MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




نزاعات الشغل الفردية في التشريع المغربي

     



إلـهـام عـــقــادي طالبة باحثة في المجال القانوني



 




مـــــقـــدمـــــة

خلق الإنسان ميالا بطبعه للحرية و الاجتهاد و الإبداع من أجل تحقيق أغراضه و متطلباته بهدف ضمان استمراره و بقائه. فالإنسان كائن متحضر يحتاج و يسعى لظروف عيش أرقى و أفضل و الوسيلة الملموسة التي يمكن  أن يتوصل بها الإنسان لكل حاجياته و يعبر بها عن كل أفكاره و يترجم إبداعاته و اكتشافاته هي وسيلة الشغل أو العمل.
فالشغل هو الميزة الأساسية التي تتحقق بها الإنسانية، و الإنسان يؤثر في الطبيعة عبر العمل و يجعلها لصالحه و يعمل على تحويل غير النافع إلى النافع و الساكن إلى الحركة و السلبي إلى الايجابي و الضار إلى النافع و تغيير الاتجاه إلى حياة أفضل و أرقى و ذات طابع حضاري، و عبر العمل يترك الإنسان بصماته على الطبيعة و الوجود.
فمنذ أن خلق الله الإنسان و هو يعمل و يكد و يجتهد، و يعمل على تجديد طرق و أنماط عمله حسب ملابسات و ظروف الحياة. و اختلاف الأزمنة و الأجيال إذ لكل عصر طريقة عمله على مستوى عيشه و انتاجاته و حسب قول ابن خلدون:"يعتبر العمل الميزة الأساسية التي تحقق  بها إنسانية الفرد و المجتمع و أن العمل صراع مستمر و دائم مع الطبيعة..." و أن أشكال العمل        و طريقة الإنتاج هي التي تحدد نوع العلاقات الاجتماعية التي يقيمها الناس فيما بينهم ، و تطوير تجربة الإنسان العملية و تطويره لأدوات الإنتاج آدى إلى تطوير الإنتاج و إلى ظهور التضارب    و الصراع الإنسان ضد الإنسان، دفع بضرورة تقنين العلاقات الاجتماعية عن طريق وضع القوانين و الدساتير التي تلزم أفراد المجتمع بسلوك معين مدعم بمسؤوليات و واجبات يخضع      له المجتمع.
و يعتبر قانون الشغل حديث النشأة بالمقارنة مع غيره من فروع القوانين الأخرى إذ لم يبدأ اهتمام الدول بهذا النوع إلا مع منتصف القرن 19 و بسبب ذلك يرجع إلى الثورة الصناعية في أروبا و ما نتج عنها من تقدم صناعي، على أن هذه التشريعات كانت تخدم (مصالح ) المشغلين     و تحافظ على مصالحهم.
إلا أن هذا الوضع لم يستمر طويلا بعد أن أدرك العمال مدى الظلم المسلط عليهم عن طريق اضطرابات أدت إلى الوصول إلى حقوقهم و سن قوانين تحميهم.
و في عصرنا الحالي نلاحظ أوضاعا مختلفة و ظروف شغل مختلفة و متنوعة ناتجة عن تطورات اقتصادية و اجتماعية و سياسية تعرفها كل دولة من دول العالم، بوجود تباين في المستويات في التقدم و النمو، و الرقي، و على الرغم من هذه التفاوتات، يبقى العمل هو القاسم المشترك بينهم فلا مجتمع بدون شغل و لا شغل بدون مجتمع، فالشغل هو العمود الفقري للحياة البشرية، و أيضا ركيزة المجتمعات تضمن به استمرارها و وجودها يحقق هدفا اقتصاديا، إذ يعتبر الوسيلة المشروعة للحصول على مقابل مادي لتوفير الحاجيات مما يحقق استقرارا نفسيا يتمثل في أن العمل يجعل العامل إنسانا حيويا متشبتا بالحياة بدل الملل و الفراغ و من هذا بنى الفيلسوف "فولتر" قاعدته أن الشغل يجنب الفرد ثلاثة أمور:
الملل و الرذيلة و الحاجة، و هذا يؤثر بالضرورة و بشكل مباشر على العمال الذين يشكلون الفئة الغالبة في المجتمع و ذلك برميهم في أحضان البطالة و ما يترتب عنها من آثار وخيمة على الشخص العامل و على المجتمع.
و لقد حاولت كثير من الدول القضاء على الآثار السلبية بوضع قوانين لبلدها تلائم العصر  و تطبعها التقدمية و الديمقراطية، إلا أن حماية الطبقة العاملة من قوانين الشغل قد تؤثر سلبا       أو إيجابا على المقاولات و الوحدات الإنتاجية القائمة، ذلك أنه يزيد من إعفاء المشغل و في نفس الوقت يخلق لرأس المال فرصة للنمو و الازدهار في ظل المجتمع ينعم بالسلام و الاستقرار، يضاف إلى ذلك أن من التأثير الذي يحدثه قانون الشغل على الصعيد الاقتصادي هو تحسين الإنتاج، ذلك من شأنه حماية حقوق العامل بموجب نصوص آمرة و ما يؤدي ذلك من شعور لدى العامل بالرضى و الطمأنينة و بالتالي ترسيخ السلم الاجتماعي و كان المغرب من الدول السباقة التي أخذت بالنظم القانونية المدنية و الملائمة للعصر بحكم وجوده كموقع جغرافي متميز، و قرية من القارة الأروبية لم يكن بمنأى من هذه التغييرات و التطورات التي أثرت في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية. و الأهم من هذا هو التأثير الاقتصادي الذي هو ميدان العمل حيث أن تزايد نسبة النزاعات بين الأفراد و المشغلين فرض على المشرع المغربي الإسراع للتقليل من نسبتها و ذلك من أجل تحقيق نوع من الاستقرار في العلاقات الشغلية بهدف تنمية الاقتصاد الوطني، و الرقي إلى مستوى أفضل و ذلك بفرض رقابة صارمة على ميدان الشغل  و خاصة على عقد الشغل باعتباره عقدا مؤقتا و مآله الزوال[[1]]url:#_ftn1 .
و تعتبر علاقات الشغل الفردية هي الأساس في العملية الانتاجية حيث أن العلاقة التعاقدية التي تنشأ بين الأجير و بين صاحب العمل هي البداية الأصلية لأولى مراحل الانتاج و بالتالي     فإن كانت هذه العلاقة مبنية على أساس سليم مبني على حسن النية استقرت العلاقة بين طرفي العملية الانتاجية الأجير و المشغل و إن لم تكن مبنية على أساس سليم ما يؤدي إلى نشوء نزاعات فردية بين الأجير و المشغل و سوف نتعرض بمشيئة الله من خلال هذ البحث إلى منازعات الشغل الفردية من خلال الفصل الأول و التسوية القضائية لنزاعات الشغل الفردية من خلال الفصل الثاني[[2]]url:#_ftn2
 
 
 
 
الفصل الأول: نزاعات الشغل الفردية:
 
يقصد بالنزاعات الفردية في الشغل كل خلاف يقوم بين الأجير          أو الأجير المتدرب من جهة و صاحب العمل أو ممثله من جهة ثانية، بمناسبة أو بسبب تنفيذ علاقة عمل، لإخلال أحدهما بالالتزام من الالتزامات المحددة في العقد أو لخرقه   أو عدم امتثاله لنص قانوني أو تنظيمي أو اتفاقي، مما يسبب ضررا للطرف الآخر.
و نظرا لطبيعة المنازعات الفردية، و ما قد ينشأ عنها من مضاعفات       و إخلال باستقرار علاقات الشغل الفردية، و ما يترتب على ذلك من إخلال بالحقوق و الالتزامات المقررة للطرفين، فإن تشريعات الشغل قد أحاطتها بعناية تنظيمية خاصة، كما وضعت لها إجراءات تسوية متميزة، قصد تسهيل معالجتها و تسويتها في مختلف المراحل التي تمر بها[[3]]url:#_ftn3 .
 
و على اعتبار أن النزاعات الفردية في الشغل كل خلاف يقوم بين المشغل و الأجير لا بد من الإشارة إلى تعريف كل منهما الذي                جاء في المادة 6 من مدونة الشغل: "يعتبر أجيرا كل شخص التزم ببدل نشاطه المهني، تحت تبعية مشغل واحد   أو عدة مشغلين، لقاء أجر، أيا كان نوعه  و طريقة أدائه.
يعد مشغلا كل شخص طبيعي أو اعتباري خاصا كان أو عاما يستأجر خدمات شخص ذاتي أو أكثر"[[4]]url:#_ftn4 .
و لكن قبل اللجوء إلى حل النزاعات الفردية أمام القضاء لا بد من التسوية الودية للنزاعات الفردية (مبحث أول)، و دور مفتش الشغل في تسوية نزاعات الشغل الفردية و الآليات التي يعتمدها (مبحث ثان).
 
المبحث الأول: التسوية الودية للمنازعات الفردية.

لقد حظي موضوع النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية  باهتمام كبير من لدن رجال الفقه و القضاء، و ذلك من أجل السعي إلى تسويتها بعيدا عن القضاء     و سنرى ذلك من خلال معالجة التسوية الداخلية للنزاع في المطلب الأول  و المصالحة في المطلب الثاني.
 
المطلب الأول: التسوية الداخلية للنزاع:

من بين الخصائص المميزة للنزاع الفردي في الشغل، أنه بالرغم من خضوعه لاختصاص قضاء الشغل إلا أنه يستوجب المرور على بعض الإجراءات الهادفة إلى تسويته بطريقة ودية و هذا ما سنراه من خلال الفقرتين الأولى: سنتناول من خلالها تعريف التسوية الداخلية للنزاع و الفقرة الثانية: أهداف التسوية الداخلية للنزاع.
 
الفقرة الأولى: تعريف التسوية الداخلية للنزاع:

يقصد بالتسوية الداخلية للنزاع الفردية للعمل توصل كل من الأجير     و المشغل أو ممثله طرفي النزاع إلى تسوية ودية  أو إدارية داخلية للنزاع القائم بينهما دون تدخل من أي جهة خارجية عن المؤسسة  و ذلك إما بسحب صاحب العمل أو تراجعه عن التصرف أو القرار بسبب النزاع أو تعديله، استجابة لطلب العامل، و ذلك إما في إطار الاجراءات و الأنظمة المحددة في الاتفاقية الجماعية المعمول بها في المؤسسة أو في إطار الأحكام القانونية المنظمة للتسوية الداخلية للنزاع في حالة غياب الاجراءات الاتفاقية الأولى،    و مثال الحالة الأولى كأن تنص الاتفاقية الجماعية مثلا، على ضرورة تقدم الأجير بطلب مكتوب إلى المشغل وفق السلطة السلمية المعمول بها في المؤسسة المستخدمة، و بالتزام هذه الأخيرة بالرد عليه خلال مدة معينة كأن تكون هذه المدة ثمانية أيام مثلا، مع اعتبار عدم رد المؤسسة خلال تلك المدة أنه رفض للطلب حيث يمكن للأجير عرض النزاع على مفتش الشغل أو هيئة المصالحة إن وجدت. و في حالة عدم الرد أو عدم رضى الأجير بمضمون الرد يرفع الأمر إلى الهيئة المكلفة بتسيير المستخدمين أو المستخدم حسب الحالة[[5]]url:#_ftn5 .
 
الفقرة الثانية: أهداف التسوية الداخلية للنزاع:

تتمثل أهداف التسوية الداخلية للنزاع في تسهيل حل المنازعات بسرعة من جهة و التخفيف على المحاكم  من كثرة القضايا التي لا يحتاج الكثير منها إلى تسوية قضائية، لبساطة أسبابها و سهولة حلها داخليا مما يحافظ على العلاقة الودية بين العامل و صاحب العمل التي كثيرا ما تكون ضرورية لاستمرار علاقة العمل، إذ كثيرا ما تتلخص في سوء تفاهم أو خلاف في الرأي أو في التفسير بين الأجير و المشغل حول مسألة قانونية أو تنظيمية أو اتفاقية يكفي تبادل الأراء بشكل جدي و مسؤول للوصول إلى اتفاق حولها. هذا الأسلوب الذي من شأنه أن ينمي تقاليد الاتصال و التشاور المباشر بين الأطراف لتفاد ما قد ينجز عن هذه الخلافات من مضاعفات تؤدي إلى الأضرار بمصالح الطرفين[[6]]url:#_ftn6 .
بالإضافة إلى أن هذه المحاولات الودية وما تتميز به من سرعة        و بساطة في إيجاد الحلول من شأنها أن تساهم في كسر الحواجز النفسية        و الاجتماعية بين الطرفين.
 
 
 
المطلب الثاني: المصالحة

قد عرف الفقه عقد الصلح بأنه السلم و قطع النزاع بين المتخاصمين  أما شرعا فهو عقد يقطع النزاع و المخاصمة بين طرفين أو أكثر و عرفه المشرع المغربي في الفصل 1098 من قانون الالتزامات و العقود بأنه "عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقعان قيامه و ذلك بتنازل كل منهما للآخر عن شيء يدعيه لنفسه أو لإعطائه مالا معينا أو حقا..."[[7]]url:#_ftn7
 
الفقرة الأولى: الصلح الودي

بخلاف الصلح القضائي فإن مفتشية الشغل في إطار معايشتها اليومية لمشاكل الأجراء و شكاويهم، تلعب دورا أساسيا في المصالحة بشأن نزاعات الشغل الفردية و الجماعية، بالرغم من كون ذلك يتعارض مع المهمة الأساسية الموكلة إليها و المتمثلة في مراقبة تطبيق القانون.
و أمام واقعية هذا التدخل و إيجابياته التي تؤكدها الإحصائيات النسبية المجراة قامت الدعوة لإسناد الصلح كإجراء أولي على يد مفتشي الشغل قبل إحالته على المحمكة بقصد المصادقة عليه
و إلى أن يتم ملء هاته الثغرات التشريعية، فإن الصلح المدني يبقى بعيدا عن أن يكون المؤسسة المثلى لحماية الأجراء، و إقراره قضائيا من لدن بعض المحاكم فيه تعويض لحقوقهم، و خرق لإدارة المشرع الحمائية التي أحدثت تقنية التوصيل عن صافي كل حساب بتاريخ 6 يوليوز 1954 لا لشيء إلا لإحداث قطيعة مع الصلح المدني ذي النزعة الليبيرالية و التوجه نحو تعميق إتجاه تضامني تحقيقا للعدل التوزيعي للأعباء و المنافع الاجتماعية     و في ذلك قضاء على القصور الذي يعتري الصلح المدني ذي الحجية المطلقة،       و تتأكد وجاهة إعتماد التوصيل عن صافي كل حساب لإبراء ذمة المؤاجر من خلال فشل مؤسسة الصلح المدني في الحد من النزاعات القضائية، فالأجير غالبا ما ينكر أنه أجرى صلحا مع مؤاجره لأنه لم يتسلم المبالغ المتفق عليها، في الوقت الذي يدعي فيه المؤاجر انعقاد هذا الصلح بمحضر عدد من الشهود[[8]]url:#_ftn8 .
و أشار الفصل 278 من قانون المسطرة المدنية: "تثبت في حالة التصالح شروط الاتفاق طبقا للطرق التالية يثبت الاتفاق في النزاعات المتعلقة بالشغل أو الخلافات الناشئة بين المشغل و الأجير بمقتضى أمر..."[[9]]url:#_ftn9
 
الفقرة الثانية: المحطات التي تطل عليها مسطرة الصلح:

محطات الصلح حسب مدونة الشغل الجديدة يمكن حصرها في أربع محطات:
  • المحطة الأولى: تكون عن طريق عقد الصلح طبقا للفصل 1098 و ما يليه من قانون الالتزام و العقود و بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقعان قيامه، وذلك بتنازل كل منهما للآخر عن جزء يدعيه لنفسه أو بإعطائه مالا معينا أو حقا، و هذا الاتفاق ينهي النزاع بصفة ودية بعد خضوع الطرفين إلى تنازلات متبادلة. مما يجعل الصلح نابع من إرادة مشتركة مفروض فيها أنها حرة، و خلاله يلتزم الأجير بعدم الإدعاء ضد المؤاجر يأية مطالب قضائية في الوقت الذي يتكفل المؤاجر بآدائه له مبالغ مالية مقابل هذا الالتزام دون غش أو تدليس.
 
  • المحطة الثانية: تكون محطة الصلح الثانية أمام المحكمة          و الدعوى لا زالت جارية، و يعبر كل من الطرفين عن توافقه مع الآخر طالبا الإشهاد له بالصلح و تعمل المحكمة بعد تصريح الطرفين أمامها بوقوع الصلح على الإشهاد عليه و بالتالي التنازل عن الدعوى           و ليس عن الحق.
 
  • المحطة الثالثة: و هي الصلح الذي يتجسد في وصل صافي الحساب، هذا النوع نظمته مدونة الشغل بمقتضى المادة 73 و ما يليها   و اعتبرت أن التوصيل عن تصفية كل حساب هو التوصيل الذي يسلمه الأجير للمشغل عند إنهاء العقد لأي سبب كان و ذلك عن تصفية كل الآداءات إتجاهه. كما يعتبر باطلا كل إجراء أو صلح طبقا للفصل 1098 من قانون الالتزامات و العقود يتنازل فيه الأجير عن أي أداء وجب بفائدته بفعل تنفيذ العقد أو بفعل إنهائه.
 
  • المحطة الرابعة: و هي النكهة بذاتها كما يقول الأستاذ محمد سعيد البناني و هي الصلح أمام مفتش الشغل فقبل صدور مدونة الشغل         و دخولها حيز التنفيذ بتاريخ 2004/06/08 كان تدمر شديد بالنسبة للمشغلين و بالنسبة لمفتشي الشغل، فكانوا ينتقذون القضاء الذي يلغي محاضر الصلح المنجزة من طرف أعوان التفتيش، فيبطل القاضي هذا الصلح، فحاولت مدونة الشغل أن تجعل حلا وسطا بصياغة          المادة 41 التي تنص على أنه يمكن للأجير الذي فصل من الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء إلى مسطرة الصلح التمهيدي المنصوص عليه في الفقرة الرابعة في المادة 532 من مدونة الشغل من أجل الرجوع إلى عمله أو الحصول على تعويض لكن إذا نظرنا إلى العقد الرابط بين الطرفين أي بين الأجير و المشغل سنلاحظ عدة حالات نذكر منها الحالة التالية: أن مدونة الشغل قد حددت كيفية احتساب التعويضات و جعلتها مقننة و بالتالي بعملية بسيطة سهلة يمكن أن يحددها الطرفين و بالتالي لسنا في حاجة إلى مفتش الشغل[[10]]url:#_ftn10 .
فما هو دور مفتش الشغل؟  
المبحث الثاني: دور مفتش الشغل في تسوية نزاعات الشغل الفردية و الآليات التي يعتمدها.

أكدت وثيقة وزعت خلال الملتقى الثالث لمسؤولي قطاع التشغيل ببوزنيقة حول المصالحة أو الوساطة في نزاعات الشغل أن دواعي المصالحة  و التصالح تتمثل في كثرة نزاعات الشغل الفردية أي ما يعادل 345 ألفا و 823 نزاعا فرديا كمعدل سنوي برسم السنوات العشرة الأخيرة، فضلا عن غياب ثقافة التفاوض و الحوار بين الشركاء الاجتماعيين، و اختلاف طرق            و منهجيات تدخل أعوان تفتيش الشغل[[11]]url:#_ftn11 .
 
المطلب الأول: أهمية دور مفتش الشغل:

بالنسبة لمفتش الشغل، أناطه المشرع في المادة 532 بمدونة الشغل بمهمة "إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية".
أكد حسن عجاج رئيس الجمعية المغربية لمفتشي الشغل أن عدد ملفات نزاعات الشغل الفردية التي تحال على القضاء تبلغ ما بين 30 و 40 في المائة.
موضحا أن هذه المرحلة تأتي إذا لم تفلح جلسة الصلح التي تعقد بين ممثل المؤسسة و المتضرر في إيجاد تسوية ودية للنزاع. و أضاف المتحدث نفسه في تصريح للتجديد أن نزاعات الشغل الجماعية تعرض على مفتشية الشغل، و إذا تعذر إيجاد حل، تنتقل إلى مستوى اللجنة الأولية للبحث            و المصالحة، الذي يكون فيها مفتش الشغل كمقرر، و في مرحلة ثالثة تبث اللجنة الوطنية في الملف، معلنا أن وصول الملف إلى القضاء أمر وارد في العديد من الحالات. و قال إن الأجير الذي يتعرض لحيف أو عقوبة تأديبية غير مبررة، أو طرد تعسفي أو طرد، يلجأ إلى مفتش الشغل عبر تقديم شكاية معتبرا أن الأجير يتقاضى تعويضا في حالة الطرد.
مع تسجيل محضر من جهته أكد جمال أغماني وزير التشغيل           و التكوين المهني، الاثنين الماضي بالرباط، أن أزيد من 60 بالمائة من نزاعات الشغل الفردية، التي تفوق في عددها أكثر من 35 ألف ملف سنويا، تتم تسويتها و معالجتها أمام مفتشية الشغل.
و أوضح أغماني، في كلمة ألقيت بالنيابة عنه خلال افتتاح أشغال ندوة دولية حول الطرق البديلة لتسوية منازعات العمل. أن معدل نزاعات الشغل الجماعية يتجاوز ألف نزاع سنويا، يساهم التدخل الإيجابي لمفتشية الشغل في حل نسبة 80 بالمائة منها و أشار إلى أن الوسائل البديلة لحل المنازعات شهدت اهتماما متزايدا في الآونة الأخيرة نظرا لما توفره من مرونة و سرعة في البث و قلة التكلفة و حفاظا على السرية ، فضلا عن ضمانها لمساهمة الأطراف في إيجاد الحلول التي تتلائم مع خلافاتها كيفما كانت طبيعتها و حجمها. مبرزا أن أجرأة مسطرة التحكيم تعتبر مطلبا نقابيا تم تدارسه في إطار الدورة الأخيرة للحوار الاجتماعي[[12]]url:#_ftn12 .
 
المطلب الثاني: آليات فض منازعات الشغل الفردية:

على مستوى تنفيذ أحكام القانون الاجتماعي، تلعب المحكمة دورا أساسيا في فض منازعات الشغل و يقوم مفتش الشغل بدور لا بأس به في هذا المجال. و الحقيقة أنه على الرغم من الدور الهام الذي تقوم به المحاكم في هذا الشأن فإنها لم تستطع التقليل من عدد منازعات الشغل و لم تتمكن من تحويل آلية حل النزاعات إلى أداة للحث على الزيادة في الانتاج لأن ما تقوم به المحاكم يدخل في باب الفصل في النزاع و لا يضع حدا للتوثر ما دام أن المتنازعين    لا يتحدثان نفس اللغة.
بالنسبة لمفتش الشغل إن الأمر يختلف حيث أناطه المشرع            في المادة 532 من مدونة الشغل بمهمة "... إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية. يحرر في شأن هذه المحاولات محضر يمضيه طرفا النزاع و يوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل و تكون لهذا المحضر قوة الإبراء في حدود المبالغ المبينة فيه"
و هي مهمة ليست بالسهلة كما يبدو أول وهلة كما أنها قد لا تحقق النتائج المرجوة.
فمن جهته إن مفتش الشغل هو جهاز مكلف بالمراقبة، و بالتالي       إن أي مجهود قد بقوم به في مجال المصالحة بين الأطراف قد يؤدي إلى التساهل بالنسبة لمراقبة الشغل و تطبيق القانون على المخالف و هو تساهل    قد يؤدي إلى تمادي المشغلين في الإضرار بحقوق الأجراء و من جهة أخرى إن مفتش الشغل لا يملك الوقت و لا تقنيات الوسيط لإيجاد الحلول المتفاوض عليها ناهيك عن أن الأجراء لا يثقون عادة في وساطته.
و الأهم من كل ذلك هو أن صلح مفتش الشغل لا ينهي النزاع         إلا بالنسبة للمبالغ المبينة فيه.
 
ما هو البديل؟
البحث عن أفق حل تفاوضي لدى شخص ثالث، بما أن الأطراف تتحدث لغة مختلفة و لا تدرك لغة الآخر فهي بحاجة إلى شخص ثالث يدرك مشاعرهم و طموحاتهم و يعرف جيدا لغة كل واحد منهم إن وجود هذا الشخص المحايد قد يزيل فتيل النزاع  و يعيد الأطراف الاجتماعىة إلى جادة الطريق.
بعد إزالة أسباب التوثر و تبيان مصلحتهم المشتركة المتمثلة في التعاون من أجل النهوض بالمقاولة التي تعتبر و بحق مصدر عيش الأجير و المقاول على السواء.
 
شروط نجاح البديل؟
من حيث المبدأ يشترط لنجاح البديل في الفهم القانوني و الممارسة    أن يتخلص الفكر القانوني المغربي من السلبيات العالقة به و أن يصرح عاليا بأن أحكام التصالح و التحكيم المنصوص عليها في مدونة الشغل، مدونة الأسرة لا يمكن أن تشكل أرضية صالحة لنبات الطرق البديلة لتسوية النزاعات باعتبارها مشروع حضاري يؤرخ للتخلي عن احتكار الدولة للقضاء و التأسيس لقضاء خاص يحمل بين تناياه بذور جودة العدالة و إدخال مفهومي الإنصاف   و التراضي العقلاني الهادف وسط غابة أشجار المصالح المتضاربة[[13]]url:#_ftn13 .
 
 
 
الفصل الثاني:
 التسوية القضائية لمنازعات
 الشغل الفردية:

 
إن فشل التسوية الودية لنزاعات الشغل الفردية، تتيح الفرصة أمام الطرف المتضرر باللجوء إلى قضاء الشغل أملا في التوصل إلى تسوية قضائية لذات النزاع كآخر مرحلة و آخر إجراء يسمح له بالحصول على حقوقه و تأكيد الضمانات القانونية و الحماية المقررة في التشريع و التنظيم المعمول بهما.     و هذا ما سيدفعنا إلى تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين: طبيعة و خصائص قضاء الشغل و إجراءات الدعوى (مبحث أول). اجتهادات قضائية في نزاعات الشغل الفردية (مبحث ثان).
 
 
المبحث الأول: طبيعة و خصائص قضاء الشغل و إجراءات الدعوى:

قضاء الشغل هو قضاء استثنائي بالمقارنة مع النظام القضائي العادي سواء فيما يتعلق بتشكيله أو اختصاصاته أو الإجراءات المتبعة أمامه فهو بهذا جهاز و تنظيم قضائي مستقل مختص في الفصل في منازعات الشغل، خاضع لنظام قانوني خاص به إذ يعتبر إنشاء  و تكوين أقسام اجتماعية مكلفة بقضاء الشغل على مستوى المحاكم دليلا على ذلك، تتشكل من ممثلين للعمال و ممثلين عن أصحاب العمل منتخبين برئاسة قاض، حكم بين الطرفين عند اختلاف رأيهما بغض النظر عن الصوت التداولي للممثلين فيما تتسم إجراءات التقاضي أمامها بالسهولة و البساطة و أيضا قسم الأحكام الصادرة بشأنها بالطابع المؤقت الواردة في المادة 22 من قانون رقم 1408/90  [[14]]url:#_ftn14 و سنتطرق في هذا الإطار إلى طبيعة و خصائص قضاء الشغل (مطلب أول)                                و إجراءات الدعوى (مطلب ثان).
 
المطلب الأول: طبيعة و خصائص قضاء الشغل:

لقد أشرنا من قبل إلى الطابع الاستثنائي لقضاء الشغل، بالنظر إلى النظام القضائي العادي، إلا أنه يجب القول بأن هذا الطابع يظهر بصورة واضحة و جلية إلا من خلال البحث و الدراسة المعمقة لمكونات هذا النظام القضائي، و الأسس التي يقوم عليها، ذلك أن تكليف قسم أو غرفة أو محكمة  من المحاكم بالنظر و الفصل في المسائل و المنازعات العمالية، يبدوا أمرا عاديا لمن لا يتعمق في تحليل مختلف الميكانيزمات و الاجراءات التي يعمل بها هذا القسم أو هذه المحكمة، و هو الوضع المعمول به في التنظيم القضائي الجزائي. إلا أنه في الحقيقة الأمر فإن تكليف غرفة الشؤون الاجتماعية بمهمة قضاء الشغل كمحكمة ابتدائية يمثل في حد ذاته خروج عن القاعدة، و ليس مجرد تقسيم عمل كما قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، على غرار الغرفة المدنية و التجارية و الجنائية و غيرها من الغرف الأخرى، و سبب أو أساس الاستثناء هنا يمكن أن يكمن في ثلاثة مظاهر بارزة، يتعلق الأول بتشكيل الغرفة عند النظر في منازعات العمل بينما يتمثل الثاني في بساطة الاجراءات المتبعة في الدعوى القضائية أمام هذه الغرفة، في حين يتمثل الثالث في نوعية و طبيعة الأحكام الصادرة من هذه المحكمة أو الغرفة، لا سيما من حيث قوتها التنفيدية.
فبالنسبة للمظهر أو الخاصية الأولى، نلاحظ بأن تشكيل هذه الغرفة يختلف عن تشكيل الغرف الأخرى، حيث تتكون من ممثلين للعمال و ممثلين لأصحاب العمل، إلى جانب القاضي الذي يعتبر رئيس الغرفة، و الحكم        بين الطرفين، عند اختلاف رأيهما، و هذا بغض النظر عن فعالية التمثيل المتساوي للأطراف.
أما الخاصية الثانية، فتتمثل في بساطة إجراءات التقاضي التي          لا تتطلب في المراحل الأولى – الدعوى الابتدائية – أغلب الشكليات المطلوبة في القضايا و المحاكم الأخرى، إضافة إلى الطابع الاستعجالي لقضاء العمل سواء فيما يتعلق بآجال رفع الدعوى أو الحكم فيها، و يرجع سبب الاستعجال هذا، إلى أن ظروف العامل المادية و المهنية و الاجتماعية، لا تسمح له        في أغلب الحالات بالانتظار الطويل للنظر في قضيته، لا سيما إذا تعلق الأمر بالفصل التعسفي، أو بدفع مرتب أو أجر متأخر، أو متوقف... الأمر الذي يترتب عنه بالتبعية ضرورة التنفيذ المعجل للأحكام القضائية الصادرة بشأن هذه القضايا، حيث تسمح الكثير من القوانين العمالية و الإجرائية بالخروج عن القاعدة العامة في تنفيذ الأحكام القضائية، المتمثلة في ضرورة انتظار إتمام     و استنفاذ كافة طرق الطعن و المراجعة، و اكتساب الحكم حجية الأمر المقضي فيه حتى يصبح قابلا للتنفيذ.
و إلى جانب الخصائص السابقة الذكر، يمكن إضافة خاصية أخرى، تتمثل في الإعفاء الجزئي أو الكلي لقضايا العمل من المصاريف القضائية، حيث تجمع مختلف التشريعات العمالية و الإجرائية على الإعفاء قضايا العمل بصفة كلية أو جزئية من المصاريف القضائية، سواء بصفة مباشرة و صريحة أو عن طريق توسيع الاستفادة من المساعدة القضائية[[15]]url:#_ftn15 .
 
المطلب الثاني: إجراءات الدعوى:

نقصد بإجراءات الدعوى الجانب الذي يرتبط بشكل انعقاد الجلسة داخل المحكمة في إطار الغرفة الاجتماعية بالمحاكم الابتدائية و يمكن التمييز في هذا الإطار بين شكل انعقاد الجلسة و بين مسطرة التصالح و ما يمكن اعتباره ثمرة كل هذه الإجراءات و هي إصدار الحكم و على هذا الأساس نتناول هذا الجانب من الإجراءات في ثلاثة فقرات.
 
الفقرة الأولى: شكل انعقاد الجلسة:

لا شك أن شكل انعقاد جلسة نزاعات الشغل يرتبط بما إذا كانت هيئة المحاكمة فردية أو جماعية، و ما إذا كانت المرافعة أثناء انعقاد الجلسة شفوية أو كتابية لذلك يمكن التمييز في هذا الإطار بين نقطتين رئيسيتين على الشكل التالي:
 
أولا: هيئة الجلسة جماعية:

تنعقد الجلسة في قضايا نزاعات الشغل بصفة عامة بهيئة جماعية مؤلفة من ثلاثة قضاة و كاتب ضبط و تكون بمشاركة أربعة مستشارين متساوين   بين المشغلين و المأجورين أثناء البث في الخلافات المتعلقة بالشغل أو الخلافات الناشئة بين المشغل و الأجير ما لم يتعذر حضورهم كما يقرره ذلك الفصل 270 من قانون المسطرة المدنية.
و قد أوضح الفصل 271 من نفس القانون على أن طريقة تعيين المستشارين و القواعد المنظمة لهم تحدد بمقتضى مرسوم، و قد صدر        هذا المرسوم بالفعل بتاريخ 28 شتنبر 1974.
و قد عرفت تجربة مشاركة هؤلاء المستشارين في فترة من الفترات   إلا أن التجربة العملية قد أبانت عن تعذر حضور هؤلاء و عدم نجاعة حضورهم إلى جانب هيئة الحكم، نظرا لكون حضورهم كان يعرقل المسطرة لذلك أصبح الأصل هو انعقاد الجلسة في غيبتهم، لذلك عادة ما نجد في أحكام نزاعات الشغل بصفة عامة حيثية تشير إلى تعذر حضور المستشارين الاجتماعين.
و قد كانت الجلسة تنعقد من قبل قاض منفرد بمشاركة المستشارين    في حالة حضورهم إلا أنه بعد إقرار نظام القضاء الجماعي              بمقتضى ظهير 10 شتنبر 1993 أصبحت تعقد بهيئة ثلاثية حيث تم استبدال كلمة قاضي بكلمة محكمة كما نحث على ذلك المادة الأولى من هذا الظهير.
 
ثانيا: مرافعات الجلسة الشفوية:

نظرا لطبيعة القضايا التي تعرض على غرفة نزاعات الشغل           و التي تتطلب إجراء بحث لفائدة الأجير أو المؤاجر                              فقد نص الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية على كون الجلسة تنعقد شفوية، حيث أدرجت القضايا الاجتماعية إلى جانب باقي القضايا التي يطبق فيها هذا الشكل من المرافعة، و ينطبق هذا المبدأ أيضا على محكمة الاستئناف كما قرر ذلك المجلس الأعلى في بعض قراراته.
لكن إقرار هذا المبدأ لا يمنع من تداول المذكرات بين هذا الطرف      و ذلك لأنه لا يتنافى مع التسوية كما يعتبر أضمن لتوثيق ردود و دفوعات الأطراف، ذلك أن ظروف انعقاد الجلسة، و على خلاف ذلك فإن إقرار كتابية الجلسة هو الذي لا يسمح بجعل الجلسة شفوية.
 
الفقرة الثانية: مسطرة التصالح:

تعتبر مسطرة محاولة إجراء التصالح بين الطرفين التي تقوم           بها المحكمة إلزامية كما ينص الفصل 277 من قانون المسطرة المدنية          و يترتب على إغفالها بطلان الحكم الذي يصدر بدون احترامها، بل إن الحكم الابتدائي إذا أغفلها و تم الاستئناف فإن محكمة الاستئناف ترجعه إلى محكمة الدرجة الأولى لإجراء هذه المسطرة، و عملية محاولة الصلح إن تمت غالبا ما يتخذ المبادرة فيها المشغل و ذلك باقتراحه إرجاع الأجير إلى عمله، إلا أن هذا العرض نادرا ما يؤدي إلى نتيجة إيجابية، حيث يلقى رفضا صريحا أو ضمنيا من الأجير.
أما الحالة الغالبة للصلح فتتم بين الطرفين مباشرة و في غيبة المحكمة، حيث يلتمس المشغل من المحكمة أحيانا و في دعوى أو جلسة مهلة لإجراء محاولة الصلح بينه و بين الأجير، و حينما تسفر هذه المحاولة عن نتيجة مرضية للطرفين فإن الأجير أو دفاعه يلتمس من المحكمة في الجلسة الموالية الإشهاد بالتنازل عن الدعوى.
إلا أن ما يحدث أحيانا هو أن أحد الأطراف لا يتقيد بشروط الصلح     و هو ما يجعل الدعوى تعرض مرة أخرى على المحكمة و يجد الأجير سنده في ذلك في أن التنازل عن الدعوى لا يسقط الحق.
 
الفقرة الثالثة: إصدار الحكم:

لا شك أن إصدار الحكم يعتبر أهم مرحلة في كل الإجراءات         التي تمر بها الدعوى حيث يشكل بمثابة ثمرة المجهود الذي تبدله المحكمة ذلك أن الدعوى بعدما تقطع أشواطا من الإجراءات تأتي مرحلة إصدار الحكم،      و ما يهم في هذا الإطار هو أن يشكل هذا السبب الرسمي بناءا قانونيا متكامل الأجزاء متراص الأركان يطبعه التسلسل المنطقي ، بمعنى أن يتضمن         ما هو منطقي و ما هو قانوني و واقعي مع ربط الواقع بالقانون وعدم وجود  أي تناقض بين مختلف أجزائه.
و حيثيات الحكم و الأسس القانونية و الواقعية تعتبر الركائز الأساسية التي يستند عليها الحكم في بنائه لذلك يجب أن تكون واضحة لا يشوبها غموض و أن تكون مقنعة.
كما يتعين النطق بنتيجة الحكم في موعده المقرر أثناء حجزه للمداولة، كما يجب أن يتم ذلك بعد تحريره بجميع أجرائه و تضمين منطوقه بظاهر الملف.
كما يجب أن تكون عناصر الحكم مستقلة عن بعضها البعض            و غير متداخلة، فإذا كانت وقائع و إجراءات الدعوى تعتبر مجرد سردا        و تلخيص لإدعاء المدعي و لجواب المدعى عليه و تعقيب أحدهما على الآخر و لكل ما راج بالجلسة فإن تعليل الحكم يجب أن يركز على وضع الوقائع و في إطارها القانوني مع إبراز الطريقة التي من خلالها توصل إلى النتيجة، كما أن منطوق الحكم يعتبر النتيجة الحاسمة للنزاع و التي تعدد من خلالها المراكز الحقوقية للأطراف، لذلك و حتى يتميز كل جزء عن باقي الأجزاء يستحسن و ضعه تحت عنوانه المناسب[[16]]url:#_ftn16 .
 
المبحث الثاني: اجتهادات قضائية في نزاعات الشغل الفردية:

يعتبر القضاء و ما يصدر عنه من أحكام مصدرا تفسيريا للقاعدة القانونية، كما يساعد الاجتهاد القضائي على ملائمة القاعدة للنازلة المعروضة عليه، مما يساعد على إجلاء الغموض و إعطاء القانون قوته، خاصة عندما يصدر القرار القضائي من أعلى سلطة قضائية كالمجلس الأعلى.
و يتميز الاجتهاد القضائي، في قانون الشغل، بتعدده و أهميته العلمية. و مجموع الأحكام التي تصدر عن القضاء تساعد على تطوير القاعدة القانونية بعد تطبيقها و ملائمتها مع الواقع الشغلي[[17]]url:#_ftn17 و من هذا المنطلق               سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين: أحكام قضائية خاصة بنزاعات الشغل الفردية (مطلب أول). و قرارات المجلس الأعلى بخصوص نزاعات               الشغل الفردية (مطلب ثان).
 
المطلب الأول: أحكام قضائية خاصة بنزاعات الشغل الفردية:

الحكم القضائي هو "القرار الصادر من محكمة في خصومة بالشكل الذي يحدد القانون للأحكام، سواء كان صادرا في أثناء سير الخصومة أو في نهايتها، سواء كان صادرا في موضوع الخصومة أو في مسألة إجرائية". فكل ما يصدر عن محكمة من قرارات بخصوص الخصومة المعروضة عليها يعد حكما قضائيا متى صدر بالشكل القانوني للأحكام أيا كان وقت صدوره     و أيا كان مضمونه. و من تم يتسع مفهوم الحكم القضائي ليشمل الأحكام الفاصلة في الموضوع و هي التي تفصل في الطلبات و الدفوع الموضوعية سواء بإجابتها أو برفضها، و الأحكام الإجرائية و هي التي تفصل في مسألة إجرائية أثناء سير الخصومة أو في أي مسألة ترتبط أو تتصل بإجراءات دون التعرض لموضوع الدعوى[[18]]url:#_ftn18 .
 
 
المحكمة الابتدائية بالمحمدية
حكم رقم 183
صادر بتاريخ 2010/02/18
ملف رقم 2008/713
بين
 
باسم جلالة الملك
 
أصدرت المحكمة الابتدائية بالمحمدية يوم 2010/02/18
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين: .

 
 
الـوقـائــــــــــع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المقدمة من طرف المدعية بواسطة نائبها إلى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 2008/9/19 و المعفى من أداء الرسوم القضائية بقوة القانون الذي يعرض فيه أنها كانت تشتغل لدى المدعى عليه كممرضة و كاتبة منذ 1981/12/8 بأجرة شهرية قدرها (2000) درهم إلى أن تم فصلها عن العمل بشكل تعسفي بتاريخ 2008/7/31 دون موجب قانوني لأجله تلتمس الخصم على المدعى عليه بأدائه لها التعويضات التالية:

  • عن الضرر مبلغ (81.000) درهم
  • عن الخطأ مبلغ (20.000) درهم
  • عن الفصل مبلغ (13.838) درهم
  • عن الأقدمية مبلغ (150.000) درهم و شمول الحكم بالنفاذ المعجل      و إرفاق المقال بشهادة العمل.
و بناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من قبل المدعى عليه بواسطة نائبه بجلسة 2009/3/05 و التي تلتمس من خلالها الحكم بعدم قبول الطلب لانعدام الصفة و احتياطيا إجراء بحث.
         و بناء على الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة              بتاريخ 2009/4/30 و القاضي بإجراء بحث في النازلة.
و بناء على جلسة البحث المنعقدة بتاريخ 2009/9/23 حضرها نائبا الطرفين وحضرت المدعية و المدعى عليه و حضرت الشاهدة سعيدة ابن معبر و صرحت المدعية أنها كانت تشتغل لدى المدعى عليه                          منذ سنة 1981 إلى غاية 2008 بصفة مستمرة الأجرة                           ما بين (2000 و 2500) درهم و أكدت أنها طردت من العمل بسبب إقفال العيادة و أكدت بمقالها و أقر المدعى عليه بالأجرة و الاستمرارية و المدة       و أكد المدعى عليه أن المدعية غادرت العمل بشكل تلقائي مضيفا أن العيادة حاليا مقفلة بسبب ظروفه الصحية و صرحت الشاهدة بأن المدعية كانت تشتغل لدى المدعى عليه طيلة المدة المضمنة في المقال و بشكل مستمر                و أن سبب تركها العمل من الظروف الصحية للمدعى عليه
و بناء على المذكرة التعقيبية بعد البحث المدلى بها من قبل المدعية بواسطة نائبها بجلسة 2010/1/14 و التي التمس من خلالها الحكم وفق المقال الافتتاحي و رد جميع دفوعات المدعى عليه لعدم ارتكازها على أساس قانوني سليم.
و بناء على المذكرة التعقيبية بعد البحث المدلى بها من قبل المدعى عليه بواسطة نائبه بجلسة 2009/12/03 و التي يعرض من خلالها أنه أصبح عاجزا عن العمل و بسبب ذلك ترك العيادة و أنه توسط للمدعية للاشتغال   لدى طبيب آخر ملتمسا الحكم برفض الطلب و ارفاق المذكرة بنسخة من رسالة إعذار و نسخة من بطاقة الاشتراك لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و شهادة طبية
و بناء على إدراج ملف النازلة بعدة جلسات آخرها                   جلسة 2010/1/14 حضرها نائبا الطرفين و أكد ما سبق                      مما تقرر معه حجز القضية
 
 
 
الـتـعـلـيــــــل
في المداولة قصد النطق بالحكم بجلسة 2010/2/18
و بعد المداولة طبقا للقانون:
بناء على تعذر الصلح و حضور المستشارين
من حيث الشكل: حيث أن المقال استوفى شروطه الشكلية اللازمة قانونا لذا فهو مقبول الشكل
من حيث الموضوع: حيث التمست المدعية الحكم لها بمطالبها أعلاه لطردها من العمل بشكل تعسفي.
و حيث تمسك المدعى عليه في معرض جوابه بأنه لم يقم بطرد المدعية و أنها غادرت العمل بشكل تلقائي ليضيف في جلسة البحث بأن المدعية تركت العمل بسبب إقفال العيادة لظروف صحية.
و حيث أن المحكمة بعد إطلاعها على مختلف وثائق الملف و ما راج بجلسة البحث تبين لها أن المدعى عليه استغنى عن خدمات المدعية بإرادته المنفردة و دون تمكينها من مستحقاتها المخولة لها بمقتضى القانون و بذلك تبقى الدفوعات المثارة من قبله غير مبررة قانونا و ينبغي ردها.
و حيث استنادا لما تم بسطه أعلاه تكون واقعة الطرد التعسفي تابثة       في النازلة و تستحق المدعية تبعا لذلك التعويضات التالية:

  1. عن الضرر: حيث أن إنهاء المدعى عليه لعقد العمل الذي يربطه بالمدعية دون موجب قانوني ألحق بهذه الأجيرة ضررا يستوجب التعويض عنه على أساس أجرة شهر و نصف عن كل سنة عمل    حسب مبلغ (60.000) درهم طبق مقتضيات                          المادة 41 من مدونة الشغل.
  2. عن الفصل: حيث قضت المدعية في خدمة المدعى عليه               أزيد من ستة أشهر من العمل مما يجعلها مستحقة هذا التعويض حسب مبلغ (52768) درهم و في حدود الطلب تستحق مبلغ (13838) درهم.
  3. عن الإخطار: حيث أن أجل الإخطار بالنسبة للصنف المهني الذي تنتمي إليه المدعية و مدة عملها هو أجرة شهرين من العمل                  حسب مبلغ (4000) درهم طبقا المرسوم دجنبر 2004
  4. عن الأقدمية: حيث أن ملف النازلة خال ما يفيد – براءة ذمة المدعى عليه من التعويض عن الأقدمية مما يتعين معه الحكم عليه بأدائها    حسب مبلغ (109.920) درهم
و حيث أن النفاذ المعجل بقوة القانون بخصوص التعويض عن الأقدمية.
و حيث يتعين تحميل المدعى عليه الصائر.
 
الـحـكــــــم
و تطبيقا للفصول 1- 2- 3 – 32 من ق.م.م و مقتضيات مدونة الشغل:
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا و حضوريا:
في الشكل: قبول الطلب
في الموضوع: الحكم على المدعى عليه بأدائه للمدعية للتعويضات            عن الضرر: (60.000) ستون ألف درهم
عن الفصل: (13838) ثلاثة عشر ألفا و ثمانية و ثلاثون درهم
عن الإخطار: (4000) أربعة آلاف درهم
عن الأقدمية: (109.920) مائة و تسعة آلاف و تسعمائة و عشرون درهم
و شمول الحكم بالنفاذ المعجل بخصوص التعويض عن الأقدمية و تحميل المدعى عليها الصائر.
الرئيس                      القاضي المقرر                        كاتب الضبط
[[19]]url:#_ftn19   
 
المحكمة الابتدائية بالمحمدية
حكم رقم 419
صادر بتاريخ 2010/04/08
ملف رقم 2004/493

 
باسم جلالة الملك
 
أصدرت المحكمة الابتدائية بالمحمدية يوم 2010/04/08
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

الـوقـائـــــــــــع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المقدمة من طرف المدعي بواسطة نائبه إلى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 2004/10/27                        و المعفى من أداء الرسوم القضائية بقوة القانون الذي يعرض فيه              أنه كان يشتغل لدى المدعى عليها منذ 2000/3/08 و أنه فوجئ بطرده       من العمل بتاريخ 2004/2/21 دون مبرر مشروع لأجله يلتمس الحكم      على المدعى عليها بإدائها لفائدته التعويضات التالية:

  • عن الطرد التعسفي مبلغ (30.000) درهم
  • عن الإعفاء مبلغ (15.000) درهم
  • عن الأقدمية مبلغ (2.000) درهم مع تسليمه شهادة العمل تحت طائلة غرامة تهديدية من تاريخ الامتناع .
و بناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من قبل المدعى عليها بواسطة نائبها و التي يعرض من خلالها أن المدعي هو الذي غادر عمله تلقائيا و ذهب للعمل في شركة أخرى و أنها أنذرته للرجوع للعمل توصل به             بتاريخ 2004/8/06
و بناء على جلسة البحث المنعقدة بتاريخ 2006/1/5 حضرها نائبا الطرفين و أكد الممثل القانوني للمدعى عليها بأن المدعي غادر العمل تلقائيا    و هو ما أكده الشاهد عبد القادر جناد.
و بناء على المذكرة التعقيبية بعد البحث المدلى بها من طرف نائب المدعى عليها و التي إلتمس من خلالها الحكم برفض الطلب لإنتفاء واقعة الطرد التعسفي.
و بناء على الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة و القاضي بإجراء بحث تكميلي في النازلة.
و بناء على قرار المحكمة القاضي بصرف النظر عن إجراء البحث التكميلي لتخلف نائبا الطرفين رغم الإعلام.
و بناء على إدراج القضية بعدة جلسات آخرها جلسة 2010/3/18 حضرها نائبا الطرفين و أكد ما سبق مما تقرر معه  حجز القضية في المداولة قصد النطق بالحكم بجلسة 2010/4/08.
الـتـعـلـيــــــل
و بعد المداولة طبقا للقانون:
بناء على تعذر الصلح و حضور المستشارين.
من حيث الشكل: حيث أن المقال استوفى شروطه الشكلية اللازمة قانونا لذا فهو مقبول شكلا.
من حيث الموضوع: حيث التمس المدعي الحكم بمطالبه أعلاه لطرده من العمل بشكل تعسفي.
و حيث تمسكت المدعى عليها في جوابها بأن المدعي غادر العمل بصفة تلقائيا.
و حيث حضر الشاهد المستمع إليه بجلسة البحث و أكد بأن المدعي غادر عمله بشكل تلقائي و أن المدعى عليها لم تقم بطرده.
و حيث استنادا لتصريحات الشاهد أعلاه تكون واقعة المغادرة التلقائية تابثة في حق المدعي و يكون تبعا لذلك طلبات التعويض الناتجة عن إنهاء العقد غير مبررة و يتعين ردها و المتمثلة: في التعويض عن الإخطار و الإعفاء     و الطرد التعسفي.

  1. عن الأقدمية: حيث أن التابث من خلال ورقة الأداء الملقاة بالملف      أن المدعي كان يتقاضى التعويض عن الأقدمية مما يتعين رفض       هذا الشق من الطلب.
  2. و حيث أن شهادة العمل هي حق من الحقوق المدعي و ينبغي الحكم بتسليمها له تحت طائلة غرامة تمهيدية قدرها خمسون (50) درهما    عن كل يوم تأخير عن التنفيذ.
و حيث يتعين إشفاع الحكم بالنفاذ المعجل بخصوص تسليم شهادة العمل.
و حيث يتعين تحميل المدعى عليها الصائر.
 
 
 
 
 
الـحـكـــــــــــم
و تطبيقا للفصول 1- 2– 32 من ق.م.م و مقتضيات مدونة الشغل:
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا و حضوريا
في الشكل: قبول الطلب
في الموضوع: الحكم على المدعى عليها في شخص ممثلها القانوني بتسليمها للمدعي شهادة العمل تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها خمسون (50) درهما عن كل يوم تأخير عن التنفيذ من تاريخ الامتناع و شمول الحكم بالنفاذ المعجل بخصوص تسليم شهادة العمل و تحميل المدعى عليها الصائر                    و رفض      باقي الطلبات.
الرئيس                       القاضي المقرر                        كاتب الضبط
[[20]]url:#_ftn20   
 
 
 
 
 
 
 
المحكمة الاستئناف بالدار البيضاء
حكم رقم 1117
صادر بتاريخ 2010/04/01
ملف رقم 2008/388

 
باسم جلالة الملك
 
أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء يوم 01/04/2010
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

الــوقــائـــــــــــع
بناء على المقال الافتتاحي المودع بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 2008/07/07 و المعفى من أداء الرسوم القضائية بقوة القانون و الذي يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه أنه عمل لدى المدعى عليها منذ 25/08/2000     إلى أن طرد من عمله بتاريخ 2008/05/09
ملتمسا الحكم له
بمراجعة الأجور المؤداة منذ تاريخ الدخول إلى العمل بقصد         أداء التكملة عنها تطبيقا للحد الأدنى للأجر.
و أداء التعويضات التالية:

  • التعويض عن العطلة السنوية لسنة 2007
  • التعويض عن مهلة الإخطار مبلغ (80.000) درهم
  • التعويض عن الأقدمية مبلغ (30.000) درهم
  • التعويض عن الفصل مبلغ (85.000) درهم
و منحه شهادة العمل
مع القول بالنفاذ المعجل و الصائر.
و قد أرفق المقال بصورة لبطاقة الشغل و إشعار بالانقطاع عن العمل      و طلب التعويضات اليومية في حالة مرض من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
و بناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف ذ/ محمد شاعر بجلسة 2009/01/15 و التي يعرض فيها أن دعوى المدعي واهية و لا ترتكز على أي أساس قانوني لأنه لم يلجأ إلى مسطرة الصلح المنصوص عليها قانونا بواسطة السيد مفتش الشغل.
و أن المدعي ارتكب خطأ جسيما و المتمثل في السكر العلني و عدم احترام الرؤساء في العمل و توجيه عبارات السب و الشتم و إلحاق خسائر بوسائل العمل الموضوعة رهن إشارته و تهديد أمن و ملائمة الشركة و العمال الآخرين.
و أن العارضة قامت باستدعائه لحضور المجلس التأديبي بإشعاره بالتوقيف عن العمل إلى حين انعقاد المجلس و لكن المدعي تخلف عن الحضور          و لم يتصل بالشركة مما جعلها تبعث برسالة لاشعار السيد مفتش الشغل
ملتمسا بذلك رفض الطلب.
و أرفقت المذكرة الجوابية بنسخة رسالة إلى المدعي:

  • نسخة رسالة إلى السيد مفتش الشغل
  • لائحة الشهود.
و بناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 2009/02/05 و القاضي بإجراء بحث في ملف المدعي لإثبات العلاقة الشغلية و استمراريتها و مدتها   و أسباب إنتهائها.
و بناء على جلسة البحث المنعقدة بتاريخ 2009/12/16 تخلف المدعي رغم تلق الإعلام حضر ذ/ ماهر المداوي و حضر الشهود المدعى عليها يلبوط الرايس و المصطفى بونزار و حضر ممثل المدعى عليها، و صرح أن المدعي كان يشتغل لدى المدعى عليها لمدة خمس سنوات بصفة مستمرة كطباخ.
و أكد أن المدعي حضر إلى مقر العمل و هو في حالة سكر و استعمل الضوضاء داخل مقر العمل. و غادر العمل من تلقاء نفسه و أن المشغلة راسلته قصد الرجوع إلى العمل و توصل بالرسالة و لم يرجع إلى العمل.
و نودي على شاهد المدعى عليها المسمى يلبوط الرايس و بعد نفيه العداوة و القرابة و المصاهرة و السوابق العدلية و أدائه اليمين القانونية و بعد تذكيره بعواقب شهادة الزور صرح أن المدعي قام بسب أحد العاملين بالشركة         و أحدث فوضى داخل مقر العمل و أنه كان في حالة سكر ثم غادر العمل      من تلقاء نفسه.
و عن سؤال ذ/ ماهر صرح أن المدعي لم يضرب أحدا.
و نودي على شاهد المدعى عليها المصطفى بونزار و بعد نفيه العداوة     و القرابة و المصاهرة و السوابق العدلية و أدائه اليمين القانونية و بعد تذكيره بعواقب شهادة الزور صرح أنه يعمل لدى المدعى عليها و أكد تصريحات الشاهد السابق.
و إلتمس ذ/ ماهر أجلا لإحضار موكله و الشهود لجلسة 2010/02/10       و جلسة البحث المنعقدة بتاريخ 2010/02/10 حضر ذ/ شاعر عن المدعى عليها و تخلف الممثل القانوني رغم سابق الإعلام و تخلف نائب المدعي       ذ/ ماهر رغم سابق الإعلام.
و أدلى ذ/ شاعر بما يفيد توصل الشهود
و بعد إجراء محاولة الصلح لتخلف الطرفين
و أدلى ذ/ شاعر بلائحة التصريح بالأجور لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
و بناء على مذكرة بعد البحث المدلى بها من طرف ذ/ شاعر      بجلسة 2010/03/11 أكد فيها الممثل القانوني للعارضة أن المدعي ارتكب أخطاء جسيمة داخل العمل.
و أكد الشهود ذلك و أنه غادر مقر العمل من تلقاء نفسه بعد إحداثه الفوضى.
و توصل المدعي بإنذار من أجل الالتحاق بالعمل و المثول           أمام المجلس التأديبي فوجهت نسخة منها للمدعي ليلتحق بالعمل إلا أن المدعي  رغم توصله لم يستجب للاستدعاء و لم يلتحق بعمله
و بناء على إدراج الملف بعدة جلسات آخرها جلسة 2010/03/11 حضرها ذ/ شاعر و أدرج بالملف مذكرة بعد البحث تسلم ذ/ ماهر نسخة منها.
الــتـعـلـيـــــــل
مما تقرر معه حجز القضية أي المداولة قصد النطق بالحكم        بجلسة 01/04/2010.
 
و بعد المداولة طبقا للقانون:
بناء على تعذر الصلح و حضور المستشارين.
من حيث الشكل: حيث أن المقال استوفى شروطه الشكلية اللازمة قانونا لذا فهو مقبول شكلا.
من حيث الموضوع: حيث تقدم المدعي بمطالبه المسطرة بمقاله الافتتاحي و إلتمس الحكم وفقها لطرده من العمل بشكل تعسفي.
و حيث تمسكت المدعى عليها في جوابها بأن المدعي ارتكب       أخطاء جسيمة بداخل الشركة تمثلت في حضوره لمقر العمل                     و هو في حالة سكر و قام بسب و شتم أحد المسؤولين و حاول الإعتداء عليه   ثم غادر العمل من تلقاء نفسه.
و حيث أن التابث من خلال ما راج بجلسة البحث و تصريحات شهود المدعى عليها أن المدعي ارتكب فعلا أخطاء جسيمة تمثلت في حضوره     لمقر العمل و هو في حالة سكر و اعتداءه بالضرب على رؤسائه.
و حيث برجوع المحكمة لوثائق الملف و خاصة المدلى بها            من قبل المدعى عليها تبين لها أن المدعى عليها ما من بتطبيق مقتضيات    المادة 62 و ما يليها من مدونة الشغل تطبيقا سليما في حق المدعي              و ذلك بمقتضيات استدعاء للمدعي للحضور للمجلس الذي سينعقد          بتاريخ 29/09/2008 توصل به بتاريخ 17/5/2008 و تخلف عن الحضور مما أدى بالمدعى عليها إلى بعث رسالة  للسيد مفتش الشغل لإشعاره بذلك      و حيث إضافة إلى ما تم بسطه فإن شهود المدعى عليها أكدوا بجلسة البحث واقعة المغادرة التلقائية في حق المدعي.
و حيث تبين للمحكمة من خلال ما سلف ذكره أن واقعة الطرد التعسفي غير تابثة في النازلة مما يتعين معه رد الطلبات المتعلقة بالتعويض عن الضرر و الفصل و الإخطار.
و حيث أن طلب التعويض عن العطلة السنوية لسنة 2007 غير مبرر قانونا و ينبغي رفضه لخلو ملف النازلة مما يفيد براءة ذمة المدعى عليها     من التعويض عن الأقدمية مما يتعين معه الحكم عليها بأدائها                 حسب مبلغ (8.118) درهم طبق مقتضيات المادة 350 من مدونة الشغل.
و حيث أن شهادة العمل هي حق من حقوق المدعي و ينبغي الحكم بتسليمها له تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 50 درهم عن كل يوم تأخير     عن التسليم من تاريخ الامتناع.
و حيث أن النفاذ المعجل بقوة القانون بخصوص التعويض            عن الأقدمية.
 
 
 
الـحـكــــــــم
و تطبيقا للفصول 1- 2- 3 من ق.م.م و مقتضيات مدونة الشغل:
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا و حضوريا
في الشكل: بقبول الطلب
في الموضوع: الحكم على المدعى عليها في شخص ممثلها القانوني بأدائها لفائدة المدعي  تعويضا عن الأقدمية قدره (8.118) ثمانية آلاف و مائة و ثمانية عشر درهم مع تسليمه شهادة العمل تحت طائلة غرامة تهديدية              قدرها (50) خمسون درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ من تاريخ الامتناع     و شمول الحكم بالنفاذ المعجل فيما يخص التعويض عن الأقدمية و تسليم شهادة العمل و تحميل المدعى عليها الصائر و رفض باقي الطلبات.
  الرئيس                       القاضي المقرر                     كاتب الضبط
[[21]]url:#_ftn21  
 
المطلب الثاني: قرارات المجلس الأعلى بخصوص نزاعات الشغل الفردية:
جاء في الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية:"يبت المجلس الأعلى       ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك في:

  1. الطعن بالنقض ضد الأحكام الانتهائية الصادرة عن جميع محاكم المملكلة باستثناء:
الطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين ألف (20.000) درهم و الطلبات المتعلقة باستيفاء واجبات الكراء و التحملات الناتجة عنه أو مراجعة السومة الكرائية.
  1. الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة.
  2. الطعون المقدمة ضد الأعمال و القرارات التي يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم.
  3. البث في تنازع الاختصاص بين محاكم لا توجد محكمة أعلى درجة مشتركة بينها غير المجلس الأعلى.
  4. مخاصمة القضاة و المحاكم غير المجلس الأعلى.
  5. الإحالة من أجل التشكك المشروع.
  6. الإحالة من محكمة إلى أخرى من أجل الأمن العمومي أو لصالح حسن سير العدالة"[[22]]url:#_ftn22 .
 
و جاء في الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية: "إذا قضى المجلس الأعلى بنقض حكم احال الدعوى إلى محكمة أخرى من درجة المحكمة التي نقض حكمها أو بصفة استثنائية على نفس المحكمة التي صدر عنها الحكم المنقوض و يتعين إذ ذاك أن تتكون هذه المحكمـة مـن قضاة لم يشاركوا بوجه من الوجوه أو بحكم وظيف ما في الحكم الذي هو موضوع النقض..."
[[23]]url:#_ftn23 .

و جاء في الفصل 375 من قانون المسطرة المدنية: "يصدر المجلس الأعلى قراراته في جلسة علنية"باسم جلالة الملك""[[24]]url:#_ftn24 .
و انطلاقا من الفصول السابقة الذكر سنرصد الأمثلة لقرارات المجلس الأعلى بخصوص نزاعات الشغل الفردية التي تكون بين أجير و مشغل           و من ضمنها:
القرار عدد 920
المؤرخ في 05-11-2002
الملف الاجتماعي عدد 2002/1/5/627
نزاعات الشغل – خطأ جسيم – الفصل من العمل – التعويض (لا)
رفض الأجير للعمل الموكول له في حدود اختصاصه السابق و دون المساس بامتيازاته، يشكل خطأ جسيما في حقه يجعل الفصل مشروعا و يحرمه من التعويض.
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى
و بعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، و من القرار المطعون فيه أن الطاعن كان يشتغل لدى المطلوبة في النقض إلى أن تعرض للطرد بصورة تعسفية فقضت المحكمة الابتدائية برفض طلبه فاستأنف الحكم المذكور فصدر القرار المطعون فيه بالنقض.
بشأن الوسيلة الأولى و الثانية مجتمعين:
يعيب الطاعن على القرار المطعون فيه خرق الفصل 6 من النظام النموذجي المؤرخ في1948/10/23  مع خرق مسطرة الإنذار و خرق الفصل 230 من ق.ل.ع مع نقصان التعليل الموازي لانعدامه ذلك أن المطلوبة         في النقض لم تدل بما يثبت أنها قامت بإشعار الطاعن و أنه توصل به بصفة قانونية فتكون بذلك قد فسخت العقد فسخا تعسفيا خصوصا أنها إدعت ارتكابه لخطأ جسيم يتمثل في عدم الامتثال لأوامر رؤساءه و عدم القيام بأعمال تدخل    في اختصاصه إلا أنه لم تدل بما يفيد إنذاره بهذا الشأن إضافة إلى إحضار مفتش الشغل إلا أن المحكمة لم تتأكد من ذلك و من سلامة مسطرة الإنذار             كما أن الطاعن أوضح للمحكمة على أنه كان يعمل كمهيأ للآلة و ليس كنساج     و السبب في ذلك هو أن مشغلته أعفته من ذلك لأنه ضعيف البصر و اعتذر    لأن عملية النسيج تستلزم قوة بصرية لم يعد يتوفر عليها و نظرا لأنها كلفته بتهييئ الآلات تكون قد غيرت بنود العقد و لهذا رفض القيام بعمل يخرج       عن تخصصاته و أنه أدلى خلال المرحلة الاستثنائية ببطاقتين للشغل تتبثان بأنه يعمل كمهيأ للآلات منذ 1983 و بعد ذلك لم تعد له أية صلة بالعمل              منذ أزيد من ستة عشر سنة كما أدلى بشواهد طبية تثبت عدم قدرته على العمل الذي أنيط به و محكمة الاستئناف لم تلتفت لذلك و اكتفت بالأخذ بشهادة الشاهد، كما أن هذا يشكل تغييرا لبنود العقد بصفة انفرادية هذا بالإضافة إلى أن محكمة الاستئناف عللت قرارها بأن عملية النسيج تدخل ضمن اختصاصه              فإنه جاء ناقص التعليل ذلك لأن الطاعن تبين بأنه عمله ينحصر في تهييئ الآلات و أدلى بما يثبت ذلك و المشغلة حينما كلفته بتعويض أحد النساجين تكون        قد أمرته بالقيام بعمل خارج اختصاصه، فالوصف الذي أعطته المحكمة للعمل وصفا خاطئا يتعين معه نقض القرار.
لكن من جهة: حيث إن ما أثاره الطاعن بخصوص عدم احترام المشغلة لمسطرة الإنذار المنصوص عليها في الفصل السادس من النظام النموذجي المؤرخ 1948/10/23 فإنه يعتبر دفع جديد لم يسبق إثارته أمام قضاة الموضوع بل أدلى به لأول مرة أمام المجلس الأعلى و هو دفع يختلط فيه الواقع بالقانون.
و من جهة ثانية: فإن محكمة الاستئناف و بما لها من سلطة تقديرية    في تقييم الحجج و الشهادة و لا رقابة عليها في ذلك من طرف المجلس الأعلى إلا من حيث التعليل يثبت لها من خلال البحث المنجز أن الطاعن كان يعمل كمهيأ لآلة النسيج و أصبح يعمل كنساج و هو العمل الذي عمل على رفضه علما بأنه سبق أن عمل بهذه الصفة كنساج كما أن الشاهد المسمى مساعيد الحسين     و بعد أدائه اليمين القانونية أفاد بأن العمل الموكول للأجير ليس بعمل أجنبي عنه بل هو من اختصاصه و سبق أن مارسه دون المساس بامتيازاته لهذا فإن رفضه يعد من الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها في الفصل السادس من النظام النموذجي المؤرخ 1948/10/23 رفض إنجاز شغل يدخل ضمن اختصاصه  هذا جاء معللا تعليلا صحيحا و كافيا و لم يخرق                                   بذلك مقتضيات الفصل 230 من ق.ل.ع فتبقى الوسيلة الأولى في فرعها الأول غير مقبولة و غير جديرة بالاعتبار بالنسبة للفرع الثاني منها                        و كذا الوسيلة الثانية.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب و بتحميل الطالب الصائر
و به صدر القرار و تلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد رئيس الغرفة عبد الوهاب عبابوا و المستشارين السادة: مليكة بتراهير مقررة و الجيب بلقصير و يوسف الإدريسي و سعيد نظام و بمحضر المحامي العام السيد محمد بنعلي و كاتب الضبط السيد رشيد الزهري.
رئيس الغرفة                          المستشار المقرر               كاتب الضبط "[[25]]url:#_ftn25
 
و من بين الأمثلة قرارات المجلس الأعلى بخصوص نزاعات الشغل الفردية نذكر أيضا:
 
قرار عدد 2004/1009
صادر عن الغرفة الاجتماعية بتاريخ 06-10-2004
ملف عدد 2004/327، غير منشور
الوسيلة:
تعيب الطاعنة على القرار المطعون فيه خرق القواعد القانونية ذلك أنها طالبت بالحد الأدنى للأجور مدعية أنها كانت تتقاضى مبلغ ألف و ستمائة درهم و هو ما يفيد أنها لا تتوفر على عنصر الإتفاق على الأجر، فالحد الأدنى للأجر نظم بمقتضى نصوص قانونية لا يسوغ مخالفتها خاصة لطبيعة علاقة الأجير بالمؤاجر و مراكز كل واحد منهم اقتصاديا، فالقرار لما بث على النحو المذكور بتعين نقضه.
جواب المجلس الأعلى كالتالي:
" حيث تبث صحة ما عابته الوسيلة على القرار المطعون فيه،         ذلك أن الأجيرة لما طالبت بالفرق بين الأجر الذي كانت تتقاضاه          و المحدد في ألف درهم و المحكمة قضت برفض الطلب في هذا الخصوص على و أساس أنه تبث للمحكمة بأنها فعلا تقبض مبلغ ألف درهم في الشهر و قبولها به طيلة مدة الاشتغال يجعل الطلب غير مقبول في هذا الشق لأن عقد الشغل من العقود الرضائية و يتوفر على جميع أركانه و عناصره و منها الأجر و الحال أن الحد الأدنى للأجر من النظام العام يستوجب احترامه و المحكمة لما تبث على هذا الأساس يكون قرارها معرضا للنقض جزئيا في هذا الشق"
[[26]]url:#_ftn26 .
بالإضافة إلى الأمثلة السابقة التي تضمنت قرارين من ضمن قرارات المجلس الأعلى نجد مثالا ثالثا و هو:
قرار عدد 2005/350
صادر عن الغرفة الاجتماعية للمجلس الأعلى
بتاريخ 2005/03/30 ملف عدد 2004/704
وسيلة النقض
حيث تعيب الطاعنة على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني و التناقض في التعليل الموازي لانعدامه، و ذلك أن القرار تطرق لنتائج البحث المجرى ابتدائيا و الذي مفاده حصول نزاع بين الأجيرة و رئيسها المباشر، و بأنها رفضت التوقيع على الإنذار بالتوقيف لمدة ثلاثة أيام     و استمرت في التوقف عن العمل، كما أن إشهاد مفتش الشغل يفيد        أن الأجيرة اعتبرت التوقيف طرد لها و لم تلتحق بعد نهاية مدته، لذلك  فإن واقعة الطرد... من جانب المشغلة على اعتبار أن الأجيرة هي التي اعتبرت نفسها في وضع طرد تعسفي و إن محكمة الاستئناف لم تستخلص النتائج الضرورية من التنصيصات التي أوردتها في قرارها لتأخذ باتجاه أخر مستند من الأجر دون أي إثبات يجعله متسما بالتناقض و يعرضه للنقض.
كما تعيب الطاعنة على القرار أيضا انعدام السند القانوني ذلك   أن القرار اعتبر السبب الأساسي لإنهاء العلاقة يرجع إلى خفض الأجر بالنسبة لساعات الخدمة من طرف المشغلة و دون أن تبين من أين استمدت المحكمة هذا الاتجاه مع أنها لم تأمر بأي إجراء من إجراءات التحقيق، كما أنه لا يوجد أي طلب بخصوص الأجرة و مع ذلك اعتبرت أنها هي السبب في إنهاء العلاقة.
جواب المجلس الأعلى:
لكن خلافا لما ورد بالوسيلتين أن الطالبة تناقش وقائع تخضع لسلطة المحكمة التقديرية و لا رقابة للمجلس عليها إلا من حيث التعليل، ذلك أن القرار حينما خلص أنه تبت من البحث المجرى ابتدائيا و من تصريحات الأطراف و شهادة الشاهدين. إن السبب في الإستغناء عن المطلوبة هو خفظ الأجر المقابل للساعات المخدومة و أن باقي الأسباب غير ثابتة لأن امتناع الأجيرة عن التوصل بالتوقيف ما هو إلا رد فعل صادر عنها حينما لم يتم منحها الأجر الكامل مقابل العمل الذي كانت تقوم به لفائدة المشغل، و بالتالي فالتوقف هو الذي يعد  غير مشروع،           و من حق الأجيرة عدم الامتثال إليه ولا يعد ذلك تركا للعمل من جانبها الشيء الذي جعل المحكمة تلغي الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلب التعويضات عن الإخطار، و الطرد و الإعفاء و بعد التصدي و الحكم لفائدة المطلوبة بالتعويض عنهم أمام عدم ثبوت ما تنسبه المشغلة للأجيرة و بذلك يكون القرار على النحو المذكور و قد علل ما انتهى إليه            و رد جميع الدفوعات و مرتكز على أساس و غير خرق لأي سند قانوني        و ما بالوسيلتين على غير أساس"
[[27]]url:#_ftn27 .
 

خــاتــمـــــــة
 
من خلال هذا البحث المتواضع حاولنا تحليل أهم المقتضيات القانونية التي تضمنتها مدونة الشغل بخصوص نزاعات الشغل الفردية.
وقد أوضحت هذه الدراسة مدى حرص المشرع المغربي على تنظيم علاقة الشغل، فيما بين المشغل و الأجير نظرا لأهمية هذه العلاقة  المتميزة،   مما يعكس قناعة و أهمية و غاية المشرع من وراء تنظيمه لقانون الشغل.
يمكن ملاحظة أن المشرع لم يهمل أحد أطراف علاقة الشغل من أجير   و مشغل، بحيث نجد أن جل القواعد الرئيسية التي تقوم عليها مدونة الشغل و بشكل أدق الفصول التي تتناول نزاعات الشغل الفردية لم تقم بتمييز طرف على حساب الآخر، بل جاءت من أجل حل الخلافات التي قد تنشأ فيما بين المشغل و الأجير.
و يتجلى ذلك من خلال سعي المشرع إلى حل النزاعات الفردية للشغل باعتماد تسوية ودية داخلية، بحيث نجد أن عقد المصالحة من العقود العريقة.     و يتضح السعي الجاد للمشرع بهذا الخصوص من خلال وضعه لمسطرة الصلح، و إسناده لمفتش الشغل دور الوساطة في الصلح، إلا أن هذا الأخير تعترضه عدة صعوبات تتجلى في عدم الثقة خصوصا من طرف الأجير اعتقادا منه أن مفتش الشغل لا يلعب دور الحياد         و إنما يسعى إلى تحقيق مصالح المشغل على حساب الأجير.
و قطعا لاحتمال عدم نجاح التوصل إلى حل النزاعات وديا تطرق المشرع المغربي إلى التسوية القضائية كبديل للتسوية الودية في حل نزاعات الشغل الفردية من خلال لجوء المشغل أو الأجير إلى القضاء لتحقيق مطالبه      و يتضح ذلك من خلال الضغط الذي تعرفه المحاكم من جراء كثرة القضايا المعروضة عليها لأن النزاعات في تصاعد مستمر     و نجد أن أغلب النزاعات يكون السبب فيها هو الطرد التعسفي و الأجر    و مخالفة الأجير للنظام الداخلي للمؤسسة.
رغم الجهود المبدولة من طرف المشرع المغربي فإنه لم ينجح   في الحد من نزاعات الشغل الفردية التي قد تتطور فتصبح جماعية عندما      لا ينصف القضاء الأجير فيتضامن معه بعض الأجراء فتصبح أمام نزاع جماعي.
و نظرا لحيوية قطاع الشغل فهو في حاجة مستديمة إلى تعديلات تخص مدونة الشغل و هذا ما أشار إليه السيد وزير الشغل جمال أغماني مؤخرا من خلال وسائل الإعلام حيث صرح بأن الجهود سارية من أجل إدخال تعديلات على مدونة الشغل.
 
 
 
لائحــة المراجــــع بالعربية و الفرنسية
 
  • آحمية سليمان –آليات تسوية منازعات العمل، و الضمان الاجتماعي. الطبعة الرابعة 2005 ديوان المطبوعات الجامعية
  • التجديد 2010-02-08  www.arbitrage.ma
  • المصطفى شنضيض، نظام الشغل، مطبعة فضالة – زنقة ابن زيدون، ص.ب 57 – المحمدية
  • بشرى العلوي الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي الطبعة الأولى 2007 طبع دار النشر المغربية
  • رشيد واضح، منازعات العمل الفردية و الجماعية في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر، طبعة 2003 دار هرموش للطباعة و النشر و التوزيع – الجزائر
  • عز سعيد: العمل القضائي المغربي في مجال نزاعات الشغل الفردية الطبعة الأولى 1994 مطبعة النجاح الجديدة
  • مجدي عبد الله شرارة – علاقات العمل الفردية – قانون العمل رقم 12 سنة 2003
  • محمد سعد جرندي، الطرد التعسفي للأجير بين التشريع و القضاء بالمغرب، الطبعة الأولى 2002
  • محمد سعيد عبد الرحمان، الحكم القضائي مفهومه – تقسيماته – إصداره – مضمونه – آثاره، الطبعة الأولى.
  • هيئىة الإشراف العلمي، أهم القرارات الصادرة في المادة الإجتماعية، طبعة 2007.
 
  • www.Maghress.com/attgdid/16819
  • Dr BAKKALI Mohammed Président du Centre International de Médiation  
 
 
 
الفـــهـــــرس
 
مـــــقـــــــدمــــــــة-------------------------------------------------------------------------1
الفصل الأول: نزاعات الشغل الفردية--------------------------------------------------------4
المبحث الأول: التسوية الودية للمنازعات الفردية----------------------------------------------5
المطلب الأول: التسوية الداخلية للنزاع-------------------------------------------------------6
الفقرة الأولى: تعريف التسوية الداخلية للنزاع-------------------------------------------------6
الفقرة الثانية: أهداف التسوية الداخلية للنزاع--------------------------------------------------7
المطلب الثاني: المصالحة-------------------------------------------------------------------8
الفقرة الأولى: الصلح الودي-----------------------------------------------------------------8
الفقرة الثانية: المحطات التي تطل عليها مسطرة الصلح----------------------------------------9
المبحث الثاني: دور مفتش الشغل في تسوية نزاعات الشغل الفردية و الآليات التي يعتمدها------11
المطلب الأول: أهمية دور مفتش الشغل-----------------------------------------------------12
المطلب الثاني: آليات فض منازعات الشغل الفردية------------------------------------------13
الفصل الثاني: التسوية القضائية لمنازعات الشغل الفردية-----------------------------------16
المبحث الأول: طبيعة و خصائص قضاء الشغل و إجراءات الدعوى--------------------------17
المطلب الأول: طبيعة و خصائص قضاء الشغل---------------------------------------------17
المطلب الثاني: إجراءات الدعوى-----------------------------------------------------------19
الفقرة الأولى: شكل انعقاد الجلسة-----------------------------------------------------------19
أولا: هيئة الجلسة جماعية-----------------------------------------------------------------20
ثانيا: مرافعات الجلسة الشفوية-------------------------------------------------------------21
الفقرة الثانية: مسطرة التصالح-------------------------------------------------------------21
الفقرة الثالثة: إصدار الحكم----------------------------------------------------------------22
المبحث الثاني: اجتهادات قضائية في نزاعات الشغل الفردية----------------------------------23
المطلب الأول: أحكام قضائية خاصة بنزاعات الشغل الفردية----------------------------------24
المطلب الثاني: قرارات المجلس الأعلى بخصوص نزاعات الشغل الفردية---------------------41
خــاتــمـــــــة-----------------------------------------------------------------------------50
لائحــة المراجــــع بالعربية و الفرنسية------------------------------------------------------52
الفهرس----------------------------------------------------------------------------------53
 
 
 
 
 
 
الهوامش

[[1]]url:#_ftnref1  بشرى العلوي الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي الطبعة الأولى 2007 طبع دار النشر المغربية ص 7-8
[[2]]url:#_ftnref2  مجدي عبد الله شرارة – علاقات العمل الفردية – قانون العمل رقم 12 سنة 2003 ص 9.
[[3]]url:#_ftnref3  آحمية سليمان –آليات تسوية منازعات العمل، و الضمان الاجتماعي. الطبعة الرابعة 2005 ديوان المطبوعات الجامعية ص 7
[[4]]url:#_ftnref4  المادة 6 من مدونة الشغل.
[[5]]url:#_ftnref5  أحمية سليمان مرجع سابق طبعة 2005 ص 12.
[[6]]url:#_ftnref6  أحمية سليمان مرجع سابق صفحة 11.
[[7]]url:#_ftnref7  بشرى العلوي الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي طبع بدار النشر المغربية الطبعة الأولى 2007 صفحة 256
[[8]]url:#_ftnref8  عز سعيد: العمل القضائي المغربي في مجال نزاعات الشغل الفردية الطبعة الأولى 1994 مطبعة النجاح الجديدة صفحة 168-169
[[9]]url:#_ftnref9  الفصل 278 من قانون المسطرة المدنية
[[10]]url:#_ftnref10  بشرى العلوي: الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي الطبعة الأولى 2007 دار النشر المغربية ص 258-261
[[11]]url:#_ftnref11  التجديد 2010-02-08  www.arbitrage.ma
[[12]]url:#_ftnref12  www.Maghress.com/attgdid/16819   page (1)      
[[13]]url:#_ftnref13   Dr BAKKALI Mohammed Président du Centre International de Médiation  
[[14]]url:#_ftnref14  رشيد واضح، منازعات العمل الفردية و الجماعية في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر، طبعة 2003 دار هرموش للطباعة و النشر و التوزيع – الجزائر ص 47.
[[15]]url:#_ftnref15  أحمية سليمان، مرجع سابق، ص 31 إلى 33.
[[16]]url:#_ftnref16  محمد سعد جرندي، الطرد التعسفي للأجير بين التشريع و القضاء بالمغرب، الطبعة الأولى 2002 ص 133
[[17]]url:#_ftnref17  المصطفى شنضيض، نظام الشغل، مطبعة فضالة – زنقة ابن زيدون، ص.ب 57 – المحمدية، ص 22.
[[18]]url:#_ftnref18  الحكم القضائي مفهومه – تقسيماته – إصداره – مضمونه – آثاره، محمد سعيد عبد الرحمان الصفحة 17 – 18 الطبعة الأولى.
 المحكمة الابتدائية بالمحمدية، حكم غير منشور.[19]
[[20]]url:#_ftnref20  المحكمة الابتدائية بالمحمدية، حكم غير منشور.
[[21]]url:#_ftnref21  محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حكم غير منشور.
[[22]]url:#_ftnref22  الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية.
[[23]]url:#_ftnref23  الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية.
[[24]]url:#_ftnref24  الفصل 375 من قانون المسطرة المدنية.
[[25]]url:#_ftnref25  هيئىة الإشراف العلمي، أهم القرارات الصادرة في المادة الإجتماعية، طبعة 2007، ص 68- 69- 70.
[[26]]url:#_ftnref26  بشرى العلوي، مرجع سابق، ص 358- 359
[[27]]url:#_ftnref27  بشرى العلوي، مرجع سابق، ص 359-360.



الثلاثاء 25 يونيو 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter