مقدمة:
استقبلت بمكتبي مؤخرا موكلة تشتكي من كونها لم تستطع إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية لابنتها القاصرة والتي ستجتاز امتحان البكالوريا لهذه السنة، وذلك لكون والدها غير موجود ولا يعرف له مكان ولا عنوان، وانها من دون البطاقة الوطنية للتعريف ستحرم وتمنع من اجتياز امتحان البكالوريا وستضيع فرصتها وحقها إن لم نقل مستقبلها وذلك بسبب رفض مصلحة الشرطة إعطاءها الحق في انجاز البطاقة الوطنية للتعريف دون حضور والدها، مما اضطرها للجوء إلى محام... وفعلا قمت برفع دعوى استعجالية أمام المحكمة الابتدائية بالخميسات بقسم قضاء الأسرة سجلت تحت عدد 08/1150/2024 عرضت فيها أن الموكلة تعتبر هي الحاضنة على ابنتها القاصر وأن هذه الأخيرة تدرس بالسنة الثانية بكالوريا وتود انجاز البطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية من أجل اجتياز الامتحان ـ، إلا أن مصلحة الشرطة رفضت إعطائها هذا الحق ورفضت انجاز البطاقة الوطنية بعلة عدم وجود الأب ، والتمست الموكلة في طلبها هذا الإذن لها بإنجاز البطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية لابنتها القاصر من أجل اجتياز امتحان البكالوريا.
وبتاريخ 17/1/2024 صدر أمر استعجالي في هذا الملف تحت عدد 15 قضى بالإذن للمدعية بإنجاز بطاقة التعريف الالكترونية لابنتها المزدادة بتاريخ 26/11/2006 وتحميل المدعى عليه الصائر مع التصريح بأن تنفيذ هذا الأمر مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون.
والجيد في هذا الأمر هو أنه قد ارتكز في حيثياته على كون المدعية باعتبارها حاضنة هي الساهرة على مصالح ابنتها وهي الكفيلة بتوفير المصلحة الفضلى لها عن طريق رعايتها وحمايتها وتوجيهها وضمان حقوقها والتي من ضمنها توفير البطاقة الوطنية لها وعدم تعرض مصالحها للضياع بالإضافة إلى أنه من الحقوق المدنية للطفل هو الحصول على الهوية أي ضرورة توفره على جميع الوثائق القانونية الخاصة به من بينها بطاقة التعريف الوطنية وهو أمر ليس فيه مساس بحقوق الطرفين...
للجواب عن هذه الإشكالية سنتناول هذا الموضوع وفق التقسيم التالي:
أولا:المساس بالمصلحة الفضلى للطفل.
ثانيا:حول صواب الأمر الاستعجالي فيما قضى به.
أولا: المساس بالمصلحة الفضلى للطفل.
قبل معرفة إن كان امتناع مصلحة الشرطة إنجاز البطاقة الوطنية للقاصر فيه مساس بمصلحته الفضلى(2) ينبغي تعريف هذه المصلحة الفضلى(1).
1 -تعريف المصلحة الفضلى للطفل.
لقد ذكرت المصلحة الفضلى للطفل في ثمانية مواضع من بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل كمصدر أساسي لممارسة الطفل لحقوقه وتمتعه بها، غير أنه لم ترد أية إشارة للدلالة على مضمون هذه المصلحة وتركت تطبيقاتها للدول المصادقة على الاتفاقية الأممية حسب خصوصياتها الاجتماعية والسياسية والإقتصادية والدينية السائدة داخل منظوماتها بأكملها.[1]
وقد استعمل أيضا تعبير ''المصلحة الفضلى للطفل'' حديثا في التاريخ القانوني للإنسانية بداية تحت صيغة ''خير الطفل'' ثم تجسدت التسمية الجديدة بالفصل الثالث من الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل فهو تعبير قانوني حديث جدا ومحتواه لازال فضفاضا وغير واضح، ولم يكن موضوع دراسات متكاملة ودقيقة سوى بعض الكتابات المنهجية للفقه القانوني التي تناولت التعبير بصفة مجردة.
وفي ظل هذه المرونة والعمومية التي تطبع هذه المصلحة، لم يصل الفقه إلى توحيد المفاهيم حول تعريف شامل يجمع كل هذه الخصوصيات، ومن تم نجد أن أحد المتخصصين في مجال الطفولة يعتبر المصلحة الفضلى للطفل –الحدث- بأنها:"أداة قانونية تهدف إلى تأمين الراحة الجسدية والنفسية والاجتماعية للطفل وتؤسس التزاما على عاتق الهيئات والمنظمات العمومية والخاصة، لتمحيص مدة توفر واحترام هذا المعيار لحظة اتخاذ قرار في حق الطفل"، كما تمثل ضمانة للطفل في أخذ مصلحته الاعتبار على المدى البعيد وينبغي ترجيح مصلحته على باقي المصالح الأخرى المنافسة لها.[2]
فأمام هذا التعريف والأهمية التي يضعها القانون والقضاء والفقه والاتفاقيات الدولية للمصلحة الفضلى للطفل نجد أن كل هذا هو مجرد حبر على ورق ولا يطبق، في أبسط حق من حقوق الطفل، وهو حقه في إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف، بل ويتم رفض إعطائه هذا الحق بدون مبرر ودون ذكر أسباب معقولة كما في نازلتنا.فهناك أطفال كثر متخلى عنهم ،وهناك من انفصل والديه، فلا يعود يلتقي بأبيه البتة بل حتى لا يعرف شكله إن قابله صدفة وهذا هو الحال في نازلتنا.
2-امتناع مصلحة الشرطة إنجاز البطاقة الوطنية للقاصر فيه مساس بمصلحته الفضلى.
بالرجوع إلى القانون المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية رقم 20-04 (جريدة رسمية عدد 6907 بتاريخ 10 أغسطس 2020 ) نجد في المادة 2 في فقرتها الأولى تنص على أنه:''يجب على كل مواطن مغربي يبلغ 16 سنة شمسية كاملة أن يتوفر على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية''.
والمادة 15 في فقرتها الأولى من نفس القانون تنص على أنه:'' يعاقب بغرامة من 300 إلى 400 درهم كل شخص يبلغ من العمر 16 سنة شمسية كاملة أغفل تقديم طلب الحصول على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية'' .
ونجد في المادة 7 من المرسوم رقم 2.20.521 الصادر في 12/8/2020 بشأن تطبيق القانون رقم 20-04 (جريدة رسمية عدد 6908 بتاريخ 12 غشت 2020) والتي تنص على أنه:'' يودع طلب الحصول على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية من قبل المعني بالأمر شخصيا أو من قبل النائب الشرعي للقاصر، لدى المصلحة المكلفة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية التابع لها مقر إقامته مقابل وصل مؤرخ مع مراعاة حالات الأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة.''
فبالرغم من هذه النصوص القانونية فإن المشرع لم يشر إلى أية استثناءات لتسهيل إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف بالنسبة للقاصر في حالة عدم وجود أب الطفل أو في حالة عدم رغبتهفي إنجاز الوثائق الخاصة بأبنائه كما في نازلتنا هذه، مما يخلق إشكالية كبيرة كالتي تعرضت لها المدعية هي وابنتها القاصر، خاصة أمام اقتراب اجتيازها لامتحان البكالوريا مما ينيغي معه العمل على تعديل النص القانوني الخاص يإنجاز البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية بالنسبة للقاصر، وذلك بإضافة بعض الاستثناءات من أجل الحفاظ على حقوقه وبالتالي الحفاظ على مصلحته الفضلى في تسهيل إنجاز الوثائق المحتمل طلبها من طرف الجهات المختصة، وتعذر تفاعل أحد النواب الشرعيين.
ثانيا: حول الأمر الاستعجالي فيما قضى به.
إن الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق قائم على أساس قانوني لا غبار عليه (1) خاصة وأن التهيء لاجتياز امتحان البكالوريا يعتبر من الأمور المستعجلة التي لا تحتمل التأخير(2).
1-الأساس القانوني للأمر الاستعجالي.
إن الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق قد يكون ارتكز على فصول مدونة الأسرة الخاصة بالنيابة الشرعية حيث نصت المادة 231 على نهأأأن :''صاحب النيابة الشرعية :الأب الراشد، الأم الراشدةعند عدم وجود الأب أو فقد أهليته...".وتوضيحا لهذه المادة وغيرها فإن وزارة العدل أصدرت منشورا تحت رقم 52 الصادر بتاريخ 2/5/2005 حول تطبيق مقتضيات المواد 231 و 240 و250 من مدونة الأسرة:"وضح أن الأشخاص الذين خولهم القانون النيابة الشرعية عن القاصر هم:
- الأب الكامل الأهلية مع العلم أنه في حالة حصول مانع له كمرضه أوغيبته فإن الأم تقوم بالمصالح المستعجلة لولدها التي لا تتحمل انتظار زوال المانع، مثل استخراج أو توقيع وثائق إدارية أو إجراء عملية جراحية...
-الأم الكاملة الأهلية، وتمارس النيابة الشرعية عند عدم وجود الأب، لوفاته أو غيبته في مكان مجهول أو كونه غير معروف أو عدم ثبوت نسب الولد القاصر إليه قضاء وكذا عند فقد أهليته..."[3].الشيء الذي يكون معه الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق قد صادف الصواب فيما قضى به بالإذن للمدعية بإنجاز بطاقة التعريف الإلكترونية لابنتها القاصر باعتبارها حاضنة من جهة ونائبة شرعية حسب تفسير المنشور المذكور وضمانا لحقوق الإبنة وتوفير المصلحة الفضلى لها من جهة أخرى.وبالتالي فإن إحجام مصلحة الشرطة عن القيام بذلك يعتبر جائرا وغير قانوني لذا كان من العدل دحضه بهذا الأمر الاستعجالي.
2-مدى استعجالية الحصول على هوية من أجل اجتياز امتحان البكالوريا.
نلاحظ أن القانون مع توضيحاته السابقة قد أعطى للأم عند غياب الأب الحق في القيام بالمصالح المستعجلة لأبنائها القصر، كما جاء تأكيد ذلك في البلاغ الإخباري (الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتاريخ 22 مارس 2024 )بخصوص الولوج إلى الخدمات الإلكترونية عبر الهوية الرقمية للمترشحين لاجتياز امتحانات البكالوريا دورة 2024.
وهذا البلاغ الذي أكد على إلزامية التوفر على البطاقة الوطنيةللتعريف الإلكترونية بالنسبة للمرشحين لاجتياز امتحان البكالوريا، مع الإشارة إلى أن شهادة البكالوريا أصبحت تتضمن من بين معطياتها رقم البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية حيث لا يمكن لأي مرشح ناجح في امتحانات البكالوريا لدورة 2024 الحصول على الشهادة دون التوفر على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية... الشيء الذي يؤكد كون الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق إستلهم حالة الاستعجال القصوى قبل ظهور البلاغ الوزاري.
خاتمة:
وفي خاتمة هذا التعليق نلاحظ أن عدم تواجد أب القاصر مع وجود الأم الحاضنة والنائبة الشرعية عن ابنتها القاصر في انجاز الوثائق الإدارية المستعجلة والتي ووجهت بامتناع مصلحة الشرطة من أجل إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف لسبب ضرورة حضور الأب، مما أجاب عنه الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق الصادر عن قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالخميسات بشكل قانوني سلس معتبرا فيه مصلحة القاصر الفضلى دون النظر لأي عامل آخر .
استقبلت بمكتبي مؤخرا موكلة تشتكي من كونها لم تستطع إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية لابنتها القاصرة والتي ستجتاز امتحان البكالوريا لهذه السنة، وذلك لكون والدها غير موجود ولا يعرف له مكان ولا عنوان، وانها من دون البطاقة الوطنية للتعريف ستحرم وتمنع من اجتياز امتحان البكالوريا وستضيع فرصتها وحقها إن لم نقل مستقبلها وذلك بسبب رفض مصلحة الشرطة إعطاءها الحق في انجاز البطاقة الوطنية للتعريف دون حضور والدها، مما اضطرها للجوء إلى محام... وفعلا قمت برفع دعوى استعجالية أمام المحكمة الابتدائية بالخميسات بقسم قضاء الأسرة سجلت تحت عدد 08/1150/2024 عرضت فيها أن الموكلة تعتبر هي الحاضنة على ابنتها القاصر وأن هذه الأخيرة تدرس بالسنة الثانية بكالوريا وتود انجاز البطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية من أجل اجتياز الامتحان ـ، إلا أن مصلحة الشرطة رفضت إعطائها هذا الحق ورفضت انجاز البطاقة الوطنية بعلة عدم وجود الأب ، والتمست الموكلة في طلبها هذا الإذن لها بإنجاز البطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية لابنتها القاصر من أجل اجتياز امتحان البكالوريا.
وبتاريخ 17/1/2024 صدر أمر استعجالي في هذا الملف تحت عدد 15 قضى بالإذن للمدعية بإنجاز بطاقة التعريف الالكترونية لابنتها المزدادة بتاريخ 26/11/2006 وتحميل المدعى عليه الصائر مع التصريح بأن تنفيذ هذا الأمر مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون.
والجيد في هذا الأمر هو أنه قد ارتكز في حيثياته على كون المدعية باعتبارها حاضنة هي الساهرة على مصالح ابنتها وهي الكفيلة بتوفير المصلحة الفضلى لها عن طريق رعايتها وحمايتها وتوجيهها وضمان حقوقها والتي من ضمنها توفير البطاقة الوطنية لها وعدم تعرض مصالحها للضياع بالإضافة إلى أنه من الحقوق المدنية للطفل هو الحصول على الهوية أي ضرورة توفره على جميع الوثائق القانونية الخاصة به من بينها بطاقة التعريف الوطنية وهو أمر ليس فيه مساس بحقوق الطرفين...
فماذا يقصد بالمصلحة الفضلى للطفل؟
وهل امتناع مصلحة الشرطة انجاز البطاقة الوطنية للطفل فيه مساس بمبدأ المصلحة الفضلى؟
للجواب عن هذه الإشكالية سنتناول هذا الموضوع وفق التقسيم التالي:
أولا:المساس بالمصلحة الفضلى للطفل.
ثانيا:حول صواب الأمر الاستعجالي فيما قضى به.
أولا: المساس بالمصلحة الفضلى للطفل.
قبل معرفة إن كان امتناع مصلحة الشرطة إنجاز البطاقة الوطنية للقاصر فيه مساس بمصلحته الفضلى(2) ينبغي تعريف هذه المصلحة الفضلى(1).
1 -تعريف المصلحة الفضلى للطفل.
لقد ذكرت المصلحة الفضلى للطفل في ثمانية مواضع من بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل كمصدر أساسي لممارسة الطفل لحقوقه وتمتعه بها، غير أنه لم ترد أية إشارة للدلالة على مضمون هذه المصلحة وتركت تطبيقاتها للدول المصادقة على الاتفاقية الأممية حسب خصوصياتها الاجتماعية والسياسية والإقتصادية والدينية السائدة داخل منظوماتها بأكملها.[1]
وقد استعمل أيضا تعبير ''المصلحة الفضلى للطفل'' حديثا في التاريخ القانوني للإنسانية بداية تحت صيغة ''خير الطفل'' ثم تجسدت التسمية الجديدة بالفصل الثالث من الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل فهو تعبير قانوني حديث جدا ومحتواه لازال فضفاضا وغير واضح، ولم يكن موضوع دراسات متكاملة ودقيقة سوى بعض الكتابات المنهجية للفقه القانوني التي تناولت التعبير بصفة مجردة.
وفي ظل هذه المرونة والعمومية التي تطبع هذه المصلحة، لم يصل الفقه إلى توحيد المفاهيم حول تعريف شامل يجمع كل هذه الخصوصيات، ومن تم نجد أن أحد المتخصصين في مجال الطفولة يعتبر المصلحة الفضلى للطفل –الحدث- بأنها:"أداة قانونية تهدف إلى تأمين الراحة الجسدية والنفسية والاجتماعية للطفل وتؤسس التزاما على عاتق الهيئات والمنظمات العمومية والخاصة، لتمحيص مدة توفر واحترام هذا المعيار لحظة اتخاذ قرار في حق الطفل"، كما تمثل ضمانة للطفل في أخذ مصلحته الاعتبار على المدى البعيد وينبغي ترجيح مصلحته على باقي المصالح الأخرى المنافسة لها.[2]
فأمام هذا التعريف والأهمية التي يضعها القانون والقضاء والفقه والاتفاقيات الدولية للمصلحة الفضلى للطفل نجد أن كل هذا هو مجرد حبر على ورق ولا يطبق، في أبسط حق من حقوق الطفل، وهو حقه في إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف، بل ويتم رفض إعطائه هذا الحق بدون مبرر ودون ذكر أسباب معقولة كما في نازلتنا.فهناك أطفال كثر متخلى عنهم ،وهناك من انفصل والديه، فلا يعود يلتقي بأبيه البتة بل حتى لا يعرف شكله إن قابله صدفة وهذا هو الحال في نازلتنا.
2-امتناع مصلحة الشرطة إنجاز البطاقة الوطنية للقاصر فيه مساس بمصلحته الفضلى.
بالرجوع إلى القانون المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية رقم 20-04 (جريدة رسمية عدد 6907 بتاريخ 10 أغسطس 2020 ) نجد في المادة 2 في فقرتها الأولى تنص على أنه:''يجب على كل مواطن مغربي يبلغ 16 سنة شمسية كاملة أن يتوفر على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية''.
والمادة 15 في فقرتها الأولى من نفس القانون تنص على أنه:'' يعاقب بغرامة من 300 إلى 400 درهم كل شخص يبلغ من العمر 16 سنة شمسية كاملة أغفل تقديم طلب الحصول على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية'' .
ونجد في المادة 7 من المرسوم رقم 2.20.521 الصادر في 12/8/2020 بشأن تطبيق القانون رقم 20-04 (جريدة رسمية عدد 6908 بتاريخ 12 غشت 2020) والتي تنص على أنه:'' يودع طلب الحصول على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية من قبل المعني بالأمر شخصيا أو من قبل النائب الشرعي للقاصر، لدى المصلحة المكلفة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية التابع لها مقر إقامته مقابل وصل مؤرخ مع مراعاة حالات الأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة.''
فبالرغم من هذه النصوص القانونية فإن المشرع لم يشر إلى أية استثناءات لتسهيل إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف بالنسبة للقاصر في حالة عدم وجود أب الطفل أو في حالة عدم رغبتهفي إنجاز الوثائق الخاصة بأبنائه كما في نازلتنا هذه، مما يخلق إشكالية كبيرة كالتي تعرضت لها المدعية هي وابنتها القاصر، خاصة أمام اقتراب اجتيازها لامتحان البكالوريا مما ينيغي معه العمل على تعديل النص القانوني الخاص يإنجاز البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية بالنسبة للقاصر، وذلك بإضافة بعض الاستثناءات من أجل الحفاظ على حقوقه وبالتالي الحفاظ على مصلحته الفضلى في تسهيل إنجاز الوثائق المحتمل طلبها من طرف الجهات المختصة، وتعذر تفاعل أحد النواب الشرعيين.
ثانيا: حول الأمر الاستعجالي فيما قضى به.
إن الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق قائم على أساس قانوني لا غبار عليه (1) خاصة وأن التهيء لاجتياز امتحان البكالوريا يعتبر من الأمور المستعجلة التي لا تحتمل التأخير(2).
1-الأساس القانوني للأمر الاستعجالي.
إن الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق قد يكون ارتكز على فصول مدونة الأسرة الخاصة بالنيابة الشرعية حيث نصت المادة 231 على نهأأأن :''صاحب النيابة الشرعية :الأب الراشد، الأم الراشدةعند عدم وجود الأب أو فقد أهليته...".وتوضيحا لهذه المادة وغيرها فإن وزارة العدل أصدرت منشورا تحت رقم 52 الصادر بتاريخ 2/5/2005 حول تطبيق مقتضيات المواد 231 و 240 و250 من مدونة الأسرة:"وضح أن الأشخاص الذين خولهم القانون النيابة الشرعية عن القاصر هم:
- الأب الكامل الأهلية مع العلم أنه في حالة حصول مانع له كمرضه أوغيبته فإن الأم تقوم بالمصالح المستعجلة لولدها التي لا تتحمل انتظار زوال المانع، مثل استخراج أو توقيع وثائق إدارية أو إجراء عملية جراحية...
-الأم الكاملة الأهلية، وتمارس النيابة الشرعية عند عدم وجود الأب، لوفاته أو غيبته في مكان مجهول أو كونه غير معروف أو عدم ثبوت نسب الولد القاصر إليه قضاء وكذا عند فقد أهليته..."[3].الشيء الذي يكون معه الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق قد صادف الصواب فيما قضى به بالإذن للمدعية بإنجاز بطاقة التعريف الإلكترونية لابنتها القاصر باعتبارها حاضنة من جهة ونائبة شرعية حسب تفسير المنشور المذكور وضمانا لحقوق الإبنة وتوفير المصلحة الفضلى لها من جهة أخرى.وبالتالي فإن إحجام مصلحة الشرطة عن القيام بذلك يعتبر جائرا وغير قانوني لذا كان من العدل دحضه بهذا الأمر الاستعجالي.
2-مدى استعجالية الحصول على هوية من أجل اجتياز امتحان البكالوريا.
نلاحظ أن القانون مع توضيحاته السابقة قد أعطى للأم عند غياب الأب الحق في القيام بالمصالح المستعجلة لأبنائها القصر، كما جاء تأكيد ذلك في البلاغ الإخباري (الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتاريخ 22 مارس 2024 )بخصوص الولوج إلى الخدمات الإلكترونية عبر الهوية الرقمية للمترشحين لاجتياز امتحانات البكالوريا دورة 2024.
وهذا البلاغ الذي أكد على إلزامية التوفر على البطاقة الوطنيةللتعريف الإلكترونية بالنسبة للمرشحين لاجتياز امتحان البكالوريا، مع الإشارة إلى أن شهادة البكالوريا أصبحت تتضمن من بين معطياتها رقم البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية حيث لا يمكن لأي مرشح ناجح في امتحانات البكالوريا لدورة 2024 الحصول على الشهادة دون التوفر على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية... الشيء الذي يؤكد كون الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق إستلهم حالة الاستعجال القصوى قبل ظهور البلاغ الوزاري.
خاتمة:
وفي خاتمة هذا التعليق نلاحظ أن عدم تواجد أب القاصر مع وجود الأم الحاضنة والنائبة الشرعية عن ابنتها القاصر في انجاز الوثائق الإدارية المستعجلة والتي ووجهت بامتناع مصلحة الشرطة من أجل إنجاز البطاقة الوطنية للتعريف لسبب ضرورة حضور الأب، مما أجاب عنه الأمر الاستعجالي موضوع هذا التعليق الصادر عن قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالخميسات بشكل قانوني سلس معتبرا فيه مصلحة القاصر الفضلى دون النظر لأي عامل آخر .
الهوامش
[1]محمد العمري.حماية المصلحة الفضلى للحدث في التشريع الجنائي المغربي، الطبعة الأولى 2017 مكتبة الرشاد.سطات ص 12.
[2]محمد العمري حماية المصلحة الفضلى للحدث في التشريع الجنائي المغربي.ص 16.
[3] محمد بفقير.مدزنة الأسرة والعمل القضائي طبعة 2006 منشورات دراسات قضائية.سلسلة القانون والعمل القضائي المغربي العدد الأول.ص206 .