صادق مجلس النواب يوم الثلاثاء 8 مايو 2012 على مشروع القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بتطبيق أحكام الفصلين 49 و92 من الدستور، والمتعلق بالتعيين في المناصب العليا وذلك بمائة وواحد وثلاثون صوتا لصالح المشروع مقابل ثمانية واربعون صوتا ضده فيما بلغ عدد الممتنعين سبعة.
ويعد هذا القانون هو اول قانون تنظيمي تعرضه الحكومة الجديدة على المؤسسة التشريعية، ويتعلق هذا القانون بتحديد لائحة بعدد المناصب العليا في المؤسسات العمومية والمقاولات الإستراتيجية التي يتم تعيين مسؤوليها من قبل الملك بعد المداولة في اجتماع مجلس الوزراء بناء على اقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، الذي يمارس وصاية على هذه المؤسسات والمقاولات، اضافة الى المؤسسات والمقولات التي سيتم التداول في شانها في المجلس الحكومي.
ولقد اعتبر هذا القانون انعكاس للتصور الجديد للعمل الحكومي الذي اصبح بموجب الدستور الحالي اكثر فاعلية بحكم الاختصاصات المخولة الى رئيس الحكومة، وفي هذا الاطار فقد تم تقليص اختصاصات الملك في مجال التعيين في المناصب العليا ، وانحصرت بموجب القانون التنظيمي 12-02 في 39 منصبا، وصفت بأنها «استراتيجية»، في الوقت الذي اصبح بإمكان مجلس الحكومة ان يتداول في اكثر من 1181 وظيفة، وذلك خلافا لدستور 1996 الذي لم يكن يسمح للحكومة بالتداول إلا في 17 وظيفة عليا .
وحسب القانون التنظيمي المشار اليه اعلاه فان الوظائف التي يتم التعيين فيها من قبل مجلس الحكومة تشمل 51 مؤسسة حكومية بالإضافة الى 17 منصبا ساميا ، في حين ان لائحة المؤسسات والمقاولات الحكومية التي يعود فيها قرار التعيين إلى الملك فتتوزع ما بين 20 مؤسسة حكومية استراتيجية و19 مقاولة حكومية استراتيجية ، في حين أن باقي المؤسسات التي لم يشر إليها القانون توكل صلاحيات التعيين فيها إلى إداراتها الداخلية.
وبمناسبة مصادقة مجلس النواب على هذا القانون فاننا نرى لزاما تسليط الضوء على اهم مقتضياته ثم اعطاء ملاحظات اولية بخصوصه
1- اهم مقتضيات القانون التنظيمي 12-02
لقد اعتبر القانون التنظيمي رقم 12-02 ان المناصب العليا هي مناصب المسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من الفصل 49 من الدستور٬ والوظائف المدنية في الإدارات العمومية والوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية التي يتداول مجلس الحكومة بخصوص التعيين فيها طبقا لأحكام الفصل 92 منه ، ولتنظيم هذه المناصب فقد وضع القانون التنظيمي، ست مواد تتعلق بمبادئ ومعايير التعيين فيها واقتراح المترشحات والمترشحين لشغل هذه الوظائف، فضلا عن ملحقين يتضمنان لائحة بالمؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية ولائحة بتتميم الوظائف التي يتم التداول بشأنها في مجلس الحكومة.
أ: مبادئ ومعايير التعيين في المناصب العليا
تتمثل مبادئ وشروط التعيين في الوظائف العليا حسب القانون التنظيمي في :
- تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والمساواة في وجه جميع المرشحات والمرشحين
- عدم التمييز بجميع اشكاله في اختيار المرشحات والمرشحين للوظائف بما فيها التمييز بسبب الانتماء السياسي او النقابي او بسبب اللغة او الدين او الجنس او الاعاقة او اي سبب اخر يتعارض مع مبادئ حقوق الانسان وأحكام الدستور
- المناصفة بين النساء والرجال باعتبارها مبدأ تسعى الدولة الى تحقيقه طبقا لاحكام الفقرة الثانية من الفصل 19 من الدستور مع مراعاة المبادئ والمعايير المنصوص عليها
ب: معايير التعيين في المناصب العليا
حسب القانون التنظيمي فان المرشحات والمرشحين لشغل وظيفة من الوظائف السامية ينبغي ان يكونوا متمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية، وعلى مستوى عال من التعليم وعلى الكفاءة اللازمة لشغل الوظيفة المذكورة، كما يجب عليهم ان يتوفروا على تجربة مهنية بادارات الدولة او الجماعات المحلية او المؤسسات او المقاولات العمومية او في القطاع الخاص داخل الوطن وخارجه.
ج– المعايير المعتمدة في تصنيف المؤسسات والمقاولات
لقد تم توزيع المؤسسات والمقاولات المشمولة بالقانون التنظيمي رقم 02.12 الى ثلاثة مجموعات وذلك بالنظر الى حسب السلطة المكلفة بالتعيين، الا انه يمكن تصنيفها اساسا الى مجموعتين ، الاولى ذات طابع استراتيجي، وهي التي تبقى من اختصاص الملك، والثانية يمكن وصفها بالمؤسسات والمقولات الغير الاستراتيجية او العادية وهي التي يتداول في شانها مجلس الحكومة او تبقى من اختصاص الادارة المعنية
وتشمل المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية المؤسسات التي تهم المجالات الاقتصادية والبنيات التحتية والتي لها دور حيوي في مجال الخدمات وطنيا ودوليا والتي تساهم بشكل استراتيجي في ميزانية الدولة، ولها اختصاصات مهمة لدورها في الانخراط في الأوراش الكبرى، كما لها دور كبير في المجالات الثقافية والاجتماعية والإعلامية.
2- ملاحظات اولية حول القانون التنظيمي 12-02
بداية لا بد من الاشارة الى ان مصادقة البرلمان على هذا القانون يعتبر تحولا هاما في المرحلة الراهنة ، اذ انه انعكاس لتقليص صلاحيات الملك في هذا الاتجاه ويشكل لبنة أولية في مسلسل بناء أسس الحكامة الجيدة. .
واذا كنا نثمن هذا التحول وتقليص عدد المؤسسات والمقاولات التي يتم فيها التعيين من قبل الملك والتي عادة ما توصف بالمؤسسات الاستراتيجية فان ما يمكن اثارته بخصوص هذا القانون هو ما يلي:
أ: عدم دقة ا لمعايير المعتمدة في التصنيف
فبالرجوع الى القانون التنظيمي رقم 12-02 نجد انه يميز بين المؤسسات الاستراتيجية التي يبقى فيها التعيين من اختصاص الملك وحده ـ والتي تم تضمينها في الملحق الاول ، الخاص بالمناصب العليا التي يتم التداول بشأنها في المجلس الوزاري، وتلك التي لا تعتبر استراتيجية ويتم التدول فيها خارج المجلس الوزاري، لكن ما يلاحظ هو ان هذا القانون لم يحدد المعايير التي تم اعتمادها للتمييز بين النوعين، الشيء الذي فرض نقاشا بين الاغلبية والمعارضة اثناء عرض المشروع على مجلس النواب حول الاسس المعتمدة في تصنيف المؤسسات والمقاولات بين ما هو استراتيجي وغير استراتيجي ، ولحسم هذا النقاش اعتبرالسيد وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ان التمييز بين اللائحتين يعود الى الطبيعة الإستراتيجية لأنشطة بعض المؤسسات والمقاولات والأدوار المحورية التي تضطلع بها في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والأوراش الكبرى المهيكلة التي تتولى إنجازها،وهو ما يجعلها تتصف بالصبغة الاستراتيجية وبالتالي يكون الاختصاص في التعيين فيها من اختصاص الملك وحده.
وعلى فرض التسليم بهذه المعايير التي حددها السيد الوزير ، فان بعض المؤسسات التي اعتبرت "استرتيجية" لا تنطبق عليها المواصفات التي تجعلها تندرج في هذا الاطار، وكمثال على ذلك نجد مثلا وكالة الأنباء المغربية، والقنوات التلفزيونية الرسمية الثلاث، وشركات أخرى تهم مجالات السياحة والنقل والثقافة، ومؤسسة التكوين المهني والمؤسسة الوطنية للمتاحف، ومؤسسات التقنين
بل ان بعض هذه المؤسسات لا تفتقد الصبغة الاستراتيجية فقط بل انها مؤسسات ذات طبيعة محلية ، او تهم مجالات
خاصة يمكن تدبيرها على المستوى المحلي او على المستوى القطاعي ، ويمكن ان نعطي امثلة في هذا الاطار بوكالة تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق وشركة «مارشيكا للتنمية»، وهما مؤسستان تشرف كل واحدة منهما على إنجاز مشاريع سياحية محلية في كل من مدينتي الرباط والناظور،
ومن جهة اخرى فان تمة مؤسسات تخص فئة محدودة لا يمكن باي حال من الاحوال اعتبار تدبير شؤونها من الامور الاستراتيجية كما هو الحال بالنسبة لمؤسسة المغاربة المقيمين بالخارج...
ان هذه المؤسسات والمقاولات لا ترقى في نظري الى اعتبارها مؤسسات استراتيجية ، بل انها تندرج في صميم التدبير الحكومي اليومي ، وبالتالي يبقى التعيين فيها من الانسب ان يكون من اختصاص المؤسسة الحكومية
ب : ارتفاع عدد المؤسسات "الاستراتيجية"
اذا كنا نتفق ان القانون التنظيمي موضوع الدراسة يعتبر انعكاسا لدولة المؤسسات التي اراد الدستور الحالي تكريسها ، فان المنطق كان يفترض الا يتجاوز عدد المؤسسات الاستراتيجية التي يعين فيها الملك رؤوس الاصابع، لتبقى باقي المؤسسات خاضعة لرقابة الحكومة التي تعتبر مسؤولة مسؤولية سياسية ومعنوية عن تدبير الشأن العام ، وبالتالي فلا يمكن ان تخرج 39 مؤسسة عن مجال رقابتها وتدبيرها لا سيما ان هذه المؤسسات تؤثر في الاقتصاد الوطني ولها تاثير على الاداء الحكومي
ومن جهة اخرى فان وجود هذا الكم الكبير من المؤسسات التي يتم التعيين فيها من قبل الملك لا يتماشى مع المرحلة السياسية التي يعيشها المغرب والتي تريد التكريس لمنطق ربط المسؤولية بالمحاسبة
وعلى كل الحال فان الملاحظات السالفة الذكر لا تبخس اهمية القانون التنظيمي الحالي الذي يعد ولا شك لبنة اساسية في التطور الديمقراطي، والذي يعكس تكريسا لبناء دولة المرسسات.
ملحق خاص بالمؤسسات والمقاولات الاستراتيجية :
- صندوق الايداع والتدبير
-صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
- الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية
- الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات
-وكالة المغرب العربي للانباء
-الوكالة الوطنية للموانئ
وكالة تهيئة ضفتي ابي رقراق
وكالة تهيئة موقع بحيرة مارشيكا
المكتب الوطني للسكك الحديدية
المكتب الوطني للمطارات
الوكالة المغربية لتنمية الانشطة اللوجيستيكية
المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب
المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن
الوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية
الصندوق الوطذي للضمان الاجتماعي
مكتب التكوين المهني وانعاش الشغل
مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج
المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب
المؤسسة الوطنية للمتاحف
ارشيف المغرب
الخطوط الملكية المغربية
المجمع الشريف للفوسفاط
بريد المغرب
البنك الشعبي المركزي
القرض الفلاحي
القرض العقاري والسياحي
الهيئة المالية المغربية المكلفة بمشروع القطب المالي للدار البيضاء
مجموعة تهيئة العمران
الصندوق المغربي للتنمية السياحية
الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب
شركة استغالال الموانئ
الوكالة الخاصة بطنجة المتوسط
شركة الاستثمارات الطاقية
الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري العمومي
الشركة الملكية لتشجيع الفرس
تاريخ التوصل: 9 ماي 2012
تاريخ النشر: 10 ماي 2012
ويعد هذا القانون هو اول قانون تنظيمي تعرضه الحكومة الجديدة على المؤسسة التشريعية، ويتعلق هذا القانون بتحديد لائحة بعدد المناصب العليا في المؤسسات العمومية والمقاولات الإستراتيجية التي يتم تعيين مسؤوليها من قبل الملك بعد المداولة في اجتماع مجلس الوزراء بناء على اقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، الذي يمارس وصاية على هذه المؤسسات والمقاولات، اضافة الى المؤسسات والمقولات التي سيتم التداول في شانها في المجلس الحكومي.
ولقد اعتبر هذا القانون انعكاس للتصور الجديد للعمل الحكومي الذي اصبح بموجب الدستور الحالي اكثر فاعلية بحكم الاختصاصات المخولة الى رئيس الحكومة، وفي هذا الاطار فقد تم تقليص اختصاصات الملك في مجال التعيين في المناصب العليا ، وانحصرت بموجب القانون التنظيمي 12-02 في 39 منصبا، وصفت بأنها «استراتيجية»، في الوقت الذي اصبح بإمكان مجلس الحكومة ان يتداول في اكثر من 1181 وظيفة، وذلك خلافا لدستور 1996 الذي لم يكن يسمح للحكومة بالتداول إلا في 17 وظيفة عليا .
وحسب القانون التنظيمي المشار اليه اعلاه فان الوظائف التي يتم التعيين فيها من قبل مجلس الحكومة تشمل 51 مؤسسة حكومية بالإضافة الى 17 منصبا ساميا ، في حين ان لائحة المؤسسات والمقاولات الحكومية التي يعود فيها قرار التعيين إلى الملك فتتوزع ما بين 20 مؤسسة حكومية استراتيجية و19 مقاولة حكومية استراتيجية ، في حين أن باقي المؤسسات التي لم يشر إليها القانون توكل صلاحيات التعيين فيها إلى إداراتها الداخلية.
وبمناسبة مصادقة مجلس النواب على هذا القانون فاننا نرى لزاما تسليط الضوء على اهم مقتضياته ثم اعطاء ملاحظات اولية بخصوصه
1- اهم مقتضيات القانون التنظيمي 12-02
لقد اعتبر القانون التنظيمي رقم 12-02 ان المناصب العليا هي مناصب المسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من الفصل 49 من الدستور٬ والوظائف المدنية في الإدارات العمومية والوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية التي يتداول مجلس الحكومة بخصوص التعيين فيها طبقا لأحكام الفصل 92 منه ، ولتنظيم هذه المناصب فقد وضع القانون التنظيمي، ست مواد تتعلق بمبادئ ومعايير التعيين فيها واقتراح المترشحات والمترشحين لشغل هذه الوظائف، فضلا عن ملحقين يتضمنان لائحة بالمؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية ولائحة بتتميم الوظائف التي يتم التداول بشأنها في مجلس الحكومة.
أ: مبادئ ومعايير التعيين في المناصب العليا
تتمثل مبادئ وشروط التعيين في الوظائف العليا حسب القانون التنظيمي في :
- تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والمساواة في وجه جميع المرشحات والمرشحين
- عدم التمييز بجميع اشكاله في اختيار المرشحات والمرشحين للوظائف بما فيها التمييز بسبب الانتماء السياسي او النقابي او بسبب اللغة او الدين او الجنس او الاعاقة او اي سبب اخر يتعارض مع مبادئ حقوق الانسان وأحكام الدستور
- المناصفة بين النساء والرجال باعتبارها مبدأ تسعى الدولة الى تحقيقه طبقا لاحكام الفقرة الثانية من الفصل 19 من الدستور مع مراعاة المبادئ والمعايير المنصوص عليها
ب: معايير التعيين في المناصب العليا
حسب القانون التنظيمي فان المرشحات والمرشحين لشغل وظيفة من الوظائف السامية ينبغي ان يكونوا متمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية، وعلى مستوى عال من التعليم وعلى الكفاءة اللازمة لشغل الوظيفة المذكورة، كما يجب عليهم ان يتوفروا على تجربة مهنية بادارات الدولة او الجماعات المحلية او المؤسسات او المقاولات العمومية او في القطاع الخاص داخل الوطن وخارجه.
ج– المعايير المعتمدة في تصنيف المؤسسات والمقاولات
لقد تم توزيع المؤسسات والمقاولات المشمولة بالقانون التنظيمي رقم 02.12 الى ثلاثة مجموعات وذلك بالنظر الى حسب السلطة المكلفة بالتعيين، الا انه يمكن تصنيفها اساسا الى مجموعتين ، الاولى ذات طابع استراتيجي، وهي التي تبقى من اختصاص الملك، والثانية يمكن وصفها بالمؤسسات والمقولات الغير الاستراتيجية او العادية وهي التي يتداول في شانها مجلس الحكومة او تبقى من اختصاص الادارة المعنية
وتشمل المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية المؤسسات التي تهم المجالات الاقتصادية والبنيات التحتية والتي لها دور حيوي في مجال الخدمات وطنيا ودوليا والتي تساهم بشكل استراتيجي في ميزانية الدولة، ولها اختصاصات مهمة لدورها في الانخراط في الأوراش الكبرى، كما لها دور كبير في المجالات الثقافية والاجتماعية والإعلامية.
2- ملاحظات اولية حول القانون التنظيمي 12-02
بداية لا بد من الاشارة الى ان مصادقة البرلمان على هذا القانون يعتبر تحولا هاما في المرحلة الراهنة ، اذ انه انعكاس لتقليص صلاحيات الملك في هذا الاتجاه ويشكل لبنة أولية في مسلسل بناء أسس الحكامة الجيدة. .
واذا كنا نثمن هذا التحول وتقليص عدد المؤسسات والمقاولات التي يتم فيها التعيين من قبل الملك والتي عادة ما توصف بالمؤسسات الاستراتيجية فان ما يمكن اثارته بخصوص هذا القانون هو ما يلي:
أ: عدم دقة ا لمعايير المعتمدة في التصنيف
فبالرجوع الى القانون التنظيمي رقم 12-02 نجد انه يميز بين المؤسسات الاستراتيجية التي يبقى فيها التعيين من اختصاص الملك وحده ـ والتي تم تضمينها في الملحق الاول ، الخاص بالمناصب العليا التي يتم التداول بشأنها في المجلس الوزاري، وتلك التي لا تعتبر استراتيجية ويتم التدول فيها خارج المجلس الوزاري، لكن ما يلاحظ هو ان هذا القانون لم يحدد المعايير التي تم اعتمادها للتمييز بين النوعين، الشيء الذي فرض نقاشا بين الاغلبية والمعارضة اثناء عرض المشروع على مجلس النواب حول الاسس المعتمدة في تصنيف المؤسسات والمقاولات بين ما هو استراتيجي وغير استراتيجي ، ولحسم هذا النقاش اعتبرالسيد وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ان التمييز بين اللائحتين يعود الى الطبيعة الإستراتيجية لأنشطة بعض المؤسسات والمقاولات والأدوار المحورية التي تضطلع بها في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والأوراش الكبرى المهيكلة التي تتولى إنجازها،وهو ما يجعلها تتصف بالصبغة الاستراتيجية وبالتالي يكون الاختصاص في التعيين فيها من اختصاص الملك وحده.
وعلى فرض التسليم بهذه المعايير التي حددها السيد الوزير ، فان بعض المؤسسات التي اعتبرت "استرتيجية" لا تنطبق عليها المواصفات التي تجعلها تندرج في هذا الاطار، وكمثال على ذلك نجد مثلا وكالة الأنباء المغربية، والقنوات التلفزيونية الرسمية الثلاث، وشركات أخرى تهم مجالات السياحة والنقل والثقافة، ومؤسسة التكوين المهني والمؤسسة الوطنية للمتاحف، ومؤسسات التقنين
بل ان بعض هذه المؤسسات لا تفتقد الصبغة الاستراتيجية فقط بل انها مؤسسات ذات طبيعة محلية ، او تهم مجالات
خاصة يمكن تدبيرها على المستوى المحلي او على المستوى القطاعي ، ويمكن ان نعطي امثلة في هذا الاطار بوكالة تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق وشركة «مارشيكا للتنمية»، وهما مؤسستان تشرف كل واحدة منهما على إنجاز مشاريع سياحية محلية في كل من مدينتي الرباط والناظور،
ومن جهة اخرى فان تمة مؤسسات تخص فئة محدودة لا يمكن باي حال من الاحوال اعتبار تدبير شؤونها من الامور الاستراتيجية كما هو الحال بالنسبة لمؤسسة المغاربة المقيمين بالخارج...
ان هذه المؤسسات والمقاولات لا ترقى في نظري الى اعتبارها مؤسسات استراتيجية ، بل انها تندرج في صميم التدبير الحكومي اليومي ، وبالتالي يبقى التعيين فيها من الانسب ان يكون من اختصاص المؤسسة الحكومية
ب : ارتفاع عدد المؤسسات "الاستراتيجية"
اذا كنا نتفق ان القانون التنظيمي موضوع الدراسة يعتبر انعكاسا لدولة المؤسسات التي اراد الدستور الحالي تكريسها ، فان المنطق كان يفترض الا يتجاوز عدد المؤسسات الاستراتيجية التي يعين فيها الملك رؤوس الاصابع، لتبقى باقي المؤسسات خاضعة لرقابة الحكومة التي تعتبر مسؤولة مسؤولية سياسية ومعنوية عن تدبير الشأن العام ، وبالتالي فلا يمكن ان تخرج 39 مؤسسة عن مجال رقابتها وتدبيرها لا سيما ان هذه المؤسسات تؤثر في الاقتصاد الوطني ولها تاثير على الاداء الحكومي
ومن جهة اخرى فان وجود هذا الكم الكبير من المؤسسات التي يتم التعيين فيها من قبل الملك لا يتماشى مع المرحلة السياسية التي يعيشها المغرب والتي تريد التكريس لمنطق ربط المسؤولية بالمحاسبة
وعلى كل الحال فان الملاحظات السالفة الذكر لا تبخس اهمية القانون التنظيمي الحالي الذي يعد ولا شك لبنة اساسية في التطور الديمقراطي، والذي يعكس تكريسا لبناء دولة المرسسات.
ملحق خاص بالمؤسسات والمقاولات الاستراتيجية :
- صندوق الايداع والتدبير
-صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
- الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية
- الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات
-وكالة المغرب العربي للانباء
-الوكالة الوطنية للموانئ
وكالة تهيئة ضفتي ابي رقراق
وكالة تهيئة موقع بحيرة مارشيكا
المكتب الوطني للسكك الحديدية
المكتب الوطني للمطارات
الوكالة المغربية لتنمية الانشطة اللوجيستيكية
المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب
المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن
الوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية
الصندوق الوطذي للضمان الاجتماعي
مكتب التكوين المهني وانعاش الشغل
مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج
المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب
المؤسسة الوطنية للمتاحف
ارشيف المغرب
الخطوط الملكية المغربية
المجمع الشريف للفوسفاط
بريد المغرب
البنك الشعبي المركزي
القرض الفلاحي
القرض العقاري والسياحي
الهيئة المالية المغربية المكلفة بمشروع القطب المالي للدار البيضاء
مجموعة تهيئة العمران
الصندوق المغربي للتنمية السياحية
الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب
شركة استغالال الموانئ
الوكالة الخاصة بطنجة المتوسط
شركة الاستثمارات الطاقية
الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري العمومي
الشركة الملكية لتشجيع الفرس
تاريخ التوصل: 9 ماي 2012
تاريخ النشر: 10 ماي 2012