يطيب لي في البداية أن أشير أن المملكة المغربية قد قطعت أشواطا طويلة ، في حماية حقوق الطفل مقارنة ببقية الدول العربية، وذلك نظرا لخصوصية هذا الموضوع والذي يستمد قوته من ثلاثة مرتكزات أساسية : أولها المواثيق الدولية سواء تعلق الأمر بالجيل الأول من الحقوق المسمى بالحقوق الزرقاء، أو الجيل الثاني من الحقوق المسمى بالحقوق الحمراء، أو الجيل الثالث من حقوق الإنسان، وهكذا تنص اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 على مفهوم الطفل، بكونه كل شخص لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه، كما تنص اتفاقية لاهاي لسنة 1996 على مقتضيات تهم الأطفال في وضعية صعبة وذلك بموجب المواد 2 و 3 و 35 و36 وما يليها من هذه الاتفاقية.
أما المرتكز الثاني فيجد أساسه القانوني في الخطب الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتأييد، والذي أكد بمناسبة افتتاح السنة التشريعية لسنة 2003 – 2004 على أهمية تجديد المؤسسات الدستورية وتعزيز المسار الديمقراطي للمملكة المغربية ، ومن بين الجوانب التي تم التطرق إليها جلالته كانت حقوق الطفل وضمان مصلحته الفضلى.
أما المرتكز الثالث والأخير فيجد أساسه في دستور 29 يوليوز 2022 ومدونة الأسرة لسنة 2004، بحيث نص القانون الأول في الفصل 31 منه على أنه: تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية، ويحدث مجلس استشاري للأسرة والطفولة لهذه الغاية ، بينما ينص القانون الثاني في المواد 20 و54 و 145 و 153 و 163 و 189 و 229 و 277 و 338 على فئة عريضة من الحقوق المكفولة للأطفال تتلقى أساسا بالحضانة، والنسب، والنفقة، والإرث، والنيابة الشرعية، وإدارة أموال القاصر، وبعد هذه التوطئة، يغدو التساؤل مشروعا، أين تتجلى أدوار القضاء في حماية حقوق الأطفال المهملين؟
إجابة عن هذا السؤال يمكن القول إن هذه الحماية منصوص عليها في قانون رقم 15 -01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين الصادر بتاريخ 2002 ، والذي يتعلق بحقوق فئة خاصة من الأطفال وهم الأطفال المهملون، والذي يقصد بهم حسب المادة الأولى من هذا القانون، كل طفل أقل من 18 سنة وجد في إحدى الحالات التالية:
- إذا ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها
- إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش
- إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهـه من أجـل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية، أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر أو عجزه على رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه.
وعليه فان القضاء يتدخل لحماية حقوق الأطفال المهملين بصورة مزدوجة ، فهناك النيابة العامة، وهناك القاضي المكلف بشؤون القاصرين وحسبنا أن نعطي فكرة موجزة عن كل من الصورتين كما يلي :
فبالنسبة للنيابة العامة فهي تتدخل بشكل قبلي من خلال التصريح بالإهمال، بحيث يقوم وكيل الملك بدائرة المحكمة التي يقيم فيها الطفل، أو المكان الذي عتر عليه فيه. بإيداع الطفل مؤقتا بإحدى المؤسسات الصحية أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية المهتمة بالطفولة سواء منها التابعة للدولة أو للجماعات المحلية أو للهيئات والمنظمات والجمعيات أو لدى أسرة أو امرأة ترغب في كفالته، ثم بعد ذلك يقوم وكيل الملك عند الاقتضاء بكل الإجراءات الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية، ثم يقدم وكيل الملك على الفور طلب التصريح بأن الطفل مهمل، إلى المحكمة الابتدائية التي تصدر حكما في الموضوع.
أما بالنسبة للقاضي المكلف بشؤون القاصرين فتدخله يكون بعدي، أي من خلال إسناد الكفالة إلى الشخص أو الجهة الراغبة التي ترغب في ذلك ، بعد تقديم الوثائق لازمة لكفالة الطفل المهمل والمتمثلة في:
بعد ذلك يقوم القاضي المكلف بشؤون القاصرين بإجراء بحث حول وضعية الشخص الذي يرغب في كفالة الطفل عن طريقة للجنة مكونة من: ممثل النيابة العامة، ممثل للسلطة
الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية؛ ممثل للسلطة المحلية؛ ممثل للسلطة الحكومية المكلفة بالطفولة، وبعد استيفاء الشروط المتطلبة للكفالة يصدر القاضي المكلف بشؤون القاصرين أمراً بإسناد كفالة الطفل المهمل إلى الشخص أو الجهة التي تقدمت بالطلب، مع تعين الكافل مقدما عن الطفل المكفول وذلك داخل أجل 15 يوم، ولا يفوتني أن أشير أن القاضي المكلف بشؤون القاصرين تبقى له صلاحية تتبع ومراقبة شؤون الطفل المكفول، ومدى وفاء الكافل بالتزاماته، ويقرر بشأن ذلك إما استمرار الكفالة أو إلغائها وإسنادها الى جهة أخرى.
ومن ثم يمكن القول ، أن القضاء المتشبع بفكرة حقوق الإنسان، يلعب دورا كبير في حماية حقوق الأطفال المهملين ، بما يتلاءم مع المواثيق الدولية والدستور والتوجيهات الملكية السامية وقرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ، وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، ليبقى السؤال المطروح في الأخير ألم يحن الوقت لأحداث قانون جديد يحدد طريقة كفالة الأطفال غير المهملين ؟
أما المرتكز الثاني فيجد أساسه القانوني في الخطب الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتأييد، والذي أكد بمناسبة افتتاح السنة التشريعية لسنة 2003 – 2004 على أهمية تجديد المؤسسات الدستورية وتعزيز المسار الديمقراطي للمملكة المغربية ، ومن بين الجوانب التي تم التطرق إليها جلالته كانت حقوق الطفل وضمان مصلحته الفضلى.
أما المرتكز الثالث والأخير فيجد أساسه في دستور 29 يوليوز 2022 ومدونة الأسرة لسنة 2004، بحيث نص القانون الأول في الفصل 31 منه على أنه: تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية، ويحدث مجلس استشاري للأسرة والطفولة لهذه الغاية ، بينما ينص القانون الثاني في المواد 20 و54 و 145 و 153 و 163 و 189 و 229 و 277 و 338 على فئة عريضة من الحقوق المكفولة للأطفال تتلقى أساسا بالحضانة، والنسب، والنفقة، والإرث، والنيابة الشرعية، وإدارة أموال القاصر، وبعد هذه التوطئة، يغدو التساؤل مشروعا، أين تتجلى أدوار القضاء في حماية حقوق الأطفال المهملين؟
إجابة عن هذا السؤال يمكن القول إن هذه الحماية منصوص عليها في قانون رقم 15 -01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين الصادر بتاريخ 2002 ، والذي يتعلق بحقوق فئة خاصة من الأطفال وهم الأطفال المهملون، والذي يقصد بهم حسب المادة الأولى من هذا القانون، كل طفل أقل من 18 سنة وجد في إحدى الحالات التالية:
- إذا ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها
- إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش
- إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهـه من أجـل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية، أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر أو عجزه على رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه.
وعليه فان القضاء يتدخل لحماية حقوق الأطفال المهملين بصورة مزدوجة ، فهناك النيابة العامة، وهناك القاضي المكلف بشؤون القاصرين وحسبنا أن نعطي فكرة موجزة عن كل من الصورتين كما يلي :
فبالنسبة للنيابة العامة فهي تتدخل بشكل قبلي من خلال التصريح بالإهمال، بحيث يقوم وكيل الملك بدائرة المحكمة التي يقيم فيها الطفل، أو المكان الذي عتر عليه فيه. بإيداع الطفل مؤقتا بإحدى المؤسسات الصحية أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية المهتمة بالطفولة سواء منها التابعة للدولة أو للجماعات المحلية أو للهيئات والمنظمات والجمعيات أو لدى أسرة أو امرأة ترغب في كفالته، ثم بعد ذلك يقوم وكيل الملك عند الاقتضاء بكل الإجراءات الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية، ثم يقدم وكيل الملك على الفور طلب التصريح بأن الطفل مهمل، إلى المحكمة الابتدائية التي تصدر حكما في الموضوع.
أما بالنسبة للقاضي المكلف بشؤون القاصرين فتدخله يكون بعدي، أي من خلال إسناد الكفالة إلى الشخص أو الجهة الراغبة التي ترغب في ذلك ، بعد تقديم الوثائق لازمة لكفالة الطفل المهمل والمتمثلة في:
- طلب موقع في اسم طالب أو طالبي الكفالة
- صورة لبطاقة التعريف الوطنية لطالب أو طالبي الكفالة
- شهادة طبية لطالب أو طالبي الكفالة
- .نسخة كاملة أو موجزة من رسم ولادة الطفل المراد كفالته
- .شهادة طبية للطفل المراد كفالته
- .نسخة من عقد زواج طالبي الكفالة
- نسخة من سجل السوابق العدلية لطالب أو طالبي الكفالة
- شهادة الدخل لطالب أو طالبي الكفالة
- شهادة السكنى لطالب أو طالبي الكفالة
- شهادة الضعف بالنسبة لوالدي الطفل المراد كفالته
- موافقة البلد الذي يقيم فيه طالب الكفالة
- حكم بالإهمال إذا كان الطفل مهملا (مجهول الأب أو الأبوين معا)
بعد ذلك يقوم القاضي المكلف بشؤون القاصرين بإجراء بحث حول وضعية الشخص الذي يرغب في كفالة الطفل عن طريقة للجنة مكونة من: ممثل النيابة العامة، ممثل للسلطة
الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية؛ ممثل للسلطة المحلية؛ ممثل للسلطة الحكومية المكلفة بالطفولة، وبعد استيفاء الشروط المتطلبة للكفالة يصدر القاضي المكلف بشؤون القاصرين أمراً بإسناد كفالة الطفل المهمل إلى الشخص أو الجهة التي تقدمت بالطلب، مع تعين الكافل مقدما عن الطفل المكفول وذلك داخل أجل 15 يوم، ولا يفوتني أن أشير أن القاضي المكلف بشؤون القاصرين تبقى له صلاحية تتبع ومراقبة شؤون الطفل المكفول، ومدى وفاء الكافل بالتزاماته، ويقرر بشأن ذلك إما استمرار الكفالة أو إلغائها وإسنادها الى جهة أخرى.
ومن ثم يمكن القول ، أن القضاء المتشبع بفكرة حقوق الإنسان، يلعب دورا كبير في حماية حقوق الأطفال المهملين ، بما يتلاءم مع المواثيق الدولية والدستور والتوجيهات الملكية السامية وقرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ، وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، ليبقى السؤال المطروح في الأخير ألم يحن الوقت لأحداث قانون جديد يحدد طريقة كفالة الأطفال غير المهملين ؟