يتميز تدبير الشأن العام المحلي هذه السنة بمستجدات غاية في الأهمية ، على رأسها القوانين المنظمة للجماعات الترابية . فعلى غرار التغيرات التي ادخلها المغرب على مختلف النصوص القانونية تعززت هذه الترسانة اليوم بمشروع القانون التنظيمي حول الجماعات الذي سينسخ الميثاق الجماعي فور اعتماده. استجابة للنصوص الدستورية ذات الصلة.
واعتمادا على مبدإ التشاركیة، فقد انطلقت مشاورات حول الترسانة التشریعیة المنظمة لھذا الورش. وفي ھذا الإطار، طرحت الوزارة الوصیة مسودة مشروع قانون تنظیمي حول الجماعات، فإلى أي حد تستجیب ھذه المسودة للمقتضیات الدستوریة؟
ما یعطي لھذه المسودة أھمیة كبرى ھو أن الأمر یتعلق بقانون تنظیمي، وھذا النوع من المشاریع یكمل الدستور، ولذلك بعد التصویت علیھا من البرلمان تحال وجوبا على المجلس الدستوري من أجل إبداء الرأي فیھا[1]
وتتكون هذه المسودة من 74 مادة تبتدئ من قسم شروط تدبير الجماعات لشؤونها لتنهي عند باب المقتضيات الخاصة بجماعة الرباط و مشاور القصر الملكي، مسودة من الأهمية بمكان ونظرا لكونها مشروع الإطار القانوني الذي يحكم كل ما يتعلق بالجماعة من انتخاب المجلس إلى نهاية ولايته مرورا بانتخاب رئيسه وأعضائه في مختلف المهام ، وبتشكيل اللجان الدائمة والمؤقتة ،كما يتناول مختلف تدابير التسيير الإداري والمالي واللوجستي للجماعة ... ، وذلك قصد تمكينها من بلوغ أهداف التنمية المتوازنة والعادلة
ومن بين أهم المستجدات التي أتت بها هذه المسودة:
.
غير أن المتأمل في سطورالمسودة وبتمعن لا بد وأن تستوقفه حتما مجموعة من الملاحظات الجوهرية والتي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
الملاحظ أن الوصاية مازالت حاضرة وبقوة من خلال هذه المسودة، اذ أن سلطة الوصاية تمارس المراقبة الإدارية على الجوانب المرتبطة بشرعية قرارات ومقررات الجماعة طبقا للمادة 09 من المسودة وهذا مناقض لمبدأ التدبير الحر واستقلالية الجماعة.
لقد نص الفصل 136 من الدستور على أن “التنظیم الجھوي والترابي یرتكز على مبادئ التدبیر الحر، وعلى التعاون والتضامن، ویؤمن مشاركة السكان المعنیین في تدبیر شؤونھم، والرفع من مساھمتھم في التنمیة البشریة المندمجة والمستدامة”.
وھو ما یلغي مفھوم الوصایة على عمل الجماعات الترابیة و كل أشكال الرقابة المتعلقة باختیارات الجماعات الترابیة، بحیث أن أدوار الإدارة وجب أن تقتصر على الدعم والمساعدة كما ھو منصوص علیھ في الفقرة الثالثة من الفصل 145 من الدستور “یساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابیة، وخاصة رؤساء المجالس الجھویة، على تنفیذ المخططات والبرامج التنمویة.”
وبالتالي حتى في حالة ملاحظة اختلالات في تدبیر الجماعات، فوجب أن تشكل موضوع طعن لدى المحاكم الإداریة احتراما لمبدأ التدبیر الحر.
وقد یقال بأن الدستور في نفس الفصل 145 قد أعطى للولاة والعمال سلطة المراقبة الإداریة.
في ھذا السیاق یمكن إبداء الملاحظتین التالیتین[4]:
- الحدیث عن سلطة المراقبة في سیاق الفقرة المتعلقة بدور الولاة والعمال في علاقتھم بالحكومة “ یعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمین تطبیق القانون، وتنفیذ النصوص التنظیمیة للحكومة ومقرراتھا، كما یمارسون المراقبة الإداریة.”فھذا الاختصاص یمارس باسم الحكومة، واعتمادا على مبدأ التدبیر الحر فلا سلطة للحكومة علیھا، ومن تم لا رقابة. كما أن الفقرة التي تتحدث عن علاقة الولاة والعمال بالجماعات ھي الفقرة الموالیة والتي تتحدث عن المساعدة في تنفیذ المخططات والبرامج التنمویة.
وتأتي الفقرة الموالیة “یقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنیین بتنسیق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزیة، ویسھرون على حسن سیرھا.”
لتوضح دورا آخر للولاة والعمال یتمثل في تنسیق أنشطة المصالح اللاممركزة، بما یمكنھم من دعم الجماعات الترابیة ومساعدتھا في تنزیل مشاریعھا التنمویة عبر تنسیق عمل المصالح الإداریة التابعة للحكومة
- وحتى لو سلمنا جدلا بأن المراقبة الإداریة تتجھ حتى إلى الجماعات الترابیة، فالقیام بھا یجب أن یتم في سیاق احترام مبدأ “التدبیر الحر” أي عبر الآلیة القضائیة.
كما أن مبدأ التدبیر الحر یستوجب مراجعة عمیقة لمجمل النصوص القانونیة المرتبطة بمجالات تدخل الجماعات الترابیة لتكریس ھذا المبدأ.
مبدأ التفریع:
لقد نص الفصل 140 من الدستور على أن للجماعات الترابیة، وبناءا على مبدإ التفریع، اختصاصات ذاتیة واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إلیھا من ھذه الأخیرة. وعلى أن الجھات والجماعات الترابیة الأخرى تتوفر، في مجالات اختصاصاتھا، وداخل دائرتھا الترابیة، على سلطة تنظیمیة لممارسة صلاحیاتھا.
وھو ما یعني أمرین أساسیین:
أ- اعتمادا على مبدأ التفریع وجب إعادة النظر بشكل عمیق في اختصاصات الجماعات الترابیة لتجنب التداخل الحاصل حالیا فیما بینھا بناءا على تقسیم واضح للوظائف، حیث یمكن تركیز وظائف الجھات على كل ما ھو تنموي والجماعات الترابیة الأخرى على ما ھو خدماتي
ب- نص الدستور على أن كل الجماعات الترابیة وجب أن تتوفر على سلطة تنظیمیة لممارسة صلاحیاتھا، مع ما یعنیھ ذلك من حاجة إلى تنظیم ھذه السلط ووضع المؤسسات الإداریة اللازمة لممارستھا.
تقييد السلطة التنظيمية المحلية
كما ان السلطة التنظيمية المحلية مرتهنة بترسانة ثقيلة من النصوص التنظيمية و هو اشكال سيعطل سلطة التنظيم اذ نصت المسودة في المادة 8 انه لا يجوز أن تشتمل القرارات التنظيمية الصادرة عن الجماعة على اجراءات مخالفة للأحكام الواردة في القرارات التنظيمية الصادرة عن السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة والمحددة بمقتضى الفصل 90 من الدستور
تعيد المادة 18 نفس الفصل الملغى بمقتضى القانون 17-08 و القاضي بامكانية عزل الرئيس في منصف الولاية و هو ما لن يساعد على استقرار المجالس و سيعمق منطق الابتزاز و الحسابات الصغيرة خاصة و انه توجد مقتضيات تحمي المجالس من حالات (البلوكاج)[5]عند فقدان الرئيس لاغلبيته (المواد 62و 63)قد يتم ايقاف المجالس 3 اشهر او حلها لدى قاضي المستعجلات بالمحكمة الادارية الذي يقضي بالحل يعقبه الحلول.
إن القارئ لهذه النصوص القانونية يجد صعوبة في فهم مقتضياتها ومحتواها وأبعادها، والسبب في ذلك كونها جاءت بصيغ فضفاضة وعمومية، تضفي نوعا من الصعوبة في تحديد المقصود مما يفتح الباب لكثرة التأويلات واختلاف الاجتهادات، بحيث قد يحمل الاعتقاد أن لكل جماعة محلية إمكانية التدخل بلا حدود في كل المجالات والميادين، وهو ما سيؤدي إلى تشابك وتداخل واختلاف الأدوار وإلى ازدواجيات في إنجاز مختلف المشاريع والاستثمارات والأشغال. وقد يحدث العكس بحيث تتقاعس الجماعات ا عن القيام بوظائفها وممارسة اختصاصاتها، معتقدة في ذلك أنها من اختصاصات جماعات أخرى أو هيآت عمومية أخرى. فهذه الصيغة في تحديد الاختصاص العام، كثيرا ما كانت سببا في سوء تدبير الشأن العام المحلي إذ أضاعت فرص حقيقية للاستثمار والتدخل الاقتصادي والعمل التنموي.
كما ان الغموض في الاختصاصات الذاتية لمجلس الجماعة قد يؤدي الى تداخل في الاختصاصات مع الجماعات الترابية الاخرى ، بحيث أنه من بين الانتقادات التي كانت قد وجهت للميثاق الجماعي و للقانون 47.96 المتعلق بتنظيم الجهات والقانون المنظم للعمالات والأقاليم هو عدم وضوح اختصاصات كل جماعة ترابية ما ينتج عنه تداخل وتضارب الاختصاصات بين كل المتدخلين في مجال ترابي معين "جماعة – اقليم/عمالة – جهة"، وهو الراجح أن يقع مع المشروع الجديد، حيث تم التنصيص على اختصاصات فضفاضة وغير محددة، وواقع الأمر يقتضي بطبيعة الحال تدقيق الاختصاصات من أجل تفعيل مبدأي المساءلة والمحاسبة الدستوريين[6].
في مقارنة مبسطة بين الميثاق الجماعي والمسودة نستخلص مايلي :
يلزم[7] الميثاق الجماعي رؤساء الجماعات بتقديم مخطط جماعي للتنمية على المستوى المحلي يا خد بعين الاعتبار حاجيات الجماعة وإمكانياتها، أما المسودة ففي قسم صلاحيات مجلس الجماعة ورئيسه نجد فقط العبارات التالية: يعد وينفذ برنامج عمل الجماعة. (المادة 68) دراسة برنامج عمل الجماعة والمصادقة عليه (المادة 65) وهي هزيلة بالمقارنة مع مقتضيات المادة 36 من الميثاق الجماعي التي نذكر منها على سبيل المثال : دعم المقاولات -انعاش السياحة - جدب الاستثمار - إنعاش الاقتصاد المحلي .
و وجبت الاشارة الى وجود اشكالية دستورية تتمثل في تخصيص قانون تنظيمي الجماعات الترابية دون للجهة ،لكون منطوق الفصل 146 من الدستور ينص على قانون تنظيمي "واحد" يشمل كل مستويات الجماعات الترابية بما فيها الجهات، وليس "قوانين تنظيمية" لكل مستوى من الجماعات الترابية قانون تنظيمي خاص، وهو ما يمكن أن نستنتجه من مقدمة الفصل السالف الذكر الذي ينص بصريح العبارة : "تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة : شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية الأخرى..."
إن التدبير الجديد للشأن المحلي يقتضي تمكين الجماعات الترابية كإطار ملائم ومناسب للمساهمة في صياغة استراتيجيات جديدة للتنمية، بات من الضروري أن ينتقل دور الإدارة المحلية من المساهم إلى الشريك الفعلي والمنشط الحقيقي للتنمية، وكذلك المنسق الأمثل لتدخلات مختلف الشركاء الاقتصاديين لكن ما جاءت به المسودة نزل بالجماعات من جماعات ترابية باختصاصات نص عليها الدستور الى جماعة إدارية يتحكم الوالي والعامل في كل دوليب عملية تدبيرها و تسييرها . وهو بذلك تراجع عن الوضع الذي كان.
الهوامش
واعتمادا على مبدإ التشاركیة، فقد انطلقت مشاورات حول الترسانة التشریعیة المنظمة لھذا الورش. وفي ھذا الإطار، طرحت الوزارة الوصیة مسودة مشروع قانون تنظیمي حول الجماعات، فإلى أي حد تستجیب ھذه المسودة للمقتضیات الدستوریة؟
ما یعطي لھذه المسودة أھمیة كبرى ھو أن الأمر یتعلق بقانون تنظیمي، وھذا النوع من المشاریع یكمل الدستور، ولذلك بعد التصویت علیھا من البرلمان تحال وجوبا على المجلس الدستوري من أجل إبداء الرأي فیھا[1]
وتتكون هذه المسودة من 74 مادة تبتدئ من قسم شروط تدبير الجماعات لشؤونها لتنهي عند باب المقتضيات الخاصة بجماعة الرباط و مشاور القصر الملكي، مسودة من الأهمية بمكان ونظرا لكونها مشروع الإطار القانوني الذي يحكم كل ما يتعلق بالجماعة من انتخاب المجلس إلى نهاية ولايته مرورا بانتخاب رئيسه وأعضائه في مختلف المهام ، وبتشكيل اللجان الدائمة والمؤقتة ،كما يتناول مختلف تدابير التسيير الإداري والمالي واللوجستي للجماعة ... ، وذلك قصد تمكينها من بلوغ أهداف التنمية المتوازنة والعادلة
ومن بين أهم المستجدات التي أتت بها هذه المسودة:
- مبادئ التفريع والتدبير الحر
- انتخاب أعضاء مجلس الجماعة بالاقتراع العام المباشر:
- منع الترحال السياسي مدة الانتداب :
- السلطة التنظيمية المحلية[2]
- تفعيل دور القضاء الإداري
.
- تقديم عرائض لمجلس الجماعة
غير أن المتأمل في سطورالمسودة وبتمعن لا بد وأن تستوقفه حتما مجموعة من الملاحظات الجوهرية والتي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
الملاحظ أن الوصاية مازالت حاضرة وبقوة من خلال هذه المسودة، اذ أن سلطة الوصاية تمارس المراقبة الإدارية على الجوانب المرتبطة بشرعية قرارات ومقررات الجماعة طبقا للمادة 09 من المسودة وهذا مناقض لمبدأ التدبير الحر واستقلالية الجماعة.
لقد نص الفصل 136 من الدستور على أن “التنظیم الجھوي والترابي یرتكز على مبادئ التدبیر الحر، وعلى التعاون والتضامن، ویؤمن مشاركة السكان المعنیین في تدبیر شؤونھم، والرفع من مساھمتھم في التنمیة البشریة المندمجة والمستدامة”.
وھو ما یلغي مفھوم الوصایة على عمل الجماعات الترابیة و كل أشكال الرقابة المتعلقة باختیارات الجماعات الترابیة، بحیث أن أدوار الإدارة وجب أن تقتصر على الدعم والمساعدة كما ھو منصوص علیھ في الفقرة الثالثة من الفصل 145 من الدستور “یساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابیة، وخاصة رؤساء المجالس الجھویة، على تنفیذ المخططات والبرامج التنمویة.”
وبالتالي حتى في حالة ملاحظة اختلالات في تدبیر الجماعات، فوجب أن تشكل موضوع طعن لدى المحاكم الإداریة احتراما لمبدأ التدبیر الحر.
وقد یقال بأن الدستور في نفس الفصل 145 قد أعطى للولاة والعمال سلطة المراقبة الإداریة.
في ھذا السیاق یمكن إبداء الملاحظتین التالیتین[4]:
- الحدیث عن سلطة المراقبة في سیاق الفقرة المتعلقة بدور الولاة والعمال في علاقتھم بالحكومة “ یعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمین تطبیق القانون، وتنفیذ النصوص التنظیمیة للحكومة ومقرراتھا، كما یمارسون المراقبة الإداریة.”فھذا الاختصاص یمارس باسم الحكومة، واعتمادا على مبدأ التدبیر الحر فلا سلطة للحكومة علیھا، ومن تم لا رقابة. كما أن الفقرة التي تتحدث عن علاقة الولاة والعمال بالجماعات ھي الفقرة الموالیة والتي تتحدث عن المساعدة في تنفیذ المخططات والبرامج التنمویة.
وتأتي الفقرة الموالیة “یقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنیین بتنسیق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزیة، ویسھرون على حسن سیرھا.”
لتوضح دورا آخر للولاة والعمال یتمثل في تنسیق أنشطة المصالح اللاممركزة، بما یمكنھم من دعم الجماعات الترابیة ومساعدتھا في تنزیل مشاریعھا التنمویة عبر تنسیق عمل المصالح الإداریة التابعة للحكومة
- وحتى لو سلمنا جدلا بأن المراقبة الإداریة تتجھ حتى إلى الجماعات الترابیة، فالقیام بھا یجب أن یتم في سیاق احترام مبدأ “التدبیر الحر” أي عبر الآلیة القضائیة.
كما أن مبدأ التدبیر الحر یستوجب مراجعة عمیقة لمجمل النصوص القانونیة المرتبطة بمجالات تدخل الجماعات الترابیة لتكریس ھذا المبدأ.
مبدأ التفریع:
لقد نص الفصل 140 من الدستور على أن للجماعات الترابیة، وبناءا على مبدإ التفریع، اختصاصات ذاتیة واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إلیھا من ھذه الأخیرة. وعلى أن الجھات والجماعات الترابیة الأخرى تتوفر، في مجالات اختصاصاتھا، وداخل دائرتھا الترابیة، على سلطة تنظیمیة لممارسة صلاحیاتھا.
وھو ما یعني أمرین أساسیین:
أ- اعتمادا على مبدأ التفریع وجب إعادة النظر بشكل عمیق في اختصاصات الجماعات الترابیة لتجنب التداخل الحاصل حالیا فیما بینھا بناءا على تقسیم واضح للوظائف، حیث یمكن تركیز وظائف الجھات على كل ما ھو تنموي والجماعات الترابیة الأخرى على ما ھو خدماتي
ب- نص الدستور على أن كل الجماعات الترابیة وجب أن تتوفر على سلطة تنظیمیة لممارسة صلاحیاتھا، مع ما یعنیھ ذلك من حاجة إلى تنظیم ھذه السلط ووضع المؤسسات الإداریة اللازمة لممارستھا.
تقييد السلطة التنظيمية المحلية
كما ان السلطة التنظيمية المحلية مرتهنة بترسانة ثقيلة من النصوص التنظيمية و هو اشكال سيعطل سلطة التنظيم اذ نصت المسودة في المادة 8 انه لا يجوز أن تشتمل القرارات التنظيمية الصادرة عن الجماعة على اجراءات مخالفة للأحكام الواردة في القرارات التنظيمية الصادرة عن السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة والمحددة بمقتضى الفصل 90 من الدستور
- عزل الرئيس في منصف الولاية
تعيد المادة 18 نفس الفصل الملغى بمقتضى القانون 17-08 و القاضي بامكانية عزل الرئيس في منصف الولاية و هو ما لن يساعد على استقرار المجالس و سيعمق منطق الابتزاز و الحسابات الصغيرة خاصة و انه توجد مقتضيات تحمي المجالس من حالات (البلوكاج)[5]عند فقدان الرئيس لاغلبيته (المواد 62و 63)قد يتم ايقاف المجالس 3 اشهر او حلها لدى قاضي المستعجلات بالمحكمة الادارية الذي يقضي بالحل يعقبه الحلول.
- 3- غموض في الاختصاصات الذاتية لمجلس الجماعي قد يؤدي الى تداخل في الاختصاصات مع الجماعات الترابية الاخرى
إن القارئ لهذه النصوص القانونية يجد صعوبة في فهم مقتضياتها ومحتواها وأبعادها، والسبب في ذلك كونها جاءت بصيغ فضفاضة وعمومية، تضفي نوعا من الصعوبة في تحديد المقصود مما يفتح الباب لكثرة التأويلات واختلاف الاجتهادات، بحيث قد يحمل الاعتقاد أن لكل جماعة محلية إمكانية التدخل بلا حدود في كل المجالات والميادين، وهو ما سيؤدي إلى تشابك وتداخل واختلاف الأدوار وإلى ازدواجيات في إنجاز مختلف المشاريع والاستثمارات والأشغال. وقد يحدث العكس بحيث تتقاعس الجماعات ا عن القيام بوظائفها وممارسة اختصاصاتها، معتقدة في ذلك أنها من اختصاصات جماعات أخرى أو هيآت عمومية أخرى. فهذه الصيغة في تحديد الاختصاص العام، كثيرا ما كانت سببا في سوء تدبير الشأن العام المحلي إذ أضاعت فرص حقيقية للاستثمار والتدخل الاقتصادي والعمل التنموي.
كما ان الغموض في الاختصاصات الذاتية لمجلس الجماعة قد يؤدي الى تداخل في الاختصاصات مع الجماعات الترابية الاخرى ، بحيث أنه من بين الانتقادات التي كانت قد وجهت للميثاق الجماعي و للقانون 47.96 المتعلق بتنظيم الجهات والقانون المنظم للعمالات والأقاليم هو عدم وضوح اختصاصات كل جماعة ترابية ما ينتج عنه تداخل وتضارب الاختصاصات بين كل المتدخلين في مجال ترابي معين "جماعة – اقليم/عمالة – جهة"، وهو الراجح أن يقع مع المشروع الجديد، حيث تم التنصيص على اختصاصات فضفاضة وغير محددة، وواقع الأمر يقتضي بطبيعة الحال تدقيق الاختصاصات من أجل تفعيل مبدأي المساءلة والمحاسبة الدستوريين[6].
- 3- رصد غياب عبارة "تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، إعمالا لمبدأ التدبير الحر المقيد
في مقارنة مبسطة بين الميثاق الجماعي والمسودة نستخلص مايلي :
يلزم[7] الميثاق الجماعي رؤساء الجماعات بتقديم مخطط جماعي للتنمية على المستوى المحلي يا خد بعين الاعتبار حاجيات الجماعة وإمكانياتها، أما المسودة ففي قسم صلاحيات مجلس الجماعة ورئيسه نجد فقط العبارات التالية: يعد وينفذ برنامج عمل الجماعة. (المادة 68) دراسة برنامج عمل الجماعة والمصادقة عليه (المادة 65) وهي هزيلة بالمقارنة مع مقتضيات المادة 36 من الميثاق الجماعي التي نذكر منها على سبيل المثال : دعم المقاولات -انعاش السياحة - جدب الاستثمار - إنعاش الاقتصاد المحلي .
و وجبت الاشارة الى وجود اشكالية دستورية تتمثل في تخصيص قانون تنظيمي الجماعات الترابية دون للجهة ،لكون منطوق الفصل 146 من الدستور ينص على قانون تنظيمي "واحد" يشمل كل مستويات الجماعات الترابية بما فيها الجهات، وليس "قوانين تنظيمية" لكل مستوى من الجماعات الترابية قانون تنظيمي خاص، وهو ما يمكن أن نستنتجه من مقدمة الفصل السالف الذكر الذي ينص بصريح العبارة : "تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة : شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية الأخرى..."
إن التدبير الجديد للشأن المحلي يقتضي تمكين الجماعات الترابية كإطار ملائم ومناسب للمساهمة في صياغة استراتيجيات جديدة للتنمية، بات من الضروري أن ينتقل دور الإدارة المحلية من المساهم إلى الشريك الفعلي والمنشط الحقيقي للتنمية، وكذلك المنسق الأمثل لتدخلات مختلف الشركاء الاقتصاديين لكن ما جاءت به المسودة نزل بالجماعات من جماعات ترابية باختصاصات نص عليها الدستور الى جماعة إدارية يتحكم الوالي والعامل في كل دوليب عملية تدبيرها و تسييرها . وهو بذلك تراجع عن الوضع الذي كان.
الهوامش
[1] - نور الدين قربال ،قراءة في مسودة مشروع القانون التنظیمي حول الجھویة، المساء- العدد : 2432
[2] - EL YAÂGOUBI (M) : « Le pouvoir réglementaire local au Maroc (Article 140, alinéa 2 de la constitution(», REMALD, série « Thèmes Actuels », n° 82, 2013.p :313 et s.
[3] -كريم لحرش : الدستور الجديد للمملكة شرح و تحليل ،ص175
[4] - عبد الصمد سكال، رھانات إصلاح منظومة اللامركزیة واللاتمركز في البرنامج الحكومي والدستور الجدید،التجديد ،26/04/2012 .
[[5]]url:#_ednref5 -أمينة ماء العينين ، قراءة اولية غير عميقة في مسودة مشروع القانون التنظيمي حول الجماعات
[[6]]url:#_ednref6 - العباس الوردي، مسودة مشروع القانون التنظيمي حول الجهة: "المكاسب والنقائص والحلول"، المساء العدد :2422.
[[7]]url:#_ednref7 - رغم غياب الصيغة الملزمة .