لقد أقحم المشرع المغربي جملة من المستجدات في مدونة الأسرة من أهمها المادة 156 المتعلقة بالشبهة التي تقع خلال الخطبة, و ينتج عنها اتصال جنسي يخلف حملا ما بين اقل مدة الحمل وأكثرها مع التحفظ على مفهوم الشبهة, لأنه لا يمكن الحديث عن شبهة في الخطوبة, لان الشبهة تحيل على علاقة سرية بين رجل و امرأة, في حين ان الخطبة تحيل على علاقة مشهورة بين الناﺱ.
والمشرع هنا اشترط ضرورة اقتران الإيجاب بالقبول ومادام كذلك فان الزواج صحيحا ادا توافرت شروط صحته تبقى مسالة الثوتيق من الشروط الشكلية للعقد و يعتبر حجة اثباتية قوية فادا كانت هناك ظروف قاهرة حالت دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة ينسب الحمل إلى الخاطب وهو ما أكده القضاء المغربي في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش عدد11332 بتاريخ14/06/20004 حيث قضى بما يلي:" لاينسب الحمل إلى الخاطب طبقا للمادة من مدونة الأسرة إلا اذا تم أثناء الخطوبة لا قبله".
و هدا تكريس لمقتضيات المادة16 من مدونة الأسرة , التي تخول للمحكمة سماع دعوى الزوجية و إثباتها بسائر وسائل الإثبات, لان العقد تم إبرامه مادام قد اقترن الإيجاب بالقبول وهما أهم ركني عقد الزواج.
وبالتالي يتم اتباث الزوجية بعقد الزواج, إلا أن المشرع دخل في تناقض كبير عندما اعمل الخطبة لإثبات النسب مع إعماله للشبهة كذلك, حيث كان من الافيد البقاء على مقتضيات المادة16 لإثبات النسب حتى يكون النسب شرعيا عوض اعتماد الخطبة واثبات النسب عن طريق الشبهة, وبعد استنفاد شروط معينة, الا انه بانتفائها لا يتبث النسب وهو نوع من التضييق في إثبات النسب عوض التوسيع الذي يطمح إليه وخصوصا إثبات فترة الخطبة التي قد يتلاعب فيها الخطيبين.
فالخطبة تواعد بالزواج وليست بزواج حسب مقتضيات المادة الخامسة من مدونة الأسرة وجاءت انسجاما مع مقتضيات المادة156 من نفس المدونة.
فبالرجوع إلى النص القانوني للمادة الخامسة السالفة الذكر التي تؤكد على انه تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة. ...
ففي إطار هذا النص القانوني من المدونة اعتبرت الخطبة تواعد رجل وامرأة على الزواج .... ، فإلى حدود هذا النص القانوني تبقى الخطبة مجرد مقدمة لإبرام العقد المسمى بالزواج، حيث يكون من حق الطرفين معا أن يعدلا أو احدهما عنها بدون تعويض ما عدا في حالة الضرر.
لكن المادة 156 من المدونة جاء فيها, انه في الحالة التي تتم الخطبة ولا يبرم عقد الزواج ويتحقق حمل فينسب للخاطب المولود إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في هذا المادة اعلاه.
إن المقتضى القانوني أتى بالجديد وهو أن الخطبة غدت بدورها تثبت النسب وبوسع طرفيها إذا حافظا على الشروط أن يلزما القضاء بضرورة نسبة الابن للخاطب بل انه في حالة عدم وجود أية منازعة فلا موجب لسلوك المسطرة القضائية.
لكن هذا النص القانوني طرح عدة إشكاليات على المستوى العملي ومنها:
أولا: بخصوص سن طرفي الخطوبة، لم يحدد المشرع هذه السن وفي الحياة العملية يجوز للأطفال أن يمارسوا هذا الحق مادام المشرع يجيزه، فليس هناك ما يمنع ممارسة هذا الحق من قبل الأطفال الذين تبلغ أعمارهم اثني عشر سنة فما فوق أو طفلة في حدود هذا السن مما يجعلنا أمام مؤسسة زواج الأطفال ، فعدم تحديد السن في الخطبة يتنافى مع إرادة المشرع التي نصت صراحة على عدم الإذن في الزواج لمن تقل عن ثمانية عشر سنة ، فقد يفضل من لا يتوفر على السن القانوني للتزويج الاكتفاء بالخطبة وانتظار المولود الشرعي الناتج عنها ما دام انه يستفيد من مقتضيات المادة 156 التي تمكن نسبة الابن لخاطب في حالة توفر الشروط.
ثانيا: ما دام المشرع لم يحدد شروطا معينة في الفصل 156 لنسبة المولود للخاطب ، ومع عدم إنكاره فان المصالح الإدارية من مستشفيات الولادة وضباط الحالة المدنية ملزمون بقوة القانون بتضمين اسم المولود واسم الوالد الخاطب دون المرور على المحكمة ما دام ليس هناك نزاع بحيث قد يقع تمرير عدة حالات ذات طابع شرعي بناءا على هذه الوسيلة ومن ثم قد لا تتحقق إرادة المشرع بتاتا.
وعليه ، يبقى الباب مفتوحا على مصرع في تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة خاصة الحالة التي يضع فيها المشرع قيودا على بعض أنماط السلوك مثل الزواج دون السن القانوني ، وتكون إزاء واقع مفروض لا يمكن التغاضي عنه.
ومثال ذلك : الخاطب والخطوبة دون السن القانوني اللذان يفضلان عدم الزواج والاكتفاء بالخطبة وتنشئة الأولاد مما يطرح التساؤل، هل لا بد من حكم قضائي لإثبات النسب مع عدم وجود الخلاف بينهما ؟ وكيف تستمر العلاقة الزوجية بدون توثيق عقد الزواج ؟ ونفس الإشكال يطرح في حالة التعدد إذ يكتفي الراغب في التعدد وزوجته الثانية أو الثالثة بالخطبة طبقا للمادة 156 من مدونة الاسرة.ة
وخيرا فانه إذا حصل الإيجاب والقبول بين الطرفين فان الإطار القانوني لعلاقتهما هوالزواج غير الموثق الذي حالت ظروف قاهرة دون توثيقه والذي تسمع دعواه في اطار المادة 16 من مدونة الأسرة.