MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




في مأزق العدوان الأمريكي على سوريا أي فجور أكبر من هذا؟

     

الدكتور محمد براو




من يفك عقدة العدوان الأمريكي على سوريا ؟ من يرشد سدنة البيت الأبيض ومخططي السياسة الأمريكية اتجاه الأزمة السورية، أين مراكز الأبحاث، أين الخبراء، أين العملاء الاستخباراتيون؟ أين الأموال والميزانيات الضخمة المخصصة لصياغة استراتيجية الهيمنة والعدوان؟ كل هذا الجيش العرمرم من الموارد البشرية والمادية والمعلوماتية كلها بدت للعالم أجمع في لحظة فارقة أمام مأزق دراماتيكي بين خيارين أحلاهما مر ، هل يتقدم صانع العدوانية الأمريكية ( من فضلكم لا تقولوا "الضربة" فهذا مصطلح دعائي حربي) للأمام في اتجاه تنفيذ العدوان الفج والفاجر والمكشوف والمجرد من أدنى المستلزمات القانونية والأخلاقية ، والعاجز عن ضمان العواقب واستباق التداعيات المعنوية والعسكرية والاستراتيجية؟

أم يتراجع ويستكمل سلسلة التراجعات التاريخية اقتصاديا وسياسيا واستراتيجا ، ويتوج بالدليل المادي القاطع عهد التراجع الأمريكي على كل مستويات وعناصر القوة والسلطان  داخليا وعالميا؟ كيف وبأي طريقة يا ترى سيتلمس مخططو العدوان الأمريكي النزول من "فوق الشجرة" بعد كل هذا السيل المتوالي الحلقات من الوعيد والتهديد ودق طبول الحرب من طرف محيط حائز جائزة نوبل للسلام؟ وهل تستطيع المعدة العدوانية الأمريكية هضم

قرار العدول عن عدوان مخطط له منذ زمن بعيد واستعصى عليهم استكمال عناصر الإعداد القانوني والإجرائي (الشرعية والمشروعية) بفضل التصدي الروسي الصيني ومن ورائهما مجموعة دول البريكس البازغة ، وفي وقت بدا لمخططي العدوان أن حادثة المواد السامة في الغوطة الشرقية التي تم استخدامها بشكل غامض وما تم تسويقه من دعاية مجنونة تستدر العاطفة الإنسانية الكاذبة ، فإذا بمفاجئات هائلة تضرب عقل المشروع العدواني ومنطقه في الصميم، فلا الأدلة دامغة وناجزة ومنسوبة بشكل قانوني قاطع للحكومة السورية، وهو ما كشف بشكل فاقع أن القرار العدواني قد استبق الدليل الثبوتي كما أكد ذلك مجلس العموم البريطاني( هل نكون أكثر بروتستانتية  من أسقف كانتربري؟) على لسان زعيم المعارضة ميليباند الذي اشترط الدليل قبل اتخاذ القرار وليس العكس كما قال، مسددا لكامرون ضربة تاريخية موجعة معنويا وسياسيا وبالمثل سددها لمخططي العدوان وحلفائهم الفرنسيين ( المستعمرين السابقين لسوريا) وأتباعهم في الجامعة العربية  المختصة في تغطية العدوان على الأمة العربية، ولا هم نجحوا في تشكيل حد أدنى من التحالف الدولي الداعم للعدوان، وإلا فأين الائتلاف الدولي الثلاثيني الذي تم تجنيده في حرب إخراج العراق من الكويت؟ أين حتى تحالف الراغبين الذي استطاع بوش الابن بكل رعونته وفجاجته العدوانية تجميعه في حربي أفغانستان والعراق الفاشلتين والمأساويتين  ؟

أي فجور وأية وقاحة وأي هول أكبر من  تصريح أوباما باتخاذ القرار الأحادي المفروغ من أية شرعية أو مشروعية والمستند فقط وفقط لضوء أخضر من كونغرس صهيوني أكثر من الصهاينة؟ ولدعاية تحريضية مسمومة ومكشوفة من الجزيرة والعربية؟

كيف سينفذ "ضربته" العدوانية من دون غطاء دولي أو إقليمي ومن دون دليل مادي ثابت لمسؤولية الحكومة السورية عن استخدام المواد السامة؟ وفي ظل انتفاضة شعبية عالمية آخذة في التصاعد ضد العدوان الفج والصفيق؟

كيف سيضمن عواقب وردود أفعال التكتل الإقليمي والدولي الموالي لسوريا؟ ولا سيما في ظل صمت وغموض مرعبين من طرف حزب الله اللبناني؟وهذا الوصف ليس من عندي بل هو منقول من اعتراف وسائل الإعلام الاسرائيلية.

كيف ستنهض المعارضة السورية المسلحة والسياسية من السقوط الأخلاقي والسياسي المترتب عن العدوان؟ هل بقي لهذه المعارضة المستجدية للعدوان الأمريكي على البنية التحتية للدولة السورية رصيد من الموارد الأخلاقية والسياسية والمعنوية؟ وهي تصرح نهارا جهارا على لسان قائدها العسكري الجنرال ادريس أنها تسعى للتنسيق الميداني مع الهجوم الأمريكي وتتطلع للاستفادة منه وتأمل أن يكون شاملا وواسعا وليس مجرد عدوان محدود؟؟وهي نفس الرغبة التي عبر عنها أردوغان صراحة وكل من السعودية وقطر والإمارات خلسة ؟؟

بكل المقاييس السياسية والإستراتيجية نحن أمام منعطف تاريخي على المستويين المحلي والدولي فيما يخص الأزمة السورية، فمحليا سيخرج الرئيس بشار الأسد أقوى من قبل، وسترتفع أسهمه المعنوية بحسبانه ضحية ومحاربا لتحالف دولي أمريكي غربي إقليمي يكشف مصداقية نظرية المؤامرة، ودوليا  ينذر بانبلاج فجر نظام عالمي جديد يدق المسمار الأخير في نعش الأحادية الأمريكية العدوانية، وبصعود قوى دولية وإقليمية واعدة بغد جديد في العلاقات الدولية قوامه تعددية قطبية ومعمار جديد لميزان القوى الدولي.

 إنها نهاية تاريخ وبداية تاريخ جديد فليختر أوباما ما يحلو له من قرار فهو أمام خيارين أحلاهما مر على العدوانية الأحادية الأمريكية وعلى الغطرسة الغربية التي حان الوقت لوضع حد نهائي لعربدتها في الهواء الطلق ، شكرا دمشق ومعك نتضامن

 لأنك بكل بساطة دمشق الحضارة والتاريخ وما تبقى من نبض للعروبة والإباء في السماء العربية الكئيبة.

ودعواتنا لك خالصة صادقة بالنصر والنهوض من جديد .
 
 



الاربعاء 4 سبتمبر 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter