الوقـــــــائع
بناء على المقال الاستعجالي المسجـل بتاريــــــخ 03/08/2016 ، تعرض فيـه الطاعنة، بواسطة دفاعها الأستاذة … ، أنها دخلت إلى المغرب بصفة قانونية منذ أكثر من عشر سنوات وظلت تعيش به رفقة زوجها و أبنائهما بعد أن حصلت على بطاقة الإقامة ، وبعد انتهاء بطاقتها تقدمت من أجل طلب تجديدها ليتم إخبارها شفويا بتاريخ 19/07/2016 بضرورة مغادرة التراب المغربي داخل أجل 15 يوما ، وأن هذا القرار شابته مجموعة من الخروقات مما يجعلها محقة في الطعن فيه وتبسط أسبابه وفق الآتي :
أن القرار لم يتم تبليغه للطاعنة بشكل قانوني ووفقا للشروط القانونية ، بل تم إخبارها من طرف عميد الشرطة بولاية الأمن بفاس دون تفويض من المدير العام للأمن الوطني ، ودون أي تعليل أو تفسير له ، علما أنها لما تقدمت بطلب تجديد بطاقة إقامتها كانت في وضعية قانونية كما أن ملفها كان مستوفيا لكافة الوثائق المتطلبة ، بل أنه تم سحب بطاقة إقامتها منتهية الصلاحية دون تمكينها من وصل أو أي وثيقة تفيد أنها تعيش منذ أكثر من عشر سنوات في المغرب الذي أسست به شركة تديرها ، و أنها بالتالي لا تتوفر فقط على دخل خاص بها بل إنها تساهم في الاقتصاد المغربي بتوفيرها الشغل ليد عاملة مغربية و تؤدي ضرائب لفائدة الدولة ، لذا تلتمس إصدار أمر لإثبات أن القرار القاضي بمغادرتها للمغرب جاء غير قانوني ومشوب بالشطط والحكم بإلغائه .
وبناء على مذكرة جواب الوكيل القضائي للمملكة نيابة عن باقي المطلوبين في الطعن، التي التمس من خلالها أساسا اعتبار أن الطلب يخرج عن اختصاص رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات لعدم اندراج الطلب ضمن الأمور الوقتية والتحفظية، و احتياطيا أن القرار المطعون فيه مجرد إجراء تنفيذي لكون إخبار الطاعنة بضرورة مغادرة المغرب ليس سوى نتيجة حتمية لقرار رفض طلب تجديد سند الإقامة و تنفيذا له، و احتياطيا جدا اعتبار كون الطعن لا يرتكز إلى أساس لاستناد القرار على سبب صحيح متمثل في كون وجود الطاعنة فوق التراب الوطني يهدد النظام العام، وأن هذا القرار مستثنى من إلزامية التعليل بنص المادة الثالثة من القانون رقم 01.03 لارتباط ذلك بالأمن الداخلي والخارجي للدولة.
وبناء على مذكرة توضيحية لنائبة الطاعنة التي التمست من خلالها الحكم وفق الطلب.
و بناء على إدراج القضية بجلسة 04/08/2016 ، و حجزها للتأمل لجلسة اليوم .
التعليل
وبعد التأمل طبقا للقانون
حيث يهدف الطعن إلى إلغاء قرار للإدارة العامة للأمن الوطني تبين من خلال جواب الإدارة كونه يتعلق برفض تجديد سند إقامة الطاعنة مارطا باتريسيا منوز أجيدا، الحاملة للجنسية المكسيكية، فوق تراب المملكة للمغربية باعتبارها من الأجانب الذين سبق الترخيص بإقامتهم لمدة سابقة.
وحيث أسست الطاعنة طلبها على صدور القرار غير معلل وغير مرتكز إلى سبب صحيح لكون ملف طلب تجديد بطاقة الإقامة قُدم مستوفيا لجميع الشروط المطلوبة، دون أن توضح الإدارة العناصر التي اعتمدتها في رفضه.
وحيث أجاب الوكيل القضائي للمملكة من جهة أولى، بكون الطلب يخرج عن اختصاص رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات لعدم اندراج الطلب ضمن الأمور الوقتية والتحفظية، ومن جهة ثانية بكون القرار المطعون فيه مجرد إجراء تنفيذي لكون إخبار الطاعنة بضرورة مغادرة المغرب ليس سوى نتيجة حتمية لقرار رفض طلب تجديد سند الإقامة و تنفيذا له، و من جهة ثالثة بكون الطعن لا يرتكز إلى أساس اعتبارا لاستناد القرار إلى سبب صحيح متمثل في كون وجود الطاعنة فوق التراب الوطني يهدد النظام العام، وأن القرار من جهة رابعة مستثنى من إلزامية التعليل بنص المادة الثالثة من القانون رقم 01.03 لارتباط ذلك بالأمن الداخلي والخارجي للدولة.
وحيث إن الثابت من المادة 20 من القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، أن الأجنبي الذي رفض طلبه الرامي إلى الحصول على سند إقامة أو تجديده أو سحب منه هذا السند يمكنه الطعن داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغ قرار الرفض أو السحب أمام رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات، واستنادا إلى ذلك يكون رئيس المحكمة الإدارية بالرباط مختصا للبت في الطلب المرفوع في النازلة من جهة، و يكون القرار المطعون فيه في النازلة قابلا للطعن بالإلغاء لتجاوز السلطة، مما يتعين معه رد الدفعين المتعلقين بالاختصاص و الشكل.
وحيث إنه بخصوص وسيلة الطعن المستمدة من عيب الشكل لعدم تعليل القرار المطعون فيه، فإن الثابت من المادة الأولى من القانون رقم 01.03 تنصيص المشرع على إلزامية تعليل جميع القرارات الإدارية السلبية وذلك عن طريق الإفصاح كتابة في صلب القرار الإداري عن الأسباب الداعية لإصداره.
وحيث إن تعليل القرار الإداري ينبغي أن يتضمن تفصيل الأسباب المادية و القانونية التي شكلت أساسا لإصداره، باعتباره ضمانة للمخاطب به حتى يتمكن بشكل مسبق من اتخاذ الموقف الملائم تجاه القرار الصادر في حقه من حيث إعداد وسائل طعنه فيه أو القبول به، وهو ما يقتضي أن يتم تضمين التعليل في نص القرار ذاته، ولا يغني عن هذه الشكلية عرض الإدارة للسبب أمام المحكمة عند الطعن في قرارها بالإلغاء، ما دام أن الإعلان المسبق لأسباب القرار الإداري بالتنصيص عليه في متنه يتوخى إقرار ضمانات إضافية تختلف عن تلك التي تنتج عن إلزام الإدارة بإثبات السبب أمام المحكمة، باعتبار أن تضمين تعليل القرار كتابة في صلبه يعد، من جهة أولى، أداة للحيلولة دون استناد الإدارة في جوابها على الطعن بالإلغاء أمام المحكمة إلى أسباب جديدة مختلفة عن تلك التي اعتمدت عليها في إصدار القرار المطعون فيه، من منطلق أن السبب الذي ينبغي أن يعتد به في التثبت من المشروعية هو السبب الذي عرض على المخاطب بالقرار أو أبدى عند الاقتضاء دفاعه بشأنه أمام الإدارة في الحالات التي يكون فيها إصدار القرار متوقفـا على استيفاء إجراءات قبلية تستدعي الاستعلام عن موقف المخاطب به، ولذلك لا يقبل أن تثيــــــر
الإدارة أثناء الطعن القضائي أسبابا أخرى في مواجهة الطاعن غير تلك التي استند إليها القرار المطعون فيه، ومن جهة ثانية فإن تضمين التعليل في نص القرار يشكل ضمانة أساسية لدفع الإدارة إلى التقيد بالقانون والتروي قبل الإفصاح عن إرادتها الملزمة المؤثرة سلبا في المراكز القانونية للخواص، وأداةً تتحقق من خلالها الشفافية في نشاط الإدارة وتكرس أحد تجليات الحق في المعلومة، ومن جهة ثالثة فهو وسيلة تفتح المجال أمام رقابة قضائية فعالة على مشروعية القرارات الإدارية من حيث تسهيل تثبت المحكمة من وجود وصحة الأسباب المادية والقانونية التي استندت إليها الإدارة في قرارها، ولذلك فإن تخلف شكلية التعليل تترتب عنه آثار تمس المشروعية الموضوعية للقرار الإداري، مما يجعلها عنصرا أساسيا يترتب عن اختلالها افتقاد القرار لركن صحة الشكل باعتباره من أركان مشروعيته بنص المادة 20 من قانون المحاكم الإدارية.
وحيث إنه بالرجوع للنازلة الحالية، يتبين أن الإدارة لم تفصح عن الأسباب الداعية لإصدار القرار المطعون فيه كتابة ولم تمكن الطاعنة أو تُدلِ للمحكمة بأي قرار مكتوب يتضمن العناصر التي ارتكز عليها، مخالفة بذلك الإلزام الوارد بالقانون رقم 01.03، مما يجعل قرارها مشوبا بعيب الشكل، ويبقى ما تمسكت به من اندراج القرار المذكور ضمن نطاق القرارات التي يقتضي الأمن الداخلي والخارجي للدولة عدم تعليلها في إطار الاستثناء المنصوص عليه المادة الثالثة من القانون أعلاه، غير ذي أساس، ما دام أنها لم توضح وجه التهديد الذي يطال الأمن الداخلي أو الخارجي نتيجة الإفصاح عن أسباب قرار عدم تجديد بطاقة الإقامة، حتى تتبين المحكمة من سلامة ما سارت عليه الإدارة من عدم التعليل، على أساس أن القرارات الصادرة في إطار رفض الترخيص بإقامة الأجانب وإن كانت غايتها حماية النظام العام، فإنها لا تستهدف في جميع الأحوال حماية الأمن الداخلي والخارجي للدولة، لكون هذا الأخير مفهوم مختلف وأقل اتساعا من مفهوم النظام العام، خاصة أن رفض الترخيص قد يكون ناتجا عن مجرد عدم استيفاء الملف لوثيقة معينة أو لأي سبب آخر غير ذي اتصال بأمن الدولة، وحتى في الأحوال التي يكون فيه الرفض مؤسسا على تهديد وجود الشخص الأجنبي بتراب المملكة للنظام العام طبقا للمادة 16 من القانون رقم 02.03، كما استند إلى ذلك الوكيل القضائي للمملكة في النازلة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه شخص خطير على أمن الدولة، من منطلق أن النظام العام يشمل جميع القواعد العامة التي ترسخ لدى المجتمع الاعتقاد بكونها أساسية وخرقها يشكل تهديدا لاستقراره وقيمه الأخلاقية والدينية وغيرها، ويدخل في نطاقه القواعد القانونية والآمرة والأعراف والقيم العليا المشتركة، مما يعني أن حماية قواعد النظام العام تتم في شق منها عن طريق حماية مصالح أقل أهمية من الأمن الداخلي والخارجي للدولة الذي يعد فقط جزءًا من النظام العام المعتبرة قواعده أشمل، ولذلك فإن تمسك الإدارة بكون قرار رفض التجديد يستند إلى تهديد وجود الشخص الأجنبي للنظام العام، لا يبرر في جميع الأحوال امتناعها عن تعليل هذا القرار على أساس مس ذلك بأمن الدولة، لاختلاف المفهومين، من منطلق أنه ليس كل تهديد للنظام العام ينطوي على تهديد للأمن الخارجي والداخلي للدولة.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك يكون القرار المطعون فيه غير مستثنى من إلزامية التعليل، لعدم بيان وجه التهديد الذي بمكن أن يطال أمن الدولة الداخلي والخارجي نتيجة الإفصاح عن أسباب القرار كتابة في صلبه، مما يجعل عدم تعليله مسلكا مخالفا للقانون 01.03 بما يؤدي لاعتباره مشوبا بعيب الشكل.
وحيث إنه بخصوص ما تمسكت به الطاعنة من عدم إثبات الجهة المطلوبة في الطعن للسبب المستند إليه في القرار، فإن الثابت أن كل قرار إداري يجب أن يتأسس على سبب يبرره وأن السبب هو تلك الحالة الواقعية والقانونية التي تبرر تدخل الإدارة من أجل مواجهة هذه الحالة من خلال ما تتخذه من قرارات إدارية تعبر فيها عن إرادتها المنفردة والملزمة في ذلك.
وحيث إنه بالرجوع للملف يتبين أن السبب المتمسك به من طرف الجهة المطلوبة في الطعن هو اعتبار وجود الطاعنة داخل المملكة بمثابة تهديد للنظام العام، ولما كان البين في الملف أن الجهة المطلوبة في الطعن لم تُدل بأي وسيلة إثبات للدلالة على الوقائع التي استندت إليها للقول بتحقق التهديد المذكور، فإن القرار يكون مفتقدا للسبب المبرر له المتمثل في العناصر الواقعية والقانونية التي شكلت أساسا لاتخاذه، ولا يستقيم في هذا المقام الاستناد إلى قاعدة الاستثناء من التعليل المنصوص عليه في القانون رقم 01.03، ما دام أنه من جهة، فإن الإدارة لم توضح وجه المساس بأمن الدولة الداخلي والخارجي نتيجة الإفصاح عن أسباب القرار كتابة في صلبه لتبريراستثناء هذا القرار من إلزامية التعليل كما تم بسطه أعلاه، ومن جهة ثانية فإن مفهوم التعليل باعتباره التجسيد المادي لأسباب القرار عن طريق كتابتها في صلبه بما يجعل قواعد الإلزام به والاستثناء منه يقتصر أثرها على الجانب الشكلي في القرار، يختلف عن مفهوم السبب باعتباره العناصر القانونية والمادية المجسدة واقعا بما يجعله يمس الجانب الموضوعي في القرار، ومن تم فإن الاستثناء من التعليل عن طريق تجاوز الإلزام بذكر السبب كتابة في صلب القرار، على فرض توفر شروطه، لا يغني عن إثبات السبب أمام المحكمة عند المنازعة في مشروعية القرار، لأن القول بخلاف ذلك سيؤدي إلى توسيع غير مقبول في نطاق عناصر القرار المنفلتة من رقابة القضاء، لكون إعفاء الإدارة من إثبات الأسباب المستند إليها في القرار سيجعل رقابة المحكمة على عيبي السبب والانحراف في استعمال السلطة شبه مستحيلة وهو ما قد ينطبق أيضا على عيب مخالفة القانون في بعض الأحيان، نظرا لغياب العناصر التي تمكن المحكمة من التثبت من مشروعية موقف الإدارة، و بذلك فإن الدفوع المرتبطة بالاستثناء من التعليل تكون غير مفيدة في رد وسيلة الطعن المستمدة من عيب السبب، وحاصل ذلك أن عدم إثبات الجهة المطلوبة في الطعن لوجه تهديد وجود الطاعنة بالتراب الوطني للنظام العام، يجعل القرار مشوبا بعيب السبب.
وحيث إنه بخصوص ما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة من تعليل أمر قضائي سابق صادر عن رئيس هذه المحكمة في نازلة مشابهة من أجل رد أسباب الطعن في النازلة، فإن المحكمة لا تُلزَم إلا بالتطبيق الصحيح للقانون، وأن توجهاتها السابقة لا تكون مقيدة لها إلا بقدر إعمالها للتأويل السليم للنصوص ومسايرتها لقناعة المحكمة من حيث تفسيرها للقانون عند البت في النازلة، سيما أن عمل القاضي يقتضي أن يتحرى في كل مرة الفهم السليم للقانون بما يحقق العدالة بين أطراف النازلة الماثلة أمامه، من منطلق أن المجال القانوني والقضائي يبقى نسبيا من حيــث
أدواته واستقرار قواعده، ولذلك فإن حاجة المشرع المستمرة لتغيير النصوص مسايرة للواقع يوازيها المجال المفتوح للقاضي من أجل تغيير تفسيره لهذه النصوص مسايرة لمتطلبات تحقيق عدالة أكثر، استرشادا بما جاء في رسالة الخليفة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري عندما ولاه القضاء: " ولا يمنعنَّك قضاءٌ قضيتَه بالأمس فراجعتَ فيه نفسَك وهُدِيت فيه لرُشْدك أن ترجع عنه إلى الحق، فإنَّ الحق قديمٌ لا يبطله شيء، ومراجعةُ الحق خيرٌ من التَّمادِي في الباطل ".
وحيث إنه استنادا إلى كل العلل أعلاه، يكون القرار المطعون فيه مشوبا بعيبي الشكل والسبب، مما يجعله موسوما بتجاوز السلطة ويتعين لذلك التصريح بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية.
المنطــــوق
وتطبيقا لمقتضيات المادتين 7 و 19 من القانون 41-90 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية و للقانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة و لا سيما المادة 20 منه .
لهــذه الأســباب
نصرح علنيا ابتدائيا و حضوريا:
- في الشكل: بقبول الطلب.
- في الموضوع: بإلغاء القرار الصادر عن الإدارة العامة للأمن الوطني القاضي برفض تجديد سند إقامة الطاعنة بالمملكة المغربية مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
بهذا صدر الأمر في اليوم والشهر والسنة أعلاه................................
قاضي المستعجلات كــاتب الضبط
بناء على المقال الاستعجالي المسجـل بتاريــــــخ 03/08/2016 ، تعرض فيـه الطاعنة، بواسطة دفاعها الأستاذة … ، أنها دخلت إلى المغرب بصفة قانونية منذ أكثر من عشر سنوات وظلت تعيش به رفقة زوجها و أبنائهما بعد أن حصلت على بطاقة الإقامة ، وبعد انتهاء بطاقتها تقدمت من أجل طلب تجديدها ليتم إخبارها شفويا بتاريخ 19/07/2016 بضرورة مغادرة التراب المغربي داخل أجل 15 يوما ، وأن هذا القرار شابته مجموعة من الخروقات مما يجعلها محقة في الطعن فيه وتبسط أسبابه وفق الآتي :
أن القرار لم يتم تبليغه للطاعنة بشكل قانوني ووفقا للشروط القانونية ، بل تم إخبارها من طرف عميد الشرطة بولاية الأمن بفاس دون تفويض من المدير العام للأمن الوطني ، ودون أي تعليل أو تفسير له ، علما أنها لما تقدمت بطلب تجديد بطاقة إقامتها كانت في وضعية قانونية كما أن ملفها كان مستوفيا لكافة الوثائق المتطلبة ، بل أنه تم سحب بطاقة إقامتها منتهية الصلاحية دون تمكينها من وصل أو أي وثيقة تفيد أنها تعيش منذ أكثر من عشر سنوات في المغرب الذي أسست به شركة تديرها ، و أنها بالتالي لا تتوفر فقط على دخل خاص بها بل إنها تساهم في الاقتصاد المغربي بتوفيرها الشغل ليد عاملة مغربية و تؤدي ضرائب لفائدة الدولة ، لذا تلتمس إصدار أمر لإثبات أن القرار القاضي بمغادرتها للمغرب جاء غير قانوني ومشوب بالشطط والحكم بإلغائه .
وبناء على مذكرة جواب الوكيل القضائي للمملكة نيابة عن باقي المطلوبين في الطعن، التي التمس من خلالها أساسا اعتبار أن الطلب يخرج عن اختصاص رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات لعدم اندراج الطلب ضمن الأمور الوقتية والتحفظية، و احتياطيا أن القرار المطعون فيه مجرد إجراء تنفيذي لكون إخبار الطاعنة بضرورة مغادرة المغرب ليس سوى نتيجة حتمية لقرار رفض طلب تجديد سند الإقامة و تنفيذا له، و احتياطيا جدا اعتبار كون الطعن لا يرتكز إلى أساس لاستناد القرار على سبب صحيح متمثل في كون وجود الطاعنة فوق التراب الوطني يهدد النظام العام، وأن هذا القرار مستثنى من إلزامية التعليل بنص المادة الثالثة من القانون رقم 01.03 لارتباط ذلك بالأمن الداخلي والخارجي للدولة.
وبناء على مذكرة توضيحية لنائبة الطاعنة التي التمست من خلالها الحكم وفق الطلب.
و بناء على إدراج القضية بجلسة 04/08/2016 ، و حجزها للتأمل لجلسة اليوم .
التعليل
وبعد التأمل طبقا للقانون
حيث يهدف الطعن إلى إلغاء قرار للإدارة العامة للأمن الوطني تبين من خلال جواب الإدارة كونه يتعلق برفض تجديد سند إقامة الطاعنة مارطا باتريسيا منوز أجيدا، الحاملة للجنسية المكسيكية، فوق تراب المملكة للمغربية باعتبارها من الأجانب الذين سبق الترخيص بإقامتهم لمدة سابقة.
وحيث أسست الطاعنة طلبها على صدور القرار غير معلل وغير مرتكز إلى سبب صحيح لكون ملف طلب تجديد بطاقة الإقامة قُدم مستوفيا لجميع الشروط المطلوبة، دون أن توضح الإدارة العناصر التي اعتمدتها في رفضه.
وحيث أجاب الوكيل القضائي للمملكة من جهة أولى، بكون الطلب يخرج عن اختصاص رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات لعدم اندراج الطلب ضمن الأمور الوقتية والتحفظية، ومن جهة ثانية بكون القرار المطعون فيه مجرد إجراء تنفيذي لكون إخبار الطاعنة بضرورة مغادرة المغرب ليس سوى نتيجة حتمية لقرار رفض طلب تجديد سند الإقامة و تنفيذا له، و من جهة ثالثة بكون الطعن لا يرتكز إلى أساس اعتبارا لاستناد القرار إلى سبب صحيح متمثل في كون وجود الطاعنة فوق التراب الوطني يهدد النظام العام، وأن القرار من جهة رابعة مستثنى من إلزامية التعليل بنص المادة الثالثة من القانون رقم 01.03 لارتباط ذلك بالأمن الداخلي والخارجي للدولة.
وحيث إن الثابت من المادة 20 من القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، أن الأجنبي الذي رفض طلبه الرامي إلى الحصول على سند إقامة أو تجديده أو سحب منه هذا السند يمكنه الطعن داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغ قرار الرفض أو السحب أمام رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات، واستنادا إلى ذلك يكون رئيس المحكمة الإدارية بالرباط مختصا للبت في الطلب المرفوع في النازلة من جهة، و يكون القرار المطعون فيه في النازلة قابلا للطعن بالإلغاء لتجاوز السلطة، مما يتعين معه رد الدفعين المتعلقين بالاختصاص و الشكل.
وحيث إنه بخصوص وسيلة الطعن المستمدة من عيب الشكل لعدم تعليل القرار المطعون فيه، فإن الثابت من المادة الأولى من القانون رقم 01.03 تنصيص المشرع على إلزامية تعليل جميع القرارات الإدارية السلبية وذلك عن طريق الإفصاح كتابة في صلب القرار الإداري عن الأسباب الداعية لإصداره.
وحيث إن تعليل القرار الإداري ينبغي أن يتضمن تفصيل الأسباب المادية و القانونية التي شكلت أساسا لإصداره، باعتباره ضمانة للمخاطب به حتى يتمكن بشكل مسبق من اتخاذ الموقف الملائم تجاه القرار الصادر في حقه من حيث إعداد وسائل طعنه فيه أو القبول به، وهو ما يقتضي أن يتم تضمين التعليل في نص القرار ذاته، ولا يغني عن هذه الشكلية عرض الإدارة للسبب أمام المحكمة عند الطعن في قرارها بالإلغاء، ما دام أن الإعلان المسبق لأسباب القرار الإداري بالتنصيص عليه في متنه يتوخى إقرار ضمانات إضافية تختلف عن تلك التي تنتج عن إلزام الإدارة بإثبات السبب أمام المحكمة، باعتبار أن تضمين تعليل القرار كتابة في صلبه يعد، من جهة أولى، أداة للحيلولة دون استناد الإدارة في جوابها على الطعن بالإلغاء أمام المحكمة إلى أسباب جديدة مختلفة عن تلك التي اعتمدت عليها في إصدار القرار المطعون فيه، من منطلق أن السبب الذي ينبغي أن يعتد به في التثبت من المشروعية هو السبب الذي عرض على المخاطب بالقرار أو أبدى عند الاقتضاء دفاعه بشأنه أمام الإدارة في الحالات التي يكون فيها إصدار القرار متوقفـا على استيفاء إجراءات قبلية تستدعي الاستعلام عن موقف المخاطب به، ولذلك لا يقبل أن تثيــــــر
الإدارة أثناء الطعن القضائي أسبابا أخرى في مواجهة الطاعن غير تلك التي استند إليها القرار المطعون فيه، ومن جهة ثانية فإن تضمين التعليل في نص القرار يشكل ضمانة أساسية لدفع الإدارة إلى التقيد بالقانون والتروي قبل الإفصاح عن إرادتها الملزمة المؤثرة سلبا في المراكز القانونية للخواص، وأداةً تتحقق من خلالها الشفافية في نشاط الإدارة وتكرس أحد تجليات الحق في المعلومة، ومن جهة ثالثة فهو وسيلة تفتح المجال أمام رقابة قضائية فعالة على مشروعية القرارات الإدارية من حيث تسهيل تثبت المحكمة من وجود وصحة الأسباب المادية والقانونية التي استندت إليها الإدارة في قرارها، ولذلك فإن تخلف شكلية التعليل تترتب عنه آثار تمس المشروعية الموضوعية للقرار الإداري، مما يجعلها عنصرا أساسيا يترتب عن اختلالها افتقاد القرار لركن صحة الشكل باعتباره من أركان مشروعيته بنص المادة 20 من قانون المحاكم الإدارية.
وحيث إنه بالرجوع للنازلة الحالية، يتبين أن الإدارة لم تفصح عن الأسباب الداعية لإصدار القرار المطعون فيه كتابة ولم تمكن الطاعنة أو تُدلِ للمحكمة بأي قرار مكتوب يتضمن العناصر التي ارتكز عليها، مخالفة بذلك الإلزام الوارد بالقانون رقم 01.03، مما يجعل قرارها مشوبا بعيب الشكل، ويبقى ما تمسكت به من اندراج القرار المذكور ضمن نطاق القرارات التي يقتضي الأمن الداخلي والخارجي للدولة عدم تعليلها في إطار الاستثناء المنصوص عليه المادة الثالثة من القانون أعلاه، غير ذي أساس، ما دام أنها لم توضح وجه التهديد الذي يطال الأمن الداخلي أو الخارجي نتيجة الإفصاح عن أسباب قرار عدم تجديد بطاقة الإقامة، حتى تتبين المحكمة من سلامة ما سارت عليه الإدارة من عدم التعليل، على أساس أن القرارات الصادرة في إطار رفض الترخيص بإقامة الأجانب وإن كانت غايتها حماية النظام العام، فإنها لا تستهدف في جميع الأحوال حماية الأمن الداخلي والخارجي للدولة، لكون هذا الأخير مفهوم مختلف وأقل اتساعا من مفهوم النظام العام، خاصة أن رفض الترخيص قد يكون ناتجا عن مجرد عدم استيفاء الملف لوثيقة معينة أو لأي سبب آخر غير ذي اتصال بأمن الدولة، وحتى في الأحوال التي يكون فيه الرفض مؤسسا على تهديد وجود الشخص الأجنبي بتراب المملكة للنظام العام طبقا للمادة 16 من القانون رقم 02.03، كما استند إلى ذلك الوكيل القضائي للمملكة في النازلة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه شخص خطير على أمن الدولة، من منطلق أن النظام العام يشمل جميع القواعد العامة التي ترسخ لدى المجتمع الاعتقاد بكونها أساسية وخرقها يشكل تهديدا لاستقراره وقيمه الأخلاقية والدينية وغيرها، ويدخل في نطاقه القواعد القانونية والآمرة والأعراف والقيم العليا المشتركة، مما يعني أن حماية قواعد النظام العام تتم في شق منها عن طريق حماية مصالح أقل أهمية من الأمن الداخلي والخارجي للدولة الذي يعد فقط جزءًا من النظام العام المعتبرة قواعده أشمل، ولذلك فإن تمسك الإدارة بكون قرار رفض التجديد يستند إلى تهديد وجود الشخص الأجنبي للنظام العام، لا يبرر في جميع الأحوال امتناعها عن تعليل هذا القرار على أساس مس ذلك بأمن الدولة، لاختلاف المفهومين، من منطلق أنه ليس كل تهديد للنظام العام ينطوي على تهديد للأمن الخارجي والداخلي للدولة.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك يكون القرار المطعون فيه غير مستثنى من إلزامية التعليل، لعدم بيان وجه التهديد الذي بمكن أن يطال أمن الدولة الداخلي والخارجي نتيجة الإفصاح عن أسباب القرار كتابة في صلبه، مما يجعل عدم تعليله مسلكا مخالفا للقانون 01.03 بما يؤدي لاعتباره مشوبا بعيب الشكل.
وحيث إنه بخصوص ما تمسكت به الطاعنة من عدم إثبات الجهة المطلوبة في الطعن للسبب المستند إليه في القرار، فإن الثابت أن كل قرار إداري يجب أن يتأسس على سبب يبرره وأن السبب هو تلك الحالة الواقعية والقانونية التي تبرر تدخل الإدارة من أجل مواجهة هذه الحالة من خلال ما تتخذه من قرارات إدارية تعبر فيها عن إرادتها المنفردة والملزمة في ذلك.
وحيث إنه بالرجوع للملف يتبين أن السبب المتمسك به من طرف الجهة المطلوبة في الطعن هو اعتبار وجود الطاعنة داخل المملكة بمثابة تهديد للنظام العام، ولما كان البين في الملف أن الجهة المطلوبة في الطعن لم تُدل بأي وسيلة إثبات للدلالة على الوقائع التي استندت إليها للقول بتحقق التهديد المذكور، فإن القرار يكون مفتقدا للسبب المبرر له المتمثل في العناصر الواقعية والقانونية التي شكلت أساسا لاتخاذه، ولا يستقيم في هذا المقام الاستناد إلى قاعدة الاستثناء من التعليل المنصوص عليه في القانون رقم 01.03، ما دام أنه من جهة، فإن الإدارة لم توضح وجه المساس بأمن الدولة الداخلي والخارجي نتيجة الإفصاح عن أسباب القرار كتابة في صلبه لتبريراستثناء هذا القرار من إلزامية التعليل كما تم بسطه أعلاه، ومن جهة ثانية فإن مفهوم التعليل باعتباره التجسيد المادي لأسباب القرار عن طريق كتابتها في صلبه بما يجعل قواعد الإلزام به والاستثناء منه يقتصر أثرها على الجانب الشكلي في القرار، يختلف عن مفهوم السبب باعتباره العناصر القانونية والمادية المجسدة واقعا بما يجعله يمس الجانب الموضوعي في القرار، ومن تم فإن الاستثناء من التعليل عن طريق تجاوز الإلزام بذكر السبب كتابة في صلب القرار، على فرض توفر شروطه، لا يغني عن إثبات السبب أمام المحكمة عند المنازعة في مشروعية القرار، لأن القول بخلاف ذلك سيؤدي إلى توسيع غير مقبول في نطاق عناصر القرار المنفلتة من رقابة القضاء، لكون إعفاء الإدارة من إثبات الأسباب المستند إليها في القرار سيجعل رقابة المحكمة على عيبي السبب والانحراف في استعمال السلطة شبه مستحيلة وهو ما قد ينطبق أيضا على عيب مخالفة القانون في بعض الأحيان، نظرا لغياب العناصر التي تمكن المحكمة من التثبت من مشروعية موقف الإدارة، و بذلك فإن الدفوع المرتبطة بالاستثناء من التعليل تكون غير مفيدة في رد وسيلة الطعن المستمدة من عيب السبب، وحاصل ذلك أن عدم إثبات الجهة المطلوبة في الطعن لوجه تهديد وجود الطاعنة بالتراب الوطني للنظام العام، يجعل القرار مشوبا بعيب السبب.
وحيث إنه بخصوص ما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة من تعليل أمر قضائي سابق صادر عن رئيس هذه المحكمة في نازلة مشابهة من أجل رد أسباب الطعن في النازلة، فإن المحكمة لا تُلزَم إلا بالتطبيق الصحيح للقانون، وأن توجهاتها السابقة لا تكون مقيدة لها إلا بقدر إعمالها للتأويل السليم للنصوص ومسايرتها لقناعة المحكمة من حيث تفسيرها للقانون عند البت في النازلة، سيما أن عمل القاضي يقتضي أن يتحرى في كل مرة الفهم السليم للقانون بما يحقق العدالة بين أطراف النازلة الماثلة أمامه، من منطلق أن المجال القانوني والقضائي يبقى نسبيا من حيــث
أدواته واستقرار قواعده، ولذلك فإن حاجة المشرع المستمرة لتغيير النصوص مسايرة للواقع يوازيها المجال المفتوح للقاضي من أجل تغيير تفسيره لهذه النصوص مسايرة لمتطلبات تحقيق عدالة أكثر، استرشادا بما جاء في رسالة الخليفة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري عندما ولاه القضاء: " ولا يمنعنَّك قضاءٌ قضيتَه بالأمس فراجعتَ فيه نفسَك وهُدِيت فيه لرُشْدك أن ترجع عنه إلى الحق، فإنَّ الحق قديمٌ لا يبطله شيء، ومراجعةُ الحق خيرٌ من التَّمادِي في الباطل ".
وحيث إنه استنادا إلى كل العلل أعلاه، يكون القرار المطعون فيه مشوبا بعيبي الشكل والسبب، مما يجعله موسوما بتجاوز السلطة ويتعين لذلك التصريح بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية.
المنطــــوق
وتطبيقا لمقتضيات المادتين 7 و 19 من القانون 41-90 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية و للقانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة و لا سيما المادة 20 منه .
لهــذه الأســباب
نصرح علنيا ابتدائيا و حضوريا:
- في الشكل: بقبول الطلب.
- في الموضوع: بإلغاء القرار الصادر عن الإدارة العامة للأمن الوطني القاضي برفض تجديد سند إقامة الطاعنة بالمملكة المغربية مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
بهذا صدر الأمر في اليوم والشهر والسنة أعلاه................................
قاضي المستعجلات كــاتب الضبط