MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




مظاهر التعاون الجنائي الدولي

     

الاستاذ عدنان العوني
محامي متمرن بهيئة فاس
طالب باحث مركز الدكتوراه العلوم الجنائية
بجامعة سيدي محمد بن عبد الله- فاس



مظاهر التعاون الجنائي الدولي

                                                               
مقدمـــــــــة:

        لقد شهد العالم تطورا ملحوظا على المستوى التكنولوجي والصناعي مما تطور معه أشكال ارتكاب الجرائم. حيث لم يعد الحديث عن الجرائم بمعناه التقليدي وإنما أصبحت تكتسي طابعا منظما ودوليا،حيث انعكست نتائجها على المجتمع الدولي بصفة عامة، وهذا ما أدى بهذا الأخير لبذل مجموعة من الجهود للحد من هذا النوع من الإجرام، وذلك من خلال إنشاء (خلق) قانون جنائي دولي، باعتباره قانونا يحكم المجتمع الدولي ويضم الجرائم والعقوبات التي تحمي وجود هذا المجتمع مثاله مثال القانون الجنائي الوطني داخل المجتمع المحلي.
        لكن القانون الجنائي الدولي لا تقف غايته عند حد تحقيق التضامن والتعاون بين الدول لمعاقبة للمجرم أينما وجد وأيا كان القانون الذي انتهك، وإنما تمتد لتشتمل إجراءات التحقيق والمحاكمة والتنفيذ العقابي.(
[1])    
        من الملاحظ أن التعاون الدولي الجنائي استرعى اهتمام العديد من الدول من بينها المغرب، لكن على المستوى الفقهي لا زال هذا الموضوع لم يأخذ بعد نصيبه من الدراسة على الرغم من أنه أصبح تفعيل نظام التعاون الدولي نظرا لتعقد وتزايد الجرائم الدولية.
        وقد عرف التعاون الدولي تطورا بعد الحرب العالمية الثانية حيث نشطت أوربا في تدعيم هذه الدراسات وأخذ بها في المجلس الأوروبي واتحاد البنولوكس(
[2])  واتحاد الدول الاسكندينافية من خلال اتفاقيات ومعاهدات أبرمت منذ سنة 1947.
        ولقد انخرط المغرب في بوثقة هذا التعاون الجنائي الدولي من خلال مصادقته على العديد من المعاهدات الجماعية والثنائية حيث كان أولها بتاريخ 05/10/1957 والمتعلقة بالتعاون القضائي المتبادل وتنمية الأحكام وتسليم المجرمين بين المغرب و فرنسا (
[3]) .
        وتبرز أهمية الموضوع في واقع ظاهر الجريمة غير الوطنية كما سبق الذكر، حيث حتمت التعاون الدولي لأنه شبه مستحيل مكافحة هذا الصنف من الجرائم دون تعاون دولي حقيقي وفعال على جميع الأصعدة من تشريع وتطوير لآليات الملاحقة القضائية الوطنية والدولية من خلال إحداث مؤسسات متخصصة في هذا المجال كالإنتربول والمحكمة الجنائية الدولية(
[4]).
        إذا كان يعني الوصول إلى تعاون حقيقي في هاته المجالات هو تعاون بين سيادات الدول. فما هي المظاهر التي يتخذها؟
        وهذا ما سنتناوله من خلال التصميم معتمدين المنهج التحليلي النقدي:
        المبحث الأول: التعاون الجنائي الدولي في المجال التشريعي والقضائي.
        المبحث الثاني: التعاون الجنائي الدولي على مستوى المؤسسات الدولية.  
 
المبحث الأول: التعاون الجنائي الدولي في المجال التشريعي والقضائي.

               المطلب الأول: على المستوى التشريعي       


أولا: التنازع التشريعي الإيجابي: الاختصاص الجنائي.

        هذه العلامة المميزة للقانون الجنائي الدولي توجد في قوانين أخرى، مثل القانون الدولي الخاص، والقانون الدولي التجاري، غير أنه في القانون الدولي الخاص أو التجاري يجب أن يحل التنازع الإيجابي بتطبيق قانون واحد على مستوى العلاقة محل النزاع الخاص أو التجاري وإلا أدى الحال إلى حدوث تضارب في الأوضاع القانونية، إذ من المتصور مع اختلاف القانون المدني وقوانين الأحوال الشخصية من دولة لأخرى أن يكون الفرد متزوجا وفقا لقانون دولة، ومطلقا وفقا لقانون دولة أخرى إذا تمتع بجنسية أكثر من دولة واحدة.
        أما في القانون الجنائي الدولي، فيلاحظ أن التنازع الإيجابي في الاختصاص الجنائي يحل عن طريق معرفة أي دولة من الدول تضررت من الجريمة أو بقول آخر أي القوانين التي انتهكت أحكامها بصورة أكثر جسامة من غيرها.
        وتعد الدولة التي وقع انتهاك أكثر جسامة لقانونها الجنائي هي الدولة المختصة بنظر الجريمة المرتكبة، وعادة تكون هذه الدولة هي الدولة التي وقعت على أرضها هذه الجريمة رغم ما تعرض له هذا الاتجاه من انتقاد (
[5]) .
        ومن هنا جاء الاتجاه الذي يقر الاختصاص الجنائي لدولة ما حتى ولو لم تكن هي الدولة التي ارتكبت على إقليمها الجريمة في الحالات الآتية:
        أولا: حالة القبض على مجرم في حالات جرائم القرصنة الجوية أو البحرية(
[6]) هنا يسند الاختصاص للدولة التي تم إلقاء القبض على المجرم في إقليمها.
        ثانيا: حالة المضرور من الجريمة، هنا يسند الاختصاص لقانون الدولة التي يلحق بأحد رعاياها أو بها الضرر(
[7]).
        ثالثا: حالة المجرم، ويسند الإختصاص لقانون الدولة التي يتبعها المجرم(
[8])
        رابعا: حالة اللجوء ويسند الاختصاص لقانون مكان ملجأ المجرم.
        ما يأخذ على هذا الاتجاه أو ازدواجية الاختصاص أنه يصطدم بحقوق الأفراد، إذ أن تطبيق المبدأ قد يؤدي إلى تعدد العقوبات المقضي بها والواردة في قانون كل دولة متصلة بالجريمة المرتكبة وهنا نكون أمام مخالفة لمبدأ عام ألا وهو عدم جواز عقاب المجرم بأكثر من عقوبة واحدة عن جريمة أو عدم جواز محاكمة الإنسان عن فعل واحد أكثر من مرة.
        ولتجاوز هذا النقد اقترحت قاعدتين مكملتين، يمكن أن تختار إحداهما لحل النزاع:
        الأولى: عدم جواز محاكمة المجرم إذا اثبت أنه قد حكم عليه نهائيا في الخارج عن هذه الجريمة بالبراءة، وأنه حكم عليه بالإدانة ونفد العقوبة المقضى بها، أو سقطت بالتقادم أو بحصوله على عفو عنها(
[9]).
        الثانية: الأخذ بتعدد جهات الاختصاص(
[10]).
      الاقتراح الأخير الذي قال به الفقه هو اللجوء للإتفاقيات الدولية لحل ما قد يثار من جراء تطبيق مبدأ ازدواجية أو تعدد الاختصاص للوصول إلى وحدة الاختصاص العقابي حتى لا تجد الدول نفسها أمام مشكلة تعدد العقوبات عن الفعل الإجرامي الواحد(
[11]).

        ثانيا: الاختصاص العالمي

        كما سبقت الإشارة إليه في المقدمة، فإن هدف القانون الجنائي الدولي هو تنظيم مجال التعاون الدولي لمعالجة الإجرام الدولي،

ومن الوسائل المعتمدة لتحقيق هذه الغاية نجد قواعد الاختصاص «مبدأ الإقليمية والمبادئ الثلاث المكملة له وهي مبدأ الشخصية، العينية، ومبدأ العالمية»، هذا الأخير يعتبر أوج ما تم التوصل إليه في مجال التعاون الدولي.
        والمقصود بالاختصاص الإقليمي، أن قانون الدولة ينطبق على كل ما يقع في حدود إقليمها بغض النظر عن جنسية الأشخاص، سواء كانوا من مواطني الدولة أم من الأجانب ولا يمتد تطبيق هذا القانون خارج إقليم الدولة ولو بالنسبة لرعاياها الموجودين في الخارج.
        أما الاختصاص الشخصي فمعناه أن قانون الدولة يسري على مواطينها جميعا بغض النظر عن مكان إقامتهم سواء كانوا داخل حدود الدولة أو خارجها ودون أن يمتد تطبيقه إلى الأجانب حتى ولو كانوا يقيمون داخل الدولة(
[12]).  
        أما الاختصاص العيني فيقصد به تطبيق القانون الجنائي على كل جريمة تمس المصالح الأساسية للدولة كيفما كانت جنسية مرتكبيها وأيا كان الإقليم الذي ارتكبت فيه شريطة ألا ترتكب داخل نفس الدولة. ونظرا للمشاكل التي يخلقها مبدأ الإقليمية على وجه الخصوص أصبح مقبولا إدخال مجموعة من التعديلات عليه لملاءمته والتطور الفقهي ومقتضيات العدالة وقد استخدموا في ذلك 4 وسائل:

  •  التوسع في مفهوم الجرم أو محل وقوعه.
  •  الإقرار بوجود جرائم متفرقة في حال تعدد المجرمين.
  •  تطبيق الإقليمية على الجرائم المتلازمة أو المترابطة في إطار التعاون الدولي.
        أصبح في حكم الارض:
طبقة الهواء التي تغطيها أي الإقليم الجوي.
البحر الإقليمي(
[13]).
المدى الذي يغطي البحر الإقليمي.
السفن والمركبات الهوائية العائدة للدولة.
الأرض الأجنبية التي يحتلها جيش الدولة إذا نالت الجرائم المقترفة من مصالحه أو سلامته.
لكن رغم هذا التوسع في إقليمية القوانين الجنائية فما زال يعتريه القصور الذي يحول دون الوصول إلى الغاية المنشودة ألا وهي تنظيم تعاون دولي تنظيما يؤمن الاقتصاص من كل مجرم حتى لا يفلت من يد العدالة، لذلك تم اقتراح إقرار الاختصاص العالمي(
[14]).
والمقصود بالإختصاص العالمي هو تطبيق القانون الجنائي الوطني على كل جريمة يقبض على فاعلها فوق إقليم الدولة أيا كانت جنسية الفاعل، وأيا كان مكان ارتكاب الجريمة(
[15]). وبالتالي يمكن القول أن الاختصاص العالمي جاء لسد الفراغ الذي يظهر حين تطبيق مختلف أنواع الاختصاص الأخرى. والسؤال الذي يطرح في هذا المجال هو هل الاختصاص العالمي اختصاص قائم بذاته أم مجرد اختصاص احتياطي؟
إن الدول التي تنادي بهذا الاتجاه أو الاختصاص لا تستند إلى فكرة حماية مصالحها، ولكن تمارس هذا الاختصاص يقصد حماية الإنسان من وجود جناة بدون عقاب وبذلك يصعب القول بأن الاختصاص العالمي اختصاص احتياطي(
[16]).

      شروط صحة الاختصاص العالمي:
أن يكون مرتكب الجريمة أجنبيا(
[17]).
أن يتعلق الأمر بجريمة ذات صبغة دولية(
[18]).
أن يكون الفعل مجرما بمقتضى قواعد القانون الدولي وكذا بمقتضى قوانين دولة إلقاء القبض على الجاني.
استحالة إمكانية تسليم المجرمين.
التواجد الإرادي للجاني فوق إقليم الدولة.

      نطاق الاختصاص العالمي
لتفعيل الاختصاص العالمي وتحقيق الغاية المرجوة منه يجب توسيع قاعدة الجرائم ذات الصبغة الدولية مع مراعاة مصلحة المجتمع الدولي برمته.
هذا التوسيع تفرضه ضرورة ما يعيشه العالم اليوم من تطور مستمر في مختلف المجالات بفضل التطور التكنولوجي وما يعرفه من تقدم وبالتالي يتم استعمال التكنولوجيا لتحقيق أغراض إجرامية دنيئة، ترتكب في حق المجتمع الدولي برمته وليس في حق دولة واحدة فحسب.
وهذا ما يبرر فكرة الإطاحة بالحدود الجغرافية، لأنه توجد جرائم يمكن أن ترتكب في الوطن المحلي ولكنها تعد جرائم دولية كما يحدث ذلك عن طريق عرض وبث الأفلام المخلة بالآداب و الإعلام الذي يخدش الحياء ويصل إلى كل مكان(
[19]).

            ثالثا: مقتضيات التشريع الجنائي المغربي

باعتبار الدول هي الفاعل الرئيسي لتحقيق التعاون الدولي كان من الواجب عليها أن تضمن قوانينها قواعد لتنظيم الاختصاص فيما بينها، والمغرب نظم هذا المجال بموجب المادة 10 من القانون الجنائي المغربي التي تنص على أنه «يسري التشريع الجنائي المغربي على كل من يوجد بإقليم المملكة من وطنيين وأجانب وعديمي الجنسية مع مراعاة الاستثناءات المقررة في القانون العام الداخلي والقانون الدولي. أما المادة 11 فقد حددت إقليم الدولة، حيث تدخل في تكوينه السفن والطائرات المغربية أينما وجدت فيما عدا الحالات التي تكون فيها خاضعة لتشريع أجنبي بمقتضى القانون الدولي»بالإضافة للفصول من 704 إلى 712 من الكتاب السابع من المسطرة الجنائية.
وبتفحص هاته الفصول نجد أن المغرب قد أخذ بإقليمية الإختصاص حيث تختص محاكم المملكة المغربية بالنظر في كل جريمة ترتكب في الأراضي المغربية أيا كانت جنسية مرتكبيها، وكل جريمة يتم داخل المغرب ارتكاب أحد الأفعال التي تشكل عنصرا من عناصر تكوينها، وتعبر كما لو ارتكبت في أراضي المملكة«الفقرة 1 و2 من المادة 704».
كما تم التمديد والتوسيع من الاختصاص الإقليمي فيما يرجع إلى البث في الفعل الرئيسي أي سائر أفعال المشاركة أو الاختفاء، ولو في حالة ارتكابها خارج المملكة من طرف أجانب «الفقرة 3 من المادة 704».
كما شمل التمديد أيضا الأجزاء المنفصلة عن التراب المغربي والتي تعد تابعة له كالسفن «المادة 705» الطائرات «الفقرة 1 من المادة 706».
أما بخصوص الاختصاص الشخصي فنجده مكرسا بموجب المادة 707 و 708 والفقرة الأولى بحيث أن كل فعل له وصف جناية أو جنحة في نظر القانون المغربي ارتكبت خارج المملكة المغربية من طرف مغربي يمكن المتابعة من أجله والحكم فيه بالمغرب.
وما يلاحظ هنا أن المشرع المغربي قد راعى الحالات التي يمكن أن يكون فيها الاختصاص مزدوجا بين المغرب ودولة أخرى حيث وضع في الفقرة الثانية من الفصلين 707 و 708 استثناءا مهما حيث لا يمكن أن يتابع المتهم إلا إذا عاد إلى الأراضي المغربية، ولم يثبت أنه صدر في حقه في الخارج حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به، وأنه في حالة الحكم بإدانته قضى العقوبة المحكوم بها عليه أو تقادمت أو حصل على عفو بشأنها كل هذا من أجل الحفاظ على حقوق الأفراد ومسايرة لمبدأ عدم جواز عقاب المجرم بأكثر من عقوبة واحدة عن جريمته أو عدم جواز محاكمة الإنسان عن فعل واحد أكثر مرة.
أما الاختصاص العيني فنجده بالمادة 711 ق.م.ج، حيث تنص على الجرائم التي تشكل جناية أو جنحة ضد أمن الدولة أو تزييف لخاتم الدولة أو تزويرا لنقود أو لأوراق بنكية وطنية متداولة بالمغرب بصفة قانونية أو جناية ضد أعوان أو مقار البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو المكاتب العمومية المغربية. إذا ارتكبت من طرف أجنبي خارج الأراضي المغربية بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا.
وبالتالي أخذت بعين الاعتبار طبيعة الجريمة في تحديد المختص بالمتابعة واعتبرت هذه الجرائم كما لو أنها ارتكبت داخل المغرب.
أما الاختصاص العالمي فرغم أن العديد من الدول قد نصت عليه في تشريعاتها(
[20])، إلا أن المغرب لا يزال لم يضمن تشريعه هاته الآلية الناجعة من أجل الحد من الإفلات من العقاب.
وهذا التكريس للاختصاص العالمي يعتبر مظهرا أو مؤشرا لما  تقوم به بعض الدول في مجال التعاون الدولي على المستوى التشريعي، رغم أنه توجد عدة إشكاليات تثار على هذا المستوى أولها مدى كفاءة الجهاز القضائي الذي سيتابع المتهم على أرضها. وثانيها يتعلق بالتعاون بين الدول في المجال القضائي لا سواء على صعيد الإنابات القضائية، أو مؤسسة تسليم المجرمين أو حجة الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية ومفعولها وهذا ما سنتطرق له في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: على المستوى القضائي

أولا: الإنابات القضائية:

من بين ما يستلزم لقيام تعاون دولي في المجال القضائي نشوء اتصالات مباشرة بين السلطات القضائية في مختلف البلدان، ولا يوجد أي بديل عن هاته الاتصالات المباشرة إذا أريد تحقيق العدالة والبحث في الجرائم وإماطة اللثام عن أدلتها وتحكم على فاعليتها، وبذلك فالإتقان في التحقيق والعدالة في الحكم والسرعة في إحقاق الحق كلها مزايا ضرورية في مثل هذا العصر ولا يمكن أن نصل إليها لا بتفعيل مؤسسة الإنابات القضائية(
[21]).
و المشرع المغربي قد نص عليها في قانون المسطرة الجنائية في الباب الثاني من القسم الثالث المعنون بالعلاقات القضائية مع السلطات الأجنبية.
وينتج عن الإنابات القضائية نتائج وآثار:
أولها: أن الدولة التي توجه إنابة قضائية لا تتخلى بذلك عن سلطاتها للقاضي الأجنبي الذي يقوم بتنفيذها، ولا تنبيه في الحقيقة عنها في ممارسة اختصاصاتها، رغم أن تنفيذ الإنابة القضائية يجري وفق الصيغ والأشكال والقواعد المنصوص عليها في تشريعات الدولة التي تقوم بالتنفيذ، ولا يجوز أن يجري وفق الصيغ والأشكال والقواعد المنصوص عليها في تشريعات الدولة التي وجهت الإنابة.
ثانيها: ويتجلى في كفالة أفضل الشروط الموضوعية لحسن التنفيذ، وبالتالي يكون من الأفضل لتنفيذ الإنابة القضائية أن تأمر الدولة المطلوب إليها التنفيذ أن تطلب الأشخاص المقيمين في أراضيها للمثول أمام محاكم الدولة الطالبة التي تدعوهم للإدلاء بشهاداتهم حضوريا وبصورة شفاهية، وبذلك نكون قد نقلنا من الصعيد الوطني إلى الصعيد الدولي واجب المثول أمام القضاء تلبية لمذكرات الدعوة بالحضور(
[22]).  
لكن ماذا لو عكست المسألة بحيث يمكن انتداب القاضي الذي يضع يده على الدعوى للانتقال إلى الدولة الأجنبية التي يقيم فيها الشهود والاستماع إلى أقوالهم وضبط شهاداتهم عوضا عن إجبارهم على الحضور من بلادهم إلى الدول التي يقيم فيها هذا القاضي للإدلاء بشهاداتهم ولمثل هذا الحل فائدتان:
الأولى: أنه يتيح للقاضي المنتدب أن يقوم بتحقيق أشمل وأدق وأجدى مما لو كان هذا التحقيق قد أنيب به قاضي أجنبي يجهل كل ملابسات الدعوى وظروف القضية، وليس في وسعه أن يجيب على الأسئلة الموجهة إليه بالقدر الأوفى طالما أنه لم يحط بالقضية إحاطة شاملة.
الثانية: التحقيق الذي يقوم به القاضي المنتدب يطبق فيه قوانينه الوطنية في الحدود التي لا تتعارض مع أحكام القانون العام لهذه الدولة الأجنبية، ولا شك في أن تضييق تلك القواعد يجعل إجراءات القاضي المنتدب أكثر جدوى وأعم فائدة وأعمق أثر للوصول عند الفصل في الدعوى إلى قرار عادل.

ثانيا: الاعتراف بالأحكام الأجنبية:

حسب القاعدة الكلاسيكية أن كل دولة لا تعترف إلا بأحكام قانونها الجنائي ولا تعتد إلا بالأحكام الجنائية الصادرة عن محاكمها الوطنية(
[23]).
ولهاته القاعدة ما يبررها، فهي من ناحية تعبير عن سيادة الدولة، ومن ناحية أخرى فإن قواعد القانون الجنائي تتعلق في جملتها بالنظام العام، وهذا ما يحول دون إمكانية تطبيق قانون أجنبي وبالتالي الحكم المبني على هذا القانون.
لكن مع استفحال ظاهرة الإجرام الدولي وضرورة تعاون الدول فيما بينها لمكافحة الجرائم عبر الوطنية، وحتى لا يفلت الجناة من العقاب لمجرد أنهم أقاموا في دولة غير تلك التي صدر ضدهم فيها حكم جنائي بالإدانة، صار ممكنا الاعتراف بحجية الأحكام الأجنبية استنادا على معاهدات تبرم بين الدول(
[24]).  
وحجية الأحكام الأجنبية تنقسم إلى نوعين، حجية سلبية وأخرى إيجابية:

أ-الججية السلبية الأمر المقضي به.

هذا النوع من نفاذ الأحكام الأجنبية هو الذي يقره التعامل القضائي أكثر من سواه على الصعيد الدولي، بل أصبح منصوصا عليه في القوانين الوضعية العديد من الدول.
والمقصود به اكتساب الحكم الجنائي لما يسمى قوة الشيء المقضي به، أي أن الحكم أصبح عنوانا للحقيقة، فتنقضي به الدعوى العمومية، ويمتنع بالتالي إعادة محاكمة نفس الشخص عن نفس الفعل الإجرامي مرة ثانية.
لكن يبقى من حق القاضي الذي يضع يده على القضية أن يتثبت من وجود أمر مقضي به فعلا ، و هذا ما يستوجب منح القاضي سلطة الرقابة في خدمة الصالح العام وما يقتضيه واجب التعاون الدولي.
وسلطة  الرقابة التي يباشرها القاضي تخوله:
أن يتأكد من أن هذا الحكم الأجنبي قد صدر بصورة موافقة للأصول والقانون.
أن يتأكد من أن هذا الحكم قد أحدث آثاره القانونية.
أن يتأكد من أن هذا الحكم قد اكتسبت الدرجة النهائية.
ازدواج التجريم فعلا وفي الواقع في الجريمة ذاتها التي تولد عنها الحكم.
يجب أن لا يمس النظام العام الوطني عن طريق الاعتراف بالحكم الجنائي الأجنبي والمقصود بالنظام العام هنا المصالح الأساسية للدولة(
[25]).   

ب-الحجية الإيجابية للأمر المقضي به

يتمثل هذا النوع في القوة التنفيذية التي يتمتع بها الحكم الجنائي وتشمل القوة التنفيذية للحكم الجنائي ما تضمنه من عقوبات أصلية أو تكميلية، أو تدابير احترازية. كما أن حجية الحكم الجنائي في شقها الإيجابي تتحدد أيضا بالآثار المترتبة عليه كمراقبة الشخص المحكوم عليه واعتبار الحكم سابقة في العود(
[26]).
ومن الملاحظات التي تتوضح عند التمسك بحجية الشيء المقضي به الإيجابية:
أن الجريمة تمس المجتمع العالمي كله لا مجتمع الدولة التي تضررت منها.
أن دول العالم تؤكد فاعلية أحكامها القضائية.
لكن وجهت عدة انتقادات للأخذ بحجية الشيء المقضي به الإيجابية، حيث اعتبرت مؤسسة تسليم المجرمين بديلا كافيا يغني عنه، بل وتحقق فوائد عقابية أكثر من تنفيذ الحكم الأجنبي(
[27]).
ولكن هذا الرأي يتجاهل أمرا هاما وهو أن تسليم المجرمين يتعلق بالروابط والاتفاقيات بين الدول.
وهذه الاتفاقيات الدولية ترفض في أحيان كثيرة الموافقة على تسليم المجرمين، ولتلافي ذلك يجب أن تعطى حجية إيجابية للحكم الجنائي الأجنبي لتحقيق فاعلية لعالمية العقوبة وبالتالي للوصول لتعاون دولي حقيقي في الميدان الجنائي(
[28]). 


ثالثا: تسليم المجرمين

من أهم مظاهر التعاون الدولي تسليم المجرمين ويقصد بتسليم المجرمين أو الاسترداد، مطالبة دولة لأخرى بتسليمها شخصا متهما بارتكاب جريمة، أو صدر حكم بالعقوبة ضده، وغاية التسليم هو تمكين الدولة من محاكمته أو من تنفيذ العقوبة في حقه من منطلق أنها، -أي الدولة- هي صاحبة الاختصاص باتخاذ الإجراءات الناشئة عن الجريمة أو تنفيذ العقوبة الصادرة ضد الشخص المطلوب تسليمه(
[29]).
ولقد عرفت مؤسسة تسليم المجرمين منذ القدم(
[30])، ولكن ليس بالمفهوم الحالي، ولم تعرف تبلورا حقيقيا إلا في بداية القرن الماضي، حيث لجأت إلى إبرام اتفاقيات ثنائية ومتعددة مستهدفة تنظيم هذا المجال فيما بينها، وقد صاحب ذلك صياغة وصدور قوانين وطنية تنظم التسليم وتمنحه إطارا محكما([31]). 
        وبدوره المغرب وضع إطارا قانونيا لتنظيم هاته المؤسسة، وذلك بمقتضى الفصول من 718 إلى 745 من قانون المسطرة الجنائية، إضافة إلى ما تعاهد عليه بموجب الاتفاقيات الدولية(
[32]). وبذلك يتجلى الحجم الذي تحتله مؤسسة تسليم المجرمين في إطار التعاون الدولي الجنائي، ولتسليط الضوء عليها يجب التحدث عن شروط التسليم.

شروط التسليم
أول ما يمكن الإشارة إليه هو أن مؤسسة تسليم المجرمين تقوم على عدة شروط منصوص عليها إما ضمن الاتفاقيات الدولية أو ضمن المسطرة الجنائية باعتبارها مصدرا قانونيا رئيسيا و ليس مكملا، «لأنه يطبق كلما انعدمت الاتفاقية أو برزت إلى الوجود صعوبات على مستوى تطبيق الاتفاق»(
[33])

1- الشروط الموضوعية:

هذه الشروط تتعلق بالأشخاص المراد تسليمهم والعقوبات الصادرة في حقهم.
فبالنسبة للشروط التي تتعلق بالأشخاص المراد تسليمهم هنا التسليم يكون في حق المجرم الرئيسي والمساهم والشريك لكن هاته القاعدة ترد عليها 3 استثناءات:
1-عدم تسليم الدولة لمواطنيها «م 721 فقرة 1»(
[34]
2-إذا كان القضاء المغربي هو المختص استنادا لمبدأ إقليمية القوانين الجنائية «م 721 ف 6»
3-حينما يكون الشخص المطلوب تسليمه قد تمت محاكمته من قبل على نفس الجرم وتمت إدانته من أجل ذلك أو نفذ العقوبة التي قد صدرت ضده «م 721 ف 7و8»(
[35]).
أما الجرائم المرتكبة والتي من أجلها يتم طلب التسليم فهي:
1-جميع الأفعال التي يعاقب عليها قانون الدولة الطالبة بعقوبات جنائية.
2-الأفعال التي يعاقب عليها قانون الدولة الطالبة بعقوبات جنحية سالبة للحرية، إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة بمقتضى ذلك لا يقل عن سنة واحدة أو إذا تعلق الأمر بشخص محكوم عليه عندما تكون مدة العقوبة المحكوم بها من إحدى محاكم الدولة الطالبة تعادل أو تفوق أربعة أشهر.
3-الأفعال المكونة لمحاولة الجريمة أو المشاركة فيها، بشرط أن يكون معاقبا عليها حسب قانون الدولة الطالبة وحسب القانون المغربي. وما يثير الإشكال هو إمكانية التسليم بالنسبة للجرائم السياسية والعسكرية(
[36]).         
فبالنسبة للجرائم السياسية: فهي تمس النظام العام لدولة محددة ولا تتجاوزه للنظام العالمي الدولي، وبالتالي يرجع لكل دولة الدفاع عن مؤسساتها، ولا يحق لدولة أخرى التدخل في شؤونها الداخلية، وهنا يجب التمييز بين الجرائم السياسية والجرائم الملحقة بالجرائم السياسية فالأولى تشكل اعتداء على الدولة وبذلك فهي سياسية بطبيعتها وهدفها سياسي، هاته الجرائم لا تسليم بشأنها، أما النوع الثاني فهو يمس الغير لكن بواسطة المس بالدولة، أي أنها تمس الحريات والحقوق الفردية عن طريق المس بالنظام العام وهاته الجرائم يجوز التسليم بشأنها(
[37])، أما الجرائم العسكرية فقد جرت العادة على عدم التسليم بشأنها،         لكن بتفحصنا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب نجدها تختص على إمكانية تسليم المجرمين العسكريين.
الشروط المتعلقة بطلب التسليم من أجل تنفيذ العقوبة ويتعلق الأمر هنا بالشروط التي تضعها القوانين الوطنية والاتفاقيات الثنائية في حالة طلب تسليم المجرم من أجل تنفيذ عقوبة وهناك اتجاهين في هذا المجال:
الأول: يقضي بعدم الموافقة على تسليم الشخص المطلوب إلا إذا أرفق بالطلب الأوراق القضائية المتمثلة على الأدلة الكافية لاتهام الشخص الهارب أو لتبرير الحكم الصادر عليه(
[38]).   
الثاني: ويتطلب مذكرة يتم إرسالها بطريقة قانونية وليس من شأن الجهات الموكلة إليها البث في طلب التسليم فحص الاتهامات أو الأحكام الجنائية المرفقة بهذا الطلب(
[39])، حيث تقتصر الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى على النظر في سلامة مسطرة طلب التسليم وتحقق الشروط المنصوص عليها في الاتفاقيات التي أبرمها المغرب مع دول أخرى([40]) .
 
 
2: الشروط الشكلية

إن اعتبار تسليم المجرمين وسيلة من وسائل التعاون الدولي، تتطلب تأطيرها قانونيا لتحقق فعاليتها وسنتحدث عن الشروط الشكلية من خلال مرحلتين الأولى إدارية والأخرى قضائية.

*المرحلة الإدارية(
[41]):
 وهي المنصوص عليها في الفصل 726 ق.م.ج، حيث يقدم طلب التسليم كتابة وبالطريق الديبلوماسي ويجب أن يتضمن على وجه الإلزام الوثائق التالية:
+الأصل أو بنظير إما لحكم بعقوبة قابلة للتنفيذ، وإما الأمر بإلقاء القبض أو سند إجرائي آخر قابل للتنفيذ وصادر عن سلطة قضائية وفق الكيفيات المقررة في قانون الدولة المطالبة.
+ملخص الأفعال التي طلب من أجلها التسليم وكذا تاريخ ومحل ارتكابها وتكيفها القانوني، وتضاف إليه في نفس الوقت نسخة من النصوص القانونية المطبقة على الفعل الجرمي.
+بيان دقيق حسب الإمكان لأوصاف الشخص المراد تسليمه وجميع المعلومات الأخرى التي من شأنها التعريف بهويته وبجنسيته.
+تعهد بالالتزام بمقتضيات المادة 723 ق.م.ج.
ويقدم الملف بكافة وثائقه إلى وزير العدل الذي يتأكد صحة الطلب ويتخذ في شأنه ما يلزم قانونا م 727 ق.م.ج

* المرحلة القضائية:
أول ما يتم التأكد منه هو كفاية المعلومات المقدمة لتمكين السلطات المغربية من اتخاذ القرار وفي حالة عدم كفايتها تطلب إفادتها بالمعلومات التكميلية الضرورية.
وتتولى السلطات القضائية في حالة الاستعجال وبطلب مباشر من السلطات القضائية للدولة الطالبة أو بناء على إشعار مصالح المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الأنتربول » أن تأمر باعتقال شخص أجنبي بمجرد توصله بإشعار واستنطاقه قبل أن تبعث بملف القضية م 729 ق.م.ج.
وينقل الشخص المعتقل في أقرب وقت إلى المؤسسة السجنية الواقعة بمقر المجلس الأعلى م 731 ق.م.ج.
ثم يوجه وكيل الملك فورا الطلب والمستندات المدلى بها إلى الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى الذي يحيلها إلى الغرفة الجنائية بنفس المجلس م 732 ق.م.ج.
أما بخصوص الوسائل الموازية لتسليم المجرمين، فهناك طريقتين، حيث يمكن أن ينتج التسليم عن تدبير أمني داخلي تتخذه الدولة التي يقيم فيها المجرم، وذلك بصفة انفرادية ودون أن تكون الدولة الأخرى الراغبة في إلقاء القبض على المجرم قد قامت، بأي عمل لإثارة التسليم فيسمى تلقائيا، كما يمكن أن يتم تسليما مقنعا.
تبث هاته الغرفة في طلب التسليم بقرار معلل خلال خمسة أيام من إحالته إليها على قرار تقرير أحد المستشارين وبعد إدلاء النيابة العامة بمستنتجاتها والاستماع على الشخص المعنى الذي يمكن أن يكون مؤازرا بمحامي.  
كما يمكن للغرفة الجنائية عند الاقتضاء أن تأمر بإجراء تحقيق تكميلي م 732 ق.م.ج.
 
المبحث الثاني: التعاون الجنائي الدولي على مستوى المؤسسات الدولية.

في هذا المجال، تعتبر كل من مؤسستي منظمة الشرطة الدولية (الانتربول) (المطلب الأول) والمحكمة الجنائية الدولية (المطلب الثاني) مظهرا من مظاهر التعاون الجنائي الدولي.

المطلب الأول: منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الأنتربول).

ترجع البدايات الأولية للتعاون الدولي في المجال الشرطي الى سنة 1904 حيث نجد ملامح هذا التعاون ضمنا في الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الرقيق الأبيض والمبرمة في 18 مايو سنة 1904، حيث نصت مادتها الأولى على «تتعهد كل الحكومات المتعاقدة بأن تنشئ أو تعين سلطة تركيز لدينا المعلومات الخاصة باستخدام النساء والفتيات بغرض الدعارة ولهذه السلطة الحق في أن تخاطب مباشرة الإدارة المماثلة لها في كل الدول الأطراف المتعاقدة(
[42])».   
وتنحصر أغراض هذه المنظمة حسب ما جاء في المادة الثانية من دستورها في تأكيد وتشجيع المعونة المتبادلة في أوسع نطاق ممكن من سلطات الشرطة الجنائية في حدود القوانين القائمة في البلاد المختلفة وبروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ثم أخذ التعاون الشرطي بأخذ صورة المؤتمرات الدولية(
[43]). وأسفر أخرها والمنعقد في فيينا إلى إنشاء اللجنة الدولية للشرطة الجنائية والتي لم يكتب لها الاستمرار وذلك بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وفي بروكسيل سنة1946 و بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية دعا «لوفاج» أحد رؤساء الشرطة في بلجيكا. لمؤتمر دولي عقد ببلجيكا في الفترة من 6-9 يونيو 1946 وحضره مندوبي سبعة عشر دولة، وانتهى المؤتمر المذكور إلى إحياء اللجنة الدولية للشرطة الجنائية ونقل مقرها إلى باريس وشكلت لها لجنة تنفيذية خمسة أعضاء برئاسة «لوفاج» وأطلق على اللجنة المذكورة اسم المنظمة الدولية للشرطة الجنائية.
وهذا يدعونا للتساؤل عن ماهية الطبقة القانونية لهذه المنضمة )أولا( واختصاصاتها (ثانيا) وأسلوب عملها (ثالثا).

أولا: الطبيعة القانونية لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية.

         يعتبر الأنتربول حسب طبيعتها القانونية منظمة دولية حكومية من طبيعة اجتماعية خالصة، وبالتالي فهي شخص من أشخاص القانون الدولي العام، يقوم على عناصر معينة يجب توافرها(
[44]) :
عنصر الكيان المتميز الدائم.
عنصر الإرادة الذاتية.
الاستناد إلى اتفاقية دولية تنشأ المنظمة وتحد نظامها القانوني وتبين أهدافها واختصاصاتها والأجهزة المختلفة المنوط بها تحقيق هذه الأهداف والقواعد التي تحكم سير العمل بها.
عدم انتقاص المنظمة من سيادة الدول المشتركة في عضويتها باعتبارها في الواقع مجرد وسيلة من وسائل التعاون الاختياري بين مجموعة معينة من الدول في مجال أو مجالات محددة يتفق عليها سلفا. وهذا ما نجده متوفر في هاته المنظمة.
فعنصر الكيان الدائم يتضح جليا من كيانها الدائم المتمثل في الأجهزة التي يقوم عليها. ومما يؤكد هذا العنصر هو إطلاق اسم «منظمة»على الأنتربول والذي يعبر من انصراف إرادة منشئيها إلى ختمها بطابع الدوام شأنها في ذلك شأن أي منظمة دولية حكومية.
أما عنصر الإرادة الذاتية، فإنه وبدون شك للمنظمة إرادتها المتميزة عن إرادات الدول الأعضاء. وبالتالي الشخصية القانونية الدولية بالقدر اللازم لقيام الأنتربول بمهامه. وللشخصية القانونية الدولية لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية مظاهر واضحة(
[45]).
 
ثانيا: الأهداف والاختصاصات

1-الاهداف:

يعتبر الهدف الأساسي للمنظمة حسب المادة الثانية من الدستور المنظم لها هو «أ- تأكيد وتشجيع التعاون المتبادل في أوسع نطاق ممكن بين السلطات الشرطة الجنائية في حدود القوانين القائمة في البلاد المختلفة، وبروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
ب-إقامة وتنمية النظم التي من شانها أن تسلم على نحو فعال في منع ومكافحة جرائم القانون العام».
ومنه يتضح لنا أن هاته المادة حرصت على:
تأكيد وتشجيع التعاون الدولي بين سلطات الشرطة في مختلف البلاد نتيجة لما ألم بالجماعة الدولية من تطورات في كافة المجالات خاصة في مجال المواصلات والتي كان لها أثر في سهولة انتقال المجرمين من عدة دول في زمن قصير بعد اقترافهم لجرائمهم في البلاد المختلفة، الأمر الذي يتطلب تعاون أجهزة الشرطة في البلاد المختلفة لمكافحة مثل هذه الاعمال.
إن هذا التعاون المستهدف لتحقيق الأهداف سالفة الذكر، تعاون يتم حتى في إطار القوانين القائمة في كل بلد، ومناطه منع ومكافحة جرائم القانون العام، وهي تلك الطائفة من الجرائم المعروفة عالميا بانتهاك القانون الطبيعي لأي مجتمع، ومثالها القتل والسرقة والنصب والاتجار في المخدرات، والاتجار في الرقيق، وتزييف العملة. ومن هنا جاء نص المادة الثانية من دستور الأنتربول مقررا أن التعاون بين أجهزة الشرطة يكون بروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يدور حول الاعتراف بحقوق الإنسان وكرامته وكفالة حقه في الحياة والحرية وسلامة شخصية وعدم استرقائه واستباده..
إن هذا التعاون لمكافحة الجرائم والذي يتم في إطار الأنتربول يبتعد كل البعد عن الأمور ذات الطبيعة السياسية والعسكرية والدينية والعنصرية.       
وتحقيقا للأهداف المذكورة فإن المنظمة تقع عليها واجبات تنحصر فيما يلي:
احترام سيادة الدول الأعضاء في إطار القوانين الوطنية لتلك الدول.
استبعاد الجرائم ذات الصفة السياسية أو الدينية أو العسكرية من نطاق التعاون داخل إطار منظمة الأنتربول. فالتعاون داخل إطار المنظمة لا يكون إلا بالنسبة لجرائم الصفة الدولية، مثل تزييف العملات والاتجار في المخدرات، والاتجار في الرقيق، أو الجرائم العادية مثل القتل والسرقة.
تلتزم الدول الأعضاء بأن تنشئ لديها مكاتب مركزية وطنية للشرطة الجنائية الدولية تطبيقا لنص المادة 32 من دستور المنظمة، على أن يتم التعاون الدول الأعضاء، من خلال تلك المكاتب.
يتعين على الدول الأعضاء أن تساهم في النفقات المالية للمنظمة.
ولاشك أن الدور الذي تقوم به منظمة الأنتربول على النحو السابق أيضا يمثل مظهرا هاما من مظاهر التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الدولية.      

2-الاختصاصات:

لم ينص دستور منظمة الأنتربول في أي من مواده لبنيات وظائف واختصاصات الأنتربول، وإنما يمكن أن تكتسب هذه الوظائف والاختصاصات من خلال وظائف واختصاصات الأجهزة المكونة لبنيات المنظمة. وبصفة عامة يمكن إجمال تلك الوظائف فيما يلي:
تجميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالجريمة والمجرم، حيث تتسلمها المنظمة من المكاتب المركزية الوطنية للشرطة الجنائية في الدول الأعضاء، وتلك البيانات والمعلومات تقوم بتجميعها وتنظيمها لديها. هذه البيانات تتكون من وثائق ذات أهمية كبيرة في مكافحة الجرائم على المستوى الدولي.
التعاون مع الدول في ضبط المجرمين الهاربين. وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الانتربول، ليست سلطة دولية عليا فوق الدول أعضاءها –تخول عمالها حق التدخل للقبض على المجرمين الهاربين في أي دولة من الدول أعضاء تلك المنظمة. فالتعاون الشرطي في إطار علاقات الدول أعضاء الأنتربول-يحكمه مبدأ احترام السيادة الوطنية للدول- وإنما ينحصر دورها في هذا المجال. وفي مساعدة أجهزة الشرطة في تلك الدول عن طرق إمدادها بالمعلومات المتوفرة لديها. لضبط المجرمين الهاربين والموجودين في أقاليمها.
ولا تقف اختصاصات الأنتربول عند هاتين الوظيفتين، ولكن تقوم أيضا بدور ملموس في المجالات الآتية:
أ-في مجال مكافحة الجرائم الماسة بأمن وسلامة وسائل النقل الجوي. فإن منظمة الأنتربول تتعاون مع منظمة الطيران المدني في دراسة أفضل الوسائل لمكافحة هذه الجرائم، واقتراح طرق ووسائل الوقاية منها.
ب-وفي مجال مكافحة جرائم الاتجار في المخدرات. تقوم منظمة الأنتربول بإصدار نشرات وإحصائيات شهرية، تتناول فيها الدول التي تنتشر فيها هذه التجارة. والأماكن التي تصنع فيها المخدرات بقصد الاتجار بها، مع كشف الحيل والطرق التي يلجا إليها المهربون.
أضف إلى ذلك أن الأنتربول يشارك في الجهود المبذولة على الصعيد الدولي. والتي تستهدف التصدي لظاهرة الاجرام الدولية وتنقسم هذه المشاركة عن طريق الدعوة إلى النداوات أو تنظيم المؤتمرات لبحث مشاكل الجريمة وأسبابها وأفضل الوسائل لمكافحتها. كما أنها تصدر مجلة علمية متخصصة لزيادة الوعي بين رجال الشرطة وعمل دوريات لهم لرفع مستوى أدائهم.
ثالثا: صور التدخل
تتخذ صور تدخل المنظمة الدولية للشرطة الجنائية في مجال مكافحة الجرائم الدولية عدة مجالات:
مجال تسليم المجرمين.
مجال مكافحة الإخلال بأمن وسلامة الطيران المدني الدولي.
مجال مكافحة المخدرات.
مجال مكافحة الآداب العامة.
        5-مجال مكافحة جرائم تزييف العملة.
        في مجال مكافحة الجرائم الأخرى(
[46])
        إلا أننا سنقتصر على دراسة الثلاث مجالات الأخيرة.
        1-مجال مكافحة المخدرات.
        يعتبر القسم المختص في مكافحة المخدرات(
[47]) وذلك من خلال ما يصدره من نشرات وإحصائيات شهرية يناول فيها الدول التي تنتشر فيها هذه التجارة والوسائل والطرق التي يتبعها ممارسها، وأماكن المصانع السرية التي تصنع فيها المخدرات بقصد الاتجار فيها الأمر الذي يكون له أهمية في مكافحة هذا النوع من التجارة غير المشروعة.
        2-مجال مكافحة جرائم الآداب العامة.
        وعلى هذا المستوى تقوم المنظمة بدور هام وفعال في مكافحة جرائم الاتجار بالرقيق الأبيض، ومكافحة القوادة، والاتجار في مطبوعات الفحش والدعارة. وذلك عن طريق تجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بالأشخاص ممارسي هذا النوع من التجارة وتبادل تلك المعلومات ونشرها من خلال المكاتب المركزية الوطنية للشرطة الجنائية الدولية في الدول أعضاء الأنتربول، الأمر الذي سيسهل مكافحة تلك الفئة من الجرائم.
        3-مجال مكافحة جرائم تزييف العملة
        تلعب المنظمة دور ديناميكي في مكافحة جرائم تزييف العملة، وذلك من خلال جميع المعلومات عن العملات المزيفة، وإرسال عينات منها لمعامل الأنتربول وقسم خبراء التزييف والتزوير التابع للمنظمة والموجود بلاهاي، لمعرفة كيفية التزييف ووسائله والدول التي تنتشر فيها هذه الظاهرة.
        وترسل هذه المعلومات للمكاتب المركزية الوطنية في الدول الأعضاء، كذلك تصدر الأمانة العامة للأنتربول محله التزييف. بها كافة المعلومات المتعلقة بتزييف العملة. وللمكاتب الوطنية للشرطة الجنائية الدولية دورها في مكافحة تلك الجرائم، وذلك عن طريق قيامها بأخطار البنوك. والمعارف بأوصاف ومميزات وأرقام العملات والشيكات السياحية المزيفة لتحذيرها من صرفها والتعامل معها.

المطلب الثاني: المحكمة الجنائية الدولية.

        في مساء 17 يوليوز سنة 1998 تمت الاستجابة لمطلب إنشاء محكمة جنائية دولية(
[48]) حيث تبنى مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في روما نظامها الأساسي والذي يعقد لها الاختصاص على الأشخاص الذين يرتكبون جرائم دولية، ودخل حيز النفاذ كمعاهدة جماعية ملزمة للأطراف وفقا لنص المادة 126 من الميثاق في الأول من يوليوز عام 2002([49]).  

أولا: إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة.

لقد عرفت فكرة إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة كدعامة أساسية في حلقة التعاون الجنائي الدولي. عدة نقاشات وذلك بين مؤيد ومعارض ولكل فريقين حججه وأدلة يستند عليها.

أ-الاتجاه المعارض لإنشاء المحكمة:

يستند أصحاب الرأي المعارض لإنشاء محكمة جنائية على حجج عديدة منها أن وجود هذه المحكمة يتنافى ومبدأ إقليمية القانون الجنائي وبالتالي فإن المحكمة هي انتقاص من مبدأ السيادة الوطنية للدول.
وهذه الحجة إذا كانت مبنية على مبدأ هام من مبادئ القانون الدولي، إلا أن مبدأ إقليمية القانون الجنائي ليس بالمبدأ المطلق الذي لا يقبل الاستناد في التطبيق، فقد تبين لنا أن الدول تؤسس إختصاصها الجنائي بما يتيح لها ممارسة استثناءات عديدة في هذا الموضوع. فهناك دول تمنح لنفسها الحق في محاكمة رعاياها في حالة ارتكابهم جريمة في الخارج. وهناك دول أخرى تمد نطاق قوانين الجنائية لحماية مصالحها الحيوية في الخارج، يصرف النظر عن مكان وجنسية مرتكب الجريمة، وأكثر الدول تجرى العمل بها على عدم تسليم مواطنيها الذين يرتكبون تكون خارج إقليمها. فإذا كانت الدول قد اعترفت بهذه الاستثناءات المتعددة لمبدأ الاختصاص الجنائي الإقليمي، فمن الممكن كذلك أن تعترف بصلاحية محكمة دولية جنائية كاستثناء آخر لقاعدة الإقليمية، خاصة إذا كان هذا الاستثناء يحقق المصلحة الدولية المشتركة ويعمل على تثبيت دعائم التعاون الدولي(
[50]) .
إن مصادقة الدول على الاتفاقيات والمعاهدات التي تحظر الجرائم الدولية والتي تضفي على بعض الأفعال صفة الجرائم الدولية ليس له إلا معنى واحد هو أن تلك الدول اعترفت بمسؤوليات دولية للأفراد. تتعدى الواجبات والالتزامات المحلية المفروضة عليهم من قبل الدول ذاتها ومن طبيعة الانتهاكات الجسيمة للأفعال المحظورة في تلك الاتفاقيات أن تقع تحت الاختصاص الدولي الجنائي.
أما الحجة الثانية تتجلى في أن التوصل إلى اتفاق بين الحكومات لإنشاء محكمة جنائية دولية يكاد يكون مستحيلا. حيث تقف الخلافات السياسية، وبعض المسائل والأمور الفنية الأخرى عائق يمنع من الاعتراف لتلك المحكمة بالاختصاص الجنائي الدولي. خاصة وان الدول ليست مجبرة على قبول صلاحيات تلك المحكمة للنظر في مسائل تعتبر من صميم السلطان الداخلي للدول استنادا لنص الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.
ورغم صحة القول بأن إنشاء محكمة جنائية دولية هي مسألة فنية دقيقة. إلا أنها لا تعتبر أكثر تعقيدا عما كانت عليه إنشاء أجهزة دولية مشابهة، مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. أما الاحتجاج بنص الفقرة السابعة من المادة الثانية فإن المحكمة سوف يناط بها اختصاص النظر في الجرائم الدولية وبالتالي فإنه بحكم طبيعتها فإنها تعتبر مسائل دولية وخارجة عن نطاق السلطان الداخلي للدول، هذا بالإضافة إلى إمكانية تحديد اختصاص المحكمة بوضوح، وذلك عن طريق النص في نظامها الأساسي بمحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب أفعال تمثل انتهاكا لأحكام القانون الدولي فقط. أما الجرائم الأخرى التي ليست لها هذه الصفة. فإنها تعتبر خارج نطاق صلاحيات الحكمة المقترحة. وبالتالي تظل داخله في اختصاص المحاكم الوطنية.
أما الثالثة والتي يتضمنها الرأي المعارض للإنشاء محكمة جنائية دولية، هو أن هذه المحكمة تشكل خطرا على الحريات الأساسية للأفراد واستنادا إلى ذلك فقد قيل بأن الو.م أ-مثلا-لا يمكن أن تعترف بصلاحية المحكمة الدولية لمحاكمة الأمركيين عن جرائم غير منصوص عليها في القانون الأمريكي. كما أنه من الصعب أن تتنازع المحاكم الأمريكية من بعض صلاحيتها الدولية لمحاكمة أشخاص متهمين بارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون الأمريكي، ففي كلا الحالتين فإن الأمر سوف يتعارض مع الدستور الأمريكي والمنطق الذي بني عليه هذا الرأي يهدم القانون الجنائي الدولي من أساسه. ذلك القانون الذي يؤكد على أن الكل يرتكب فعلا يمثل جريمة دولية يتعين أن يتحمل تبعة المسؤولية الشخصية عن هذاالفعل، بصرف النظر عن جنسيته أو مكان ارتكاب جريمة أو عدم تجريم هذا الفعل في قانون دولته(
[51]).
ومع ذلك فإن الضمانات القانونية لحماية حقوق المتهمين والحرص على محاكمتهم محاكمة عادلة. يمكن النص عليها في النظام الأساسي للمحكمة، بما يتفق مع النظم القضائية المتقدمة. وبما لا يسمح بتجاهل الحقوق الأساسية والدستورية لرعايا الدول المتهمين أثناء محاكمتهم أمام المحكمة.
هذه كانت الحجج التي يقوم بها أصحاب الرأي المعارض لفكرة إنشاء محكمة دولية جنائية دائمة، وهذه الحجج كما رأينا غير مبنية على اعتبارات موضوعية أساسية. كما أنها ليست من القوة بحيث يمكن أن تحول دون إنشاء هذه المحكمة، فضلا عن ذلك، فإن هناك من الآراء المؤيدة لإنشاء المحكمة ما يعتبر مقنعا ومنطقيا. ويتفق مع فكرة التعاون الدولي والقانون الدولي.

ب-الآراء المؤيدة لإنشاء المحكمة.

تنصب الآراء المؤيدة لإنشاء محكمة جنائية دائمة "إلى القول بأن أي نظام قانوني جنائي، لابد وان يستهدف بالدرجة الأولى التأكيد على أن منتهكي أحكام هذا النظام يتحملون مسؤولية الجرائم التي يرتكبونها بعد محاكمة عادلة. وقد جاء النص على هذا المبدأ ضمن المبادئ المستخلصة من الأحكام التي أصدرتها المحكمة العسكرية الدولية بنورمبرج، على أساس «أن كل شخص يرتكب أو يشترك في ارتكاب –فعلا يعد جريمة طبقا للقانون الدولي يكون مسؤولا ومستحقا للعقاب». وهذا المبدأ يمثل تحولا جدريا في نظام القانون الدولي. ومن ثم فمن الواجب وضعه موضع التنفيذ عن طريق إنشاء قضاء جنائي دولي يكون مختصا بالمحكمة والعقاب علم الجرائم الدولية.
وتضيف الآراء المؤيدة حجةأخرى مفادها أن النظام الدولي تطور في ظل منظمة الأمم المتحدة تطورا جذريا يقوم على معايير واضحة ومؤسسة تأسيسا جيدا. غير أن تطبيق تلك المعايير ما زال يواجه عجزا بسبب غياب الآليات الدولية المناسبة، ومن ثم فما زال المجتمع الدولي يعاني من ارتكاب جرائم عديدة وقت الحرب ووقت السلم على السواء، ولكي يمكن تدارك الخلل في النظام الدولي، فمن الواجب إنشاء محكمة دولية جنائية تختص بمحاكمة الجرائم الدولية أو ذات الصفة الدولية(
[52]).   
والحجة الأخرى لإنشاء محكمة وهي أن ترك المحاكم الوطنية لمحاكمة المتهمين بجرائم دولية يمكن أن يؤدي إلى صدور أحكام متناقضة، وعقوبات مختلفة في قضايا متشابهة الأمر الذي يقف حائلا دون تطور التعاون الجنائي الدولي، ويحد من فعاليته دون إيجاد سوابق وأحكام قضائية مستقرة يمكن الرجوع إليها.
ويستند أيضا أصحاب هذا الإتجاه على حجة أخرى وهي ضرورة إنشاء محكمة دولية جنائية دائمة لان البديل –في حالة عدم وجود هذه المحكمة – أن يظل محاكمة الجرائم الدولية. خاصة جرائم العدوان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ممكنة فقط في حالة انتصار من جانب والهزيمة من الجانب الآخر. ففي هذه الحالة فقط تستطيع الدول المنتصرة تشكيل محاكم خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب(
[53]).
أما الحجة الأخيرة تقوم على أساس أن وجود المحكمة الجنائية الدولية سوف يساعد على تطبيق أحكام القانون الدولي بفاعلية ودون تغير، مما يضفي على هذه الأحكام واجب الاحترام والالتزام. وهذا بدوره يمكن أن يساهم في تعليل ارتكاب الجرائم الدولية. وتهيئة الظروف لخلق المجتمع الدولي الآمن القائم على التعاون.
وبالفعل، رغم ما قيل حول مدى إنشاء محكمة جنائية دولية، فقد أنشأت عقب مؤتمر روما الذي أسس لنظامها الأساسي 1998 الذي يعقد لها الاختصاص على الأشخاص الذين يرتكبون جرائم دولية.ودخل حيز النفاذ كمعاهدة جماعية ملزمة للأطراف وفقا لنص المادة 126 من هذا الميثاق في الأول من يوليوز 2002.

ثانيا:مدى فاعلية المحكمة الجنائية الدولية.

استنادا إلى الفقرة 10 من ديباجة اتفاق روما والمادة الأولى منه فإن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية مكمل للولايات الجنائية الوطنية(
[54]) أي أن الأولوية في انعقاد الاختصاص للنظر في الجرائم الدولية يكون للقضاء الجنائي الدولي ولا تحل المحكمة الجنائية الدولية بصفة مطلقة محل القضاء الوطني في هذا الخصوص والدليل على ذلك الفقرة السادسة من الديباجة التي تؤكد على أن من واجب كل دولة أن تمارس ولايتها القضائية على أولئك المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية([55]).  
لكن هاته القاعدة ليست مطلقة، حيث يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تمارس اختصاصها في الجرائم في حالتين:
الأولى: عدم رغبة القضاء الجنائي الوطني في مقاضاة المسؤولين في الجرائم.
الثانية: عجز النظام الجنائي عن القيام بدوره في محاكمة المتهمين.
وهذا ما نصت عليه المادة 17 من النظام الأساسي للمحكمة الذي يعطي لها سلطة تقدير توافر هاتين الحالتين مع مراعاة واحد أو أكثر من الأمور التالية:
تبين أن الإجراءات التي اتخذها القضاء الوطني كانت تهدف إلى حماية الشخص المعني من المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة.
إذا حدث تأخير لا مبرر له في الإجراءات يستنتج منه عدم اتجاه النية إلى تقديم الشخص المعني للعدالة.
إذا لم تباشر الإجراءات أو لم يتم مباشرتها بشكل مستقل أو نزيه أو كانت مباشرتها على نحو تتعارض معه نية تقديم الشخص المعني للعدالة(
[56]).
إلا أن هذا الاختصاص التكميلي يعرقل من تطور التعاون الجنائي الدولي وبالتالي يجب اعتماد اختصاص وحيد للمحكمة الجنائية الدولية والشامل لكل دول العالم لاسيما أن نكون دائما اما جريمة وإن كانت قد تبدو في بعض الأحيان أو غالبيتها جريمة داخلية أو وطنية، وهي في حقيقتها جريمة دولية. وفي هذا المقام نشير إلى جهود فقهاء القانون الدولي في سبيل تمهيد الطريق أمام الاختصاص القضائي الجنائي الدولي لاسيما بعدما أوضحوا أن هناك جرائم دولية أو جرائم متجاوزة للحدود الإقليمية للدولة بطبيعتها أو جرائم يجهل معرفة مكان ارتكابها أو جرائم يتنازع الاختصاص القضائي حولها بين دولتين أو أكثر، وجرائم تتنازع الأحكام الجنائية حولها(
[57]). 
وزيادة على ذلك يجب توسيع نطاق اختصاص المحكمة الموضوعي ليشمل عدة جرائم كالإرهاب والاتجار بالمخدرات واتفاقيات مناهضة التعذيب إضافة إلى تمكين المحكمة من ممارسة اختصاصها على جريمة العدوان(
[58]). 
ومما يزيد من عرقلة وتفعيل التعاون الجنائي الدولي موقف بعض الدول من هاته المحكمة وممثلة في عدم مصادقة العديد من الدول على نظامها الأساسي(
[59]).
وما يستوجب تكريس مبدأ التضامن الدولي في إطار ترسيخ فكرة الجماعات الدولية حتى لا يفسح المجال للتهرب من تعاون الدول في تعقب واعتقال وتسليم مرتكبي الجرائم الدولية مع ضرورة حث الدول على إصلاح أنظمتها القضائية الجنائية وجعلها ملائمة لاحترام حقوق الإنسان وتوفير عدالة جنائية بمقاييس عالمية.
          
خاتمـــــــــــــــــــة :

وفي الختام نشيد بما وصل إليه التعاون الجنائي الدولي في مختلف المجالات المذكورة، لكنه من اللازم تبني تصور جديد لهذا التعاون يتماشى مع ما وصل إليه الإجرام من تطور وخطوة على المجتمع الدولي مثل جرائم الإرهاب، جرائم تبييض الأموال، جرائم  المعلوميات (السيبيرية) ..., ولن يتبلور هذا التصور إلا بتحيين الاتفاقيات الدولية سواء الجماعية أو الثانوية وإضافة الصفة الإلزامية عليها كل هذا رهين بالإرادة السياسية الأخلاقية للمجتمع الدولي.
 
 
        ¨لائحة المراجع:

         الكـــــــتـــــب:

  1. أبو المعاطي أبو الفتوح، شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1984.
  2. بسيوني محمد شريف ، المحكمة الجنائية الدولية، دار الشروق، الطبعة الأولى، 2004.
  3. بيومي حجازي عبد الفتاح قواعد أساسية في نظام محكمة الجزاء الدولية، دار الفكر الجامعي الإسكندرية، الطبعة الأولى 2006.
  4.    سيمان عبد المنعم، أصول الإجراءات الجنائية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت بدون سنة الطبع.
  5. الصاوي محمد منصور ، أحكام القانون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الدولية للمخدرات، دار المطبوعات الجامعية بدون سنة الطبع.
  6. صدقي عبد الرحيم ، القانون الدولي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1996.
  7. الصقلي علي: مدخل لدراسة القانون، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 1996.
  8. عبد المنعم سليمان ، دروس في القانون الجنائي الدولي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية 2000.
  9. الفاضل محمد ، التعاون الدولي في مكافحة الإجرام، مديرية الكتب و المطبوعات الجامعية، دمشق، 1991-1992.
  10. قهوجي علي عبد القادر ، القانون الدولي الجنائي، بدون دار النشر، طبعة 2002.
  11. محمد العاقل إلهام ، مبدأ عدم تسليم المجرمين في الجرائم السياسية، مركز دراسات العالم الإسلامي، 1993.
  12. محمد عبد النبوي، المحكمة الجنائية الدولية، منشورات جمعية المعلومات القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والأبحاث عدد 3 سنة 2007.
  13. Hafid ALOUI boulkhrissi, la coopération pénale internationale par voie d’extraditions au Maroc. Bibliothèque universitaire les éditions Toubkal .
  14. Stanstaw Plawski, Etude des principes fondamentaux du droit international pénal, librairie centrale de droit et du jurisprudence paris .
  15. Yeves chauvy.l’extradition, presse universitaire du France, paris, .
المقالات
  • بوزلافة محمد ، الاختصاص الجنائي العالمي أداة فعالة للتعاون الجنائي الدولي، المجلة المغربية للدراسات الدولية، العدد الثامن يناير 2002.
  • العلوي جعفر ، إشكالية مؤسسة تسليم المجرمين، كوسيلة لتحقيق تعاون جنائي دولي، المجلة المغربية للدراسات الدولية، العدد الثامن يناير 2002.
  • العلوي جعفر ، تطور مؤسسة تسليم المجرمين، مجلة القانون والاقتصاد العدد الثاني لسنة 1986.
المواقع الإلكتروونية:  Wibiographie  
  • مصطفى عبد القادر : تطور آليات التعاون القضائي الدولي في المواد الجنائية في مجال القبض على المجرمين الهاربين وإعادتهم على ضوء الآليات الحديثة لمكافحة الجريمة www.arablaws.com
  •  وزارة العدل www.justice.gov.com.
  • المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان بسوريا www.norh.s.org
التقارير:
مقررات المؤتمر التاسع للقانون الجزائي في موضوع الآثار الدولية للأحكام الجزائية «يوليوز- غشت» سنة 1964 المنعقد بلاهاي.
 
 
 الهوامش
 

- عبد الرحيم صدقي. لقانون الجنائي الدولي- مكتبة النهضة المصرية- القاهرة 1996، ص 9. [1]
- تعريف اتحاد البنولوكس، اتحاد اقتصادي تأسس عام 1944 بين ثلاث دول في أوروبا الغربية، وهم بلجيكا، هولندا، لوكسمبرغ.[2]
-انظر الملحق (جرد الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب من 1957 إلى 2002)[3]
- سليمان عبد المنعم، دروس في القانون الجنائي الدولي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية 2000، ص80.[4]
[5] - انتقد هذا الاتجاه الحل التقليدي لتنازع القوانين من قبل الأستاذ ترافرس على أساس أنه ليس دائما أن تكون الدولة التي ارتكبت على إقليمها الجريمة هي أكثر الدول أضرارا أو انتهاكا لقانونها خاصة جرائم الاعتداء على أمن الدول الأجنبية أو الثقة فيها كجرائم الجاسوسية على سبيل المثال.
- مثال خطف الطائرات أو خطف الأشخاص. [6]
- كحالة الاعتداء على أمن الدولة او التجسس عليها.[7]
- مثال حالة أن يتخلى قانون مكان ارتكاب الجريمة عن اختصاصه أو حالة وقوع الجريمة على إقليم ليس به سيادة أو حكم.[8]
[9] - قد تكون العقوبة المقضى بها أو حتى المحاكمة التي تمت في الخارج لا تكفي لمواجهة الاضطراب الاجتماعي في الدولة التي شرعت في محاكمته من جديد أو على أساس أن تكون البراءة التي قضى بها عليه في الخارج قامت على عدم كفاية الأدلة التي قد تتوافر في الدولة التي ترغب في محاكمته من جديد.
[10] - مؤخذ على هذه القاعدة أن المجرم قد يتعرض للعديد من التحقيقات الجنائية في أكثر من دولة وفي احتمال إخضاعه للاعتقال الاحتياطي المتكرر.
[11] - عبد الرحيم صدقي، القانون الجنائي الدولي، مكتبة النهضة المصرية- القاهرة- ص 26.
[12] - علي الصقلي، المدخل لدراسة القانون، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1996: ص 118.
[13] - اختلف في تحديد مدى البحر الغقليمي، وحدد تشريعنا في 12 ميل بحري ابتداء من الشاطئ.
[14] - محمد الفاضل، التعاون الدولي في مكافحة الإجرام، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، دمشق، 1991-1992 ص24.
[15] - أبو المعاطي حافظ أبو الفتوح، شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام الطبيعة الثانية 1984، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص 87.
[16] - كانت جريمة القرصنة هي الجريمة العالمية المعهودة في سالف الأزمان، ثم أضيفت إليها تجارة الرقيق، ولكن هذين اللونين من الجرائم كانا يرتكبان عبر حدود الدول أو في عرض البحار، وقد ازداد عدد الجرائم التي تتطلب عالمية الاختصاص القضائي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وطالت القائمة فأصبحت تتضمن كثيرا من الفضائع التي ترتكب داخل الحدود الوطنية مثل جريمة الإبادة الجماعية، والتعذيب والفعل العنصري وغيرها من الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وقد نظرت إحدى محاكم الولايات المتحدة قضية هامة وهي قضية فبيلار تبعا التي رفعت فيها أسرة شخص من باراغوي كان من ضحايا التعذيب، ثم انتقل للإقامة في الولايات المتحدة، دعوى مدنية ضد من قام بتعذيبه بعد أن انتقل هو أيضا إلى الولايات المتحدة، وقالت المحكمة في حكمها «لقد أصبح مرتكب التعذيب مثل القرصان وتاجر الرقيق من قبله، عدوا للبشرية بأسرها »، المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان www.nohr-5.org، في سوريا. تم الولوج للموقع يوم 1/4/2008 على الساعة، 00,25.
[17] - لأنه إذا كان الجاني حاملا لجنسية الدولة التي القت  عليه القبض فإنه من الأولى تطبيق مبدأ الاختصاص الشخصي.
[18] -الجريمة الدولية: اعتداءات تقع على القيم والمصالح التي تهم الجماعة الدولية ككل، والتي قررت حمايتها بقواعد القانون الدولي، محمد منصور الصاوي، أحكام القانون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الدولية للمخدرات، دار المطبوعات الجامعية بدون سنة الطبع، ص 18.
[19] - محمد بوزلافة، الاختصاص الجنائي العالمي، المجلة المغربية للدراسات الدولية، العدد 8 يناير 2002 ص 29.
[20] - تعتبر دولة بلجيكا من الدول الأوروبية الراشدة في مجال تكريس الاختصاص العالمي في تشريعها الداخلي، لكن تجربة بلجيكا هي تجربة فريدة بالنظر للجرأة التي تميز بها القضاء البلجيكي في هذا المجال.
[21] - كانت الإنابات القضائية تعرف بإسم les commissions régatoires  حيث استخدمت منذ القدم وفي التشريعات الأوروبية القديمة نصوص نشير إلى أن السلطات كانت تلجأ في استعمالها في المناطق القريبة من الحدود بغية سماع أقوال الشهود المقيمين في أراضي الدولة الأجنبية المجاورة.
أنظر محمد الفاضل، مرجع سابق 265.
[22] - الانتقادات: من الغلو ان تفرض على رعايا دولة من الدول مثل هذا الالتزام القاضي بإجبارهم على المثول أمام محاكم الدول الأجنبية كما أن هذا الحل لا يمكن تعميمه على جميع الدول فهو يصطدم في الواقع بعقبات وصعوبات عملية شائكة. (المرجع محمد الفاضل: نفس المرجع السابق ص 260.)
[23] - وفقا لهذه القاعدة، فإن القاضي الوطني لا يطبق في المواد الجنائية سوى تشريعه الجنائي، وبالتالي متى انعقد الاختصاص الجنائي للقاضي الوطني وفقا لأحد معايير الاختصاص الأربعة «إقليمي، عيني، عالمي» فهو ملتزم بتطبيق قانونه الجنائي حتى ولو تعلق الأمر بجريمة وقعت على إقليم دولة أخرى، وبجريمة ارتكبها أجنبي أو بجريمة تمثل عدوانا على المصالح الأساسية لدولة أخرى.
[24] - أبرم المغرب عدة اتفاقيات دولية في هذا الشأن من بينها: - «أنظر الملحق».
[25] - محمد الفاضل، التعاون الدولي في مكافحة الإجرام، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية 1991-1992، ص 274. انظر أيضا:
- مقررات المؤتمر الدولي التاسع للقانون الجزائي في موضوع الآثارالدولية للأحكام الجزائية غشت سنة 1964 المنعقد بلاهاي.
[26] - سليمان عبد المنعم، دروس في القانون الجنائي الدولي، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2000 ص 114.
[27] - تسليم المجرمين ساعد في تحقيق الردع العام لدى المواطنين كما أن تسليم المجرمين له فائدة كبيرة من تنفيذ الحكم الأجنبي بالنسبة لبعض المجرمين كالقصر المحتاجين للتربة، حيث من الأجدر عود تهم  إلى بلادهم الأصلية لتحقيق التربية والتهذيب والإصلاح الأكثر نفعا وفائدة.
[28] - عبد الرحيم صدقي، القانون الجنائي الدولي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ص 59.
[29] - نظام تسليم المجرمين يختلف كل الاختلاف عما يعرف «بإبعاد الأجانب»، أي طردهم خارج إقليم الدولة والذي الجأ الدول بمقتضاه إلى طرد الأجانب  من أراضيها إذا ما قدرت أن في وجودهم ما يمس بامنها وسيادتها :
Hafid Aloui Boukhris, la coopération pénale internationale, par voie d’extradition au Maroc, Bibliothèque universitaire, les éditions toubkal, 1996, p 74.                                                                                               
- سليمان عبد المنعم، دروس في القانون الجنائي الدولي، دار الجامعة الجديدة للنشر طبعة 2000، ص 87.
[30] - عرفت مصر الفرعونية اتفاقيات ثنائية مع الدول المجاورة تنظم تسليم المجرمين القارين.
[31] - جعفر العلوي، تطور مؤسسة تسليم المجرمين، مجلة القانون و الاقتصاد العدد الثاني لسنة 1986، ص 9.
[32] - اتفاقية في ميدان تسليم المجرمين بتاريخ 97-06-30 بين المغرب و إسبانيا.
-اتفاقية التعاون القضائي المتبادل وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين 1957/10/5 بين المغرب و فرنسا.
- اتفاقية بشأن تسليم المجربين والتعاون القضائي في الميدان الجنائي بتاريخ 1959/02/29 بين المغرب و مملكة بلجيكا.
- اتفاقيات الإعلانات والإنابات وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين بتاريخ 1962-12-27 بين المغرب والمملكة الليبية المتحدة.
- اتفاقية التعاون القضائي وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين 1964-12-09 بين المغرب والجمهورية التونسية.
- اتفاقية التعاون القضائي وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين بتاريخ 1967-07-03 بين المغرب والسنغال.
- اتفاقية التعاون القضائي المتبادل وتنفيذ الأحكام القضائية وتسليم المجرمين بتاريخ 1971-02-12 بين المغرب والجمهورية الإيطالية.
- convention sur la coordination judiciaire et l’esdration entre le royaume du Maroc et la république de Mauritanie 20/09/1972.
- اتفاقية متعلقة بالتعاون القضائي في المادة الجنائية وتسليم المجرمين بتاريخ 1989-05-15 بين المغرب وجمهورية تركيا.
- اتفاقية بشان مساعدة الأشخاص المعتقلين أو المحبوسين ونقل المحكوم عليهم إلى وطنهم بتاريخ 1998-7-02 بين المغرب والجمهورية الليبية.
- اتفاقية متعلقة بنقل بالأشخاص المحكوم عليهم إلى وطنهم بتاريخ 1999-11-30 بين المغرب و المملكة الهولندية
 www.justice.gov.ma . تاريخ ولوج الموقع، 17/03/2008 على الساعة 23,15.
[33] - حسب رأي الاستاذ جعفر العلوي، نفس المرجع السابق، ص 10.
[34] - لا يوافق على طلب التسليم إذا كان الشخص مواطنا مغربيا ويعتد بهذه الصفة وقت ارتكاب الجريمة المطلوب من أجلها التسليم. 
[35] - قرار مجلس الأعلى: 30 غشت 1979 تحت رقم 22/1974 ملف التسليم رقم 388. 77
قرار رقم 1810 ملف رقم 19265 بتاريخ 5 ابريل 1965.
- جعفر العلوي تطور مؤسسة تسليم المجرمين، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الثاني لسنة 1986 ص 9. 
[36] - الجريمة السياسية هي:  تحديد الجريمة السياسية متعلق بالأجهزة ذات الصلة في الدول المطلوب إليها تسليم الأجانب المقيمين في إقليمها، وذلك نظرا لصعوبة إيجاد تعريف موحد للجريمة السياسية.  
الجريمة العسكرية تنقسم حسب الفقه إلى نوعين: جرائم عسكرية بحثة كالفرار من الجندية وعصيان الأوامر وجرائم عادية يرتكبها رجال الجيش ومن في حكمهم فتعتبره عسكرية لصفة مرتكبيها.  
[37] - حالة تطبيق وهي المتعلقة بقضية croissantانظر
-Yves Chauvy, l’extradition, presse universitaire du France, 1981 p : 61-62.
- أنظر كذلك إلهام محمد العاقل، مبدأ عدم تسليم المجرمين في الجرائم السياسية، مركز دراسات العالم الإسلامي، 1993، ص 264.
[38] - تعد بريطانيا من الدول الأوائل التي سارت على العمل بمبدأ الشرط وتبعتها بعض ذلك بعض دول الكومنوليت والولايات المتحدة.  
[39] - هذا الاتجاه تمثله فرنسا وكذا الدول الذي أخذت بالأسلوب الفرنسي.
[40] - جعفر العلوي، انتكاسة مؤسسة تسليم المجرمين كوسيلة للتعاون الجنائي الدولي، المجلة المغربية للدراساات الدولية، العدد الثامن، يناير 2002، ص 43.
[41] - العلاقات بين الدول تتم عبر الطريق الدبلوماسي، أنظر في ذلك:                 p 83 Yves Chvyy.Ipid
[42] - وفي نهاية سنة 1905 نجد سبعة من دول أمريكا الجنوبية تنشأ مثل هذه الأجهزة وتتبادل من خلالها المعلومات الخاصة باستخدام النساء والفتيات لغرض الدعارة في الخارج، استهداف للقضاء على الجريمة في أقاليمها، محمد منصور – أحكام القانون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الدولية للمخدرات –دار المطبوعات الجامعية- بدون سنة الطبع، ص 647.   
[43] - أول مؤتمر كان مؤتمر موناكو المنعقد في الفترة من 14-18 أبريل سنة 1914 بموناكو. وفي عام 1923 نجح الدكتور جوهانس شوبر مدير شرطة فيينا في عقد مؤتمر دولي لها في الفترة من 3-7 شتنبر 1923، حيث أسفر هذا المؤتمر الأخير عن مولد اللجنة الدولية للشرطة الجنائية. 
[44] - محمد منصور الصاوي- المرجع السابق، ص 651.
[45] - هاته المظاهر هي: في مجال العلاقات الدولية الخاضعة للقانون الدولي العام، تظهر الشخصية القانونية الدولية للانتربول في قيامه بإبرام الاتفاقيات الدولية (خلال سنة 1971) ابرمت اتفاقية تعاون بين الانتربول كمنظمة دولية وبين الامم المتحدة. وفي مجال علاقات القانون الداخلي للدول أعضاء الأنتربول: يترتب على تمتعها بالشخصية القانونية الدولية، تمتعها بالشخصية القانونية في النظم الداخلية لكافة الدول أعضائها، ويكون لها حق التملك، والتعاقد وتعيين ما يلزم من عمال، وكل ذلك بالقدر الكافي لتحقيق مهامها.   
[46] - مثلا تحقيق شخصية المجرمين والكشف عن شخصية الجتث المجهولة والبحث عن الأشياء المفقودة.
[47] - تضم الأمانة العامة للانتربول أربعة أقسام منها قسم التعاون الشرطي والذي يضم بدوره أقسام فرعية منها قسم التجارة غير المشروعة في المخدرات.
[48] - حيث"كان لكلمة الأمين العام السابق للامم المتحدة كوفي عنان الأثر الكبير والمغزى العميق في ضرورة إنشاء محكمة جنائية دولية، حيث قال في هذا الصدد : أدركن الأمانة منذ حوالي نصف قرن أي منذ وقت إنشاء الأمم المتحدة مدى الاحتياج لإنشاء محكمة من أجل محاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب جرائم، كجرائم الإبادة البشرية- فقد اعتقد الكثيرون أن أهداف الحرب العالمية الثانية وما أسفر عنه من معسكرات وحشية ومحارق وإبادة لن تتكرر مرة ثانية، لكن كل هذا قد تكرر في كامبوديا والبوسنة والهرسك ورواندا، في وقتنا هذا أظهر هذا العقد أن قدرة الإنسان على فعل الشر ليس لها حدو، لقد أصبحت الإبادة البشرية كلمة الوقت الذي نعيش فيه، فتلك الحقيقة الثانية تتطلب الشجاعة التاريخية "، محمود شريف بسيوني المحكمة الجنائية الدولية، دار الشروق، الطبعة الأولى، 2004، ص 6.
[49] - وبمطالعة نظام روما الأساسي في شأن هذه المحكمة يتبين لنا أنها تختص في الوقت الحالي بثلاث جرائم دولية غاية الخطورة حسب المواد 6-6-7-8 ألا وهي جرائم الإبادة الجماعية ضد الإنسانية وجرائم الحرب الحرب، أما جريمة العدوان التي نص عليها نظام روما الأساسي والشيء التي لم يتم تعريفها عبد الفتاح بيومي حجازي قواعد أساسية في نظام محكمة الجزاء الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الاولى 2006، ص 8.
[50] - هذا فضلا على أن وجود مثلا هذه المحكمة الدولية لن يكون اختناقا على السيادة الوطنية للدول لان فكرة التنظيم الدولي ووجود منظمات دولية تعمل لمصلحة المجتمع الدولي، حدث من طغيان فكرى السيادة وظيفة دولية. ولم تعد جدارا سميكا تعمل عى تكرير انفصال الدولة عن المجتمع الدولي والانكفاء على الذات.
[51] - والقول بغير ذلك يجعل من القانون الوطني حائلا دون تطبيق أحكام القانون الدولي الجنائي، وهذا يتعارض تعارضا تاما مع مبدأ سمو وسيادة القانون الدولي على القانون الوطني.
[52] - هذا ما يحقق فكرة العدالة لأحكام القانون الدولي، بدلا من ترك انتهاكات هذا القانون بلا عقاب، أو بدلا من ترك أمر البث فيها إلى المحاكم الوطنية التي يعنيها الأمر، أو بدلا من تأسيس محاكم دولية مؤقتة يمكن ان تكون مثار للنقد والاتهام. 
[53] - هذا ما حدث فعلا عقب الحرب العالمية الثانية، عندما قدم الحلفاء بإنشاء محكمتي نورمبرج وطوكيو لمحاكمة مجرمي دول المحور. الأمر الذي آثار شكوك البعض في مدى مشروعية هذه المحاكمات، ولم يعترفوا بها على أنها ذات صفة دولية. وإنما نظروا إليها باعتبار أنها مشكلة من قبل الدول المنتصرة لمحاكمة المنتمين لدول المهزومة. 
[54] - علي عبد القادر القهوجي القانون الدولي الجنائي، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، 2001، ص 331.
[55] - في هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن اللجنة التحضيرية أشارت إلى اعتبار اختصاص المحكمة الجنائية الدولية اختصاصا استثنائيا، إذ أنه بحكم الموارد المحدودة التي تمثلها المحكمة يكون من الأفضل أن تتجنب تلك المحكمة قبول القضايا التي يمكن أن تتعامل معها المحاكم المحلية بسهولة.
-Stanstaw Plawski, étude des principes fondamentaux du droit international pénal, librairie centrale de droit et du jurisprudence, paris 1972. p : 82.
[56] - عبد القادر قهوجي، نفس المرجع، ص 332.
[57] - عبد الرحيم صدقي، نفس المرجع، ص: 93. وكذلك محمد عبد النبوي، المحكمة الجنائية الدولية، منشورات جمعية المعلومات القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والأبحاث عدد 3، سنة 2007، ص 101.
[58] - وذلك راجع إلى عدم تعريفها محددا
                                              . Michel Galanger, droit international humanitaire,gualinoediteur 2002, p102
[59] -صادق على نظامها الأساسي 106 دولة ولا زالت 44 دولة لم تصادق عليه. 



الاربعاء 11 سبتمبر 2013

عناوين أخرى
< >

تعليق جديد
Twitter