MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




قراءة في مشروع القانون المتعلق بتحديد شروط الشغل و التشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين

     

الدكتورة بشرى التيجي
باحثة في الشؤون القانونية



قراءة في مشروع  القانون المتعلق بتحديد شروط الشغل و التشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين
بعد سنوات من الانتظار ومع تزايد حالات التعذيب للخادمات التي عرفها المغرب والتي كشف الإعلام بعض صورها المشينة، والتي لا تتماشى مع قيم المجتمع المغربي، ظهر مشروع قانون العمال المنزليين الذي وافقت عليه الحكومة في 12 أكتوبر 2011 وما يزال معروضا على البرلمان.

ويخص هذا المشروع ما يقرب من 70 ألف خادمة يشتغلن في البيوت المغربية دون حماية، وذلك مقابل دخل لا يتجاوز 500درهما شهريا رغم أنهن يعملن بدون توقف طيلة اليوم ولمدة تتجاوز 10 ساعات، هذا إضافة إلى أن شريحة كبيرة منهن يشتغلن طيلة أيام العطل والآحاد ناهيك عن أيام الأعياد

ويعتبر هذا المشروع تطبيقا لمقتضيات المادة الرابعة من مدونة الشغل التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2004 ، كما يندرج في إطار السعي إلى هيكلة القطاعات الغير المنظمة، إذ يضبط وينظم علاقات الشغل التي تربط بين رب البيت والعامل عنده، من خلال تحديد طبيعة العمل الذي يقوم به، والأجر وساعات العمل وغيرها من الشروط، مما يجعله مكسبا للجمعيات التي طالبت بحماية الأطفال، وضمان حقوقهم في ولوج المدارس،

ونظرا لأهمية هذا المشروع فقد ارتأينا تسليط الضوء على بعض مقتضياته


أولا: حول تسمية العمال المنزليين


لقد اختار المشروع تسمية الفئة المستهدفة من ورائه بعمال المنازل بدل الاسم الذي كان متداولا "خدم البيوت" وهي إشارة ايجابية تهدف إلى الرقي بهذه الفئة إلى مصاف العمال (الأجراء) المنتجين والمشتغلين في مجالات مختلفة.

وهكذا فقد جاء في المادة الأولى تعريفا للعامل المنزلي، بالعامل الذي يقوم بشكل مستمر مقابل اجر بانجاز أشغال مرتبطة بالبيت.

وقد استبعد المشروع العمال الذين يتم وضعهم رهن إشارة صاحب البيت من قبل وكالة التشغيل المؤقت، وكذا البوابون في البنايات المعدة للسكنى الخاضعون لأحكام الظهير الشريف بمثابة قانون الصادر في 8 أكتوبر 1977، هذا إضافة إلى أن المشروع استبعد حراس البيت المرتبطين بعقد شغل مع إحدى شركات الحراسة الخاضع نشاطها لمقتضيات القانون رقم 06-27 المتعلق بأعمال الحراسة ونقل الأموال


ثانيا- العلاقة بين طرفي العقد


اعتبر المشروع أن العلاقة بين المشغل والعامل هي علاقة تخضع لتصريح (عقد) يعده صاحب البيت وفق نموذج يحدد بنص تنظيمي، ويوقعه الطرفان معا ويخضع هذا التوقيع للشروط العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود لاسيما شرط الأهلية ، وهو ما يعني أن القانون يمنع اشتغال الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة،

وفي حال ما إذا كان الأشخاص المراد تشغيلهم تتراوح أعمارهم ما بين 15 سنة و 18 سنة فينبغي في هذه الحالة أن يكونوا حاصلين على رخصة من أولياء أمرهم للاشتغال كعمال منزليين ،

ويتعرض المشغل لغرامة مالية تتراوح ما بين 25000 درهما الى 30000 درهما إذا ما استخدم عاملا منزليا يقل عمره عن 15 سنة ، أو إذا شغل عاملا يتراوح عمره ما بين 15 سنة و18 سنة بدون ترخيص من وليه

ويحرر العقد (أو التصريح كما جاء في المشروع ) الذي يربط بين الطرفين في ثلاثة نظائر مصادق على صحة إمضائها، يأخذ نظيرا منه العامل والآخر صاحب المنزل، أما الثالث فيودع لدى مفتشية الشغل المختصة.


ثالثا: الضمانات المرتبطة بالبيانات الشخصية وطبيعة العمل


لقد طالب المشروع من العامل المنزلي أن يقدم لصاحب البيت جميع الوثائق التي يطلبها، ولاسيما تلك المتعلقة باسمه وعنوانه وتاريخ ومكان ازدياده وبحالته العائلية، وكذا بنسخ من الشهادات المدرسية والمهنية التي يتوفر عليها، ويعاقب بغرامة مالية تتراوح ما بين 300 و500 درهم كل عامل منزلي لم يقدم لصاحب البيت جميع الوثائق التي يطلبها

كما الزم المشروع العامل بإحاطة صاحب البيت علما بكل تغيير يطرأ على عنوانه أو حالته العائلية

ويهدف المشروع من خلال هذا الشرط أمرين أساسيين الأول ضمان المعرفة التامة بمؤهلات العامل المنزلي ومدى كفاءته لأداء المهام المنوطة به، والثاني يتمثل في إعطاء الضمانة لصاحب البيت من اجل الاطمئنان على بيته وسلامة عائلته .

وفي مقابل هذه الواجبات التي فرضها المشرع على العامل فانه قد ضمن له حقوقا منها انه يمنع تشغيل العمال المنزليين في أشغال تشكل مخاطر بالغة عليهم أو تفوق طاقتهم، أو قد يترتب عليها ما قد يخل بالآداب العامة، ولا يمكن أن تتجاوز الأشغال التي يقومون بها تلك المرتبطة بالبيت كالتنظيف، الطبخ،تربية الأطفال أو العناية بفرد من أفراد البيت بسبب سنه أو عجزه أو مرضه أو كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة، القيام بأعمال البستنة، وحراسة البيت، كما أضاف المشرع الأعمال المرتبطة بسياقة السيارة ضمن الأعمال المنزلية شرط ان ترتبط هذه السياقة بجلب أغراض البيت .


رابعا: المقتضيات المتعلقة بالأجر


إن الأجر الذي يتقاضاه العامل المنزلي يعتبر مطلبا أساسيا له، ودافعا له للاستمرار في عمله، ونظرا لأهمية الأجر، ونظرا للحيف الذي قد يطال هذه الفئة ، فقد اشترط المشروع إلا يقل المبلغ المتقاضى عن 50% عن الحد الأدنى للأجور المعمول بها في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة، وهو ما يعادل تقريبا 1175 درهما شهريا ، على انه يمكن للطرفين أن يتفقا على اجر يفوق ذلك
ويمكن للعامل أن يستفيد من بعض الامتيازات العينية مثل التطبيب والمأكل والملبس وغيرها إذا ما تم الاتفاق على ذلك
هذا علما أن المشروع اعتبر أن العامل المنزلي يستحق تعويضا عند فصله إذا قضى سنة من الشغل لدى نفس صاحب البيت، ولقد حدد مبلغ هذا التعويض تبعا للأقدمية التي يتوفر عليها العامل وذلك وفقا للمادة 12 من المشروع


خامسا:المقتضيات المتعلقة بالعطل


لقد خص المشروع العامل المنزلي براحة أسبوعية لا تقل عن 24 ساعة متصلة، ومن عطلة سنوية مدفوعة الأجر إذا قضى ستة اشهر متصلة في خدمة صاحب البيت على الا تقل مدتها عن يوم ونصف يوم عمل عن كل شهر، هذا إضافة الى استفادته من الراحة خلال ايام الأعياد الدينية والوطنية ، ومن رخص تغيب بسبب أحداث عائلية كالزواج والمرض ووفاة احد الأقارب


سادسا: دور مفتشية الشغل


لقد نظم المشروع حالات النزاع التي من الممكن أن تقع بين الطرفين، وأعطى لمفتشية الشغل حق التدخل في حله،وتبعا لذلك يستدعي المفتش الطرفين للوقوف على طبيعة الخلاف ، ويقوم بإجراءات التصالح بينهما إذا أمكنه ذلك، وإذا تعذر عليه الوصول الى ذلك، يحرر محضرا في الموضوع.

خلاصة القول إن تقديم هذا المشروع يعتبر خطوة ذات بعد إيجابي على المستوى السوسيو-إقتصادي، و ما يمكن طرحه حاليا هو الدفع في اتجاه الإسراع بإخراج هذا القانون إلى حيز الوجود و الإسراع بمناقشته مناقشة تزاوج بين المصالح الإجتماعية و المصالح الإقتصادية، مع الأخذ بعين الإعتبار أقوى صعوبة يمكن أن تتحقق عند تنفيذ هذه المقتضيات و هو صعوبة مراقبة مدى إحترام المشغلين لهذه الضمانات القانونية المخولة لعمال المنازل نظرا لتصادمه مع مبدأ حرمة المنازل التي يجب أن لا تنتهك،

و حيث إن المشروع قد إعتمد في البعض من مقتضياته على تقنية الإحالة على القوانين التنظيمية لإتمام المقتضيات الواردة فيه فإنه لا مناص من الدعوة إلى ضرورة العمل على بلورة هذه النصوص بالموازاة مع مناقشة المشروع قصد إصدارها في فترة زمنية قريبة من صدور القانون مادام أن القانون لن يتم تنفيذه إلا بعد صدور هذه النصوص التنظيمية على إعتبار أن المشروع ينص في مادته الأخيرة على أن القانون سيدخل حيز التنفيذ سنة من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية لجميع النصوص اللازمة لتطبيقه التام.

تاريخ التوصل 09/11/20011
تاريخ النشر 09/11/2011



الجمعة 9 ديسمبر 2011
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter