وضعت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية رهن إشارة العموم مشروع قانون رقم 13.103 يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء يتكون من أربعة أبواب وثمان عشرة مادة.
ويهدف هذا المشروع، حسب مذكرة التقديم، إلى تمكين المغرب من نص قانوني معياري متماسك وواضح كفيل بضمان الحدود الدنيا من شروط وضوابط الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف وخلق آليات مؤسساتية ومندمجة للتكفل، تعمل وفق قواعد محددة من شأنها ضمان المواكبة اللازمة والتوجيه الصحيح والسليم نحو مختلف الخدمات المتاحة والولوج إليها، مع الحرص على ضمان سرعة التدخلات ونجاعتها لمختلف الجهات المعنية بتطبيقه وإعماله، وذلك عبر وضع إطار مفاهيمي محدد ودقيق من شأنه مساعدة المتدخلين لتمييز وحصر الأفعال والسلوكات الداخلة في مجال العنف ضد النساء، مع إحداث هيآت وآليات للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وكذا إحداث آليات للتنسيق بين المتدخلين في مجال مناهضة العنف ضد النساء وحمايتهم وتجريم بعض الأفعال باعتبارها عنفا يلحق ضررا بالمرأة.
ومن خلال قراءة المشروع يمكن الإدلاء بملاحظات شكلية وأخرى موضوعية:
الملاحظات الشكلية:
إن أول ما يثير الانتباه في قراءة المشروع هو عدم الانسجام بين العنوان والمضمون، فعنوان المشروع يتحدث عن محاربة العنف ضد النساء، بينما المشروع في تسع مواد من أصل ثمان عشرة يتحدث عن النساء والأطفال معا، وهو عيب شكلي ينبغي تجاوزه عن طريق تعديل العنوان وجعله شاملا لكل محتويات المشروع بدل اقتصاره على النساء وحدهن، فالأطفال لا يدخلون قطعا تحت لفظة النساء، بل إن القارئ يشعر وهو يقرأ المشروع أنه أمام قانونين: قانون يتعلق بحماية النساء والأطفال من العنف وقانون يعدل المقتضيات القانونية المتعلقة بالمرأة في القانون الجنائي وبالتالي يكون العنوان غير شامل لهم مما قد يشكل عيبا شكليا ينبغي تفاديه وتجاوزه.
والملاحظة الشكلية الثانية تتمثل في أن المشروع في شقه الثاني سقط في فخ التعقيدات المتمثلة في التعديلات المدخلة على القانون الجنائي وإضافة فصول وفقرات أخرى مكررة لمرتين أو ثلاث، مما يجعل القارئ مضطرا إلى الرجوع إلى القانون الجنائي أولا حتى يتمكن من فهم النص، كما أن كثرة التعديلات قد تجعل المقتضيات غير واضحة. فمن العيوب المتعلقة بصناعة التشريع كثرة التعديلات والإضافات والإحالات مع تكرار الفصول، مما يجعل المشروع معيبا من هذا الوجه وهو ما يستوجب إعادة النظر فيه قبل اعتماده والمصادقة عليه، فصناعة التشريع في بلادنا تعرف أزمة كبيرة نظرا للجوء المشرع غالبا إلى الترجمة الحرفية مع وجود أخطاء لغوية فادحة لا يقبل مثلها في النص التشريعي.
الملاحظات الموضوعية:
يتحدث النص عن مجموعة من الآليات الخاصة بالتكفل بالنساء والأطفال، وهي عبارة عن خلايا مركزية ولجان وطنية وجهوية ومحلية، تتكون اللجة الوطنية من عدة جهات وإدارات كالعدل والداخلية والصحة والشباب والأمن الوطني والدرك الملكي ومندوبية السجون، وهذا الكم الهائل من مكونات اللجنة الوطنية يجعل عملها صعب التحقق، فقد علمتنا التجربة أن إقبار المبادرات يتم عن طريق تكوين لجان متعددة الأعضاء، لأن تكوين اللجان يجعل الاهتمام ينصب على الشكليات والإجراءات بدل الجوهر المتمثل في الاهتمام بالنساء والأطفال والتكفل بهن، فالمسؤولون غالبا ما يستظهرون بهاته اللجن ويتحدثون عن الإحصائيات المتوفرة لديها وعدد اجتماعاتها وعدد الملفات دون الرجوع إلى أرض الواقع ومعاناة النساء.
واستعمل المشروع عبارات غير واضحة في الفصل المتعلق بجريمة التحرش الجنسي، حيث نص على أنه "يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس منشهر إلى سنتين وغرامة من ألف إلى ثلاثة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل إمعان في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية."
وهذا المقتضى تضمن عبارات غير واضحة من قبيل "إمعان في مضايقة الغير"، فما حدود الإمعان؟ وكيف نميز بين مجرد المضايقة والإمعان فيها؟ ولماذا لا يتم تجريم المضايقة في حد ذاتها ولو بدون إمعان فيها؟ وهل الغير يشمل الرجال والنساء أو النساء فقط؟ أسئلة يتم طرحها لأن النص غير واضح في تحديد القصد بالتحرش الجنسي ولم يرسم حدودا واضحة لهاته الجريمة وإنما وضعها في قانون بعد أن غلفها بغلاف سميك لا يكاد يوضح معالمها.
يضاف إلى كل ذلك أن هذا القانون يكرس النظرة العقابية لظواهر اجتماعية من الصعب الحد منها أو التخفيف منها بالقانون بل لا بد من نشر وعي اجتماعي وثقافة قيمية تعتمد الأخلاق والقيم واحترام الآخر أكثر مما تعتمد على الخوف من القانون، فالمجتمع المدني اليوم مطالب بالقيام بدوره إلى جانب القانون في الإسهام في بناء مجتمع متماسك يحترم الآخرين ويحرص على عدم المساس بهم على جميع المستويات.
ويهدف هذا المشروع، حسب مذكرة التقديم، إلى تمكين المغرب من نص قانوني معياري متماسك وواضح كفيل بضمان الحدود الدنيا من شروط وضوابط الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف وخلق آليات مؤسساتية ومندمجة للتكفل، تعمل وفق قواعد محددة من شأنها ضمان المواكبة اللازمة والتوجيه الصحيح والسليم نحو مختلف الخدمات المتاحة والولوج إليها، مع الحرص على ضمان سرعة التدخلات ونجاعتها لمختلف الجهات المعنية بتطبيقه وإعماله، وذلك عبر وضع إطار مفاهيمي محدد ودقيق من شأنه مساعدة المتدخلين لتمييز وحصر الأفعال والسلوكات الداخلة في مجال العنف ضد النساء، مع إحداث هيآت وآليات للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وكذا إحداث آليات للتنسيق بين المتدخلين في مجال مناهضة العنف ضد النساء وحمايتهم وتجريم بعض الأفعال باعتبارها عنفا يلحق ضررا بالمرأة.
ومن خلال قراءة المشروع يمكن الإدلاء بملاحظات شكلية وأخرى موضوعية:
الملاحظات الشكلية:
إن أول ما يثير الانتباه في قراءة المشروع هو عدم الانسجام بين العنوان والمضمون، فعنوان المشروع يتحدث عن محاربة العنف ضد النساء، بينما المشروع في تسع مواد من أصل ثمان عشرة يتحدث عن النساء والأطفال معا، وهو عيب شكلي ينبغي تجاوزه عن طريق تعديل العنوان وجعله شاملا لكل محتويات المشروع بدل اقتصاره على النساء وحدهن، فالأطفال لا يدخلون قطعا تحت لفظة النساء، بل إن القارئ يشعر وهو يقرأ المشروع أنه أمام قانونين: قانون يتعلق بحماية النساء والأطفال من العنف وقانون يعدل المقتضيات القانونية المتعلقة بالمرأة في القانون الجنائي وبالتالي يكون العنوان غير شامل لهم مما قد يشكل عيبا شكليا ينبغي تفاديه وتجاوزه.
والملاحظة الشكلية الثانية تتمثل في أن المشروع في شقه الثاني سقط في فخ التعقيدات المتمثلة في التعديلات المدخلة على القانون الجنائي وإضافة فصول وفقرات أخرى مكررة لمرتين أو ثلاث، مما يجعل القارئ مضطرا إلى الرجوع إلى القانون الجنائي أولا حتى يتمكن من فهم النص، كما أن كثرة التعديلات قد تجعل المقتضيات غير واضحة. فمن العيوب المتعلقة بصناعة التشريع كثرة التعديلات والإضافات والإحالات مع تكرار الفصول، مما يجعل المشروع معيبا من هذا الوجه وهو ما يستوجب إعادة النظر فيه قبل اعتماده والمصادقة عليه، فصناعة التشريع في بلادنا تعرف أزمة كبيرة نظرا للجوء المشرع غالبا إلى الترجمة الحرفية مع وجود أخطاء لغوية فادحة لا يقبل مثلها في النص التشريعي.
الملاحظات الموضوعية:
يتحدث النص عن مجموعة من الآليات الخاصة بالتكفل بالنساء والأطفال، وهي عبارة عن خلايا مركزية ولجان وطنية وجهوية ومحلية، تتكون اللجة الوطنية من عدة جهات وإدارات كالعدل والداخلية والصحة والشباب والأمن الوطني والدرك الملكي ومندوبية السجون، وهذا الكم الهائل من مكونات اللجنة الوطنية يجعل عملها صعب التحقق، فقد علمتنا التجربة أن إقبار المبادرات يتم عن طريق تكوين لجان متعددة الأعضاء، لأن تكوين اللجان يجعل الاهتمام ينصب على الشكليات والإجراءات بدل الجوهر المتمثل في الاهتمام بالنساء والأطفال والتكفل بهن، فالمسؤولون غالبا ما يستظهرون بهاته اللجن ويتحدثون عن الإحصائيات المتوفرة لديها وعدد اجتماعاتها وعدد الملفات دون الرجوع إلى أرض الواقع ومعاناة النساء.
واستعمل المشروع عبارات غير واضحة في الفصل المتعلق بجريمة التحرش الجنسي، حيث نص على أنه "يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس منشهر إلى سنتين وغرامة من ألف إلى ثلاثة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل إمعان في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية."
وهذا المقتضى تضمن عبارات غير واضحة من قبيل "إمعان في مضايقة الغير"، فما حدود الإمعان؟ وكيف نميز بين مجرد المضايقة والإمعان فيها؟ ولماذا لا يتم تجريم المضايقة في حد ذاتها ولو بدون إمعان فيها؟ وهل الغير يشمل الرجال والنساء أو النساء فقط؟ أسئلة يتم طرحها لأن النص غير واضح في تحديد القصد بالتحرش الجنسي ولم يرسم حدودا واضحة لهاته الجريمة وإنما وضعها في قانون بعد أن غلفها بغلاف سميك لا يكاد يوضح معالمها.
يضاف إلى كل ذلك أن هذا القانون يكرس النظرة العقابية لظواهر اجتماعية من الصعب الحد منها أو التخفيف منها بالقانون بل لا بد من نشر وعي اجتماعي وثقافة قيمية تعتمد الأخلاق والقيم واحترام الآخر أكثر مما تعتمد على الخوف من القانون، فالمجتمع المدني اليوم مطالب بالقيام بدوره إلى جانب القانون في الإسهام في بناء مجتمع متماسك يحترم الآخرين ويحرص على عدم المساس بهم على جميع المستويات.