MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



التبليغ بواسطة مفوض قضائي ومسؤوليته

     

من إعداد:
رشيد القضاوي



نسخة للتحميل

التبليغ بواسطة مفوض قضائي ومسؤوليته
 
مـقـدمــــــة
الولوج الى مرفق القضاء حق دستوري لكل افراد المجتمع للاستفادة من الخدمات القضائية من اجل الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم التي يحميها القانون، فحق الدفاع هو حق مقدس وركيزة أساسية في نظر العدالة، اذ يحرص القضاء اشد الحرص على احترامه لأجل تحقيق المساواة بين الأطراف امام المحكمة.
لذا بات من الضروري والواجب اتاحة فرصة للخصوم التعبير عن وجهة نظرهم ودفاع عن حقوقهم في إطار مبدا التواجهية امام المحكمة واقناعها بكل الحجج لإصدار حكمها لصالحه، ومبدأ التواجهية بين الأطراف المتنازعة لابد من اخبار واشعار وتبليغ أطراف النزاع بالقضايا المتعلقة بهم والمعروضة امام المحكمة، وعملية التبليغ شرطا أساسيا لإصدار الحكم والبث في النزاع والا كان الحكم باطلا، بل ان الحكم الصادر دون استدعاء الخصم يصبح هو والعدم سواء، ومن هنا نستخلص ان إجراءات التبليغ تعد ركيزة اساسية لاهم حق من حقوق الدفاع ونظرا لهذه الأهمية وضعت التشريعات الحديثة لهذه العملية قواعد دقيقة تكفل وصول الأوراق القضائية وغير القضائية للأطراف المعنية فالتبليغ يسلم الى الشخص نفسه او في موطنه لمن لهم الصفة بالاستلام نيابة عن المعني بالأمر.
والتبليغ او الإعلان هو اجراء محله اخبار المعني بالأمر بشيء معين، ويتولى القيام بهذا الاجراء في التشريع المغربي اما بواسطة كتابة الضبط او المفوض القضائي او كاتبه المحلف او السلطة الإدارية او بالبريد المضمون او الاعوان الدبلوماسيون و القنصليون او غيرهم من اسند لهم القانون هذه المهمة  1، وقد نظم المشرع المغربي التبليغ من خلال الفصول 36 الى 41 من قانون المسطرة المدنية إضافة الى فصول أخرى متناثرة في قانون المسطرة المدنية تتعلق بتبليغ الاحكام لأجل التنفيذ والهدف من عملية التبليغ هو ضمان علم المبلغ اليه بالأمر المراد تبليغه وكذلك عدم جواز احتجاج المبلغ بجهله لما تم تبليغه له حتى ان بعض الفقه اعتبر حجية التبليغ كحجية نشر التشريع بالجريدة الرسمية.
 
 
 
 
 
 

 1-حسين بويقين، إجراءات التبليغ فقها وقضاء، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طباعة 2002 ص 1 – 2 .
وبالنسبة للتبليغات القضائية لم يكن هذا الاجراء وليد الصدفة، بل لقد عرفت الشرائع القديمة موضوع التبليغات في قوانينها وجعلتها من الأمور الأساسية في الإجراءات القضائية، فهي قوانين واد الرافدين كان اللجوء الى المحاكم لمقاضاة الخصوم من اجل احقاق الحق وحمايته يتطلب القيام ببعض الإجراءات ومنها اجراء التبليغات للخصوم، وكذلك الامر في القوانين الرومانية حيث يتطلب الامر في العملية القضائية اجراء تبليغات اللازمة للخصوم ليكونوا على استعداد للدفاع عن أنفسهم.
فالتبليغ لدى العراقيين القدماء كان يتسم بدرجة عالية من الدقة، فان مهمة التبليغ كانت من مهام طائفة معينة من الموظفين التابعين للمحكمة فلم يكن اجراء التبليغ عشوائيا ويحرر بوثيقة بجميع شكليته وبيناته ويقترب كثيرا من التبليغات في الوقت الحاضر.
اما الإجراءات الرومانية القديمة، كانت الصفة البارزة فيها هي طابع الفردية "الخاصة" الى حد بعيد فلقد كان المدعي يقوم بإجراءات الدعوى بنفسه للحصول على حقه، كما كان المترافع وحده الذي يدبر إجراءات المرافعة، فكان يدعو خصمه الى القضاء ويقود سير الدعوى ضد الخصم ويشرف بنفسه على تنفيذ الحكم، علاوة على ذلك كله كانت الشكلية المفرطة في التنظيم القضائي الروماني يمثل الحبل الذي يخنق الكثيرين عند لجوئهم الى القضاء وذلك لعدم مراعاتهم لتلك الشكليات.
وبالنسبة للتبليغات القضائية حجر الزاوية في النظام القضائي الإسلامي وافاض الفقهاء المسلمون الحديث عن هذا الاجراء والذي يعد ثابتا بنص الكتاب والسنة.
ولقد حرص الشرع الإسلامي الحنيف على ضرورة حصول المواجهة ما بين الطرفين المتنازعين عند فض نزاعهما أمام القاضي وذلك حتى يتمكن كل طرف من دفع او رد ادعاءات او حجج الطرف الاخر ومن البديهي ان المواجهة لا تحصل الا بعد تبليغ الأطراف بموعد المرافعة والدليل على شرعية المواجهة بين الخصوم في النظام القضائي الإسلامي نجده بنص الكتاب من خلال الآيات الكريمة التي اشارت في ذلك، كذلك ما ورد في السنة النبوية الشريفة من أحاديث التي تدل على ذلك فضلا عن الاثار المروية عن السلف الصالح 2
فأما الدليل في القران الكريم قوله تعالى: << وهل اتاك نبؤا الخصم اذ تسوروا المحراب 21 اذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا الى سواء الصراط 22 ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب 23 قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه >>3
اما في السنة النبوية الشريفة فقد وردت أحاديث توجب على القاضي ان يسمع من المتقاضين ليتسنى له معرفة الحق وصاحبه، منها ما يروى عن الامام علي رضي الله عنه انه قال: << بعثني رسول الله عليه الصلاة والسلام الى اليمن قاضيا، فقلت يا رسول الله ترسلني وانا حديث السن ولا علم لي بالقضاء؟ فقال عليه الصلاة والسلام: << ان الله يهدي قلبك ويثبت لسانك فاذ جلس بين يديك الخصمان فلا تقضي حتى تسمع من الاخر ما سمعت من الأول، فانه أحرى ان يتبين لك القضاء >>4
 
 

2-فارس علي عمر الجرجري، التبليغات القضائية ودورها في حسم الدعوى المدنية، الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية
    جلال حزي وشركاءه، طباعة 2007 ص 24 الى 37
3-سورة ص الآيات 21 – 22-23
4 -الامام الحافظ ابي داود سليمان بن الاشعث السجستاني سنن ابي داود، ج 2 ، دار الحديث، القاهرة 1988 ص 270
عليه سيقتصر بحثنا في اعلام او تبليغ المدعى عليه والاثار المترتبة على غيابه في الفقه الإسلامي مسلطين الضوء على اهم الأمور التي ينبغي الوقوف عندها في هذه المسالة
ويتم تبليغ او اعلام الخصم المطلوب احضاره لمجلس الحكم عن طريق قيام القاضي بالختم على الطين رطب يعطى للمدعي ليعرضه على الخصم وكان نقش الختم هو أجاب القاضي فلانا وكان هذا أولا عادة القضاة السلف ثم هجره الناس واعتادوا على الكاغد اما إذا لم يستجيب الخصم لهذا الاجراء، عندها كانت يتم الاعتماد على طائفة يسمون بالعون
والعون شخص او اشخاص لا معرفة لهم بالشريعة او بمبادئ الخصام ومهمتهم الاتيان بالمطلوب الى المحكمة ليسمع دعوى المدعي وليبدي دفوعه ان أراد او لينفذ عليه بعد الحكم وقد يكون شخصا واحدا او قد يكون مجموعة من الأشخاص وذلك بحسب الحاجة الى خدمتهم ويشير الفقهاء المسلمون ان اللجوء الى العون لا يتم لأول وهلة في سبيل احضار او تبليغ خصم اخر، وانما يلجا الى العون اذا امتنع الخصم من المجيئ بالختم وذلك لان الطالب قد يتضرر بأخذ اجرته منه ، والظهر كلام الفقهاء المسلمين ان الأجرة على الطالب مطلقة اذ لم يرزق العون من بينت المال وذلك بخلاف أعوان السلطان الذين يقومون بمهمة احضار الخصم حيث تكون اجرة أعوان السلطة على الممتنع، أي الخصم الممتنع عن الحضور، وفي كل الأحوال كان أعوان القاضي ومن ضمنهم العون يتقاضون اجورهم اما من بيت المال او من الأوقاف التي كانت مرصودة على مؤسسة القضاء.
وتكون اليات التبليغ كما يبين ذلك بعض الفقهاء عند الاعتماد على العون لإتمام هذه المهمة، عن طريق قيام القاضي ببعث العون الى دار المدعى عليه مع شهيدين ينادي بحضرتهما ثلاثة أيام في كل يوم ثلاث مرات << يا فلان بن فلان ان القاضي يقول لك احضر مع خصمك فلان مجلس الحكم والا نصب لك وكيلا وقبلت بينته عليك>> فان لم يخرج نصب له وكيلا وسمع شهود المدعي وحكم عليه بمحضر وكيله 5.
إذا كان التبليغ هو اجراء محله اخبار شخص ما بشيء معين، فان له أهمية خاصة على مستوى التقاضي فلا يمكن ان نتصور السير العادي للدعوى بدون حصول هذه الالية واحترام كل فصولها، فالتبليغ يرتبط بالدعوى منذ بدايتها الى نهايتها بصدور الحكم وصيرورته قابلة للتنفيذ.
ذلك انه حتى يكون الشخص بمثابة خصم بالدعوى، لا يكفي ان يتم تسجيل الدعوى ضده في المحكمة، بل لابد من اخباره بذلك عن طرق تبليغه بالاستدعاء والمقال وتبرز أهمية هذا الاجراء في كونه يتيح الفرصة للخصم سواء كان مدعيا او مدعى عليه، في منحه الفرصة الكافية لإبداء رايه والادلاء بحججه المتعلقة بهذه القضية.
ومن جهة أخرى فان التبليغ له دور كبير في سرعة العدالة او بطئها، فلا يمكن صدور الحكم القضائي في اجل معقول دون فعالية إجراءات التبليغ، بل ان هذا الاخير يعتبر نقطة انطلاق اجال الطعن في الاحكام والقرارات لذلك تبقى هذه المؤسسة هي الروح النابض لقياس سرعة العدالة في بلد ما 6.
 
 

5-فارس علي عمر الجرجري، مرجع سابق ص 39 – 40
6-عبد الرحمان الشرقاوي، قانون المسطرة المدنية، دراسات فقهية وعملية مقارنة مع مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية،
مطبعة المعارف الجديدة CTP الرباط الطباعة الثالثة 2018، ص 94-95
تعد مسطرة التبليغ القضائي من اهم وأخطر مساطير التي عرفت نقاشا وجدلا واسعا سواء على المستوى الفقهي او القضائي، نظرا لكثرة المؤسسات المنوطة بها القيام بهذه العملية، وعدم ضبط كيفية عملها ولا تحديد جزاءات الاخلال به فضلا عن عدم تمكينها من الوسائل اللازمة للقيام بها في أحسن الظروف، كما ان النقص في الكفاءات معظم الساهرين على التبليغ زاد من عدم صحته وفعاليته، ومن التعثر والبطء في تصفية القضايا المطروحة امام المحاكم.
وعلى الرغم من محاولات المشرع لإيجاد عدة حلول لفك هذه المعضلة القانونية ، كإحداث مؤسسة العون القضائي وما تلاها من التعديلات المهمة بمقتضى القانون 03-81 المتعلق بالمفوضين القضائيين الصادر بتاريخ 14 فبرير 2006 7 الا ان الواقع العملي ابان أيضا عن كسورها وعن عجزها في مواجهة الصعوبات المطروحة مما جعل القضاء المغربي وعلى راسه المجلس الأعلى "محكمة النقض حاليا" ، يسعى نحوى إيجاد حلول لمجموعة من الإشكالات التي اختلف فيها العمل القضائي وذلك من اجل توحيد الرؤى حولها ، ومع ذلك ضلت معضلة التبليغ اكبر من كل الجهود المبذولة لارتباطها بمؤسسات أخرى لا يد للقضاء ولا السلطة له عليه، وللقصور التشريعي في تناولها بالدقة المطلوبة على الرغم انه يستحق الاهتمام الأكبر باعتباره جسرا للتواصل بين مختلف الفاعلين في العملية القضائية ، لأنه يرافق الدعوى منذ بدايتها الى نهايتها ، اذ هو البوابة للدخول الى عالم التقاضي والمواجهة بين اطراف الدعوى وأيضا الى عالم تنفيذ الاحكام الصادرة عن القضاء .
هذا ما حولنا الإحاطة به في هذا البحث وذلك بالتطرق الى مواطن الخلل والضعف مع إعطاء اقتراحات وحلول للتخفيف من حدة الإشكالات البارزة التي قد تؤدي غالبا الى عدم فعالية هذا التبليغ او بطلانه، ولا يخفى اثار ذلك على مصالح الناس وحقوقهم وعلى استقرار المعاملات أيضا.
واشكالات الموضوع تبدأ من الطرق الواجب اتباعها لإيصال التبليغ للمعنيين به وأيضا الأشخاص المؤهلين قانونا لاستلامه والشكليات الواجب احترامها في وثائقه وكذا اثار عدم احترام شروطه وبيناته التي تؤدي غالبا الى بطلانه او بطلان الحكم الصادر بناءا عليه الامر الذي يطرح مجموعة من العراقيل حول من له الحق في اثارة هذا البطلان وشروطه وكيفيته والمحكمة المختصة بالبث فيه 8.
وسنقسم هذا الموضوع الى مبحثين:
*خصصنا المبحث الأول : الإطار المفاهيمي للتبليغ واجراءاته
*خصصنا المبحث الثاني : مسؤولية المفوض القضائي في مجال التبليغ
 
7- منشور من الجريدة الرسمية عدد 5400 بتاريخ 02/مارس/2006 ص 559 وما يله .
8- بديعة الممناوي ، احكام التبليغ القضائي وإشكالاته العملية في المادة المدنية، رسالة لنيل دبلوم الماستر سنة 2011 ص 163
– 164، منشور بموقع العلوم القانونية مجلات الأملاك العدد 13، تمت زيارة الموقع WWW.JURIDICA. MA يوم
 15/03/2024 على ساعة 14:00     
المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للتبليغ واجراءاته
سنتناول في هذا الشق مفهوم التبليغ بواسطة مفوض قضائي "المطلب الأول"، وسنتعرف على إجراءات التبليغ "المطلب الثاني"
المطلب الأول: التبليغ بواسطة المفوض القضائي
وسنحاول في هذا المطلب التطرق الى ماهية التبليغ "الفقرة الأولى" وسنتطرق الى شروط صحة التبليغ وطرقه "الفقرة الثانية"
==>> الفقرة الأولى: ماهية التبليغ
نظم المشرع المغربي التبليغ من الفصل 36 الى الفصل 41 9 من قانون المسطرة المدنية وغيرها، ولم يقدم أي تعريف للتبليغ وانما اكتفى بذكر الإجراءات الواجب سلوكها سواء من حيث الجهات المكلفة بالتبليغ او الأوراق التي ينبغي ملؤها كطيات التبليغ وشواهد التسليم، ومع ذلك فانه من المناسب إعطاء تعريف للتبليغ لبيان الهدف منه ويمكن ذكر التعريف الاتي:
أولا: تعريف التبليغ
التبليغ هو إيصال امر او واقعة ثابتة الى علم شخص معين على يد احد أعوان كتابة الضبط او احد أعوان القضائيين او عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل، او بطريقة إدارية والهدف من ذلك هو ضمان علم المبلغ اليه بالأمر المراد تبليغه ، وتهدف عملية التبليغ الى تمكين المراد اعلامه او نائبه من العلم بمحتويات مقال الدعوى او عريضة الطعن او الورقة القضائية او غير القضائية بصفة عامة ، وذلك بواسطة الانتقال الى موطن الأصلي او المختار او القانوني او موطن الاعمال وتسليم الاجراء الى الشخص نفسه او نائبه او الأشخاص المؤهلين لاستلام التبليغ، او جهات أخرى التي حددها القانون ، وعملية التبليغ لا تكن صحيحة وقانونية الا اذا قام بها الأشخاص الذين اسند اليهم القانون تلك المهمة كالمفوض القضائي او كاتبه المحلف ، فلو قام بها الخصم لنفسه او محاميه كانت باطلة 10.
 
 
 
 
 
 

9-يتعلق الامر بالفصول 36 الى 41 من قانون المسطرة المدنية
10-حسن بويقين مرجع سابق ص 2 – 3
 
 
 
 
ثانيا: أنواع التبليغ
*التبليغ التلقائي:
قد يقع التبليغ إثر صدور الحكم وداخل الجلسة وذلك في الحالات المقررة بمقتضى القانون وهو ما يعرف بالتبليغ التلقائي او بتبليغ احكام الجلسة، وقد اشارت الى ذلك الفقرة الثانية من المادة 34 11 من قانون المسطرة المدنية وهي الحالة التي يحضر فيها الأطراف وقت صدور الامر الاستعجالي
فقد نص الفصل 54 12 من قانون المسطرة المدنية على القاعدة العامة للتبليغ الاحكام الصادرة عن القضاء الابتدائي حيث جاء فيه ما يلي: يرفق تبليغ الحكم بنسخة منه مصادق على مطابقتها بهذا الحكم بصفة قانونية، ترسل وتسلم طبق للشروط المحددة في الفصول 37-38-39. وإذا تعلق الامر بتبليغ الى قيم وقع ذلك ضمن المقتضيات المشار اليها في الفصل 441.
فبعد صدور الظهير رقم 182.222 بتاريخ 15/10/84 المتضمن الامر بتنفيذ القانون رقم 18.82 طرحت إشكالية التبليغ التلقائي فيما يخصم احتساب اجل الطعن ودون أداء المصاريف.
بينما حين يتعلق الامر بإعذار المحكوم عليه بان يفي بما قضى به الحكم او يعرف بنواياه طبقا للفصل 440 من قانون المسطرة المدنية فينبغي ان يتم بناء على طلب المستفيد من الحكم.
الا ان الواقع العملي يؤكد ان جل كتابات الضبط تذهب الى اعتبار كلا النوعين من التبليغ "سواء فيما يتعلق باحتساب اجل الطعن او الاعذار "، ينبغي ان يتم بناءا على طلب المستفيد من الحكم
إضافة الى ان طريقة التبليغ بالجلسة المنصوص عليها بالفصل 50 13 قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه: يبلغ كاتب الضبط حالا عند صدور الحكم ومعاينة حضور الأطراف ووكلائهم بجلسة الحكم الذي صدر ويسلم لهم نسخة من منطوق الحكم ويشار في اخره الى ان التبليغ والتسليم قد وقع لازالت تثير العديد من الإشكالات لها انعكاسات على سير المسطرة ولا تفي بالغرض المطلوب رغم ان المشرع قصد منها الإسراع في انهاء النزاع حتى يتم التنفيذ.
*التبليغ بناء على طلب:
مباشرة بعد صدور الحكم وتوقيعه من طرف الهيئة المصدرة له يتقدم المستفيد من الحكم الى كتابة الضبط بطلب يطلب به بنسخ بعدد المحكوم عليهم ويسهر مكتب التبليغ على ذلك حيث يفتح الملف التبليغي ثم يشرع في مسطرة التبليغ حالا لسريان اجل الطعن.
 
 

11-انظر المادة 34 من ق م م.
12-انظر الفصل 54 من ق م م.
13-انظر الفصل 50 من ق م م.
ويكون تاريخ تبليغ الحكم هو المعتبر كتاريخ بداية احتساب الاجل حتى بالنسبة لطالب
التبليغ.
وقد أكد المجلس الأعلى على هذه القاعدة في قراره الصادر بتاريخ 06/06/95 تحت عدد 71614 والذي جاء فيه انه إذا تم تبليغ القرار من الخصم فان مواعد الطعن تبدأ بالنسبة للمبلغ اليه من تاريخ التبليغ على حد سواء وذلك وفقا للقاعدة النسبية الاثار المترتبة على إجراءات التبليغ
وكقاعدة عامة تسري اجل الطعون ابتداء من تاريخ التبليغ طبقا للقانون غير ان لهذه القاعدة بعض الاستثناءات التي تتجل فيما يلي:
*طلب تقديم المساعدة القضائية امام المجلس الأعلى:
فقد نص على ذلك الفصل 358 من قانون المسطرة المدنية على ان اجل الطعن يوقف ابتداء من إيداع طلب المساعدة القضائية من المجلس الأعلى ويسري هذا الاجل من جديد من يوم تبليغ المقرر مكتب المساعدة القضائية للوكيل المعين تلقائيا ومن يوم تبليغ قرار الرفض للطرف عند اتخاذه
*تغيير أهلية أحد الأطراف:
حيث تنص المادة 13915 من ق م م على انه إذا وقع اثناء اجل الاستئناف تغير في أهلية احد الأطراف أوقف الاجل ولا يبتدأ سيرانه من جديد الا بعد 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم لمن له الصفة تسلم هذا التبليغ
*وفاة أحد الأطراف:
ينص الفصل 13816 م ق م م على ان وفاة أحد الأطراف توقف اجل الاستئناف لصالح ورثته ولا تقع مواصلتها من جديد الا بعد مرور اجل 15 يوما من تاريخ التبليغ الحكم للورثة بموطن الشخص المتوفي طبقا للطرق المشار اليها في الفصل 54 من ق م م.
 
==> الفقرة الثانية: شروط صحة التبليغ وطرقه:
فالتبليغ يقع صحيحا ومنتجا لأثره إذا توفر فيه الشروط اللازمة لصحته
أولا: شروط صحة التبليغ
ينص الفصل 38 من ق م م على ما يلي: يسلم الاستدعاء والوثائق الى الشخص نفسه او في موطنه او في محل عمله او في أي مكان اخر يوجد فيه ويجوز ان يتم في الموطن المختار
 
 

14- قرار المجلس الأعلى عدد 716 بتاريخ 06/06/95
15-انظر الفصل 139 من ق.م.م.
16-انطر الفصل 138 من ق.م.م.
انطلاقا من هذا الفصل فالتبليغ يكون صحيحا إذا تم للشخص نفسه او في موطنه او في أي مكان اخر يتواجد به او في مقر عمله او في موطن المختار سنحاول تحديد شروط صحة التبليغ كما يلي:
*التبليغ للمعني بالأمر نفسه:
التبليغ للشخص نفسه يعتبر صحيحا اذا تم في أي مكان سواء في كتابة الضبط او موطنه الحقيقي او المختار او في أي مكان يوجد فيه وهذا التبليغ لا يثير اية اشكال عادة الا اذا ادعى الشخص التزوير، كما لو ضاعت منه بطاقة تعريفه واستعملها شخص اخر بتواطؤ مع الخصم ،وبلغ ليفوت على المعني بالأمر اجل الطعن، وسجلت بيانات بطاقة تعريف المعني بالأمر بشهادة التسليم ،ولكن التوقيع ليس توقيعه، ففي هذه الحالة يمكنه الطعن بالزور ولكن اذا سجل العون انه رفض التوقيع أو لا يحسن التوقيع بإفادته سيطرح اشكال يستدعي البحث في ظروف الضياع بطاقة تعريف المعني بالأمر وكيف تم استعمالها وكيف ان العون المبلغ لم يتحقق من هوية المبلغ اليه 17 واذا ادعى الشخص المبلغ اليه لم يبلغ فانه يتعين على المحكمة ان تتحقق من امضائه على شهادة التسليم، ولا يكتفي بالقول ان محضر التبليغ يفيد انه توصل، و الا كان قضاؤها غير مؤسس "قرار المجلس الأعلى رقم 105 في 09-04-1981 18
كما جاء قرار استئنافي عدد 249 الصادر عن المحكمة الاستئناف بالناظور بتاريخ 29/06/2021 في ملف عدد 89/1201/2021، بان التبليغ لشخص نفسه يكون صحيحا في أي مكان وجد فيه بغض النظر عن الموطن، بعد التأكد من هويته باي طريقة كانت في حالة رفضه الادلاء بما يثبت هويته 19.
وكما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد 854/9 المؤرخ في 10/11/2022 في ملف مدني عدد 8821/1/9/2021، ان التبليغ لشخص نفسه يصح في أي مكان 20.
الأشخاص الذين يصح التبليغ إليهم رغم عدم ذكر أسمائهم بالحكم المطلوب تبليغه هؤلاء الأشخاص نص عليهم الفصلان 38 39 من ق م م وهم:
 
 
 
 
 

17-إبراهيم بحماني، تبليغ وتنفيذ الاحكام العقارية، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط الطبعة الرابعة سنة 2017، ص 76.
18-القرار رقم 105 منشور بمجلة "قضاء المجلس الأعلى " العدد 31 مارس 1989 ص 148 وأشار اليه ذ/إبراهيم بحماني مرجع
    سابق ص 76.
19-قرار استئنافي عدد الصادر عن المحكمة الاستئناف بالناظور بتاريخ 29/06/2021 في ملف عدد 89/1201/2021، غير منشور.
20-قرار محكمة النقض عدد 854/9 المؤرخ في 10/11/2022 في ملف مدني عدد 8821/1/9/2021، غير منشور.
الأشخاص الذين نص عليهم الفصلان 38 - 39 من ق م م وهم:
الأشخاص الموجودين في موطن المعني بالأمر ويكفي وضع الطي في موطن المعني بالأمر وانما يجب ان يبقى اسم الشخص الذي تسلمه وتوقيعه او رفضه التوقيع وعدم سبب عدم التوقيع وهذا ما نص عليه المجلس الأعلى في القرار عدد 519 في 15/09/1976 21
*التبليغ لأقارب المعني بالأمر "الفصل 38 من ق م م"
والمقصود الأقارب كل من له علاقة نسب او مصاهرة مع المعني بالأمر وكثيرا ما يطرح اشكال عندما تكون خصومة بين المعني بالأمر والشخص الذي تسلم التبليغ كأحد الاخوة او الأزواج فيخفي طي التبليغ حتى ينقضي اجل الطعن فيواجه المحكوم عليه بالتنفيذ ويقوم بالطعن بالتبليغ ففي مثل هذه الحالة يتعين البحث والتحقق من علاقة المتسلم بالمعني بالأمر ولكن التبليغ يعتبر مبدئيا صحيحا إذا وقع بيان اسم الشخص المبلغ اليه بوضوح كما ينص على ذلك الفصل 38 من ق م م.
اما إذا اكتفى المبلغ بالإشارة الى ان عائلة المعني بالأمر رفضت التبليغ دون بيان اسم الشخص الذي رفض فان ذلك التبليغ لا يعتد به وفي هذا الإطار صدور قرار المجلس الأعلى عدد 572 في 23/03/1983 22
وقد اعتبر المجلس الأعلى في قرار عدد 246 في 21/03/1979 التبليغ للقاصر صحيحا
*التبليغ للخادم:
من الأشخاص الذي اعتبر الفصل 38 من ق م م التبليغ إليهم صحيحا للخدم، وقد ورد في قرار المجلس الأعلى رقم 283 في 30/01/1991 23 ان التبليغ الواقع للخدم المبلغ اليه الذي رفض التوقيع على شهادة التسليم ورفض إعطاء اسمع لعون التبليغ الذي سجل هذا الرفض في شهادة التسليم يكون تبليغا صحيحا موافقا لمقتضيات الفصل 39 من ق م م
وقد نص الفصل 39 من ق م م بعد تعديله بالقانون 33-11 على انه: "إذا تعذر على المكلف بالتبليغ او السلطة الادارية تسليم الاستدعاء لعدم العثور على الطرف او على أي شخص في موطنه او محل اقامته ألصق في الحين إشعارا بذلك في موضع ظاهر في مكان التبليغ وأشار الى ذلك في الشهادة التي ترجع الى كتابة الضبط المحكمة المعنية بالأمر 24
 

21-القرار منشور في مجموعة قرارات المجلس الأعلى المادة المدنية من 1966-1982 المعهد الوطن للدارسات القضائية ص 381. أورده ذ/إبراهيم بحماني مرجع سابق ص 77.
22-القرار 572 منشور في مجلة "قضاء المجلس الأعلى" عدد 35-36، وقد أشار اليه ذ/ أكرم في كتابه التعليق على نصوص قانون اكرية الأماكن المعدة للسكن او الاستعمال المهني ص 80.وقد أورده ذ/إبراهيم بحماني في كتابه مرجع السابق ص 78.
23-القرار 283 غير منشور وقد أشار اليه ذ/ عبد العزيز توفيق في كتابه المشار اليه ص 151 وقد أورده ذ/ إبراهيم بحماني في كتابه مرجع سابق ص 79.
24-الفصل 39 من ق م م.
وكما اشارت اليها المحكمة التجارية بالدار البيضاء والقرار عدد 273 الصادر بتاريخ 28 ابريل 2021 في الملف التجاري عدد 497/3/1/2020 25 على انه إذا تعذر على المكلف بالتبليغ لعدم العثور على المبلغ اليه او على أي شخص في موطنه وجوب الصاق اشعار بذلك في موقع ظاهر بمكان التبليغ.
ثانيا: طرق التبليغ
تطرق المشرع المغربي لطرق التبليغ بمقتضى الفصل 37 ق م م الذي جاء فيه يوجه الاستدعاء بواسطة احد أعوان كتابة الضبط او احد الاعوان القضائيين او عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل او بالطريقة الإدارية 26 قبل تناول هذه الطرق كما وردت في قانون المسطرة المدنية الحالي ، ينبغي الإشارة الى ان مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية اعتبرت التبليغ الذي يقوم به المفوض القضائي الطريق الأصلي والاساسي، وان ما دونه يعتبر مجرد استثناء كما يتضح لنا من مراجعة احكام المادة 37 من هذه المسودة، التي جاء فيها ما يلي: " يبلغ الاستدعاء بواسطة احد المفوضين القضائيين"
يمكن للمحكمة ان تامر عند الاقتضاء، بتبليغ الاستدعاء بواسطة أحد موظفي كتابة الضبط او بالطريقة الإدارية او باي وسيلة أخرى للتبليغ.
عموما، فانه بالرجوع الى الفصل 37 من ق م م نجد انه يؤكد بان هناك أربع طرق للتبليغ وهنا سنقتصر على اثنين منهم فقط: وهو التبليغ عن طريق أعوان كتابة الضبط والتبليغ عن طريق المفوضين القضائيين.
*التبليغ عن طريق أعوان كتابة الضبط
بالرغم من ان هذا النوع من التبليغ يظهر بكونه يشكل الطريقة الأساسية الاصلية، كما يتضح من قراءة احكام الفصل 37 السالف الذكر، الا انه على المستوى الممارس العملية، ومنذ احداث هيئة المفوضين القضائيين، أصبحت هذه الأخيرة هي التي تقوم بالتبليغ كقاعدة عامة، وان أعوان كتابة الضبط تتكفل فقط بالثبات تسلم التبليغ تطبيقا لمقتضيات الفصل 39 من ق م م.
 
 
 
 

25-القرار عدد 273الصادر بتاريخ 28 ابريل 2021 في الملف التجاري عدد 497/3/1/2020.
26-الفصل 37 من ق م م.
 
 
غير ان ذلك لا يعني ان كتابة الضبط لم يعد لها أي دور على مستوى التبليغ ، بل على العكس من ذلك ، حيث انه بالإضافة لدوريها التنسيقي مع باقي الجهات المكلفة بالتبليغ ، ومسؤوليتها القانونية من تثبيت التبليغات ، كما راينا سابقا، لا زالت هي مركز التبليغات في الحالة التي لم يعين فيها احد اطراف الدعوى موطنا مختارا داخل دائرة محكمة الاستئناف اذا كان يقيم خارج دائرة نفوذها، تطبيقا للفصل 330 من ق م م الذي جاء فيه ما يلي : "يجب على كل يقيم خارج دائرة نفوذ المحكمة المرفوع اليها الاستئناف ان يعين موطن مختار في مكان مقرها ، و يجب ان يتضمن كل تبليغ الى شخص لم يدخل بعد في الدعوى عند الاقتضاء تنبيها بتعيين موطن مختار 27 .
وقد احسنت مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية، من خلال إعطائها الأولوية للتبليغ الالكتروني على الاكتفاء بالتبليغ الذي يتم لدى كتابة الضبط في مثل هذه الحالة، حيث نصت الفقرة قبل الأخيرة من المادة 33 من هذه المسودة على انه يبلغ من يمثل الأطراف بعنوان بريده الالكتروني، وفي حالة عدم الادلاء به يعتبر كل تبليغ يتم بكاتبة ضبط المحكمة تبليغا صحيحا.
*التبليغ عن طريق المفوضين القضائيين
بالرجوع للمادة 15 من القانون رقم 03-81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين 28، نجدها قد اكدت على ان التبليغ يعتبر الاختصاص الأساسي والأصيل للمفوض القضائي، فبالرجوع لهذه المادة نجدها تنص على ما يلي: يختص المفوض القضائي بصفته هاته، مع مراعاة الفقرة الرابعة من هذه المادة، بالقيام بعمليات التبليغ وبإجراءات تنفيذ الأوامر والاحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية، مع الرجوع الى القضاء عند وجود صعوبة، وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحلات والبيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات والأصول التجارية.
يتكلف المفوض القضائي بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية وغيرها من القوانين الخاصة، وكذا استدعاءات الحضور المنصوص عليها في القانون المسطرة الجنائية، ويمكن له ان يقوم باستيفاء المبالغ المحكوم بها او المستحقة بمقتضي سند تنفيذي وان اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقولات المادية 29.
يقوم المفوض القضائي بتبليغ الإنذارات بطلب من المعني بالأمر مباشرة ما لم ينص القانون على أخرى للتبليغ.
 
 

27-عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق ص 98.
28-ظهير شريف رقم 01.06.23 صادر في 15 من محرم 1427 موافق 14 فبراير 2006 بتنفيذ القانون 81.03 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين.
29-عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق ص 100-101.
 
يعتبر كاتب محلف لدى المفوض القضائي ايضا جهة مخول لها القيام بعملية التبليغ وفق المادة 15 من قانون المهنة الذي ينص على ما يلي: "ينيب عنه المفوض القضائي تحت مسؤوليته كاتبا محلفا او أكثر للقيام بعمليات التبليغ فقط وفق الاحكام الباب العاشر من هذا القانون "30
وتنص احكام الباب العاشر من المادة 41 من القانون المذكور على ما يلي:" يمكن للمفوض القضائي ان يلحق بمكتبه تحت مسؤوليته كاتب محلف او أكثر، للنيابة عنه في الإجراءات المتعلقة بالتبليغ"31
يتم هذا الالتحاق وفق عقد يتحدد نموذجه بقرار من وزير العدل ويؤدي الكاتب المحلف امام المحكمة الابتدائية الذي يقع مكتب مفوض بدائرة نفوذها اليمين القانونية المنصوص عليها في المادة العاشرة من القانون 03/81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين وهي كالاتي: 
 
اقسم بالله العظيم ان أقوم بمهامي بالإخلاص وان انجزها بدقة وامانة وان اراعي في كل الأحوال والواجبات التي تفرضها علي مع الالتزام بالسر المهني
 
وقد ذهبت محكمة النقض في قرار رقم 534 المؤرخ في 14 ابريل 2021 ملف تجاري رقم 834-3-2010 الي انه بمراجعة شهادة التسليم المأخوذة من ملف التبليغ يتبين ان القرار المطعون فيه بلغ للوارثة بواسطة كاتب المفوض القضائي وان شهادة التسليم المذكورة مذيلة بتوقيع الكاتب الذي انجز مهمة التبليغ وكذلك تأشيرة المفوض القضائي، وبالتالي فان التبليغ
 
منتج لأثره القانوني باعتبار يدخل في نطاق اختصاصاته طبق لمقتضيات القانون 03-81، وبما ان إجراءات تبليغ القرار المطعون فيه صحيحة ومطابقة لمقتضيات الفصل 39 من ق م م الامر الذي يتعين معه اعتبار التوصل بالقرار المطعون فيه حاصلا بعد العشرة أيام الموالية لتاريخ الرفض الصادر عن بنت المبلغ اليه، وانه باحتساب اجل الطعن قد خارج الاجل القانوني المنصوص عليه في الفصل 358 من ق م م32
 
 
 
 

30-المادة 15 من القانون 81.03 المنظم للمهنة المفوضين القضائيين.
31-المادة 41 من القانون المنظم للمهنة المفوضين القضائيين
32-كتاب المفوض القضائي في ضوء قرارات محكمة النقض العدد الخامس سلسلة إصدارات المكتب الفني 2018 ص 127 وأشار اليه محمد الطالب في كتابه المفوض القضائي وإشكاليات التبليغ والتنفيذ، الطبعة الأولى 2021 مطبعة سوماكرام من الدارالبيضاء، ص 44.
 
وكما اكدت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في قرار رقم 1843 بتاريخ 29/11/2018 ملف رقم 1870/8206/18 ان الإجراءات التبليغ التي يقوم بها الكاتب المحلف للمفوض القضائي صحيحا، فان المحضر المثبت لعملية التبليغ موقع من طرف كل من الكاتب المحلف الذي قام بالإجراء والمفوض القضائي وبالتالي يكون التبليغ صحيحا ومنتجا لأثره 33.
المطلب الثاني: إجراءات التبليغ
سنتناول في هذا المطلب إجراءات التبليغ قبل صدور الحكم (الفقرة الأولى)، وإجراءات التبليغ بعد اصدار الحكم (الفقرة الثانية)
==>الفقرة الأولى: إجراءات التبليغ قبل صدور الحكم.
حماية لحقوق الأطراف في الدفاع يجب ان يحترم التبليغ الإجراءات الرامية الى اطلاعهم على مضمون الطلب، وتحري الدقة في هوية المعنين بالأمر ومكان وزمان الجلسة، بحيث لا يمكن محاجة شخص دون علمه بالواقعة موضوع الاستدعاء، ومنحه سقف زمنيا ليتدبر امر تهيئ دفاعه وجمع حججه وتهيئ دفوعاته، والا اعتبر الحكم الصادر في غياب أحد الأطراف باطلا 34.
أولا: تبليغ الاستدعاء
يقصد بالاستدعاء هي وثيقة تحرر مستقلة عن شهادة التسليم قصد احاطة الطرف المدعى عليه علما بان دعوى رفعت ضده امام محكمة معنية وعليه الحضور امامها في التاريخ والساعة المحددين.
وتشكل حجة بيد الطرف الذي تم استدعاءه، خاصة عندما لا تحترم الآجال التي حددها المشرع في خمسة أيام إذا كان الطرف له موطن او محل إقامة في مكان مقر المحكمة الابتدائية، او بمركز مجاور لها، وخمسة عشرة يوما إذا كان موجودا في أي محل اخر من تراب المملكة تحت طائلة البطلان   35.
 
 

33-قرار عدد 1843 بتاريخ 29/10/2018 ملف رقم 1870/8206/2018 الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش.
34-ذهبت محكمة النقض في القرار عدد 6033/87 الى ما يلي" عدم استدعاء الطاعن او من يمثله للجلسة التي أدرجت فيها القضية للمداولة يجعل القرار الصادر باطلا لخرقه لقواعد المسطرة الضرة بالطاعن ولمساسه بحقوق الدفاع "منشور بمجلة المعيار، عدد 18و19 ص 174 وما يليها أشار اليه محمد بنفقير. قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي، منشورات دراسة قضائية، سلسلة القانون والعمل القضائي المغربي، الطبعة الأولى، دار النجاح، الدار البيضاء سنة 2008، ص 70.اورده الطلبين عبد الناصر بن ميلود وصلاح الدين مفتاح، أصول التبليغ القائي في ضوء قانون المسطرة المدنية، رسالة لنيل دبلوم الماستر، المنازعات والمهن القانونية، من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، السنة 2015-2016 ص 5.
  1. -الحسين غواغ، التبليغات القضائية بين الصحة والبطلان، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية، والاقتصادية والاجتماعية مراكش، سنة 2011-2012 – ص 17 وما يليها.
 
 
ان قانون المسطرة المدنية المغربي، وعلى غرار مختلف التشريعات الوضعية المعاصرة، أكد على ضرورة تبليغ القاضي للأطراف، كما يتضح لنا من الفصول 36 و   41 36  منه، فقد نص الفصل 36 من ق م م على ما يلي:" يستدعى القاضي حالا المدعي و المدعى عليه كتابة الى جلسة يعين يومها و يتضمن هذا الاستدعاء:
  1. الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن او محل إقامة المدعي والمدعى عليه.
  2. موضوع الطلب
  3. المحكمة التي يجب ان تبت فيه
  4. يوم وساعة الحضور
  5. التنبيه الى وجوب اختيار موطن في مقر المحكمة عند الاقتضاء.
 
وبالرجوع الى بعض قرارات المجلس الأعلى سابقا تمت تسميته في إطار الدستور الجديد بمحكمة النقض بخصوص تطبيق الفصل أعلاه، نجد ترددا في مواقفه حيث جاء أحد قرارته انه".... حيث ان الذي تدل عليه أوراق الملف هو ان المحكمة استدعت طالب النقض بتاريخ 14-03-1966 عدد 7820، ثم رجعت ورقة استدعاء مكتوبا فيها المرجو من المحكمة الدلالة باسم الحي، وحيث انه ليس من بين أوراق الملف ما يدل على ان المحكمة وجهت استدعاء اخر لطالب النقض مثبتة فيه ما ذكر.
وحيث ان المحكمة بارتكابها لما ذكر قد اخلت بحق من حقوق الدفاع، وبنت حكمها على غير أساس37.
على النقيض من ذلك اعتبرت محكمة النقض ان النقص في البيانات المتعلقة بأطراف الدعوى لا يترتب عنه بطلان الحكم الا إذا كان نقصا جسيما يؤدي الى التشكيك في الخصوم او تحديد صفتهم في الدعوى 38.
وفي قرار اخر اعتبرت بان " عدم الإشارة الى موطن او محل إقامة وصفة المستأنف وحرفة المستأنف والمستأنف عليه في مقال الاستئنافي، والحكم المطعون فيه لا يشكل خرقا مسطريا يستوجب النقض، ما دام انه لا يترتب عنه أي نزاع في هوية الطرفين، ولم يتضرر من الطاعن 39 .
فالتبليغ الاستدعاءات بواسطة المفوض القضائي هذا الاختصاص لا يعتبر جديدا عليه وذلك لكونه كان من اختصاص العون القضائي، وكان المفوض محل عبارة العون وذلك حتى يستمر المفوض اختصاصاته حسب قانون م م وباقي القوانين المتعلقة بالتبليغ مباشرة.
 
 
 
  1. -انظر الفصول 36 و41 من ق م م.
  2. -قرار تحت رقم 13 صادر سنة 1967منشور ق.م.ا.ع2، 1967ص:38.
38 -قرار عدد 68 بتاريخ 6/1/1993 ملف مدني رقم 164/88 أشار اليه عبد الله العبدوني في مقاله "المسطرة بطلان إجراءات التبليغ في ضوء العمل القاضي المغربي"مرجع سابق ص 15 وأشار اليه الحسين غواغ مرجع سابق ص: 19.
39 -قرار عدد 648 بتاريخ 25/11/1981 منشور بمجلة المحاكم المغربية 532 ص 76 سنة 2002 ص :170 وما بعدها. وأشار اليه غواغ الحسين مرجع سابق ص 19.
ومن خلال تحليل المادة 15 من موضوع التبليغ نستنتج النقط التالية:
- القيام بعمليات التبليغ بالرجوع الى مقتضيات القانون القديم المنظم لمهنة الاعوان القضائيين نجد انه تضمن بالمادة الثانية من الباب الأول المتعلق بالاختصاص ما يلي:
- في تبليغ الاستدعاءات
وسنوضح في هذه المادة باقتصار على ذكر المقتضيات الخاصة بالتبليغ فقط.
يختص الاعوان القضائيون شخصيا ب:
- القيام بعمليات التبليغ اللازمة للتحقيق في القضايا.
- وضع الإجراءات المتطلبة في تنفيذ الأوامر ز الاحكام والقرارات إذا كانت طريقة التبليغ غير محددة، مع الرجوع الى القضاء عند وجود صعوبات.
يمكن تكليف الاعوان القضائيين ب:
- تسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقرر في قانون المسطرة المدنية.
استدعاءات الحضور المنصوص عليها في ق م م 40.
والتبليغ الاستدعاء لابد ارفاقها بشهادة التسليم التي يبين فيها من سلم له الاستدعاء وتضمن مجموعة من البيانات.
وتعتبر شهادة التسليم اهم وسيلة قانونية لإثبات حصول التبليغ، وعلى من يدعى العكس ان يطعن في الشهادة المذكور بالزور، ولابد من توفر مجموعة من البيانات لتكسب شهادة التسليم الطابع الرسمي، منها توضيح من تسلم الاستدعاء، وتوقيع الشخص الذي تسلمها في موطنه 41.
وإذا عجز من تسلم استدعاء وعن التوقيع او رفض أشار الي ذلك العون والسلطة المكلفة بالتبليغ في شهادة التسليم.
وقد جاءت محكمة النقض في قرار عدد 4 الصادرة بتاريخ 03-1-2019 في المكلف الإداري عدد 2819/4/1/2017 ط ان التبليغ المعتد به هو الذي يتمن الهوية الكاملة للمبلغ اليه وتوقيعه او الإشارة الى رفضه الادلاء بهويته والتوقيع، لان ذلك يعتبر من البيانات الجوهرية، وان الاكتفاء بتضمين شهادة التسليم عبارة التوصل مكتب الضبط دون ذكر الهوية الكاملة للمبلغ اليه وتوقيعه لا يقوم مقام الطابع او الختم ويجعل التبليغ باطلا وعديم الأثر 42.
 
 

40 – ذ/بوبكر بهلول – ذ/باني محمد ولد بركة، المفوض القضائي –ولوج المهنة –الاختصاصات والمهام اخلاقيات المهنة –القانون المقارن، الطبعة الأولى 2008 مطبعة دار العلم للطباعة والنشر والتوزيع، ص 65 وما بعدها.
41-يوسف ملحاوي " سلامة الإجراءات المسطرية من خلال مسطرة التبليغ القضائي " مقال منشور بمجلة القصر ع :18 شتنبر 2007، مطبعة النجاح الجديدة، ص: 16 أشار اليه الحسين غواغ ص 19.
42-القرارعدد 4 الصادر 03 يناير 2019 في الملف الإداري عدد 2817/4/1/2017، منشور في مجموعة القرارات محكمة النقض
 
ثانيا: تبليغ الانذارات
ان المشرع المغربي في المادة 38 من ق م م في الفقرة الأولى ذكر الوثائق حيث نص على ما يلي:
"يسلم الاستدعاء والوثائق للشخص ..." والمقصود بالوثائق هنا المستندات المراد تبليغها ونذكر هنا تبليغ الإنذار.
الإنذار تعبير أحد طرفي العقد عن الرغبة في وضع العلاقة التعاقدية بناءا على أسباب محددة حصرا في القانون او يكون سببها اخلال أحد المتعاقدين ببنود وشروط العقد وبذلك يختلف الإنذار عن الاشعار بقوة اثاره التي قد تذهب أحد انهاء العلاقة التعاقدية.
ففي الوقت الذي يكون فيه الاشعار تحسيسا وتنبيها لنقط متفق عليها في العقد او رغبة في إضافة امتيازات وبالتالي الاستمرار في العلاقة التعاقدية نجد الإنذار يتجه في اغلب الحالات الى تغيير أساس العلاقة كالمطالبة بالزيادة او الانهاء المؤقت او التام للعلاقة.
إذا عبر المكري عن رغبته في مراجعة الوجيبة الكرائية بتوجيه انذار للمكتري، فان سريان الوجيبة الكرائية الجديدة يبتدئ من تاريخ التوصل بالإنذار شريطة رفع الدعوى داخل اجال ثلاثة أشهر الموالية لتاريخ التوصل 43.
==>> فالإنذارات نوعان :
هناك الإنذارات القضائية وهي التي تتم اثناء مسطرة التقاضي كالإنذارات الموجهة الى أطراف الدعوى من اجل اصلاح بعض المساطر، والانذارات الموجهة الى الخبراء من اجل الإسراع بإنجاز ما اسند إليهم من مهام قضائية وغيرها، وهذه الإنذارات تخضع في تبليغها لنفس الإجراءات المتعلقة بتبليغ الاستدعاءات.
وهناك الإنذارات غير القضائية او الشبه قضائية وهي التي يتناذر بواسطتها الأشخاص فيما بينهم بسبب المعاملات الجارية بينهم، ومن اجل اضفاء الشرعية القضائية على هذا النوع من الإنذارات يتم اللجوء الى مقتضيات الفصل 148 44 من قانون المسطرة المدنية في إطار الامر المبنية على طلب اما الاثبات حالة المطل كما ينص على ذلك الفصل 255 من قانون الالتزامات والعقود.
وقد ذهبت محكمة النقض في قرار رقم 491 المؤرخ في 31 مارس 2011 ملف تجاري رقم 280/3/2/2010، الى اعتبار المفوض القضائي مؤهلا قانونا للقيام بعمليات التبليغ، وتنجز حسب ما هو منصوص عليه في ثلاثة أصول يسلم الأول منها الى المعني بالأمر، ويودع الثاني بملف المحكمة، ويحتفظ المفوض بالثالث بمكتبه، والقرار المطعون فيه لما اوجب لصحة عملية التبليغ انجاز شهادة التسليم باعتبار انها وحدها المعتبرة لصحته، خرق المادتين 15و18 من القانون رقم 03/81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين 45.
 

43-محمد طالب مرجع سابق ص: 95.
44-انظر الفصل 148 من القانون المسطرة المدنية.
45-كتاب المفوض القضائي في ضوء قرارات محكمة النقض العدد الخامس سلسلة إصدارات المكتب الفني 2018 الصفحة 124، أشار اليه محمد طالب مرجع سابق ص: 96
كما ذهبت نفس المحكمة في قرار رقم 1137 المؤرخ في 19 غشت 2010 ملف تجاري رقم 455-3-2-2010 الى اعتبار تبليغ الإنذار بواسطة محضر المفوض القضائي يغني عن شهادة التسليم وذلك حين تأكد لها التبليغ عن طريق المفوض القضائي حيث انجز محضرا يفيد بذلك، واسست قضاءها على ان المكري اثبت تبليغ الإنذار بواسطة المضر المنجز وليس بواسطة شهادة التسليم كما يدعى المكتري إضافة الى انه لم ينازع في تبليغه 46.
وقد اكدت محكمة النقض في قرار عدد 115 الصادر بتاريخ   16فبراير 2023 في الملف التجاري رقم 1332/3/2/2020، الى ان إجراءات التبليغ التي يقوم بها الكاتب المحلف تعتبر صحيحا وفق المادة 15 من القانون 03/81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين،
وان الطاعن تمسك بان تبليغ الإنذار موضوع الدعوى جاء مخالفا للقانون إياه بواسطة كاتب المفوض القضائي و المحكمة لما ردت الدفع المذكور بعلة ان مقتضيات المادة 34 من القانون 16-49 نصت على ان تبليغ الإنذارات في اطار القانون المذكور يتم بواسطة مفوض قضائي او طبقا للإجراءات المنصوص عليها في ق م م وان التبليغ الذي يقوم به المفوض القضائي انما يتم وفق المسطرة المنظمة بمقتضي القانون المذكور أعلاه ولذا اتاحت مادته 15 للمفوض القضائي ان ينيب عنه كاتبا محلفا بمكتبه للقيام بإجراءات التبليغ ، تكون قد ركزت قضاءها على أساس 47.
==> الفقرة الثانية: إجراءات التبليغ بعد اصدار الحكم
نص الفصل 54 من ق م م على انه يرفق تبليغ الحكم بنسخة منه مصادق على مطابقتها لهذا الحكم بصفة قانونية ترسل وتسلم طبق الشروط المحددة في الفصل 37 و38، وإذا تعلق الامر بتبليغ الى قيم، وقع ذلك ضمن المقتضيات المشار اليها في الفصل 441.
ونص الفصل 349 المتعلق بقرارات محكمة الاستئناف على ما يلي: يرفق تبليغ القرار بنسخة من مشهود بمطابقتها لأصلها بصفة قانونية وتوجه وتسلم وفقا للشروط المحددة في الفصل 54 48.
أولا: تبليغ الاحكام والقرارات
يعتبر تبليغ الامر او الحكم او القرار الصادر في الدعوى اعلام المحكوم عليه بصدور الحكم في حقه اما ان لينفذ طوعا او لينهج فيه سبل الطعن المتاحة.
  1. تبليغ الاحكام القضائية :
بعد تبليغ الاستدعاء وتبادل الدفوعات والاستنتاجات خلال مراحل الدعوى في جلسات مختلفة قد تطول تبعا لتبادل الاستنتاجات والطلبات المضادة وبعد اقتناع المحكمة وفق سلطتها التقديرية في الدعوى المعروضة عليها وبيان الأسس القانونية والقواعد القانونية وصحة التعليل وبعد المداولة تصدر المحكمة سواء كانت مشكلة وفق نظام جماعي او فردي حكما ابتدائيا يطلق عليه اصطلاحا الحكم ويختلف عن القرار الذي تصدره المحكمة الاستئنافية.
 

46-كتاب المفوض القضائي في ضوء قرارات محكمة النقض العدد الخامس سلسلة إصدارات المكتب الفني 2018 الصفحة 130، أشار اليه محمد الطالب ص:96
47-قرار محكمة النقض رقم 115 الصادر بتاريخ 16 فبراير 2023 في الملف التجاري رقم 1332/3/2/2020
48-انظر الفصول 54 و37 و38 و441 و349 من القانون المسطرة المدنية.
ونذكر بعض انواع الاحكام:
*احكام حضورية واحكام غيابية:
لقد تطرق المشرع المغربي للحالات التي تكون فيها الاحكام حضورية او غيابية في الفصل 47 من ق م م وهكذا فانه إذا استدعى المدعي او نائبه بصفة قانونية ولكنه تخلف عن الحضور يمكنها التشطيب عن على القضية من جدول الجلسات اما إذا استدعت المحكمة بصفة قانونية المدعى عليه او وكيله ولكن لم يحضر فأنها تحكم على المدعي عليه غيابيا 49
حيث يكون له الحق في الطعن بالتعرض امام المحكمة المصدرة للحطم الغيابي داخل اجل 10 أيام من تاريخ التبليغ بالحكم وذلك إذا لم يتوصل بنفسه بالاستدعاء ولم يكن الحكم قابلا للطعن فيه بالاستئناف والا اعتبر بمثابة حضوري.
*احكام ابتدائية واحكام انتهائه:
يقصد بالأحكام الابتدائية تلك التي تصدر عن المحكمة الابتدائية وتكون قابلة للطعن بالاستئناف وقد عرض المشرع الحالات في مجموعة من الفصول خاصة منها الفصل 19 من ق م م، وعموما يكون الحكم انتهائيا إذا كان غير قابل للاستئناف وفق الفصل المذكور وحسب الحالات.
والحكم في نطاق مهام المفوض القضائي يعتبر واحدا من الأنواع المختلفة للتبليغات التي يقوم بها فهو كذلك مرتبط في شكليات تبليغه بالقواعد العامة للمسطرة المدنية خاصة الفصول 37 و38 و39 ومرتبط أيضا بشهادة التسليم التي تكون في هذا الحالة مرفقة بغلاف إلزامي 50.
  1. تبليغ القرارات :
القرارات مبدئيا هي كل ما تصدره المحاكم الاستئنافية ومحكمة النقض فهي اذن تصدر من الدرجة الثانية والثالثة من التقاضي وكما ان الاحكام تبلغ في طي مختوم يحمل موصفات الزامية ويصدر حصريا من وزارة العدل وفق مرجع محدد فكذلك القرارات تبلغ في نفس الطي المختوم وبنفس المواصفات السالفة الذكر مرفقا كذلك بشهادة التسليم.
والتبليغ وطريقته كذلك تخضع للفصول الخاصة بقانون المسطرة المدنية 37-38-39 وتختلف الآجال في القرار الاستئنافي الذي يحدده المشرع في يوم من تاريخ التبليغ والقرار الصادر عن محكمة النقض الذي يكون نهائيا بمجرد صدوره ويسري احكامه فورا ولزاما لجميع الأطراف.
 
 
 

49-محمد طالب مرجع سابق ص: 80.
50-محمد طالب، مرجع سابق ص:81.
ثانيا: تنفيذ الاحكام
التنفيذ لغة هو تحقيق الشيء وإخراجه من حيز الفكر والتصور الى مجال الواقع الملموس، فيقال نفذ المأمور الامر، اجراه وقضاه، ويطلق بمعنى الارسال فيقال انفذ الشيء الى فلان ارسله له، وبمعنى الوفاء، فيقال انفذ عهده أي ام... ووفى به 51. ومعنى التنفيذ اصطلاحا هو وسيلة قانونية تمارسها السلطة العامة تحت اشراف القضاء وبأمر منه بناء على حكم صادر من المحكمة او بناء على طلب الدائن الذي يتوفر على سند تنفيذي 52.
يعتبر موضوع التنفيذ من اهم المواضيع المتداولة في الحقل القضائي، ويتميز بصيغة القانونية والقضائية التي تتحول واقع معاش بكل ما يخمله من إشكالات وتعقيدات في الكثير من الحالات، بل انه الهاجس الذي يشغل اهتمام السلطة القضائية ومحيطها ومساعديها، ويضرب له المتقاضين ألف حساب.
انه الباب الواسع الذي يلج به بعض سيئ النية من المتقاضين لإلصاق التهم بالمؤسسات القضائية عموما وبالمفوضين القضائيين خصوصا في مواضيع التزوير بشكل عام وكذلك أعوان كتابة الضبط خاصة فيما يهم التأخير والتسويف والتلاعب والتآمر على الحقوق 53
ان التنفيذ الجبري للأحكام الوسيلة القانونية التي تمكن من نقل الحقيقة القضائية المتمثلة في الاحكام الصادرة عن القضاء الى حيز الواقع ومطابقتها له، ذلك ان النطق بالحق لصاحبه لا معنى له إذا لم يتمكن من التصرف فيه.
ويمكن ذكر بعض أنواع التنفيذ:
هناك العديد من التصنيفات للتنفيذ الجبري وقد صنفه الأستاذ امهمول في كتابه مرجع شرح قانون المسطرة المدنية الى تنفيذ على الشخص المدني الصنف .... وذلك من خلال:
*الاكراه البدني: وهو وسيلة من الوسائل التي يمكن اعتمادها قصد تنفيذ القرارات القضائية ويعد الاقدم على الاطلاق
*التنفيذ بالقوة: وهو تمكين طالب التنفيذ من استعمال القوة قصد تنفيذ المقرر القضائي الحائز الامر المقضي به في مواجهة المنفذ عليه.
*التنفيذ بالطبيعة والتنفيذ بالمقابل:
والتنفيذ بالطبيعة وهو الذي يهدف الى اجبار المدني على التنفيذ الالتزام موضوع المقرر المراد تنفيذه حيث يكون موضوع التنفيذ القيام بعمل او الامتناع من القيام بعمل
والتنفيذ بالمقابل وهو الذي نص عليه الفصل 361 من قانون الالتزامات والعقود وتتعلق هذه الحالة بتنفيذ التزام بتنفيذ عمل لا يرتبط بشخص المنفذ عليه ويمكن لطالبة التنفيذ في هذه الحالة عبر اذن من المحكمة المختصة قصد تنفيذ الالتزام بنفسه على المنفذ عليه.
 

51-الدكتور احمد مليجي، التنفيذ وفقا لنصوص قانون المرافعات ص 9 ، أورده إبراهيم بحماني مرجع سابق ص 23.
52-مرجع القاضي والمتقاضي في إشكالات ومنازعات التنفيذ المدنية والتجارية ص 8 أورده إبراهيم بحماني مرجع سابق ص 23.
53-الفقلرة 435بعد صدور القرار الاستئنافي او الحكم الابتدائي المشمول بالنفاذ المعجل تبدأ مرحلة أخرى من مراحل النزاع، وتتمثل هذه المرحلة في تنفيذ منطوق المقرر القضائي الحائز لقوة الشيء المقضي به في مواجهة المحكوم عليه، أشار اليه محمد الطالب، مرجع سابق ص :102.
*الجهة المكلفة بالتنفيذ:
ان أعوان كتابة الضبط والمفوضين القضائيين حاليا هم المكلفون بالتنفيذ ولهم وحدهم الصفة في القيام به وتحرير المحاضر بعملياته ومحضر التنفيذ هو السند الوحيد الذي يدل على انهاء عمليات التنفيذ والكيفية التي يتم بها او ما صاحبها من اعمال الشغب وما اثير من صعوبات وهو الذي يكون محل طعن في منازعات التنفيذ الموضوعية والتالية لتمامه والرامية عادة لإبطاله.
ان أي محاولة للتنفيذ القضائي لابد لها من سند تنفيذي كما ان اعذار المنفذ عليه يعتبر قاعدة أساسية في التنفيذ لمعرفة نوايا المنفذ عليه والوجهة التي سوف تتخذها إجراءات التنفيذ يعد الاعذار وسنذكر باختصار بعض أنواع السندات التنفيذية وهي:
الاحكام والقرارات القضائية تعتبر الاحكام القضائية اهم أنواع السندات التنفيذية واعشر شيوعا في الحياة العملية وأقواها حجة لأنها تصدر في مواجهة المدني وبعد الاعذار اليه وتبليغه بموضوع الحق وتمتيعه بكافة الضمانات للدفاع عن نفسه ومواجهة خصمه.
الأوامر المبنية على طلب والاوامر الاستعجالية
*الأوامر المبنية على طلب:
تشترك الأوامر مع الاحكام في نوعها لا تصدر الا من المحاكم المشكلة تشكيلا صحيحا وفي حدود الاختصاص المخول لها "الولائي والقضائي" وفي طلبات رفعت اليها وفق الإجراءات المنصوص عليها قانونا 54
*الأوامر الاستعجالية:
ان الأوامر الاستعجالية تمتاز بانها سندات تنفيذية ابتداء من يوم صدورها لأنها مشمولة بالتنفيذ المعجل بقوة القانون دائما ما لم يعلق على تقديم كفالة طبقا للفصل 153 ق م م ولأنها تروم منح الظروف وحماية خاصة.
*الأوامر بالأداء
اثار خلاف كبير حول طبيعة الامر بالأداء هل هو امر او حكم لأنه من جهة يصدر بإجراءات تشبه إجراءات الامر المبني على طلب وفي غيبة الطرفين وبدون حضور كاتب الضبط ولكنه من جهة أخرى يبت في نزاع ويقضي بأداء مبالغ جد مهمة أحيانا ويحوز الحجية بل وقوة الشيء المفضي به فكل ذلك يلتقي مع احكام الموضوع ويرجع اغلب الفقه بان الامر بالأداء ليس امرا ولائيا، ولكنه امر قضائي مبني على طلب عند ميلاده لكنه لا يلبث ان يتحول الى حكم قطعي بمجرد فوات اجل الطعن فيه او البث في هذا الطعن 55
 
 
 

54-يلاحظ ان بعض الأوامر تصدر تلقائيا كالأمر بتحديد واجبات الطلاق في إطار الفصل 179 من ق م م والامر بعزل المقدم او بفرض غرامة تهديدية عليه او بوضع أمواله تحت الحراسة القضائية طبق الفصل 193 من ق م م، أشار اليه محمد الطالب مرجع سابق ص: 111.
55-أبو الوفاء نظرية الأحكام ص 45 وإجراءات التنفيذ ص 131 أشار اليه محمد الطالب مرجع سابق ص: 112.
*خصوصيات التنفيذ العقاري:
لا شك ان تماسك الانسان بالأرض او حرصه على حيازتها وتملكها إرضاء لغريزة حب التملك والارتباط بالأرض، وجعل المشرع يحيط تنفيذ الاحكام العقارية بإجراءات وضمانات لا تطبق بتنفيذ باقي الاحكام وذلك وعيا من المشرع من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية التي يحظى بها العقار في نفوس الاخرين كلها أمور دفعت المشرعين الى افراد تنفيذ العقار بمجموعة من خصوصيات تراعي تلك الأهمية السابقة وهي خصوصيات هدف الى المحافظة على مصلحة مالك العقار الواقع عليه التنفيذ،
ومصلحة الدائن طالب التنفيذ والتي تتطلب ان يحصل على حقه من خلال حجز العقار وبيعه بالمزاد العلني لاستيفاء حقه من عوائد عملية بيع العقار كما ان تفويت العقار احاطه المشرع بعدة إجراءات لا يخضع لها تفويت المنقول الا نادرا، كما ان تنفيذ الاحكام العقارية يخضع بدوره لإجراءات مميزة حسب نوع كل حكم، وحسب وضعية العقار تجاه المحافظة ونظرا لمميزات التي يختص بها العقار التي سبقت الإشارة اليها فان التنفيذ عليه يتطلب بعض الإجراءات الخاصة كما تواجهه صعوبات معينة ومن ذلك:
- ان تنفيذ الحكم العقاري يقتضي الانتقال الى عين المكان للتحقق من العقار المحكوم به وبيان حدوده ومساحته والمنشئات المتواجدة به وتدوين كل ذلك في محضر التنفيذ وتسجيل ذلك بالسجل العقاري إذا كان العقار محفضا.
-ان التنفيذ على العقار كثيرا ما تعترضه الصعوبات قانونية وواقعية، وتتجلى الصعوبات الواقعية عادة في عدم تحديد موقع العقار او تغيير حالة العقار، اما الصعوبات القانونية فتتجلى في كون العقار المنفذ عليه او جزء منه من أملاك الدولة الخاصة او العامة او من أراضي الجموع او الأوقاف، فمثل هذه الصعوبات لا توجد في التنفيذ على المنقول عادة 56.
المبحث الثاني: مسؤولية المفوض القضائي في مجال التبليغ والتنفيذ
سنتناول في هذا الشق المسؤولية التأديبية للمفوض القضائي المطلب الأول وسنحاول التعرف على المسؤولية المدنية والجنائية للمفوض القضائي المطلب الثاني
المطلب الأول: المسؤولية التأديبية
لتحريك المتابعة التأديبية لابد من التطرق الى أطراف الدعوى التأديبية "الفقرة الأولى" وسنتحدث على العناصر التكوينية للدعوى التأديبية "الفقرة الثانية"
لقد اعتبر المشرع المغربي مهنة المفوض القضائي مهنة حرة، الا ان طبيعة مهمه واختصاصاته التي لها ارتباط وثيق بالقانون والحريات، ومدى تأثير مهامه واختصاصاته على حسن سير واستمرارية المرفق القضائي، فقد حاول المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات التميز بين كل من المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية والمسؤولية التأديبية
 
 

56-محمد يحي ولد أحد ناه، إجراءات التبليغ والتنفيذ في العمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، سنة 2009-2010.
 
 <<==الفقرة الأولى : أطراف الدعوى التأديبية :
يلاحظ ان المشرع المغربي قد نهج أسلوبا خاصا في موضوع المسؤولية التأديبية للمفوض القضائي، وربما يرجع الامر في اسناد مهمة تأديب المفوض القضائي الى السلطة القضائية بالرغم من اعتبار هذه المهنة مهنة حرة تنتمي الى القطاع الخاص وذلك على غرار ما نص عليه المشرع الجزائري فيما يخص تأديب المحضر القضائي في ظل القانون رقم 06-03 المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي فقد تم استحداث هيئة على مستوى الغرف الجهوية 57
تحت تسمية المجلس التأديبي وهيئة أخرى على المستوى الوطني تنظر في الطعون ضد قرارات مجلس التأديب وهي اللجنة الوطنية للطعن 58  وبالرجوع الى مقتضيات المادة 36 من
 الباب التاسع المتعلق بالتأديب، من القانون الجديد المنظم لمهنة المفوض القضائي نجدها تنص على ما يلي: "يحرك وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المختصة المتابعة التأديبية ضد المفوض القضائي بناءا على تقرير من رئيس المحكمة او على إثر تحرياته التي يقوم بها مباشرة او بناء على شكاية او بناء تقرير من الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين" 59
وفي هذا السياق، فقد اعتبرت محكمة النقض في القرار عدد 882 المؤرخ في 16 دجنبر 2010 ملف اداري عدد  974/4/1/200960 "ان وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية هو الطرف الأصلي في الدعوى التأديبية حيث جاء في القرار ان مقال الطعن بالنقض قدم في مواجهة الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف مما يجعله خارقا لمقتضيات القانون المنظم لمهنة المفوض القضائي الذي ينص على ان السيد وكيل الملك هو الطرف الأصلي في دعوة التأديب مما يجعله معرضا لعدم القبول"
وبتأمل هذا القرار تكون محكمة النقض قد اقتصرت على تطبيق الحرف لنص في دعوة التأديب ضد المفوض القضائي، لان المادة 36 اعتدت لفظ وكيل الملك دون لفظ النيابة العامة، فجعلت السيد وكيل الملك لدى الحاكم الابتدائية هو الطرف الأصلي في الدعوى التأديبية، وهذا يجعل كل مقال بالاستئناف او النقض يتم توجيهه ضد طرف اخر سوى السيد وكيل الملك عرضة لعدم القبول.
 
 
 
 

57-عادل عبلة، معالم المسؤولية التأديبية للمفوض القضائي من خلال قرارات محكمة النقض، مقال منشور في موقع مغرب قانون، تم زيارة يوم 06-04-2024 ساعة الثانية زوالا.
58-الكوشة يوسف، مسؤولية المحضر القضائي "مدنية –تأديبية إجرائية " مذكرة لنيل شهادة الماجيستر في القانون، فرع قانون المسؤولية المهنية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزي وزوو، 2013ص 83، أورده مهيدي جهان وجوامع ياسمين، النظام التأديبي لمهنة المحضر القضائي، مذكرة مكملة لمتطلبات نيل شهادة الماستر في القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية سنة 2020-2021 ص: 52.
59-بوبكر بهلول، مرجع سابق انظر ص 152-153.
60-قرار منشور سلسلة إصدارات المكتب الفني مهنة المفوض القضائي في ضوء قرارات محكمة النقض ص 137 وما يله، أشار اليه عادل عبلة، مرجع سابق.
واذا كان السيد وكيل الملك للمحكمة الابتدائية اختصاص تحريك المتابعة التأديبية كما تقدم ، فانه يبقى له أيضا النظر في إمكانية حفظ هذه المتابعة ، سواء كانت بناء على شكاية احد الأطراف او بناءا على تقرير من هيئة المفوضين القضائيين او حتى من رئيس المحكمة وهو الامر الذي من شانه خلق نوع من عدم التوازن اذ لم يحدد المشرع طريقة لإعادة النظر في قرار سيد وكيل الملك بالمتابعة او الحفظ ، لاسيما حين يكون تقرير الهيئة متسما بالجدية ، وغالبا ما يتم اعتماد قضاء النيابة العامة على تقنية تقديم طلب اخراج من الحفظ ثم القيام بتبرير هذا الطلب وهذا مما لا يمكن لرئيس المحكمة القيام به وبالمقابل أيضا يملك السيد وكيل الملك إمكانية توقيف المفوض القضائي دون الرجوع الى غرفة المشورة التي لها اختصاص البت في موضوع المتابعة، وقد يمتد هذا التوقف مدة تطول او تقصر، ثم يتبين للغرفة بعد البث براءة المفوض القضائي من المنسوب اليه وفي هذه الحالة يلحق المفوض القضائي ضرر مادي ومعنوي من هذا التوقيف نهيك عن الاضرار التي ستلحق بالمكتب من تخلف المتابع تأديبيا عن أداء أجور الكتاب المحلفين وباقي اعوانه ومستخدميه
وعلى الرغم من ان المشرع قد نظم التأديب في الباب التاسع فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 34 باب الثامن من قانون المهنة تحت عنوان المراقبة والتفتيش "إذا تبين لوكيل الملك من خلال تحرياته وقوع اختلالات مهنية خطيرة امكنه إيقاف المفوض القضائي مؤقتا عن العمل لمدة لا تتجاوز الشهرين وتحريك متابعة تأديبية في حقه "
ان القراءة المتأنية لنص المادة 34 من قانون المهنة، تظهر ان السيد وكيل الملك له حق في توقيف المفوض القضائي دون إلزامه بالرجوع الى اية جهة أخرى، لاسيما غرفة المشورة باعتبارها الهياة القضائية التي منحها المشرع حق البت في المخالفات المهنية للمفوض القضائي، ناهيك عن ان لفظ الاختلالات في المادة المذكورة قد جاء عاما، تاركا بذلك المجال مفتوحا امام كل تفسير وتأويل.
كما ان قرار المتابعة الصادرة عن السيد وكيل الملك تتم احالته على غرفة المشورة لدى المحكمة الابتدائية، صاحبة الاختصاص الأصلي لموجب المادة 37 من القانون المهنة، والتي يجب عليها استدعاء المفوض القضائي، طبقا للمادة 39 قبل 10 أيام من تاريخ الجلسة، لتقديم ملاحظاته ومستنتجاته، واستفادته من حقه في الاستعانة بمحام.
وبعد النظر والبت، يصدر الحكم عن غرفة المشورة بالبراءة او بالإدانة بإحدى العقوبات التأديب المنصوص عليها في المادة 38 من قانون المهنة وهو الحكم الذي يمكن للمفوض القضائي او وكيل الملك ان يطعن فيه امام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف المختصة لوحدها، فقد جاء في قرار لمحكمة النقض بخصوص هذه النقطة : "وحيث انه مادام النزاع قد عرض امام محكمة الاستئناف بعد دخول القانون رقم 03/81 حيز التنفيذ بتاريخ 2/06/2006 وانها بتت في القضية دون عرضها على غرفة المشورة تكون قد خرقت مقتضيات امرة تمس النظام العام لتعلقها بالتنظيم القضائي ويكون حكمها معرضا للنقض"
وبالإضافة الى الاختصاص القضائي التأديبي الذي منحه المشرع لغرفة المشورة بموجب المواد 36 الى 40 من القانون المنظم للمهنة، فان الاجتهاد القضائي منحها حق البت في الطلب الذي يتقدم به المفوض القضائي من اجل رد الاعتبار دون المحكمة الإدارية، وقد جاء في قرار محكمة النقض رقم 1/179 المؤرخ في 02 فبراير 2017 الملف الإداري عدد 179/4/1/2017 61
 

61-قرار محكمة النقض عدد 1/179 المؤرخ في 02/2/2017 الملف الإداري عدد179/4/1/2017، أشار اليه عادل عبلة مقاله مرجع سابق.
كما جاء في الحكم عدد 592 الصادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور -غرفة المشورة- بتاريخ 04/07/2023 في الملف رقم 865/1209/2022 "بعدم مؤاخذة المفوض القضائي من اجل المنسوب اليه والتصريح ببراءته منه" حول المتابعة التأديبية للمفوض القضائي واخلاله بالواجب المهني بخصوص انجاز محضر معاينة ودون فيه عبارة "اقتطاع جزء من القطعة الأرضية " وان هذا الوصف لا يدخل في اختصاصه، لكن حيث ثبت من المحضر ان تعيين القطعة الأرضية موضوع المعاينة وتحديد حدودها تمت تحت عهدة ومسؤولية طالب الاجراء الذي دل المفوض القضائي على هذه الحدود وان مهمة هذا الأخير اقتصرت على وصف حالة هذه القطعة وان عبارة "اقتطاع جزء" جاءت في سياق هذا الوصف، ولهذه فالمفوض القضائي لا يتحمل المسؤولية ما دام ان طالب الاجراء هو الذي دله على الحدود موضوع المعاينة 62
"بمقتضى المادة 11 من القانون رقم 03/81 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين بفتح لدى رئيس المحكمة الابتدائية ملف شخصي لكل مفوض من المفوضين القضائيين العاملين بدائرته تحفظ فيه جميع المستندات و الوثائق المتعلقة بحالته المدنية و الجامعية و المهنية كما تضمن فيه نسخ جميع التقارير المحررة في شانه و المقررات التأديبية او الزجرية المتخذة في حقه وكذا تلك الرامية الى رد الاعتبار عند الاقتضاء، وما دام المستأنف يطالب برد اعتباره فان الجهة المختصة بالنظر في طلبه هي غرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية التي يقع بها مكتبه، والمحكمة الإدارية لما صرحت بعدم اختصاصها كان حكمها صائبا وواجب التايد"
وحيث انه بالرجوع الى حيثيات هذا القرار يتبين ان قضاء محكمة النقض اعتبر غرفة المشورة لدى المحكمة الابتدائية يخص التأديب متابعة للمجالس التأديبية، التي يوكل اليها اختصاص اصدار قرار تنبيه الموظف العمومي، وفت انتباهه الى كل تقصير في أداءه لمهامه، وهو ما يجعل من غرفة المشورة هي الوحيدة المؤهلة لمرقبة توفر شروط رد الاعتبار للمفوض القضائي الذي سبق ان صدر في حقه حكم بعقوبة تأديبية.
والى حدود معالجتنا لما تقدم، يبقى التساؤل قائما بخصوص الطعن بالنقض، في القرار الصادر عن غرفة المشورة هل يوقف التنفيذ ام لا؟
للجواب عن هذا الاشكال، لابد من تحديد الإطار الذي تباشره فيه الدعوى التأديبية، هل هو أقرب الى المسطرة الجنائية وبالتالي فالطعن بالنقض يوقف التنفيذ، ام هو أقرب الى المسطرة المدنية، حيث لا يسمح الطعن بالنقض بإيقاف التنفيذ.
ان نظام التأديب ليس فرعا من قانون العقوبات ولا من مشتقاته، بل هو جزء من القضاء الإداري، وهو ما تؤكده الممارسة القضائية لمحكمة النقض، حيث يحيل الرئيس الأول لهذه المحكمة ملفات التأديب عن الغرفة الإدارية لمحكمة النقض ولتأكيد هذا الواقع العملي فان محكمة النقض لم يسبق لها ان تبت في طلب النقض من طرف الغرفة الجنائية، بل من طرف الغرفة المدنية والإدارية، مما يستوجب جوابا على السؤال المطروح، القول بتوقيف الطعن بالنقض لإجراء التنفيذ.
 
 

62- حكم عدد 592 الصادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور –غرفغة المشورة – بتاريخ 04/07/2023 في ملف رقم 865/1209/22
 
ان الدعوى التأديب لها قواعدها الاجرائية الخاصة بها، والقول يتوقف التنفيذ الى حين البت في الطعن بالنقض من شانه ان يغل يد السيد وكيل الملك فيحد من إطلاق سلطته فسي التنفيذ العقوبة التأديبية، الى حين صدور قرار نهائي عن محكمة النقض، وهذا يشكل ضمانا قويا للمفوض القضائي حتى لا يلحقه ضرر بتنفيذ قرار يتم نقضه فيما بعد.
   وتجدر الإشارة ان المتابعة التأديبية تخص أيضا الكاتب المحلف للمفوض القضائي وهو مسؤول عن اخطائه واختلالاته المهنية فالرجوع الى المادة 46 من القانون المنظم لمهنة المفوض القضائي تنص على "يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة ان يضع حدا لالتحاق الكاتب المحلف عند ثبوت مخالفة خطيرة في حقه".
يمكن للكاتب المحلف استئناف هذا القرار داخل الاجل المسطرة المنصوص عليها في المادة 40 أعلاه.
ومن خلال التأمل في هذا المادة يتضح ان الكاتب المحلف تسري عليه نفس الإجراءات المتابعة التأديبية المتعلقة بالمفوض القضائي ويتم البت فيها في غرفة المشورة، وهذا ما أكدته المحكمة الابتدائية بمكناس في حكم رقم 1 في ملف عدد 1/1208/2023 بتاريخ 15/01/2024 والحكم بوضع حد لإلحاق الكاتب المحلف لدى المفوض القضائي 63.
==<< الفقرة الثانية: العناصر التكوينية للدعوى التأديبية
تشكل القواعد الموضوعية المنصوص عليها في قانون المهنة الأساس القانوني للعقوبات التأديبية التي تطال على مخالف النصوص القانونية او التنظيمية وقواعد المهنة او اخلالا
 بالمروءة والشرف اثناء ممارسة المهنة وبمناسبة ممارستها وبمفهوم اخر ان العقوبة التأديبية ترمي الى تقويم سلوك مهني وفرض احترام قواعد وضوابط المهنة والسعي الى حماية مرفق العدالة وهذا يجب ان يتأتى في متابعة تستند الى نصوص قانونية محدد من طرف جهة الاتهام وتلتمس تحديد نوع العقوبة ضمن ملتمس المتابعة.
وإذا كان قانون المهنة لا يحدد المخالفات حصرا وترك الامر موكول الى السلطة التقديرية للقضاء فانه يحدد العقوبات وردت في المادة 38 من قانون المهنة على سبيل الحصر وهي الإنذار والتوبيخ والسحب المؤقت لرخصة مزاولة المهنة لمدة أقصاها ستة أشهر والسحب النهائي للرخصة المذكورة.
وان غرفة المشورة وهي تبت في مسطرة المتابعة من قبل السيد الوكيل الملك، ترتكز في حكمها على الجزم واليقين في التحقق من وجود المخالفة المهنية المنسوبة للمفوض القضائي، لان الامل هو عدم المؤاخذة ما لم يثبت توفر عنصر مخالفة النص القانوني اثناء قيامه بالمهام الموكولة اليه، من تبليغ وتنفيذ ومن إجراءات مباشرة، سواء كان طالب الاجراء او المطلوب ضده.
 
 
 

63-حكم رقم 1 في ملف مدني عدد 1/1208/2023 الصادر عن محكمة الابتدائية بمكناس بتاريخ 15/01/2024. غير منشور.
 
اما تقدير علاقة السببية، فيمكن استبيانه من خلال استعراض جملة من القرارات الصادرة عن القضاء، والتي ستظهر لنا بجلاء انه لإدانة مفوض قضائي من اجل ما مسؤولية مهنية لابد من تحقق عناصر المسؤولية للقول يتحقق تلك المسؤولية المهنية، جاء في القرار عدد 1/2200 المؤرخ في 29/10/2015 ملف اداري عدد3927/4/1/2015 64
"المحكمة لما قضت بمؤاخذة المفوض القضائي من اجل المنسوب اليه ومعاقبته بالسحب المؤقت لمزاولة المهنة لمدة شهر واحد تكون قد عللت قرارها تعليلا سليما لأنه تسلم إجراءات التنفيذ ولم يتم تحرير المحضر الاخباري الا بتاريخ 30/10/2014 على الرغم من ان مقتضيات المادة 16 من القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين تفرض عليه تحرير المحضر التنفيذي، او بيان الأسباب التي حالت دون إنجازه داخل اجل عشرين يوما من تاريخ انهاء اجل الاعذار الذي يوجهه المحكوم عليه خلال اجل عشرة أيام من تاريخ تسلمه ملف التنفيذ..."
وجاء في قرار اخر، وهو القرار رقم 1/706 المؤرخ في 23 ابريل 2015 ملف اداري عدد رقم 1325/4/1/2013 65 ".... المحكمة مصدرة القرار لما تبت لها ان المفوض القضائي حجز سيارة الشركة المشتكية في إطار ملف الحجز التنفيذي، وانه بعد انتقاله لتبليغ الحجز المذكور لمركز تسجيل السيارات علم ان السيارة ليست ملكا لمنفذ عليه، فاكتفى
بتضمين ذلك في شهادة التبليغ دون ان يحرر محضرا إضافيا او ملحقا لمحضر الحجز السابق، فنتج عن ذلك بيع السيارة بالمزاد العلني، تكون قد بينت التقصير والاخلال بالواجب المهني الذي ارتكبه.
والقرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 19/228 في الملف رقم 169/1126/2019 بتاريخ 26/12/2019 66 ، "وحيث انه باطلاع المحكمة على وثائق الملف وخاصة القرار الاستئناف موضوع التنفيذ و الكتاب الموجه الى المستأنف من طرف نائب المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بتاريخ 18/01/2019 يتبين ان المستأنف المشتكي به وفي اطار مهمته المتمثلة في اشعار مصرف المغرب بتنفيذ مقتضيات القرار أعلاه فيكون بذلك قد قام بمهمته استجابة للطلب الرامي الى ترتيب اثار تفعيل الضمانتين البنكتين، والمتمثلة في أداء الكفيل للمبلغ و بالتالي فان ما ورد بمحضر الاشعار التنفيذ لم يتضمن أي خلال مهني من طرف المستأنف يستوجب معاقبته مما تصرح معه المحكمة الغاء الحكم المستأنف"
بمراجعة مجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقض يمكن القول ان هذه المحكمة تعتبر" ان الخطأ المهني هو مخالف للقوانين والأنظمة والأعراف المهنية والالتزامات المهنية في نطاق الممارسة المهنية او بمناسبة القيام بها قد ينتج عنه ضرر للملتزم له سواء في إطار إجراءات التبليغ والتنفيذ".
 

64-قرار عدد 1/2200 المؤرخ في 29/10/2015 ملف اداري عدد 3927/4/1/2015، أشار اليه عادل عبلة في مقاله مرجع سابق.
65-قرار رقم 1/706 المؤرخ في ابريل 2015 ملف اداري عدد 1335/4/1/2013، أشار اليه عادل عبلة في مقاله، مرجع سابق
      66-قرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 19/228في الملف رقم 169/1126//2019 بتاريخ 26/12/2019، أشار اليه عادل عبلة في مقاله مرجع سابق.
وبعد هذه المعالجة المقتضبة نرى بان العمل القضائي في مادة التأديب يهدف الى احداث توازن في المهنة لتسير في نسق من الانضباط والامتثال من لدن أعضائها والحفاض حق المتابع في صدور قرار قضائي يحدد العناصر التكوينية للمخالفة المهنية.
ونرى ان خصوصيات التأديب في قانون المهنة بالمغرب تحتاج الى اشراك هيئة المفوضين القضائيين في تحريك المتابعة التأديبية امام غرفة المشورة دون مرورها بجهة النيابة العامة لان اهل مكة أدري بشعابها على امل منح هذه الهيئات الاختصاص في اصدار العقوبة تحت مراقبة القضاء.
  المطلب الثاني: المسؤولية المدنية والجنائية
     سنحاول في هذا المطلب التعرف حول المسؤولية التي يتحملها المفوض القضائي اثناء القيام بمهام التبليغ والتنفيذ وهي مسؤولية المدنية (الفقرة الاولى)، وسنتناول أيضا المسؤولية الجنائية عن الأخطاء المهنية للمفوض القضائي (الفقرة الثانية).
      تتأرجح مسؤولية المفوض القضائي كغيره من أصحاب المهن الحرة مبين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية والمسؤولية الجنائية، وقبل تحديد طبيعة هذه المسؤولية، وبالأحرى بيان متى توصف بالعقدية او التقصيرية او الجنائية نبحث أولا عن النصوص القانونية التي تنظمها 67.
==<< الفقرة الأولى: المسؤولية المدنية
     جاء الظهير الجديد رقم 01.06.23 الصادر في 14 فبراير 2006 بتنفيذ القانون رقم 03.81 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، بالفقرة الثانية من المادة 18 من الباب الخامس المتعلق بإجراءات المفوض القضائي ما يلي: "يسأل المفوض القضائي شخصيا عن اخطائه المهنية وكذا عن اعداد المستندات والاحتفاظ بها، ولضمان هذه المسؤولية يجب ابرام عقد تامين على ذلك".
   ولا يمكن ان نتصور مسؤولية المفوض القضائي التي نص عليها الظهير الجديد المذكور أعلاه، الا في إطار قانون الالتزامات والعقود، وخاصة الفصل 77 منه الذي ينص على ما يلي:" كل فعل ارتكبه الانساء عن بينة واختيار ومن غير ان يسمح له به القانون: فأحدث ضررا ماديا او معنويا للغير الزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت ان ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر"
    كما ينص الفصل 76 من نفس القانون على ما يلي " كل شخص مسؤول عن ضرر المعنوي او المادي الذي احدثه، لا بفعله فقط ولكن بخطئه أيضا، وذلك عندما يثبت ان هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر، وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر، والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله، او فعل ما يجب الإمساك عنه، وذلك من غير قصد لأحداث الضرر"
 
 

         67-الحسن بويقين، مرجع سابق ص:38.
   وبالرغم من وضوح المادتين المذكورتين أعلاه، فان مسالة اثبات الخطأ في إجراءات المفوض القضائي تعتبر من الصعوبة بمكان، وذلك هذه اعتبارات نذكر من بينها ما يلي:
- يقوم المفوض القضائي بمهامه تحت اشراف قاض التنفيذ ومراقبة رئيس المحكمة وتفتيش وكيل الملك، وبالتالي هل يعتبر خطا المفوض القضائي ناتج عن تقصير الأجهزة المذكورة في الاشراف والمراقبة والتفتيش وهل يعتبر المفوض مسؤولا إذا تم ارتكاب الخطأ نتيجة لأمر المشرف او السلطة الوصية وقاضي التنفيذ.
- يقوم المفوض القضائي بمهامه في إطار قانون المسطرة المدنية والقانون المنظم للمهنة، وبالتالي فانه لا يمكن تصور الخطأ من طرف المفوض الا إذا اثبت المتضرر مخالفة المفوض لمقتضيات قانون المسطرة المدنية وباقي القوانين الخاصة المتعلقة بإجراءات وعملية التبليغ، لإضافة الى القانون المنظم لمهنة المفوض.
- لا يمكن اعتبار تفويت فرصة التنفيذ خطا سلبيا يمكن ان يواجه به طالب التنفيذ المفوض القضائي، وذلك نظرا لكثرة الملفات التنفيذية والمهام وتراكمها الامر الذي يودي في الغالب الى التأخير في تنفيذ بعض الملفات اما نتيجة لما ذكر او لوجود صعوبات مادية وعراقيل واكراهات واقعية تحول دون التنفيذ، وخاصة إذا تطلب الامر تدخل طرف اخر في التنفيذ، وبمعنى اخر عند تأخر منح القوة العمومية او الموافقة لفتح محل مغلق في إطار المادة 50 من ق م م الى غير ذلك. هذا بالإضافة الى صعوبة اثبات الخطأ السلبي المتمثل في عدم القيام بالواجب التنفيذ، مع العلم ان طالب التنفيذ ودفاعه قد يساهمان في العملية التنفيذية بطريقة شبه مباشرة 68.
   يترتب على ما تقدم انه يقع على العون القضائي مسؤولية ما يصدر عنه من خطا في اتخاذ واحترام الإجراءات التي اوجب القانون مراعاتها، وقد يقع منه الخطأ في شكل عدم مراعاة الإجراءات الجوهرية في شهادة التسليم، مما يترتب عنه بطلان الاستدعاء واعادته، وربما يكون ذلك سبب في تطويل عمر النزاع بالمحكمة مما قد يلحق ضررا بالمدعي وقد ينشا عن هذا الخطأ ضرر بمن اتخذت الإجراءات في مواجهته كتسليم الاستدعاء لمن لا صفة له او تسجيل الرفض عليه، والحال انه لم يصدر عنه ذلك بتاتا ويترتب عن هذا الخطأ صدور حكم عليه.
     ولابد من الاشارة الى ان مسؤولية العون القضائي يشترط فيها ان يكون الخطأ الذي وقع كان بسبب ما هو داخل في مهمته كما اذا لم يثبت في شهادة التسليم تاريخ التوصل او اسم من توصل بها وصفته او لم يكتب على غلاف تبليغ الحكم تاريخ التوصل به او قام بإجراء حجز خارج الأوقات في الفصل 451 من ق م م او قام بإجراءاته يوم عطلة، او لم يقم بالإجراء العرض العيني داخل الاجل القانوني او عدم تبليغ التقيد الاحتياطي للمحافظة الى بعد وقوع حجز او تأخير في تبليغ شاهد الى ان يسافر ان تأخر اجراء معاينة على شيء معين حتى تغيرت معالمه او زالت مما نتج عنه ضرر لطالب الاجراء.
 
 
     68-بوبكر بهلول، مرجع سابق ص: 160 وما يليها.
 
  فالأصل في مسؤولية العون القضائي عن خطئه ان يتم ثبوتها بمقتضى حكم او قرار صادر ببطلان التبليغ او بعدم قبول الطعن او الدعوي التي اثبتت على الاجراء الباطل ويعتبر صدور نوع هذا الحكم دليلا قويا في دعوى التعويض التي يرفعها من تضرر من الاجراء الذي باشره العون القضائي 69.
 *مسؤولية المفوض القضائي عن أخطاء كاتبه :
    تنص مقتضيات المادة 41 من القانون الجديد المنظم لمهنة المفوض القضائي بالباب العاشر المتعلق بالكتاب المحلفين على ما يلي: "يمكن للمفوض القضائي ان يلحق بمكتبه تحت مسؤولية كاتبا محلفا او أكثر، للنيابة عنه في الإجراءات المتعلقة بالتبليغ".
    كما تنص المادة 45 من نفس القانون على ما يلي:" يكون المفوض القضائي مسؤولا مدنيا عن أوجه البطلان والغرامات والارجاعات والمصاريف والتعويضات التي يتسبب فيها الكتاب المحلفون خلال القيام بالنيابة عنه"
    ويتضح من مقتضيات المادتين المذكورتين اعلاه بان كاتب المفوض القضائي يعمل تحت اشراف ومراقبة هذا الأخير، بل ان الإجراءات التي يقوم بها الكاتب اوجب المشرع التوقيع على صحتها من طرف المفوض القضائي تحت طائلة البطلان، وهذا الامر يسمح بالقول بان علاقة التبعية قائمة بنسبة مائة في المائة، مما يبرر مسؤولية المفوض القضائي عن الإجراءات عن الخاطئة لكاتبه، ورغم ما ذكر فان المفوض القضائي بإمكانه اثبات قيامه بكل ما يلزم لتجنب الخطأ وفي هذه الحالة هل يمكن مساءلة الكاتب المحلف الذي قام بارتكاب الخطأ  وخاصة اذا كان ارتكابه للخطأ متعمدا، للجواب عن هذا السؤال لابد التميز بين أنواع المسؤوليات وبين الحالات التي يتوصل فيها الكاتب بطلبات التبليغ ويقوم بتبليغها مباشرة ، ثم يرجع للمفوض قصد المصادقة وبين الحالات التي يتوصل الي من المفوض القضائي مع الأوامر او التعليمات حول كيفية القيام بعملية التبليغ الى غير ذلك.
   ولتحديد مسؤولية المفوض عن اعمال كاتبه بكل دقة لابد من مراجعة قانون الالتزامات والعقود وخاصة المواد المتعلقة بمسؤولية المشغل او رب العمل عن اعمال مستخدمه وكذا مراجعة مدونة الشغل لتحديد طبيعة العلاقة التي تربط بين الكاتب ومشغله المفوض القضائي.
    كما اكدت محكمة النقض في قرارها عدد 1346 الصادر بتاريخ 21 يونيو 2012 في الملف الاجتماعي عدد 284/5/2/2012 حيث ان العلاقة بين المفوض القضائي وكاتبه المحلف علاقة عمل تخضع لمدونة الشغل، ما دام الكاتب المحلف يعمل تحت اشراف وتوجيه ومراقبة المفوض القضائي ويتقاضى اجرا عن عمله.
 
 
 

69-الحسن يويقين مرجع سابق، ص40و 41.
 
 
 فنلاحظ ان الكتاب المحلفون بمكاتب المفوضين القضائيين يخضعون الى مقتضيات القانون رقم 03/81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين، وخاصة المادة 41 ومن القانون المذكورة أعلاه، وحيث يظهر ان المشرع لم يعتبر الكاتب المحلف بمكتب المفوض اجيرا تسري عليه مقتضيات مدونة الشغل لان مصطلح الالحاق لا يعني ارتباط الكاتب المحلف بالمفوض القضائي بعقد شغل، خاصة وان الفقرة الثانية من المادة المذكورة نصت على ان هذا الالحاق يتم وفق عقد يتحدد نموذجه بقرار وزير العدل.
*التامين على المسؤولية المدنية
     بالرغم من صراحة على وجوب والزامية ابرام عقد التامين، هذا ليس فقط لحماية المفوض القضائي في مواجهة التعويضات و الغرامات و الاستردادات التي يمكن ان يحكم عليه بها ، بل أيضا لحماية المتقاضين الذين قد تعرض حقوقهم ومصالحهم للضرر من جراء أخطاء او تصرفات المفوض القضائي او كاتبه وخاصة عند عدم قدرة او عجر المفوض القضائي عن دفع التعويضات المحكوم بها، فان المتضرر الأول و الأخير من انعدام التامين هو المتقاضي الذي قد يجد صعوبة في الحصول على دينه او التعويض المحكوم به على المفوض ، هذا الأخير الذي قد يعرف بدوره وضعية توقيف او عزل من مهنة المفوض نتيجة للخطأ موضوع النزاع، مما يستحيل معه إمكانية الحصول على التعويض نهائيا 70 .
 
== <<الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية
   سبقت الإشارة الى ان العون القضائي مسؤولا عن اضرار التي يلحقها بالذي استفاد من الاجراء او الذي انجز الاجراء ضده مسؤولية قد تكون عقدية او تقصيرية حسبما تم بيانه انفا، وبالتالي فلا تعتبر الدولة مسؤولة عن اخطائه العمدية او شبه العمدية رغم انها هي التي تمنحه الرخصة بعد نجاحه في المباراة، وتبقى تراقبه وهو يقوم بمهمته كما تعمل على تأديبه عن طريق الجهاز القضائي المختص ولكن هل معنى ذلك انه لا يعتبر موظفا في مفهوم القانون الجنائي ، ولماذا نص القانون القديم رقم 41-80 المحدث لهياة الاعوان القضائيين على استفادة هؤلاء من حماية مقتضيات الفصلين 263و 267 من القانون الجنائي المتعلق بحماية الموظف العمومي من كل إهانة او اعتداء اثناء القيام بمهامه او بمناسبته قيامه بها ؟ كما نص نفس القانون على خضوع الاعوان القضائيين لمقتضيات الفصل 243 من القانون الجنائي التي تعاقب كل قاض او موظف عمومي من اجل جنحة الغدر المتمثل في طلب اذ تلقي او فرض أوامر بتحصيل ما يعلم انه غير مستحق او انه يتجاوز المستحق سواء كان ذلك لحساب الإدارة او لحساب الغير او لحاسبه الخاص، في حين تم سكوت نفس القانون عن الإشارة الى الفصول القانونية الأخرى التي تعاقب على من اجل الجرائم المرتكبة من الموظف العمومي.
  
 

    70-بوبكر بهلول، مرجع سابق ص:165 وما يليها.
 
  ولما كان ما يقوم به العون القضائي م تبليغ و تنفيذ و انجاز المعاينات يساهم في خدمة الدولة و المصلحة العمومية بدليل ان نفس المهام لازالت طائفة من الموظفين العمومين التابعة للجهاز القضائي او الإداري يقومون بإنجازها، واعفاء هؤلاء مستقبلا منها عند توفر الشروط المشار اليها في الفصل الأخير من القانون رقم 80-41 سوف لن يفقدها صفة صبغة انتمائها الى الخدمة العامة، وبذلك يكون وسيظل العون القائي موظفا عموميا في نظر القانون الجنائي وتطاله كل مقتضيات التي تعاقب الموظف العمومي من اجل الأفعال التي حددها في نصوص مختلفة وفي غيرها من النصوص الخاصة 71.
    فالقانون الجنائي فهو يسري على جميع المواطنين لا انه يتشدد في مواجهة بعض الفئات المهنية ومنها المفوض القضائي، كما يلاحظ أيضا ان الشكايات المقدمة من طرف
المتقاضين في مواجهة مساعدي القضاء يتم استجابة لها بنسبة كبيرة، بل ان العقوبات الجنائية قد تضاف لها عقوبات تأديبية وتعويضات مدنية، مما يسمح بالقول ان مسؤولية المفوض القضائي تعتبر جنائيا مضاعفة الشيء الذي يتطلب من هذا الأخير التحري والحذر من جميع الإجراءات.
    ليأتي الحديث مقدما عن موانع المفوض القضائي لمهامه واختصاصاته المنوطة به وفقا لهذا القانون كواجبات، حيث اقر له المشرع المغربي جزاء صريحا ذو طبيعة زجرية بموجب نص القانون المنظم للمهنة، حسب المادة 53 من القانون 03/81 لتؤكد على ان مخالفة مقتضيات المادتين 31 و32 بكل ما حبلت به من موانع وأيضا من وجوب إيداع المبالغ المالية لكل العمليات التنفيذية بموجب السندات التنفيذية ذات الصبغة القضائية بصندوق المحكمة في اجل 8 أيام، تحت طائلة المتابعة الجنائية من قبل النيابة العامة والمعاقبة قضائيا بالحبس من شهر الى سنتين وغرامة من 1000 درهم الى 10.000 درهم او احدى العقوبتين فقط، ما لم يكن فعله ذاك يشكل جرما له عقوبة اشد بموجب القانون الجنائي، وأيضا ما قد يرتبط معه من تفعيل المسطرة التأديبية في حقه والنطق بعقوبات تأديبية.
    وارتباطا بخصوصية الجريمة التي قد يأتيها المفوض القضائي اثناء أدائه لمهامه إجراءات التبليغ و التنفيذ، فقد اتى وضع جزاء لكل الموانع التي حددها المشرع المغربي بموجب القانون 81/03 و التي يأتي الأصل في نص التجريم بما تم زجره من أفعال و تروك قد يأتيها المفوض القضائي  ، لكن الامر لا يتوقف عند هذا الامر بل تم التأكيد على ان إتيان هذا الأخير لاحد الأفعال ان شكل احد العناصر التكوينية من اركان مادية ومعنوية منصوص عليها في القانون الجنائي مع احترام غاية تطبيق هذا النص في حالة تشديد العقوبة فقط، ليرجع الأصل في التجريم و العقاب لارتكاب هذه الموانع للقانون المنظم للمهنة كتأكيد على خصوصية هذه الجريمة التي لا يمكن باي حال من الأحوال تطبيقها على احد اشخاص المهن القانونية و القضائية الأخرى.
 
 

71-الحسن بويقين، مرجع سابق ص:43و44.
  
 
ومن جهة أخرى فقد أكد المشرع المغربي بموجب المادة 28 من القانون 03/81 على ان كل ما قد يتجاوز اجرة المبلغ الثابت المستحق لإنجاز المفوض القضائي للعمليات المنوطة به يعرضه للمتابعة الجنائية بموجب الفصل 243 من مجموعة القانون الجنائي، المحدث لجريمة الغدر، كنوع من الزجر الوارد في قانون المهنة والمحال على التجريم والعقاب الوارد في القانون الجنائي.
مما يؤكد على ان المتابعة بموجب الفصل 354 من القانون الجنائي هي الأنسب لصفة المفوض القضائي ، كمهنة حرة لا تناسب صفة الموظف العمومي من جهة، وبالتالي لم يكن لأساس الفصل 352 من نفس القانون أي ارتكاز قانوني و الذي يوازي انعدام التعليل القانوني، لكون جناية التزوير المحرر الرسمي غير مناسب لفعل المفوض القضائي، لكن يبقى توجه محكمة الموضوع في هذا الجانب في محله بالرغم من نقض القرار لانعدام التعليل بعدم البحث في العناصر التكوينية للفصل 354 ، وهذا راجع ليس فقط لعدمية صفة الموظف العمومي عن المفوض القضائي و فقا لنص القرار المطعون فيه بالنقض ، وانما لإضفاء الصبغة الرسمية على المحرر المنجز من قبل الأخير 72.
وكما جاء في قرار عدد 1/487 المؤرخ في 21/05/2014 ملف جنائي عدد 4967/2013، نفي المحكمة عن المفوض القضائي صفة الموظف العمومي واعتبار المحرر الذي انجزه محررا رسميا وادانته بالتزوير فيه، يلزمها ببيان نوع الرسمية في المحرر ومصدرها وسندها القانوني.
يلزم التفريق بين حجية المحرر الذي ينجزه المفوض القضائي والتي تضفيها عليه محكمة الموضوع التي تنظر في النزاع المعني به المحرر، وبين دراسة مدى وجود عناصر جريمة التزوير في المحرر الذي يعرض على المحكمة الزجرية 73.
ونظرا لخطورة و حساسية المهام التي يقوم بها المفوض القضائي وسهولة تعرضها للملاحظات و النقد، ونظرا لجوانبها التقنية المرتبطة بالقانون وبالمساطر وبالواقع، وباعتبارها مهنة لا تقل أهمية عن مهنة المحاماة و الخبراء، فانه كان على المشرع المغربي ان يلزم النيابة العامة بضرورة إحالة القضايا الخطيرة او القضايا المعقدة التي ترغب في احالتها على المحكمة على الهياة الوطنية للمفوضين لإبداء رايها التقني ولم لا القانوني وذلك في كل ماله علاقة بمهام المفوض القضائي ، خاصة و ان الهيئات الوطنية والجهوية قد تلعب دورا أساسيا في تأطير و تخليق وتأديب المفوض بالإضافة الى استفادة هذه الهياة واعضاءها من الدراسات التي تقوم بها لمساعدة المشرفة و السلطات الوصية 74.
 
 

72-أسامة اوزيل، حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية والقضائية، رسالة لنيل دبلوم نهاية التكوين في سلك الماستر ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية، جامعة ابن زهر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكادير، سنة 2018/2019، ص 112 وما يليها.
     73-قرار محكمة النقض عدد:1/487 المؤرخ في :21/05/2014، منشور في مجلة المفوض القضائي ،العدد الأول 2018 ، ص 150.
    74-بوبكر بهلول ،مرجع سابق ص:171.
 
 
خاتمة
    لقد تناولنا خلال صفحات هذا البحث، تحليل اهم الإشكاليات التي يطرحها موضوع التبليغ بواسطة المفوض القضائي ومسؤوليته، حيث حاولنا ملامسة الغاية من اجلها يريد المشرع ايجادها، هذه الغاية لم تخرج عن تسهيل إجراءات التبليغ امام المحاكم وتبسيطها، وتوفر الحماية القانونية والاقتصادية للمتقاضين من خلال حماية لحقوق الدفاع من جهة، أولى والرقي بالعمل القضائي والنجاعة القضائية من جهة ثانية، والتقليل من تكاليف التقاضي من جهة أخرى وبصفة عامة تحقيق المبادئ الفضلى للعدالة.
فمعاناة القضاء المغربي من مشكل البطء في تصفية القضايا المرفوعة امام مختلف المحاكم بالمملكة لأسباب أساسها مشاكل التبليغ الذي عجزت كتابة الضبط عن إنجازها لأسباب عديدة منها قلة الموارد البشرية وعدم كفاءتها مما دفع العديد من الفعاليات الحقوقية و القانونية والقضائية، بالمناداة الى ضرورة البحث عن الحل فكان التفكير في احداث جهاز مكلف ومستقل يتولد مهمة التبليغ و التنفيذ القضائي ومما جاء في كلمة للسيد وزير العدل بتاريخ 07 فبراير 1979 بمقر وزارة العدل قوله"... ومن أسباب تراكم القضايا أيضا مشكل التبليغ بالرغم من المجهودات التي قمنا بها في الصدد لتزويد المحاكم من المبلغين فان هذا المشكل لا يمكن ان يوجد حله النهائي بالطرق العادية لذلك اقترحت على الحكومة احداث اطار للمبلغين احرار الذين يمكن للمتقاضين ان يلجؤوا اليه مباشرة وان يكلفوهم بالسهر على التبليغ الوثائق العدلية، وتنفيذ الاحكام "
ان كل هذه الأسباب أدت الى التفكير احداث هيئة مستقلة تعنى بالتبليغ والتنفيذ القضائي، ويتعلق الامر بالمهنة المفوض القضائي كمحاولة لحل ازمة التبليغ والتنفيذ القضائي.
   فالمؤسسة المفوض القضائي لها دور فعال في تصريف الإجراءات التبليغ والتنفيذ المركونة على رفوف المحاكم، الا ان هذه المؤسسة مازالت تعاني بمجموعة من العراقيل والمشاكل اثناء القيام بمهامها المنوط بها.
    امام خطورة وجسامة المهام الموكولة للمفوضين القضائيين فان الحماية تبقى اول واهم مطلب يتعين توفيره لهم، ليس فقط في جانب الذاتي للمفوض القضائي وانما كتكريس لمظاهر حماية مهام السلطة القاضية التي يتولى المفوض القضائي تجسيدها بتنفيذه لأوامر واحكام وقرارات القضاء.
    وكذلك يمكن للمفوض القضائي ان يلحق كاتبا محلفا او أكثر للقيام نيابة عنه بالإجراءات المتعلقة بالتبليغ فقط، فالكاتب المحلف ساهم بشكل كبير في إنجاح مؤسسة التبليغ لدوره الكبير والمهم في الإصلاح القضائي. الا انه لا يتوفر على ابسط الحقوق خصوصا الحماية القانونية لحمايته اثناء القيام بعملية التبليغ ويتحمل أيضا مسؤولية جنائية عن إجراءات التبليغ، فالمشرع المغربي لم يراعى له أي اهتمام ويجب مراجعة القانون المنظم للمهنة وتعديله خاصة ما يتعلق بالكاتب المحلف الذي يلعب دور كبير كأحد اهم الفاعلين في تحقيق النجاعة داخل المنظومة القضائية في ميدان التبليغ.
    رغم إيجاد المشرع المغربي حلولا لحل مشاكل مؤسسة التبليغ الا انها تبقى إشكالات التبليغ تعرف البطء في تصفية القضايا المرفوعة امام المحاكم.
-احداث نطام الغرامة المدنية، كجزاء للقضاء على التحايل والغش او الإهمال في التبليغ على جميع الأطراف المعنية والتنصيص صراحة على عدم جواز الطعن في بطلان الاحكام او الإجراءات المراد تبليغها بواسطة دعوى اصلية لسد الطريق امام المتقاضين ذوي النية السيئة لاستغلال هذه الدعوى لعرقلة البت في القضايا والتملص من تنفيذ الاحكام.
لذلك فأننا حاولنا الخروج بمجموعة من التوصيات لتفادي عراقيل التبليغ القضائي بواسطة المفوض القضائي وكاتبه المحلف،
-يجب على المشرع المغربي تعديل بعض النصوص القانونية المتعلقة بالمسطرة المدنية وتبسيطها.
-تدعيم وتقوية جهاز التبليغ على مستوى المحاك بالموارد البشرية اللازمة في طل المشاكل الذي يعاني منها هذا الجهاز نتيجة الإرهاق المزمن وبؤس وظروف العمل داخل المحاكم.
-توحيد الإجراءات القضائية والإدارية بين مختلف كتابات الضبط لدى المحاكم.
-تفعيل المراقبة القبلية والبعدية لرئيس المحكمة لعمل كتاب الضبط خاصة شعبة التبليغ والتنفيذ.
-يجب على الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين تدعيم والتأطير والتكوين المستمر، سواء على المستوى المحلي او المركزي عن طريق خلق اوراش تطبيقية تساعد المفوض القضائي وكاتبه المحلف في تجاوز المعيقات التي تعرقل عملهم، ولن يتأتى ذلك الا من خلال دراسة جميع الإشكالات التي تثار من الناحية العملية وإيجاد الحلول القانونية والقضائية لها.
-تفعيل مراقبة والتفتيش مكاتب المفوضين القضائيين باستمرارية لتحسين جودة إجراءات التبليغ والتنفيذ.
-يجب التفعيل مع الشكايات التي يرفعها المفوض القضائي وكاتبه المحلف اثناء تعرضهم الاعتداء الجسدي والمعنوي عند القيام بمهامهم.
 
   
 
 
 
 
  
 
 
 
  
 
  
 
 
 
 
 
 
 
الملــــــــحــــــــــــــــــــــق
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
لائحة المراجع
 
الكتب:
*فارس علي عمر الجرجري "التبليغات القضائية ودورها في حسم الدعوى المدنية" الناشر منشاة المعارف بالإسكندرية جلال حزي وشركاءه طباعة 2007.
*عبد الرحمان الشرقاوي، قانون المسطرة المدنية، دراسات فقهية وعلمية مقارنة مع مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية، مطبعة المعارف الجديدة CTP الرباط الطباعة الثالثة 2018
*ذ/ بوبكر بهلول ذ/ باني محمد ولد بركة "المفوض القضائي ولوج المهنة، الاختصاصات والمهام اخلاقيات المهنة – القانون المقارن، الطبعة الأولى 2008 مطبعة دار العلوم للطباعة والنشر والتوزيع
*الحسين بويقين "إجراءات التبليغ فقها وقضاء" مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء طباعة 2002.
*إبراهيم بحماني "تبليغ وتنفيذ الاحكام العقارية، دار السلام للطباعة والشر والتوزيع، الرباط الطبعة الرابعة سنة 2017
*محمد الطالب "المفوض القضائي واشكاليات التبليغ والتنفيذ، الطبعة الأولى 2021 مطبعة سوما كرام الدار البيضاء
 
الرسائل والاطروحات والبحوث:
*بديعة الممناوي "احكام التبليغ القضائي واشكالاته العلمية في المادة المدنية رسالة لنيل دبلوم الماستر سنة 2011
*عبد الناصر بن ميلود وصلاح الدين مفتاح "أصول التبليغ القضائي في ضوء قانون المسطرة المدنية، رسالة لنيل دبلوم الماستر المنازعات والمهن القانونية من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير سنة 2015-2016
*الحسين غواغ "التبليغات القضائية بين الصحة والبطلان، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة قاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش سنة 2011-2012
*محمد ولد أحد ناه، إجراءات التبليغ والتنفيذ في العمل القضائي رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة عبد الملك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة سنة 2010-2009
*مهيدي جهان وجوامع ياسمين، النظام التأديبي لمهنة المحضر القضائي مذكرة مكملة لمتطلبات نيل شهادة الماستر في القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية سنة 2020-2021
* أسامة اوزيل، حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية والقضائية، رسالة لنيل دبلوم نهاية التكوين في سلك الماستر، ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية، جامعة ابن زهر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكادير، سنة 2018/2019
 
المقالات:
*عادل عبلة "معالم المسؤولية التأديبية للمفوض القضائي من خلال قرارات محكمة النقض " مقال منشور في موقع مغرب قانون
 
القوانين:
*ظهير شريف رقم 23.06.01 صادر في 15 من محرم 1427 موافق 14 فبراير 2006 بتنفيذ القانون 03-81 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين.
 
 
 
 
 
 
 
 
الفهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرس
 
مقدمة ............................................................................................... 4
المبحث الأول: الإطار المفاهيم للتبليغ واجراءاته .......................................... 5
المطلب الأول: التبليغ بواسطة المفوض القضائي ......................................... 5
الفقرة الأولى: ماهية التبليغ ..................................................................... 7
الفقرة الثانية: شروط صحة التبليغ وطرقه ................................................ 13
المطلب الثاني: إجراءات التبليغ .............................................................. 13
الفقرة الأولى: إجراءات التبليغ قبل صدور الحكم ........................................ 17
الفقرة الثانية: إجراءات التبليغ بعد صدور الحكم ........................................ 21
المبحث الثاني: مسؤولية المفوض القضائي في مجال التبليغ والتنفيذ ............... 21
المطلب الأول: المسؤولية التأديبية ......................................................... 21
الفقرة الأولى: أطراف الدعوى التأديبية ..................................................... 25
الفقرة الثانية: عناصر التكوينية للدعوى التأديبية ........................................ 27
المطلب الثاني: المسؤولية المدنية والجنائية .............................................. 30
الفقرة الأولى: المسؤولية المدنية ............................................................ 30
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية ........................................................... 32
خاتمة: ............................................................................................ 34
الملحق: ........................................................................................... 35
لائحة المراجع: .................................................................................. 36
الفهرس: .......................................................................................... 37



الاحد 1 سبتمبر 2024
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter