انقضت سنة 2013 كما انقضت السنة التي سبقتها دون أن يعرف محضر 20 يوليوز طريقه نحو الحل، غير أن أهم مستجد شهدته هذه السنة تمثل في إصدار المحكمة الادارية بالرباط حكما ابتدائيا، يوم 23 ماي 2013، لصالح 19 معطلا منضوين ضمن التنسيقيات الاربع الموقعة على المحضر. حيث قضى الحكم بقانونية المحضر ومن ثم إلزام الحكومة في شخص رئيسها "باتخاذ إجراءات تسوية الوضعية الإدارية والمالية" للمعنيين بالدعوى عن طريق الإدماج "في سلك الوظيفة العمومية". وهو المستجد الذي حمل المعنيين بالمحضر على طرق أبواب القضاء بعد أن ظلوا يمتنعون طيلة الفترة السابقة اقتناعا منهم بأن قانونية المحضر لا تحتاج لحكم قضائي لإثباتها.
وتعود حيثيات القضية إلى سنة 2011 مع وصول رياح الربيع العربي للمغرب حيث عرفت الساحة السياسية المغربية حراكا اجتماعيا ودينامية متسارعة كان لها الأثر الإيجابي في التسريع بإخراج مجموعة من القرارات السياسية، إلى جانب الوثيقة الدستورية الجديدة في يوليوز 2011. وكان من بين هذه القرارات، صدور المرسوم الوزاري رقم 02.11.100 في 8 ابريل من نفس السنة صادر بالجريدة الرسمية عدد5933 بتاريخ 11 ابريل 2011، والذي يعطي بصفة استثنائية وانتقالية لجميع حاملي الشواهد العليا الحق في الإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية. وعلى إثر ذلك توجه حاملي الشواهد العليا لوضع طلباتهم في الوزارة الأولى تلبية للنداء الحكومي.
وبعد ان تم إدماج 4304 إطار كدفعة أولى، استنادا لنفس المرسوم، أشرت الوزارة الأولى في شخص المستشار الوزاري "عبد السلام البكاري" على لوائح تضم أسماء الأطر العليا المنضوية تحت لواء التنسيقيات الأربع المشكلة للدفعة الثانية والبالغ عددهم حوالي 7000 إطار، كوعد لإدماجها في أسلاك الوظيفة العمومية طبقا للمرسوم السالف الذكر. غير أن تلكأ الحكومة في تفعيل مطالب الاطر الواردة اسماءها في الائحة دفع بالتنسيقيات الأربع، الى تبني سلسلة من الاحتجاجات لانتزاع حقها المسلوب انتهت باقتحام مقر حزب الاستقلال والاعتصام بداخله ابتداءا من يوم 13 يوليوز 2011، بصفته حزب الوزير الأول، من أجل الرفع من سقف الاحتجاج مما أفسح المجال أمام مبادرات للتسوية انتهت بتوقيع محضر 20 يوليوز 2011. ورغم الطابع التوافقي للمحضر فقد كانت كلفته ثقيلة على الأطر المعنية اتي أرغمت على التضحية بجزء مهم منها عبر إقصاء الاطر الحاصلة على الشواهد خلال سنة 2011، بل مست الكلفة سقوط أول شهيد للعطالة في المغرب في شخص الإطار "عبد الوهاب زيدون" رحمه الله يوم 18 يناير 2012.
ويعتبر توقيع المحضر بمثابة التزام توظيف وقعته حكومة عباس الفاسي بمؤسساتها (الوزارة الأولى، وزارة تحديث القطاعات العامة، ووزارة الداخلية) في 20 يوليوز من عام 2011 مع مجموعات التنسيقيات الأربع (الموحدة، الأولى، الوطنية، المرابطة)، من حملة شواهد الدكتوراه- مهندسي الدولة - الماستر والماستر المتخصص، وفق آخر تحيين للوائح التي صارت تشمل حوالي 2800 إطار، قصد إدماجهم بطريقة مباشرة في أسلاك الوظيفة العمومية. وقد تم هذا بوساطة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان كضامن على توقيع محضر 20 يوليوز القاضي بإدماج أطر التنسيقيات الأربع في الوظيفة العمومية.
حكومة بن كيران: التراجع الحكومي
وبعد الانتخابات التشريعية وتشكيل أول حكومة في ظل الدستور الجديد، بقيادة حزب العدالة والتنمية، أكدت في بداية توليها لمهامها في شخص عدد من وزرائها على ضرورة الإلتزام بتعهدات الحكومة السابقة بما فيها محضر 20 يوليوز، كما وعدت بتوفير كل الضمانات التي من شأنها تفعيله كمقتضى اتفاقي يدخل في صميم التزامات الدولة وفي نطاق مبدأ استمرارية المرفق العام. من ذلك تصريحات وزير الشؤون العامة والحكامة السيد محمد نجيب بوليف بالقول أن "ما تعهدت به الحكومة السابقة نلتزم به، ونحن نتعهد، في تأكيد لذلك، بتوظيف أصحاب محضر 20 يوليوز (...) وبالتالي فالسيد عبد الإله بنكيران ملتزم باتفاق المحضر، فالحكومة لن تتراجع عن عهودها كما يظن البعض"1. كما أطلق مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، تصريحات مماثلة تحدث فيها عن "إدماج حوالي 4000 إطار منضو تحت المجموعات الموقعة على المحضر" بصفته "التزام من الحكومة السابقة" تعهدت الحكومة الجديدة بتنفيذه وشمله بقانون مالية 20122. ومن جهته ذكر السيد نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، أن "ملف تشغيل حاملي الشواهد العليا سيدبر وفق مقاربة شفافة ونزيهة، وأعلن أن الحكومة ستلتزم بالتوظيف المباشر للأطر العليا، التي وقعت معها الحكومة السابقة محضر للتوظيف المباشر دون مباراة"3. كما تطرق السيد عبد الواحد سهيل، وزير التشغيل والتكوين المهني، للموضوع بتشديده على احترام "كل الالتزامات المتخذة من قبل الحكومة السابقة"، وزاد القول "إذا التزمت (الحكومة السابقة) بتشغيل، بصفة مباشرة، عددا من حاملي الشواهد المعطلين في إطار اتفاقي مع تمثيلياتها، إذن ستنفذ الحكومة الجديدة ذلك"، فـ "نحن أمام منطق استمرارية التزامات الدولة"4.
لكن بعد كل هذه التصريحات المتكررة على لسان أكثر من مسؤول تفاجأ أطر التنسقيات الأربع بتراجع الحكومة عن تفعيل مقتضيات المحضر، متذرعة بعدم قانونيته وأنه يتعارض مع الدستور وقانون الوظيفة العمومية، جاء ذلك على لسان السيد عبد الإله بن كيران في لقاء رسمي جمعه بممثلين عن الأطر الموقعة على المحضر يوم 09 ابريل 2012 بمقر رئاسة الحكومة قال لهم "لا يمكنني أن ألتزم بهذا المحضر لأنه يتناقض مع الدستور" واخبرهم بأنه سيحيل "المحضر على الأمانة العامة للحكومة من أجل البث في قانونيته". وهو ما أكده وزيره في الاتصال والناطق الرسمي باسم حكومته عند حديثه يوم، 12 أبريل 2012، عن "استحالة التوظيف المباشر" وبأن "ملف محضر 20 يوليوز سيعرض على الأمانة العامة للحكومة".
وقد خلق هذا القرار نقاشا قانونيا وسياسيا حول مدى شرعية القرار الحكومي وخلفياته خصوصا وأن أطر المحضر بعد تواصلهم مع مستشارين قانونيين في الأمانة العامة للحكومة يوم 10 ماي 2012، أكدوا لهم أن "الأمانة العامة للحكومة لم تتوصل بأي طلب من رئاسة الحكومة يخص ملف المحضريين". وأمام حالة التخبط التي أثارها قرار السيد رئيس الحكومة سيشهد الملف تغييرا جدريا في مساره بصدور الحكم الابتدائي عن إدارية الرباط، يوم 23 ماي 2013، لصالح الاطر المعنية كما سيستفيد هؤلاء من دعم قوى المعارضة وعدد من المنظمات الحقوقية والنقابية عززت الخطاب "الاحتجاجي" للمعطلين في الشارع وخطابهم "الحجاجي" في دفع ادعاءات الحكومة.
محضر 20 يوليوز : جدل سياسي وحقوقي
توازيا مع الحراك الإحتجاجي الذي أعلنته الأطر المعنية بمحضر 20 يوليوز عبر المحطات النضالية في الشارع، دأبت التنسيقيات الممثلة لهم على التواصل مع القوى السياسية والحقوقية والاعلامية للتعريف بالملف وشرح أبعاده وتداعياته، كما استثمرت الوسط الأكاديمي في التعبيئة لقضيتها، وهو ما ترجم عمليا بعقد عدة ملتقيات وأنشطة ثقافية وتحرير وثائق في الموضوع لتعزيز الحراك وتوثيقه. وقد عرفت سنة 2013 تنظيم ندوة برحاب كلية الحقوق بآكدال يوم الخميس 02 ماي 2013 تحت عنوان "محضر 20 يوليوز بين القانون والتفعيل" وهي الندوة التي جاءت بمبادرة من خارج اللجان العلمية لتنسقيات المعطلين، حيث دعا لها نادي الباحثين بسلك الدكتوراه في سلك القانون والاقتصاد بتعاون مع شعبة القانون العام والعلوم السياسية بنفس الكلية، مما يعكس الإنشغال المتزايد للأوساط العلمية بتداعيات الرفض اللامبرر لرئيس الحكومة السيد عبد الإله بن كيران لمحضر تم توقيعه من طرف الحكومة السابقة وبحضور السيد محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان كمراقب وضامن على الإلتزام الحكومي، وأيضا الندوة التي نظمتها التنسيقيات الاربع الموقعة على المحضر يوم 10 دجنبر 2013 بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان بشراكة مع الهيئة الوطنية لدعم نظالات الاطر العليا المعطلة، بعنوان "العطالة في المغرب بين الجدل السياسي والنقاش القانوني: محضر 20 يوليوز نموذجا" بمقر هيئة المحامين بالرباط.
كما حضي المحضر بأهمية خاصة في النقاش السياسي واكتسب أطره دعما وازنا من أحزاب اليسار عموما والهيئات الحقوقية مثل الجمعية المغربية لحقوق الانسان ونقابية مثل المنظمة الديمقراطية للشغل ثم الهيئة الوطنية لدعم نضالات الاطر العليا المعطلة، فضلا عن أحزاب المعارضة، خصوصا حزب الاستقلال الذي جعل من تطبيق المحضر أحد مطالبه لحكومة بن كيران منذ وصول حميد شباط لأمانته العامة وكان من أسباب انسحاب الحزب من الحكومة في يوليوز 2013. كما انخرط حزب الاتحاد الاشتراكي تحت قيادة ادريس لشكر في دعم الأطر والدعوة لمؤازرتهم عن طريق توكيل محامين متخصيين للترافع عن ملفهم.
غير أن اللافت هنا هو حضور التوجس من التوظيف السياسي لملف محضر 20 يوليوز من طرف بعض الفاعلين السياسيين لتحقيق مآرب ظرفية، وهو ما أشار إليه السيد علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل عند حديثه عن حزب الأحرار الذي سبق لفريقه أن تقدم خلال مناقشة قانون مالية 2012 بمقترح من المنظمة الديمقراطية للشغل يقضي بتخصيص 30%لتوظيف الاطر المعنية حيث كان حينها في المعارضة غير أن مشاركته في الحكومة في نسختها الثانية جعلته يتنكر لنفس المقترح خلال مناقشة قانون مالية 2014، وهذا ينطبق أيضا على حزب الاستقلال –يقول نفس المتحدث- الذي رفض مقترح المبادرة حين كان يتحمل مسؤولية وزارة المالية فعاد إلى تبنيه والدفاع عنه بعد خروجه من الحكومة5.
الخطاب الحجاجي للمعطلين
رفض المعطلون الموقعون على محضر 20 يوليوز المبررات التي ساقتها الحكومة في رفض قانونية المحضر، دون الاستناد عن أي خبرة قانونية من جهة مختصة، وهي مبررات أخد يرددها فريقه الحكومي خصوصا وزراء العدالة والتنمية عند كل مناسبة يثار فيها الموضوع، وتقوم هذه المبررات على نص دستوري يجسده الفصل 31 الذي يلزم "الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في (...) ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق". وبالتالي فإن تطبيق المحضر هو ضرب لهذا المبدأ لأنه لا يستقيم ومنطق تكافؤ الفرص، وكذلك نص قانوني حمله تعديل قانون الوظيفة العمومية يوم 19 ماي 2011، أي قبيل توقيع المحضر، صار بموجبه الفصل 22 يوصي بأنه "ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻭﻓﻖ ﻣﺴﺎﻃﺮ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺘﺮﺷﺤﻴﻦ، ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﺍﺓ" لتبقى الاخيرة هي الوحيدة والكفيلة، حسب التأويل الحكومي، باقرار المساواة والشفافية وتكافؤ الفرص.
وقد تصدى لرد مبررات الحكومة عدد من رجالات القانون، ونذكر من بين أهم الدراسات التي أنجزت في الموضوع:
1- محضر 20 يوليوز في ميزان الدستور والقانون، للأستاذ نور الدين أشحشاح6
2-7 التوظيف المباشر لحاملي الشواهد العليا الموقعين على محضر20 يوليوز 2011، للأستاذ محمد بوزيان
3- ثم مجموعة متكاملة من المقالات العلمية من مختلف المهتمين أساتذة ومحامين وباحثين قانونيين خصصت كملف للنقاش نشر الكترونيا8 وأعيد نشره في مجلة ورقية علمية9
انتصرت هذه الدراسات لحق "المحضريين" في الولوج للوظائف العمومية طبقا لالتزام الحكومة السابقة وأكدت في خلاصاتها على مجموعة من الحقائق القانونية حول محضر 20 يوليوز التي تبين بالملموس قوته الإلزامية والتطبيقية في مواجهة موقف الحكومة الذي تم بنائه والتصريح به على معطيات ناقصة إن لم يكن موقف شخصي لرئيس الحكومة بتفسير دستوري وقانوني غير صحيح. بل إن هذه الخلاصات عززتها قرارات الحكومة الغير منسجمة مع أقوالها بفتحها التوظيف المباشر لعدد من الأطر الصحراوية.
كما يتبنى أطر المحضر خطابا حجاجيا مضادا بتقديم أنفسهم ضحايا للسياسيات الحكومية المتراكمة وأن مطالبتهم بالشغل هو حق دستوري تكفله كل الشرائع والقوانين، وأنهم ضحايا الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة وأجهزتها ويمس كل قطاعاتها. كما يعتبرون الحكومة الحالية مسؤولة عن تكريس الأمر الواقع بالسكوت عن الموظفين الأشباح الذي يفوق عددهم بكثير أعداد كل العاطلين المتظاهرين في الشارع وعجزها عن توفير الضمانات اللازمة لشفافية المباريات وتحريك مساطر المتابعة في الشكاوي المقدمة للجهات المختصة رغم كثرتها واكتفاءها بدور المتفرج أمام لوبيات الفساد....
وبخصوص موقفهم من "التوظيف المباشر" فإنهم يرفضونه مبدئيا مادام يعزز "الامتياز" لكنهم يطالبون به استثنائيا في ظل غياب شروط شفافية المباريات واستفحال ظاهرة الموظفين الأشباح وتغلغل الفساد وغياب كل استراتيجية حكومية جدية ومسؤولة لمواجهة البطالة. فمطلبهم بالتوظيف المباشر يأتي باعتباره مخرجا وحيدا للأزمة التي تطوقهم أمام غياب البدائل الممكنة ولامبالات الحكومة.
مستجدات الحكم القضائي ليوم 23 ماي 2013.
وقد استمر هذا الجدل رغم صدور الحكم الابتدائي، يوم 23 ماي، لصالح أطر المحضر بتأكيده أحقية هؤلاء في الولوج للوظيفة العمومية. غير أن مستجدات الحكم فرضت تحولا نوعيا على مستوى التعاطي وتعاملا أكثر واقعية مع الملف، مما تطلب من كل المهتمين إعادة النظر فيه وفي قضية التشغيل برمتها ومن تم استحضار الأبعاد القانونية المتشابكة للمحضر وربطه بسياقه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
ومن أهم ماجاء في الحكم اعتباره رفض الإدارة في شخص رئيس الحكومة تنفيذ المرسوم الوزاري وعدم برمجة المناصب المالية اللازمة لذلك في القانون المالي لسنة 2012 "يشكل إخلالا منها بالتزام قانوني، قطعته على نفسها "تشريعا وتنفيذا" بملء لإرادتها الذاتية ومخالفة لقواعد الحكامة الجيدة لسير واستمرارية المرفق العمومي التي تقتضي إعلاء منطق احترام القانون والالتزام بالتعهدات من طرف الحاكمين أيا كانت مراكزهم وشخوصهم قبل المحكومين لتشكل النموذج الأعلى المحتذى به في التمسك بالشرعية. وحيث إن الهدف الرئيسي من إخضاع الدولة للقانون والرقابة القضائية وهو تأمين الحماية لحقوق وحريات الأفراد ضد تعسف السلطات العامة، وخصوصا السلطة التنفيذية، لدلك فإنه يفترض في دولة القانون ضمان حقوق وحريات الأفراد"، وعليه صدر "الحكم على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات تسوية الوضعية الإدارية والمالية" للمعنيين بالأمر بإدماجهم "في سلك الوظيفة العمومية مع ما يترتب عن ذلك من أثار قانونية وفقا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011 مع الصائر".
وخلاصة القول ان القاضي بنى حكمه في القضية على عدة قواعد اهمها:
- الحجية القانونية والدستورية للمحضر؛
- أن الفصل 22 من قانون الوظيفة العمومية المعدل لا يمنع توظيف أصحاب المحضر ولا يتعارض مع مضمونه؛
- استمرارية المرفق العمومي؛
- الحق المكتسب؛
- عدم رجعية القوانين؛
- المحضر التزام قانوني وجواب تنفيذي للمرسوم؛
- عدم نسخ مرسوم التوظيف المباشر لأنه لم يكن صريحا،
- عدم جوازية الدفع ببطلان المحضر من طرف الادارة؛
- اجتهاد القاضي الاداري في اصباغ صفة الموظف على أصحاب المحضر من باب الاحتمالية والخضوع لمساطر الولوج وخطأ الادارة في التسمية.
لقد توخى القاضي الإداري، من خلال ما سبق، تجسيد إرادة المشرع في تحقيق عدالة اجتماعية قوامها انخراط الطاقات الشابة من حاملي الشهادات العليا من مختلف التخصصات في النسيج الاقتصادي والتنموي، وتضمن بذلك تقليص الفوارق الاجتماعية بين مختلف فئات المجتمع لتحقيق السلم الاجتماعي الذي تشكل الكرامة الإنسانية أحد دعائمه الرئيسية فالقاضي الإداري في هذا الحكم كان حريصا على تطبيق مبدأ المساواة في صورة مخالفة لتأويل الحكومة، وبشكل لا يقيم تمييزا في الحق في الشغل وتقلد المناصب العمومية بين الدفعة الأولى للأطر العليا المعطلة التي استفادت من الإدماج المباشر والدفعة الثانية التي تم تعطيلها لعدم تنفيذ المحضر بقرار حكومي.
غير ان الحكومة قررت في شخص رئيسها استئناف الحكم الابتدائي مما أثار موجة استياء في صفوف المعطلين، والمؤازرين لهم، نظرا للوقت الذي تستنزفه الاجراءات القضائية ولامبالات رئيس الحكومة ولا وزراءها بالمضاعفات النفسية والمادية للمعنيين بالأمر.
مواقف وردود أفعال إزاء الحكم القضائي
بعد صدور الحكم المشار إليه أعلاه تباينت ردود الفعل من مؤيد ومرتاح ومتوقع ومتحفظ ورافض، ففي مقابل المواقف المطمئنة من إقرار الحكم القاضي لشرعية المحضر وتثمينها لقيمة وأهميته قي إنهاء ملف شائك يتداخل فيه الإنساني والإجتماعي والحقوقي والسياسي، وهي مواقف صادرة عن تنسيقيات "المحضريين" والهيئات السياسية لقوى اليسار والمعارضة والمنظمات النقابية والحقوقية ودعوتهم رئيس الحكومة إلى تطبيق المحضر نزولا عند وعوده السابقة، فإن وزراء حزب العدالة والتنمية اجتمعوا على ضرورة استكمال مراحل التقاضي، وهو ما عبر عنه السيد لحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، بتصريحه في قبة البرلمان أن الحكومة ملتزمة بالحكم إلى حين ان يكون نهائيا أي أن يحوز قوة الشيء المقضي به. ورغم أن الأمر يتعلق بمبدأ قانوني كوني فإن المعطلين، مؤازرين بأطياف من المجتمع المدني، ترى أن التمسك به من طرف الحكومة غرضه تطويل المسطرة وتهرب من تحمل مسؤولية خطأها ورمي مسؤولية التنفيذ على الحكومة المقبلة. كما أكد وزير الاتصال مصطفى الخلفي ما جاء على لسان زميله وزاد أن الحكومة تحترم الأحكام القضائية ولم يعطي أي تلميح على إمكانية حل الملف.
أما تصريحات رئيس الحكومة ووزير العدل، فكانت الاكثر إثارة للجدل والرفض من جانب المحضريين. فالأول صرح في لقاء حزبي بمدينة سلا "أن حكم المحكمة الإدارية بالرباط مثير للإنتباه ويجب عرضه على المتخصصين في الميدان القانوني"، بينما قال وزير العدل بعد استئناف الحكم بأن التوظيف المباشر هو عين الفساد في لقاء في وزارته مع المنتدبين القضائيين الناجحين في مباراتهم الاخيرة لسنة 2013، وصرح أيضا أن الاستمرار في الادماج المباشر جريمة أثناء مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2014 في قبة البرلمان وهي تصريحات أثارت تخوفات من تأثيرها على المسار العادي للقضاء في المرحلة الاستئنافية، كما اعتبرها المعنيون بالأمر، والمؤازرين لهم من حقوقيين وسياسيين، خارجة عن حدود الحياد المفروض في القضايا التي تكون فيها الحكومة طرفا خصوصا وأن أعضاءها يستفيدون من الظهور المتكرر في الاعلام الرسمي دون اطر المحضر.
في الأفق
يبقى تنفيذ الحكم محك لرئيس الحكومة في التنزيل السليم للدستور والالتزام بروحه الديمقراطية لأن المحضر من وجهة النظر القانونية يعتبر اتفاق ملزم من منطق استمرارية المرفق العام، وهو ما أكدت عليه كل الاحكام القضائية الابتدائية المتوالية والتي ناهزت 1000 حكم يوم 31 دجنبر 2013 شملت المئات من الأطر. وقد صدرت هذه الاحكام عن لجان قضائية مختلفة واعتمدت مساطر قانونية متنوعة دون أن تبدي الحكومة أي بادرة حسن نية لطي الملف بل اختارت إرغام الأطر المعنية على استنزاف كل مراحل التقاضي وما يرافقه ذلك من مدد انتظار طويلة قد تكون وراءها نية مبية للقذف بالملف إلى الجكومة القادمة. وخصوصا أن عددا ممن الأطر الموقعة على المحضر أخذت تعبر عن تذمرها في التأخر الحاصل في النطق بالقرار الإستئنافي رغم طول المدة التي تجاوزت السبعة أشهر ورغم استنفاذ كل الإجراءات الشكلية الضرورية.
وهو بالفعل ما جعلها تقدم طلبا للرئيس الاول لمحكمة الاستئناف الادارية يوم 10 يناير 2014لتعجيل تحديد جلسة النطق بقرار الاستئناف ـ بصفته المسؤول الاداري لسير مرفق المحكمة ـ والذي اتبع بوقفة امام مقر المحكمة يوم 16 يناير 2014 تحت شعار "محضر 20 يوليوزملف اجتماعي وسياسي ،لا يحتمل البطء الاداري والتماطل القضائي ؛ اطر محضر 20 يوليوز يطالبون الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف الادارية بالتعجيل في تحديد جلسة النطق بقرار التسوية الادارية والمالية ، ويحملون الجهات المعنية المسؤولية فيما ستؤول اليه الاوضاع مستقبلا".
هذا في الوقت الذي قدمت فيه العديد من المراسلات لدى الجهات المعنية من قبيل :
رسالة استقرار : الى رئيس الحكومة
طلب انصات : الى رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
شكاية بتحمل المسؤولية : الى رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان
طلب نشر بيان حقيقة : الى رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري
: تذكير باحترام قانون رقم 77.03 يتعلق بالاتصال السمعي البصري : الى وزير الاتصال
تذكير بالالتزام : الى السيد عامل صاحب الجلالة على عمالة الرباط
ملحق : تسلسل وقائع الملف في سياقه التاريخي:
النتائج | الحدث | التاريخ |
| فتح باب تسيجل حملة الشواهد العليا الباحثين عن العمل | فاتح فبراير 2011 |
الاعلان في القنوات الرسمية بفتح باب التوظيف المباشر في وجه حاملي الشواهد العليا. | 17 فبراير 2011 | |
| 24 فبراير 2011 | |
|
| 01 مارس 2011 |
|
| 08 مارس 2011 |
|
|
|
|
| 26 أبريل 2011 على لساعة 01:30 |
|
| 02 ماي 2011 |
|
| 13 يوليوز 2011 |
|
| 19 يوليوز 2011 |
|
| 20 يوليوز 2011 |
|
| 04 أكتوبر 2011 |
|
| 23 نونبر 2011 |
|
| أثناء الحملة لانتخابات 25 نونبر 2011 |
|
| السبت 03 دجنبر 2011 |
|
| 14 دجنبر 2011 |
|
| ابتداء من 05 يناير 2012 (تاريخ انعقاد أول مجلس حكومي لحكومة بنكيران) |
المعتصم:
|
| 11 يناير 2012 |
|
| 12 يناير 2012 |
بوانو:
|
| 16 يناير 2012 |
سيقوم السيد البكاري:
|
| الثلاثاء 7 فبراير 2012 |
|
| الثلاثاء 21 فبراير 2012 |
|
| 07 أبريل 2012 |
السيد رئيس الحكومة:
|
| 09 أبريل 2012 |
استحالة التوظيف المباشر، وملف محضر 20 يوليوز سيعرض على الأمانة العامة للحكومة |
| 12 أبريل 2012 |
|
| 10 ماي 2012 |
|
| 14 ماي 2012 |
حصيلة سياسية جدالية عويصة ومن الناحية الحقوقية الاستمرار في العنف المفرط واستخدام القوة بدل لغة الحوار . |
| منذ 09 أبريل 2012 |
الحكم على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات تسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعية وذلك بإدماجها في سلك الوظيفة العمومية ، مع ما يترتب عن دلك من أثار قانونية وفقا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011 مع الصائر |
| 23 ماي 2013 + الاحداث التي وقعت بعد هذا التاريخ اهمها الحكم القضائي وقرار استئنافه |
ملحق 2: وثيقة نص المحضر الموقع يوم 20 يوليوز 2011.
ملحق 3: وثيقة المرسوم الوزاري رقم 2.11.100
الهوامش
1 برنامج "قضايا وآراء" بُث خلال شهر يناير الساعة التاسعة والربع مساء على القناة الأولى.
2 في إحدى حلقات برنامج "ملف للنقاش" على قناة ميدي 1.
3 في حوار مع جريدة "الصحراء المغربية" 16/03/2012.
4 في حوار مع صحفي الإذاعة الوطنية / القناة الثانية، في برنامج " Grande Angle " الجمعة 30 مارس 2012، على الساعة 30:22.
5 جاء هذا في كلمة السيد علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل ندوة بعنوان "العطالة في المغرب بين الجدل السياسي والنقاش القانوني: محضر 20 يوليوز نموذجا"، يوم الثلاثاء 10 دجنبر 2013، بمقر هيئة المحامين بالرباط.
6 دراسة للأستاذ الجامعي نور الدين أشحشاح تم نشرها على الرابط:
http://droitplus.ma/index.php?option=com_content&view=article&id=415:-20-&catid=13:2008-12-24-22-13-15&Itemid=12
http://droitplus.ma/index.php?option=com_content&view=article&id=415:-20-&catid=13:2008-12-24-22-13-15&Itemid=12
7 رسالة الى بنكيران في افتتاحية مجلة الحقوق عدد 14 سنة 2013
8 الملف يحتوي على قراءات قانونية للعديد من الأساتذة الباحثين في المجال زيادة على نسخة من الحكم موضوع الملف وتقرير حول قضية مرسوم 8 أبريل 2011 ومحضر 20 يوليوز المنفذ له، نشر على موقع العلوم القانونية: http://www.marocdroit.com
9 مجلة العلوم القانونية ،سلسلة فقه القضاء الاداري، العدد الأول بعنوان " المنازعات لإدارية على ضوء التوجهات الحديثة للقضاء الإداري " سنة 2014