مقدمة:
أثناء قراءة العنوان الرئيسي للباب السابع من الظهير الشريف رقم 1.11.91 المتعلق بتنفيذ نص الدستور[1]المتعلق بالسلطة القضائية نلاحظ أنه يتفرع عنه عنوانين فرعيين: الأول يتعلق باستقلال القضاء، والثاني يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالرجوع إلى الفصول المنصوص عليها في هذا الباب المتعلق بالسلطة القضائية لم نعثر على أي تعريفللسلطة القضائية،وقد أحسن المشرع صنعا لأن تعريف السلطة القضائية يدخل ضمن من اختصاصالفقه، وإنمااكتفى بالإشارةفقط إلى استقلال السلطة القضائية عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية في الفقرة الأولى من الفصل 107،وكان بالأحرى تكملة العنوان الفرعي الأول ليصبح وفق الشكل التالي: استقلال السلطة القضائية، بدلا من: استقلال القضاء؛لأن الفصل 107 الذي جاء بعد هذا العنوان تحدث عن استقلال السلطة القضائية، وليس استقلال القضاء، ودليلنا في ذلك هو العنوان الفرعي الثاني المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بحيث كان ينبغي أن يأتي منسجما مع العنوان الفرعي الأول المتعلق باستقلال القضاء، لتكون تسميته وفق الشكل التالي: المجلس الأعلى للقضاء، بدلا من: المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛إن التساؤل المطروح في هذا الصددهل يعتبرالحكم في القضايا من طرف القضاة بالمحاكم ممارسة للسلطة القضائية؟ وهل يشكل القضاة بالمحاكموحدهم السلطة القضائيةدون جهاز كتابة الضبط؟ (الفقرةالأولى)؛ وما هو مفهوم السلك القضائي المنصوص عليه الفصل الأول من النظام الأساسي لرجال القضاء والفصل 115 من الدستور(الفقرة الثانية
).
الفقرةالأولى: ممارسة السلطة القضائية بالمحاكم
إن قراءة الفصول من 108 إلى 112 من الدستور التي تطرقت إلى عدم عزل القضاة أو نقلهم إلا بالقانون، وعدمالتدخل في القضايا المعروضة على القضاء، وعدم تهديد استقلال القاضي، وعدم الضغط على القاضي، أو ممارسة التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة(الفصل 109)، وأن قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة لا يطبقون إلا القانون (الفصل 110)، وأن للقضاة الحق في التعبير، والانخراط في الجمعيات (الفصل 111)، قد وردت بعد العنوان الفرعي الأول المتعلق باستقلال القضاء[2]، وهذه الفصول كما هو ملاحظ تتعلق بالوضعيات الفردية للقضاة أثناء أداء مهامهم بالمحاكم بشكل عام، وبالتالي فهي ممارسة لسلطتهم القضائية بالمحاكم ليس إلا، لكن السؤال الذي يطرح كذلك، هل القضاة وباقي أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذين يمارسون مهامهم الادارية بالمجلس يشكلون وحدهم السلطة القضائية دون باقي قضاة المحاكم؟
1- مؤسسةالمحاكم:
هل يقصد بالمحاكم المفهوم المشار إليه في الفصل الأول من القسم الأول بعنوان المحاكم واختصاصاتها من التنظيم القضائي للمملكة[3]، والذي يشمل المحاكم الابتدائية، والادارية، والتجارية، محاكم الاستئناف، محاكم الاستئناف الإدارية،محاكم الاستئنافالتجارية، ومحكمة النقض؛ والمفهوم المشار إليه في الفصل الثاني من الباب الثاني بعنوان المحاكم الابتدائية من الفرع الأول المتعلق بتأليف المحاكمالابتدائية من رئيس وقضاة، ونيابة عامة، ومن كتابة الضبط، ومن كتابة النيابة العامة، وطبقا للفصل 4 فإنها تعقد جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 5 بعده، وكذا الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة، بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط،و الباب الثالث بعنوان محاكم الاستيناف، التي تعقد جلساتها في جميع القضايا وتصدر قراراتها من طرف قضاة ثلاثة وبمساعدة كاتب الضبط تحت طائلة البطلان ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (الفصل 7)، و الباب الرابع بعنوان محكمة النقض، التي تعقد جلساتها وتصدر قراراتها من طرف خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (الفصل 11). إذن وفق هذه القراءة الأولى فإن مؤسسة المحكمة هي التي تمارس فيها السلطة القضائية من طرف رجال السلطة القضائية المتألفة منهم المحكمة وهم القضاة إلى جانب كتاب الضبط، وهل يمكن إعطاء تصور جديد لهيئة كتابة الضبط داخل المحكمة التي أصبحت بموجب الدستور بكامل مكوناتها تدخل ضمن السلطة القضائية، خصوصا إذا راجعنا المادة 2 من المرسوم رقم 2.11.473 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بهيئة كتابة الضبط الذي يعتبر الموظفين المنتمين لهيئة كتابة الضبط في وضعية عادية للقيام بالوظيفة بمختلف محاكم المملكة، وطبقا للفصل 117 من الدستور الاسباني فإن ممارسة السلطة القضائية تتجلى في البت والحكم في القضايا الذي يدخل ضمن اختصاص المحاكم المنصوص عليها في القوانين.
2- المسطرة أمام المحا كم
أثناء قراءة الباب الثاني بعنوان الجلسات والأحكام وبالخصوص الفصول من 50 إلى 53 من قانون المسطرة المدنية نلاحظ أن الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الابتدائية وغيرها من المحاكم الأخرى تشتمل على اسمالقاضي الذي أصدر الحكم، واسم ممثل النيابة العامة عند حضوره واسم كاتب الضبط، وتوقع حسب الحالات من طرف رئيس الجلسة، والقاضي المقرر وكاتب الضبط، أو من القاضي المكلف بالقضية وكاتب الضبط، وإذا عاق القاضي مانع أصبح معه غير قادر على توقيع الحكم فإن رئيس المحكمة يوقعه بالنيابة عنهمع وجوب مصادقة كاتب الضبط على الحكم، وإذا حصل المانع لكاتب الضبط فإن القاضي يذكر ذلك عند الإمضاء،وإذا حصل المانع للقاضي وللكاتب في آن واحد فإن القضية تعاد إلى الجلسة من أجل المناقشة وإصدار الحكم(الفصل 50). علاوة على ذلك فإن كاتب الضبط يثبت الحكم في محضر الجلسة ويوقع أوراقه بعد كل جلسة من طرف رئيسها وكاتب الضبط (الفصل 51)، ويسلم كاتب الضبط نسخة من الأحكام مطابقة للأصل ومصادق عليهابمجرد طلبها (الفصل 53)، إذن فدور كتابة الضبط لا ينحصر في تبليغ الاستدعاءات وتوجيه الإنذارات ولكنه عمل متواصل داخل المحكمة يتجلى في حضور الجلسات وتوقيع الأحكام ومحاضر الجلسات وكلها أعمال تدخل ضمن ممارسة السلطة القضائية.
الفقرةالثانية: السلك القضائي والسلطة القضائية
أثناء قراءتنا للباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة القضائية لا حظنا أنه قد تمت الإشارة إلى اختصاصات ومهام المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الفصول من 113 إلى 116، والفصل 115 تطرقإلى تأليف المجلس الأعلى للقضاء من أعضاء معينين بصفاتهم وأعضاء يتم اختيارهم من طرف الملك وأعضاء منتخبين من القضاة والقاضيات مع ضمان تمثيلية للنساء القاضيات المنتخبات داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي، فماذا نعني بالسلك القضائي؟ (أولا) وما هو مفهوم السلطة القضائية؟ (ثانيا).
أولا: مفهوم السلك القضائي
من خلال قراءة الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 المتعلقبالنظام الأساسي لرجال القضاء[4]نرى أنالسلك القضائي بالمملكة هو عبارة عن هيئة واحدة تشمل قضاة الاحكام والنيابة العامة بمحكمة النقضوباقي المحاكموالإدارة المركزيـة بوزارة العدل، إذن فأعضاء السلك القضائي هم القضاة الذين يشتغلون سواء في المحاكم والادارة المركزية، ومحكمة النقض بما فيها الرئيس الأول والوكيل العام للملك ورئيس الغرفة الأولى بنفس المحكمة، والذين يعتبرون أعضاء معينين بصفاتهم بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية[5]، إذن فهم قضاة بالسلك القضائي وأعضاء في المجلس الأعلى للقضاء، كما أن القضاة العشرة الأعضاء المنتخبين المعينين بالمجلس الأعلى للقضاء هم كذلك قضاة في السلك القضائي، إلا أن أوجه الاختلاف ينحصر في مهام المؤسستين فأعضاء السلك القضائي مهامهم منحصرة في البت في القضايا داخل المحاكم أو القيام بالمهام الادارية داخل الادارة المركزية بوزارة العدل والحريات، أما مهام أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية فهي منحصرة في تدبير وضعية القضاء و منظومة العدالة، أي مهام ذات طابع إداري صرف، بعكس المهام التي يمارسها القضاة في السلك القضائي داخل المحاكم ذات طابع قضائي، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يرتبط مفهوم السلك القضائي بشخص القضاة فقط؟ دون النظر إلى ممارسة مهامهم سواء كانت قضائية داخل المحاكم أو إدارية داخل الإدارة المركزية؟ وهل يمكن إدراج المهام الادارية لأعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية ضمن مهام السلك القضائي ؟ علما أن أعضاء المجلس الأعلى ليس كلهم قضاة ؟كما أن المهام القضائية التي يقوم بها القضاة بالمحاكملا يقومون بها لوحدهم بل لهم شركاء من كتابة الضبط يقومون بمهام قضائية كتجهيز الملفات قبل البت فيها وتبليغ الوثائق القضائية، وحضور الجلسات من قبل كتاب الضبط، وتنفيذ الأحكاموالمقررات القضائية، ناهيك عن باقي الشركاء من المهن القضائية كالمحامون الذين يقومون بتقديم المقالات والأجوبة عنها والإشارة إلى أسمائهم صلب الأحكام القضائية، والخبراء أثناء تقديمهم للخبرات التقنية، كما نص على ذلك الدستور الاسباني، الذي اعتبر أن إنشاء وسير وإدارة المحاكم وكذا الوضعية القانونية للقضاة والمستشارين الذين يكونون هيئة موحدة والموظفين الذين يسهرون على تطبيق العدالة طبقا (الفصل 122 من الدستور الاسباني).
ثانيا: مفهوم السلطة القضائية
بالرجوع إلى الفصول من 108 إلى 112 من الدستور المغربي المشار إليها أعلاه، نلاحظ أنها تناولت المهام التي يمارسها القضاة في المحاكم بوجه عام، مثل عدم عزل القضاة أو نقلهم إلا بالقانون من أماكن عملهم بالمحاكم التي تعتبر المكان الطبيعي للقضاة لأجل ممارسة مهامهم القضائية، وعدم التدخل في القضايا المعروضة على القضاء حين بتهم في القضايا المعروضة عليهم أثناء أداء مهامهم بالمحاكم ، ثم أشار في الفصل 110 منه إلى وجود وحدة بين قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة فيتطبيق القانون بالمحاكم، وهو نفس الأمر الذي تمت الاشارة إليه سابقا في الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالنظام الأساسي لرجال القضاء، أثناء حديثنا عن الهيئة الواحدة التي تشمل قضاة الاحكام والنيابة العامة بالسلك القضائي بالمملكة، كما أن هذا الفصل 110 أعلاه ربط مهام القضاة بالمحاكم دون أن يشير إلى ممارسة مهام أخرى بالإدارة المركزية أو المجلس الأعلى للقضاء، لقد اعتبر الدستور أن مهام قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة تنحصر في تطبيق القانون بالمحاكم، بخلاف مفهوم السلك القضائي الذي يشمل شخص القضاة فقط دون ممارسة المهام سواء كانوا متواجدين بالمحاكم لتطبيق القانون أو بالإدارة المركزية أو أعضاء بالمجلس الأعلى للقضاء، لممارسة المهام الادارية، بخلاف الدستور الاسباني الذي اعتبر أن المجلس العام للسلطة القضائية هو الهيئة التي تمارس السلطة القضائية، ووظائفه محددة في التعيين والترقية والتفتيش و التأديب،( الفصل 122 من الدستور).
).
استنتاجات:
إن ممارسة السلطة القضائية في المحاكم المتألفة من قضاة الأحكام وقضاةالنيابة العامة، و كتاب الضبط، ومن كتابة النيابة العامة، وانعقاد جلساتها واصدار قراراتها من طرف القضاة بمساعدة كتاب الضبط تحت طائلة البطلان ما لم ينص القانون على خلاف ذلك؛ واشتمال الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم على اسماء القضاة واسماءكتاب الضبط، وتوقيعها حسب الحالات من طرف رؤساء الجلسات، والقضاة المقررين وكتاب الضبط؛إن السلطة القضائية المكونة من القضاة وكتاب الضبط وباقي الشركاء الآخرين في المهن القضائية الحرة من محامين وخبراءو موثقين ومترجمين وعدول ومفوضين قضائيين ونساخ؛ يخولنا التفكير مليا في تأسيس مفهوم جديد للسلطة القضائية داخل المحاكم التيتضم القضاة وجهاز كتابة الضبط وباقي الشركاء المتدخلين في منظومة العدالة، وكذلك تقنين ممارستها في المحاكم في إطار نظام داخلي يعنى بتنظيم المحاكم وإجراءاتها المسطرية وجلساتها يحال على المجلس الدستوري لمراقبة مدى دستوريته، كباقي الأنظمة الداخلية التي تأطر تنظيم بعض المؤسسات الدستورية كالبرلمان بمجلسيه، وذلك كلبنة جديدةفي إطار تحقيق الاصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة.
أثناء قراءة العنوان الرئيسي للباب السابع من الظهير الشريف رقم 1.11.91 المتعلق بتنفيذ نص الدستور[1]المتعلق بالسلطة القضائية نلاحظ أنه يتفرع عنه عنوانين فرعيين: الأول يتعلق باستقلال القضاء، والثاني يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالرجوع إلى الفصول المنصوص عليها في هذا الباب المتعلق بالسلطة القضائية لم نعثر على أي تعريفللسلطة القضائية،وقد أحسن المشرع صنعا لأن تعريف السلطة القضائية يدخل ضمن من اختصاصالفقه، وإنمااكتفى بالإشارةفقط إلى استقلال السلطة القضائية عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية في الفقرة الأولى من الفصل 107،وكان بالأحرى تكملة العنوان الفرعي الأول ليصبح وفق الشكل التالي: استقلال السلطة القضائية، بدلا من: استقلال القضاء؛لأن الفصل 107 الذي جاء بعد هذا العنوان تحدث عن استقلال السلطة القضائية، وليس استقلال القضاء، ودليلنا في ذلك هو العنوان الفرعي الثاني المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بحيث كان ينبغي أن يأتي منسجما مع العنوان الفرعي الأول المتعلق باستقلال القضاء، لتكون تسميته وفق الشكل التالي: المجلس الأعلى للقضاء، بدلا من: المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛إن التساؤل المطروح في هذا الصددهل يعتبرالحكم في القضايا من طرف القضاة بالمحاكم ممارسة للسلطة القضائية؟ وهل يشكل القضاة بالمحاكموحدهم السلطة القضائيةدون جهاز كتابة الضبط؟ (الفقرةالأولى)؛ وما هو مفهوم السلك القضائي المنصوص عليه الفصل الأول من النظام الأساسي لرجال القضاء والفصل 115 من الدستور(الفقرة الثانية
).
الفقرةالأولى: ممارسة السلطة القضائية بالمحاكم
إن قراءة الفصول من 108 إلى 112 من الدستور التي تطرقت إلى عدم عزل القضاة أو نقلهم إلا بالقانون، وعدمالتدخل في القضايا المعروضة على القضاء، وعدم تهديد استقلال القاضي، وعدم الضغط على القاضي، أو ممارسة التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة(الفصل 109)، وأن قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة لا يطبقون إلا القانون (الفصل 110)، وأن للقضاة الحق في التعبير، والانخراط في الجمعيات (الفصل 111)، قد وردت بعد العنوان الفرعي الأول المتعلق باستقلال القضاء[2]، وهذه الفصول كما هو ملاحظ تتعلق بالوضعيات الفردية للقضاة أثناء أداء مهامهم بالمحاكم بشكل عام، وبالتالي فهي ممارسة لسلطتهم القضائية بالمحاكم ليس إلا، لكن السؤال الذي يطرح كذلك، هل القضاة وباقي أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذين يمارسون مهامهم الادارية بالمجلس يشكلون وحدهم السلطة القضائية دون باقي قضاة المحاكم؟
1- مؤسسةالمحاكم:
هل يقصد بالمحاكم المفهوم المشار إليه في الفصل الأول من القسم الأول بعنوان المحاكم واختصاصاتها من التنظيم القضائي للمملكة[3]، والذي يشمل المحاكم الابتدائية، والادارية، والتجارية، محاكم الاستئناف، محاكم الاستئناف الإدارية،محاكم الاستئنافالتجارية، ومحكمة النقض؛ والمفهوم المشار إليه في الفصل الثاني من الباب الثاني بعنوان المحاكم الابتدائية من الفرع الأول المتعلق بتأليف المحاكمالابتدائية من رئيس وقضاة، ونيابة عامة، ومن كتابة الضبط، ومن كتابة النيابة العامة، وطبقا للفصل 4 فإنها تعقد جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 5 بعده، وكذا الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة، بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط،و الباب الثالث بعنوان محاكم الاستيناف، التي تعقد جلساتها في جميع القضايا وتصدر قراراتها من طرف قضاة ثلاثة وبمساعدة كاتب الضبط تحت طائلة البطلان ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (الفصل 7)، و الباب الرابع بعنوان محكمة النقض، التي تعقد جلساتها وتصدر قراراتها من طرف خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (الفصل 11). إذن وفق هذه القراءة الأولى فإن مؤسسة المحكمة هي التي تمارس فيها السلطة القضائية من طرف رجال السلطة القضائية المتألفة منهم المحكمة وهم القضاة إلى جانب كتاب الضبط، وهل يمكن إعطاء تصور جديد لهيئة كتابة الضبط داخل المحكمة التي أصبحت بموجب الدستور بكامل مكوناتها تدخل ضمن السلطة القضائية، خصوصا إذا راجعنا المادة 2 من المرسوم رقم 2.11.473 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بهيئة كتابة الضبط الذي يعتبر الموظفين المنتمين لهيئة كتابة الضبط في وضعية عادية للقيام بالوظيفة بمختلف محاكم المملكة، وطبقا للفصل 117 من الدستور الاسباني فإن ممارسة السلطة القضائية تتجلى في البت والحكم في القضايا الذي يدخل ضمن اختصاص المحاكم المنصوص عليها في القوانين.
2- المسطرة أمام المحا كم
أثناء قراءة الباب الثاني بعنوان الجلسات والأحكام وبالخصوص الفصول من 50 إلى 53 من قانون المسطرة المدنية نلاحظ أن الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الابتدائية وغيرها من المحاكم الأخرى تشتمل على اسمالقاضي الذي أصدر الحكم، واسم ممثل النيابة العامة عند حضوره واسم كاتب الضبط، وتوقع حسب الحالات من طرف رئيس الجلسة، والقاضي المقرر وكاتب الضبط، أو من القاضي المكلف بالقضية وكاتب الضبط، وإذا عاق القاضي مانع أصبح معه غير قادر على توقيع الحكم فإن رئيس المحكمة يوقعه بالنيابة عنهمع وجوب مصادقة كاتب الضبط على الحكم، وإذا حصل المانع لكاتب الضبط فإن القاضي يذكر ذلك عند الإمضاء،وإذا حصل المانع للقاضي وللكاتب في آن واحد فإن القضية تعاد إلى الجلسة من أجل المناقشة وإصدار الحكم(الفصل 50). علاوة على ذلك فإن كاتب الضبط يثبت الحكم في محضر الجلسة ويوقع أوراقه بعد كل جلسة من طرف رئيسها وكاتب الضبط (الفصل 51)، ويسلم كاتب الضبط نسخة من الأحكام مطابقة للأصل ومصادق عليهابمجرد طلبها (الفصل 53)، إذن فدور كتابة الضبط لا ينحصر في تبليغ الاستدعاءات وتوجيه الإنذارات ولكنه عمل متواصل داخل المحكمة يتجلى في حضور الجلسات وتوقيع الأحكام ومحاضر الجلسات وكلها أعمال تدخل ضمن ممارسة السلطة القضائية.
الفقرةالثانية: السلك القضائي والسلطة القضائية
أثناء قراءتنا للباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة القضائية لا حظنا أنه قد تمت الإشارة إلى اختصاصات ومهام المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الفصول من 113 إلى 116، والفصل 115 تطرقإلى تأليف المجلس الأعلى للقضاء من أعضاء معينين بصفاتهم وأعضاء يتم اختيارهم من طرف الملك وأعضاء منتخبين من القضاة والقاضيات مع ضمان تمثيلية للنساء القاضيات المنتخبات داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي، فماذا نعني بالسلك القضائي؟ (أولا) وما هو مفهوم السلطة القضائية؟ (ثانيا).
أولا: مفهوم السلك القضائي
من خلال قراءة الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 المتعلقبالنظام الأساسي لرجال القضاء[4]نرى أنالسلك القضائي بالمملكة هو عبارة عن هيئة واحدة تشمل قضاة الاحكام والنيابة العامة بمحكمة النقضوباقي المحاكموالإدارة المركزيـة بوزارة العدل، إذن فأعضاء السلك القضائي هم القضاة الذين يشتغلون سواء في المحاكم والادارة المركزية، ومحكمة النقض بما فيها الرئيس الأول والوكيل العام للملك ورئيس الغرفة الأولى بنفس المحكمة، والذين يعتبرون أعضاء معينين بصفاتهم بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية[5]، إذن فهم قضاة بالسلك القضائي وأعضاء في المجلس الأعلى للقضاء، كما أن القضاة العشرة الأعضاء المنتخبين المعينين بالمجلس الأعلى للقضاء هم كذلك قضاة في السلك القضائي، إلا أن أوجه الاختلاف ينحصر في مهام المؤسستين فأعضاء السلك القضائي مهامهم منحصرة في البت في القضايا داخل المحاكم أو القيام بالمهام الادارية داخل الادارة المركزية بوزارة العدل والحريات، أما مهام أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية فهي منحصرة في تدبير وضعية القضاء و منظومة العدالة، أي مهام ذات طابع إداري صرف، بعكس المهام التي يمارسها القضاة في السلك القضائي داخل المحاكم ذات طابع قضائي، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يرتبط مفهوم السلك القضائي بشخص القضاة فقط؟ دون النظر إلى ممارسة مهامهم سواء كانت قضائية داخل المحاكم أو إدارية داخل الإدارة المركزية؟ وهل يمكن إدراج المهام الادارية لأعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية ضمن مهام السلك القضائي ؟ علما أن أعضاء المجلس الأعلى ليس كلهم قضاة ؟كما أن المهام القضائية التي يقوم بها القضاة بالمحاكملا يقومون بها لوحدهم بل لهم شركاء من كتابة الضبط يقومون بمهام قضائية كتجهيز الملفات قبل البت فيها وتبليغ الوثائق القضائية، وحضور الجلسات من قبل كتاب الضبط، وتنفيذ الأحكاموالمقررات القضائية، ناهيك عن باقي الشركاء من المهن القضائية كالمحامون الذين يقومون بتقديم المقالات والأجوبة عنها والإشارة إلى أسمائهم صلب الأحكام القضائية، والخبراء أثناء تقديمهم للخبرات التقنية، كما نص على ذلك الدستور الاسباني، الذي اعتبر أن إنشاء وسير وإدارة المحاكم وكذا الوضعية القانونية للقضاة والمستشارين الذين يكونون هيئة موحدة والموظفين الذين يسهرون على تطبيق العدالة طبقا (الفصل 122 من الدستور الاسباني).
ثانيا: مفهوم السلطة القضائية
بالرجوع إلى الفصول من 108 إلى 112 من الدستور المغربي المشار إليها أعلاه، نلاحظ أنها تناولت المهام التي يمارسها القضاة في المحاكم بوجه عام، مثل عدم عزل القضاة أو نقلهم إلا بالقانون من أماكن عملهم بالمحاكم التي تعتبر المكان الطبيعي للقضاة لأجل ممارسة مهامهم القضائية، وعدم التدخل في القضايا المعروضة على القضاء حين بتهم في القضايا المعروضة عليهم أثناء أداء مهامهم بالمحاكم ، ثم أشار في الفصل 110 منه إلى وجود وحدة بين قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة فيتطبيق القانون بالمحاكم، وهو نفس الأمر الذي تمت الاشارة إليه سابقا في الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالنظام الأساسي لرجال القضاء، أثناء حديثنا عن الهيئة الواحدة التي تشمل قضاة الاحكام والنيابة العامة بالسلك القضائي بالمملكة، كما أن هذا الفصل 110 أعلاه ربط مهام القضاة بالمحاكم دون أن يشير إلى ممارسة مهام أخرى بالإدارة المركزية أو المجلس الأعلى للقضاء، لقد اعتبر الدستور أن مهام قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة تنحصر في تطبيق القانون بالمحاكم، بخلاف مفهوم السلك القضائي الذي يشمل شخص القضاة فقط دون ممارسة المهام سواء كانوا متواجدين بالمحاكم لتطبيق القانون أو بالإدارة المركزية أو أعضاء بالمجلس الأعلى للقضاء، لممارسة المهام الادارية، بخلاف الدستور الاسباني الذي اعتبر أن المجلس العام للسلطة القضائية هو الهيئة التي تمارس السلطة القضائية، ووظائفه محددة في التعيين والترقية والتفتيش و التأديب،( الفصل 122 من الدستور).
).
استنتاجات:
إن ممارسة السلطة القضائية في المحاكم المتألفة من قضاة الأحكام وقضاةالنيابة العامة، و كتاب الضبط، ومن كتابة النيابة العامة، وانعقاد جلساتها واصدار قراراتها من طرف القضاة بمساعدة كتاب الضبط تحت طائلة البطلان ما لم ينص القانون على خلاف ذلك؛ واشتمال الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم على اسماء القضاة واسماءكتاب الضبط، وتوقيعها حسب الحالات من طرف رؤساء الجلسات، والقضاة المقررين وكتاب الضبط؛إن السلطة القضائية المكونة من القضاة وكتاب الضبط وباقي الشركاء الآخرين في المهن القضائية الحرة من محامين وخبراءو موثقين ومترجمين وعدول ومفوضين قضائيين ونساخ؛ يخولنا التفكير مليا في تأسيس مفهوم جديد للسلطة القضائية داخل المحاكم التيتضم القضاة وجهاز كتابة الضبط وباقي الشركاء المتدخلين في منظومة العدالة، وكذلك تقنين ممارستها في المحاكم في إطار نظام داخلي يعنى بتنظيم المحاكم وإجراءاتها المسطرية وجلساتها يحال على المجلس الدستوري لمراقبة مدى دستوريته، كباقي الأنظمة الداخلية التي تأطر تنظيم بعض المؤسسات الدستورية كالبرلمان بمجلسيه، وذلك كلبنة جديدةفي إطار تحقيق الاصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة.
الهوامش
[1]- الظهير الشريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور؛ الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر؛ بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011).
[2]- راجع حديثنا عن اشكالية عدم تسمية العنوان الفرعي الأول المتعلق استقلال القضاء، باستقلال السلطة القضائية.
[3]- ظهيرشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1394 (15 يوليوز 1974) يتعلق بالتنظيمالقضائي للمملكة؛ الجريدة الرسمية عدد 3220 بتاريخ 26 جمادى الثانية 1394 (17 يوليوز 1974)، ص 2027.
[4]- راجع الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 بتاريخ 26 شوال 1394 (11 نونبر 1974) الذي يكون النظام الأساسي لرجال القضاء ؛ الجريدة الرسمية عدد 3237 بتاريخ 28 شوال 1394 (13 نونبر 1974)، ص 3315.
[5]- الفصل 115 من الدستور، مرجع سابق