لا شك أن كل تشريعات العالم القديم منها والحديث بنيت على مبادئ و قواعد راسخة وأصيلة في الميدان الزجري و "التأديبي" ، أهمها تلك المتعلقة بضرورة توفير ضمانات المحاكمة العادلة لكل من اتهم بأنه أخل بقوانين المجتمع وخرج عن قواعده، كما أن قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص تعتبر من بين أهم ضمانات المحاكمة العادلة في جل التشريعات الكونية وهو ما يطلق عليه بمبدأ الشرعية .
وحسب مقتضات الفصل 59 من النظام الأساسي لرجال القضاء فان التأخير عن الترقي من رتبة الى رتبة أعلى لمدة لا تتعدى سنتين والحذف من لائحة الترقية (عقوبتين من الدرجة الأولى ) وكذا التدحرج من الدرجة (عقوبة من الدرجة الثانية) ، تعتبر عقوبات تأديبية يمكن أن تصدر في حق القاضي الذي يمكن أن ينسب اليه أي اخلال من الإخلالات التي ينص عليها الفصل 48 من نفس القانون ، أي بعد أن يكون موضوع متابعة تأديبية أمام المجلس الأعلى للقضاء ، ولا يمكن أن تصدر في حقه احدى هاتين العقوبتين إلا بعد أن تنجز عدة بحوث ويعين في حقه قاض مقرر وتتاح له امكانية الدفاع عن نفسه وتقديم حججه وتنصيب من يؤازره من زملائه أو من هيأة الدفاع ، عندئذ يمكن أن تصدر في حقه احدى تلك العقوبات ، مع حق الطعن الذي يكفله الدستور بسبب الشطط الذي يمكن أن يلحق ما اتخذ في حقه من اجراء جزائي - وإن كان لحد الساعة حق الطعن الذي ينص عليه الدستور هو مجرد حبر على ورق على اثر استمرار المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة في البت في التأديبات ضدا على نص دستوري واضح وصريح ارتضاه الشعب المغربي بأغلبية ساحقة خول للقضاة الحق في الطعن في القرارات الصادرة عن المجلس التي تهم تدبير وضعيتهم الفردية - .
غير أن المفارقة الغريبة بخصوص النظام الأساسي للقضاة وعمل المجلس الأعلى للقضاء ، هو أن هناك عشرات القضاة يحرمون في كل دورة من دورات المجلس من حقهم في الترقي الى درجة أعلى رغم بلوغهم المدة الكافية لأجل استحقاقها - شأنهم شأن غالبية زملائهم في الأفواج التي ينتمون اليها - ، ويتخذ قرار عدم ترقيتهم مباشرة من قبل المجلس الأعلى للقضاء دون أن ينسب اليهم أي اخلال ، ودون أن يكونوا موضوع متابعة تأديبية أمام المجلس ، ودون أن يستفيدوا من حقهم الكوني والذي تكفله كل التشريعات والمواثيق الدولية ، ويكفله دستور المملكة ، ألا وهو الحق في المحاكمة العادلة .
و وجه المفارقة هاهنا هو أنه في الوقت الذي يمكن أن ينسب لقاض معين اخلال من الاخلالات التي تستوجب المتابعة التأديبية ، وتتم احالته على المجلس لمحاكمتة تأديبيا ، ويمنح فرصة للدفاع عن نفسه ، تم يصدر في حقه المجلس - بعد أن يكون قناعته على أن الفعل ثابت في حقه - عقوبة معينة من العقوبات المحددة في نص الفصل 59 من نفس القانون أعلاه مثل " التأخير عن الترقي من رتبة الى رتبة لمدة لا تتجاوز سنتين" أو " الحذف من لائحة الأهلية للترقي " والتي مفادها التأخير عن الترقي من درجة الى درجة ، أو حتى التدحرج من درجة أعلى الى درجة أدنى ، فان القاضي الذي يتم حرمانه من الترقية دون أن يكون موضوع متابعة تأديبية يكون قد عوقب بنفس ما عوقب به من كان موضوع متابعة تأديبية ، ومن نسب اليه ارتكاب اخلال من الاخلالات التي تستوجب العقاب ، لكن الفرق الفارق والأمر الغير مستساغ هو أن القاضي في المثال الأول يكون قد استفاد - ولو نظريا في ظل ظروف اشتغال المجلس الاعلى للقضاء وظروف تشكيلته الحالية التي تمس استقلال السلطة القضائية بسبب ترأسه من قبل عضو في السلطة التنفيذية وهو وزير العدل - من حق الدفاع ومن ضمانات " المحاكمة العادلة" ، على خلاف المثال الثاني حيث يحرم القاضي من الترقية دون حتى أن يكون من حقه معرفة أسباب ذلك ، ليكتشف بأنه تمت معاقبته دون أدنى ضمانة من ضمانات حقوق الدفاع ، وضدا على قاعدة أصيلة في الميدان الزجري وهي قاعدة الشرعية التي مفادها أنه " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص " ، ولم تتم متابعته تأديبيا امام المجلس الاعلى للقضاء ، ليجد نفسه في نهاية المطاف يعاقب بعقوبة تفوق قسوتها عقوبة من ارتكب اخلالا ما وأحيل على المجلس وقرر المجلس -مثلا- في حقه أية عقوبة تأديبية قد تصل إلى "التأخير عن الترقي من رتبة الى رتبة أعلى لمدة محددة" باعتبار أن التأخير عن الترقي في الرتبة أهون من التأخير عن الترقي في الدرجة ،أو عقوبة بنفس حجم العقوبة التي عوقب بها وهي " الحذف من لائحة الأهلية للترقي" التي لا تعني إلا التأخير عن الترقية .
إن مقتضيات الفصل 23 من النظام الأساسي لرجال القضاء التي تنظم ترقية القضاة ومسطرة ذلك ، وتحيل على المرسوم الذي يحدد شروط تنقيط القضاة وكيفية تحضير لائحة الأهلية للترقي ، تعتبر ضربا صارخا لكل المواثيق الدولية ، ولكل المبادئ والقواعد الكونية للمحاكمة العادلة وخاصة مبدأ الشرعية ، كما تعارض نصوص الدستور المغربي ، لأنها تعطي للمجلس الأعلى للقضاء - بناء على معايير غير واضحة ولا محددة ، منها ما يتعلق بمزاجية بعض المسؤولين بخصوص عملية تنقيط القضاة ، ومنها ما يتعلق بمسائل أخرى يضيق الحيز عن ذكرها - الحق في انزال عقوبة تأديبية في حق القضاة دون محاكمة ودون توفير ضمانات للقاضي للدفاع عن نفسه ، وضدا على مبدأ شرعية الجرائم "المخالفات التأديبية" والعقوبات ، ولكون تلك المقتضيات تتضمن في حقيقتها وكننها عقوبة تأديبية تتخذ في حق القضاة دون محاكمة . وهو ما أسفر على ظلم كبير لحق وما زال يلحق قضاة على مر دورات المجلس الأعلى للقضاء ، وهي اخلالات تضاف الى غيرها نتمنى أن يتجاوزها القانون التنظيمي للسلطة القضائية المرتقب اصداره .
وحسب مقتضات الفصل 59 من النظام الأساسي لرجال القضاء فان التأخير عن الترقي من رتبة الى رتبة أعلى لمدة لا تتعدى سنتين والحذف من لائحة الترقية (عقوبتين من الدرجة الأولى ) وكذا التدحرج من الدرجة (عقوبة من الدرجة الثانية) ، تعتبر عقوبات تأديبية يمكن أن تصدر في حق القاضي الذي يمكن أن ينسب اليه أي اخلال من الإخلالات التي ينص عليها الفصل 48 من نفس القانون ، أي بعد أن يكون موضوع متابعة تأديبية أمام المجلس الأعلى للقضاء ، ولا يمكن أن تصدر في حقه احدى هاتين العقوبتين إلا بعد أن تنجز عدة بحوث ويعين في حقه قاض مقرر وتتاح له امكانية الدفاع عن نفسه وتقديم حججه وتنصيب من يؤازره من زملائه أو من هيأة الدفاع ، عندئذ يمكن أن تصدر في حقه احدى تلك العقوبات ، مع حق الطعن الذي يكفله الدستور بسبب الشطط الذي يمكن أن يلحق ما اتخذ في حقه من اجراء جزائي - وإن كان لحد الساعة حق الطعن الذي ينص عليه الدستور هو مجرد حبر على ورق على اثر استمرار المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة في البت في التأديبات ضدا على نص دستوري واضح وصريح ارتضاه الشعب المغربي بأغلبية ساحقة خول للقضاة الحق في الطعن في القرارات الصادرة عن المجلس التي تهم تدبير وضعيتهم الفردية - .
غير أن المفارقة الغريبة بخصوص النظام الأساسي للقضاة وعمل المجلس الأعلى للقضاء ، هو أن هناك عشرات القضاة يحرمون في كل دورة من دورات المجلس من حقهم في الترقي الى درجة أعلى رغم بلوغهم المدة الكافية لأجل استحقاقها - شأنهم شأن غالبية زملائهم في الأفواج التي ينتمون اليها - ، ويتخذ قرار عدم ترقيتهم مباشرة من قبل المجلس الأعلى للقضاء دون أن ينسب اليهم أي اخلال ، ودون أن يكونوا موضوع متابعة تأديبية أمام المجلس ، ودون أن يستفيدوا من حقهم الكوني والذي تكفله كل التشريعات والمواثيق الدولية ، ويكفله دستور المملكة ، ألا وهو الحق في المحاكمة العادلة .
و وجه المفارقة هاهنا هو أنه في الوقت الذي يمكن أن ينسب لقاض معين اخلال من الاخلالات التي تستوجب المتابعة التأديبية ، وتتم احالته على المجلس لمحاكمتة تأديبيا ، ويمنح فرصة للدفاع عن نفسه ، تم يصدر في حقه المجلس - بعد أن يكون قناعته على أن الفعل ثابت في حقه - عقوبة معينة من العقوبات المحددة في نص الفصل 59 من نفس القانون أعلاه مثل " التأخير عن الترقي من رتبة الى رتبة لمدة لا تتجاوز سنتين" أو " الحذف من لائحة الأهلية للترقي " والتي مفادها التأخير عن الترقي من درجة الى درجة ، أو حتى التدحرج من درجة أعلى الى درجة أدنى ، فان القاضي الذي يتم حرمانه من الترقية دون أن يكون موضوع متابعة تأديبية يكون قد عوقب بنفس ما عوقب به من كان موضوع متابعة تأديبية ، ومن نسب اليه ارتكاب اخلال من الاخلالات التي تستوجب العقاب ، لكن الفرق الفارق والأمر الغير مستساغ هو أن القاضي في المثال الأول يكون قد استفاد - ولو نظريا في ظل ظروف اشتغال المجلس الاعلى للقضاء وظروف تشكيلته الحالية التي تمس استقلال السلطة القضائية بسبب ترأسه من قبل عضو في السلطة التنفيذية وهو وزير العدل - من حق الدفاع ومن ضمانات " المحاكمة العادلة" ، على خلاف المثال الثاني حيث يحرم القاضي من الترقية دون حتى أن يكون من حقه معرفة أسباب ذلك ، ليكتشف بأنه تمت معاقبته دون أدنى ضمانة من ضمانات حقوق الدفاع ، وضدا على قاعدة أصيلة في الميدان الزجري وهي قاعدة الشرعية التي مفادها أنه " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص " ، ولم تتم متابعته تأديبيا امام المجلس الاعلى للقضاء ، ليجد نفسه في نهاية المطاف يعاقب بعقوبة تفوق قسوتها عقوبة من ارتكب اخلالا ما وأحيل على المجلس وقرر المجلس -مثلا- في حقه أية عقوبة تأديبية قد تصل إلى "التأخير عن الترقي من رتبة الى رتبة أعلى لمدة محددة" باعتبار أن التأخير عن الترقي في الرتبة أهون من التأخير عن الترقي في الدرجة ،أو عقوبة بنفس حجم العقوبة التي عوقب بها وهي " الحذف من لائحة الأهلية للترقي" التي لا تعني إلا التأخير عن الترقية .
إن مقتضيات الفصل 23 من النظام الأساسي لرجال القضاء التي تنظم ترقية القضاة ومسطرة ذلك ، وتحيل على المرسوم الذي يحدد شروط تنقيط القضاة وكيفية تحضير لائحة الأهلية للترقي ، تعتبر ضربا صارخا لكل المواثيق الدولية ، ولكل المبادئ والقواعد الكونية للمحاكمة العادلة وخاصة مبدأ الشرعية ، كما تعارض نصوص الدستور المغربي ، لأنها تعطي للمجلس الأعلى للقضاء - بناء على معايير غير واضحة ولا محددة ، منها ما يتعلق بمزاجية بعض المسؤولين بخصوص عملية تنقيط القضاة ، ومنها ما يتعلق بمسائل أخرى يضيق الحيز عن ذكرها - الحق في انزال عقوبة تأديبية في حق القضاة دون محاكمة ودون توفير ضمانات للقاضي للدفاع عن نفسه ، وضدا على مبدأ شرعية الجرائم "المخالفات التأديبية" والعقوبات ، ولكون تلك المقتضيات تتضمن في حقيقتها وكننها عقوبة تأديبية تتخذ في حق القضاة دون محاكمة . وهو ما أسفر على ظلم كبير لحق وما زال يلحق قضاة على مر دورات المجلس الأعلى للقضاء ، وهي اخلالات تضاف الى غيرها نتمنى أن يتجاوزها القانون التنظيمي للسلطة القضائية المرتقب اصداره .