مقدمة:
تبدو الجهة إطارا ملائما للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية, فهي حلقة الوصل بين الدولة و الجماعات الحضرية و القروية, فيفترض في الأولى أن تضطلع بالكبرى مثل الأمن و الدفاع و الصحة و السياسات الخارجية, أما الجماعات الحضرية و القروية فيستحسن أن تنهض بقضايا القرب, مثل توزيع الماء و الكهرباء و تطهير السائل[1].
فلا غرابة أن تتجه دول العالم كلها إلى الأخذ بنظام الجهوية كل حسب معطياته التاريخية و السياسية و الاقتصادية, فهناك دول مثل اسبانيا و ألمانيا قطعة أشواطا متقدمة في الأخذ بنظام الجهات.
يقوم "النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط, و توازنها وتعاونها, و الديمقراطية المواطنة و التشاركية,و على مبادئ الحكامة الجيدة, و ربط المسؤولية بالمحاسبة.....التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامركزي, يقوم على الجهوية المتقدمة[2].
عمل المغرب مند فجر الاستقلال, على تبني اللامركزية, وتطوير تجربته في هذا المجال, بحيث عرفت إصلاحات متواصلة, مست كل جوانب تسيير وتنظيم المجالس المنتخبة, وتحسين مستوى التأطير الترابي, بالإضافة إلى تقوية الموارد المالية للجماعات المحلية[3].بدأ ذلك بالظهير المؤرخ في 2دجنبر 1959 بمثابة التقسيم الإداري للمملكة,ثم الانطلاقة الأساسية للامركزية من خلال الميثاق الجماعي بتاريخ 23 يونيو 1960, ثم ظهير 12 دجنبر 1963 المنظم للعمالات و الأقاليم, وستعرف سنة 1976 تغيرا مهما بإلغاء الميثاق الجماعي لسنة 1960 وتعويضه بالميثاق الجماعي 1976 الذي يشكل إطار جديد للممارسة الجماعية بتوسع اختصاصات الجماعات, و في سنة 1997 سيتم إعادة النظر في التقسيم الإداري للمغرب بإحداث الجهات تطبيقا لمقتضيات الدستور 1996[4],وتنظيمها بالقانون 47-96 باعتبارها جماعة محلية ذات اختصاص.
يبدو أن جلالة الملك محمد السادس مقتنع بأن التنمية المستدامة, لا يمكن تحقيقها, إلا من خلال النهوض باللامركزية و تكريس الحكامة الترابية, و إرساء قواعد و مبادئ حسن التدبير و اقتناعه هذا سيزداد بالتدرج مع مرور الوقت, إلى أن تم الإعلان عن ورش الجهوية المتقدمة, فلا يكاد أي خطاب ملكي يخلو من الحديث عن ضرورة ترسيخ اللامركزية في اتجاه افرز مجالس محلية و إقليمية و جهوية تجمع بين ديمقراطية التكوين وعقلانية التقطيع و نجاعة و شفافية و سلامة التدبير[5].
في هذا الإطار جاء الدستور الجديد بتاريخ 29 يوليو 2011, تغييرات عميقة في مجال اللامركزية بإعطائها بعدا متقدما, تتبوأ فيه الجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية, كما نص على مبادئ جديدة لتدبير الشأن المحلي, ترتكز على التدبير الحر للشأن المحلي و قواعد الحكامة, و مبدأ التفريع في تحديد اختصاصات مجالس الجماعات الترابية ,....ثم تشجيع التعاون والشراكة وتأسيس مجموعات الجماعات و مجموعات الجهات, من أجل انجاز المشاريع التنموية و تدعيم التعاضد و التضامن فيما بين الجماعات.
في هذا السياق و تطبيقا لمقتضيات هذا الفصل, جاءت مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية[6](الجهات, العمالات و الأقاليم و الجماعات) من إحداث مجموعات, وشركات التنمية, ثم إبرام اتفاقيات في هذا المجال, بغية المساهمة في تحقيق التنمية المنشودة على كافة المستويات الاقتصادية, الاجتماعية,الثقافية....
أهمية الموضوع:
تكمن أهمية الموضوع في كونه يسلط الضوء على آلية من آليات التعاون و الشراكة بين الجهات, في ظل مقارنة بين القانون 47-96 و القانون التنظيمي 111-14, فالتحليلات القليلة التي تناولت مستجدات هذا المشروع لم تتناول آليات التعاون و الشراكة و خصوصا مجموعات الجهات[7]. لذلك هذا الموضوع تناول بالتحليل المقتضيات المستجدة في هذا المجال, خاصة ونحن نتحدث عن المبادئ الدستورية الجديدة التي جعلت التنظيم الجهوي و الترابي يرتكز على التدبير الحر و التضامن, و المقاربة التشاركية, ومدى استجابة مشاريع القوانين التنظيمية و تضمينها لهذه المبادئ.
إشكالية الموضوع:
تتمحور الإشكالية حول معرفة آلية التعاون و الشراكة بين الجهات (مجموعة الجهات) في ظل القانون التنظيمي 114-14 و الوقوف على التغيرات التي عرفتها تلك الآلية مقارنة مع ما هو وارد في القانون 47-96, وذلك من خلال السؤال التالي: ما هي مستجدات آلية التعاون و الشراكة (مجموعة الجهات) التي جاء بها القانون التنظيمية؟
منهج البحث:
اعتمدت في انجاز الموضوع على المنهج الوصفي و التحليلي من خلال تحديد و تحليل مضامين المقتضيات القانونية المتعلقة بمجموعة الجهات الواردة في قانون 47-96 و القانون التنظيمي 111-14 المتعلق بالجهات. كما لجأت للمنهج المقارن من خلال المقارنة بين مقتضيات القانونين, للوقوف على أهم المستجدات التي عرفتها تلك الآلية.
تصميم الموضوع:
سأتناول موضوع مجموعة الجهات على ضوء مشروع القانون التنظيمي رقم 111-14 المتعلق بالجهات, والإجابة عن الإشكالية المطروحة, سأختار التصميم التالي المتكون من مبحثين أساسيين:
المبحث الأول: تكوين وتسيير مجموعة الجهات
المطلب الأول: تكوين مجموعات الجهات
الفقرة الأولى: تشكيل مجلس المجموعة على ضوء القانون التنظيمي
الفقرة الثانية : دواعي تشكيل مجموعة الجهات
المطلب الثاني: اختصاصات مجلس مجموعة الجهات و سلطة الوصاية
الفقرة الأولى:اختصاصات مجلس مجموعة الجهات
الفقرة الثانية: سلطة الوصاية و حل مجموعات الجهات
المبحث الثاني: النظام المالي لمجموعة الجهات
المطلب الأول: تدبير ميزانية مجموعة الجهات
الفقرة الأولى: ميزانية مجموعة الجهات
الفقرة الثانية: وضع الميزانية و التصويت عليها
المطلب الثاني: الرقابة على ميزانية مجموعات الجهات و شركات التنمية الجهوية
الفقرة الأولى: أنواع الرقابة المالية
الفقرة الثانية: شركات التنمية الجهوية
المبحث الأول: تكوين و تسيير مجموعة الجهات
ليس من المبالغة القول, أن صيرورة التاريخ الإنساني لم ينتج قيمة أو مفهوما أرحب و أشمل من صفة التعاون, فعبر عمر الحضارة الإنسانية, شكل مطلب المعاون مكونا و محفزا للعمل و الإبداع الإنساني في كل التجارب, وقد جاء بقواميس اللغة "تعاون القوم أعان بعضهم بعضا" فالتعاون بذلك يعني المساعدة المتبادلة أو العمل سويا أو الاستعداد للمساعدة, و هو بهذا المعنى سلوك بشري فطري عرف منذ أقدم العصور البشرية عهدا, فقد اعتاد الإنسان منذ الأزل توحيد الجهود و التضامن مع أعضاء المجموعة م أجل تحقيق المصالح المشتركة[8].
لقد ظل الفكر التعاوني غائبا عن العمل الجماعي, حتى انعقاد المناظرة الوطنية الثالثة للجماعات المحلية التي عقدت تحت شعار "المشاركة" سنة 1986[9].وشكلت مناظرة مكناس الانطلاقة الحقيقية لمسلسل التعاون الجماعي و خطوة حاسمة نحو تدعيم اللامركزية[10],كما عرف التشريع المتعلق باللامركزية تطورا مهما من خلال دستور 1992 الذي ارتقى بالجهة الى جماعة محلية.هذا الكيان الجديد سيتم دعمه في المراجعة الدستورية ل 13 شتنبر 1996.
إن الارتقاء بالجهة إلى مستوى جماعة ترابية يشكل حلقة أساسية في التطور الإداري المغربي بوجه عام’لما له من انعكاسات على مستو التنمية, في إطار فضاءات متناغمة.
ولقد عرفت مجموعة الجهات مكانا في القانون 47-96 المتعلق بتنظيم الجهات, تحت مسمى لجان التعاون المشتركة بين الجهات في الباب لسادس "التعاون فيما بين الجهات".
و في هذا المبحث سنقوم بإبراز كيفية تكوين مجموعة الجهات و تسيرها, و كذا اختصاص مجلس مجموعة الجهات.
المطلب الأول: تكوين مجموعة الجهات
نصت المادة 148 من مشروع القانون التنظيمي " يمكن للجهات أن تؤسس فيما بينها بموجب اتفاقيات يصادف عليها مجالس الجهات المعنية, مجموعات تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي.... يعلن عن تكوين مجموعة الجهات أو الانضمام جهة إليها بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية, بينما في القانون 47-96 جاء فيه أن الانضمام إلى لجنة التعاون المشتركة بين الجهات يجب أن يكون بإذن من وزير الداخلية, و الملاحظ هنا أن الاختلاف يكمن فقط في التسمية.
فالمادة 148 من مشروع القانون التنظيمي, سمحت بإمكانية تأسيس علاقات تعاون بين الجهات عبر آلية مجموعة الجهات كمؤسسة للتعبير عن هذا التعاون, حيث يكمن لمجالس الجهات, حسب رغبتها, أن تؤسس هذه المجموعات بموجب اتفاقيات, تحدد هذه الاتفاقيات كما نصت على ذلك المادة148.
وفي هذا المطلب, الذي يتكون من فقرتين: تشكيل مجلس المجموعة على ضوء القانون التنظيمي (الفقرة الأولى), و دواعي تشكيل هذه المجموعات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :تشكيل مجلس مجموعة الجهات على ضوء القانون التنظيمي
سمح الدستور المغربي الجديد للجماعات الترابية بتأسيس مجموعات فيما بينها, من أجل التعاضد في البرامج و الوسائل[11]. كذلك الجهات تحت مسمى "مجموعة الجهات", وتعتبر هذه المجموعات, في هذا السياق, مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و تطبق عليها النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالوصاية على الجماعات الترابية, كما تطبق عليها القواعد المالية و المحاسبية للجماعات الترابية على ميزانية المجموعات و محاسبتها.
و يتميز هدا النوع من التعاون و الشراكة بسهولة التأسيس و ببساطة الإجراءات القانونية و الإدارية الخاصة بإحداثها, كما أنها وسيلة مهمة لانجاز مشاريع مشتركة بين الجهات المتعاونة و وسيلة فعالة لتحقيق التضامن و التوازن بين الجهات و الجماعات و العمالات و الأقاليم, على مستوى نقص الموارد و نقص التجهيزات[12].
إن تنظيم هذا النوع من التعاون بين الجهات يتطلب توافر العديد من الإجراءات القانونية المنظمة لها كاسم المجموعة, موضوع المجموعة, مدة صلاحية المجموعة, مقر المجموعة,طبيعة أو مبلغ مساهمة كل جماعة و المصادقة على المجموعة. أضف إلى ذلك أنه يقوم بتسيير شؤون المجموعة مجلس و مكتب, و تطبق عليه نفس القوانين و الشكليات المعمول بها في تشكيل أجهزة الجماعات و تسييرها, و المتمثلة في مجالس المجموعة ثم قواعد الانضمام و الانسحاب و الحل,
تنص المادة 148, من مشروع القانون التنظيمي 111-14 المنظم للجهات, غرض المجموعة و تسميتها و مقرها و طبيعة أو مبلغ المساهمة و المدة الزمنية للمجموعة عند الاقتضاء, و يقتصر دور وزارة الداخلية على إعلان هذا التأسيس. هذا بخلاف المادة 61 من القانون 47-96 التي نصت على إمكانية الإذن للجهات بإنشاء علاقات تعاون بينها من خلال لجان التعاون و المشتركة بين الجهات, حيث يأذن وزير الداخلية هذا التعاون, بإقراره أو عدم إقراره, بعد الإطلاع على مداولات المجالس المعنية, كما يخضع انضمام الجهة للجنة بنفس الكيفية.
يتم تسيير مجموعة الجهات من طرف مجلس ( المادة 149 من مشروع القانون التنظيمي), يحدد عدد أعضائه بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية باقتراح من الجهات المكونة لها, و تمثل الجهات المشتركة في المجلس حسب حصة مساهمتها و بمنتدب واحد على الأقل لكل جهة من الجهات الأعضاء, وينتخب المنتدبون وفق أحكام المادة 48 من هذا القانون التنظيمي لمدة تعادل مدة انتداب المجلس الذي يمثلونه, غير أن إذا انقطع المجلس الذي يمثلونه عن مزاولة مهامه نتيجة حله أو لأي سبب من الأسباب, يستمر المنتدبون في مزاولة مهامهم إلى أن يعين المجلس الجديد من يخلفونهم.
إذا أصبح منصب أحد المنتدبين شاغرا لأي سبب من الأسباب, انتخب مجلس الجهة المعني خلفا له وفق نفس الكيفيات المنصوص عليها في الفقرة الثانية أعلاه داخل أجل شهر واحد على الأكثر[13].
ينتخب مجلس مجموعة الجهات من بين أعضائه رئيسا و نائبين اثنين على الأكثر يشكلون مكتب المجموعة, طبقا لشروط الاقتراع و التصويت المنصوص عليها بالنسبة لانتخاب أعضاء مكاتب مجالس الجهات.
ينتخب أعضاء المجلس وفق الشروط و الكيفيات المنصوص عليها في المادة 25 من هذا القانون التنظيمي كاتبا لمجلس المجموعة و نائبا له يعهد إليه بالمهام المخولة بمقتضى هذا القانون التنظيمي إلى كاتب مجلس الجهة و نائبه, و يقيلهما وفق الشكليات المنصوص عليها في المادة 26 من هذا القانون التنظيمي.
الفقرة الثانية: دواعي تشكيل مجموعة الجهات
طبقا لمقتضيات القانون رقم 47-96 المتعلق بتنظيم الجهات, المادة 61 يمكن أن يؤذن للجهات في إنشاء علاقات بينها قصد تحقيق عمل مشترك أو إنشاء مرفق ذي فائدة مشتركة بين الجهات أو الأجل تدبير أموال خاصة بكل جهة منها و معدة لتمويل أعمال مشتركة و دفع بعض نفقات التسيير المشتركة, وتدبر شؤون التعاون مشتركة.
تعتبر الجهة المجال الخصب لتحقيق التنمية المحلية و الشاملة و المستدامة, مستنيرة بمبادئ الحكامة الجيدة و التدبير الحر فمفهوم التنمية من المفاهيم الأكثر تداولا من طرف الأفراد و الهيئات الحكومية باعتباره الأداة أو الوسيلة التي من خلالها تستطيع هذه الدول مواجهة عوامل التخلف و إزاحة كل المعيقات التي تحول دون انبثاق الإمكانات الذاتية الكامنة داخل كيان معين, و توفير الترتيبات المؤسسية التي تساعد على نمو هذه الإمكانات الإنسانية المنبثقة إلى أقصى حدودها[14].
و على اثر صدور دستور 2011[15] تم الارتقاء بالتعاون اللامركزي إلى مستوى المبادئ الدستورية, كما نصت على ذلك الفقرة الأخيرة من الفصل 143 من الدستور كلما تعلق الأمر بانجاز مشروع يتطلب تعاون عدة جماعات ترابية, فان هذه الأخيرة تتفق على كيفيات تعاونها.
لذلك يعتبر التعاون الجماعي أحد الأشكال الأكثر ملائمة لمواجهة مختلف التحديات المحلية, و وعاء لنشر ثقافة الانفتاح و الحوار و التضامن, و وسيلة لاقتسام الأعباء و الاستفادة من الفرص الاقتصادية المشتركة, و التقليص من مخاطر العولمة فضلا عن استعمال نتائجه, سواء الداخلية أو الخارجية, كأرضية لتعزيز السلم والأمن و الاستقرار التنموي و لتحقيق ذلك يلزم العمل بجهد على حكامة التعاون اللامركزي الجماعي و جعله أكثر انفتاحا من خلال[16] :
بعد ذكر تشكيلة مجلس مجموعة الجهات على ضوء القانون التنظيمي 111-14 و دواعي دسترة التعاون اللامركزي, عامة, و مجموعة الجهات, خاصة نتساءل حول اختصاصات هذا المجلس و هل هناك أي سلطة على قراراته و مداولاته؟و هل هناك إمكانية حل هذا المجلس؟
المطلب الثاني:اختصاصات مجلس مجموعة الجهات
تطورت الظروف العالمية و عرفت تحولات كبيرة على جميع الأصعدة و المستويات, و تطورت معها بشكل متلازم مفهوم الدولة, بحث لم تعدد مبررات المركزية قائمة, لا من الناحية التاريخية و لا من الناحية السياسية و لا التنظيمية, لهذا فقد فشلت الدول المركزية في تحقيق أهدافها[19]. لذلك تعد الجهوية الإطار الأنسب لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المحلية, فبعدما أظهرت الوحدات اللامركزية التقليدية –الجماعات الحضرية و القروية و الإطار الإقليمي- عجزها عن استيعاب المشاكل الاقتصادية و مختلف الإكراهات التي يواجهها المجال. ظهر الفضاء الجهوي, كإطار أوسع و ملائم لمواجهة هذه الاختلافات و تحقيق التنمية. لكن مع المشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية أصبحت آلية التعاون و الشراكة المسماة "مجموعة الجهات" إطار ملائم لتعاون و تضامن الجهات من أجل خلق توازن بين مختلف الجهات. علما أن هذه المجموعات يتم تسييرها من طرف مجلس, إذن ما هي اختصاصات هذا المجلس؟و ما هي صلاحيات سلطة الوصاية, هل المراقبة, التأطير...؟ هل هناك إمكانية لحل مجموعة الجهات؟
الفقرة الأولى: اختصاصات مجموعة الجهات
يتم تسيير مجموعة الجهات من طرف مجلس, يحدد عدد أعضاءه من طرف وزير الداخلية باقتراح من الجهات المعينة. هذا المجلس يضم تمثيلية عن كل الجهات الأعضاء حسب حصة كل منها, وبمنتدب واحد عن كل جهة على الأقل. ويتعين الأعضاء –كما نصت المادة 48- عن طريق الانتخابات بالأغلبية النسبية للأعضاء[20], ويتم انتدابهم لمدة انتداب المجلس الممثلين له, إلا أنه إذا انقطع هذا الأخير عن مزاولة مهامه, لأي سبب من الأسباب يستمر المنتدبون في مزاولة مهامهم إلى أن يعين المجلس الجديد خلفا لهم [21].
أما بخصوص لجان التعاون المشتركة بين الجهات, الواردة في القانون 47-96 فحسب المادة 63 فان ثلاث مناديب يمثلون كل جهة فيها, و ينتخبون بالاقتراع السري و الأغلبية المطلقة[22], كما تنتهي مدة انتدابهم بحل المجلس الجهوي الذي يمثلونه أو الاستقالة الكلية لأعضائه, حيث تعين اللجنة الخاصة التي تعوض هذا الأخير في القيام بمهامه حسب المادة 22.
تعين اللجنة ثلاثة مناديب من أعضائها إلى أن يعين المجلس الجديد ممثليه, و هو ما يدا على أن مشرع القانون التنظيمي عمل على تبسيط التعاون فيما بين الجهات و الارتقاء به و إخضاعه للإرادة المنفردة للمجالس الجهوية بتخليصه من الوصاية, تبعا لمتطلبات التنمية الجهوية.
و يتشكل مكتب المجموعة من رئيس بنائبين له على الأكثر, ينتخبون من طرف المجلس وفق شروط الاقتراع و التصويت المنصوص عليها بالنسبة لانتخاب أعضاء مكاتب الجهات.
كما ينتخب أعضاء مجلس المجموعة كاتبا عاما و نائبا له, حسب الشروط و الكيفيات المنصوص عليها في المادة 25 (بالأغلبية النسبية للأعضاء, و في حالة تعادل الأصوات يعلن فائزا المترشح الأصغر سنا.....) ويعهد إليهما بالمهام المخولة للكاتب العام الجهوي و نائبه و تتم إقالتهما و فق الشكليات المقررة بموجب المادة 26 بالنسبة لهذين الأخيرين.
يمارس رئيس مجلس مجموعة الجهات في حدود غرض المجموعة الصلاحيات الموكولة لرئيس مجلس الجهة, يساعده في ذلك مدير عام يتولى تحت مسؤوليته و رقابته, الإشراف على إدارة المجموعة و تنسيق العمل الإداري و السهر على حسن سيره[23], تخضع مجموعة الجهات حسب المادة 152 لأحكام هذا القانون التنظيمي و النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمراقبة و النظام الأساسي للمنتخب, و نظام تسيير المجلس و مداولاته, و القواعد المالية و الحاسبية المطبقة على الجهة.
الفقرة الثانية:سلطة الوصاية و حل مجموعة الجهات
إن التنظيم الإداري, من خلال أسلوبي الإدارة اللامركزية و الإدارة المركزية, كمعطى أساسي لابد منه لترشيد العمل الإداري و تنسيق تدخل الدولة, قصد تحقيق متطلبات التنمية و مستلزمات الحكامة[24].
لقد ظل اللاتمركز الإداري بالمغرب دائما حاضرا في الخطب و التصاريح الملكية, وفي مختلف الفترات و المراحل المتعاقبة, حيث حظي هذا الأسلوب بمفهومه السياسي و الاقتصادي بانشغال كبير من قبل المؤسسة الملكية, و هذا ما يدل على مكانة و دور اللامركزية الإدارية و المتمثلة غي مؤسسة العامل و الوالي, فهو بمثابة عمود فقري للإدارة الترابية, فهو يمثل الدعامة الأساسية لنهج اللاتركيز الإداري, اعتبارا لصفته المزدوجة كمندوب للحكومة, و كمسؤول عن تدبير المصالح الخارجية للوزارات[25].
و كما جاء في المادة 152 لأحكام مشروع القانون التنظيمي للجهات 111-14 "تسري على مجموعة الجهات أحكام هذا القانون التنظيمي و النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمراقبة, و النظام الأساسي للمنتخب, و نظام تسيير المجالس و مداولاته و القواعد المالية و المحاسبية المطبقة على الجهة, مع مراعاة خصوصيات مجموعة الجهات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي".
انطلاقا من المادة 152 يمكن أن نستنتج أن سلطة الوصاية المتمثلة في والي الجهة له صلاحيات التأثير على قرارات المجلس و شركاته و على الميزانية و المصادفة عليها.... أي أن نفس الصلاحيات التي له على الجهة هي نفسها على مجموعة الجهات.
أما فيما يخص حل مجموعة الجهات, فحسب المادة 153 من مشروع القانون التنظيمي فهناك أربع حالات لحل مجموعة الجهات و هي:
المبحث الثاني: النظام المالي لمجموعة الجهات
يندرج موضوع تدبير النفقات العمومية ضمن منظومة الإصلاحات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تنكب عليها السلطات العمومية, فعملية الإنفاق و حسن التدبير هو الهاجس الذي يؤرق الساهرين على تدبير الشأن المحلي, فالمتتبع لمنظومة التدبير بات دائما يطرح العديد من الأسئلة حول أصل الإشكال[26], هل الأمر يتعلق بأزمة القوانين؟ أي المشكل ينبع من القاعدة القانونية التي تتهم دائما بعدم مواكبة المستجدات,وعدم قدرتها على حماية المال العام من الاختلاس و التبذير و عدم مساعدة أصحاب القرار و تزويدهم بالوسائل الكافية لترشيد النفقات أم أن الإشكال يتعلق بمن يتفاعل مع هذه القواعد إما بسوء نية أو العكس.
لقد أصبحت الجماعات المحلية من أهم الشركاء الجدد للدولة, حيث يتقاسمان أعباء تدبير الشأن العام عن طريق توزيع الاختصاصات[27] و تحويل الأموال و قد جاء ذلك نتيجة تأثيرات متغيرات داخلية و دولية مما استوجب التقليل من دور الدولة و تكثيف تدخلات الجماعات الترابية, إلا أن الموارد المالية تعتبر الهاجس الأكبر في تدبير الجماعات الترابية بكل مستوياتها دون إغفال سلطة الوصاية بالمراقبة و التأشيرة على الميزانية و إدراج النفقات الإجبارية.
و تتجسد الفوارق الجبائية المحلية من خلال تفاوت درجات الاستفادة الجبائية, فحسب الإصلاح الجديد, فالجماعات الحضرية و القروية تستفيد من 11 رسما محليا, بينما تقتصر استفادة العمالات و الأقاليم على ثلاثة رسوم, أما الجهات فتستفيد هي أيضا من ثلاث رسوم. خاصة الرسم على الصيد البحري و المناجم و الخدمات المقدمة بالموانئ. و بالتالي فاستفادة جميع الجهات من هذه الموارد تكون مستحيلة لعدم توفر بعضها على الأولوية الجبائية.
وطبقا للمادة 152 لأحكام مشروع القانون التنظيمي للجهات 111-14 تسري على مجموعة الجهات أحكام هذا القانون التنظيمي و النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمراقبة و القواعد المتعلقة بالمحاسبة المطبقة على الجهات مع مراعاة خصوصيات مجموعة الجهات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي, مما سيدفعنا إلى لطرح مجموعة من الأسئلة التي من بينها: ما هي موارد مجموعة الجهات؟ و ما هي نفقات هذه المجموعات؟ م هي شروط وضع الميزانية و التصويت عليها؟ ما هي صلاحيات سلطة الوصاية في التأشيرة على الميزانية؟ ما هو دور شركات التنمية الجهوية؟
المطلب الأول: تدبير ميزانية مجموعات الجهات
أصبحت الجماعات المحلية ( الجماعات الترابية في التسمية الجديدة في دستور 2011), في معظم الدول, مختصة بعدة مجالات سواء على مستوى البنيات التحتية أو على مستوى النقل الحضري و الخدمات الصحية و الاجتماعية[28], لذلك أصبح تدبير ميزانية الجماعات المحلية و مجموعاتها, الهاجس الأكبر لتحقيق التنمية الاجتماعية, الاقتصادية و الثقافية.
و يعتبر قانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية و مجموعاتها, الذي استعرض عدة تفاصيل في تدبير النفقات المحلية, القانون المنظم لمالية مجموعة الجهات, في طور العمل بمشروع القانون التنظيمي المنظم للجهات 111-14 المنظم في جزء منه لميزانية الجهات و مجموعاتها.
و في هذا المبحث سنحاول الإجابة على تساؤلات عدة, تهم تدبير ميزانية مجموعة الجهات و القواعد المنظمة لها.
الفقرة الأولى: ميزانية مجموعة الجهات
تدخل المساهمة المالية للجهات في مجموعاتها ضمن النفقات الإجبارية من نفقات التجهيز كما نصت على ذاك المادة 196 من مشروع القانون التنظيمي ( القسم الخامس, المتعلق بالنظام المالي للجهة), و تتكون الموارد المالية لهذه المجموعات, من مساهمات الجهات المكونة لها في ميزانيتها, الإعانات التي تقدمها الدولة, مداخيل تدبير الممتلكات, حصيلة الافتراضات المرخص بها, الهبات و الوصايا و مداخيل مختلفة[29].
و الملاحظ هنا هو تعدد مصادر تمويل مجموعات الجهات, و هو ما ورد أيضا في القانون 47-96 فيما يتعلق بلجان التعاون والشراكة بين الجهات في المادة 67 من خلال الفصل 17, و كذا من خلال مقتضيات المادة 30 من القانون رقم 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها.
أما تكاليف مجموعات الجهات, فتتمثل حسب المادة 219 من مشروع القانون التنظيمي 111-14 المتعلق بالجهات في نفقات للتسيير و التجهيز اللازمة الانجاز العمليات و ممارسة الاختصاصات التي أسست من أجلها.
و يبين هذا الجدول مختلف النفقات و مداخيل مجموعات الجهات:
انطلاقا من المادة 41 من فانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها, يمكن استنتاج بعض النفقات الإجبارية التي يعتبر إدراجها ضمن النفقات ضروريا و إجباريا.
تعتبر النفقات المتعلقة بالأغراض التالية إجبارية بالنسبة للجماعات المحلية و مجموعاتها:
الفقرة الثانية:وضع الميزانية و التصويت عليها
انطلاقا من تعريف الميزانية في كل من فانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية و مجموعاتها و بين مشروع القانون التنظيمي للجهة 111-14, نلاحظ أنه نفس التعريف, حيث أن الميزانية هي الوثيقة التي يقرر و يؤذن بموجبها, بالنسبة لكل سنة مالية, في مجموع موارد و تحملات الجماعة المحلية أو المجموعة.
تبتدئ السنة المالية بالنسبة لمجموعة الجهات في فاتح يناير و تنتهي في 31 ديسمبر من نفس السنة المالية, و تشتمل هذه الميزانية ( حسب المادة 167) على جزئين:
المطلب الثاني:الرقابة المالية و شركات التنمية الجهوية
هناك أربعة أنواع من المراقبة, المراقبة السياسية, المراقبة المحاسبية, المراقبة الإدارية و المراقبة القضائية, إن تباين مستويات الرقابة على النفقات المحلية و خصوصا الجهوية منها, و أيضا في شكل مجموعات الجهات ز تنامي النفقات المحلية ناتج عن تزايد مظاهر تبذير المال العام المحلي الناتج عن سوء تدبير النفقات, كلها عوامل تفرض العمل بنظام الرقابة.
فالرقابة هي ضرورة و ليست اختيار, ذلك أن مراقبة استعمال الأموال العمومية المحلية تعتبر عنصرا قارا و ضروريا في المالية عموما و تزداد هذه الضرورة كلما تم الاتجاه نحو المالية المحلية. لأن عدم تفعيل الرقابة خصوصا في مجال التسيير سنعكس بالضرورة على الاستثمارات المحلية.
و في هذا المطلب الذي يتكون, في شقه الأول من محور أول تحت عنوان أنواع الرقابة المالية, و في محوره الثاني سنتطرق إلى شركات التنمية الجهوية.
و هذا ما سيجعلنا نطرح مجموعة من الأسئلة من نضير: ما هو مضمون كل نوع من الرقابات السابقة الذكر؟ و ما هي مميزات كل نوع؟ و هل هناك تكامل بين هذه الأنواع؟ ما هو دور شركات التنمية الجهوي؟ و ما هو إطارها القانوني؟ ودورها في التنمية الجهوية؟
الفقرة الأولى: أنواع الرقابة المالية
إن إلزامية الرقابة المالية فيما يخص تدبير النفقات المحلية تنطلق من تجنب تبذير الأموال المحلية, و تقييم درجة احترام الاعتمادات الواردة بالميزانية, و هو ما دفع البعض إلى القول بأن الرقابة تعتبر إكراها تحد بالنسبة للديمقراطيات المعاصرة.
مبدئيا يمكن القول إن هناك تعدد أشكال و صور الرقابة على النفقات المحلية زيادة على تعدد المؤسسات التي تقوم بهذه الرقابة, بالإضافة إلى تباين مستويات هذه الرقابة, فهناك الرقابة القبلية ثم الرقابة البعدية اللاحقة.
و من بين هذه الأنواع يمكن أن نذكر:
المراقبة السياسية:
و يمارسها المجلس التداولي المنتخب عن طريق دراسة والتصويت على الحساب الإداري, فحسب المادة 53 من القانون 45-08, يعد الآمر بالصرف عند نهاية كل سنة مالية الحساب الإداري للنفقات و المداخيل و يعرضه للدرس على اللجان الدائمة لمختصة عشرة أيام على الأقل قبل عرضه على المجلس التداولي للتصويت عليه خلال الدورة الأولى الموالية, و يوجه نظير من الحساب الإداري إلى سلطة الوصاية, و قد حددت المادة 127 من مرسوم محاسبة الجماعات المحلية لسنة 2010 مكونات عمود النفقات بالحساب الإداري.
المراقبة المحاسبية:
و يمارسها المحاسب العمومي على العمليات المالية للجماعات و تنتهي بوضع حساب التدبير, و كان يطلق على هذا الأخير سابقا حساب التسيير و أصبح يسمى حساب التدبير في قانون 45-08 حيث يضع الخازن بعد الاختتام السنوي لعملياته حساب تدبير الجماعة المحلية أو مجموعتها و الذي يتضمن تنفيذ جميع عمليات مداخيل و نفقات الميزانية[30], فحساب التدبير هو المقابل للحساب الإداري.
و هناك ارتباط وثيق بين الحساب الإداري الذي يعده الآمر بالصرف و حساب التدبير الذي يضعه المحاسب العمومي للجماعة المحلية, فخلفية الحساب الإداري هي حساب التدبير و المقارنة بينهما تمكن من معرفة وضعية كل من النفقات أو المداخيل على السواء[31].
المراقبة الإدارية:
و تجرى من طرف جهازين هما:
-مراقبة المفتشية العامة للإدارة الترابية[32]: على مستوى وزارة الداخلية و تناط بها مهمة المراقبة و التحقق من السير الإداري و التقني و المحاسبي للمصالح التابعة لوزارة الداخلية و الجماعات المحلية و هيئاتها على أن تراعى في ذلك الاختصاصات المخولة للمفتشيات التابعة للوزارات الأخرى.
-مراقبة المفتشية العامة للمالية: تمارس مراقبة بعدية, حيث تجري تحقيقات بخصوص مصالح الصندوق و المحاسبة و النقود و الموارد و كذا حسابات المحاسبين العموميين و عمليات الأمرين بالصرف, فهي رقابة تتحقق من التسيير الذي يقوم به المحاسبون و تتأكد من صحة العمليات المدرجة في حسابات الأمرين بالصرف بتسليم المداخيل و دفع المصاريف العمومية, إلا أن ما يعاب على هذه المفتشية اقتصارها على كشف المخالفات ليبقى الزجر من اختصاصات مؤسسات أخرى مكملة.
-المراقبة القضائية: و تمارسها المجالس الجهوية للحسابات حيث تنفرد بالرقابة القضائية على تدبير النفقات المحلية, حيث تتولى طبقا لمقتضيات الفصل 98 من الدستور مراقبة حسابات الجماعات المحلية و هيئاتها.
الفقرة الثانية: شركات التنمية الجهوية
تحدث هذه الشركات لممارسة الأنشطة ذات الطابع الاقتصاد التي تدخل في اختصاصات الجهة أو تدبير مرفق عمومي تابع للجهة, حيث يمكن بموجب المادة 154 من مشروع القانون التنظيمي للجهة أو مجموعاتها أو مجموعات الجماعات الترابية إحداث شركات مساهمة, تسمى شركات التنمية الجهوية أو المساهمة في رأس مالها اشتراك مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام أو الخاص.
لذلك فهذه الشركات تمثل آلية لممارسة أنشطة اقتصادية, تحدثها الجهة بصفة منفردة أو بشراكة مع أشخاص اعتبارية عامة أو خاصة,و ينحصر غرضها في الأنشطة ذات الطبيعة الصناعية و التجارية التي تدخل في اختصاصات الجهة و مجموعاتها و مجموعات الجماعات الترابية, باستثناء تدبير الملك الخاص للجهة[33].
و تبلغ محاضر اجتماعات الأجهزة المسيرة للشركة الر الجهة و مجموعاتها و مجموعات الجماعات الترابية و الو والي الجهة داخل أجل 15 يوما الموالية لتاريخ الاجتماعات, و يتداول المجلس الجهوي بموجب المادة 97 في شأن إحداث شركات التنمية الجهوية أو المساهمة في رأسمالها أو تغيير غرضها أو الزيادة في رأسمالها أو تخفيضه أو تفويته, إلا أن مقرراته في هذا الشأن لا تكون قابلة للتنفيذ تحت طائلة البطلان, إلا بعد التأشيرة عليها من قبل وزارة الداخلية (المادة 146), و في مشروع القانون التنظيمي عوضت شركات التنمية الجهوية, مقاولات الاقتصاد المختلط المنصوص عليها في القانون 47-96.
خاتمة:
تعتبر مجموعة الجهات آلية للتشارك و التعاون بين الجهات فيما بينها, حيث نظمها القانون 47-96 تحت مسمى لجان التعاون المشتركة, و مجموعة الجهات في مشروع القانون التنظيمي 111-14 للجهات, و تعتبر هذه الآلية أداة للتعاون و تحقيق أهداف مشتركة بين الجهات و تعزيز روح التضامن ة التعاون و الشراكة كما نص الدستور الجديد للمملكة, الهدف منها تقليص الفوارق بين الجهات في مغرب موحد بروح التضامن و مبدأ التعاون, وفق شروط محددة, و جديد مشروع القانون التنظيمي هو تبسيط شروط تكوين هذه المجموعات خصوصا مجموعات الجهات, كما أن نظامها المالي يعرف استقلالية بحكم أنها تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و لذلك فان تدبير ماليتها خاضع للقانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجهات المحلية و مجموعاتها.
و ما يلاحظ أنه رغم وجود هذه الآلية للتعاون في قانون 47-96, عدم لجوء الجهات إليه رغم أهميته و سهولة تكوينه, و أهدافه التي تتمثل في تحقيق توازن بين الجهات و تقليص الفوارق بين جهات المغرب, و السؤال المطروح هو هل الجهات ستلجأ إلي تكوين مجموعة الجهات تحت تنظيم القانون التنظيمي 111-14 المنظم للجهات المتسم بيسر و سهولة مساطير تكوين هذه المجموعات؟؟
الهوامش
تبدو الجهة إطارا ملائما للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية, فهي حلقة الوصل بين الدولة و الجماعات الحضرية و القروية, فيفترض في الأولى أن تضطلع بالكبرى مثل الأمن و الدفاع و الصحة و السياسات الخارجية, أما الجماعات الحضرية و القروية فيستحسن أن تنهض بقضايا القرب, مثل توزيع الماء و الكهرباء و تطهير السائل[1].
فلا غرابة أن تتجه دول العالم كلها إلى الأخذ بنظام الجهوية كل حسب معطياته التاريخية و السياسية و الاقتصادية, فهناك دول مثل اسبانيا و ألمانيا قطعة أشواطا متقدمة في الأخذ بنظام الجهات.
يقوم "النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط, و توازنها وتعاونها, و الديمقراطية المواطنة و التشاركية,و على مبادئ الحكامة الجيدة, و ربط المسؤولية بالمحاسبة.....التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامركزي, يقوم على الجهوية المتقدمة[2].
عمل المغرب مند فجر الاستقلال, على تبني اللامركزية, وتطوير تجربته في هذا المجال, بحيث عرفت إصلاحات متواصلة, مست كل جوانب تسيير وتنظيم المجالس المنتخبة, وتحسين مستوى التأطير الترابي, بالإضافة إلى تقوية الموارد المالية للجماعات المحلية[3].بدأ ذلك بالظهير المؤرخ في 2دجنبر 1959 بمثابة التقسيم الإداري للمملكة,ثم الانطلاقة الأساسية للامركزية من خلال الميثاق الجماعي بتاريخ 23 يونيو 1960, ثم ظهير 12 دجنبر 1963 المنظم للعمالات و الأقاليم, وستعرف سنة 1976 تغيرا مهما بإلغاء الميثاق الجماعي لسنة 1960 وتعويضه بالميثاق الجماعي 1976 الذي يشكل إطار جديد للممارسة الجماعية بتوسع اختصاصات الجماعات, و في سنة 1997 سيتم إعادة النظر في التقسيم الإداري للمغرب بإحداث الجهات تطبيقا لمقتضيات الدستور 1996[4],وتنظيمها بالقانون 47-96 باعتبارها جماعة محلية ذات اختصاص.
يبدو أن جلالة الملك محمد السادس مقتنع بأن التنمية المستدامة, لا يمكن تحقيقها, إلا من خلال النهوض باللامركزية و تكريس الحكامة الترابية, و إرساء قواعد و مبادئ حسن التدبير و اقتناعه هذا سيزداد بالتدرج مع مرور الوقت, إلى أن تم الإعلان عن ورش الجهوية المتقدمة, فلا يكاد أي خطاب ملكي يخلو من الحديث عن ضرورة ترسيخ اللامركزية في اتجاه افرز مجالس محلية و إقليمية و جهوية تجمع بين ديمقراطية التكوين وعقلانية التقطيع و نجاعة و شفافية و سلامة التدبير[5].
في هذا الإطار جاء الدستور الجديد بتاريخ 29 يوليو 2011, تغييرات عميقة في مجال اللامركزية بإعطائها بعدا متقدما, تتبوأ فيه الجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية, كما نص على مبادئ جديدة لتدبير الشأن المحلي, ترتكز على التدبير الحر للشأن المحلي و قواعد الحكامة, و مبدأ التفريع في تحديد اختصاصات مجالس الجماعات الترابية ,....ثم تشجيع التعاون والشراكة وتأسيس مجموعات الجماعات و مجموعات الجهات, من أجل انجاز المشاريع التنموية و تدعيم التعاضد و التضامن فيما بين الجماعات.
في هذا السياق و تطبيقا لمقتضيات هذا الفصل, جاءت مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية[6](الجهات, العمالات و الأقاليم و الجماعات) من إحداث مجموعات, وشركات التنمية, ثم إبرام اتفاقيات في هذا المجال, بغية المساهمة في تحقيق التنمية المنشودة على كافة المستويات الاقتصادية, الاجتماعية,الثقافية....
أهمية الموضوع:
تكمن أهمية الموضوع في كونه يسلط الضوء على آلية من آليات التعاون و الشراكة بين الجهات, في ظل مقارنة بين القانون 47-96 و القانون التنظيمي 111-14, فالتحليلات القليلة التي تناولت مستجدات هذا المشروع لم تتناول آليات التعاون و الشراكة و خصوصا مجموعات الجهات[7]. لذلك هذا الموضوع تناول بالتحليل المقتضيات المستجدة في هذا المجال, خاصة ونحن نتحدث عن المبادئ الدستورية الجديدة التي جعلت التنظيم الجهوي و الترابي يرتكز على التدبير الحر و التضامن, و المقاربة التشاركية, ومدى استجابة مشاريع القوانين التنظيمية و تضمينها لهذه المبادئ.
إشكالية الموضوع:
تتمحور الإشكالية حول معرفة آلية التعاون و الشراكة بين الجهات (مجموعة الجهات) في ظل القانون التنظيمي 114-14 و الوقوف على التغيرات التي عرفتها تلك الآلية مقارنة مع ما هو وارد في القانون 47-96, وذلك من خلال السؤال التالي: ما هي مستجدات آلية التعاون و الشراكة (مجموعة الجهات) التي جاء بها القانون التنظيمية؟
منهج البحث:
اعتمدت في انجاز الموضوع على المنهج الوصفي و التحليلي من خلال تحديد و تحليل مضامين المقتضيات القانونية المتعلقة بمجموعة الجهات الواردة في قانون 47-96 و القانون التنظيمي 111-14 المتعلق بالجهات. كما لجأت للمنهج المقارن من خلال المقارنة بين مقتضيات القانونين, للوقوف على أهم المستجدات التي عرفتها تلك الآلية.
تصميم الموضوع:
سأتناول موضوع مجموعة الجهات على ضوء مشروع القانون التنظيمي رقم 111-14 المتعلق بالجهات, والإجابة عن الإشكالية المطروحة, سأختار التصميم التالي المتكون من مبحثين أساسيين:
المبحث الأول: تكوين وتسيير مجموعة الجهات
المطلب الأول: تكوين مجموعات الجهات
الفقرة الأولى: تشكيل مجلس المجموعة على ضوء القانون التنظيمي
الفقرة الثانية : دواعي تشكيل مجموعة الجهات
المطلب الثاني: اختصاصات مجلس مجموعة الجهات و سلطة الوصاية
الفقرة الأولى:اختصاصات مجلس مجموعة الجهات
الفقرة الثانية: سلطة الوصاية و حل مجموعات الجهات
المبحث الثاني: النظام المالي لمجموعة الجهات
المطلب الأول: تدبير ميزانية مجموعة الجهات
الفقرة الأولى: ميزانية مجموعة الجهات
الفقرة الثانية: وضع الميزانية و التصويت عليها
المطلب الثاني: الرقابة على ميزانية مجموعات الجهات و شركات التنمية الجهوية
الفقرة الأولى: أنواع الرقابة المالية
الفقرة الثانية: شركات التنمية الجهوية
المبحث الأول: تكوين و تسيير مجموعة الجهات
ليس من المبالغة القول, أن صيرورة التاريخ الإنساني لم ينتج قيمة أو مفهوما أرحب و أشمل من صفة التعاون, فعبر عمر الحضارة الإنسانية, شكل مطلب المعاون مكونا و محفزا للعمل و الإبداع الإنساني في كل التجارب, وقد جاء بقواميس اللغة "تعاون القوم أعان بعضهم بعضا" فالتعاون بذلك يعني المساعدة المتبادلة أو العمل سويا أو الاستعداد للمساعدة, و هو بهذا المعنى سلوك بشري فطري عرف منذ أقدم العصور البشرية عهدا, فقد اعتاد الإنسان منذ الأزل توحيد الجهود و التضامن مع أعضاء المجموعة م أجل تحقيق المصالح المشتركة[8].
لقد ظل الفكر التعاوني غائبا عن العمل الجماعي, حتى انعقاد المناظرة الوطنية الثالثة للجماعات المحلية التي عقدت تحت شعار "المشاركة" سنة 1986[9].وشكلت مناظرة مكناس الانطلاقة الحقيقية لمسلسل التعاون الجماعي و خطوة حاسمة نحو تدعيم اللامركزية[10],كما عرف التشريع المتعلق باللامركزية تطورا مهما من خلال دستور 1992 الذي ارتقى بالجهة الى جماعة محلية.هذا الكيان الجديد سيتم دعمه في المراجعة الدستورية ل 13 شتنبر 1996.
إن الارتقاء بالجهة إلى مستوى جماعة ترابية يشكل حلقة أساسية في التطور الإداري المغربي بوجه عام’لما له من انعكاسات على مستو التنمية, في إطار فضاءات متناغمة.
ولقد عرفت مجموعة الجهات مكانا في القانون 47-96 المتعلق بتنظيم الجهات, تحت مسمى لجان التعاون المشتركة بين الجهات في الباب لسادس "التعاون فيما بين الجهات".
و في هذا المبحث سنقوم بإبراز كيفية تكوين مجموعة الجهات و تسيرها, و كذا اختصاص مجلس مجموعة الجهات.
المطلب الأول: تكوين مجموعة الجهات
نصت المادة 148 من مشروع القانون التنظيمي " يمكن للجهات أن تؤسس فيما بينها بموجب اتفاقيات يصادف عليها مجالس الجهات المعنية, مجموعات تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي.... يعلن عن تكوين مجموعة الجهات أو الانضمام جهة إليها بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية, بينما في القانون 47-96 جاء فيه أن الانضمام إلى لجنة التعاون المشتركة بين الجهات يجب أن يكون بإذن من وزير الداخلية, و الملاحظ هنا أن الاختلاف يكمن فقط في التسمية.
فالمادة 148 من مشروع القانون التنظيمي, سمحت بإمكانية تأسيس علاقات تعاون بين الجهات عبر آلية مجموعة الجهات كمؤسسة للتعبير عن هذا التعاون, حيث يكمن لمجالس الجهات, حسب رغبتها, أن تؤسس هذه المجموعات بموجب اتفاقيات, تحدد هذه الاتفاقيات كما نصت على ذلك المادة148.
وفي هذا المطلب, الذي يتكون من فقرتين: تشكيل مجلس المجموعة على ضوء القانون التنظيمي (الفقرة الأولى), و دواعي تشكيل هذه المجموعات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :تشكيل مجلس مجموعة الجهات على ضوء القانون التنظيمي
سمح الدستور المغربي الجديد للجماعات الترابية بتأسيس مجموعات فيما بينها, من أجل التعاضد في البرامج و الوسائل[11]. كذلك الجهات تحت مسمى "مجموعة الجهات", وتعتبر هذه المجموعات, في هذا السياق, مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و تطبق عليها النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالوصاية على الجماعات الترابية, كما تطبق عليها القواعد المالية و المحاسبية للجماعات الترابية على ميزانية المجموعات و محاسبتها.
و يتميز هدا النوع من التعاون و الشراكة بسهولة التأسيس و ببساطة الإجراءات القانونية و الإدارية الخاصة بإحداثها, كما أنها وسيلة مهمة لانجاز مشاريع مشتركة بين الجهات المتعاونة و وسيلة فعالة لتحقيق التضامن و التوازن بين الجهات و الجماعات و العمالات و الأقاليم, على مستوى نقص الموارد و نقص التجهيزات[12].
إن تنظيم هذا النوع من التعاون بين الجهات يتطلب توافر العديد من الإجراءات القانونية المنظمة لها كاسم المجموعة, موضوع المجموعة, مدة صلاحية المجموعة, مقر المجموعة,طبيعة أو مبلغ مساهمة كل جماعة و المصادقة على المجموعة. أضف إلى ذلك أنه يقوم بتسيير شؤون المجموعة مجلس و مكتب, و تطبق عليه نفس القوانين و الشكليات المعمول بها في تشكيل أجهزة الجماعات و تسييرها, و المتمثلة في مجالس المجموعة ثم قواعد الانضمام و الانسحاب و الحل,
تنص المادة 148, من مشروع القانون التنظيمي 111-14 المنظم للجهات, غرض المجموعة و تسميتها و مقرها و طبيعة أو مبلغ المساهمة و المدة الزمنية للمجموعة عند الاقتضاء, و يقتصر دور وزارة الداخلية على إعلان هذا التأسيس. هذا بخلاف المادة 61 من القانون 47-96 التي نصت على إمكانية الإذن للجهات بإنشاء علاقات تعاون بينها من خلال لجان التعاون و المشتركة بين الجهات, حيث يأذن وزير الداخلية هذا التعاون, بإقراره أو عدم إقراره, بعد الإطلاع على مداولات المجالس المعنية, كما يخضع انضمام الجهة للجنة بنفس الكيفية.
يتم تسيير مجموعة الجهات من طرف مجلس ( المادة 149 من مشروع القانون التنظيمي), يحدد عدد أعضائه بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية باقتراح من الجهات المكونة لها, و تمثل الجهات المشتركة في المجلس حسب حصة مساهمتها و بمنتدب واحد على الأقل لكل جهة من الجهات الأعضاء, وينتخب المنتدبون وفق أحكام المادة 48 من هذا القانون التنظيمي لمدة تعادل مدة انتداب المجلس الذي يمثلونه, غير أن إذا انقطع المجلس الذي يمثلونه عن مزاولة مهامه نتيجة حله أو لأي سبب من الأسباب, يستمر المنتدبون في مزاولة مهامهم إلى أن يعين المجلس الجديد من يخلفونهم.
إذا أصبح منصب أحد المنتدبين شاغرا لأي سبب من الأسباب, انتخب مجلس الجهة المعني خلفا له وفق نفس الكيفيات المنصوص عليها في الفقرة الثانية أعلاه داخل أجل شهر واحد على الأكثر[13].
ينتخب مجلس مجموعة الجهات من بين أعضائه رئيسا و نائبين اثنين على الأكثر يشكلون مكتب المجموعة, طبقا لشروط الاقتراع و التصويت المنصوص عليها بالنسبة لانتخاب أعضاء مكاتب مجالس الجهات.
ينتخب أعضاء المجلس وفق الشروط و الكيفيات المنصوص عليها في المادة 25 من هذا القانون التنظيمي كاتبا لمجلس المجموعة و نائبا له يعهد إليه بالمهام المخولة بمقتضى هذا القانون التنظيمي إلى كاتب مجلس الجهة و نائبه, و يقيلهما وفق الشكليات المنصوص عليها في المادة 26 من هذا القانون التنظيمي.
الفقرة الثانية: دواعي تشكيل مجموعة الجهات
طبقا لمقتضيات القانون رقم 47-96 المتعلق بتنظيم الجهات, المادة 61 يمكن أن يؤذن للجهات في إنشاء علاقات بينها قصد تحقيق عمل مشترك أو إنشاء مرفق ذي فائدة مشتركة بين الجهات أو الأجل تدبير أموال خاصة بكل جهة منها و معدة لتمويل أعمال مشتركة و دفع بعض نفقات التسيير المشتركة, وتدبر شؤون التعاون مشتركة.
تعتبر الجهة المجال الخصب لتحقيق التنمية المحلية و الشاملة و المستدامة, مستنيرة بمبادئ الحكامة الجيدة و التدبير الحر فمفهوم التنمية من المفاهيم الأكثر تداولا من طرف الأفراد و الهيئات الحكومية باعتباره الأداة أو الوسيلة التي من خلالها تستطيع هذه الدول مواجهة عوامل التخلف و إزاحة كل المعيقات التي تحول دون انبثاق الإمكانات الذاتية الكامنة داخل كيان معين, و توفير الترتيبات المؤسسية التي تساعد على نمو هذه الإمكانات الإنسانية المنبثقة إلى أقصى حدودها[14].
و على اثر صدور دستور 2011[15] تم الارتقاء بالتعاون اللامركزي إلى مستوى المبادئ الدستورية, كما نصت على ذلك الفقرة الأخيرة من الفصل 143 من الدستور كلما تعلق الأمر بانجاز مشروع يتطلب تعاون عدة جماعات ترابية, فان هذه الأخيرة تتفق على كيفيات تعاونها.
لذلك يعتبر التعاون الجماعي أحد الأشكال الأكثر ملائمة لمواجهة مختلف التحديات المحلية, و وعاء لنشر ثقافة الانفتاح و الحوار و التضامن, و وسيلة لاقتسام الأعباء و الاستفادة من الفرص الاقتصادية المشتركة, و التقليص من مخاطر العولمة فضلا عن استعمال نتائجه, سواء الداخلية أو الخارجية, كأرضية لتعزيز السلم والأمن و الاستقرار التنموي و لتحقيق ذلك يلزم العمل بجهد على حكامة التعاون اللامركزي الجماعي و جعله أكثر انفتاحا من خلال[16] :
- التعاضد في البرامج و الوسائل هذا بالإضافة إلى أنها أصبحت مساهما رئيسيا في تفعيل السياسات العامة للدولة و في إعداد التراب[17]
- تشكيل قاعدة الضامن أو التضامن في ما بين الجهات أو التضامن الوطني و كلها مسميات لمبدأ مقابل و هو مبدأ تضامن الدولة[18], الأساس المرجعي لإقرار التعاون الجهوي, إذ أن التنوع في الإمكانات و الوسائل, يلزم أن يتوحد على مستوى دعم شروط تنمية الدولة الواحدة اقتصاديا و اجتماعيا, و هذا ما يستدعي استثمار كل جهة لمؤهلاتها على الوجه الأمثل, مع إيجاد آليات ناجعة للتضامن المجسد للتكامل و التلاحم بين المناطق في مغرب موحد
- يستفيد النظام الجبائي الحلي المغربي من ناتج ضريبي متعدد المصدر, فبالإضافة إلى ما تحوله الدولة من ماليتها, تتوفر الجماعات المحلية على جباية محلية خالصة, غير أن لبنية الضريبية المختلفة المصدر و المتعددة الشكل,لابد وأن تترك أثرا سلبيا و تحول دون تحقيق المهام الملقاة على عاتق الجماعات المحلية و الجهات.
- عدم توازن في الموارد الطبيعية بين الجهات, يشكل سبب من الأسباب التي تجعل التعاون بين الجهات ممكنا و ضروريا لتقليص الفوارق بين الجهات و تحقيق توازن شامل و متكامل بين كل الجهات في ضل مغرب موحد, متطور و عصري.
المطلب الثاني:اختصاصات مجلس مجموعة الجهات
تطورت الظروف العالمية و عرفت تحولات كبيرة على جميع الأصعدة و المستويات, و تطورت معها بشكل متلازم مفهوم الدولة, بحث لم تعدد مبررات المركزية قائمة, لا من الناحية التاريخية و لا من الناحية السياسية و لا التنظيمية, لهذا فقد فشلت الدول المركزية في تحقيق أهدافها[19]. لذلك تعد الجهوية الإطار الأنسب لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المحلية, فبعدما أظهرت الوحدات اللامركزية التقليدية –الجماعات الحضرية و القروية و الإطار الإقليمي- عجزها عن استيعاب المشاكل الاقتصادية و مختلف الإكراهات التي يواجهها المجال. ظهر الفضاء الجهوي, كإطار أوسع و ملائم لمواجهة هذه الاختلافات و تحقيق التنمية. لكن مع المشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية أصبحت آلية التعاون و الشراكة المسماة "مجموعة الجهات" إطار ملائم لتعاون و تضامن الجهات من أجل خلق توازن بين مختلف الجهات. علما أن هذه المجموعات يتم تسييرها من طرف مجلس, إذن ما هي اختصاصات هذا المجلس؟و ما هي صلاحيات سلطة الوصاية, هل المراقبة, التأطير...؟ هل هناك إمكانية لحل مجموعة الجهات؟
الفقرة الأولى: اختصاصات مجموعة الجهات
يتم تسيير مجموعة الجهات من طرف مجلس, يحدد عدد أعضاءه من طرف وزير الداخلية باقتراح من الجهات المعينة. هذا المجلس يضم تمثيلية عن كل الجهات الأعضاء حسب حصة كل منها, وبمنتدب واحد عن كل جهة على الأقل. ويتعين الأعضاء –كما نصت المادة 48- عن طريق الانتخابات بالأغلبية النسبية للأعضاء[20], ويتم انتدابهم لمدة انتداب المجلس الممثلين له, إلا أنه إذا انقطع هذا الأخير عن مزاولة مهامه, لأي سبب من الأسباب يستمر المنتدبون في مزاولة مهامهم إلى أن يعين المجلس الجديد خلفا لهم [21].
أما بخصوص لجان التعاون المشتركة بين الجهات, الواردة في القانون 47-96 فحسب المادة 63 فان ثلاث مناديب يمثلون كل جهة فيها, و ينتخبون بالاقتراع السري و الأغلبية المطلقة[22], كما تنتهي مدة انتدابهم بحل المجلس الجهوي الذي يمثلونه أو الاستقالة الكلية لأعضائه, حيث تعين اللجنة الخاصة التي تعوض هذا الأخير في القيام بمهامه حسب المادة 22.
تعين اللجنة ثلاثة مناديب من أعضائها إلى أن يعين المجلس الجديد ممثليه, و هو ما يدا على أن مشرع القانون التنظيمي عمل على تبسيط التعاون فيما بين الجهات و الارتقاء به و إخضاعه للإرادة المنفردة للمجالس الجهوية بتخليصه من الوصاية, تبعا لمتطلبات التنمية الجهوية.
و يتشكل مكتب المجموعة من رئيس بنائبين له على الأكثر, ينتخبون من طرف المجلس وفق شروط الاقتراع و التصويت المنصوص عليها بالنسبة لانتخاب أعضاء مكاتب الجهات.
كما ينتخب أعضاء مجلس المجموعة كاتبا عاما و نائبا له, حسب الشروط و الكيفيات المنصوص عليها في المادة 25 (بالأغلبية النسبية للأعضاء, و في حالة تعادل الأصوات يعلن فائزا المترشح الأصغر سنا.....) ويعهد إليهما بالمهام المخولة للكاتب العام الجهوي و نائبه و تتم إقالتهما و فق الشكليات المقررة بموجب المادة 26 بالنسبة لهذين الأخيرين.
يمارس رئيس مجلس مجموعة الجهات في حدود غرض المجموعة الصلاحيات الموكولة لرئيس مجلس الجهة, يساعده في ذلك مدير عام يتولى تحت مسؤوليته و رقابته, الإشراف على إدارة المجموعة و تنسيق العمل الإداري و السهر على حسن سيره[23], تخضع مجموعة الجهات حسب المادة 152 لأحكام هذا القانون التنظيمي و النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمراقبة و النظام الأساسي للمنتخب, و نظام تسيير المجلس و مداولاته, و القواعد المالية و الحاسبية المطبقة على الجهة.
الفقرة الثانية:سلطة الوصاية و حل مجموعة الجهات
إن التنظيم الإداري, من خلال أسلوبي الإدارة اللامركزية و الإدارة المركزية, كمعطى أساسي لابد منه لترشيد العمل الإداري و تنسيق تدخل الدولة, قصد تحقيق متطلبات التنمية و مستلزمات الحكامة[24].
لقد ظل اللاتمركز الإداري بالمغرب دائما حاضرا في الخطب و التصاريح الملكية, وفي مختلف الفترات و المراحل المتعاقبة, حيث حظي هذا الأسلوب بمفهومه السياسي و الاقتصادي بانشغال كبير من قبل المؤسسة الملكية, و هذا ما يدل على مكانة و دور اللامركزية الإدارية و المتمثلة غي مؤسسة العامل و الوالي, فهو بمثابة عمود فقري للإدارة الترابية, فهو يمثل الدعامة الأساسية لنهج اللاتركيز الإداري, اعتبارا لصفته المزدوجة كمندوب للحكومة, و كمسؤول عن تدبير المصالح الخارجية للوزارات[25].
و كما جاء في المادة 152 لأحكام مشروع القانون التنظيمي للجهات 111-14 "تسري على مجموعة الجهات أحكام هذا القانون التنظيمي و النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمراقبة, و النظام الأساسي للمنتخب, و نظام تسيير المجالس و مداولاته و القواعد المالية و المحاسبية المطبقة على الجهة, مع مراعاة خصوصيات مجموعة الجهات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي".
انطلاقا من المادة 152 يمكن أن نستنتج أن سلطة الوصاية المتمثلة في والي الجهة له صلاحيات التأثير على قرارات المجلس و شركاته و على الميزانية و المصادفة عليها.... أي أن نفس الصلاحيات التي له على الجهة هي نفسها على مجموعة الجهات.
أما فيما يخص حل مجموعة الجهات, فحسب المادة 153 من مشروع القانون التنظيمي فهناك أربع حالات لحل مجموعة الجهات و هي:
- بحكم القانون, إذا مرت سنة بعد تكوينها دون ممارسة أي نشاط من الأنشطة التي أسست من أجله
- بعد انجاز الغرض الذي أسست من أجله
- بناء على اتفاق جميع مجالس الجهات المكونة للمجموعة
- بناء على طلب معلل للأغلبية مجالس الجهات المكونة للمجموعة
المبحث الثاني: النظام المالي لمجموعة الجهات
يندرج موضوع تدبير النفقات العمومية ضمن منظومة الإصلاحات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تنكب عليها السلطات العمومية, فعملية الإنفاق و حسن التدبير هو الهاجس الذي يؤرق الساهرين على تدبير الشأن المحلي, فالمتتبع لمنظومة التدبير بات دائما يطرح العديد من الأسئلة حول أصل الإشكال[26], هل الأمر يتعلق بأزمة القوانين؟ أي المشكل ينبع من القاعدة القانونية التي تتهم دائما بعدم مواكبة المستجدات,وعدم قدرتها على حماية المال العام من الاختلاس و التبذير و عدم مساعدة أصحاب القرار و تزويدهم بالوسائل الكافية لترشيد النفقات أم أن الإشكال يتعلق بمن يتفاعل مع هذه القواعد إما بسوء نية أو العكس.
لقد أصبحت الجماعات المحلية من أهم الشركاء الجدد للدولة, حيث يتقاسمان أعباء تدبير الشأن العام عن طريق توزيع الاختصاصات[27] و تحويل الأموال و قد جاء ذلك نتيجة تأثيرات متغيرات داخلية و دولية مما استوجب التقليل من دور الدولة و تكثيف تدخلات الجماعات الترابية, إلا أن الموارد المالية تعتبر الهاجس الأكبر في تدبير الجماعات الترابية بكل مستوياتها دون إغفال سلطة الوصاية بالمراقبة و التأشيرة على الميزانية و إدراج النفقات الإجبارية.
و تتجسد الفوارق الجبائية المحلية من خلال تفاوت درجات الاستفادة الجبائية, فحسب الإصلاح الجديد, فالجماعات الحضرية و القروية تستفيد من 11 رسما محليا, بينما تقتصر استفادة العمالات و الأقاليم على ثلاثة رسوم, أما الجهات فتستفيد هي أيضا من ثلاث رسوم. خاصة الرسم على الصيد البحري و المناجم و الخدمات المقدمة بالموانئ. و بالتالي فاستفادة جميع الجهات من هذه الموارد تكون مستحيلة لعدم توفر بعضها على الأولوية الجبائية.
وطبقا للمادة 152 لأحكام مشروع القانون التنظيمي للجهات 111-14 تسري على مجموعة الجهات أحكام هذا القانون التنظيمي و النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمراقبة و القواعد المتعلقة بالمحاسبة المطبقة على الجهات مع مراعاة خصوصيات مجموعة الجهات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي, مما سيدفعنا إلى لطرح مجموعة من الأسئلة التي من بينها: ما هي موارد مجموعة الجهات؟ و ما هي نفقات هذه المجموعات؟ م هي شروط وضع الميزانية و التصويت عليها؟ ما هي صلاحيات سلطة الوصاية في التأشيرة على الميزانية؟ ما هو دور شركات التنمية الجهوية؟
المطلب الأول: تدبير ميزانية مجموعات الجهات
أصبحت الجماعات المحلية ( الجماعات الترابية في التسمية الجديدة في دستور 2011), في معظم الدول, مختصة بعدة مجالات سواء على مستوى البنيات التحتية أو على مستوى النقل الحضري و الخدمات الصحية و الاجتماعية[28], لذلك أصبح تدبير ميزانية الجماعات المحلية و مجموعاتها, الهاجس الأكبر لتحقيق التنمية الاجتماعية, الاقتصادية و الثقافية.
و يعتبر قانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية و مجموعاتها, الذي استعرض عدة تفاصيل في تدبير النفقات المحلية, القانون المنظم لمالية مجموعة الجهات, في طور العمل بمشروع القانون التنظيمي المنظم للجهات 111-14 المنظم في جزء منه لميزانية الجهات و مجموعاتها.
و في هذا المبحث سنحاول الإجابة على تساؤلات عدة, تهم تدبير ميزانية مجموعة الجهات و القواعد المنظمة لها.
الفقرة الأولى: ميزانية مجموعة الجهات
تدخل المساهمة المالية للجهات في مجموعاتها ضمن النفقات الإجبارية من نفقات التجهيز كما نصت على ذاك المادة 196 من مشروع القانون التنظيمي ( القسم الخامس, المتعلق بالنظام المالي للجهة), و تتكون الموارد المالية لهذه المجموعات, من مساهمات الجهات المكونة لها في ميزانيتها, الإعانات التي تقدمها الدولة, مداخيل تدبير الممتلكات, حصيلة الافتراضات المرخص بها, الهبات و الوصايا و مداخيل مختلفة[29].
و الملاحظ هنا هو تعدد مصادر تمويل مجموعات الجهات, و هو ما ورد أيضا في القانون 47-96 فيما يتعلق بلجان التعاون والشراكة بين الجهات في المادة 67 من خلال الفصل 17, و كذا من خلال مقتضيات المادة 30 من القانون رقم 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها.
أما تكاليف مجموعات الجهات, فتتمثل حسب المادة 219 من مشروع القانون التنظيمي 111-14 المتعلق بالجهات في نفقات للتسيير و التجهيز اللازمة الانجاز العمليات و ممارسة الاختصاصات التي أسست من أجلها.
و يبين هذا الجدول مختلف النفقات و مداخيل مجموعات الجهات:
المداخيل | النفقات |
|
|
انطلاقا من المادة 41 من فانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها, يمكن استنتاج بعض النفقات الإجبارية التي يعتبر إدراجها ضمن النفقات ضروريا و إجباريا.
تعتبر النفقات المتعلقة بالأغراض التالية إجبارية بالنسبة للجماعات المحلية و مجموعاتها:
- رواتب و تعويضات الموظفين و أعوان الجماعات المحلية و مجموعاتها و كذا أقساط التأمين
- مساهمة الجماعات المحلية أو مجموعاتها و المساهمة في نفقات التعاضديات
- المصاريف المتعلقة باستهلاك الماء و الكهرباء و المواصلات
- الديون المستحقة
- الالتزامات المالية الناتجة عن الاتفاقيات و العقود المبرمة من طرف الجماعات المحلية أو مجوعاتها
- النفقات المتعلقة بممارسة الاختصاصات التي يخولها القانون
انطلاقا من تعريف الميزانية في كل من فانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية و مجموعاتها و بين مشروع القانون التنظيمي للجهة 111-14, نلاحظ أنه نفس التعريف, حيث أن الميزانية هي الوثيقة التي يقرر و يؤذن بموجبها, بالنسبة لكل سنة مالية, في مجموع موارد و تحملات الجماعة المحلية أو المجموعة.
تبتدئ السنة المالية بالنسبة لمجموعة الجهات في فاتح يناير و تنتهي في 31 ديسمبر من نفس السنة المالية, و تشتمل هذه الميزانية ( حسب المادة 167) على جزئين:
- الجزء الأول: تدرج فيه عمليات التسيير سواء فيما يخص المداخيل أو النفقات.
- الجزء الثاني: يتعلق بعمليات التجهيز و يشمل جميع الموارد المرصدة للتجهيز و الاستعمال الذي خصصت لأجله
المطلب الثاني:الرقابة المالية و شركات التنمية الجهوية
هناك أربعة أنواع من المراقبة, المراقبة السياسية, المراقبة المحاسبية, المراقبة الإدارية و المراقبة القضائية, إن تباين مستويات الرقابة على النفقات المحلية و خصوصا الجهوية منها, و أيضا في شكل مجموعات الجهات ز تنامي النفقات المحلية ناتج عن تزايد مظاهر تبذير المال العام المحلي الناتج عن سوء تدبير النفقات, كلها عوامل تفرض العمل بنظام الرقابة.
فالرقابة هي ضرورة و ليست اختيار, ذلك أن مراقبة استعمال الأموال العمومية المحلية تعتبر عنصرا قارا و ضروريا في المالية عموما و تزداد هذه الضرورة كلما تم الاتجاه نحو المالية المحلية. لأن عدم تفعيل الرقابة خصوصا في مجال التسيير سنعكس بالضرورة على الاستثمارات المحلية.
و في هذا المطلب الذي يتكون, في شقه الأول من محور أول تحت عنوان أنواع الرقابة المالية, و في محوره الثاني سنتطرق إلى شركات التنمية الجهوية.
و هذا ما سيجعلنا نطرح مجموعة من الأسئلة من نضير: ما هو مضمون كل نوع من الرقابات السابقة الذكر؟ و ما هي مميزات كل نوع؟ و هل هناك تكامل بين هذه الأنواع؟ ما هو دور شركات التنمية الجهوي؟ و ما هو إطارها القانوني؟ ودورها في التنمية الجهوية؟
الفقرة الأولى: أنواع الرقابة المالية
إن إلزامية الرقابة المالية فيما يخص تدبير النفقات المحلية تنطلق من تجنب تبذير الأموال المحلية, و تقييم درجة احترام الاعتمادات الواردة بالميزانية, و هو ما دفع البعض إلى القول بأن الرقابة تعتبر إكراها تحد بالنسبة للديمقراطيات المعاصرة.
مبدئيا يمكن القول إن هناك تعدد أشكال و صور الرقابة على النفقات المحلية زيادة على تعدد المؤسسات التي تقوم بهذه الرقابة, بالإضافة إلى تباين مستويات هذه الرقابة, فهناك الرقابة القبلية ثم الرقابة البعدية اللاحقة.
و من بين هذه الأنواع يمكن أن نذكر:
المراقبة السياسية:
و يمارسها المجلس التداولي المنتخب عن طريق دراسة والتصويت على الحساب الإداري, فحسب المادة 53 من القانون 45-08, يعد الآمر بالصرف عند نهاية كل سنة مالية الحساب الإداري للنفقات و المداخيل و يعرضه للدرس على اللجان الدائمة لمختصة عشرة أيام على الأقل قبل عرضه على المجلس التداولي للتصويت عليه خلال الدورة الأولى الموالية, و يوجه نظير من الحساب الإداري إلى سلطة الوصاية, و قد حددت المادة 127 من مرسوم محاسبة الجماعات المحلية لسنة 2010 مكونات عمود النفقات بالحساب الإداري.
المراقبة المحاسبية:
و يمارسها المحاسب العمومي على العمليات المالية للجماعات و تنتهي بوضع حساب التدبير, و كان يطلق على هذا الأخير سابقا حساب التسيير و أصبح يسمى حساب التدبير في قانون 45-08 حيث يضع الخازن بعد الاختتام السنوي لعملياته حساب تدبير الجماعة المحلية أو مجموعتها و الذي يتضمن تنفيذ جميع عمليات مداخيل و نفقات الميزانية[30], فحساب التدبير هو المقابل للحساب الإداري.
و هناك ارتباط وثيق بين الحساب الإداري الذي يعده الآمر بالصرف و حساب التدبير الذي يضعه المحاسب العمومي للجماعة المحلية, فخلفية الحساب الإداري هي حساب التدبير و المقارنة بينهما تمكن من معرفة وضعية كل من النفقات أو المداخيل على السواء[31].
المراقبة الإدارية:
و تجرى من طرف جهازين هما:
-مراقبة المفتشية العامة للإدارة الترابية[32]: على مستوى وزارة الداخلية و تناط بها مهمة المراقبة و التحقق من السير الإداري و التقني و المحاسبي للمصالح التابعة لوزارة الداخلية و الجماعات المحلية و هيئاتها على أن تراعى في ذلك الاختصاصات المخولة للمفتشيات التابعة للوزارات الأخرى.
-مراقبة المفتشية العامة للمالية: تمارس مراقبة بعدية, حيث تجري تحقيقات بخصوص مصالح الصندوق و المحاسبة و النقود و الموارد و كذا حسابات المحاسبين العموميين و عمليات الأمرين بالصرف, فهي رقابة تتحقق من التسيير الذي يقوم به المحاسبون و تتأكد من صحة العمليات المدرجة في حسابات الأمرين بالصرف بتسليم المداخيل و دفع المصاريف العمومية, إلا أن ما يعاب على هذه المفتشية اقتصارها على كشف المخالفات ليبقى الزجر من اختصاصات مؤسسات أخرى مكملة.
-المراقبة القضائية: و تمارسها المجالس الجهوية للحسابات حيث تنفرد بالرقابة القضائية على تدبير النفقات المحلية, حيث تتولى طبقا لمقتضيات الفصل 98 من الدستور مراقبة حسابات الجماعات المحلية و هيئاتها.
الفقرة الثانية: شركات التنمية الجهوية
تحدث هذه الشركات لممارسة الأنشطة ذات الطابع الاقتصاد التي تدخل في اختصاصات الجهة أو تدبير مرفق عمومي تابع للجهة, حيث يمكن بموجب المادة 154 من مشروع القانون التنظيمي للجهة أو مجموعاتها أو مجموعات الجماعات الترابية إحداث شركات مساهمة, تسمى شركات التنمية الجهوية أو المساهمة في رأس مالها اشتراك مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام أو الخاص.
لذلك فهذه الشركات تمثل آلية لممارسة أنشطة اقتصادية, تحدثها الجهة بصفة منفردة أو بشراكة مع أشخاص اعتبارية عامة أو خاصة,و ينحصر غرضها في الأنشطة ذات الطبيعة الصناعية و التجارية التي تدخل في اختصاصات الجهة و مجموعاتها و مجموعات الجماعات الترابية, باستثناء تدبير الملك الخاص للجهة[33].
و تبلغ محاضر اجتماعات الأجهزة المسيرة للشركة الر الجهة و مجموعاتها و مجموعات الجماعات الترابية و الو والي الجهة داخل أجل 15 يوما الموالية لتاريخ الاجتماعات, و يتداول المجلس الجهوي بموجب المادة 97 في شأن إحداث شركات التنمية الجهوية أو المساهمة في رأسمالها أو تغيير غرضها أو الزيادة في رأسمالها أو تخفيضه أو تفويته, إلا أن مقرراته في هذا الشأن لا تكون قابلة للتنفيذ تحت طائلة البطلان, إلا بعد التأشيرة عليها من قبل وزارة الداخلية (المادة 146), و في مشروع القانون التنظيمي عوضت شركات التنمية الجهوية, مقاولات الاقتصاد المختلط المنصوص عليها في القانون 47-96.
خاتمة:
تعتبر مجموعة الجهات آلية للتشارك و التعاون بين الجهات فيما بينها, حيث نظمها القانون 47-96 تحت مسمى لجان التعاون المشتركة, و مجموعة الجهات في مشروع القانون التنظيمي 111-14 للجهات, و تعتبر هذه الآلية أداة للتعاون و تحقيق أهداف مشتركة بين الجهات و تعزيز روح التضامن ة التعاون و الشراكة كما نص الدستور الجديد للمملكة, الهدف منها تقليص الفوارق بين الجهات في مغرب موحد بروح التضامن و مبدأ التعاون, وفق شروط محددة, و جديد مشروع القانون التنظيمي هو تبسيط شروط تكوين هذه المجموعات خصوصا مجموعات الجهات, كما أن نظامها المالي يعرف استقلالية بحكم أنها تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و لذلك فان تدبير ماليتها خاضع للقانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجهات المحلية و مجموعاتها.
و ما يلاحظ أنه رغم وجود هذه الآلية للتعاون في قانون 47-96, عدم لجوء الجهات إليه رغم أهميته و سهولة تكوينه, و أهدافه التي تتمثل في تحقيق توازن بين الجهات و تقليص الفوارق بين جهات المغرب, و السؤال المطروح هو هل الجهات ستلجأ إلي تكوين مجموعة الجهات تحت تنظيم القانون التنظيمي 111-14 المنظم للجهات المتسم بيسر و سهولة مساطير تكوين هذه المجموعات؟؟
الهوامش
[1] د.بوجمعة بوعزاوي, التنظيم الإداري: الرباط, الطبعة الأولى 2013 الصفحة 151
[2]2011 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليو 2011 الفصل الأول من دستور
[3] الجماعات الترابية طبقا لمقتضيات الدستور الجديد 2011
[4] لقد تم التنصيص على الجهة كجماعة ترابية قبل ذلك من خلال دستور 1992 في الفصل 94 من الباب العاشر الذي جعل من الجهة جماعة محلية, إلا أن بلورة ذلك على أرض الواقع لم تتم إلا بعد صدور دستور 1996
[5] د.رضوان زهرو: مجلة مسالك في التفكير و السياسة و الاقتصاد, العدد 34/33, السنة 11, مطبعة الجديدة الدار البيضاء,2015, الصفحة 7
[6] مشروع القانون التنظيمي 111-14 المتعلق بالجهات, و مشروع القانون التنظيمي رقم 112-14 المتعلق بالعمالات و الأقاليم, ثم مشروع القانون التنظيمي رقم 113-14 المتعلق بالجماعات.
[7] مجموعة الجهات في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهات, أما التسمية في قانون 47_96 فهي لجان التعاون المشتركة بين الجهات.
[8] البرعي (أحمد حسن), الحركة التعاونية من الوجهتين التشريعية و الفكرية, منشورات دار الفكر العربي, القاهرة دون سنة نشر, الصفحة 29
[9] ستوت حليمة: "المناظرة الوطنية للجماعات المحلية: الأهداف و النتائج" أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق, تخصص القانون الإداري و علم الإدارة, جامعة محمد الخامس, كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكدال-الرباط, أكتوبر 1998, الصفحة 188.
[10] زبدة محمد: "التعاون الجماعي بين النظرية و التطبيق: التجربة المغربية" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام, جامعة محمد الخامس, كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية- الرباط, فبراير 1991, الصفحة 9.
[11] عبد الحق بلفقيه: مجلة مسالك في التفكير و السياسة و الاقتصاد, العدد 34/33, السنة11, مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء,2015, الصفحة 79
[12] د. كريم لحرش: "الدستور الجديد للمملكة المغربية:شرح و تحليل" سلسلة العمل التشريعي و الاجتهاد القضائي 3. العدد3, 2012, الصفحة 181
[13] المادة 149 من مشروع القانون التنظيمي المنضم للجهات 111-14
[14] نبيل رمزي: "التنمية, كيف و لماذا؟ التنمية بين المفهوم و الآليات, قضايا نظرية و بحوث ميدانية, دار الفكر الجامعي الإسكندرية, مطابع روبال, 1992, الصفحة 12.
[15] ظهير الشريف 1.11.91 صادر في 27 شعبان 1432(29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور ر.ج.ر عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432(30يوليو 2011), ص 3600
[16] بخاري فاطمة الزهرة "التعاون اللامركزي بين الجماعات المحلية: الجماعات الحضرية و القروية نموذجا. رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام, جامعة الحسن الأول, كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية, سطات. السنة الجامعية: 2010-2011 الصفحة 229
[17] راجع الفصل 137 من الدستور المغربي 2011 "تساهم الجهات و الجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسات العامة للدولة, و في إعداد التراب من خلال ممثليها في مجلس المستشارين"
[18] د.كريم لحرش "الدستور الجديد للمملكة المغربية: شرح وتحليل. مرجع سابق. الصفحة 181
[19] عماد أبركان: مجلة مسالك في التفكير و السياسة و الاقتصاد, العدد 30/29. السنة 11. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء, 2015, الصفحة 27.
[20] وفي حالة تعادل الأصوات, يعلن فائزا المترشح أو المترشحة الأصغر سنا, وفي تعادل الأصوات و السن, يعلن الفائز عن طريق القرعة.
[21] المادة 149 (الباب الرابع من القسم الرابع) من كشروع القانون التنظيمي للجهة.
[22] بحيث إذا لم يحصل المترشح على الأغلبية المطلقة في دورتين, تجرى دورة ثالثة و يباشر الانتخابات بالأغلبية النسبية, و في حالة تعادل الأصوات, يعلن فائزا المترشح الأكبر سنا, و في حالة التعادل يعلن المترشح المنتخب بالقرعة, هذا بخلاف المادة 484 من مشروع التي نصت الأغلبية كأساس الانتخاب المنتدب, و في حالة تعادل الأصوات يعلن فائزا المترشح الأصغر سنا, و ما يعني أن المشرع يتجه نحو تكريس تشبيب القائمين على تدبير الشأن المحلي.
[23] المادة 151 من مشروع القانون التنظيمي للجهات
[24] عماد أبركان: مجلة مسالك في الفكر و السياسة و الاقتصاد: عدد32/31 مرجع سابق, الصفحة 87
[25] عماد أبركان: "خصوصيات المقاربة الترابية للمسألة التنموية بالمغرب" مداخلة ضمن أشغال الندوة الدولية المقامة بشراكة بين كلية العلوم القانونية ة الاقتصادية و الاجتماعية و مركز الدراسات و الأبحاث الإنسانية و الاجتماعية بوجدة. تحت عنوان: المرافق العمومية المحلية و التنمية بالدول المغاربية. ذلك يوم 29 و30 أبريل 2015.
[26] مكاوي نصير: تدبير مالية الجماعات المحلية, الطبعة الأولى 2011 دار أبي رقراق للطباعة و النشر: الصفحة 5
[27] تم تكريس آلية تحويل الاختصاصات le transfert des compétences للجماعات المحلية عبر:
-قانون 47-96 المتعلق بالجهات : م 6 فقرة 2 "يمارس المجلس اختصاصات خاصة به و اختصاصات تنقلها إليه الدولة"
-قانون 78-00 المتعلق بالميثاق الجماعي المعدل و المتمم بموجب القانون 17-08 المادة 35, الفقرة الثانية" يمارس المجلس بالأخص اختصاصات ذاتية و اختصاصات تنقلها آلية الدولية".
-قانون 47-96 المتعلق بالجهات : م 6 فقرة 2 "يمارس المجلس اختصاصات خاصة به و اختصاصات تنقلها إليه الدولة"
-قانون 78-00 المتعلق بالميثاق الجماعي المعدل و المتمم بموجب القانون 17-08 المادة 35, الفقرة الثانية" يمارس المجلس بالأخص اختصاصات ذاتية و اختصاصات تنقلها آلية الدولية".
[28] Larbi jaidi , la gestion des finances publiques locales, dérapages et disciplines, in réforme de fiscalité locale, cnc n° 37 , juin 2007, vol 1, p : 65
[29] المادة 218 في الباب السادس المتعلق بالنظام المالي لمجموعات الجهات ( القسم الخامس) من مشروع القانون التنظيمي للجهات.
[30] المادة52 من قانون 45-08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية و مجموعتها.
[31] مكاوي نصير: تدبير مالية الجماعات المحلية. مرجع سابق , الصفحة 92.
[32] مرسوم رقم 100-94-2 صادر في 16 يونيو 1994 في شأن النظام الأساسي الخاص بالمفتشين العاملين للإدارة الترابية بوزارة الدولة في الداخلية, ج.ر عدد 4264, بتاريخ 20 يوليوز 1994, الصفحة 1171.
[33] المادة 146 من القانون التنظيمي للجهات