MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




لما الإعدام؟ {الجزء الأول}

     



لما الإعدام؟  {الجزء الأول}
 
  احتفل المشرع المغربي ومازال يحتفل بعقوبة إزهاق روح المحكوم عليه، لما جعلها على هرم العقوبات الجنائية الأصلية في البند الأول من المادة 16 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، ولما أرادها عقوبة تسري على ما يقارب ألف-1000- فعل تم تجريمه في إطار الترسانة الكاملة للتشريع المغربي، خصوصا  على ضوء الثلاثية الجنائية المتمثلة أساسا في مجموعة القانون الجنائي، القانون العسكري وقانون الإرهاب، إضافة إلى قوانين أخرى من أهمها ظهير زجر الجرائم الماسة بصحة الأمة.

   وأكد المغرب الرسمي تشبثه العميق بهذه العقوبة عندما أطعمها بمقتضيات القانون رقم 03-03 الخاص بمحاربة الإرهاب بعدما كان قد قام بتجميد تنفيذ هذه العقوبة بعد سنة 1993، وبالتالي تحقيق زيادة في نسبة الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، وكان المغرب الرسمي آخر دول شمال أفريقيا التي أوقفت تنفيذ هذه العقوبة ، وبالمقابل لاحظنا أن موريتانيا كانت سباقة إلى ذلك سنة 1987 ، وبعدها تونس سنة 1991.

   ويبدو أن المغرب قد نفذ هذه العقوبة قبل 1993 في كثير من المرات، سواء كانت بشكل رسمي، أي بناء على حكم /قرار قضائي، أو بناء على قناعة شخصية لمجتهدي الدولة آنذاك، فكان أول إعدام رسمي سنة 1963 ضد أربعة محكوم عليهم مباشرة بعد صدور القانون الجنائي سنة 1963 ، وبعدها شهد رواجا كبيرا خصوصا مع مطلع سبعينات القرن الماضي (1971-1972-1973-1974) حيث تم إعدام 46 شخصا معظمهم عسكريين، وكان آخر تنفيذ لعقوبة "الإعدام" سنة 1993 في حق المسمى ثابت في قضية التعنيف والأشرطة ضد مجموعة من النساء.

    وعندما نقرأ أن معظم الدول في العالم قد ألغت هذه العقوبة، بحيث وصل عددها إلى     140دولة على الأقل، في حين تبقى 57 دولة مازالت تعتمدها في قوانينها الوطنية، وإن كان معظمها لا ينفذها ويكتفي بالنطق بها. وتعتبر ألبانيا ورووندا والفلبين والغابون من أهم الدول التي ألغت "الإعدام" مؤخرا.

    قبل شهور تقدم مجموعة من البرلمانيين بمقترح قانون سجل بتاريخ 12 نونبر 2013 تحت رقم 97، وكان من أهم مضامين المقترح هو تعويض هرم العقوبات  الأصلية "الإعدام" بعقوبة السجن المؤبد القابل للمراجعة على مدى 25 سنة، ومع غياب أي جديد يذكر عن مصير هذا المقترح يبقى المغرب الرسمي محتفظا بعقوبة "الإعدام"، وأكد ذلك منطوق قرار محكمة الاستئناف بأكادير في أكتوبر الماضي لما قضى بعقوبة  الإعدام رميا بالرصاص في حق متهم بقتل الطفلة فاطمة غندور بمدينة تارودانت.

   علاقة بالقرار أعلاه نسجل حقيقة أن الجريمة المرتبكة خطيرة فعلا، لكن بالمقابل أليس من الظاهر أن هذا القرار يتناقض مع مبادئ حقوق الانسان وأحكام الوثيقة الدستورية المغربية ، خصوصا في مادتها 20 التي كرست مبدأ الحق في الحياة باعتباره أول حق من حقوق الإنسان، وأكدت نفس المادة في عبارتها الثانية أن القانون يحمي هذا الحق، لكن مع الأسف لم يصدر المغرب الرسمي أي موقف تشريعي يكرس مقتضى المادة 20 رغم مرور ما يقارب ثلاث سنوات على ولادة الوثيقة الدستورية الحالية، ورغم كل تصريحات حزب "بنكيران" ممثل الحكومة المغربية بتسريع تفعيل مقتضيات الوثيقة الأساسية الحالية، ورغم المواقف النظرية وغير المسئولة التي تصدرها أبواق الأحزاب الأخرى، والتي تدعي نضجها في إطار الساحة السياسية.

    ورغم أن قرار السلطات بعد 1993 ذهب في اتجاه وقف تنفيذ هذه العقوبة حتى وإن نطق بها قضائيا، الشيء الذي يجعل هذا القرار غير قانوني أو شرعي لكونه يمس بسيادة نهائية القرار القضائي، ويجعل مبدأ استقلال السلطة القضائية عن غيرها بهذا الصدد في محل عدم الاهتداء إليه، ومخالفا لأحكام الدستور المغربي.

    المغرب الرسمي يعيش التناقض بناء على تمجيد حق الحياة في الوثيقة الدستور، في حين تتضمن قوانينها التشريعية عقوبة توصف بأبشعها تعارض مبدأ المادة 20 من وثيقته الأساسية، وهذه الأخيرة جعلت الاتفاقيات الدولية رافدا تشريعيا مهما، وزيادة على ذلك وجدنا أن المغرب الرسمي امتنع في أكثر من مناسبة التوقيع على كل وثيقة دولية تتضمن مبدأ إلغاء الإعدام أولها البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بهدف إلغاء عقوبة الإعدام المعتمد بقرار الجمعية العامة عدد 44/138 سنة 1989، وآخرها امتناعه عن التصويت داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار الرابع المتعلق بتجميد عقوبة الإعدام.

    إن حكومة "بنكيران" الحالية، وأمام غياب كل معايير الاجتهاد والكفاءة لديها غير قادرة على طي هذا الملف بإيجاد حل حديث يجعل المغرب في قاطرة أغلب دول العالم.

    عندما انعقد الجمع العام للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة "الإعدام" بالرباط في مايو الماضي صرح النقيب الجامعي أن حكومة "بنكيران" كسابق الحكومات لا تستطيع أن تحرك ساكنا بخصوص الموضوع، ولكن إذا جاءهم أمر من الملك بوقف"الإعدام" سيفعلون، والأكثر من ذلك سيبررونه، ولن يكون هناك مبرر لا عقائدي ولا شرعي.

     الجميع يعرف أن "حزب العدالة والتنمية" يعارض مطلب إلغاء عقوبة "الإعدام" انطلاقا بالأساس من إجابة منسق الجناح الحقوقي في الحزب {سابقا} ووزير العدل والحريات حاليا مفادها أن المطالبة بإلغاء "الإعدام" ما هو إلا مجرد"ضجيج" ليس إلا، ويضاف إلى ذلك إقدام {عبد العالي حامي الدين} رئيس منتدى كرامة حقوق الإنسان بتأكيد قول زميله في الحزب لما تحفظ على البند المتعلق بإلغاء عقوبة "الإعدام"، وبعدها انسحب من حفل توقيع الميثاق الوطني لحقوق الإنسان بالرباط في إطار الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان بداعي أسباب مستعجلة.

    لماذا ،يريد المغرب الرسمي أن تبقى العقوبة الملعونة حيث هي؟ ولماذا يصر على أن يبقى المحكوم عليهم تحت رحمة نفسيتهم التي تشبه كوابيسا تطارد ضمير سياسيا فاشلا-خائنا .

    وأمام إبقاء المغرب الرسمي في السياسة الجنائية على الانتقام بصدد هذه العقوبة، نلتمس إلغاء عقوبة "الإعدام" بشكل تام ونهائي بنسخها ...       

        
يتبع ...



الاثنين 19 يناير 2015
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"


1.أرسلت من قبل منى في 30/01/2015 15:00
أيا كانت حججك أرفض دفع ضرائب كي يعيش قاتل وحش

2.أرسلت من قبل ابو احمد في 31/01/2015 02:22
باختصار وجوب الشكر على المجهود المبذول لكن الملاحظ غياب اللمسة القانونية في التحليل وخاصة تفسير المادة 20 من الدستور التي تتحدث عن الحق في الحياة فهذه المادة لاتميز بين الجاني والضحية فهذه المادة في تفسيرها الدستوري تتحدث عن حق من حقوق الانسان الا وهو ضمان الحق في الحياة معناه لا يحق لاحد ان يهدر حق اخر في حياته وان السلطات تكفل حق مواطنيها في ان يتمتعوا بحقهم في الحياة
هنا يجب الفصل في التعريف بالحق في الحياة وهو مااذا تعرض مواطن لاهدار حق من حقوقه وهو الحق في الحياة معناه ماهي الضمانات المكفولة لهذا الشخص اذا ما تعرض حقه في الحياة للاهدار ؟

تعليق جديد
Twitter