MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




مواقف في موضوع مقاربة النوع الإجتماعي: الجزء الثاني - مقاربة النوع الاجتماعي و التنمية، أية علاقة؟

     

​سناء المتدين
باحثة في سلك الدكتوراه تخصص القانون الخاص
جامعة عبد المالك السعدي-
طنجة.



مواقف في موضوع مقاربة النوع الإجتماعي: الجزء الثاني - مقاربة النوع الاجتماعي و التنمية، أية علاقة؟


إن النهوض بالمرأة لا يمكن أن يتم إلا بتبني مشروع تنموي متكامل يضمن المساواة والعدالة بين جميع مكونات المجتمع و بالتالي التوظيف الأمثل للموارد البشرية،و تحقيق التنمية باعتبارها عنصرا أساسيا للاستقرار و التطور . 

والتنمية هي عملية تطور شامل أو جزئي مستمر. وتتخذ أشكالا مختلفة تهدف إلى الرقي بالوضع الإنساني، و الرفاه والاستقرار والتطور بما يتوافق مع احتياجاته وإمكانياته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية .

و انطلاقا من كونها ترتكز في منطلقاتها على حشد الطاقات البشرية دون تمييز بين النساء والرجال -باعتبارهم صانعي التنمية و غايتها في ذات الوقت-، يصبح الاهتمام بالمرأة و دورها في تقدم مجتمعها أمرا حاسما في تحقيق التنمية، خاصة و أن النساء يشكلن نصف المجتمع  وبالتالي نصف طاقته الإنتاجية، و عليه أصبح لزاما أن يشاركن في العملية التنموية على قدم المساواة مع الرجل.

و قد أصبحت مقاربة النوع في علاقتها بمخططات التنمية، تحظى بقبول و انتشار واسعين في جميع المحافل، حيث أثبتت قدرتها على تجاوز المنظور التقليدي ، لماذا؟ لأنها مقاربة تهدف إلى تغيير الأدوار القائمة على الجنس، و إعطاء الأولوية للحاجات العملية للجنسين على حد سواء، و تمكين المرأة من الوصول إلى الموارد و الرفع من قدراتها، و جعلها قادرة على المشاركة في صنع القرار و الانخراط بشكل فعال في مسار التنمية.

و لتحقيق ذلك يجب تبني مقاربة التنوع الاجتماعي كإستراتيجية للتنمية، تمكن من إتاحة الفرص و الموارد لجميع الفئات نساء و رجالا، و ذلك باستبيان احتياجات كل منهما، و دراسة العوامل التى تؤثر على أوضاع النساء فى المجتمع كالعمر ومستوى التعليم والتقاليد المجتمعية والزمن والموقع الجغرافي للمجتمع وغيرها...مما يتيح الاستغلال الأمثل لقدرات كل أفراد المجتمع، لأن الاعتماد على الموارد البشرية دون تمييز بين الجنسين رهان لتحقيق التنمية الفعالة.

فالتنمية مطلب ملح والتغير شيء طبيعي فلا يمكن لمجتمع أن يبقى كما هو لا يمسه أي تغيير، بل إن الذي لا يتغير لا يوجد، لأن التغير جزء من الموجود . 

هنا برزت أهمية مقاربة النوع من أجل تدارك فشل السياسات السابقة حول دعم دور المرأة في التنمية، هذه المقاربة التي أثبتت أن المرأة تمتلك القدرة على القيام بأدوار عملية متعددة، وتتحمل المسؤولية بل و توازن بين العمل و الأسرة.

إن تضمين المنظور المبني على النوع في البرامج والسياسات التنموية يعني: 

    الإقرار بأن كل النساء والرجال شركاء فعالين في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ودعم مشاركتهم في بلورة سياسات وبرامج التنمية وتطويرها. 
    التأكيد على ضرورة أن يكون صوت النساء مسموعاً فيما يتعلق بالتعريف بأنفسهّن على احتياجاتهنّ وأولوياتهنّ المختلفة. 
    التنبيه لظاهرة عدم المساواة بين الرجل والمرأة وإعادة دراسة الدور والرؤية والمواقف الذكورية وذلك من أجل العمل على تغييرها، وإشراك الرجل في إحداث التغيير في المواقف والممارسات وإزالة التمييز الذكوري فيما يتعلق ببرامج التنمية وسياساتها. 
    ضرورة تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين في المشاركة و الفرص والسيطرة على الموارد والاستفادة من ذلك .

ولا شك أن النظرة العادلة والمنصفة إلى وضع المرأة العربية تؤكد على أنها تقوم بأدوار عديدة، فهي الزوجة والشريك في تكوين واستمرار الأسرة،والأم المربية للناشئة والمعلمة الأولى للأبناء، وهي الممرضة المخلصة في حالات الحاجة الصحية،وهي التي ترعى ميزانية الأسرة،وتوفق بين الدخل والاحتياجات المنزلية،وهي منسقة العلاقات العامة للأسرة. هذه الأدوار كلها تقوم بها المرأة أيا كان وضعها ومكانتها  

فكيف يستصغر المجتمع دورها في الحياة العامة؟

إن من الواجب دعم المرأة من خلال مبادرات و مشاريع تسهم في زيادة معدل مشاركتها في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، إضافة إلى تمكينها بالتعليم و المعرفة كركيزتان أساسيتان، ثم تعزيز قدراتها و مساعدتها على تحقيق المزيد من التطور الذاتي،و تحقيق التوازن المطلوب ، من ذلك إجراء تعديلات للأم العاملة خلال فترة الأمومة كالعمل لمدة نصف يوم مثلا لمدة معينة، و إنشاء حضانات داخل أماكن العمل ...

و لا تفوتنا الإشارة إلى دور الرجل في دعم إدماج المرأة في التنمية، باعتباره أبا و أخا يساعدها على تجاوز العقبات المرتبطة بمحيطها، والتي تضعف وتحد من قدرتها على الاستفادة من التنمية والمشاركة الفعالة فيها ، أو باعتباره شريكا لها يقدر طموحاتها، و يقف بجانبها في مسؤولياتها الأسرية سواء في أعمال المنزل أو رعاية الأبناء...

 يمكننا القول من خلال ما تقدم أن مقاربة النوع تعد أهم آلية علمية لتحليل حاجيات المجتمع، و تقييمها لتحقيق العدالة الاجتماعية  و تقويم الخلل، لأنها تتيح البحث و جمع المعلومات  و تقييمها لرسم صورة أوضح حول التحديات التي تواجه إدماج المرأة في التنمية. 

المراجع المعتمدة: 

1.رسمية محمد، حقوق المرأة و مساواتها الكاملة في كافة المجالات، الحوار المتمدن،العدد: 936.
2. https://ar.wikipedia.org/wiki
3.مقاربة النوع الاجتماعي،د العربي الوافي، المعرفة للجميع سلسلة شهرية،منشورات رمسيس، طبعة 2008.
4عبدالرحمن بن عبد العزيز بن سعد النفيسة، مشاركة المرأة في التنمية من وجهة نظر سوسيولوجية،موقع صيد الفوائد: http://www.saaid.net/female
5 اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة، علاقة النوع الاجتماعي بالتنمية، www.cfuwi.org
6 عليان القلقيلي، المرأة و دورها في التنمية الاجتماعي،منتدى الفريق الاجتماعي، http://www.social-team.com
7. إلهام أبو العز مصطفى، الحكومة تسعى لتقويم الخلل باعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في الميزانية، جريدة الصحراء المغربية،        عدد 9-12-2009.

للإطلاع على الجزء الأول




الثلاثاء 1 مارس 2016

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة


تعليق جديد
Twitter