظر             ( فقرة ثانية ) .

الفقرة الأولى : الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة

أولا:الأحكام القابلة لتعرض الغير الخارج عن الخصومة وإجراءاته

إن تعرض الغير الخارج عن الخصومة هو طعن غير عادي في الأحكام القضائية وضعه المشرع لفائدة من تضرر من حكم قضائي لم يستدعي له شخصيا ولا بواسطة من ينوب عنه.
القاعد العامة أن جميع الأحكام الفاصلة في نزاع قابلة لتعرض الغير الخارج عن الخصومة ، إذا مست بمصالح المتعرض.
ويشترط لقبول تعرض الخارج عن الخصومة توافر ثلاثة شروط:
  • أن يكون المتعرض من الغير[[34]]url:#_ftn34 ، بحيث لا يكون طرفا في الدعوى التي انتهت بالحكم المتعرض عليه، لا هو شخصيا ولا بواسطة من ينوب عنه ولم يتدخل في الدعوى اختياريا ولا أدخل فيها من طرف الغير.
  • أن يضر الحكم المتعرض عليه بحقوقه، إذ المصلحة شرط لقبول الدعوى فلا دعوى بدون مصلحة.
  • أن يكون الضرر غير مشروع.
ويستثنى من ممارسة طريق الطعن هذا الورثة والدائنون والمشتري .  من الملاحظ أن المشرع المغربي لم يضع أجلا لهذا الطعن ،إلا أنه يجب تقديمه بمقال تراعى فيه بيانات المقال الافتتاحي للدعوى ،بالإضافة إلى شرط خاص يجب توفره لقبول هذا الطعن ،حيث يجب تحت طائلة عدم القبول أن يضع المتعرض مبلغا يساوي الحد الأدنى للغرامة التي يحكم بها عليه في حالة عدم قبول طلبه.[[35]]url:#_ftn35
كما أن الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة لا يرتب أي أثر موقف للتنفيذ، مالم تقرر المحكمة خلاف ذلك .

ثانيا : خصوصية الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة

وضع المشرع المغربي أجلا خاصا لتعرض الغير الخارج عن الخصومة في  مساطر صعوبات المقاولة، حيث حسب المادة 729 من م ت فتعرض الغير الخارج عن الخصومة يجب أن يقع داخل أجل عشرة أيام ،تبتدئ من تاريخ النطق بالمقرر أو الحكم القضائي ، أومن تاريخ نشر الحكم في الجريد الرسمية إذا كان من اللازم إجراء هذا النشر .
بخلاف القواعد العامة التي لم يضع من خلالها المشرع أي أجل لممارسة هذا الطعن ،وذلك راجع إلى ضرورة التعجيل بالنظر في مختلف الطعون الممكنة في مادة صعوبات المقاولة ،نظرا لما تقتضيه هذه المساطر من سرعة في الإنقاذ دون بطئ يحول دون المراد.
تجدر الإشارة أن أجل التعرض هنا أجل كامل لا يدخل في حسابه اليوم الأول واليوم الأخير وإذا كان اليوم الأخير يوم عطلة. امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده[[36]]url:#_ftn36 .

  الفقرة الثانية : الطعن بإعادة النظر

أولا:الطعن بإعادة النظر وفق القواعد العامة

تناول المشرع المغربي الطعن بإعادة النظر في الفصول من 402 إلى 407 من ق م م فهو الطعن الذي يقدمه أحد الخصوم للوصول إلى إلغاء الحكم القضائي الذي لم يعد قابلا للطعن فيه بأحد الطرق العادية للطعن ،ويوجه إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه .

 أ- الأحكام القابلة للطعن بإعادة النظر

إن الأحكام التي تقبل هذا النوع من الطعون وفق القواعد العامة تتمثل أساسا في تلك التي لا تقبل الطعن بالتعرض أو الاستئناف ، ويكون الحكم غير قابل للطعن بالتعرض إذا صدر حضوريا ، وغير قابل للاستئناف إذا صدر انتهائيا، وهكذا فإنه لا يجوز ممارسة هذا الطعن إلا بعد استنفاذ التعرض والاستئناف .

 ب- إجراءات الطعن بإعادة النظر

يشترط في طالب إعادة النظر توفره على  شروط الإدعاء عموما، إذ يتحقق فيه مثلا شرط الصفة إذا كان طرفا في الدعوى بنفسه أو بواسطة من يمثله .
ويجب أن يوجه الطعن بإعادة النظر ضد الشخص الذي كان طرفا في الدعوى التي صد الحكم المطعون فيه ، على أان يرتكز على أحد الأسباب المنصوص عليها قانونا وهي :
_ إذا بتت المحكمة فيما لم يطلب منها أو حكمت بأكثر مما طلب منها أو إذا أغفلت البت في أحد الطلبات .
_ وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى .
_ إذا بني الحكم على مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور الحكم .
_ إذا وجد تناقض بين أجزاء الحكم .
_ إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف و استنادا لنفس الوسائل بحكمين انتهائيين ومتناقضين وذلك لعلة عدم الإطلاع على حكم أو لخطأ واقعي .
_ إذا لم يقع الدفاع بصفة صريحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين

ثانيا: خصوصية الطعن بإعادة النظر في المادة التجارية

شملت نظرية الطعن في مدونة التجارة  سائر طرقه ما عدا إعادة النظر، الأمر الذي فرض هنا التساؤل أيضا حول ما إذا كان التعداد الوارد في المواد 729 و730 و731 من مدونة التجارة جاء على سبيل الحصر أم على سبيل المثال؟
ولا يمكن حل هذه المشكلة إلا باختيار موقف من اثنين؟
حيث ذهب موقف أول إلى القول بأن التعداد على سبيل المثال والقياس. وبمعنى آخر، سلم بإضافة إعادة النظر إلى التعرض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة والاستئناف والنقض، معتبرا سكوت نصوص مدونة التجارة عن إعادة النظر إحالة على المواد 402 إلى 410 من قانون المسطرة المدنية خصوصا وأن المادة 19 من القانون المحدث بموجبه المحاكم التجارية تقضي بأنه: تطبق القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية ما لم ينص على خلاف ذلك، وان هذا الاستثناء هو ما لا نجده في مدونة التجارة أو قانون المحاكم التجارية. مما تبقى معه إمكانية الطعن بإعادة النظر في المقررات الصادرة في مادة صعوبات المقاولة.
أما الموقف الثاني فهو الرأي الذي جعل التعداد حصريا، فلو لم يرد المشرع استبعاد إعادة النظر في مجال مساطر المعالجة لذكرها إلى جانب طرق الطعن الأخرى العادية وغير العادية (التعرض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة والاستئناف والنقض). وهو الرأي الذي يؤيده الأستاذ شكري السباعي[[37]]url:#_ftn37 .
بالترجيح بين الرأيين أعلاه، حسم المشرع المغربي، حيث استثنى الطعن عن طريق إعادة النظر في الأحكام و الأوامر و المقرارات الصادرة في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، و ذلك من خلال الفقرة الثانية من المادة 731 من المشروع الجديد المعدل للكتاب الخامس من مدونة التجارة.

المطلب الثاني :الطعن بالنقض

إن الطعن بالنقض طريق استثنائي يوجه ضد الأحكام الانتهائية سواء كانت صادرة عن المحاكم الابتدائية في حدود اختصاصها الإنتهائي ،أم الصادرة عن محكمة الاستئناف كمرجع استئنافي أو في الحالات التي خولها القانون البت في بعض القضايا انتهائيا، وذلك بهدف الكشف عن مدى موافقتها شكلا وموضوعا للقانون . حيث سنتناول الأحكام القابلة للطعن بالنقض وإجراءاته (فقرة أولى) ثم آثاره و أجله (فقرة ثانية) .

الفقرة الأولى : الأحكام القابلة للطعن بالنقض و إجراءاته

      الأصل أن الطعن بالنقض في الحكم لا يقصد به إعادة طرح النزاع أمام محكمة النقض للفصل فيه من جديد وإنما تقتصر سلطتها على على مجرد تقرير المبادئ القانونية السليمة في النزاع المعروض عليها دون تطبيقها عليه ودون الفصل فيه، حيث سنتناول الأحكام القابلة للنقض ( أولا) ثم إجراءت النقض ( ثانيا).

أولا: الأحكام القابلة للطعن بالنقض

بما أن الطعن بالنقض يرمي إلى مراقبة صحة الحكم ، فإنه يجب أن ينبني عل أحد الأسباب القانونية التي الواردة على سبيل الحصر في الفصل 359 من ق م.م وهي :
  • خرق القانون الداخلي
  • خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف
  • عدم الاختصاص
  • الشطط في استعمال السلطة
  • عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل.
ويجب أن تكون طلبات نقض الأحكام المعروضة على محكمة النقض مبنية على احد الأسباب التالية (المادة 359 من قانون المسطرة المدنية):
1 – خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد الأطراف.
2 – عدم الاختصاص.
3 – عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل.
هكذا نجد محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)[[38]]url:#_ftn38 جاء في احد قراراتها بأنه «لما كان مقال النقض الذي تقدم به الأستاذ (...) نيابة عن (...) والرامي لطلب نقض القرار الصادر عن المحكمة الاستئنافية التجارية بالبيضاء وجهه الطالب ضد من له الحق والصفة دون بيان المقصود من ذاك هل هي النيابة العامة أم السنديك أم القاضي المنتدب أم كتلة الدائنين أم غير ذلك. باعتبار أن لمسطرة التصفية القضائية أطرافا متعددين. كما لم يبين اسم الطرف المطلوب العائلي والشخصي وموطنه الحقيقي في الحالات التي تقتضي ذلك البيان. فإن ذلك يشكل إخلالا بمقتضيات الفصل 355 من قانون المسطرة المدنية ويعرض مقال النقض لعدم القبول»
وتكون جلسات محكمة النقض علنية عدا إذا قررت سريتها، ويجب الاستماع إلى النيابة العامة في جميع القضايا[[39]]url:#_ftn39 ولا تقبل القرارات الغيابية التي تصدرها محكمة النقض التعرض (المادة 378 من قانون المسطرة المدنية).
ويلاحظ أن المشرع حرم محكمة النقض من حق التصدي الذي كان يهيمن على قانون المسطرة المدنية ل 28 شتنبر 1974، والذي نعتبره جوهر الاجتهاد القار والبت في نوازل عناصرها متوفرة رفعا للضرر وإطالة المسطرة دون وجه حق، إلا أن المشرع ولأسباب غير قانونية لا داعي لذكرها، نسخ المادة 368 من قانون المسطرة المدنية وغير المادة 369 من قانون المسطرة الجديدة تغييرا يجعل الإحالة أصلا ونهجا وحيدا لا محيد عنه».
ولقد تم هذا التغيير بمقتضى القانون رقم 04.82 الصادر عن مجلس النواب في 21 من ربيع الأول 1407 (موافق 24 نونبر 1986)، الذي تم تنفيذه بالظهير رقم 1.87.16 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993).
وتضمن هذا القانون مادتين تنص الأولى على ما يلي: «ينسخ الفصل 268 والفقرة الأخيرة من الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف رقم 1.74.447 بمثابة قانون صادر في 11 من رمضان 1364 (28 سبتمبر 1974)، أما المادة الثانية فغيرت على النحو التالي الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية المشار إليها أعلاه والتي جاء فيها: «إذا قضى المجلس الأعلى بنقض حكم أحال الدعوى إلى محكمة أخرى من درجة المحكمة التي نقض حكمها أو...» بمعنى أن الباقي لا تغيير فيه.[[40]]url:#_ftn40

ثانيا : إجراءات الطعن بالنقض

يعد الطعن بالنقض من الطرق غير العادية التي تروم حمل محكمة النقض على إلغاء الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية.
وترفع طلبات النقض بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض تحت طائلة التشطيب على القضية تلقائيا من غير استدعاء الطرف المعني (المادة 354 من قانون المسطرة المدنية).
ويجب أن تتوفر في المقال تحت طائلة عدم القبول (المادة 355 من قانون المسطرة المدنية المعدلة والمتممة بالقانون رقم 25.05 ل 23 نوفمبر 2005، الجريدة الرسمية عدد 5374) المسائل التالية:
1 – بيان أسماء الأطراف العائلية والشخصية وموطنهم.
2 – ملخص الوقائع والوسائل وكذا المستنتجات.
3 – إرفاق المقال بنسخة من الحكم النهائي المطعون فيه وإلا طلبتها كتابة الضبط من المحكمة التي أصدرته.
4 – إرفاق المقال بنسخ مساوية لعدد الأطراف، وإذا لم تقدم أي نسخة أو كان عدد النسخ غير مساوي لعدد الأطراف، تطلب كتابة من الطاعن بأن يدلي بهذه النسخ داخل أجل 10 أيام، وعند انصرام الأجل المذكور وبقي الإنذار بدون مفعول يدرج الرئيس القضية بالجلسة وتصدر المحكمة  قرارا بعدم القبول.
 
الفقرة الثانية: أجل الطعن بالنقض وآثاره

أولا : أجل الطعن بالنقض

تخضع الأحكام والقرارات القضائية الصادرة من لدن المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية للطعن بالنقض لدى محكمة النقض.
 ويخضع الطعن بالنقض بالكامل ، لقواعد قانون المسطرة المدنية والمبادئ التي تحكمها  .
ويختلف أجل الطعن بالنقض في مادة مساطر المعالجة  عن الطعن بالنقض في القضايا العادية، فأجل الطعن بالنقض في مادة مساطر المعالجة أتى قصيرا نسبيا يتلائم مع مبادئ تسريع المسطرة والتعجيل بإجراءاتها حماية لأموال المقاولة وحقوق الدائنين، وتحريكا لآليات الإنقاذ في الوقت المناسب، التي قد تقود إلى استمرارية المقاولة أو تفويتها أو الحكم بالتصفية القضائية عند استحالة الإنقاذ قبل تفاقم تدهور الوضعية المالية والاقتصادية والاجتماعية.
وتجسد هذا الأجل القصير في عشرة أيام ابتداء من تاريخ تبليغ القرار، أما أجل الطعن بالنقض العادي فحدد في ثلاثين يوما من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي (المادة 358 من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974).[[41]]url:#_ftn41
ولقد وضعت هذا المبدأ العام المادة 731 من مدونة التجارة حين نصت على أنه: «يقدم الطعن بالنقض داخل أجل عشرة أيام ابتداء من تبليغ القرار».
ويتبين من تحليل هذه المادة أن الطعن بالنقض يخضع بالكامل لقواعد قانون المسطرة المدنية والمبادئ التي تحكمها ما لم تكن متعارضة مع مساطر المعالجة، إذا استثنينا أجل النقض.

ثانيا: آثار الطعن بالنقض

يمكن إجمال آثر الطعن بالنقض في كونه غير موقف للتنفيذ ماعدا الأحوال الشخصية ، والزور الفرعي ، والتحفيظ العقاري، وذلك حسب القواعد العامة.
ومفاد ذلك، أن جميع طرق الطعن التي يمكن ممارستها من طرف مختلف المعنيين بالأمر لا توقف التنفيذ .
أما في ما يتعلق بأثر الحكم الصادر عن محكمة النقض في طلب الطعن بالنقض ، فالملاحظ أن الحكم الصادر عنها إما أن يكون بقبول النقض أو برفضه .
فإذا رفض الطعن بالنقض ، اكتسب الحكم المطعون فيه مناعة مطلقة.وإذا قبل طلب النقض، فإن الحكم المنقوض يجرد من كافة آثاره ، ويعتبر كأن لم يكن ويعاد إلى الوضع الذي كان عليه قبل صدوره. فإذا كان النقض جزئيا ، اقتصر هذا الأثر على الجزء الذي تم نقضه فقط. مع الإشارة إلى أنه يترتب على النقض إحالة القضية إما إلى المحكمة المصدرة للحكم المنقوض لتنظر فيه بهيئة أخرى على أساس المبادئ التي أقرتها محكمة النقض، أو إحالة القضية إلى محكمة أخرى من نفس درجة المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض.
 
ولمحكمة النقض ألا تحيل الملف إذا رأت أنه لم يبقى هناك شيء يستوجب الإحالة .[[42]]url:#_ftn42
 
خاتمة:

نخلص من دراستنا لطرق الطعن في الأحكام التجارية أن هذا الموضوع شهد فراغا مسطريا كبيرا سواء على مستوى الطعن في الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية .  وإن كان ذلك راجع إلى كون المشرع حاول الترسيخ لفكرة تنظيم قضائي موحد بإجراءات تقاضي واحدة ، غير أن توحيد الإجراءات لا ينسجم والغاية من إحداث المحاكم التجارية التي تهدف إلى خلق محاكم متخصصة ومساطر تمتاز بالسرعة والبساطة تنسجم مع المعاملات التجارية. وهو الشيء الذي يفرض على المشرع التدخل في اتجاه محاولة النقص من التعقيدات الشكلية أمام المحاكم التجارية وتوحيد الآجال فيما يخص التبليغ والطعن ، الشئ الذي من شأنه تحقيق الغاية من إحداث قضاء متخصص يضمن العدالة مع مراعاة لعامل الوقت المؤثر في الحياة التجارية.


المراجع المعتمدة
  • إدريس العلوي العبدلاوي،القانون القضائي الخاص. الجزء الثاني طرق الطعن والتحكيم بدون طبعة ولا مطبعة.
  • عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، الطبعة الثانية، 2003، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش.
  • أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، 2007 مطبعة المعرف الجديدة، الرباط.
  • وجدي راغب فهمي، مبادئ القضاء المدني، مطبعة دار الفكر العربي، مصر، الطبعة الأولى، 1986.
  • عبد العزيز توفيق. شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء. 1998.
  • محمادي لمعكشاوي، الوجيز في الأحكام القضائية وطرق الطعن فيها في ضوء قانون المسطرة المدنية، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، سنة 2011.
الأطروحات
  • عبد الكريم عباد، أطروحة لنيل  الدكتوراه في الحقوق ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،جامعة الحسن الثاني ، الدار البيضاء سنة 2004.
 
 
المقالات
  • حسن أمزيل، طرق الطعن العادية وغير العادية، مقال منشور بموقع www.agadirdroit.com.
  • عبد الرحيم السليماني، طرق الطعن في الأحكام الصادرة في مادة صعوبات المقاولة. مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات سلسلة القانون والممارسة القضائية، العدد الخامس سنة2005 .
المجلات:
  • مجلة قضاء المجلس الأعلى، العددان 37 و 38، السنة 1986.
  • مجلة المحاكم المغربية العدد 51 سنة 1987.
  • مجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، سلسلة القانون والممارسات القضائية، العدد 5، سنة 2005.
 
 
 
 
 
الهوامش

[[1]]url:#_ftnref1  - إدريس العلوي العبدلاوي، القانون القضائي الخاص، الجزء الثاني- طرق الطعن والتحكيم-، بدون طبعة ولا مطبعة، ص: 2.
[[2]]url:#_ftnref2  - يقصد بطرق الطعن الوسائل التي من خلالها يمكن للأفراد الدفاع عن حقوقهم أمام القضاء. إذ بموجبها يمكنهم المطالبة بمراجعة الأحكام الصادرة عن محاكم دنيا أمام محاكم أعلى منها درجة، أو بمراجعة المحاكم للأحكام التي سبق أن أصدر تهم.
- أنظر بهذا الخصوص، عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، الطبعة الثانية، 2003، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، ص: 293.
[[3]]url:#_ftnref3  - قانون رقم 53.95 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف المؤرخ في 12 فبراير 1997.
[[4]]url:#_ftnref4  - وجدي راغب فهمي، مبادئ القضاء المدني، مطبعة دار الفكر العربي، مصر، الطبعة الأولى، 1986، ص: 60 وما بعدها.
[[5]]url:#_ftnref5 - ينص الفصل 130 من قانون المسطرة المدنية على أنه:" يجوز التعرض على الأحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة إذا لم تكن قابلة للاستئناف..."
[[6]]url:#_ftnref6  - يقصد بالحكم الغيابي الحكم الذي يصدر على المدعى عليه، والذي لم يحضر رغم استدعائه طبقا للفصول 37 و38 و39 من ق. م. م. على أن المشرع استثنى في الفصل 47 من نفس القانون المدعى عليه الذي توصل بالاستدعاء بنفسه وكان الحكم قابلا للاستئناف. ففي هذه الحالة يكون الحكم بمثابة حضوري تجاه الأطراف المتخلفة.
وينبغي التمييز في الحكم الغيابي بين الذي انبنى على عدم حضور المدعى عليه أمام المحكمة، وبين عدم تقديمه لمذكرات دفاعه للمحكمة، فبالنسبة للحالة الأولى يتحقق الغياب بتخلف المدعى عليه شخصيا لأن المسطرة= =شفوية، أما بالنسبة للثانية، فلا يتحقق الحضور أو الغياب بحضور الشخص أو بغيابه وإنما بتقديم المذكرات التي تعبر عن حضوره وهذا بالنسبة للمسطرة الكتابية.
[[7]]url:#_ftnref7  - عبد العزيز توفيق، شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء. 1998، ص: 257 وما بعدها.
[[8]]url:#_ftnref8 - حسن أمزيل، طرق الطعن العادية وغير العادية، مقال منشور بموقع www.agadirdroit.com تم الإطلاع عليه يوم  2013/01/01 على الساعة 20:13.
[[9]]url:#_ftnref9 - عبد الكريم الطالب، م. س ،ص: 284.
[[10]]url:#_ftnref10 - ينص الفصل 32 من ق.م.م على أنه " يجب أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية و الشخصية و صفة أو مهنة و موطن أو محل إقامة المدعى عليه و المدعي و كذا عند الاقتضاء أسماء و صفة و موطن وكيل المدعي، و إذا كان  أحد الأطراف شركة و جب أن يتضمـن المقال أو المحضر اسمها و نوعها و مركزها "
[[11]]url:#_ftnref11 -يراجع عبد الكريم الطالب،م. س،ص :231.
[[12]]url:#_ftnref12 - عبد الكريم الطالب، م.س، ص 60.
[[13]]url:#_ftnref13 - الفقرة 2 من الفصل 130 من ق م  م.
[[14]]url:#_ftnref14  - انظر المادة 512 من قانون المسطرة المدنية التي تطبق نظرا للإحالة التي تقضي بها المادة 190 من القانون المحدث للمحاكم التجارية على قواعده المسطرة المدنية فيما لم تنص عليه قواعد التجارة أو القانون المحدث للمحاكم التجارية.
[[15]]url:#_ftnref15  - ينص الفصل 40 من ق. م. م على انه: «يجب أن ينصرم ما بين تبليغ الاستدعاء واليوم المحدد للحضور أجل خمسة أيام إذا كان للطرف موطن أو محل إقامة في مكان مقر المحكمة الابتدائية أو بمركز مجاور لها ومدة خمسة عشر يوما إذا كان موجودا في أي محل آخر من تراب المملكة تحت طائلة بطلان الحكم الذي قد يصدر غيابيا».
وينص الفصل 41 من ذات القانون: «إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه لا موطن ولا محل إقامة في دوائر نفوذ محاكم المملكة. فإن أجل الحضور يحدد فيما يلي:
  • إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول الأوربية: شهران.
  • إذا كان يسكن بدولة إفريقية أخرى أو آسيا أو أمريكا: ثلاثة أشهر
  • إذا كان يسكن الاكيانونس: أربعة أشهر...»
[[16]]url:#_ftnref16 - محمادي لمعكشاوي، الوجيز في الأحكام القضائية وطرق الطعن فيها في ضوء قانون المسطرة المدنية، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، سنة 2011، ص:55.
[[17]]url:#_ftnref17 - تنص المادة 730 من م.ت، على ما يلي : " يتم استئناف المقررات المشار إليها في المادة السابقة بتصريح لدى كتابة ضبط المحكمة داخل أجل عشرة أيام ابتداء من تاريخ تبليغ المقرر القضائي، ما لم يوجد مقتضى مخالف لذلك في هذا القانون... "
[[18]]url:#_ftnref18 - عبد الكريم عباد، أطروحة لنيل  الدكتوراه في الحقوق ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،جامعة الحسن الثاني ، الدار البيضاء سنة 2004، ص: 471.
[[19]]url:#_ftnref19 - أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، 2007 مطبعة المعارف الجديدة، الرباط.، ص: 255 .
[[20]]url:#_ftnref20 - ينص الفصل 47 من ق.م.م، على أنه:" يحكم غيابيا إذا لم يحضر المدعى عليه أو وكيله رغم استدعائه طبقا للقانون، ما لم يكن قد توصل بالاستدعاء بنفسه وكان الحكم قابلا للاستئناف، ففي هذه الحالة يعتبر الحكم بمثابة حضوري تجاه الأطراف المختلفة ".
[[21]]url:#_ftnref21 - عبد الكريم عباد، م.س، ص 471.
[[22]]url:#_ftnref22  - إدريس العلوي العبدلاوي ، م.س، ص: 46.
[[23]]url:#_ftnref23 - تنص الفقرة الأولى من الفصل 134 من ق.م.م على أن " استعمال الطعن بالاستئناف حق في جميع الأحوال عدا إذا قرر القانون خلاف ذلك "
[[24]]url:#_ftnref24 - تنص المادة 6 من ق.إ.م.ت على أنه: " تختص المحاكم التجارية بالنظر في الطلبات الأصلية التي تتجاوز قيمتها 20.000 درهم، كما تختص بالنظر في جميع الطلبات المقابلة أو طلبات المقاصة مهما كانت قيمتها "
[[25]]url:#_ftnref25 - قرار رقم 406 الصادر بتاريخ 20/2/1985 في الملف المدني عدد 92956، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العددان 37 و 38، السنة 1986، ص: 29.
[[26]]url:#_ftnref26 - عبد الكريم الطالب، م.س، ص: 301.
[[27]]url:#_ftnref27  - نصت المادة 730 من المدونة على ما يلي:
«يتم استئناف المقررات المشار إليها في المادة السابقة بتصريح لدى كتابة ضبط المحكمة داخل أجل عشرة أيام ابتداء من تاريخ تبليغ المقرر القضائي، ما لم يوجد مقتضى مخالف لذلك في هذا القانون.
يسري الأجل في مواجهة السنديك ابتداء من تاريخ النطق بالمقرر».
[[28]]url:#_ftnref28   - Roublot et Ripert, traité de droit commercial, tome2, 14e éd. 1996, p 928.
أورده. عبد الرحيم السليماني، طرق الطعن في الأحكام الصادرة في مادة صعوبات المقاولة، . ص: 80. مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات سلسلة القانون والممارسة القضائية، العدد الخامس سنة2005 .
[[29]]url:#_ftnref29  - عبد الرحيم السليماني، المرجع السابق، ص: 81.
[[30]]url:#_ftnref30  - قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش، تحت رقم 761، بتاريخ 21-12-200 ملفات مضمومان عدد 384-449/00 غير منشور – أورده عبد الرحيم السليماني، مرجع سابق، ص:82 .
[[31]]url:#_ftnref31 - يراجع في الموضوع تعليق للأستاذ أحمد الخمليشي منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 51 سنة 1987 ص: 73.
[[32]]url:#_ftnref32  - أحمد شكري السباعي،م.س، ص: 252.
[[33]]url:#_ftnref33 -  عبد الكريم الطالب، م.س، ص:294.
[[34]]url:#_ftnref34 -وفي إطار تحديدها لمفهوم الغير الخارج عن الخصومة ، قضت المحكمة التجارية بمراكش في أحد أحكامها بأن :.". صفة الطاعن تتحدد بمعيارين ، أحدهما سلبي والأخر إيجابي ، أما المعيار السلبي ، فمناطه أن يكون الطاعن غيرا بالمفهوم الواسع لهذا الغير ، أي لا يكون طرفا أو ممثلا في الدعوى فالمدعي والمدعى عليه والمتدخل يمتنع عليهم سلوك طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة لأنهم كانوا طرفا في الدعوى وكذلك الدائن والخلف العام كالوريث والخلف الخاص كالمشتري . وحيث أن الطاعن بالإضافة إلى صفته كدائن يتوفر على صفة أخرى وهي أنه من بين مقدمي العروض ،فإن كان تعرضه غير مقبول بصفته الأولى فهو مقبول بصفته الثانية ، وما أقره الإجتهاد القضائي ، إذ أن الطرف الذي كان موجودا في الدعوى على أي صفة يمكنه =    =أن يقدم طلب الغير الخارج عن الخصومة ولكن بصفة أخرى ، لكون المصالح التي يدافع عنها ليست هي نفس المصالح ..."، ملف صعوبة المقاولة رقم1 81/
صدر بتاريخ 20 أبريل  2000 أورده عبد الكريم عباد ، م .س ، ص: 122 .
[[35]]url:#_ftnref35  - عبد الرحيم السليماني، م.س، ص: 83.
[[36]]url:#_ftnref36  - انظر المادة 512 من قانون المسطرة المدنية التي تطبق نظرا للإحالة التي تقضي بها المادة 19 من القانون المحدث للمحاكم التجارية على قواعده المسطرة المدنية فيما لم تنص عليه قواعد التجارة أو القانون المحدث للمحاكم التجارية.
[[37]]url:#_ftnref37  - أحمد شكري السباعي ، م.س، ص: 241.
[[38]]url:#_ftnref38  - قرار صادر عن المجلس الأعلى تحت عدد 324، بتاريخ 17-3-2004، في الملف التجاري عدد 450/3/2/2003. منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، سلسلة القانون والممارسات القضائية، العدد 5، سنة 2005، ص: 109.
[[39]]url:#_ftnref39  - انظر المادتان 372 من قانون المسطرة المدنية والمادة 563 من مدونة التجارة.
[[40]]url:#_ftnref40 - أحمد شكري السباعي، م.س، ص: 259.
[[41]]url:#_ftnref41  - أحمد شكري السباعي، م.س، ص: 257.
[[42]]url:#_ftnref42 - وبخصوص الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة النقض أجاز المشرع في حالات معينة الطعن بإعادة النظر في قراراته كما لو كان القرار قد صدر مثلا استنادا إلى وثائق اعترف بتزويرها أو دون مراعاة المقتضيات القانونية المتعلقة بتأليف الهيئة القضائية الموكول لها البت في القضية.
 



الاربعاء 27 مارس 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter