مقدمة
يعتبر المغرب من الدول التي تمتاز بتنوع الانضمة العقارية منها ما ينتمي إلى أملاك الدولة الخاصة، ومنها ما يخضع للاستغلال الجماعي أو ما يسمى بالملك العمومي الذي يهدف بالأساس إلى التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد ،كما يتميز بخاصية فريدة تتمثل في كونه موضوع تحت تصرف العموم و هده الخاصية جعلت المشرع يضع له نظاما لهدا القطاع .
وقد كان من أول اهتمامات السلطة الحماية الفرنسية خلال السنوات الأولى من الحماية هو بسط يدها على الملك العام ومراقبة عملية تدبيره لأجل دلك عملت على الفصل ما بين الملك العام و الملك الخاص للدولة و أدخلت المفاهيم القانونية الجديدة في القانون الوضعي المغربي كما هي مطبقة في فرنسا و بعض مستعمراتها كالجزائر و تونس .وفي هدا الإطار صدرت دورية للصدر الأعظم مؤرخة في فاتح نونبر 1912 تمييز ما بين أملاك المخزن التي لا يمكن تفويتها إلا بترخيص من المخزن و أملاك غير قابلة للتفويت و هي الطرق و المسالك و شواطئ البحر و الموانئ و الأنهار و البنايات العمومية و أسوار المدن ثم بعد دلك صدر ظهير شريف بتاريخ فاتح يوليوز 1914 حول الملك العام الذي وضع الأسس و القواعد القانونية للملك العام للدولة و الجماعات المحلية ، حيث حدد خصائص الملك العام في عدم قابلية تفويته أو تملكه بالتقادم و كيفية استخراجه من حيز الملكية العامة و مسطرة جديدة لتحديده .
وقد جاء ظهير شريف بتاريخ 30 يوليوز1918 في شأن الاحتلال المؤقت للملك العمومي لتحديد مسطرة استغلاله و مراقبته و حمايته وقد تم تمديد تطبيق التشريع المطبق على منطقة الحماية الفرنسية إلى منطقة الحماية الاسبانية والى منطقة طبنجة الدولية بمقتضى الظهير الشريف الصادر في 31 مارس 1958 وعلى المرسوم الصادر في 02 يونيو 1958 في هدا الشأن
ومفهوم الملك العمومي تطور بتطور الاجتهادات الفقهية و القضائية خاصة بفرنسا و القوانين المنضمة للملكية العامة ولا مجال للتفصيل بين المدارس و التيارات الفقهية في فرنسا فهناك المدرسة التي تعتبر الملك العام هو الملك العام الطبيعي كالشواطئ و الأنهار المخصصة للمنعة العامة و المدارس التي ترتكز على الملك.
و هناك من تعتبر الملك العام الملك المخصص لتسيير المرافق العمومية كالطرق و الملاعب الرياضية والمحطات الطرقية.
أما الاتجاه الثالث فقد جمع بين اتجاهين السالفي الذكر. فالملك العام هو مجموع الأملاك المخصصة للمنفعة العامة إما للاستعمال المباشر من طرف العموم أو المرفق العام
ومن هده الاتجاهات الفقهية يمكن إجمال معايير تميز الملك العمومي كما يلي:
أن يكون المالك في ملكيته شخص معنوي عام كالدولة أو الجماعات المحلية
أن يكون مخصصا للمنفعة العامة أما للاستعمال المباشر من طرف العموم أو لتسيير المرفق العام
الأملاك المخصصة للمرفق العام يجب تكون موضوع تهيئة خاصة لهدا الغرض
والمشرع المغربي لم يضع تعريفا دقيقا للملك العام و قد جاء في ظهير فاتح يوليوز1914 بأن الأملاك العمومية لا يسوغ لاح دان ينفرد بتملكها لأنها على الشياع بين الجميع و تتكفل الدولة بتدبير أمرها فالمعيار الذي أخد به المشرع المغربي في بداية القرن20 هو عدم قابلية الملك العمومي للتملك من طرف الخواص أي انه ملك عام و هو ملك مخصص لاستعمال الجميع و انه مخصص للمنفعة العامة وتتولى الدولة تدبيره.
وتكمن الأهمية النظرية لهدا الموضوع في كون أن المشرع المغربي حاول تنظيمه و تأطيره لاسيما في ظهير فاتح يوليوز 1914
أما الأهمية العملية فتكمن في كون أن الملك العمومي ضروري للحياة داخل المجتمع بحيث لا يمكن تصور هدا الأخير بدون طرق عمومية و شواطئ عمومية و انهار عمومية ولما يشكله الملك من مورد رئيسي للتنمية الاقتصادية.
ادن فما المقصود بالملك العمومي ؟ وما هي الطرق القانونية المقررة لحمايته ؟
للإجابة عن هده الإشكاليات ،ارتأينا معالجة الموضوع من خلال التقسيم التالي:
المبحث الأول:الأحكام العامة للأملاك العمومية
سنحاول من خلال هذا المبحث التطرق إلى كل من مفهوم الملك العمومي وخصائصه في المطلب الأول على أن ندرس في المطلب ثاني النظام القانوني للأملاك العامة.
المطلب الأول:مفهوم الملك العام و خصائصه
لتحديد مفهوم الملك العام لابد من عرض مختلف التعاريف التي أعطيت له في هذا المجال سواء من طرف التشريع,من طرف القضاء أو من طرف الفقه (الفقرة الأولى (, حتى نتمكن من توضيح الخصائص التي يتميز بها عن الملك الخاص ووضعية كل واحد منهما بالمقارنة مع الآخر )الفقرة الثانية (.
الفقرة الأولى:تعريف الملك العام
لتحديد مفهوم الملك العام لابد من عرض مختلف التعاريف التي أعطيت له هذا سواء من طرف المشرع أو من طرف القضاء أو من طرف الفقه حتى نتمكن من توضيح الخصائص التي يتميز بها عن الملك الخاص, خاصة و أن هناك مجموعة من المعايير التي تعد أساسا للتمييز بينهما .
ففي فرنسا تضاربت الآراء الفقهية حول مسالة تمييز الملك العمومي فتمخضت عن ذلك ثلاث اتجاهات رئيسية تركزت على ضرورة تحديد مجال الأملاك العمومية و كذا طبيعتها .ويمكن إجمال المعايير التي اعتمدتها هذه النظريات في ثلاث نقط أساسية :معيار طبيعة المال,معيار تخصيص المال لخدمة مرفق عمومي ,معيار تخصيص المال للمنفعة العامة.[1]
أما بالنسبة للمشرع المغربي فانه يعرف الأموال العامة في الفقرة الأولى من المادة 87 من التقنين المدني فيبين ذلك أن المشرع لم يورد حصرا معينا للأموال العامة بل أضفى صفة المال على سائر العقارات و المنقولات المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية كالمؤسسات و الهيئات... ألا أن المشرع قد قيد ذلك و أوضحه حتى لا يختلط مفهوم الملك العام على العقارات و المنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم[2].
ويمكن أن نستنتج أن المشرع في معظم الدول قد اخذ بمعيار واسع التطبيق يسمح بالتمييز بين الملك العام و الملك الخاص انطلاقا من مدى تخصيصه للمنفعة العامة, هو نفس المنحى الذي سار عليه المشرع الفرنسي و أكده الاجتهاد القضائي فيما بعد.
أما بالنسبة للتشريع المغربي فتتمثل أهم النصوص القانونية المنظمة للأملاك العامة في المغرب في نصين أساسيين و هما:منشور فاتح نونبر 1912 و ظهير فاتح يوليوز 1914.
بالرجوع إلى هذا الظهير الذي لازال يشكل المرجع الأساسي بالنسبة لهذه المادة خاصة ما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل الأول:؟" وعلى العموم كل الأراضي و الأعمال التي لا يمكن للأفراد أن يمتلكوها لأنها مشاعة".
إن المشرع المغربي لم يعط تعريفا واضحا و محددا للأملاك العامة بل اكتفى بتحديدها على فكرة الاستعمال من طرف الجميع,حيت اعتبر أن الأملاك العمومية هي الأملاك التي لا يمكن استعمالها بطريقة انفرادية و إنما تستعمل بشكل جماعي سواء بحكم طبيعتها أو بحكم تخصيصها من طرف المشرع[3].
نلاحظ أن اعتماد المشرع لمعيار التخصيص لاستعمال الجميع لا يخلو من غموض و لا يصلح لوحده للتمييز بين الملاك العامة و الأملاك الخاصة خصوصا في الوقت الحالي حيت تمت صياغته بصفة عامة و غير واضحة.
كما نجد آن المشرع المغربي لم يعط لنا ,من خلال النصوص القانونية المختلفة جردا حصريا لكافة الأملاك العمومية التي تملكها الجماعات العمومية و إنما اكتفى بإعطاء أمثلة على سبيل الاستئناس فقط,فمثلا الفصل الأول من الظهير أعطى سردا للأملاك العامة التي يمكن أن تعتبر أملاكا عمومية كالشواطئ و المراسي,المنارات,البحيرات,الآبار,الطرق و الأزقة...
وعليه فتعريف الملك العام لا يبدو واضحا ,كما أن المشرع المغربي ينظر إلى الملك باعتباره ملكا مملوكا للدولة أو للإدارة أو مخصصا لاستعمال الجمهور إما مباشرة أو عن طريق استعماله من طرف المرفق العام.
وقدم بمقابل ذلك, تعريفا سلبيا للأملاك الخاصة التي تملكها الجماعات, بحيث اعتبرت من قبيل تلك الأملاك كل الأملاك التي لا تدخل في دائرة الأملاك العامة.واقتصارا على ذلك,يبدو الأمر في غاية السهولة إذ سيكون من الأيسر علينا معرفة الأملاك الخاصة بمجرد تحديدنا للأملاك العامة,وهو شيء يتعذر علينا عليتا القيام به على اعتبار أن المشرع المغربي ,كما سلف القول, لم يضع جردا حصريا للأملاك العامة و إنما اكتفى بسرد بعضها على سبيل المثال,مستبدلا بذلك الصعوبة بصعوبة أخرى,إذ يتعين علينا معرفة الأملاك الخاصة, لنضع قائمة حصرية لمختلف الأملاك العامة.
ومن هده الزاوية ,إذن, يظهر لنا أهمية التنقيب عن المعيار الذي اعتمده التشريع المغربي في هذا الباب باعتباره الوسيلة التي بواسطتها يمكننا وضع الحدود الفاصلة بين ما يعد أملاكا عامة و ما يعد أملاكا خاصة.
وانعدام الوضوح النسبي هنا,يجرنا للحديث عن موقف القضاء المغربي من هذه القضية.
حيث لعب الاجتهاد القضائي دورا أساسيا في تعريف الملك العمومي ورصد عناصره و منطلقا أساسيا بالنسبة لمختلف المواقف التي تبناها الفقهاء أو بالنسبة للتعريف الذي اعتمده المشرع بهذا الصدد.
أن القضاء المغربي فسر مبدأ الاستعمال من طرف الجميع تفسيرا واسعا و اعتمده كأساس للتمييز بين الأملاك العامة و الأملاك الخاصة,فالأملاك العمومية هي الأملاك العقارية و الأموال المنقولة سواء كانت هذه الأموال مخصصة للاستعمال المباشر للجمهور أم كانت مخصصة لخدمة المرافق العامة و ذلك وفقا لمل جاء في الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 28 أكتوبر[4]1957.
و في بعض الاجتهادات القضائية الصادرة عن المحاكم الإدارية, و بالرغم من قلتها,نلاحظ محاولة القضاء اعتماد المعيارين معا :معيار التخصيص الفعلي و معيار التخصيص القانوني أيضا لإضفاء صفة العمومية على ملك من الأملاك و هذا ما نجده في إحدى القضايا المطروحة على المحكمة الإدارية بفاس بتاريخ 2002/12/10[5] :"وحيث أن المقصود فقها و قضاء بالأموال العامة سواء كانت للدولة أو للجماعات أو المؤسسات العمومية ,هي تلك الوسائل المادية التي تستعين بها الجهات الإدارية على ممارسة نشاطها خدمة للصالح العام و يشترط لاعتبارها أموالا عامة أن تكون مخصصة للمنفعة العامة بالفعل آو بمقتضى القانون من جهة أخرى,والتخصيص بالفعل معناه لرصد المال العام لاستعمال الجمهور مباشرة ,أما التخصيص بالقانون فهو متى ينص القانون على اعتبار مال معين من الأموال العامة".
ومن أحكام المحاكم الإدارية التي سارت في نفس الاتجاه نذكر:حكم المحكمة الإدارية بوجدة[6] و الذي جاء فيه:"وحيث انه إذا كان المال العام هو ما تملكه الدولة و الأشخاص الاعتبارية العامة التابعة لها من عقارات و منقولات مخصصة بالفعل أو بمقتضى القانون للنفع العام و خدمة المصلحة العامة و تسيير المرفق العام..".
إذن هناك اعتراف بتبني المعيارين معا:التخصيص الفعلي و التخصيص القانوني لتحديد صفة الأملاك و هذا من شانه أن يشكل وسيلة لتوحيد الاجتهاد القضائي بهذا الخصوص و إزالة التناقض و كل التباس من شانه أن يشجع الإدارة على استعمال سلطتها التقديرية في مجال تخصيص الأملاك العمومية.
إن المشرع المغربي يستوجب عليه سن نصوص قانونية واضحة و محينة تحدد بشكل حصري الأملاك العامة حتى يتسنى تمييزها عن الأملاك الخاصة,وبذلك يتم حصر التدخل القضائي في ظل وجود نص صريح يتعلق بتدبير و تسيير هذه الأملاك و حمايتها.
الفقرة الثانية:تصنيف أملاك الدولة العامة
تشمل أموال الدولة العامة على أملاك مختلفة ,يمكن تقسيمها عدة تقسيمات بحسب الزاوية التي ينظر إليها منها.
فبالإضافة إلى تقسيمها من حيث طريقة تكوينها إلى أملاك طبيعية و اصطناعية,يمكن تقسيمها بحسب الجهة المالكة لها إلى أملاك عامة للدولة و أخرى للجماعات المحلية,ومن حيث محتواها يمكن تقسيمها إلى أملاك برية و مائية و جوية,إما من حيث طبيعتها فتصنف إلى أملاك عامة عقارية و منقولة[7].
تصنيف أملاك الدولة العامة حسب محتوياتها:
وتنقسم إلى أملاك الدولة و أملاك الجماعات المحلية[9]:
غير أن الشيء الجديد في هذا الظهير هو آن الأملاك الداخلة بدائرة الملك العمومي القروي تكون كذلك بحكم تخصيصها لاستعمال العموم أو بحكم استعمالها لتسيير المرافق العمومية المحلية التابعة للمجالس القروية.
فمعيار الدومين العام هما لم يبق مبهما كما كان الشأن بالنسبة لأملاك الدولة العامة في إطار ظهير 1914 والذي يستعمل عبارة استعمال العموم , ولكن من غير تبيان فرضية التخصيص المباشرأو غير المباشر في حين أن ظهير 1954 يميز بوضوح حالة التخصيص لاستعمال العموم والتخصيص لتسيير المرافق العمومية .
إما فيما يتعلق بالمسطرة المتبعة سواء فيما يخص تخصيص هذه الأملاك بالدومين العام[14] أو نزع هذا التخصيص , فيتم دلك بموجب قرار وزاري يصدر بعد استشارة مدير الداخلية ورؤساء الإدارة الذي يهمهم الأمر , وبعد اقتراح الجماعة الإدارية (المجلس القروي).
الدومين الخصوصي: للجماعات القروية فهو كل الأملاك غير المخصصة بالدومين العام.
والأملاك الخاصة الجماعية هي بصفة عامة كل الممتلكات التي تملكها الجماعات المحلية ملكية خاصة ولم تكن خصصت صريحا بالأملاك العمومية, بحيث يمكن الاحتفاظ بها كاحتياطات عقارية أو تخصيصها لاستعمال المصالح العمومية أو استغلالها بالكراء أو التصرف فيها بجميع أنواع التصرفات القانونية الجاري بها العمل.
أما في إطار القانون المنظم للجماعات المحلية[15] ,فنجد الفصل السابع من الميثاق الجماعي رقم 78:00 يتحدث بخصوص الجماعات الحضرية التي يفوق عدد سكانها 500.000 نسمة عن نظام الأملاك الموضوعية رهن إشارة المقاطعة دون الإشارة إلى معيار تحديد الملك العام أو جرد لأنواعه.
وبتصفحنا لقانون 17.08 الذي يغير ويتمم بموجبه قانون 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي , يظهر آن المشرع اكتفي بذكر مصادر الأملاك التي يمكن أن تتوفر عليها هذه المجموعات دون تحديد لطبيعتها ولا لأنواعها ولا لمعايير تميزها عمن عداها ويهدا فهو يكرس الغموض الذي اتسمت به النصوص السابقة.
تصنيف الأملاك حسب طريقة تكوينها:
تنقسم الأملاك العمومية حسب طريقة تكوينها إلى أملاك طبيعية واصطناعية وللإلمام بها يجدر بنا آن نعرفها أولا ثم نحاول تحديد طرق تخصيصها ثانيا.
فالأملاك العامة الطبيعية هي الأملاك التي تكتسب صفتها العامة بشكل ألي يعني بفعل العوامل الطبيعية مثل شواطئ البحار ومجاري الأنهار والمعادن الطبيعية , في حين إن الأملاك اصطناعية هي التي تكسب صفتها العامة بفعل تهيئيها من الإدارة وتخصيصها لنفع العام مثل الشوارع العمومية والحدائق العمومية وقنوات الواد الحار والسدود والقناطر وغيرها[16] .
مسطرة تخصيص الأملاك العمومية : إذا كانت الأملاك العامة الطبيعية من حيت طريقة تكوينها تختلف عن الأملاك العامة الاصطناعية بكونها تكون نتاج لعمل من إعمال الطبيعة بينما الأملاك العامة الاصطناعية بكونها تكون نتاجا لصنع الإنسان , فمن الطبيعي والحالة هاته إن تختلفا عن بعضهما كذلك من حيت طريقة طريقة تخصيصها للنفع العام.
فالأملاك العامة الطبيعية يتم تخصيصها لخدمة حاجيات النفع العام ودلك بفعل الطبيعة ذاتها دونما حاجة إلى من لدن الإدارة وحتى لو حصل واتخذت الإدارة قرارا بالتخصيص في هده الحالة فان قرارها دلك لا يكون له أية صفة إنشائية بل لا يعدو أن يكون سوى قرار لتزكية. فظهور بحيرة جديدة بفعل فيضانات مطرية (وهي ظاهرة طبيعية محضة) يؤدي إلى تصنيف هذه البحيرة تلقائيا ضمن الأملاك العامة سواء صدر عمل شكلي بالتخصيص من جانب الإدارة آو لم يصدر في الموضوع .
إما الأملاك العامة الاصطناعية فان تخصيصها للنفع العام لا يتم إلا بتدخل من لدن الإدارة عن طريق قيامها بأعمال مادية أو شكلية , بمقتضاها تقوم بتهيئة الملك وتخصيصه للنفع العام, وعلى ذلك فإذا كان تخصيص الملك العام الطبيعي يتم وفق ما سبق بشكل إلي وموحد فان تخصيص الملك العام الاصطناعي الذي تقوم به الإدارة يمكن إن يتم بطريقتين فعلي وشكلي .
المطلب الثاني: النظام القانوني للأملاك العامة
مما لا شك فيه أن الأملاك العمومية تعتبر الوسيلة المادية الأساسية التي تعتمدها الدولة وباقي أشخاص القانون العام لممارسة نشاطها وإنجاز المشاريع المختلفة والمرتبطة بتحقيق النفع العام،لذلك كان لابد من إخضاع هذه الأملاك لنظام قانوني خاص مغاير للنظام المعمول به في مجال الأملاك الخاصة بمعنى إخضاع الملك العام للقواعد القانونية التي تنظم وتسير هذه الأملاك-الفقرة الأولى- وكذا طرق اكتساب ملك العام-الفقرة الثانية-
الفقرة الأولى:أساليب تدبير الملك العام
إن مسألة تدبير الأملاك العامة تعتبر من المواضيع التي تثير الكثير من الجدل لأنها تثير مجموعة من الإشكاليات ترتبط بشكل كبير بمدى الأهمية التي يتم إعطائها لترشيد الملك العام.و يخضع استعمال الملك العام إما لاستعمال الجماعي للملك العام-النقطة الأولى-أو عن طريق الاستعمال الخاص للملك العام-النقطة الثانية-
حيث أن لكل شخص الاستفادة من الملك العمومي متى شاء ،ولا يتم المساس بهذه الحرية مادامت تتقيد بالقوانين و الأنظمة التي تنظم استعمالها.
وذلك لما تشكله الحرية من حق أساسي من حقوق الإنسان تنادي به جميع المواثيق الدولية،غير أن هذا الاستعمال يجب أن يبقى معقولا وبدون تعسف متوقفا مع طبيعة الملك العمومي،حيث أن مبدأ الحرية ليس على إطلاقه حيث لابد من وجود حدود و ضوابط لاستعمال المال العام وذلك من خلال وضع ضوابط وقيود بغية حماية الملك العام وتمكينها من أداء الغرض الذي خصصت من أجله لتحقيق المنفعة العامة.
حيث تخضع الاستعمالات إلى ضرورة الحصول على ترخيص أو تصريح .
و تبقى حرية الاستعمال للملك العام مقيد بعدم عرقلة النظام العام ومشروطة بممارستها وفق الغرض الذي أعد له.
فإن السلطات الدارية في إطار ممارسة الرقابة على الأملاك العامة لا يجب أن تحيد على الأهداف التي تتوخها وهي بالأساس حفظ النظام العام ومتمثل في:
ويتخذ الاستعمال الخاص بناء على ترخيص إحدى الصورتين:
1-الاستعمال الذي لا يتطلب اتصالا دائما بالملك العام وصوره شائعة كالإذن بوقوف العربات في مواضع معينة والمقاهي بوضع كراسيها وموائدها على أرصفة الشوارع أو عرض بضائعهم في أجزاء من الملك العام أو وقوف السيارات في أماكن معينة. وهو ما يصطلح عليه Permis de stationnement
2-الاستعمال الذي يقتضى اتصالا دائما بالملك العام حيث يمتد إلى باطن الأرض وما يترتب عليه تغيير الحالة الطبيعية للملك العام كالترخيص بإنشاء محطات البنزين و الترخيص لبعض الشركات الامتياز بمد خطوط حديدية .وهذا الاستعمال يصطلح عليه permission de voirie .
وتختلف الجهة المالكة للحق في الترخيص تبعا لما إذا كان الاستعمال متعلقا بسطح الأرض أو باطنها.
1- سطح الأرض: ينعقد الاختصاص لسلطة الضبط الإداري لأن المسألة تتعلق بالحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة، فهذا الاستعمال لا خطر منه مبدئيا على الملك العام وكل خطورته في الحد من تخصيص الملك للنفع العام.
2- باطن الأرض: حفظ الملك العام يقع على عاتق الشخص الإداري الذي يتبعه ولهذا كان له أن يقدر درجة الخطورة التي يتعرض لها الملك العام من جراء استعماله من طرف الخواص.[22]
وعلى الراغبين في اشتغال الملاك العمومي أن يخضعوا لمجموعة من القواعد حسب ظهير1918، وذلك أن هذا الاستغلال الخاص يعتبر حرا ولا مجانيا ولا دائما وتمنع هذه الرخصة لمدة 10سنوات وبصفة استثنائية لمدة20سنة –الفصل 6 من ظهير 1918-
غير أنه توجد حالات لا يتم تحديد المدة:
- تهيئة الطرق الرابطة بين ملك مجاور لطريق جانبي للطريق العمومية وبين هذه الطريق مع السماع بالمرور على جانبي الطريق المذكور أو عدم السماح به.
- نصب معابر لربط صلة بين قطعتين أرض على ملك فرد واحد سواء كان نصبها على قنوات عمومية لإعداد الأرض للحارثة أو لريها.
- إصلاح ما يبنى للمساعدة على ربط القنوات العمومية بالسواقي المعدة لتجفيف الأملاك الخاصة بأربابها أو لريها.
وسواء كانت المدة محددة أم لا،فإن الرخصة تكون دائما مؤقتة،ويمكن إلغاء الرخصة سواء كانت محددة المدة أم لا في حالتين:
ويجب أن يتضمن عقد الامتياز:
1-شروط الاستعمال المسموح به.
2-مدة عقد الاستعمال
3-حق الإدارة في تعديله أو إلغائه .
4-المقابل النقدي الذي يدفعه الفرد أو الشركة المتعاقدة.
المادة1 من قانون 05-54المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة
وعند الإلغاء يحصل المتعاقد على تعويض كامل في مقابل حرمانه من الانتفاع بالملك العام طوال المدة المقررة في العقد.[23]
هذا فيما يخص أساليب تدبير الأملاك العمومية فماذا عن طرق اكتساب الملك العمومي؟هذا ما سنعالجه من خلال الفقرة الثانية
الفقرة الثانية:طرق اكتساب الأملاك العمومية
إذا كانت التشريعات بمختلف الدول قد خصت حق الملكية بمكانة سامية في القواعد القانونية بإدماجها في صلب القواعد الدستورية إلا أن التمتع بهذا الحق ليس حقا مطلقا لا حدود له أن المشرع الدستوري وإن كان قد اعترف للأفراد بحق الملكية.فإنه نص في ذات الوقت على إمكانية وضع حد لهذا الحق كلما اقتضت ذلك الوقت على إمكانية وضع حد لهذا الحق كلما اقتضت المصلحة العامة وذلك باللجوء إلى الطرق القسرية أو الجبرية وذلك بنزع ملكية الأفراد جبرا عنهم وذلك باللجوء إلى مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة في القانون رقم 7-81 والمرسوم التطبيقي له.
وإذا كان هذا القانون جدد شروط وإجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة فإنه تحاشى إعطاء تعريف للمنفعة العامة فإنه شأنه في ذلك شأن أغلب التشريعات العربية حيث اكتفى بالنص في المادة الأولى من نفس القانون على أن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا،وملكية الحقوق العينية العقارية لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة
كما أن الفصل الثالث من نفس القانون نص من جهة ثانية على أنه يخول حق نزع الملكية إلى الدولة والجماعات الترابية وإلى الأشخاص الطبيعيين الذين تفرض إليهم السلطة العامة حقوقها العامة حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أنها ذات منفعة عامة.
هذا وقد أكدت المادة 23 من مدونة الحقوق العينية بأنه لا يجب نزع الملكية إلا من أجل المنفعة العامة ومقابل تعويض مناسب.وقد بلغ عدد المراسيم صدرت من لدن رئيس الحكومة لنزع الملكية العامة لسنة 2012 لوحدها صدور 108 مرسوم لنزع الملكية للمنفعة العامة إما من أجل مؤسسات تعليمية وبناء السكك الحديدية أو قناطر الماء الصالح للشرب.
بالإضافة إلى مسطرة نزع الملكية هناك مسطرة الاتفاق بالمراضاة:وهي مسطرة يتم اللجوء إليها لإقناع طرفي نزع الملكية على التفويت بشكل رضائي وتفادي اللجوء إلى المرحلة القضائية التي من شأنها أن تستغرق وقتا طويلا وإجراءات جد معقدة.
وللإشارة فإن الاتفاق بالمراضاة لا يمكن إبرامه إلا إذا توافرت الشروط التالية:
1-أن يتم نشر مقرر التخلي الذي يعين الأملاك اللازم لنزع ملكيتها أو نشر مقدر إعلان المنفعة العامة والتخلي الذي حينما يتم دمجها معا في شكل مرسوم أو تبليغه في حالة الفصل 14.
2- أن تحدد لجنة التقويم ثمنا معينا يمكن الاتفاق حوله.
3- عدم صدور حكم بات في دعوى نقل الملكية وتحديد التعويض إذا تعلق الأمر بالاتفاق حول التفويت.
4- عدم صدور أمر الحيازة بصورة باتة إذا تعلق الأمر بالاتفاق حول الحيازة.
أما عن كيفية إبرام الاتفاق بالمراضاة فقد نص الفصل 42 من قانون7-81 حيث أشار أن الاتفاق يجب أن يبرم طبقا لمقرر التخلي ويجب أن يدرج في محضر أمام السلطة الإدارية المحلية التابع لها موقع العقار إذا كان المنزوع ملكيته يقيم بالمكان المذكور أما إذا كان المنزوعة ملكيته غير مقيم بذلك المكان فإن هذا الاتفاق يبرم وفق مقتضيات القانون الخاص بواسطة عقد عرفي أو عدلي ويبلغ إلى السلطة الإدارية المحلية.
المبحث الثاني:حماية الأملاك العامة
لقد حظي الملك العامة بحماية قانونية في ظل التشريع المغربي وذلك من خلال قوانين التي تعمل على توفير أكبر قدر من الحماية
الحماية المدنية والجنائية(المطلب الأول)
الحماية الإدارية(المطلب الثاني)
المطلب الأول : الحماية القانونية للأملاك العمومية
إن تخصيص الأملاك العمومية للنفع العام يقتضي إخضاعها لقواعد لا نظير لها من اجل حمايتها من كل اعتداء محتمل ,ويمكن أن نرصد بعض مظاهر هذه الحماية التي لا يمكن أن تمارس إلا في إطار النصوص القانونية و التنظيمية المعمول بها في الحماية المدنية (الفقرة الأولى )و الحماية الجنائية(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: الحماية المدنية للملك العام
تعتمد الحماية المدنية للملك العام على قواعد متميزة لا مجال فيها للمعاقب الجنائي و تهدف هذه الحماية إلى إخراج الملك العام من نطاق التعامل المعروف في علاقات القانون الخاص بحيث لا يجوز التعرف فيه ولا الحجز عليه ولا اكتساب ملكيته بالتقادم نظرا لتخصيصه للمنفعة العامة
أ-عدم جواز التصرف في الأملاك العمومية:
تناول الفصل الرابع من ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلقة بتنظيم أملاك الدولة هذه القاعدة حيث نص على أنه «لا يقبل التفويت بالأملاك العمومية و لا تسقط حقوق الملكية فيها بمرور الزمن»
و معنى ذلك أن الأموال التي تتوفر عليها الدولة سواء كانت منقولات أو عقارات و تكون مخصصة لانتفاع الجمهور أو لتسيير المرافق العمومية ’لا يمكن أن تكون موضوع التعامل فيها ببيع أو شراء أو رهن و غيرها من التصرفات الخاضعة للقانون المدني
و من تطبيقات هذه القاعدة أنه لا يجوز للإدارة نزع ملكية الأملاك العمومية حيث نص على ذلك صراحة القانون الصادر في 6 ماي 1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و الإحتلال المؤقت في المادة 4 منه«لا يمكن نزع ملكية المساجد و الأضرحة و المقابر كما لا يمكن نزع ملكية العقارات التابعة للأملاك العمومية و الأبنية العسكرية .»
إن مبدأ عدم جواز التصرف في المال العام يعد نتيجة حتمية لتخصيصه للمنفعة العامة إذ بدونه لا يتحقق النفع العام بالأموال العامة ما يجب لها من ثبات و استقرار ,فهذه القاعدة خصصت لحماية المال العام حتى لا تقف قواعد القانون المدني حائلا دون تحقيق الغرض الذي من أجله خصص المال.
و لكن استثناء من هذه القاعدة هناك تزم حالات يجوز فيها التصرف في الأملاك العمومية شريطة أن يكون هذا التصرف غير متعارض مع تخصيص هذه الأموال و من بينها:
ب- عدم جواز تملك الملك العام بالتقادم:
القاعدة حتمية لمبدأ التصرف في الأموال العامة، فما دامت هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها بنقل ملكيتها إلى الغير فإنه لا يجوز من باب أولى اكتساب ملكيتها بالتقادم.[26]
وهدف هذه القاعدة حماية الأموال العامة بمنع التعدي عليها اعتماد على سبب من الأسباب المقررة لكسب الملكية، حيث يكثر في الواقع اعتداء الأطراف عمدا أو عن طريق الخطأ على بعض الأموال العامة ويضعون يدهم عليها المدة الطويلة المكسبة للتقادم ثم يدعون ملكها عملا بأحكام التقادم.[27]
و بالتالي فإن الأشياء التي تدخل في زمرة الأملاك العامة سواء كانت منقولة أو عقارية لا يمكن بالتقادم المكسب.
ج- عدم جواز الحجز على الملك العام:
يعتبر هذا المبدأ نتيجة حتمية للمبدأين السابقين فمتى تقرر أنه لا يجوز التصرف في المال العام وأنه لا يجوز اكتساب ملكيته بالتقادم المكسب،وجب القول بأنه لا يجوز الحجر عليه فالمبدأين الأولين قررا من أجل منع التصرفات في الأموال العامة أما المبدأ الثالث فقد قرر لمنع البيع الجبري لهذه الأموال.[28]
والحجر يتقرر عادة على بعض الممتلكات والأموال من أجل ضمان استفاء حقوق ديون ثابتة ومستحقة وينتهي الحجر ببيع أموال المدين المحجور حبرا عن طريق البيع القضائي.
ولعل الحكمة من تقرير هذا المبدأ واضحة كونا لحجر على هذه الأموال يتعارض مع تخصيصها للمنفعة العامة،لأن القاعدة العامة تفرض الملائمة في الدولة وأنها قادرة على تنفيذ التزاماتها دون ضغط أو إكراه،ولأن الحجر عليها يؤدي إلى الإخلال بهيئة الدولة ويمس الثقة فيها،في حين أن الدولة موثوق بيسارها واستعدادها بديونها.
الفقرة الثانية:الحماية الجنائية للملك العام
إذا كان القانون يمنح حماية خاصة لأملاك الدولة والجماعات العمومية الأخرى،فإن القانون الجنائي قد أقر نوعا أخر من الحماية لا تقل أهمية عن الحماية الأولى.وتنتج هذه الحماية مختلفة منها نصوص القانون الجنائي (أ) وكذا نصوص قانونية خاصة(ب)
أ-الحماية المقررة بواسطة القانون الجنائي:
ويقصد بها مختلف النصوص الجنائية التي تم إقرارها من طرف المشرع لوضع هذه الحماية محل تنفيذ ومن أهم مظاهرها:
وهي النصوص التي أسندت بعض المهام الضابطة القضائية لموظفي الإدارات العمومية في مجال الملك العمومية نذكر منها:
المطلب الثاني: الحماية الإدارية للملك العام
لحماية الملك العام تبذل الإدارة مجموعة من الجهود وذلك استنادا إلى مختلف الامتيازات التي تتمتع بها من أجل تحقيق الصالح العام ومن ضمن ما تقوم به للوصول إلى هذا المبتغى هو الارتفاقات الإدارية التي يفرضها القانون لحماية بعض الأملاك العامة ثم الدور الذي يمكن أن تلعبه الجماعات المحلية في مراقبة تنظيمها وتسييرها [30].
الفقرة الأولى: دور الارتفاقات الإدارية في حماية الملك العام
بالرغم من كون حق الملكية حق مقدس ومضمون دستوريا، فإنه يمكن الحد من مداه متى دعت المصلحة العامة ذلك،عن طريق فرض مجموعة من القيود على الملك الخاص في شكل ارتفاقات قانونية ترد على هذا الأخير لصالح أو لحماية الملك العام الذي يكون مجاورا له ، والارتفاق حسب المادة37 من مدونة الحقوق العينية هو حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص آخر ،كما نصت المادة 40 من نفس القانون على أن الارتفاق القانوني هو تحمل يفرضه القانون على عقار ، ويمكن أن يقرر لمنفعة عامة أو خاصة ، ومن بين الارتفاقات الإدارية المقيدة لحق الملكية نجد:
الفقرة الثانية : دور الجماعات المحلية في حماية الملك العام
بالرجوع إلى الميثاق الجماعي الجديد نجد بان المشرع المغربي قد أولى للجماعات المحلية مجموعة من المهام و المسؤوليات في مجال تدبير و مراقبة و الحفاظ على الملك العام المحلي و دلك حسب ما يستفاد من المادة'43 من قانون 78.00 المتعلق بالتنظيم الجماعي[37]و الذي جاء فيه :يمارس المجلس الجماعي داخل النفوذ الترابي للجماعة.الاختصاصات التي يمكن أن تنقلها إليه الدولة خاصة في المجالات الآتية :إحداث و صيانة المدارس و مؤسسات التعليم الأساسي و المستوصفات و المرافق الصحية و مراكز العلاج ...انجاز برامج التشجير و تحسين و صيانة المنشأت و التجهيزات المائية الصغيرة و المتوسطة .حماية و ترميم المآثر التاريخية و المحافظة على المواقع الطبيعية .
كما يمارس المجلس الجماعي في شخص رئيسه اختصاصات الشرطة الإدارية في ميادين عديدة من بينها ، مراقبة البنايات المهملة أو الايلة للسقوط و يتخذ التدابير اللازمة لترميمها أو هدمها كما يساهم في المحافظة على المواقع الطبيعية و التراث التاريخي و التقافي و ذلك باتخاذ التدابير اللازمة .
و لا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل للمجالس الجماعية كامل الصلاحية في منع احتلال الملك الجماعي من طرف الخواص بشكل غير قانوني حسب ما يستفاذ من المادة 12 من قانون رقم 9.96 المتمم للظهير الصادر في 30 نونبر 1918 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي [38]
و يطبق هذا الالتزام على مختلف أساليب إشغال الملك العمومي بما في ذلك استغلاله بواسطة اللوحات الاشهارية الذي يعرف انتشارا واسعا و منافسة حادة بين الشركات المختصة لا يراعى فيه احترام القوانين و الأنظمة الجاري بها العمل في هذا المجال .
نفس المسؤوليات ملقاة على عاتق مجلس الجماعات و الأقاليم فيما يتعلق بتدبير و حماية الأملاك العمومية التابعة لهم [39]، حيث جاء في المادة 46 من قانون 79.00 على أن الوالي أو العامل يتعهد باتخاذ التدابير التالية منها أن يحافظ على أملاك العمالة أو الإقليم و يديرها و لهذه الغاية يسهر على مسك جداول إحصاء أملاك العمالة أو الإقليم و تحيين سجل محتوياتها و تسوية وضعيتها القانونية و يتخذ كل الأعمال التحفظية المتعلقة بحقوق العمالة أو الإقليم . و في هذا الإطار يتعين اتخاذ مجموعة من الإجراءات نذكر منها :
اقتناء العقارات التي توجد في حيازة الجماعة لتنتقل من وضعية الحيازة إلى وضعية التملك القانوني لممتلكاتها وذلك بتطبيقها الإجراءات القانونية لتسوية و وضعيتها بالتراضي أو نزع الملكية .
تصفية جميع النزاعات العقارية العالقة ،سواء أمام المحاكم المختصة أو بالتراضي مع الإطراف التي تدعي ملكيتها حتى تتمكن الجماعات من التصرف في هذه الممتلكات بكيفية قانونية .
تحفيظ ممتلكات الجماعة غير المحفظة بكيفية تدريجية و منتظمة و توفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك وفق برنامج سنوي محدد،لتطهيرها من كافة التعرضات و النزاعات [40]
كما يجب أن نشير بأن الجماعات المحلية تعتمد على تدبير أملاكها العامة على عملية التحديد الإداري التي تعتبر وسيلة هامة من شأنها العمل على ضبط هذه الأملاك و حمايتها من كل ترام أو اعتداء عليها من طرف الغير.
و التحديد هو إجراء قانوني يتم بمقتضاه تعيين حدود الملك العام و مشتملاته بكيفية دقيقة يعطي للجماعة حق ملكيته العقارات التي وقع تحديدها بعد انصرام اجل التعرضات عليها [41].
كما أن التحديد الإداري يساعد على تبسيط الإجراءات المتعلقة بالتحفيظ و جوبا و بناء فقط على طلب الإدارة طبقا لأحكام الفصل 02 من الظهير المؤرخ في يونيو 1927 المتعلق بتحفيظ العقارات التي جرى إخراجها من حيز الأملاك العمومية.
و يتضح من أحكام المادة 37 من الميثاق الجماعي السالف الذكر أن المشرع نص على التحديد الإداري للملك العام دون الملك الخاص و ذلك لما يتميز به أصلا الملك العام من عدم جواز التصرف فيه ،أو تملكه بالتقادم ،مها يجعل الآثار القانونية الناتجة عنه شبيهة إلى حد ما بتلك المتربة عن التحفيظ العقاري[42].
و يتولى رئيس المجلس الجماعي عملية التحديد الإداري للملك العمومي الجماعي[43] وفق مسطرة خاصة من شأنها حماية هذا الملك و ذلك نظرا للإجراءات الدقيقة التي يجب احترامها بهذا الخصوص والتي تم التنصيص عليها في إطار ظهير فاتح يوليوز 1914 . وبالضبط ضمن الفصل السابع منه .
لكن يلاحظ انه بالرغم من التعديلات التي عرفتها عملية تحديد الأملاك الجماعات المحلية، فإنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب مما يجعل الملك الجماعي عرضة للسطو و الترامي عليه من طرف الغير[44].
خاتمة
حاصل هذا ومن خلال إحاطتنا ببعض جوانب الموضوع ،يمكن القول أن الأملاك العمومية ببلادنا تكتسي أهمية بالغة باعتبارها قطاعات فعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و موردا ماليا مهما .كما يمكن أن تعتمد عليه الدولة و الجماعات المحلية لتمويل مشاريعها التنموية و تحقيق أهداف الصالح العام .كما انه بدون هذه الأملاك لا يكون للمرافق العمومية و جود ،فعلى أساسها تنشأ هذه الأخيرة و تنظم لأجل تلبية حاجيات المواطنين .و لهذا فان النظام القانوني للأملاك العمومية لا يقل أهمية عنها. لكن يلاحظ بأنه نظام يطغى عليه الكثير من الغموض و التناقض الناتجين عن قدم نصوصه.يضاف إلى ذلك قلة الاجتهادات القضائية و شح الدراسات المتخصصة في هذا المجال .
كما أن الملك العمومي بالنظر إلى التطورات التي عرفتها البلاد من الاستقلال إلى اليوم يتطلب أكثر من أي وقت مضى تدخلا سريعا من قبل المشرع من اجل تحيين القوانين المنظمة له حتى تصبح أكثر ملائمة للمستجدات التي تعرفها البلاد.
يعتبر المغرب من الدول التي تمتاز بتنوع الانضمة العقارية منها ما ينتمي إلى أملاك الدولة الخاصة، ومنها ما يخضع للاستغلال الجماعي أو ما يسمى بالملك العمومي الذي يهدف بالأساس إلى التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد ،كما يتميز بخاصية فريدة تتمثل في كونه موضوع تحت تصرف العموم و هده الخاصية جعلت المشرع يضع له نظاما لهدا القطاع .
وقد كان من أول اهتمامات السلطة الحماية الفرنسية خلال السنوات الأولى من الحماية هو بسط يدها على الملك العام ومراقبة عملية تدبيره لأجل دلك عملت على الفصل ما بين الملك العام و الملك الخاص للدولة و أدخلت المفاهيم القانونية الجديدة في القانون الوضعي المغربي كما هي مطبقة في فرنسا و بعض مستعمراتها كالجزائر و تونس .وفي هدا الإطار صدرت دورية للصدر الأعظم مؤرخة في فاتح نونبر 1912 تمييز ما بين أملاك المخزن التي لا يمكن تفويتها إلا بترخيص من المخزن و أملاك غير قابلة للتفويت و هي الطرق و المسالك و شواطئ البحر و الموانئ و الأنهار و البنايات العمومية و أسوار المدن ثم بعد دلك صدر ظهير شريف بتاريخ فاتح يوليوز 1914 حول الملك العام الذي وضع الأسس و القواعد القانونية للملك العام للدولة و الجماعات المحلية ، حيث حدد خصائص الملك العام في عدم قابلية تفويته أو تملكه بالتقادم و كيفية استخراجه من حيز الملكية العامة و مسطرة جديدة لتحديده .
وقد جاء ظهير شريف بتاريخ 30 يوليوز1918 في شأن الاحتلال المؤقت للملك العمومي لتحديد مسطرة استغلاله و مراقبته و حمايته وقد تم تمديد تطبيق التشريع المطبق على منطقة الحماية الفرنسية إلى منطقة الحماية الاسبانية والى منطقة طبنجة الدولية بمقتضى الظهير الشريف الصادر في 31 مارس 1958 وعلى المرسوم الصادر في 02 يونيو 1958 في هدا الشأن
ومفهوم الملك العمومي تطور بتطور الاجتهادات الفقهية و القضائية خاصة بفرنسا و القوانين المنضمة للملكية العامة ولا مجال للتفصيل بين المدارس و التيارات الفقهية في فرنسا فهناك المدرسة التي تعتبر الملك العام هو الملك العام الطبيعي كالشواطئ و الأنهار المخصصة للمنعة العامة و المدارس التي ترتكز على الملك.
و هناك من تعتبر الملك العام الملك المخصص لتسيير المرافق العمومية كالطرق و الملاعب الرياضية والمحطات الطرقية.
أما الاتجاه الثالث فقد جمع بين اتجاهين السالفي الذكر. فالملك العام هو مجموع الأملاك المخصصة للمنفعة العامة إما للاستعمال المباشر من طرف العموم أو المرفق العام
ومن هده الاتجاهات الفقهية يمكن إجمال معايير تميز الملك العمومي كما يلي:
أن يكون المالك في ملكيته شخص معنوي عام كالدولة أو الجماعات المحلية
أن يكون مخصصا للمنفعة العامة أما للاستعمال المباشر من طرف العموم أو لتسيير المرفق العام
الأملاك المخصصة للمرفق العام يجب تكون موضوع تهيئة خاصة لهدا الغرض
والمشرع المغربي لم يضع تعريفا دقيقا للملك العام و قد جاء في ظهير فاتح يوليوز1914 بأن الأملاك العمومية لا يسوغ لاح دان ينفرد بتملكها لأنها على الشياع بين الجميع و تتكفل الدولة بتدبير أمرها فالمعيار الذي أخد به المشرع المغربي في بداية القرن20 هو عدم قابلية الملك العمومي للتملك من طرف الخواص أي انه ملك عام و هو ملك مخصص لاستعمال الجميع و انه مخصص للمنفعة العامة وتتولى الدولة تدبيره.
وتكمن الأهمية النظرية لهدا الموضوع في كون أن المشرع المغربي حاول تنظيمه و تأطيره لاسيما في ظهير فاتح يوليوز 1914
أما الأهمية العملية فتكمن في كون أن الملك العمومي ضروري للحياة داخل المجتمع بحيث لا يمكن تصور هدا الأخير بدون طرق عمومية و شواطئ عمومية و انهار عمومية ولما يشكله الملك من مورد رئيسي للتنمية الاقتصادية.
ادن فما المقصود بالملك العمومي ؟ وما هي الطرق القانونية المقررة لحمايته ؟
للإجابة عن هده الإشكاليات ،ارتأينا معالجة الموضوع من خلال التقسيم التالي:
المبحث الأول:الأحكام العامة للأملاك العمومية
سنحاول من خلال هذا المبحث التطرق إلى كل من مفهوم الملك العمومي وخصائصه في المطلب الأول على أن ندرس في المطلب ثاني النظام القانوني للأملاك العامة.
المطلب الأول:مفهوم الملك العام و خصائصه
لتحديد مفهوم الملك العام لابد من عرض مختلف التعاريف التي أعطيت له في هذا المجال سواء من طرف التشريع,من طرف القضاء أو من طرف الفقه (الفقرة الأولى (, حتى نتمكن من توضيح الخصائص التي يتميز بها عن الملك الخاص ووضعية كل واحد منهما بالمقارنة مع الآخر )الفقرة الثانية (.
الفقرة الأولى:تعريف الملك العام
لتحديد مفهوم الملك العام لابد من عرض مختلف التعاريف التي أعطيت له هذا سواء من طرف المشرع أو من طرف القضاء أو من طرف الفقه حتى نتمكن من توضيح الخصائص التي يتميز بها عن الملك الخاص, خاصة و أن هناك مجموعة من المعايير التي تعد أساسا للتمييز بينهما .
ففي فرنسا تضاربت الآراء الفقهية حول مسالة تمييز الملك العمومي فتمخضت عن ذلك ثلاث اتجاهات رئيسية تركزت على ضرورة تحديد مجال الأملاك العمومية و كذا طبيعتها .ويمكن إجمال المعايير التي اعتمدتها هذه النظريات في ثلاث نقط أساسية :معيار طبيعة المال,معيار تخصيص المال لخدمة مرفق عمومي ,معيار تخصيص المال للمنفعة العامة.[1]
أما بالنسبة للمشرع المغربي فانه يعرف الأموال العامة في الفقرة الأولى من المادة 87 من التقنين المدني فيبين ذلك أن المشرع لم يورد حصرا معينا للأموال العامة بل أضفى صفة المال على سائر العقارات و المنقولات المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية كالمؤسسات و الهيئات... ألا أن المشرع قد قيد ذلك و أوضحه حتى لا يختلط مفهوم الملك العام على العقارات و المنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم[2].
ويمكن أن نستنتج أن المشرع في معظم الدول قد اخذ بمعيار واسع التطبيق يسمح بالتمييز بين الملك العام و الملك الخاص انطلاقا من مدى تخصيصه للمنفعة العامة, هو نفس المنحى الذي سار عليه المشرع الفرنسي و أكده الاجتهاد القضائي فيما بعد.
أما بالنسبة للتشريع المغربي فتتمثل أهم النصوص القانونية المنظمة للأملاك العامة في المغرب في نصين أساسيين و هما:منشور فاتح نونبر 1912 و ظهير فاتح يوليوز 1914.
بالرجوع إلى هذا الظهير الذي لازال يشكل المرجع الأساسي بالنسبة لهذه المادة خاصة ما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل الأول:؟" وعلى العموم كل الأراضي و الأعمال التي لا يمكن للأفراد أن يمتلكوها لأنها مشاعة".
إن المشرع المغربي لم يعط تعريفا واضحا و محددا للأملاك العامة بل اكتفى بتحديدها على فكرة الاستعمال من طرف الجميع,حيت اعتبر أن الأملاك العمومية هي الأملاك التي لا يمكن استعمالها بطريقة انفرادية و إنما تستعمل بشكل جماعي سواء بحكم طبيعتها أو بحكم تخصيصها من طرف المشرع[3].
نلاحظ أن اعتماد المشرع لمعيار التخصيص لاستعمال الجميع لا يخلو من غموض و لا يصلح لوحده للتمييز بين الملاك العامة و الأملاك الخاصة خصوصا في الوقت الحالي حيت تمت صياغته بصفة عامة و غير واضحة.
كما نجد آن المشرع المغربي لم يعط لنا ,من خلال النصوص القانونية المختلفة جردا حصريا لكافة الأملاك العمومية التي تملكها الجماعات العمومية و إنما اكتفى بإعطاء أمثلة على سبيل الاستئناس فقط,فمثلا الفصل الأول من الظهير أعطى سردا للأملاك العامة التي يمكن أن تعتبر أملاكا عمومية كالشواطئ و المراسي,المنارات,البحيرات,الآبار,الطرق و الأزقة...
وعليه فتعريف الملك العام لا يبدو واضحا ,كما أن المشرع المغربي ينظر إلى الملك باعتباره ملكا مملوكا للدولة أو للإدارة أو مخصصا لاستعمال الجمهور إما مباشرة أو عن طريق استعماله من طرف المرفق العام.
وقدم بمقابل ذلك, تعريفا سلبيا للأملاك الخاصة التي تملكها الجماعات, بحيث اعتبرت من قبيل تلك الأملاك كل الأملاك التي لا تدخل في دائرة الأملاك العامة.واقتصارا على ذلك,يبدو الأمر في غاية السهولة إذ سيكون من الأيسر علينا معرفة الأملاك الخاصة بمجرد تحديدنا للأملاك العامة,وهو شيء يتعذر علينا عليتا القيام به على اعتبار أن المشرع المغربي ,كما سلف القول, لم يضع جردا حصريا للأملاك العامة و إنما اكتفى بسرد بعضها على سبيل المثال,مستبدلا بذلك الصعوبة بصعوبة أخرى,إذ يتعين علينا معرفة الأملاك الخاصة, لنضع قائمة حصرية لمختلف الأملاك العامة.
ومن هده الزاوية ,إذن, يظهر لنا أهمية التنقيب عن المعيار الذي اعتمده التشريع المغربي في هذا الباب باعتباره الوسيلة التي بواسطتها يمكننا وضع الحدود الفاصلة بين ما يعد أملاكا عامة و ما يعد أملاكا خاصة.
وانعدام الوضوح النسبي هنا,يجرنا للحديث عن موقف القضاء المغربي من هذه القضية.
حيث لعب الاجتهاد القضائي دورا أساسيا في تعريف الملك العمومي ورصد عناصره و منطلقا أساسيا بالنسبة لمختلف المواقف التي تبناها الفقهاء أو بالنسبة للتعريف الذي اعتمده المشرع بهذا الصدد.
أن القضاء المغربي فسر مبدأ الاستعمال من طرف الجميع تفسيرا واسعا و اعتمده كأساس للتمييز بين الأملاك العامة و الأملاك الخاصة,فالأملاك العمومية هي الأملاك العقارية و الأموال المنقولة سواء كانت هذه الأموال مخصصة للاستعمال المباشر للجمهور أم كانت مخصصة لخدمة المرافق العامة و ذلك وفقا لمل جاء في الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 28 أكتوبر[4]1957.
و في بعض الاجتهادات القضائية الصادرة عن المحاكم الإدارية, و بالرغم من قلتها,نلاحظ محاولة القضاء اعتماد المعيارين معا :معيار التخصيص الفعلي و معيار التخصيص القانوني أيضا لإضفاء صفة العمومية على ملك من الأملاك و هذا ما نجده في إحدى القضايا المطروحة على المحكمة الإدارية بفاس بتاريخ 2002/12/10[5] :"وحيث أن المقصود فقها و قضاء بالأموال العامة سواء كانت للدولة أو للجماعات أو المؤسسات العمومية ,هي تلك الوسائل المادية التي تستعين بها الجهات الإدارية على ممارسة نشاطها خدمة للصالح العام و يشترط لاعتبارها أموالا عامة أن تكون مخصصة للمنفعة العامة بالفعل آو بمقتضى القانون من جهة أخرى,والتخصيص بالفعل معناه لرصد المال العام لاستعمال الجمهور مباشرة ,أما التخصيص بالقانون فهو متى ينص القانون على اعتبار مال معين من الأموال العامة".
ومن أحكام المحاكم الإدارية التي سارت في نفس الاتجاه نذكر:حكم المحكمة الإدارية بوجدة[6] و الذي جاء فيه:"وحيث انه إذا كان المال العام هو ما تملكه الدولة و الأشخاص الاعتبارية العامة التابعة لها من عقارات و منقولات مخصصة بالفعل أو بمقتضى القانون للنفع العام و خدمة المصلحة العامة و تسيير المرفق العام..".
إذن هناك اعتراف بتبني المعيارين معا:التخصيص الفعلي و التخصيص القانوني لتحديد صفة الأملاك و هذا من شانه أن يشكل وسيلة لتوحيد الاجتهاد القضائي بهذا الخصوص و إزالة التناقض و كل التباس من شانه أن يشجع الإدارة على استعمال سلطتها التقديرية في مجال تخصيص الأملاك العمومية.
إن المشرع المغربي يستوجب عليه سن نصوص قانونية واضحة و محينة تحدد بشكل حصري الأملاك العامة حتى يتسنى تمييزها عن الأملاك الخاصة,وبذلك يتم حصر التدخل القضائي في ظل وجود نص صريح يتعلق بتدبير و تسيير هذه الأملاك و حمايتها.
الفقرة الثانية:تصنيف أملاك الدولة العامة
تشمل أموال الدولة العامة على أملاك مختلفة ,يمكن تقسيمها عدة تقسيمات بحسب الزاوية التي ينظر إليها منها.
فبالإضافة إلى تقسيمها من حيث طريقة تكوينها إلى أملاك طبيعية و اصطناعية,يمكن تقسيمها بحسب الجهة المالكة لها إلى أملاك عامة للدولة و أخرى للجماعات المحلية,ومن حيث محتواها يمكن تقسيمها إلى أملاك برية و مائية و جوية,إما من حيث طبيعتها فتصنف إلى أملاك عامة عقارية و منقولة[7].
تصنيف أملاك الدولة العامة حسب محتوياتها:
- أملاك مائية : ينظم استعمال الملك المائي بقواعد قانونية ذات مصادر مختلفة ,غير أن أول نص قانوني يخص الماء بالمغرب يعود تاريخه إلى 1914,ويتعلق الأمر بالظهير الشريف الصادر 7شعبان1332 موافق 1يوليوز 1914 حول الأملاك العامة و المتمم بظهيرين شريفين 1919 و 1925 الذي يدمج جميع المياه مهما كان شكلها في الأملاك العامة المائية .ومن ثم لا يمكن للموارد المائية أن تكون موضوع ملك خاص باستثناء المياه التي اكتسبت عليها حقوق مائية .وقد صدرت بعد ذلك نصوص أخرى لمواجهة الحاجيات الجديدة التي ظهرت و آخرها قانون 95.10 المتعلق بالماء و الذي اقر بان الماء ملك عام و لا يمكن أن يكون موضوع تملك خاص[8].
- أملاك برية: وتشمل على جميع شبكات المواصلات و المنشات المختلفة "المنشات العسكرية و السدود و غيرها"وكذا التجهيزات المنجزة في الأرض مثل القنوات و الخطوط الكهربائية و غيرها.
- أملاك جوية:المؤلفة من الفضاء الجوي و على وجه التعميم المنشات التي تساعد على استعمالها"المطارات".
وتنقسم إلى أملاك الدولة و أملاك الجماعات المحلية[9]:
- الأملاك العامة للدولة:لم يحدد المشرع المغربي قائمة الممتلكات العامة ,وإنما اكتفى بإعطاء أمثلة لها من مختلف القوانين التي سبقت الإشارة إليها و يدخل في إطار الأملاك العامة للدولة حسب المادة الأولى من قانون 1يوليوز1914 المنظم لها ما يلي:
- شاطئ البحر الذي يمتد إلى الحد الأقصى من مد البحر عند ارتفاعه مع منطقة مساحتها ستة أمتار من الحد المذكور.
- المراسي و الموانئ و ملحقاتها.
- مجاري المياه مهما كان نوعها مع منابعها
- البحيرات الكبيرة و الصغيرة و المستنقعات
- الترع التي تسير فيها المراكب و التي تستعمل للري أو التي تجفف و تعتبر أشغالا عمومية, إلى غير ذلك من الأمثلة...
- الأملاك الجماعية:لقد ميز المشرع المغربي بين الأملاك الجماعية الحضرية و الأملاك الجماعية القروية:
- الأملاك البلدية:أول شيء يمكن ملاحظته في هذا الصدد يتعلق بالتاريخ المبكر الذي صدر فيه النص القانوني الضابط للأملاك البلدية,وذلك بالمقارنة بالتاريخ المتأخر الذي أنتج فيه هذا النص القانوني المتعلق بالجماعات القروية.ولعل السبب في ذك يعود إلى سهولة ضبط و معرفة القاعدة العقارية للجماعات الحضرية ,إذ ما قورن ذلك بعقارات الجماعات القروية التي كان من الصعب تحديدها نتيجة لخضوعها لجملة من القواعد العرفية التقليدية ,ونتيجة لان القبائل في البداية لم تضع السلاح ضد قوة الحماية إلا في حدود سنة 1934 ,بعبارة أخرى أن مشرع الحماية اعتنى أولا بما كان يسمى ببلاد المخزن قبل أن يوجه اهتمامه للتأطير القانوني لبلاد السيبة سنة 19اكتوبر[10]1921 لينظم ما يتعلق بهذه الأملاك و ينص الفصل الثاني من هذا القانون على أن الأملاك العمومية البلدية هي تلك الأملاك التي وصفت صراحة بنص قانوني صريح[11].
- الأملاك القروية[12]: وتنقسم إلى أملاك عمومية و أملاك خصوصية وذلك طبقا للمقتضيات ظهير 28يونيو1954[13]
غير أن الشيء الجديد في هذا الظهير هو آن الأملاك الداخلة بدائرة الملك العمومي القروي تكون كذلك بحكم تخصيصها لاستعمال العموم أو بحكم استعمالها لتسيير المرافق العمومية المحلية التابعة للمجالس القروية.
فمعيار الدومين العام هما لم يبق مبهما كما كان الشأن بالنسبة لأملاك الدولة العامة في إطار ظهير 1914 والذي يستعمل عبارة استعمال العموم , ولكن من غير تبيان فرضية التخصيص المباشرأو غير المباشر في حين أن ظهير 1954 يميز بوضوح حالة التخصيص لاستعمال العموم والتخصيص لتسيير المرافق العمومية .
إما فيما يتعلق بالمسطرة المتبعة سواء فيما يخص تخصيص هذه الأملاك بالدومين العام[14] أو نزع هذا التخصيص , فيتم دلك بموجب قرار وزاري يصدر بعد استشارة مدير الداخلية ورؤساء الإدارة الذي يهمهم الأمر , وبعد اقتراح الجماعة الإدارية (المجلس القروي).
الدومين الخصوصي: للجماعات القروية فهو كل الأملاك غير المخصصة بالدومين العام.
والأملاك الخاصة الجماعية هي بصفة عامة كل الممتلكات التي تملكها الجماعات المحلية ملكية خاصة ولم تكن خصصت صريحا بالأملاك العمومية, بحيث يمكن الاحتفاظ بها كاحتياطات عقارية أو تخصيصها لاستعمال المصالح العمومية أو استغلالها بالكراء أو التصرف فيها بجميع أنواع التصرفات القانونية الجاري بها العمل.
أما في إطار القانون المنظم للجماعات المحلية[15] ,فنجد الفصل السابع من الميثاق الجماعي رقم 78:00 يتحدث بخصوص الجماعات الحضرية التي يفوق عدد سكانها 500.000 نسمة عن نظام الأملاك الموضوعية رهن إشارة المقاطعة دون الإشارة إلى معيار تحديد الملك العام أو جرد لأنواعه.
وبتصفحنا لقانون 17.08 الذي يغير ويتمم بموجبه قانون 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي , يظهر آن المشرع اكتفي بذكر مصادر الأملاك التي يمكن أن تتوفر عليها هذه المجموعات دون تحديد لطبيعتها ولا لأنواعها ولا لمعايير تميزها عمن عداها ويهدا فهو يكرس الغموض الذي اتسمت به النصوص السابقة.
تصنيف الأملاك حسب طريقة تكوينها:
تنقسم الأملاك العمومية حسب طريقة تكوينها إلى أملاك طبيعية واصطناعية وللإلمام بها يجدر بنا آن نعرفها أولا ثم نحاول تحديد طرق تخصيصها ثانيا.
فالأملاك العامة الطبيعية هي الأملاك التي تكتسب صفتها العامة بشكل ألي يعني بفعل العوامل الطبيعية مثل شواطئ البحار ومجاري الأنهار والمعادن الطبيعية , في حين إن الأملاك اصطناعية هي التي تكسب صفتها العامة بفعل تهيئيها من الإدارة وتخصيصها لنفع العام مثل الشوارع العمومية والحدائق العمومية وقنوات الواد الحار والسدود والقناطر وغيرها[16] .
مسطرة تخصيص الأملاك العمومية : إذا كانت الأملاك العامة الطبيعية من حيت طريقة تكوينها تختلف عن الأملاك العامة الاصطناعية بكونها تكون نتاج لعمل من إعمال الطبيعة بينما الأملاك العامة الاصطناعية بكونها تكون نتاجا لصنع الإنسان , فمن الطبيعي والحالة هاته إن تختلفا عن بعضهما كذلك من حيت طريقة طريقة تخصيصها للنفع العام.
فالأملاك العامة الطبيعية يتم تخصيصها لخدمة حاجيات النفع العام ودلك بفعل الطبيعة ذاتها دونما حاجة إلى من لدن الإدارة وحتى لو حصل واتخذت الإدارة قرارا بالتخصيص في هده الحالة فان قرارها دلك لا يكون له أية صفة إنشائية بل لا يعدو أن يكون سوى قرار لتزكية. فظهور بحيرة جديدة بفعل فيضانات مطرية (وهي ظاهرة طبيعية محضة) يؤدي إلى تصنيف هذه البحيرة تلقائيا ضمن الأملاك العامة سواء صدر عمل شكلي بالتخصيص من جانب الإدارة آو لم يصدر في الموضوع .
إما الأملاك العامة الاصطناعية فان تخصيصها للنفع العام لا يتم إلا بتدخل من لدن الإدارة عن طريق قيامها بأعمال مادية أو شكلية , بمقتضاها تقوم بتهيئة الملك وتخصيصه للنفع العام, وعلى ذلك فإذا كان تخصيص الملك العام الطبيعي يتم وفق ما سبق بشكل إلي وموحد فان تخصيص الملك العام الاصطناعي الذي تقوم به الإدارة يمكن إن يتم بطريقتين فعلي وشكلي .
المطلب الثاني: النظام القانوني للأملاك العامة
مما لا شك فيه أن الأملاك العمومية تعتبر الوسيلة المادية الأساسية التي تعتمدها الدولة وباقي أشخاص القانون العام لممارسة نشاطها وإنجاز المشاريع المختلفة والمرتبطة بتحقيق النفع العام،لذلك كان لابد من إخضاع هذه الأملاك لنظام قانوني خاص مغاير للنظام المعمول به في مجال الأملاك الخاصة بمعنى إخضاع الملك العام للقواعد القانونية التي تنظم وتسير هذه الأملاك-الفقرة الأولى- وكذا طرق اكتساب ملك العام-الفقرة الثانية-
الفقرة الأولى:أساليب تدبير الملك العام
إن مسألة تدبير الأملاك العامة تعتبر من المواضيع التي تثير الكثير من الجدل لأنها تثير مجموعة من الإشكاليات ترتبط بشكل كبير بمدى الأهمية التي يتم إعطائها لترشيد الملك العام.و يخضع استعمال الملك العام إما لاستعمال الجماعي للملك العام-النقطة الأولى-أو عن طريق الاستعمال الخاص للملك العام-النقطة الثانية-
- الاستعمال الجماعي للملك العام:
- مبدأ مجانية الاستغلال:
حيث أن لكل شخص الاستفادة من الملك العمومي متى شاء ،ولا يتم المساس بهذه الحرية مادامت تتقيد بالقوانين و الأنظمة التي تنظم استعمالها.
وذلك لما تشكله الحرية من حق أساسي من حقوق الإنسان تنادي به جميع المواثيق الدولية،غير أن هذا الاستعمال يجب أن يبقى معقولا وبدون تعسف متوقفا مع طبيعة الملك العمومي،حيث أن مبدأ الحرية ليس على إطلاقه حيث لابد من وجود حدود و ضوابط لاستعمال المال العام وذلك من خلال وضع ضوابط وقيود بغية حماية الملك العام وتمكينها من أداء الغرض الذي خصصت من أجله لتحقيق المنفعة العامة.
حيث تخضع الاستعمالات إلى ضرورة الحصول على ترخيص أو تصريح .
و تبقى حرية الاستعمال للملك العام مقيد بعدم عرقلة النظام العام ومشروطة بممارستها وفق الغرض الذي أعد له.
فإن السلطات الدارية في إطار ممارسة الرقابة على الأملاك العامة لا يجب أن تحيد على الأهداف التي تتوخها وهي بالأساس حفظ النظام العام ومتمثل في:
- الأمن العام.
- السكينة العامة.
- الصحة العامة.
- المساواة في الاستعمال:
- المجانية:
- المساواة:خضوع جميع الأفراد لنفس الوضعية ونفس الرسوم
- المعقولية:الرسوم يجب أن يكون مقبولا في مبلغه وألا يكون من شأنه زجر المواطنين عن استعمال الملك العمومي.
- احترام الحد الأدنى للمجانية: عدم إحداث رسوم يجب ألا يشمل كل أجزاء الملك العمومي، بحيث أن الإدارة يجب أن تضمن للمواطنين إمكانية استعمال أجزاء الملك العمومي بصفة مجانية.
- الاستعمال الخاص للملك العام:
- -الترخيص الذي يمنح بقرار إداري من جانب واحد والذي يتم تنظيمه بواسطة ظهير30نونبر1918 [20]المتعلق بشغل الملك العمومي،حيث لا يوجد مانع من الاستعمال الانفرادي للأملاك العمومية وذلك من الاستعمال الذي لا يتنافى والغرض المعدة له للأملاك العامة.[21]
ويتخذ الاستعمال الخاص بناء على ترخيص إحدى الصورتين:
1-الاستعمال الذي لا يتطلب اتصالا دائما بالملك العام وصوره شائعة كالإذن بوقوف العربات في مواضع معينة والمقاهي بوضع كراسيها وموائدها على أرصفة الشوارع أو عرض بضائعهم في أجزاء من الملك العام أو وقوف السيارات في أماكن معينة. وهو ما يصطلح عليه Permis de stationnement
2-الاستعمال الذي يقتضى اتصالا دائما بالملك العام حيث يمتد إلى باطن الأرض وما يترتب عليه تغيير الحالة الطبيعية للملك العام كالترخيص بإنشاء محطات البنزين و الترخيص لبعض الشركات الامتياز بمد خطوط حديدية .وهذا الاستعمال يصطلح عليه permission de voirie .
وتختلف الجهة المالكة للحق في الترخيص تبعا لما إذا كان الاستعمال متعلقا بسطح الأرض أو باطنها.
1- سطح الأرض: ينعقد الاختصاص لسلطة الضبط الإداري لأن المسألة تتعلق بالحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة، فهذا الاستعمال لا خطر منه مبدئيا على الملك العام وكل خطورته في الحد من تخصيص الملك للنفع العام.
2- باطن الأرض: حفظ الملك العام يقع على عاتق الشخص الإداري الذي يتبعه ولهذا كان له أن يقدر درجة الخطورة التي يتعرض لها الملك العام من جراء استعماله من طرف الخواص.[22]
وعلى الراغبين في اشتغال الملاك العمومي أن يخضعوا لمجموعة من القواعد حسب ظهير1918، وذلك أن هذا الاستغلال الخاص يعتبر حرا ولا مجانيا ولا دائما وتمنع هذه الرخصة لمدة 10سنوات وبصفة استثنائية لمدة20سنة –الفصل 6 من ظهير 1918-
غير أنه توجد حالات لا يتم تحديد المدة:
- تهيئة الطرق الرابطة بين ملك مجاور لطريق جانبي للطريق العمومية وبين هذه الطريق مع السماع بالمرور على جانبي الطريق المذكور أو عدم السماح به.
- نصب معابر لربط صلة بين قطعتين أرض على ملك فرد واحد سواء كان نصبها على قنوات عمومية لإعداد الأرض للحارثة أو لريها.
- إصلاح ما يبنى للمساعدة على ربط القنوات العمومية بالسواقي المعدة لتجفيف الأملاك الخاصة بأربابها أو لريها.
وسواء كانت المدة محددة أم لا،فإن الرخصة تكون دائما مؤقتة،ويمكن إلغاء الرخصة سواء كانت محددة المدة أم لا في حالتين:
- الإلغاء بحكم القانون إذا لم يحترم المحتل أحد الواجبات المفروضة عليه ويتم ذلك ويتم ذلك بدون سابق إنذار ومن غير تعويض.
- الإلغاء لأسباب تتعلق بالصالح العام تملك الإدارة وحدها سلطة تقديرية للنظر فيها مع ضرورة توجيه إنذار ثلاثة أشهر إلى المحتل المؤقت والمحاكم المختصة يحق لها مراقبة مدى مشروعية الغرض من سحب الرخصة، و الأسباب الداعية إلى ذلك مع التزام المستفيد من العام بأداء واجبة كرائية يعين قدرها في القرار وتحسب من يوم إعلام المرخص له بصدور القرار المذكور-الفصل 7 من ظهير 30يونيو 1918
- -عقد الامتياز كوسيلة للاستعمال الخاص للملك العام:
ويجب أن يتضمن عقد الامتياز:
1-شروط الاستعمال المسموح به.
2-مدة عقد الاستعمال
3-حق الإدارة في تعديله أو إلغائه .
4-المقابل النقدي الذي يدفعه الفرد أو الشركة المتعاقدة.
المادة1 من قانون 05-54المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة
وعند الإلغاء يحصل المتعاقد على تعويض كامل في مقابل حرمانه من الانتفاع بالملك العام طوال المدة المقررة في العقد.[23]
هذا فيما يخص أساليب تدبير الأملاك العمومية فماذا عن طرق اكتساب الملك العمومي؟هذا ما سنعالجه من خلال الفقرة الثانية
الفقرة الثانية:طرق اكتساب الأملاك العمومية
إذا كانت التشريعات بمختلف الدول قد خصت حق الملكية بمكانة سامية في القواعد القانونية بإدماجها في صلب القواعد الدستورية إلا أن التمتع بهذا الحق ليس حقا مطلقا لا حدود له أن المشرع الدستوري وإن كان قد اعترف للأفراد بحق الملكية.فإنه نص في ذات الوقت على إمكانية وضع حد لهذا الحق كلما اقتضت ذلك الوقت على إمكانية وضع حد لهذا الحق كلما اقتضت المصلحة العامة وذلك باللجوء إلى الطرق القسرية أو الجبرية وذلك بنزع ملكية الأفراد جبرا عنهم وذلك باللجوء إلى مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة في القانون رقم 7-81 والمرسوم التطبيقي له.
وإذا كان هذا القانون جدد شروط وإجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة فإنه تحاشى إعطاء تعريف للمنفعة العامة فإنه شأنه في ذلك شأن أغلب التشريعات العربية حيث اكتفى بالنص في المادة الأولى من نفس القانون على أن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا،وملكية الحقوق العينية العقارية لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة
كما أن الفصل الثالث من نفس القانون نص من جهة ثانية على أنه يخول حق نزع الملكية إلى الدولة والجماعات الترابية وإلى الأشخاص الطبيعيين الذين تفرض إليهم السلطة العامة حقوقها العامة حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أنها ذات منفعة عامة.
هذا وقد أكدت المادة 23 من مدونة الحقوق العينية بأنه لا يجب نزع الملكية إلا من أجل المنفعة العامة ومقابل تعويض مناسب.وقد بلغ عدد المراسيم صدرت من لدن رئيس الحكومة لنزع الملكية العامة لسنة 2012 لوحدها صدور 108 مرسوم لنزع الملكية للمنفعة العامة إما من أجل مؤسسات تعليمية وبناء السكك الحديدية أو قناطر الماء الصالح للشرب.
بالإضافة إلى مسطرة نزع الملكية هناك مسطرة الاتفاق بالمراضاة:وهي مسطرة يتم اللجوء إليها لإقناع طرفي نزع الملكية على التفويت بشكل رضائي وتفادي اللجوء إلى المرحلة القضائية التي من شأنها أن تستغرق وقتا طويلا وإجراءات جد معقدة.
وللإشارة فإن الاتفاق بالمراضاة لا يمكن إبرامه إلا إذا توافرت الشروط التالية:
1-أن يتم نشر مقرر التخلي الذي يعين الأملاك اللازم لنزع ملكيتها أو نشر مقدر إعلان المنفعة العامة والتخلي الذي حينما يتم دمجها معا في شكل مرسوم أو تبليغه في حالة الفصل 14.
2- أن تحدد لجنة التقويم ثمنا معينا يمكن الاتفاق حوله.
3- عدم صدور حكم بات في دعوى نقل الملكية وتحديد التعويض إذا تعلق الأمر بالاتفاق حول التفويت.
4- عدم صدور أمر الحيازة بصورة باتة إذا تعلق الأمر بالاتفاق حول الحيازة.
أما عن كيفية إبرام الاتفاق بالمراضاة فقد نص الفصل 42 من قانون7-81 حيث أشار أن الاتفاق يجب أن يبرم طبقا لمقرر التخلي ويجب أن يدرج في محضر أمام السلطة الإدارية المحلية التابع لها موقع العقار إذا كان المنزوع ملكيته يقيم بالمكان المذكور أما إذا كان المنزوعة ملكيته غير مقيم بذلك المكان فإن هذا الاتفاق يبرم وفق مقتضيات القانون الخاص بواسطة عقد عرفي أو عدلي ويبلغ إلى السلطة الإدارية المحلية.
المبحث الثاني:حماية الأملاك العامة
لقد حظي الملك العامة بحماية قانونية في ظل التشريع المغربي وذلك من خلال قوانين التي تعمل على توفير أكبر قدر من الحماية
الحماية المدنية والجنائية(المطلب الأول)
الحماية الإدارية(المطلب الثاني)
المطلب الأول : الحماية القانونية للأملاك العمومية
إن تخصيص الأملاك العمومية للنفع العام يقتضي إخضاعها لقواعد لا نظير لها من اجل حمايتها من كل اعتداء محتمل ,ويمكن أن نرصد بعض مظاهر هذه الحماية التي لا يمكن أن تمارس إلا في إطار النصوص القانونية و التنظيمية المعمول بها في الحماية المدنية (الفقرة الأولى )و الحماية الجنائية(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: الحماية المدنية للملك العام
تعتمد الحماية المدنية للملك العام على قواعد متميزة لا مجال فيها للمعاقب الجنائي و تهدف هذه الحماية إلى إخراج الملك العام من نطاق التعامل المعروف في علاقات القانون الخاص بحيث لا يجوز التعرف فيه ولا الحجز عليه ولا اكتساب ملكيته بالتقادم نظرا لتخصيصه للمنفعة العامة
أ-عدم جواز التصرف في الأملاك العمومية:
تناول الفصل الرابع من ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلقة بتنظيم أملاك الدولة هذه القاعدة حيث نص على أنه «لا يقبل التفويت بالأملاك العمومية و لا تسقط حقوق الملكية فيها بمرور الزمن»
و معنى ذلك أن الأموال التي تتوفر عليها الدولة سواء كانت منقولات أو عقارات و تكون مخصصة لانتفاع الجمهور أو لتسيير المرافق العمومية ’لا يمكن أن تكون موضوع التعامل فيها ببيع أو شراء أو رهن و غيرها من التصرفات الخاضعة للقانون المدني
و من تطبيقات هذه القاعدة أنه لا يجوز للإدارة نزع ملكية الأملاك العمومية حيث نص على ذلك صراحة القانون الصادر في 6 ماي 1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و الإحتلال المؤقت في المادة 4 منه«لا يمكن نزع ملكية المساجد و الأضرحة و المقابر كما لا يمكن نزع ملكية العقارات التابعة للأملاك العمومية و الأبنية العسكرية .»
إن مبدأ عدم جواز التصرف في المال العام يعد نتيجة حتمية لتخصيصه للمنفعة العامة إذ بدونه لا يتحقق النفع العام بالأموال العامة ما يجب لها من ثبات و استقرار ,فهذه القاعدة خصصت لحماية المال العام حتى لا تقف قواعد القانون المدني حائلا دون تحقيق الغرض الذي من أجله خصص المال.
و لكن استثناء من هذه القاعدة هناك تزم حالات يجوز فيها التصرف في الأملاك العمومية شريطة أن يكون هذا التصرف غير متعارض مع تخصيص هذه الأموال و من بينها:
- عقود الالتزام بمرفق عام لأن مثل هذا الالتزام يطبق عليه أحكام القانون العام التي تلائمها وخصوصا احتفاظ الدولة بحرية إنهائها أو تعديلها الدواعي المنفعة العامة.ففي هذه الحالة نقيس موجودات المرفق العام منذ بداية إنشائه ملك عاما،وما الملتزم إلا نائبا عن الشخص الإداري في تسير المرفق العام طوال مدة الامتياز.[24]
- حالة الترخيص لأحد الأفراد بالانتفاع بالمال كالترخيص لبغضهم بشغل أوصفة الطريق العام، أو الشواطئ أو البحار فمثل هذه التراخيص مؤقتة ويجوز للإدارة سحبها في وقت وفقا للمنفعة العامة.
ب- عدم جواز تملك الملك العام بالتقادم:
القاعدة حتمية لمبدأ التصرف في الأموال العامة، فما دامت هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها بنقل ملكيتها إلى الغير فإنه لا يجوز من باب أولى اكتساب ملكيتها بالتقادم.[26]
وهدف هذه القاعدة حماية الأموال العامة بمنع التعدي عليها اعتماد على سبب من الأسباب المقررة لكسب الملكية، حيث يكثر في الواقع اعتداء الأطراف عمدا أو عن طريق الخطأ على بعض الأموال العامة ويضعون يدهم عليها المدة الطويلة المكسبة للتقادم ثم يدعون ملكها عملا بأحكام التقادم.[27]
و بالتالي فإن الأشياء التي تدخل في زمرة الأملاك العامة سواء كانت منقولة أو عقارية لا يمكن بالتقادم المكسب.
ج- عدم جواز الحجز على الملك العام:
يعتبر هذا المبدأ نتيجة حتمية للمبدأين السابقين فمتى تقرر أنه لا يجوز التصرف في المال العام وأنه لا يجوز اكتساب ملكيته بالتقادم المكسب،وجب القول بأنه لا يجوز الحجر عليه فالمبدأين الأولين قررا من أجل منع التصرفات في الأموال العامة أما المبدأ الثالث فقد قرر لمنع البيع الجبري لهذه الأموال.[28]
والحجر يتقرر عادة على بعض الممتلكات والأموال من أجل ضمان استفاء حقوق ديون ثابتة ومستحقة وينتهي الحجر ببيع أموال المدين المحجور حبرا عن طريق البيع القضائي.
ولعل الحكمة من تقرير هذا المبدأ واضحة كونا لحجر على هذه الأموال يتعارض مع تخصيصها للمنفعة العامة،لأن القاعدة العامة تفرض الملائمة في الدولة وأنها قادرة على تنفيذ التزاماتها دون ضغط أو إكراه،ولأن الحجر عليها يؤدي إلى الإخلال بهيئة الدولة ويمس الثقة فيها،في حين أن الدولة موثوق بيسارها واستعدادها بديونها.
الفقرة الثانية:الحماية الجنائية للملك العام
إذا كان القانون يمنح حماية خاصة لأملاك الدولة والجماعات العمومية الأخرى،فإن القانون الجنائي قد أقر نوعا أخر من الحماية لا تقل أهمية عن الحماية الأولى.وتنتج هذه الحماية مختلفة منها نصوص القانون الجنائي (أ) وكذا نصوص قانونية خاصة(ب)
أ-الحماية المقررة بواسطة القانون الجنائي:
ويقصد بها مختلف النصوص الجنائية التي تم إقرارها من طرف المشرع لوضع هذه الحماية محل تنفيذ ومن أهم مظاهرها:
- حماية الأماكن المعدة للعبادات (الفصل 223 من القانون الجنائي)
- حماية المقابر وحرمة الموتى.(الفصول من 268إلى272)
- حماية منقولات الملك العام (الفصل 596 من القانون الجنائي).
- حماية تنفيذ الأشغال العمومية (الفصل 308 من القانون الجنائي)
- الحماية المتعلقة بالطرق و المحافظة على الصحة العمومية(الفصل 609 ق ج )
وهي النصوص التي أسندت بعض المهام الضابطة القضائية لموظفي الإدارات العمومية في مجال الملك العمومية نذكر منها:
- حماية الملك العام المائي:تنظم استعمال هذا الملك قواعد قانونية ذات مصادر مختلفة،منها ظهير فاتح يوليوز 1914 حول الأملاك العامة،الذي يدمج جميع المياه مهما كان شكلها في الأملاك العامة المائية،ومن تم لا يمكن لموارد مائية أن تكون موضوع تملك خاص.[29]ولقد تم مراجعة هذه النصوص بالقانون رقم 95-10 الذي استهدف حماية كمية ونوعية الأملاك العامة في مجموعة والحفاظ عليها وترشيد استعمالها.
- حماية الأملاك العمومية المرتبطة بالموانئ:تمت حمايتها بواسطة ظهير 18أبريل1961 المتعلق بمراقبة الموانئ
- حماية الملك العام السككي:أولى المشرع المغربي حماية خاص بالملك العام السككي وأصدر ظهير بشأن المحافظة على السكك الحديدية وأمنها ومراقبة استغلالها .وذلك بمقتضى ظهير شريف صادر في 28أبريل 1961،حيث فرض شروطا خاصة لاستعمالها وفرض مجموعة من القيود بصددها مثل عدم البناء وعدم الحفر بجوانب السكك الحديدية وقد نص الفصل السادس من الظهير المذكور على أنه يعاقب بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة تتراوح بين 5 و10 سنوات كل من قام عمدا بتدمير خطوط السكك الحديدية أو إحداث خلل فيها بوضعه في الطريق شيئا يحول دون السير أو باستعماله وسيلة تعرقل سير القطارات أو تزيفها أو المس بأمن سيرها أو الكسر أو فساد أو نزع أجهزة الأمن وخصوصا الأجهزة الكهربائية أو الهاتفية.
- حماية الملك العام الطرقي:قررت الحماية الخاصة بالملك العام الطرقي بمقتضى نصوص أخرى وفي مجالات أخرى مثل الظهير المتعلق بالمحافظة على الطرق العمومية ومراقبة السير والجولان (ظهير صادر 4دجنبر1934)،الذي تضمن عقوبات جنائية ترمي إلى زجر المخالفات التي يتم ارتكابها ضد الأملاك العمومية المتعلقة بالطرق العمومية.
- حماية الممتلكات الثقافية:ظهير 3 فبراير 1914 المتعلق بالمحافظة على المآثر التاريخي والحفرات وموضوعات الفن والآثار للمملكة الشريفة وحماية الأماكن المحاطة بها من المواقع والمآثر الطبيعية.
المطلب الثاني: الحماية الإدارية للملك العام
لحماية الملك العام تبذل الإدارة مجموعة من الجهود وذلك استنادا إلى مختلف الامتيازات التي تتمتع بها من أجل تحقيق الصالح العام ومن ضمن ما تقوم به للوصول إلى هذا المبتغى هو الارتفاقات الإدارية التي يفرضها القانون لحماية بعض الأملاك العامة ثم الدور الذي يمكن أن تلعبه الجماعات المحلية في مراقبة تنظيمها وتسييرها [30].
الفقرة الأولى: دور الارتفاقات الإدارية في حماية الملك العام
بالرغم من كون حق الملكية حق مقدس ومضمون دستوريا، فإنه يمكن الحد من مداه متى دعت المصلحة العامة ذلك،عن طريق فرض مجموعة من القيود على الملك الخاص في شكل ارتفاقات قانونية ترد على هذا الأخير لصالح أو لحماية الملك العام الذي يكون مجاورا له ، والارتفاق حسب المادة37 من مدونة الحقوق العينية هو حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص آخر ،كما نصت المادة 40 من نفس القانون على أن الارتفاق القانوني هو تحمل يفرضه القانون على عقار ، ويمكن أن يقرر لمنفعة عامة أو خاصة ، ومن بين الارتفاقات الإدارية المقيدة لحق الملكية نجد:
- الارتفاقات المقررة لمصلحة مياه الأملاك العامة: بما أن المياه من الأملاك العامة للدولة بمقتضى قانون الماء رقم 10.95 فان الفصل 31 من هذا القانون ألزم ملاك العقارات على ضفاف الأنهار وسيول المياه بترك مساحة أربعة أمتار ابتدءا من الضفاف المحادية لعقاراتهم لأجل مرور العمال والمستخدمين والآلات التابعة لإدارة المياه أو لوكالة الحوض، كما حمل عقاراتهم بارتفاق إيداع المواد القابلة للاستعمال في الأنهار وقنوات المياه وغيرها أو لتنفيذ منشات للمنفعة العامة ويكون لملاك العقارات عند تضرر زراعتهم من هذا الارتفاق المطالبة بتعويض مقابل نزع الملكية للمساحات المحملة بالارتفاق السابق[31] .
- حقوق الارتفاق المقررة لمصلحة الحقوق البرقية والهاتفية:
- حقوق الارتفاق المقررة لمصلحة الخطوط الكهربائية:
- الارتفاقات المقررة لمصلحة الملاحة الجوية:
- الارتفاقات المقررة لمصلحة المواقع الحربية والمنشات العسكرية :
- ارتفاقات حماية السير على الطرقات :
الفقرة الثانية : دور الجماعات المحلية في حماية الملك العام
بالرجوع إلى الميثاق الجماعي الجديد نجد بان المشرع المغربي قد أولى للجماعات المحلية مجموعة من المهام و المسؤوليات في مجال تدبير و مراقبة و الحفاظ على الملك العام المحلي و دلك حسب ما يستفاد من المادة'43 من قانون 78.00 المتعلق بالتنظيم الجماعي[37]و الذي جاء فيه :يمارس المجلس الجماعي داخل النفوذ الترابي للجماعة.الاختصاصات التي يمكن أن تنقلها إليه الدولة خاصة في المجالات الآتية :إحداث و صيانة المدارس و مؤسسات التعليم الأساسي و المستوصفات و المرافق الصحية و مراكز العلاج ...انجاز برامج التشجير و تحسين و صيانة المنشأت و التجهيزات المائية الصغيرة و المتوسطة .حماية و ترميم المآثر التاريخية و المحافظة على المواقع الطبيعية .
كما يمارس المجلس الجماعي في شخص رئيسه اختصاصات الشرطة الإدارية في ميادين عديدة من بينها ، مراقبة البنايات المهملة أو الايلة للسقوط و يتخذ التدابير اللازمة لترميمها أو هدمها كما يساهم في المحافظة على المواقع الطبيعية و التراث التاريخي و التقافي و ذلك باتخاذ التدابير اللازمة .
و لا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل للمجالس الجماعية كامل الصلاحية في منع احتلال الملك الجماعي من طرف الخواص بشكل غير قانوني حسب ما يستفاذ من المادة 12 من قانون رقم 9.96 المتمم للظهير الصادر في 30 نونبر 1918 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي [38]
و يطبق هذا الالتزام على مختلف أساليب إشغال الملك العمومي بما في ذلك استغلاله بواسطة اللوحات الاشهارية الذي يعرف انتشارا واسعا و منافسة حادة بين الشركات المختصة لا يراعى فيه احترام القوانين و الأنظمة الجاري بها العمل في هذا المجال .
نفس المسؤوليات ملقاة على عاتق مجلس الجماعات و الأقاليم فيما يتعلق بتدبير و حماية الأملاك العمومية التابعة لهم [39]، حيث جاء في المادة 46 من قانون 79.00 على أن الوالي أو العامل يتعهد باتخاذ التدابير التالية منها أن يحافظ على أملاك العمالة أو الإقليم و يديرها و لهذه الغاية يسهر على مسك جداول إحصاء أملاك العمالة أو الإقليم و تحيين سجل محتوياتها و تسوية وضعيتها القانونية و يتخذ كل الأعمال التحفظية المتعلقة بحقوق العمالة أو الإقليم . و في هذا الإطار يتعين اتخاذ مجموعة من الإجراءات نذكر منها :
اقتناء العقارات التي توجد في حيازة الجماعة لتنتقل من وضعية الحيازة إلى وضعية التملك القانوني لممتلكاتها وذلك بتطبيقها الإجراءات القانونية لتسوية و وضعيتها بالتراضي أو نزع الملكية .
تصفية جميع النزاعات العقارية العالقة ،سواء أمام المحاكم المختصة أو بالتراضي مع الإطراف التي تدعي ملكيتها حتى تتمكن الجماعات من التصرف في هذه الممتلكات بكيفية قانونية .
تحفيظ ممتلكات الجماعة غير المحفظة بكيفية تدريجية و منتظمة و توفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك وفق برنامج سنوي محدد،لتطهيرها من كافة التعرضات و النزاعات [40]
كما يجب أن نشير بأن الجماعات المحلية تعتمد على تدبير أملاكها العامة على عملية التحديد الإداري التي تعتبر وسيلة هامة من شأنها العمل على ضبط هذه الأملاك و حمايتها من كل ترام أو اعتداء عليها من طرف الغير.
و التحديد هو إجراء قانوني يتم بمقتضاه تعيين حدود الملك العام و مشتملاته بكيفية دقيقة يعطي للجماعة حق ملكيته العقارات التي وقع تحديدها بعد انصرام اجل التعرضات عليها [41].
كما أن التحديد الإداري يساعد على تبسيط الإجراءات المتعلقة بالتحفيظ و جوبا و بناء فقط على طلب الإدارة طبقا لأحكام الفصل 02 من الظهير المؤرخ في يونيو 1927 المتعلق بتحفيظ العقارات التي جرى إخراجها من حيز الأملاك العمومية.
و يتضح من أحكام المادة 37 من الميثاق الجماعي السالف الذكر أن المشرع نص على التحديد الإداري للملك العام دون الملك الخاص و ذلك لما يتميز به أصلا الملك العام من عدم جواز التصرف فيه ،أو تملكه بالتقادم ،مها يجعل الآثار القانونية الناتجة عنه شبيهة إلى حد ما بتلك المتربة عن التحفيظ العقاري[42].
و يتولى رئيس المجلس الجماعي عملية التحديد الإداري للملك العمومي الجماعي[43] وفق مسطرة خاصة من شأنها حماية هذا الملك و ذلك نظرا للإجراءات الدقيقة التي يجب احترامها بهذا الخصوص والتي تم التنصيص عليها في إطار ظهير فاتح يوليوز 1914 . وبالضبط ضمن الفصل السابع منه .
لكن يلاحظ انه بالرغم من التعديلات التي عرفتها عملية تحديد الأملاك الجماعات المحلية، فإنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب مما يجعل الملك الجماعي عرضة للسطو و الترامي عليه من طرف الغير[44].
خاتمة
حاصل هذا ومن خلال إحاطتنا ببعض جوانب الموضوع ،يمكن القول أن الأملاك العمومية ببلادنا تكتسي أهمية بالغة باعتبارها قطاعات فعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و موردا ماليا مهما .كما يمكن أن تعتمد عليه الدولة و الجماعات المحلية لتمويل مشاريعها التنموية و تحقيق أهداف الصالح العام .كما انه بدون هذه الأملاك لا يكون للمرافق العمومية و جود ،فعلى أساسها تنشأ هذه الأخيرة و تنظم لأجل تلبية حاجيات المواطنين .و لهذا فان النظام القانوني للأملاك العمومية لا يقل أهمية عنها. لكن يلاحظ بأنه نظام يطغى عليه الكثير من الغموض و التناقض الناتجين عن قدم نصوصه.يضاف إلى ذلك قلة الاجتهادات القضائية و شح الدراسات المتخصصة في هذا المجال .
كما أن الملك العمومي بالنظر إلى التطورات التي عرفتها البلاد من الاستقلال إلى اليوم يتطلب أكثر من أي وقت مضى تدخلا سريعا من قبل المشرع من اجل تحيين القوانين المنظمة له حتى تصبح أكثر ملائمة للمستجدات التي تعرفها البلاد.
1- محمد الأعرج, القانون الإداري المغربي, منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية,سلسلة مواضيع الساعة,عدد66 سنة 2010 ,ص26
[2] أسامة عثمان,أحكام التصرف في أملاك الدولة العامة و الخاصة في ضوء القضاء و الفقه,بدون ذكر تاريخ الطبعة,ص74
[3] منية بنلمليح,قانون الأملاك العمومية بالمغرب,منشورات المجلة المغربية للإدارة و التنمية,سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية,عدد,2009,81 ص40
[4] مجموعة أحكام محكمة الاستئناف بالرباط 1958,ص37
[5] حكم عدد833 بتاريخ 2002/12/10,صادر عن المحكمة الإدارية بفاس,المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية,عدد,2004,16,سلسلة دلائل التسيير,ص605
[6] المحكمة الإدارية بوجدة,أمر استعجالي عدد77/ 2001 بتاريخ 2002/1/24,المجلة المغربية للإدارة المحلية,عدد16, 2004 ,سلسلة دلائل التسيير,ص599
[7] منية بنمليح,مرجع سابق,ص57
[8] قلبيوي محمد علي,تدبير أملاك الجماعية العامة-دراسة حالة المجلس الجماعي بمراكش,رسالة لنيل ديبلوم الماسنر في القانون العام ,السنة 2009 ,تاريخ الزيارة 16-11-2013 على الساعة 14 hالموقع : http://www.marocdroit.com
[9] [9] منية بنمليح,مرجع سابق,ص59
[10] ظهير شريف مؤرخ في 19اكتوبر 1921 المتعلق بالأملاك الخاصة بالبلديات حسب ما تم تغييره و تصميمه,الجىيدة الرسمية عدد446, 10نونبر 1921
[11] [11] منية بنمليح,مرجع سابق,ص61
[12] [12] منية بنمليح,مرجع سابق,ص61
[13] الجريدة الرسمية عدد2100,77 .بتاريخ16يوليوز1954 و مرسوم عدد1341.58,4فبراير 1989 المحدد لطريقة تسيير الملك العام القروي
[14] ينظمها الفصل 4 من ظهير 1954
[15] الميثاق الجماعي الجديد والتنظيم الجديد لمجالس الجماعات و الأقاليم,منشورات المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات,الطبعة2,عدد20.2003 ,انظر القانون 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي3 اكتوبر2002 منشور بالجريدة الرسمية,عدد5058.
[16] [16] منية بنمليح,مرجع سابق,ص56
- محمد كرامي،القانون الإداري،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2003،ص 352
2-منية بنلمليح،مرجع سابق ،ص79
3-الأملاك العمومية بين الاستعمال الجماعي والخصوصي ميمون خراط –مقال منشور موقع marocdroit.com
4-عدد 299بتاريخ 20يناير 1919 الملاحظ أنه تم تعديل هذا الظهير بمقتضي قانون 26-09-1996 ومرسوم تطبيقه الصادر في 25 يناير 1997.
5-إن هذا النوع من الاستعمال يمكن الجماعات المالكة من الحصول على مواد مهمة لأن الاحتلال الانفرادي يؤدى عنه دائما وجبية معينة.
6-انظر ملكية الصروخ،القانون الإداري،مطبعة النجاح الجديدة،طبعة 2008،ص245.
7- انظر منية بنلمليح،مرجع سابق 85 وما يليها.
[24] -قرار 12 ماي 1967 الشركة الكهربائية ضد وزير الأشغال العمومية.
[25] -ذ. منية بلمليح قانون الأملاك العمومية بالمغرب م س. ص125
[26] -هذا ما نص عليه الفصل 1 من ظير 1 يونيو 1914.
[27] -سليمان الطما ري *مبادئ القانون الإداري *دراسة مقارنة-ص 599.
[28] -منية بنلمليح م س.ص128.
[29] -المادة 1 من ظهير 95-10 «الماء ملك عام و لا يمكن أن يكون موضوع تملك خاص»
[30] - منية بنلمليح (مرجع سابق) ص 260.
[31] - محمد بونبات ، في الحقوق العينية ، الطبعة الأولى ،المطبعة والوراقة الوطنية مراكش،2002 ص 82.
[32] - مأمون الكزبري، الحقوق العينية الأصلية والتبعية، الجزء الثاني ، الطبعة الثانية ،العربية للطباعة والنشر،الرباط، 1987 ص 260.
[33] - منية بنلمليح (مرجع سابق) ص 148.
[34] - محمد بنهلال محاضرات ألقيت لطلبة الفصل الخامس مسلك القانون الخاص بتازة تحت عنوان الحقوق العينية 2005 ص40.
[35] - مأمون الكزبري(مرجع سابق) ص 260.
[36] - منية بنلمليح (مرجع سابق)ص 149.
[37] ظهير شريف رقم1.02.271 بتاريخ3 أكتوبر 2012 بتنفيذ قانون رقم 78.00 الخاص بالميثاق الجماعي ,ج ر عدد 5058 .21 نونبر 2002 ص:3468
[38] ينص الفصل 12 من القانون المذكور : يوجه إلى كل شخص يحتل الملك العمومي دون الحصول على الترخيص ، اندار للتوقف عن الاحتلال المذكور في الحال و ذلك دون إخلال بالمتابعة القضائية ،و كيفما كان الحال يعتبر المخالف مدينا للخزينة عن كل سنة أو كسر سنة من الاحتلال غير القانوني بتعويض يساوي ثلاث مرات مبلغ الإتاوة السنوية العادية المستحقة في حالة الاستفادة من الترخيص المذكور.
[39] ظهير شريف رقم 1.02.269 الصادر في 03 أكتوبر 2002 بتنفيذ قانون رقم 79.00 المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم ج ر عدد 5058 ص:3490.
[40] محمد اوحماد : ممتلكات الجماعات المحلية –تدبير أملاك الجماعات المحلية الحضرية و القروية على ضوء المقتضيات الجديدة للميثاق الجماعي- اشخال الندوات المنظمة خلال سنة 2005 .منشورات المديرية العامة للجماعات المحلية .ط 1 .2006 .ص:37.
[41] الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا .قرار رقم 3277 الصادر في 20 يونيو 1995 "إن التحديد المنصوص عليه في ظهير 13 نونبر 1916 يعطي للدولة ملكية العقارات المحددة ما دام لم يتم التعرض على التحديد داخل الأجل المحدد .أشار إليه الأستاذ محمود شوارق :المساطر القانونية لتدبير الأملاك الجماعية ج 1 2008 ص:34.
[42] انظر الفصول 62 _63 _64 من قانون 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري .
[43] الفقرة 6 من المادة 37 من الميثاق الجماعي السالف الذكر .
[44] محمود شوارق: تدبير أملاك الجماعات الحضرية و القروية في ضوء الميثاق الجماعي الجديد 2007 دون ذكر الطبعة ص:30