عمدت وزارة التشغيل والتكوين المهني على إعداد مشروع قانون يتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، واقتنعت بأنه من الضروري تحسين وإعادة النظر في جميع أحكام النظام الحالي بهدف ملاءمتها مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب وكذا مع الأحكام التشريعية والتنظيمية الأخرى المرتبطة بهذا النظام، وخصوصا قانون المسطرة المدنية ومدونة التأمينات ومدونة الشغل ومدونة الأسرة، كما جاء في مذكرة تقديم هذا المشروع المعد من طرف وزارة التشغيل والتكوين المهني.
وقد تضمن هذا المشروع 197 مادة، عوض 361 فصل في القانون الحالي وتم توزيع هذه المواد إلى تسعة أقسام.
ومن خلال هذه الملاحظات سوف نحاول الوقوف على ابرز ما جاء به هذا المشروع كالتالي:
الملاحظة الأولى: التصريح بحوادث الشغل
أبرز ما جاء به هذا المشروع هو أنه أعاد النظر في طريقة التصريح بحوادث الشغل الجاري بها العمل في ظل هذا القانون، والتي أثارت مجموعة من ردود الفعل نظرا لعدم نجاعتها وأيضا لكونها أعطت فرصة للسماسرة ووسطاء السوء للإتجار بقضايا حوادث الشغل، وقد ندد مجموعة من المحامون بهذا الأمر، بل إن الأمر استدعى في بعض الأحيان فتح تحقيق من طرف النقيب والمجلس مع بعض المكاتب حول كيفية الحصول على ملفات بكم هائل تتعلق بحوادث الشغل.
وعليه فان هذا المشروع يكون قد وضع قطيعة مع ماينص عليه الفصل 16 من ظهير 1963 الذي ينص على مايلي:
" يقدم التصريح المنصوص عليه في الفصلين 14و15 أعلاه إلى السلطة البلدية أو السلطة المحلية أو عند عدمها إلى رئيس الدرك وإلا فإلي رئيس مركز الشرطة بالمكان الذي وقعت فيه الحادثة الذي يحرر بذلك محضرا ويسلم عنه في الحال وصلا "
ليقتصر الأمر في ظل هذا المشروع ومن خلال المادة 15 أن يصرح المشغل أو أحد مأموريه للمقاومة المؤمنة بكل حادثة أخبر بها أو علم بها، ولو استمر المصاب بالحادثة في العمل خلال الخمسة أيام الموالية لتاريخ وقوعها على أبعد تقدير، ويتعين عليه أيضا إخبار المندوب الإقليمي للشغل بكل حادثة شغل وقعت في دائرة اختصاصه الترابي خلال اجل خمسة أيام وموافاته عند الاقتضاء بنسخة من التصريح بالحادثة داخل اجل خمسة أيام الموالية لتاريخ إيداعه لدى المقاولة المؤمنة كما نصت على ذلك المادة 17 من المشروع.
الملاحظة الثانية: مسطرة الصلح
رغم أن المشروع قد أعاد النظر في مسطرة التصريح بحوادث الشغل، فإنه لم يمكن المصاب بحادثة الشغل أو ذوي حقوقه من اللجوء مباشرة إلى القضاء، بل أو جب عليه تتبع مسطرة الصلح وذلك بان نصت المادة 132 من المشروع مايلي:
" يجب على المصاب بحادثة الشغل أو ذوي حقوقه تتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل، وذلك قبل القيام بالإجراءات القضائية طبقا لأحكام هذا القانون وأحكام الظهيرالشريف بمثابة قانون رقم 447-74-1 الصادر في 11 من رمضان 1394/28 سمتنبر 1974 بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية ، كما تم تغييره وتتميمه.
ويمكن للمصاب أو ذوي حقوقه أن يوكلوا عنهم محام واحد أو أكثر طبقا لأحكام القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة للإشراف وتتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل".
والملاحظ إذن انه يجب على الضحية أو ذوي حقوقه قبل اللجوء إلى القضاء اللجوء إلى مسطرة الصلح، وذلك حسب الإجراءات المنصوص عليها في المشروع من 133 إلى 138 وذلك بان يلجأ الضحية أو ذوي حقوقه للمقاولة المؤمنة للمشغل قصد إبرام اتفاق من أجل الحصول على المصاريف والتعويضات كما هي منصوص عليها في هذا المشروع.
وبعد إيداع شهادة الشفاء أو شهادة الوفاة لدى المقاولة المؤمنة، وجب عليها أن تقدم عروض المصاريف والتعويضات داخل اجل أقصاه ثلاثون يوما، وذلك عن طريق رسالة مضمونة التوصل، ويتعين على المصاب أو ذوي حقوقه إخبار المقاولة المؤمنة داخل اجل ثلاثين يوما الموالية لتاريخ توصلهم بعروضها بالقبول أو الرفض، ويعتبر عدم جوابهم داخل هذا الأجل بمثابة رفض ضمني للعروض.
وفي حال حصول اتفاق يثبت ذلك بين الطرفين في محضر يسمى محضر الصلح، يحدد نموذجه بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل، ويعتبر هذا الاتفاق نهائيا وغير قابل لأي طعن أمام المحكمة ما عدا إذا كانت المصاريف والتعويضات الممنوحة للمصاب أو ذوي حقوقه أو مبلغها يقل عن تلك المضمونة في هذا المشروع.
وفي حالة الرفض وعدم الاتفاق يتم اللجوء إلى المحكمة الابتدائية المختصة بواسطة مقال افتتاحي للدعوى قصد المطالبة بالمصاريف والتعويضات.
وقد خول هذا المشروع في الفقرة الأخيرة من المادة 132 إمكانية استعانة المصاب أو ذوي حقوقه ب محام واحد أو أكثر يوكلوه عنهم لتتبع مسطرة الصلح.
وفي حقيقة الأمر كان يجب على واضعي المشروع أن ينصوا على الزامية الاستعانة بمحامي خلال مسطرة الصلح، ولو أنها مسطرة غير قضائية أو أنها سابقة للجوء إلى القضاء، وفي ذلك ضمان لحقوق المصاب أو ذوي حقوقه، لأن من شان انفراد شركة التأمين بالضحية أو ذوي حقوقه أن يضيع مصالح هؤلاء، بكل بساطة لأنهم يجهلون طرق وكيفية احتساب والتعويض، وأي عرض من طرف شركة التامين سيقبل به المصاب أو ذوي حقوقه إذا كانوا في أمس الحاجة له خصوصا في حالة مرورهم بأزمة مالية، أو لتواجد أي مناسبة من المناسبات التي تستدعي التوفر على أموال.
ونحن نلاحظ في كثير من الأحيان خلال الملفات المعروضة على القضاء أن العروض التي تقدم من طرف شركة التأمين تبقى مختلفة تماما وتقل عن التعويضات المستحقة قانون والتي تحكم بها المحكمة.
ونحن نقولها وبكل صراحة أن مسطرة الصلح هذه وبهذه الكيفية فيها انتصار وتحيز كبير لفائدة شركات التامين على حساب مصالح المواطن، ولن تشفع الفقرة الأخيرة من المادة 133 من هذا المشروع في قول غير ذلك، لأن المصاب أو ذوي حقوقه يجهلون أصلا كيفية احتساب المصاريف والتعويضات حتى يمكن أن يتقدموا بالطعن في محضر الصلح إذا كانت التعويضات تقل عن تلك المضمونة قانونا.
ولو كان الأمر للوهلة الأولى أمام القضاء ومباشرة، لما قلنا ذلك، لأن القضاء ملزم بتطبيق القانون خصوصا وان قواعد هذا القانون من النظام العام، أي أن المحكمة ملزمة باحتساب التعويضات المنصوص عليها قانونا ولو لم يطلبه الأطراف بكيفية صحيحة، أما أن نترك المواطن وجها لوجه مع شركة التامين ففي ذلك حيف كبير ومساس خطير بمصالح هذا المواطن، خصوصا وان مسطرة الصلح إلزامية وليست اختيارية.
وعليه يا إما أن تكون مسطرة الصلح اختيارية، أوان يتم الاحتفاظ بها مع ضرورة الاستعانة بمحام لكونه سيسهر على حماية مصالح موكله طبقا للقانون.
وتبقى ملاحظة أخيرة أن حالة وحيدة التي يمكن للمصاب أو ذوي حقوقه اللجوء فيها للقضاء مباشرة دون سلوك مسطرة الصلح، وهي تلك المنصوص عليها في المادة 18 من هذا المشروع وذلك بان يكون المشغل غير خاضع لإجبارية التامين أو لعدم إبرامه لعقد التامين، ويمكن للطرفين أمام القضاء أن يبرموا صلحا قضائيا أمام المحكمة الابتدائية كما نصت على ذلك المادة 140 من هذا المشروع.
الملاحظة الثالثة: الاختصاص والحفظ المؤقت.
أعطت المادة 141 من هذا المشروع الاختصاص في جميع النزاعات المترتبة عن تطبيق أحكام هذا القانون والنصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقه للمحكمة الابتدائية، وبذلك يكون هذا المشروع قد جاء منسجما مع التنظيم القضائي للمحكمة، وأيضا مع قانون المسطرة المدنية ،وذلك بان حدف جميع الأحكام المتواجدة في القانون الحالي ومنها مسطرة البحث والصلح القضائي وقاضي الصلح والمحاكم العصرية.
كما انه بمقتضى المادة 142 أعطى للمحكمة المختصة حالة وحيدة لتأمر بالحفظ المؤقت للقضية المرفوعة إليها، وهي أن يتغيب المصاب أو ذوي حقوقه عن حضور الجلسة الأولى الخاصة بالبت في المنازعات القائمة بين المقاولة المؤسسة للمشغل والمصاب أو ذوي حقوقه أو بدعوى المراجعة وذلك بعد التوصل الصحيح بالاستدعاء إليها.
وبالتالي فان المحاكم وجب عليها التقييد بهذا المقتضى خصوصا وأنها حاليا وفي ظل هذا القانون تأمر بالحفظ المؤقت لمجموعة من الأسباب كعدم توصل المؤمنة أو عدم إنجاز الخبرة أو عدم توصل الضحية، مما تطرح معه عدة مشاكل بخصوص العمل على إخراج الملفات من الحفظ، والإجراءات المعقدة وما يتطلبه الأمر من تتبع هذه الإجراءات مما يؤثر سلبا على السير العادي للقضية، ويجعلها تأخذ وقتا طويلا قبل البت فيها، وهو ما يؤثر لا محالة على مصالح المتقاضي.
فبالتنصيص صراحة على الحالات التي تأمر فيها المحكمة بالحفظ دون سواه سيعالج هذا الإشكال.
كانت هذه إذن بعض الملاحظات التي أثارتني في انتظار إغناء النقاش والتوسع أكثر في مضامين هذا المشروع.
وقد تضمن هذا المشروع 197 مادة، عوض 361 فصل في القانون الحالي وتم توزيع هذه المواد إلى تسعة أقسام.
ومن خلال هذه الملاحظات سوف نحاول الوقوف على ابرز ما جاء به هذا المشروع كالتالي:
الملاحظة الأولى: التصريح بحوادث الشغل
أبرز ما جاء به هذا المشروع هو أنه أعاد النظر في طريقة التصريح بحوادث الشغل الجاري بها العمل في ظل هذا القانون، والتي أثارت مجموعة من ردود الفعل نظرا لعدم نجاعتها وأيضا لكونها أعطت فرصة للسماسرة ووسطاء السوء للإتجار بقضايا حوادث الشغل، وقد ندد مجموعة من المحامون بهذا الأمر، بل إن الأمر استدعى في بعض الأحيان فتح تحقيق من طرف النقيب والمجلس مع بعض المكاتب حول كيفية الحصول على ملفات بكم هائل تتعلق بحوادث الشغل.
وعليه فان هذا المشروع يكون قد وضع قطيعة مع ماينص عليه الفصل 16 من ظهير 1963 الذي ينص على مايلي:
" يقدم التصريح المنصوص عليه في الفصلين 14و15 أعلاه إلى السلطة البلدية أو السلطة المحلية أو عند عدمها إلى رئيس الدرك وإلا فإلي رئيس مركز الشرطة بالمكان الذي وقعت فيه الحادثة الذي يحرر بذلك محضرا ويسلم عنه في الحال وصلا "
ليقتصر الأمر في ظل هذا المشروع ومن خلال المادة 15 أن يصرح المشغل أو أحد مأموريه للمقاومة المؤمنة بكل حادثة أخبر بها أو علم بها، ولو استمر المصاب بالحادثة في العمل خلال الخمسة أيام الموالية لتاريخ وقوعها على أبعد تقدير، ويتعين عليه أيضا إخبار المندوب الإقليمي للشغل بكل حادثة شغل وقعت في دائرة اختصاصه الترابي خلال اجل خمسة أيام وموافاته عند الاقتضاء بنسخة من التصريح بالحادثة داخل اجل خمسة أيام الموالية لتاريخ إيداعه لدى المقاولة المؤمنة كما نصت على ذلك المادة 17 من المشروع.
الملاحظة الثانية: مسطرة الصلح
رغم أن المشروع قد أعاد النظر في مسطرة التصريح بحوادث الشغل، فإنه لم يمكن المصاب بحادثة الشغل أو ذوي حقوقه من اللجوء مباشرة إلى القضاء، بل أو جب عليه تتبع مسطرة الصلح وذلك بان نصت المادة 132 من المشروع مايلي:
" يجب على المصاب بحادثة الشغل أو ذوي حقوقه تتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل، وذلك قبل القيام بالإجراءات القضائية طبقا لأحكام هذا القانون وأحكام الظهيرالشريف بمثابة قانون رقم 447-74-1 الصادر في 11 من رمضان 1394/28 سمتنبر 1974 بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية ، كما تم تغييره وتتميمه.
ويمكن للمصاب أو ذوي حقوقه أن يوكلوا عنهم محام واحد أو أكثر طبقا لأحكام القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة للإشراف وتتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل".
والملاحظ إذن انه يجب على الضحية أو ذوي حقوقه قبل اللجوء إلى القضاء اللجوء إلى مسطرة الصلح، وذلك حسب الإجراءات المنصوص عليها في المشروع من 133 إلى 138 وذلك بان يلجأ الضحية أو ذوي حقوقه للمقاولة المؤمنة للمشغل قصد إبرام اتفاق من أجل الحصول على المصاريف والتعويضات كما هي منصوص عليها في هذا المشروع.
وبعد إيداع شهادة الشفاء أو شهادة الوفاة لدى المقاولة المؤمنة، وجب عليها أن تقدم عروض المصاريف والتعويضات داخل اجل أقصاه ثلاثون يوما، وذلك عن طريق رسالة مضمونة التوصل، ويتعين على المصاب أو ذوي حقوقه إخبار المقاولة المؤمنة داخل اجل ثلاثين يوما الموالية لتاريخ توصلهم بعروضها بالقبول أو الرفض، ويعتبر عدم جوابهم داخل هذا الأجل بمثابة رفض ضمني للعروض.
وفي حال حصول اتفاق يثبت ذلك بين الطرفين في محضر يسمى محضر الصلح، يحدد نموذجه بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل، ويعتبر هذا الاتفاق نهائيا وغير قابل لأي طعن أمام المحكمة ما عدا إذا كانت المصاريف والتعويضات الممنوحة للمصاب أو ذوي حقوقه أو مبلغها يقل عن تلك المضمونة في هذا المشروع.
وفي حالة الرفض وعدم الاتفاق يتم اللجوء إلى المحكمة الابتدائية المختصة بواسطة مقال افتتاحي للدعوى قصد المطالبة بالمصاريف والتعويضات.
وقد خول هذا المشروع في الفقرة الأخيرة من المادة 132 إمكانية استعانة المصاب أو ذوي حقوقه ب محام واحد أو أكثر يوكلوه عنهم لتتبع مسطرة الصلح.
وفي حقيقة الأمر كان يجب على واضعي المشروع أن ينصوا على الزامية الاستعانة بمحامي خلال مسطرة الصلح، ولو أنها مسطرة غير قضائية أو أنها سابقة للجوء إلى القضاء، وفي ذلك ضمان لحقوق المصاب أو ذوي حقوقه، لأن من شان انفراد شركة التأمين بالضحية أو ذوي حقوقه أن يضيع مصالح هؤلاء، بكل بساطة لأنهم يجهلون طرق وكيفية احتساب والتعويض، وأي عرض من طرف شركة التامين سيقبل به المصاب أو ذوي حقوقه إذا كانوا في أمس الحاجة له خصوصا في حالة مرورهم بأزمة مالية، أو لتواجد أي مناسبة من المناسبات التي تستدعي التوفر على أموال.
ونحن نلاحظ في كثير من الأحيان خلال الملفات المعروضة على القضاء أن العروض التي تقدم من طرف شركة التأمين تبقى مختلفة تماما وتقل عن التعويضات المستحقة قانون والتي تحكم بها المحكمة.
ونحن نقولها وبكل صراحة أن مسطرة الصلح هذه وبهذه الكيفية فيها انتصار وتحيز كبير لفائدة شركات التامين على حساب مصالح المواطن، ولن تشفع الفقرة الأخيرة من المادة 133 من هذا المشروع في قول غير ذلك، لأن المصاب أو ذوي حقوقه يجهلون أصلا كيفية احتساب المصاريف والتعويضات حتى يمكن أن يتقدموا بالطعن في محضر الصلح إذا كانت التعويضات تقل عن تلك المضمونة قانونا.
ولو كان الأمر للوهلة الأولى أمام القضاء ومباشرة، لما قلنا ذلك، لأن القضاء ملزم بتطبيق القانون خصوصا وان قواعد هذا القانون من النظام العام، أي أن المحكمة ملزمة باحتساب التعويضات المنصوص عليها قانونا ولو لم يطلبه الأطراف بكيفية صحيحة، أما أن نترك المواطن وجها لوجه مع شركة التامين ففي ذلك حيف كبير ومساس خطير بمصالح هذا المواطن، خصوصا وان مسطرة الصلح إلزامية وليست اختيارية.
وعليه يا إما أن تكون مسطرة الصلح اختيارية، أوان يتم الاحتفاظ بها مع ضرورة الاستعانة بمحام لكونه سيسهر على حماية مصالح موكله طبقا للقانون.
وتبقى ملاحظة أخيرة أن حالة وحيدة التي يمكن للمصاب أو ذوي حقوقه اللجوء فيها للقضاء مباشرة دون سلوك مسطرة الصلح، وهي تلك المنصوص عليها في المادة 18 من هذا المشروع وذلك بان يكون المشغل غير خاضع لإجبارية التامين أو لعدم إبرامه لعقد التامين، ويمكن للطرفين أمام القضاء أن يبرموا صلحا قضائيا أمام المحكمة الابتدائية كما نصت على ذلك المادة 140 من هذا المشروع.
الملاحظة الثالثة: الاختصاص والحفظ المؤقت.
أعطت المادة 141 من هذا المشروع الاختصاص في جميع النزاعات المترتبة عن تطبيق أحكام هذا القانون والنصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقه للمحكمة الابتدائية، وبذلك يكون هذا المشروع قد جاء منسجما مع التنظيم القضائي للمحكمة، وأيضا مع قانون المسطرة المدنية ،وذلك بان حدف جميع الأحكام المتواجدة في القانون الحالي ومنها مسطرة البحث والصلح القضائي وقاضي الصلح والمحاكم العصرية.
كما انه بمقتضى المادة 142 أعطى للمحكمة المختصة حالة وحيدة لتأمر بالحفظ المؤقت للقضية المرفوعة إليها، وهي أن يتغيب المصاب أو ذوي حقوقه عن حضور الجلسة الأولى الخاصة بالبت في المنازعات القائمة بين المقاولة المؤسسة للمشغل والمصاب أو ذوي حقوقه أو بدعوى المراجعة وذلك بعد التوصل الصحيح بالاستدعاء إليها.
وبالتالي فان المحاكم وجب عليها التقييد بهذا المقتضى خصوصا وأنها حاليا وفي ظل هذا القانون تأمر بالحفظ المؤقت لمجموعة من الأسباب كعدم توصل المؤمنة أو عدم إنجاز الخبرة أو عدم توصل الضحية، مما تطرح معه عدة مشاكل بخصوص العمل على إخراج الملفات من الحفظ، والإجراءات المعقدة وما يتطلبه الأمر من تتبع هذه الإجراءات مما يؤثر سلبا على السير العادي للقضية، ويجعلها تأخذ وقتا طويلا قبل البت فيها، وهو ما يؤثر لا محالة على مصالح المتقاضي.
فبالتنصيص صراحة على الحالات التي تأمر فيها المحكمة بالحفظ دون سواه سيعالج هذا الإشكال.
كانت هذه إذن بعض الملاحظات التي أثارتني في انتظار إغناء النقاش والتوسع أكثر في مضامين هذا المشروع.