في ما يُشبه تقاسما للانتصار، حقق الأصالة والمُعاصرة نصرا انتخابيا واضحا، في المُقابل حقق العدالة والتنمية نصرا سياسيا لا غُبار عليه.
«البام» استطاع تكريس نتائج تفوقه في محليات 2009، عبر الحفاظ على رتبته الأولى في عدد المُنتخبين الجماعيين، في المُقابل استطاع «البيجيدي»أن يحقق المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات الجماعية، والمرتبة الأولى في عدد المُنتخبين الجهويين.
وبعيدا عن الأرقام المُضللة، اكتسح العدالة والتنمية غالبية المدن والحواضر الكبرى مُطيحا بالكثير من مُعارضيه، خاصة في معاقلهم الأكثر رمزية، واستطاع أن يبرز من جديد كأول قوة سياسية مدينية تحظى بالتصويت السياسي لفئات الطبقة الوسطى.
السياق يُزكي دلالات التفوق السياسي للعدالة والتنمية، فهذا الحزب يدبر الشأن العام، والاقتراع شكل اختبارا حقيقيا لشعبيته ولسياسات حكومته، حيث كان من المفترض أن يطاله تصويت عقابي.
من حيث علاقة الاقتراع بالبنية الحزبية، يتأكد استمرار الأثر السياسي للإصلاح الانتخابي الذي دخلته بلادنا منذ سنوات، حيث تظل الخريطة الحزبية مهيكلة حول ثمانية تشكيلات حزبية أساسية، لكن مع تمايز واضح بين مجموعة أولى تضم الأحزاب الأربعة الأولى الأكثر قوة ونفوذا، والمجموعة الثانية التي تضم أحزاباً متواضعة أو صغيرة .
لكن هذا الاستمرار لا يجب أن يُخفي التحولات الإيديولوجية التي يعرفها المشهد الحزبي، والمُتميزة، أساساً، بخُفوت الصوت اليساري، وهيمنة الاتجاه اليميني والمُحافظ.
سياسياً، أحد دروس الاقتراع، هو، كذلك، الفشل الذريع لأُطروحة مواجهة بنكيران بواسطة أحزاب فاقدة لاستقلالية القرار، ومن خلال قيادات بلا مصداقية، إذ من جديد يتأكد أن «بعض» المُعارضة المنخرطة في أجندة مقاومة الإصلاح تُشكل عاملا من عوامل قوة البيجيدي، حيث لا تعمل سوى على تقوية فرضية تفوقه الأخلاقي لدى فئات واسعة من الرأي العام غير راضية بالكامل عن سياسات الحكومة، لكنها غير مُقتنعة أخلاقياً بالبديل المطروح.
بين أصحاب النصر الانتخابي، وأصحاب النصر السياسي، يبقى المغرب في حاجة ماسة إلى خيار ثالث، يستطيع التدافع السياسي مع مشروع العدالة والتنمية، دون أن يسقط في فخ الدفاع عن السلطوية ومعاداة الحزبية المُستقلة، ودون أن يعتبر أن مواجهة الإسلاميين قد تقتضي بالضرورة الاعتداء على الشرعية الديمقراطية.
مشروع لا يتوسل إلى وسائل البلطجة وخدمات سماسرة الانتخابات الذين تزكم روائحهم الأنفاس، ويصنع الأمل لدى المواطنين الذين لا يجدون أنفسهم في أصولية المجتمع، دون أن يعتبروا ذلك مبرراً لكي يتبنوا «حداثة سلطوية» فاقعة.
طريق ثالث ينطلق من أنه ليست هناك فكرة نبيلة يمكن أن يُدافع عنها مُجرمو الانتخابات و»شنّاقة» الأصوات وتُجار المُخدرات. وليس هناك مشروع حداثي ديمقراطي بحامل اجتماعي هجين لا علاقة له بقيم الحداثة. لذلك، فلا حداثة بامتداد انتخابي مبنيٍ على نفوذ الأعيان القرويين ودم القبيلة وفقر الهوامش الحضرية تماماً، كما أنه ليس هناك يسار خارج المدن، وخارج الفئات المتنورة من الطبقة الوسطى المتعلمة.
فالمشروع السياسي لا يمكن أن يواجه إلا بمشروع سياسي، والفكرة لا يمكن أن تواجه إلا بالفكرة. الذين لم يستوعبوا دروس شتنبر 2015، يمكنهم أن يقرؤوا التاريخ: إنه مقبرة «الماكينات» الانتخابية التي حاولت هزم الأفكار.
«البام» استطاع تكريس نتائج تفوقه في محليات 2009، عبر الحفاظ على رتبته الأولى في عدد المُنتخبين الجماعيين، في المُقابل استطاع «البيجيدي»أن يحقق المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات الجماعية، والمرتبة الأولى في عدد المُنتخبين الجهويين.
وبعيدا عن الأرقام المُضللة، اكتسح العدالة والتنمية غالبية المدن والحواضر الكبرى مُطيحا بالكثير من مُعارضيه، خاصة في معاقلهم الأكثر رمزية، واستطاع أن يبرز من جديد كأول قوة سياسية مدينية تحظى بالتصويت السياسي لفئات الطبقة الوسطى.
السياق يُزكي دلالات التفوق السياسي للعدالة والتنمية، فهذا الحزب يدبر الشأن العام، والاقتراع شكل اختبارا حقيقيا لشعبيته ولسياسات حكومته، حيث كان من المفترض أن يطاله تصويت عقابي.
من حيث علاقة الاقتراع بالبنية الحزبية، يتأكد استمرار الأثر السياسي للإصلاح الانتخابي الذي دخلته بلادنا منذ سنوات، حيث تظل الخريطة الحزبية مهيكلة حول ثمانية تشكيلات حزبية أساسية، لكن مع تمايز واضح بين مجموعة أولى تضم الأحزاب الأربعة الأولى الأكثر قوة ونفوذا، والمجموعة الثانية التي تضم أحزاباً متواضعة أو صغيرة .
لكن هذا الاستمرار لا يجب أن يُخفي التحولات الإيديولوجية التي يعرفها المشهد الحزبي، والمُتميزة، أساساً، بخُفوت الصوت اليساري، وهيمنة الاتجاه اليميني والمُحافظ.
سياسياً، أحد دروس الاقتراع، هو، كذلك، الفشل الذريع لأُطروحة مواجهة بنكيران بواسطة أحزاب فاقدة لاستقلالية القرار، ومن خلال قيادات بلا مصداقية، إذ من جديد يتأكد أن «بعض» المُعارضة المنخرطة في أجندة مقاومة الإصلاح تُشكل عاملا من عوامل قوة البيجيدي، حيث لا تعمل سوى على تقوية فرضية تفوقه الأخلاقي لدى فئات واسعة من الرأي العام غير راضية بالكامل عن سياسات الحكومة، لكنها غير مُقتنعة أخلاقياً بالبديل المطروح.
بين أصحاب النصر الانتخابي، وأصحاب النصر السياسي، يبقى المغرب في حاجة ماسة إلى خيار ثالث، يستطيع التدافع السياسي مع مشروع العدالة والتنمية، دون أن يسقط في فخ الدفاع عن السلطوية ومعاداة الحزبية المُستقلة، ودون أن يعتبر أن مواجهة الإسلاميين قد تقتضي بالضرورة الاعتداء على الشرعية الديمقراطية.
مشروع لا يتوسل إلى وسائل البلطجة وخدمات سماسرة الانتخابات الذين تزكم روائحهم الأنفاس، ويصنع الأمل لدى المواطنين الذين لا يجدون أنفسهم في أصولية المجتمع، دون أن يعتبروا ذلك مبرراً لكي يتبنوا «حداثة سلطوية» فاقعة.
طريق ثالث ينطلق من أنه ليست هناك فكرة نبيلة يمكن أن يُدافع عنها مُجرمو الانتخابات و»شنّاقة» الأصوات وتُجار المُخدرات. وليس هناك مشروع حداثي ديمقراطي بحامل اجتماعي هجين لا علاقة له بقيم الحداثة. لذلك، فلا حداثة بامتداد انتخابي مبنيٍ على نفوذ الأعيان القرويين ودم القبيلة وفقر الهوامش الحضرية تماماً، كما أنه ليس هناك يسار خارج المدن، وخارج الفئات المتنورة من الطبقة الوسطى المتعلمة.
فالمشروع السياسي لا يمكن أن يواجه إلا بمشروع سياسي، والفكرة لا يمكن أن تواجه إلا بالفكرة. الذين لم يستوعبوا دروس شتنبر 2015، يمكنهم أن يقرؤوا التاريخ: إنه مقبرة «الماكينات» الانتخابية التي حاولت هزم الأفكار.