MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




قانون عرائض المواطنين وسعي الدولة لإحتواء الاحتجاجات الشعبية - قراءة سياسية وقانونية

     



قانون عرائض المواطنين وسعي الدولة  لإحتواء الاحتجاجات الشعبية - قراءة سياسية وقانونية

بعد مايزيد عن 200 عاما من سنه في التشريع الفرنسي( دستور سنة 1814)وبعد مخاض دام 5سنوات من العمل بالدستورالمغربي الحالي، وتطبيقا للمادة 15 منه خرج إلى الوجود بالجريدة الرسمية عدد 6492 بتاريخ 2016/8/18 القانون التنظيمي رقم 44.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية والذي بمقتضاه اصبح بامكان المواطنين والمواطنات أن يقدموا مطالب او مقترحات الى السلطات العمومية في شحص رئيس الحكومة ولرئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين ، كل فيما يخصه ،وضمن شروط وشكليات ومسطرة محددة في هذا القانون وفقا لما سنبينه بشكل مختصرادناه.

وقبل التحليل لابد  من الاشارة، في إطار الأمانة العلمية ،أن قانون العرائض ليس مستحدثا من طرف المشرع المغربي بل يرجع مصدره التاريخي إلى  القانون الفرنسي الذي اقره دستوريا مند دستور 1814  وذلك بعدما  أحس النظام الملكي في عهد لويس السادس عشر، بخطورة الاوضاع الاجتماعية والسياسية التي كان يعيشها عموم الشعب الفرنسي في عهده وعهد اسلافه من استبداد وقهر على كافة المستويات والتي لم ينفع معها سن القانون المذكور لان الشعب الفرنسي ادرك انداك ان السبيل الوحيد للخروج من الوضع الذي يعيشه هو تغيير نظام الحكم، ودعى  بعض النواب في الجمعية العمومية وعلى رأسهم  جاك بيير بريسو جماهير الشعب للتوقيع على عريضة تؤيد القول بفقدانه الشرعية. وجرى التوقيع على العريضة في ساحة البلدية وسط باريس، ورافقه خطابات حماسية ساخطة على الملك. واعتبرت  أول عريضة شعبية في تاريخ العرائض الجماعية .

وعكس ماكان منتظرا،ورغم المدة  التي استغرها لولادته، فإن مقتضيات قانون التنظيمي للعرائض لم تحقق ،على مستوى النص، ماكان منتظرا منها ،إذ أن قراءة عامة لنصوصه تجعل القارئ يقف على مجموعة من الملاحظات القانونية تشكل دلائل ،وعلى مستوى القرينة ، أن دواعيه او خلفيات سنه لم تتحكم فيها الاعتبارات الحقوقية بقدرما تحكمت فيها الخلفيات السياسية :

واول الملاحظات القانونية، أن هذا القانون كان مجرد نص قانوني استحدث فقط ليقر حقا عاما للمواطنين محدد في الشكل دون الموضوع، و دون أن تسن الى جانبه مسطرة وضمانات بلوغه وخاصة القضائية منها.

وثاني الملاحظات أنه لم يبين نوع المطالب والمقترحات التي يمكن للمواطنين أن يقدموها،وبالمقابل حدد المجالات التي لا يمكن ان تكون موضوعا لأي طلب ولا يمكن قبولها في حال تقديمها .

والملاحظات الاساسية التي تفرغ هذا القانون من اية قيمة حقوقية وحتى قانونية ، هي أن جميع المطالب أو المقترحات المقدمة من طرف المواطنين أصحاب العريضة ومدعميها سواء أكانت داخل الاطار المسموح به أو غيره ، ينتهي بها المطاف  بيد رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو المستشارين الذي يكتفي بعد استيفاء اجراءات دراستها من طرف اللجنة المعينة لهذا الغرض،بمجرد إخبار بالمآل (( الذي خصصته الحكومة لموضوع العريضة ولاسيما الاجراءات والتدابير التي تعتزم اتخادها عند الاقتضاء )) المادتين 11 و15 من القانون .

 وتوكذ هذه الملاحظة ،فراغ القانون من اية إشارة، ولو ضمنية، لامكانية  الطعن او عدم الطعن في القرارات المتخدة من طرف الجهات المذكورة،كما فعل بالنسبة للقانون التنظيمي المتعلق بملتمسات التشريع حيث نصت المادة 10 من هذا القانون على عدم قابلية الطعن باي وجه  في حال رفض الملتمس التشريعي المقدم من طرف المواطنين للبرلمان في شخص أحد مجلسيه ، رغم التنصيص على وجوب  تعليل قرار عدم قبول الطلب  .
   ومن جانب اخر فالقانون حصر نطاق العرائض في المطالب داب البعد الوطني وليس المحلي او الجهوي مع ان بعض المطالب أو المقترحات المحلية أو الجهوية ، قد يصل  اصحابها الى العدد المطلوب في القانون كحد أدنى، كالمطالب المتعلقة  بالقيام باصلاحات بنيوية وبمشاريع يدخل أمر الاستجابة إليها وتنفيذها ضمن اختصاصات الجماعات المحلية او القروية او الجهوية .

وبناء على هذه الملاحظات وغيرها مما يمكن ان يقف عليه القارء العادي او المتخصص ، يتضح أن قانون العرائض بصغته الحالية الشكلية منها او  الموضوعية،سيطرح  نقاشا فقهيا وقضائية سواء على مستوى القرارات التي ستصدرهاالجهات المقدمة إليها العرائض أومن حيث طبيعتها وقابليتها للطعن ام لا ،أو على مستوى الجهة المختصة للنظر في الطعن، خاصة إذا كانت المطالب او المقترحات دات صبغة محلية أو جهوية وأصحاب العريضة هم فقط المنتمون إلى هذه الجماعات أو الجهات . وإن كان الأمر يبدو للوهلة الأولى أن الاختصاص يرجع للمحاكم الادارية خاصة بالنسبة للقرارات الصادرة عن رئيس الحكومة. إضافة اشكالات عديدة يطول المقام في بسط افتراضات حالاتها.

إن  التفكير القانوني والحضاري ،اذا كان، يفرض علينا أن نكون ضد أي سلوك غير قانوني للوصول الى الحق سواء أكان حقا خاصا أم عاما، فإن من حق المواطنين أن تسن لهم قوانين تخدمهم وتضمن لهم الوصول الى حقوقهم ، بهذا المنطق الحقوقي والروح الوطنية ،تتعامل دول الحق والقانون مع مواطنينها،وضمن هذا التفكير تؤطرحقوقهم من الناحية التشريعية وتضمن وصولهم إليها. فالقوانين لا تخرج للوجود الا بعد أن تستكمل تكوينها الجنيني وتأخد العناية الواجبة من طرف المختصين من كافة الزوايا فتولد في وضع صحي جيد ولا تظهر عيوبها ونواقصها الا بعد وضعها موضع التنفيذ، لانها حينئد ستحتك بعوامل خارجية. اما في البلدان المتخلفة فإن النواقص والعيوب تخلق مع المولود لأنها بدأت مند فترة التكوين لذلك تظهر العيوب مند الخلق وبدلا من أن يتم تداركها في المهد  تترك فتصبح هي في داتهامشكلةمستعصية عن الحل . ولذلك لانجد ضيرا إن قلنا بان قانون العرائض يحتاج بدوره الى عريضة أو عرائض  لتغييره.

وبناء على ما أشرنا اليه ملاحظات قانونية ،وضمن أوجه المقارنة للتشريعات التي تحترم حقوق المواطنين في الاطار المشار اليه ، فإن الخلاصة التي فرضت نفسها علينا للإعلان عنها ضمن هذه القراءة أن أسباب استحدات هذا القانون وخلفيات سنه  كانت سياسية وليست حقوقية اي أنه مطروح كبديل للحد من مظاهر الاحتجاجات الشعبية التي قد يفكر المواطنون في سلوكها اتجاه بعض المطالب داب البعد الاجتماعي بجميع فروعه  او السياسي،والتي كانت تجد في الشارع المجال المكاني للتعبير عنها وبالتالي احتوائها من خلال العرائض ، وطبعا ستجند الدولة لهذه الغاية من سيعمل في هذا الاتجاه ، كما سيوظف  القانون لثأتيت وتلميع المشهد السياسي المغربي خارجيا.

بعد هذه القراءة المختصرة نقدم للقارئ ملخصا لمضامين هذا القانون التي استهلها المشرع وعلى غير العادة بإعطاء تعريف للعريضة حيث عرفها في المادة 2 بأنها (( كل طلب مكتوب يتضمن مطالب أو مقترحات أو توصيات يوجهه موطنات ومواطنون مقيمون بالمغرب أو خاجه الى السلطات العمومية المعنية ، قصد اتخاد ماتراه مناسبا في شأنه من إجراءات في إطار احترام الدستور والقانون وطبقا للاجراءات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي ..)) وحددت نفس المادة  السلطات العمومية التي توجه لها العريضة وهي  رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين )كما حدد المواطنون والمواطنات الذين يحق لهم تقديمها سواء من داخل البلد او خارجه، الذين قسموا الى قسمين اصحاب العريضة ومدعموها من الموقعين على العريضة الذين ينبغي أن لايقل عددهم عن 5000 فرد، كما حددت المادة3و4 شروط قبولها والمواضيع التي ينبغي ان لا تتضمنها كمطالب أو مقترحات  ومن جملتها الدين الاسلامي النظام الملكي القضاياالمعروضة ى المحاكم ...وحسب المادة 5فان اصحاب العريضة او المبادرة يشكلون لجنة من بينهم تختار ممثلا لها وتخضع في اجتماعاتها لقانون التجمعات العمومية وتعمل بواسطة ممثلها على السهر على تتبع مسطرة تقديم العريضة 

وقد بين المشرع في الباب الثالت طريقة ايداع العريضة لدى السلطة العمومية المعنية وفرق بين ما اذاكان المعني بها  هو رئيس الحكومة، او كان المعني هو البرلمان بغرفتيه حيث تحال العريضة على لجنة خاصة ستنظم بمقتضى قانون تنظيمي بالنسبة للحكومة وتنظم بمقتضى القانون الداخلي لمجلسي النواب والمستشارين كل فيما يخصه، وتتولى اللجن المذكورة دراسة العريضة وابداء رايها واقتراحها بشانها تم تحيله على مكتب المجلس المعني الذي يعمل رئيسه على اخبار وكيل لجنة تقديم  العريضة بقرار  معلل بمأل العريضة .


ختاما نعيد الخلاصة التي سجلناها سابقا أن القانون التنظيمي للعرائض بصيغته  الحالية ،شكلا وموضوعا، يحتاج بدوره الى عريضة لتغييره، وتشكل هذه المقالة مقدمة لها.



الثلاثاء 20 سبتمبر 2016
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter