أسدل الستار على أول انتخابات جماعية وجهوية يشهدها المغرب بعد دستور 2011، والتي أعطت فوز حزب الأصالة والمعاصرة بالمركز الأول، من حيث عدد المقاعد متبوعا بكل من حزب الاستقلال، ثم العدالة والتنمية في المرتبة الثالثة.
وهكذا تكون انتخابات 4 شتنبر 2015 قد أبانت على أن المغرب قطع مرحلة مهمة في مساره الديمقراطي، ووصل إلى النقطة لا يمكن معها العودة إلى الخلف، وبالتالي فإن كان من فائز حقيقي في هذه الانتخابات فهي من دون شك الممارسة الديمقراطية في البلاد، التي عززها دستور 2011، وزكتها الانتخابات التشريعية لنفس السنة، وأكدها اختيار رئيس للحكومة من الحزب الفائز، وفق ما تقتضيه الأعراف الديمقراطية.
لكن هذا التمرين الديمقراطي الناجح على العموم لم يخْل من بعض الاختلالات المنهجية التي شابت الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، خصوصا على مستوى الحملة الانتخابية، والخطابات الحزبية المستخدمة، بالرغم من الدرس البيداغوجي الذي أعطاه صاحب الجلالة بمناسبة خطاب 20 غشت عندما تطرق بالتفصيل لصلاحيات الجهة والجماعة، وكذا صلاحيات المؤسسة التشريعية والتنفيذية.
لقد أبانت الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية عن قلة اهتمام بالجماعة والجهة، وركزت في خطابها لإقناع المواطنين بالتصويت لها على قضايا ذات بعد وطني، كما لو أن الأمر متعلق بانتخابات برلمانية وليست جماعية وجهوية؛
فالحكومة دافعت عن حصيلتها والمعارضة انتقدتها وهاجمت اختياراتها، وكان للمواضيع والإشكالات المرتبطة بسياسات ومشاريع القرب التي تدخل في صلب الجماعة كالتجهيز والإنارة والنظافة والتنمية المحلية... ظهورا محتشما لم يتعد نقاطا عامة في البرامج الانتخابية.
أما الاهتمامات الجهوية فكانت الغائب الأكبر؛ إذ لم نسمع أثناء الحملة عن كيفية تدبير الانتقال من المركزية إلى الجهوية ولا عن آليات هذا الانتقال، ومساره ومنهجيته. كما لم نسمع عن التنمية الجهوية والتضامن بين الجهات، ولا عن تدبير الموارد البشرية للجهة، ولا عن الإصلاحات الإدارية الضرورية المرتبطة بالجهات، ولا حتى على الميزانية الجهوية وكيفية تدبيرها.
اليوم وبعد أن يتم خلق التحالفات السياسية وتكوين المجالس البلدية والجهوية، يجب على الجميع أن يعمل على إنجاح تجربة الجهوية، والدفع نحو إنشاء هيأة تشاركية بمثابة جهة رمزية "الجهة الثالثة عشر" تعمل على مرافقة المنتخبين وأعضاء مجالس الجهات على جميع الأصعدة، وتنظم العلاقة بين الجهات وتعمم التجارب الناجحة في جهات معينة على باقي الجهات، وتسهر على تدبير التضامن الاقتصادي بين الجهات؛ بالموازاة مع ذلك فإن خلق مؤسسة تعنى بتكوين الأطر الضرورية لعمل الجهات وديناميتها سيكون له دور فعال للنهوض بالجهات، وإنجاح هذه التجربة الفريدة على الصعيدين الجهوي والقاري.
وفي الختام، لابد من الانتباه مستقبلا إلى تجاوز القاموس اللغوي المرتبط بالعنف اللفظي والتجريح، الذي اعتمده بعض الفرقاء خلال الحملة الانتخابية لما قد يخلفه ذلك من صراعات مجتمعية؛ وحتى لا نزج ببلادنا في صراعات هي في غنى عنها ولا تستحملها.
علينا العمل على إيجاد توافقات مجتمعية، من أجل الوقوف على أرضية مشتركة، والتنافس السياسي يجب أن ينبني على الأفكار وعلى البرامج التي فيها مصلحة للمواطنين؛ وما أحوجنا اليوم إلى سياسيين حكماء أمثال جان جوريس في فرنسا الذي نجح في تطوير سلمي للثورة بتوافقات مجتمعية ضمنت انسيابا في العلاقات بين مختلف الفرقاء.
وهكذا تكون انتخابات 4 شتنبر 2015 قد أبانت على أن المغرب قطع مرحلة مهمة في مساره الديمقراطي، ووصل إلى النقطة لا يمكن معها العودة إلى الخلف، وبالتالي فإن كان من فائز حقيقي في هذه الانتخابات فهي من دون شك الممارسة الديمقراطية في البلاد، التي عززها دستور 2011، وزكتها الانتخابات التشريعية لنفس السنة، وأكدها اختيار رئيس للحكومة من الحزب الفائز، وفق ما تقتضيه الأعراف الديمقراطية.
لكن هذا التمرين الديمقراطي الناجح على العموم لم يخْل من بعض الاختلالات المنهجية التي شابت الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، خصوصا على مستوى الحملة الانتخابية، والخطابات الحزبية المستخدمة، بالرغم من الدرس البيداغوجي الذي أعطاه صاحب الجلالة بمناسبة خطاب 20 غشت عندما تطرق بالتفصيل لصلاحيات الجهة والجماعة، وكذا صلاحيات المؤسسة التشريعية والتنفيذية.
لقد أبانت الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية عن قلة اهتمام بالجماعة والجهة، وركزت في خطابها لإقناع المواطنين بالتصويت لها على قضايا ذات بعد وطني، كما لو أن الأمر متعلق بانتخابات برلمانية وليست جماعية وجهوية؛
فالحكومة دافعت عن حصيلتها والمعارضة انتقدتها وهاجمت اختياراتها، وكان للمواضيع والإشكالات المرتبطة بسياسات ومشاريع القرب التي تدخل في صلب الجماعة كالتجهيز والإنارة والنظافة والتنمية المحلية... ظهورا محتشما لم يتعد نقاطا عامة في البرامج الانتخابية.
أما الاهتمامات الجهوية فكانت الغائب الأكبر؛ إذ لم نسمع أثناء الحملة عن كيفية تدبير الانتقال من المركزية إلى الجهوية ولا عن آليات هذا الانتقال، ومساره ومنهجيته. كما لم نسمع عن التنمية الجهوية والتضامن بين الجهات، ولا عن تدبير الموارد البشرية للجهة، ولا عن الإصلاحات الإدارية الضرورية المرتبطة بالجهات، ولا حتى على الميزانية الجهوية وكيفية تدبيرها.
اليوم وبعد أن يتم خلق التحالفات السياسية وتكوين المجالس البلدية والجهوية، يجب على الجميع أن يعمل على إنجاح تجربة الجهوية، والدفع نحو إنشاء هيأة تشاركية بمثابة جهة رمزية "الجهة الثالثة عشر" تعمل على مرافقة المنتخبين وأعضاء مجالس الجهات على جميع الأصعدة، وتنظم العلاقة بين الجهات وتعمم التجارب الناجحة في جهات معينة على باقي الجهات، وتسهر على تدبير التضامن الاقتصادي بين الجهات؛ بالموازاة مع ذلك فإن خلق مؤسسة تعنى بتكوين الأطر الضرورية لعمل الجهات وديناميتها سيكون له دور فعال للنهوض بالجهات، وإنجاح هذه التجربة الفريدة على الصعيدين الجهوي والقاري.
وفي الختام، لابد من الانتباه مستقبلا إلى تجاوز القاموس اللغوي المرتبط بالعنف اللفظي والتجريح، الذي اعتمده بعض الفرقاء خلال الحملة الانتخابية لما قد يخلفه ذلك من صراعات مجتمعية؛ وحتى لا نزج ببلادنا في صراعات هي في غنى عنها ولا تستحملها.
علينا العمل على إيجاد توافقات مجتمعية، من أجل الوقوف على أرضية مشتركة، والتنافس السياسي يجب أن ينبني على الأفكار وعلى البرامج التي فيها مصلحة للمواطنين؛ وما أحوجنا اليوم إلى سياسيين حكماء أمثال جان جوريس في فرنسا الذي نجح في تطوير سلمي للثورة بتوافقات مجتمعية ضمنت انسيابا في العلاقات بين مختلف الفرقاء.