تقديم
يرتبط القانون المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة بمجموعة من الإكراهات،تجعله محط لبس وغموض،وذلك انطلاقا من ضعف التعويضات التي تقدم للمتضررين إذ تظل غير مقبولة وغير كافية بالنسبة للمنزوع ملكيته إضافة الى الصعوبات المسطرية والإجرائية المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية.
تعتبر هذه العوائق من بين الإكراهات الاساسية التي يعرفها القانون المتعلق بنزع الملكية من أجل المصلحة العامة،والتي باتت تشغل بال المشرع المغربي من جهة أولى وتؤرق المتضرر المنزوع ملكيته من جهة ثانية.ومن خلال هذه الإشكالية المطروحة سأحاول في هذه الورقة التطرق الى الإكراه الأول المتعلق بضعف التعويضات في الفقرة الأولى ،كما سأبسط الإكراه الثاني والمتمثل في صعوبة تنفيذ الأحكام في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى : نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وعوائق التعويض
لقد أخد المشرع المغربي بالمفهوم الضيق للضرر الواجب التعويض عنه , حيث اعتبر قانون 7.81 أن الضرر الواجب التعويض عنه أثناء نزع الملكية من أجل المنفعة العامة هو الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية , دون ان يمتد هذا التعويض الى كل من الضرر غير المحقق والضرر المحتمل والضرر غير المباشر , فتجاهل المشرع المغربي التعويض عن الضرر المستقبلي يشكل اهدارا كبيرا لحقوق منزوعي الملكية من اجل المنفعة العامة , فالأساس الذي ينبني عليه نزع الملكية هو منح تعويض عادل مما يقتضي التعويض عن الاضرار التي لحقت الملكية الخاصة ايا كانت مادية او معنوية او حالية او مستقبلية. ومرد هذا العيب , حرص المشرع على حفظ المال العام والحرص على مرور نزع الملكية بأقل التكاليف , وهذا ماأدى إلى اقصاء مجموعة من الاضرار من التعويض.
والملاحظ أن التشريع الفرنسي قد خرج عن هذه القاعدة, ولم يأخذ بشرط كون الضرر حاليا ومحققا مما فتح المجال للتعويض عن العديد من الأضرار
وهنا يبقى دور القضاء مهما في منح التعويض العادل حيث وضع المشرع مجموعة من الآليات والوسائل ,فقد فرض أن يتم تقويم العقار المنزوع من طرف لجنة متخصصة تضم عدة متخصصين في ميدان العقار , وبتخويل القضاء الحكم بالتعويض ، فالإدارة لا يمكنها أن تكون خصما وحكما في نفس الوقت.لذا كان لابد على القضاء التخلص من هاجس المال العام انصياعا لرغبات الإدارة , لأن الأمر في الحقيقة يتعلق بتعد على الملكية لا الإضرار والإجحاف بهم أكثر عن طريق إقرار تعويض مناسب وغير عادل , فدور القضاء يتجلى في خلق توازن حقيقي بين مصالح الخواص ومصالح الإدارة في حماية المال العام.
الا اننا نجد القضاء قد بدأ في الاهتمام بجانب التعويض من خلال العمل على انصاف المنزوعة ملكيتهم ففي قرار للمحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 25 نونبر 1997 ورد فيه :" وحيث أن الطرف المدعى عليه في مبلغ التعويض ملتمسا إجراء خبرة لتحديد القيمة الحقيقية للعقار موضوع نزع الملكية وكذا المنشآت القائمة عليه.وحيث أمرت المحكمة بإجراء خبرة فأفاد الخبير بأن الثمن المناسب هو 850 درهم ل م2 وثمن السياج الموجود 10.000 درهم أي ما مجموعه 435.850 درهم. وحيث التمس الطرف المدعي عليه المصادقة على تقرير الخبرة، في حين لاحظت المدعية عدم موضوعيتها والتمست إجرا ء خبرة مضادة مع استعدادها لدفع التعويض وقدره200 درهم للمتر المربع.
لكن حيث أن بعد اطلاع المحكمة على تقرير الخبرة تبين أنه جاء مستوفيا لكل الشروط الشكلية
والموضوعية وراعى كل المعطيات الضرورية لذا ارتأت المصادقة عليه مع تعديله جزئيا فيما
يخص ثمن الأرض وذلك بتخفيضه إلى الحد المعقول الذي تراه مناسبا في مبلغ 800 درهم، كما جاء في تقرير الخبرة الأولى فتكون بذلك قيمة الأرض 400.800 درهم وقيمة السياج أي مامجموعه 400.800 درهم فقد اعتمدت المحكمة الإدارية في هذا القرار تقرير الخبرة الذي قدمه الخبير والذي قدر فيه قيمة العقار دون أن تعتد بالتعويض الذي حددته الإدارة والذي كان هزيلا ولايتناسب مع القيمة الحقيقية للعقار . والقاعدة التي طبقها هذا القرار هي أن للمحكمة سلطة تقديرية في تحديد ثمن الأرض في إطار دعوى نزع الملكية استنادا لموقع العقار ومزاياه وباقي المعطيات الأخرى.
في نفس الاتجاه هناك قرار للمجلس الأعلى صادر عن الغرفة الادارية ورد فيه:"للمحكمة في إطار سلطتها التقديرية تحديد قيمة المتر المربع للأرض المنزوعة للمصلحة العامة دون التقيد بالقيمة المحددة من قبل الخبير اعتمادا على ثمن بيع مجاورة أساس التقدير هو مساحة الأرض. المنزوعة وموقعها وتجهيزها ". وفي هذا القرار تأييد لموقف المحكمة الإدارية السابقة ، وجاء في قرار آخر لمجلس الأعلى أن اعتماد المحكمة على التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم مقابلا عن نزع الملك بدون القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق يكون قرارها غير مرتكز على أساس سليم وواجب الإلغاء" .
فكل هذه الأحكام والقرارات تبرز التطور القضائي في ميدان منح تعويضات عادلة والابتعاد عن التعويضات الهزيلة حماية للطرف الضعيف المتمثل في منزوع الملكية.
عموماالتساؤل يبقى مطروحا بالنسبة للأثمنة المعروضة من طرف اللجان الإدارية للخبرة التي كثيرا ما قد تقترح أثمنة بخسة إن لم نقل تافهة ، بناء على أدوات غير علمية ، وإنما مبنية على هدي ومزاج بعض أعضائها ، لذلك وجب التفكير في إسناد هذه المهمة إلى شخص معنوي يختص في مجال الخبرة العقارية يكون بعيدا عن الأهواء والضغوط الإدارية التي تمارس من طرف ذوي النفوذ والسلطة , الشيء الذي يتطلب مراجعة بعض النصوص القانونية المنظمة للخبرة العقارية نذكر منها على الخصوص: المرسوم المؤرخ في 16 أبريل 1983 الصادربتطبيق القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت ولاسيما الفصل السابع منه. المرسوم المؤرخ في 5 مارس 2002 المعدل والمتمم للمرسوم الملكي المؤرخ في 21 أبريل 1967 المتعلق بالمحاسبة العمومية ولاسيما الفصل 82 منه الذي يحدد كيفية تكوين اللجنة الإدارية للخبرة, كما أن المراجعة مطلوبة سواء بالنسبة لأعضاء اللجنة الإدارية للخبرة, وكذا الخبراء المعينون من طرف السلطة القضائية. والجدير بالملاحظة أنه خلال سنة 2007 اجتمعت اللجنة الإدارية للخبرة بخصوص الاقتناءات العقارية لفائدة الدولة (الملك الخاص) 271 مرة من أجل تقييم 747 هكتار على الصعيد الوطني ، نجم عنها أداء ما يناهز 216 مليون درهم تم إيداع 37 مليون درهم لدى صندوق الإيداع والتدبير. ومن خلال استطلاع آراء من نزعت ملكيتهم ,فهم يستغربون من التعويضات المعروضة عليهم من طرف اللجان الإدارية والخبرة , ويفضلون اللجوء الى المحاكم الإدارية لإنصافهم. البعض الآخر يرفض مبدأ نزع الملكية معتبرا أن التعويض مهما ارتفع فهو غير كفيل بجبر الضرر عن نزع الملكية لأنه يعوض الضرر المادي دون المعنوي. وفي المقابل فإن الإدارة كثيرا ما تشتكي من التعويضات المحكوم بها من طرف القضاء مفسرة أنها لاتعكس الأثمنة المتداولة في السوق العقارية إذ كيف يعقل أن تحدد اللجنة الإدارية للخبرة التعويض في 100 درهم للمتر المربع مثلا وتقضي المحكمة بتعويض لايقل عن 1500 درهم. ومايزيد من هزالة التعويضات كما أشرنا أن القضاء بدوره لايجتهد في توسيع مجال الضرر حيث قضت المحكمة الادارية بأكادير في حكم عدد
850 /2004 بتاريخ 09/12/2005 في الملف رقم 390-2004 " بأن التعويض لايمكن أن يشمل الضرر المحتمل أو غير المحقق أو غير المباشر .
وعموما ومن خلال الاحصائيات نجد أن نزع الملكية يسجل غلبة مسطرة التراضي على اللجوء للقضاء حيث نجد أنه تم اقتناء سنة 2007 :895 هكتار ، منها 678 هكتار عن طريق التراضي 217 هكتار عن طريق نزع الملكية ، نسبة 247 عملية بالنسبة للتراضي و 225 عملية نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ، بينما لم تتعد المساحة المُقتناة 330 هكتار سنة 2006 ووصلت سنة 2005 : 543 هكتار ، و 516 هكتار سنة 2004.
من جهة اخرى تطرح مسألة التعويض الامكانات المالية للإدارة , خاصة بالنسبة للجماعات المحلية فضعف الموارد المالية لدى الجماعات المحلية ، إن لم نقل انعدامها ، يؤدي في بعض الحالات التي تكون المبالغ المحكوم بها لصالح الأشخاص المعنيين تفوق ميزانية الجماعة ، مما يذهب ضحيته المواطنون البسطاء.
الفقرة الثانية: نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وصعوبة تنفيد الاحكام .
تطرح مسطرة نزع الملكية من أجل المصلحة العامة ,اشكالية تنفيد الاحكام القضائية من قبل الادارة مما يطرح السؤال حول مدى قدرة الدولة على التوفيق بين المصلحة العامة , وحقوق الاشخاص الذين انتزعت ملكيتهم , كما يطرح مدى القوة التي تتمتع بها الاحكام الصادرة عن القضاء , خاصة أمام كثرة القضايا التي اصبحت تعرض والتي تعكس قوة النزاعات الناشئة عن قانون نزع الملكية والاحتلال المؤقت .كما أن تتبع عمل المحاكم الإدارية المغربية يظهر لنا أنها بدلت جهدا كبيرا من أجل إيجاد الوسائل المناسبة لإرغام الإدارة على التنفيذ ، مما
جعل القاضي الإداري ، ينعت بالقاضي المجتهد . ومن أهم الوسائل التي اعتمدتها المحاكم
الادارية ومن أهم الوسائل التي اعتمدتها المحاكم الإدارية ، من أجل التصدي لامتناع الادارة
هناك الغرامة التهديدية والحجز على أموال الإدارة الممتنعة عن التنفيد .
1)الغرامة التهديدية:
بالنسبة للسند الذي اعتمد عليه القاضي الإداري ، من أجل تبرير فرض الغرامة التهديدية
يمكن استنتاجه من خلال أول حكم تم فيه فرض الغرامة التهديدية على الإدارة والمعروف
بحكم ورثة العشيري ، الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط ، بتاريخ 6 مارس 1997
والحامل لرقم 134. فالقاضي في هذا الحكم رجع الى مقتضيات قانون المسطرة المدنية , على اعتبار أن القانون المؤسس للمحاكم الادارية لايتضمن أي مسطرة لاجبار الادارة على تنفيد الاحكام , وعلى اعتبار أن المادة السابعة من القانون المنشأ للمحاكم الادارية يحيل على تطبيق جميع قواعد قانون المسطرة المدنية مالم يقرر المشرع خلاف ذلك .
من هنا نلاحظ بأن المشرع اعتمد على مقتضيات المادة السابعة لفرض الغرامة التهديدية حيث تم تأييد هذا الحكم من قبل الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى من خلال قرارها رقم 1301 الصادر بتاريخ 25/09/1997 . ومادمنا نتحدث عن الغرامة التهديدية فإن هناك إشكالية جانبية يستحسن التطرق إليها والمتعلقة بجواز تحديد الغرامة التهديدية بمنطوق الحكم , وذلك قبل تسجيل امتناع الادارة عن التنفيد . ومادام أنه لايوجد نص قانوني يمنع هذا الاجراء فتحديد القاضي للغرامة في منطوق الحكم جائز وتطبيقا لذلك نجد القرار الاستعجالي الصادر عن المحكمة الادارية بوجدة عدد 28-98 بتاريخ 15/10 /1998
قضية ناصر مصطفى ومن معه ضد وزير التربية الوطنية , حيث إن قاضي المستعجلات أمر بإيقاف البناء إلى غاية الفصل النهائي للنزاع تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 1000 درهم عن كل يوم تأخير في التنفيد ابتداء من تاريخ التثبت من الامتناع , وفي هذه النازلة لم ينتظر القاضي حصول واقعة عدم التنفيد للحكم بغرامة تهديدية , بل قام بذلك حتى في ظل عدم حصول امتناع واقعي من قبل الادارة .
وفي هذا الاطار يرى الاستاذ آمال المشرفي أن هذا الاجراء ليس من شأنه فقط ضمان تنفيد الاحكام القضائية ولكن لها ميزة أخرى متمثلة في أنها تضمن هذا التنفيد بصورة فورية وسريعة .وبالرغم من تنويه الباحثين بمجهود القضاء في هذا الاطار إلا أن هذا الاجراء يبدو غير ذي فعالية للأسباب التالية :
* تشكل الغرامة التهديدية نفقة طارئة وغير مبرمجة في الميزانية ,وبالتالي لاتوجد الاعتمادات الضرورية لآدائها .
* تقف امام الحصول على الغرامة التهديدية العديد من العراقيل المسطرية الطويلة المترتبة عن تدخل العديد من الجهات , كالآمر بالصرف والمحاسب ومراقب الالتزامات والخزينة العامة .
* في حالة قبول الادارة تسديد مبلغ الغرامة فهي تؤدى من المال العام الذي يتكون جزء كبير منه من الضرائب التي يؤديها المواطن , فهذا الأخير هو الذي سيتحمل في نهاية الامر عبئ امتناع الادارة عن التنفيد.
* أهم سبب يجعل هذه الوسيلة غير فعالة , هو أنه لايوجد هناك مايضمن استجابة الادارة الممتنعة عن تنفيد التزاماتها , فآداء الغرامة رهين بإرادتها .
ولضمان فعالية الغرامة التهديدية تم تمديدها الى المسؤول شخصيا عن عدم التنفيد وهذا الحل من ابتداع المحكمة الادارية بمكناس بحيث قامت بفرض غرامة على رئيس المجلس الجماعي الذي رفض الاستجابة لحكمها القاضي بإلغاء قرار عزل السيد العطاوي وارجاعه الى عمله.
2)الحجز على اموال الادارة الممتنعة عن التنفيد:
المال العام للدولة هو كل شيء تملكه الدولة من مال ومنقول او أي شخص اعتباري عام يكون مخصصا للنفع العام بالفعل أو بالقانون .
وإذا كانت القاعدة العامة هي عدم جواز الحجز على أموال الدولة العمومية ,وذلك لأن المرافق العامة تحتاج في ممارسة المهام إلى أموالها العامة ,وبالتالي فتنفيدا لمبدإ عدم تعطيل المرفق العام لايجوزالتنفيد على أمواله الضرورية بالحجز. إلا أن هذا الحضر يقابله مبدأ آخر وهو ضرورة تنفيد الأحكام الإدارية الحائزة لقوة الشيء المقضي به احتراما لمبدأ المشروعية وسيادة القانون .
من هنا فجل المحاكم الادارية بالمغرب تجيز الحجز على منقولات المرفق العام إذا لم تكن تلك المنقولات لازمة لسير المرفق العام لما لهذا الاجراء من فعالية في تسريع تنفيذ الادارة للأحكام المتعلقة بنزع الملكية حيث يمتد هذا الحجز ليشمل كذلك الاموال المودعة لدى الغير , وهذا ماقضت به المحكمة الادارية بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 23 أبريل 1997 عدد 99 في الدعوى الموجهة ضد الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق في قضية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبعد قيام مأمور التنفيذ التابع للمحكمة بتحرير محضر الامتناع عن التنفيذ بالحجز على أموال المؤسسة المودعة لدى الخزينة العامة .
ويمكن اجمال الصعوبات التي تعترض تنفيذ الاحكام الادارية عموما وتلك المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة إلى صعوبات قانونية إذ ليست هناك مسطرة لتنفيذ الاحكام الادارية كما أن ق م م لايتضمن الوسائل اللازمة لاجبار الادارة على تنفيذ الاحكام الادارية وهناك صعوبات واقعية متعلقة بكون الادارة تمثل المصلحة العامة ولايمكن اجبارها على التنفيذ في حالة اعسارها كما أن هناك صعوبات تقنية تتعلق بعدم ادراج الغرامات في ميزانية الشخص العمومي ناهيك عن عوائق التراتبية الادارية وتعقيد قواعد المحاسبة .
وهكذا نلاحظ تزايد الشكايات المتعلقة بعدم تنفيذ الادارة للأحكام القضائية اذ بلغ عدد الشكايات الموجهة ضد الادارة طبقا لاحصاءات ديوان المظالم 2782 شكاية وهنا نجد أن عدد الشكايات قد تضاعف ثلاث مرات مقارنة مع السنوات السابقة حيث بلغت 369 شكاية سنة 2004 و404 سنة 2005 و 1620سنة 2006 و1162 سنة 2007 وتأتي الداخلية على رأس القطاعات المعنية بنسبة 36% والتربية الوطنية ب 16% والمالية بنسبة 14%
وبلغت قضايا التعويض عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة 366 من أصل 573 شكاية.
ولعل هذه الارقام تشير الى مدى الصعوبات التي تعترض التوفيق بين المنفعة العامة ومصالح الافراد بالرغم من المجهودات التي يبدلها القضاء في هذا الإطار .
خاتمة :
خلاصة القول ونحن بصدد استعراض جهود المشرع المغربي في اعطاء نزع الملكية من أجل المصلحة العامة طابعا توفيقيا بين مصالح الافراد والمنفعة العامة , فإننا نلاحظ المجهود الكبير الذي بدله القضاء في الحفاظ على حقوق الاشخاص المنزوعة ملكيتهم من خلال استعراضنا لمختلف الاحكام الخاصة بالمحاكمة الادارية المغربية والتي تستلزم مزيدا من الاجتهادات والتعديلات من خلال :
* التنصيص على مسؤوليته الشخصية عن الامتناع أو التباطؤ في تنفيذ الأحكام الإدارية أو عرقلة تنفيذها.
* إقرار مبدأ قابلية الأموال الخاصة للإدارة والمرافق والمؤسسات العمومية الغير اللازمة لسيرها للحجز.
* جعل صيغة تنفيذية خاصة بالأحكام الإدارية.
* خلق مؤسسة قاضي التنفيذ بالمحاكم الإدارية ولو في مرحلة أولى على صعيد المحكمة الإدارية بالرباط باعتبارها محكمة إنابة في التنفيذ.
* التنصيص على الأشياء الغير القابلة للحجز على غرار مقتضيات الفصل 458 من قانون المسطرة المدنية
* اعتبار الحكم الإداري الحائز لقوة الشيء المقضي به القاضي بقضاء مبالغ مالية بمثابة سند تنفيذي ملزم لميزانية الشخص الإداري المحكوم عليه وبمثابة أمر بحوالة.
وأخيرا من شأن تتبيث هذه المبادئ أن تعطي هيبة للقضاء وتكريس دولة الحق والقانون والتي من شأنها خلق التوازن المطلوب بين الحق في الملكية وحق الدولة في نزع الملكية تحقيقا للمنفعة العامة .
المراجع المعتمدة
* ذ محمد النجاري : نزع الملكية من أجل المصلحة العامة كأحد مصادر تملك الدولة ومؤسساتها للعقارات , المعهد الوطني للدراسات القضائية ,مطبعة المعاريف الجديدة , الرباط طبعة 1999
* ذ الهادي مقداد : السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى ,مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الاولى 2000
*الاستاذ أحمد أجعون والأستاذ المصطفى معمر : إعداد التراب الوطني والتعمير , طبع وتوزيع مركز النسخ سجلماسة مكناس الطبعة الأولى 2005/2006
* الاستاذ عبد الله حداد : تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي , منشورات عكاظ الرباط طبعة مارس 2001
* قانون 08/17 المعدل والمتمم لمقتضيات قانون 00/78 بمتابة الميثاق الجماعي
* قانون 23 أكتوبر 1999-55 الفرنسي المنظم لنزع الملكية للمنفعة العامة
* محمد قصري : الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الادارة الممتنعة عن تنفيذ الاحكام الموجهة ضدها , المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ع 34 لسنة 2000
* ديوان المظالم يؤكد استمرار الادارة في الامتناع عن تنفيذ الاحكام القضائية : جريدة الاتحاد الاشتراكي 13/08/2009
* الاستاذ : الراجي بوشعيب . رئيس قسم الاقتناءات بمديرية الاملاك المخزنية وزارة المالية والخوصصة في عرض WWW .walidou jeeran . com حول : الاجراءات الادارية والقضائية لنزع الملكية .