إن الخطبة تواعد بالزواج، والمبدأ هو أن الطرفين لا يصلان إلى هاته المرحلة إلا بعد تفكير عميق والإحساس بالتقارب اللازم لبناء أسرة مستقرة، لكن قد يحدث أثناء الخطبة أن يحدث سوء تفاهم أو يطلع أحد الخطيبين على أمور قد لا تروقه من الطرف الآخر أو قد ينشب نزاع فيتم العدول عن الخطبة ويعود الطرفان إلى حالتهما الأولى.
وإذا كان القانون ينص صراحة على أن لكل من الخطيبين حق العدول عن الخطبة وأن مجرد العدول عها لا يرتب أي تعويض ما لم يكن هناك ضرر، فإن ذلك لا يعني أن عدم ترتيب جزاء قانوني عن العدول يدل على إباحة الأمر وكونه أمرا مستساغا، بل إن القانون حين لم يرتب أي جزاء عن مجرد العدول يهدف إلى أمرين:
1- إن مؤسسة الزواج الناجح تبنى على ركائز الاتفاق والانسجام والتوافق والاطمئنان المتبادل بين الطرفين، وبالتالي فإنه حين يكون هناك تنافر أو مجرد عدم الاطمئنان فإنه من الحكمة السماح لمن يحس بذلك أن يذهب لحال سبيله ولو كانت المبررات التي تذرع بها أوهَى من نسج العنكبوت، إذ الأصلح لهما وللمجتمع عموما أن يتم وضع حد لمشروع الزواج منذ البداية دون الوصول إلى مرحلة الزواج الذي يغير المراكز القانونية لهما ويرتب آثارا قانونية أخرى بل ينبغي السماح لهما بالتراجع عن الخطبة لأن موضوع الزواج ليس مجرد شراكة عابرة بل هو مشروع حياة ممتد في الزمان والمشاعر كذلك، ولا يمكن إجبار الشخص على العيش في أحضان من لا يثق به أو يطمئن إليه.
2- إن العدول عن الخطبة حين لا يكون له مبرر معقول يدل على أن العادل غير جدي في ما يقدم عليه، وهو إن استطاع الإفلات من القانون فإن الأخلاق لا تسمح له بذلك، إذ الخطبة عهد مشهود يتم القيام به في جو احتفالي، والوفاء بالوعد البسيط محمود شرعا وأخلاقا، وإخلافه يجعل صاحبه يصنف ضمن لائحة العابثين والمترددين، بغض النظر عن الآلام النفسية والأضرار المعنوية التي قد تلحق بالطرف الآخر.
إذن فمجرد العدول لا يرتب تعويضا قانونيا، اللهم إلا إذا ترتب عنه ضرر فإنه يتم التعويض عنه حسب التفصيل الذي سنبينه في الحلقة الموالية.