المقدمة :
استهلالا لهذا البحث لابد من الاشارة الى كون موضوع الرقابة القضائية على قرارات المحافظ على الاملاك العقارية كان دائما محل اهتمام وانشغال الباحثين من جهة لكون مجالا خصبا لتقاطع الفقه الاداري والعمل القضائي اتفاقا واختلافا، ومن جهة اخرى لكون القرارات المذكورة هي تمظهر واقعي وتجسيد مادي لتعامل مرفق عام وحساس، هو مرفق المحافظة العقارية مع مرتفقيه من المواطنين، وما يفرزه هذا التعامل من طعون تعرض على القضاء، وإذا كانت المنهجية المعتمدة في البحث تقوم اساسا على عرض النصوص القانونية المتعلقة بالموضوع على ضوء التعديل والتتميم اللاحق بظهير التحفيظ العقاري بمقتضى القانون رقم 07-14 والتعليق عليها تبعا للملاحظات المثارة، فانه قد تم اغناؤه بمواقف الفقه وبالقرارات القضائية الحديثة الصادرة عن محكمة النقض في غرفتها الادارية، وكل ذلك بهدف محاولة الاحاطة ما امكن بتشبعات الموضوع، وعرض اهم الاشكاليات المطروحة بصدده، مع ضرورة الاعتراف هنا بان حسم المشرع في الاختصاص النوعي لجهة قضائية معينة بالبت في قرارات محددة رغم كون طبيعتها وخاصيتها هي اقرب الى جهة قضائية اخرى يجعل من الصعب ان لم اقل من المحظور اعمال معايير معينة لتجاوز هذا التحديد فيما يتعلق بالاختصاص النوعي بالنظر لاتصاله بقواعد النظام العام، وقد ارتأيت حصر الموضوع وتركيزه في قرارات المحافظ العقاري الاكثر شيوعا من زاوية الطعن فيها امام القضاء، وهي القرارات التالية :
1- القرارات المتعلقة برفض التحفيظ
2- القرارات المتعلقة بإلغاء مطلب التحفيظ
3- القرارات المتعلقة بالتعرضات
4- القرارات المتعلقة برفض تسجيل حق عيني او التشطيب عليه
5- القرارات المتعلقة برفض تنفيذ حكم.
قرار رفض التحفيظ
اذا كان الفصل 30 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 يعطي للمحافظ العقاري صلاحية تحفيظ العقار الذي كان موضوع مسطرة التحفيظ، بما يتخللها من اجراءات للتحديد والإشهار، وذلك بعد تحققه من انجاز جميع الاجراءات المقررة في هذا القانون، ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها ومن عدم وقوع اي تعرض، فان الفصل 37 مكرر من نفس القانون يعطيه بالمقابل صلاحية رفض طلب التحفيظ شريطة تعليل قراره وتبليغه لطالب التحفيظ. وينص على كون القرار المتخذ بهذا الشأن يكون قابلا للطعن فيه امام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف، وعلى كون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض كما ان الفصل الموالي 38 من نفس القانون رتب على رفض مطلب التحفيظ لأي سبب كان وفي اية مرحلة من مراحل المسطرة اعتبار التحديد لاغيا، وحدد اثار هذا الرفض بالنسبة لطالب التحفيظ وباقي المعنيين بالأمر. ولعل اهم ما تضمنه الفصل 37 مكرر المذكور هو الزامه للمحافظ بتعليل قراره القاضي برفض التحفيظ، فالتعليل شرطا شكليا في القرار الاداري، يترتب عن عدم الافصاح عنه كتابة في صلبه اعتبار ذلك القرار غير مشروع – بصريح المادة الاولى من القانون رقم 01-03 بشان الزام الادارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، فالتعليل يشكل ضمانا للأمن القانوني للفرد اتجاه السلطة الادارية ويمنح الفرد قناعة بان الادارة تتصرف في اطار الشرعية ويحد من السلطة العامة للإدارة ويجنبها اصدار قرارات تعسفية وتحكمية.1
وإذا كان الاختصاص النوعي بالبت في قرار المحافظ العقاري القاضي برفض التحفيظ محسوما لفائدة القضاء العادي بنص الفصل 37 مكرر فان التمسك بعيب عدم التعليل كعيب شكلي مختلف عن مسطرة طلب الافصاح عن الاسباب القانونية والواقعية خلال الدعوى. وطلب ترتيب جزاء الاخلال به يبقى متاحا امام الطرف الطاعن حتى امام المحاكم العادية المختصة ما دام المحافظ سلطة ادارية تسير مرفقا عاما وما دام القرار هو في اصله اداري منح استثناء الطعن فيه لجهة القضاء العدي. وقد قضت محكمة النقض في قرار حديث لها صدر تحت عدد 792 وتاريخ 12/06/2014 في الملف رقم 1544/4/1/2014– غير منشور "وذلك في اطار بتها كجهة استئنافية للأحكام الابتدائية الصادرة في الاختصاص النوعي".
"........وعليه فان ما اعتمده الحكم المستأنف من اعتبار رفض الحافظ تأسيس الرسم العقاري موضوع مطلب التحفيظ المودع من طرف الطاعن بمثابة امتناع عن تنفيذ الحكم القضائي المشار اليه اعلاه مخالف للواقع لاسيما وانه لا جدال بين الطرفين حول صحة واقعة قيام المحافظ فعلا بالتشطيب علىالتعرضات المحكوم بعدم صحتها بمقتضى القرار الاستئنافي المحتج به، لذلك كان ما قضى به تأسيسا على هذا الاستنتاج الخاطئ من اعتبار اختصاص البت في الطلب منعقدا للقضاء الاداري مجانب للصواب وخارق للفصل 37 مكرر من قانون التحفيظ العقاري الذي اسند اختصاص البت في طلب الغاء قرار المحافظ برفض تحفيظ عقار في هذه الحالة للمحاكم الابتدائية" وهو ما اكده ايضا القرار عدد 570 الصادر بتاريخ 24/04/2014 في الملف الاداري رقم 853/4/1/2014-غير منشور.
قرار الغاء مطلب التحفيظ
اذا كانت الجهة القضائية المختصة نوعيا بالبت في الطعن في قرار المحافظ العقاري القاضي برفض التحفيظ محددة قانونا فان ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 لم يحدد الجهة القضائية المختصة بالنسبة لقرار المحافظ القاضي بإلغاء مطلب التحفيظ، والذي يوقع بعض الباحثين في الخلط بينه وبين قرار رفض التحفيظ، وفي اطار التفرقة بين القرارين صدرت دورية عن المحافظ العام تحت عدد 383 بتاريخ 16/12/2010 . فالفصل 23 من ظهير التحفيظ العقاري ينص على انه "دون المساس بأحكام الفصل 6 من هذا القانون اذا نص المحضر على تغيب طالب التحفيظ او من ينوب عنه او على عدم قيامه بما يلزم لإجراء عملية التحديد فلمطلب التحفيظ يعتبر لاغيا وكان لم يكن اذا لم يدل بعذر مقبول داخل اجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار. يعتبر مطلب التحفيظ كذلك لاغيا وكان لم يكن اذا تعذر على المحافظ على الاملاك العقارية او نائبه انجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك".
وهكذا اعتبر بعض الفقه 2 كون الطعن في قرار المحافظ العقاري القاضي بإلغاء مطلب التحفيظ يتعقد الاختصاص النوعي بشأنه للمحاكم الادارية على اعتبار ان المحافظ يعتبر سلطة ادارية، وان كان يفصل في مصلحة خاصة وكون قراراته تبقى في الاصل خاضعة للولاية العامة للقضاء الاداري إلا ما استثني بنص صريح يسند الاختصاص للقضاء العادي.
في حين اعتبر الجانب الغالب من الفقه، ونسانده الرأي، 3 كون المحاكم الابتدائية تبقى هي المختصة نوعيا بالبت في الطعن المذكور، وما يعزز هذا الرأي هو عبارة "في جميع الحالات" الواردة في الفصل 37 مكرر، والتي نعتبر بأنها تستوعب وتشمل قراري رفض التحفيظ وإلغاء المطلب، وفي هذا الاتجاه اصدرت محكمة النقض قرارا حديثا تحت عدد 82 بتاريخ 15/01/2015 في الملف رقم 3538/4/1/2014-غير منشور- ورد فيه " حيث صح ما عاب به الطاعن الحكم المستأنف ذلك ان القوانين الاجرائية المتعلقة بالاختصاص تطبق بأثر فوري من تاريخ صدورها ولو على القضايا التي لم يصدر بشأنها حكم نهائي، ومن الثابت ان المستأنف التمس الغاء قرار المحافظ القاضي بالتشطيب على مطلب التحفيظ وهو ما يندرج ضمن حالات رفض طلب التحفيظ المنصوص عليها في الفصل 37 مكرر من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14، والذي ينعقد الاختصاص النوعي بشان الطعن في القرارات المتخذة بخصوصها للمحكمة الابتدائية خلافا لما نحاه الحكم المستأنف الذي جانب الصواب فيكون واجب الإلغاء ونفس التوجه اكدته محكمة النقض الاداري رقم 1679/4/1/2014 وكذلك قرارها عدد 312 الصادر بتاريخ 13/03/2014 في الملف الاداري رقم 11/4/1/2014 الذي ادرج حالة تعذر انجاز عملية تحديد الملك موضوع النزاع لمرتين متتاليتين بسبب النزاع حوله ضمن حالات رفض التحفيظ التي يشملها الفصل 37 مكرر.
وباستعراضنا للنصوص القانونية المتعلقة بحالات الغاء مطلب التحفيظ تستوقفنا بعض العبارات الواردة فيها والتي تستدعي في نظرنا التوقف عندها والتعليق، ذلك انه ورد في الفصل 23 من ظهير التحفيظ العقاري كون عدم قيام طالب التحفيظ بما يلزم لإجراء عملية التحديد يترتب عنه جزاء الغاء مطلبه، فأول ما يلاحظ على عبارة "عدم القيام بما يلزم" هو كونها وردت عامة وفضفاضة، وبالتالي فإنها تترك للمحافظ سلطة تقديرية واسعة لإلغاء المطلب بحسب تقديره لتلك الواقعة السلبية وهذه السلطة التقديرية تمتد الى عدم الادلاء، "بعذر مقبول" كما ورد في الفصل 23 المذكور، وقد يعارض بعض الممارسين هذا التخوف من جانبنا المؤسس على صياغة النص المذكور باستعراضهم بعض صور عدم القيام بما يلزم لإجراء عملية التحديد كعدم احضار الاحجار او الطلاء او عدم معرفة طالب التحفيظ للحدود لكننا نجيبهم كون الصياغة المذكورة غير دقيقة وتحمل في طياتها مخاطر المس بحقوق طالبي التحفيظ والمثل الفرنسي يقول "في التفاصيل يوجد الشيطان" لذلك نعتبر حقوق الافراد والجماعات تبدا من صياغة النصوص القانونية وما تسمح به من تأويلات ليأتي دور القضاء حال التمسك بذلك ممن له المصلحة .
كما ان جزاء الغاء مطلب التحفيظ في حالة تعذر انجاز عملية التحديد لمرتين بسبب نزاع حول الملك، يعتبر جزاء قاسيا، ويتعارض اصلا مع مقتضيات الفصل 20 من ظهير التحفيظ العقاري الذي نص على انه :
"ينجز التحديد في التاريخ والوقت المعين له ولتوفير الظروف الملائمة لإجراء عمليات التحديد يجب على وكيل الملك تسخير القوة العمومية عند الاقتضاء بطلب من المحافظ على الاملاك العقارية او كل من له مصلحة".
وهو جزاء يعاقب طالب التحفيظ بإلغاء مطلبه، رغم انه لا يتحمل اية مسؤولية مباشرة في ذلك التعذر، ما دام النزاع حول الملك هو امر وارد دوما (ان لم نقل محقق) بالنظر لواقع ووضعية العقارات غير المحفظة، وان الاطار القانوني المناسب الذي يجب ان يصنف ضمنه ذلك النزاع هو تسجيله كتعرض على المطلب لا الغاء هذا الاخير، وإلا فان اغلب مطالب التحفيظ ان لم نقل كلها ستلغى تطبيقا للقانون بمجرد ان ينتبه ذوو النيات السيئات للمقتضيات المذكورة مع استثناء الحالات التي يتم فيها المس بالأمن والنظام العام بشكل خطير – كالمنازعات بين الجماعات السلالية المختلفة، والتي يكون فيها جزاء الغاء المطلب اهون واسلم مما قد يترتب عن مواصلة الاجراءات بشأنه.
ولا يفوتنا ان نشير ولو بعجالة الى كون الطعن في قرار رفض تأسيس رسم عقاري جزئي بخصوص جزء غير منازع فيه بعد اجراء تحديد تكميلي، يكون منعقدا للمحكمة الابتدائية بصريح الفصل 23 من القرار الوزيري المؤرخ في 03/06/1915 المتعلق بتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري، وكذلك الطعن في حالة رفض تسليم نظير جديد للرسم العقاري اما بناء على تقدير المحافظ او لوقوع تعرض على ذلك – الفصل 103 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14. اما بخصوص قرار رفض ارجاع نظير رسم عقاري لأصحابه رغم ثبوت انتهاء التسجيلات التي كانت سبب وضع النظير المذكور لدى المحافظ، فقد اعتبره المجلس الاعلى سابقا محكمة النقض حاليا قرار اداريا متسما بالشطط في استعمال السلطة وقابل للطعن فيه بالإلغاء لعدم وجود دعوى موازية امام القضاء الشامل –القرار عدد 158 الصادر بتاريخ 06/04/1995 في الملف الاداري رقم 10058/94 – منشورات المجلس الاعلى في ذكراه الاربعين – سنة 1997- ص 309.
اما بالنسبة لقرار تأسيس الرسم العقاري، فلا يقبل الطعن باعتباره المنطلق الوحيد للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداه من الحقوق غير المقيدة، وهو ما ينص عليه الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري وأكده العمل القضائي المتواتر على مستوى محكمة النقض 4 وبالتالي يبقى للمتضرر من التحفيظ المذكور الحق فقط في المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عن التحفيظ نتيجة التدليس.
القرارات المتعلقة بالتعرضات
اذا كان مطلب التحفيظ يعتبر قرينة على ملكية طالب التحفيظ للملك المطلوب تحفيظه، فانه يعتبر قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس والقرينة المعاكسة لا تثبت الا بواسطة التعرض 5 وينص الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري على انه " يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه ان يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال اجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الاعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية ان لم يكن قام بذلك من قبل وذلك : 1- في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ او في مدى هذا الحق او بشان حدود العقار.2- في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه.3- في حالة المنازعة في حق وقع الاعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون"
وحيث ان ما يهمنا حسب موضوع البحث، ودون الدخول في تفاصيل شكليات تقديم التعرض، هو المنازعة التي تقع بشان قرارات المحافظ العقاري المتعلقة بقبول التعرض، او رفضه، او اعتباره ملغى، اذ بعد ان كانت مقتضيات الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري قبل التعديل تنص على كون المحاكم العادية هي المختصة نوعيا بالبت في الطعن فيها في حالة عدم الادلاء بالوثائق المدعمة للتعرض، وعدم اثبات استحالة الادلاء بها، وهو ما
سار عليه المجلس الاعلى سابقا في القرار عدد 480 بتاريخ 09/11/1995
في الملف الاداري رقم 1557/95 6 الذي اعتبر انه ".....مع التاكيد على الطابع الاداري لكل قرارات الحافظ على الاملاك العقارية فان قراراته التي تندرج في اطار الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري تخضع قانونا للطعن امام المحاكم العادية كما ينص عليه الفصل المذكور وان الاختصاص النوعي في النازلة غير منعقد للمحاكم الادارية"
الا انه وبعد تعديل ظهير التحفيظ العقاري وتتميمه بالقانون رقم 07/14 تم حذف الفقرة التي تنص على اختصاص المحاكم العادية فأصبحت بالتالي المحاكم الادارية هي المختصة نوعيا بالبت في كل قرارات المحافظ العقاري المتعلقة بالتعرضات، باعتبارها اصلا قرارات ادارية، وهو ما يستتبع ضرورة تقيد الطاعن بكل شكليات واجراءات التقاضي امام القضاء الاداري في اطار دعوى الالغاء، وفي هذا السياق صدر قرار حديث عن محكمة النقض موضوعه الطعن في قرار المحافظ بقبول تعرض سبق للمحكمة الابتدائية ان قضت في المرحلة الاولى للتقاضي بعدم اختصاصها نوعيا للبت فيه، ثم عرض النزاع على القضاء الاداري الذي بت في موضوعه برفض الطلب في جميع المراحل –القرار عدد 144 الصادر بتاريخ 22/01/2015 في الملف رقم 477/4/1/2014 –غير منشور- وتجدر الاشارة الى ان الطعن يتعلق وينحصر في قرار المحافظ في حد ذاته اما موضوع التعرض، اي الحق المدعى فيه، فيبقى من اختصاص محكمة التحفيظ استقلالا.
التعرض الاستثنائي
ينص الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري بعد تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 على انه "بعد انصرام الاجل المحدد في الفصل 27 اعلاه يمكن ان يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الاملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ اي تعرض سابق، شريطة ان لا يكون الملف قد وجه الى المحكمة الابتدائية...."
وأول ما يمكن ملاحظته على الفصل المذكور هو انه نص صراحة على احقية المحافظ العقاري في قبول التعرض الاستثنائي دون ربط ذلك بضرورة تقديم تعرضات سابقة على مطلب التحفيظ، واشترط فقط ان لا يكون الملف قد وجه الى المحكمة الابتدائية، في حين ان الصياغة السابقة للفصل 29 المذكور قبل التعديل ادت الى ظهور اتجاهين في الفقه : اولهما يتمسك بضرورة وجود تلك التعرضات السابقة على مطلب التحفيظ لتخويل امكانية فتح اجل جديد للتعرض وهو الاتجاه الذي سايرته محكمة النقض في العديد من قراراتها 7 كالقرار عدد 53 الصادر بتاريخ 19/01/2012 في اللف الاداري رقم 1359/4/1/2010 الذي ورد فيه "لكن حيث ان من شروط تطبيق مقتضيات الفصل 29 من قانون التحفيظ العقاري، كقاعدة استثنائية وقبول المحافظ العقاري التعرض خارج الاجل القانزني المنصوص عليه في الفصل 27 من نفس القانون، شرط وجود تعرضات سابقة تقتضي احالة الملف على القضاء، وان المحكمة لما تبين لها من وثائق الملف عدم وجود تلك التعرضات، واعتبرت تبعا لذلك ان قرار
رفض فتح اجل جديد للتعرض الصادر عن المحافظ العقاري، في اطار اختصاصه وحدود السلطة المخولة له قانونا مشروعا، تكون قد طبقت الفصل 29 المحتج به تطبيقا سليما، وان نظام التحفيظ العقاري يعتمد على واقعة انصرام الاجل المقرر لتاكيد حق ملكية طالب التحفيظ في حالة عدم وجود تعرضات والوسيلة على غير اساس". في حين ينفي الاتجاه الثاني ضرورة توفر الشرط المذكور المستنتج، خاصة وان القول به سيؤدي الى تعليق حق المتعرض خارج الاجل على حقوق الاغيار، وسينفي بالتالي الغاية التي من اجلها منح الترخيص الاستثنائي المذكور إلا ان الفصل 29 بصيغته الجديدة حسم النقاش لفائدة الاتجاه الثاني، غير انه الغى الامكانية السابقة التي كانت مخولة لوكيل الملك لفتح اجل جديد للتعرض بعد احالة الملف على المحكمة الابتدائية، وحصر الامكانية المذكورة في المحافظ العقاري دون غيره، لكن ما يجب استحضاره هنا هو ان الفصل 26 من الظهير لازال يعطي لوكيل الملك امكانية التعرض داخل الاجل القانوني – الى جانب الاوصياء والممثلين الشرعيين والقاضي المكلف بشؤون القاصرين والقيم على اموال الغائبين والنفقودين- وذلك باسم المحجورين والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين، وإذا كنا نتفهم الغاية من التراجع عن تخويل وكيل الملك امكانية فتح اجل جديد للتعرض توخيا لتوحيد الجهة المختصة بمنح هذه الرخصة الاستثنائية المطيلة للنزاع وحصرها في المحافظ العقاري، باعتباره صاحب الاختصاص الاصيل، فان دور وكيل الملك كان يخلق نوعا من الحماية الاحتياطية للحقوق المدعى بها والمهددة بالزوال النهائي حال تحفيظ العقار، مما
نعتبر معه الصياغة الحالية للفصل
29 بمثابة انقاص لضمانات المواطن وتركيز للسلطة المذكورة بين يدي المحافظ العقاري 8 ويمكن القول بان الفقرة الاخيرة من الفصل 29 المذكور والتي ورد فيها "يكون قرار المحافظ على الاملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي" تتعارض صراحة مع دستور المملكة لسنة 2011 الذي ينص في اطار حماية حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، على قابلية اي قرار اتخذ في المجال الاداري، سواء كان تنظيميا او فرديا، للطعن فيه امام الهيئة القضائية الادارية المختصة، مانعا بذلك تحصين اي قرار من الخضوع للرقابة القضائية، وحتى قبل صدور الدستور الجديد فان المجلس الاعلى وانطلاقا من قضية وليام وول، رغم اختلاف توجهاته اللاحقة وكذلك المحاكم الادارية مند احداثها بموجب القانون رقم 90-41 ما فتئت تقاوم تحصين بعض القرارات الادارية، بالاستناد على طبيعة دعوى الالغاء كدعوى قانون عام، وباستعمال قاعدة النسخ الضمني للقوانين ونعتقد انه وبعيدا عن التأويلات التي ستحاول الالتفاف على المقتضى المذكور بالقول كون المنع ينصرف الى الطعن امام القضاء العادي دون القضاء الاداري باعتباره قضاء المشروعية، فتنزيل الدستور في الميدان القضائي يستوجب في نظرنا اعمال الوثيقة الدستورية المجيزة للطعن بالإلغاء في اي قرار اداري وذلك لسموها على القوانين الدنيا، مع بعض الاستثناءات المتوقفة على صدور قوانين تنظيمية وهو ما سارت عليه محكمة النقض في قرار حديث صدر بتاريخ 29/01/2012 تحت عدد 175 في الملف الاداري رقم 1280/4/1/2012، وكذلك القرار عدد 174 الصادر بتاريخ 29/01/2015 في الملف الاداري رقم 1051/4/1/2012.
وهو توجه وان وجد من يخالفه فإننا نعتبر هذا الخلاف محركا لنقاش لن يؤدي إلا الى تطور وبلورة مواقف قضائية حديثة وجريئة
قرارات رفض تسجيل حق عيني والتشطيب عليه
ينص الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 على انه : " يجب على المحافظ على الاملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق حق عيني" والتشطيب عليه ان يعلل قراره ويبلغه للمعني بالأمر.
يكون هذا القرار قابلا للطعن امام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف وتكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض"
ان اول ملاحظة تثار بشان الفصل اعلاه هي انه تخلى عن حصر حالات رفض تسجيل الحق العيني والتشطيب في عدم صحة الطلب او عدم كفاية الرسوم، بمعنى الحجج، للقول بانعقاد الاختصاص النوعي للمحكمة الابتدائية ونص بالمقابل على عبارة جميع الحالات، والتي ينبغي مع ذلك التعامل معها بنوع من التحفظ، كما سيأتي شرحه وكان المجلس الاعلى سابقا – محكمة النقض حاليا – قد اعتبر كون اختصاص المحكمة الابتدائية، – حسب الصيغة السابقة للفصل 96 ينحصر في حالة ما اذا كان رفض التسجيل او التشطيب عليه مبنيا على ادلة قدمت مباشرة الى المحافظ، ولم تبت فيها المحكمة المختصة ففي الحالة الاخيرة يتم الرجوع الى القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 8 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الادارية...". القرار عدد 831 الصادر بتاريخ 13/11/2003 في الملف الاداري رقم 3013/4/1/2003، وهو ما سارت عليه محكمة النقض في قرار حديث لها، ميز بين رفض تقييد حق عيني ورفض تنفيذ حكم قضائي والذي ورد فيه :"لكن حيث انه وكما انتهت اليه المحكمة الادارية عن صواب، فانه اذا كان المشرع اعطى للمحاكم
الابتدائية الاختصاص النوعي للبت في الطعون المقدمة ضد قرارات المحافظ على الاملاك العقارية برفض تقييد حق عيني تطبيقا لمقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري، فان الامر قاصر على الحقوق العينية دون الاحكام القضائية النهائية، وان موضوع الطلب يرمي الى الغاء قرار المحافظ على الاملاك العقارية بتارودانت برفض تقييد حكم قضائي نهائي في الرسم العقاري عدد 3943/39، وليس بتقييد حق عيني، مما يرجع امر البت فيه للقضاء الاداري وان المحكمة الادارية حينما بنت قضاءها على التعليل المذكور جعلته مبنيا على اساس سليم من القانون وما اثير غير مرتكز على أساس" –القرار عدد 909 الصادر بتاريخ 17/07/2014 في الملف الاداري رقم 1891/4/1/2014-غير منشور- كما صدرت تطبيقا للصيغة الجديدة للفصل 96 عدة قرارات منها القرار عدد 556 الصادر بتاريخ 24/04/2014 في الملف الاداري رقم 760/4/1/2014 والقرار عدد 1016 الصادر بتاريخ 02/10/2014 في الملف الاداري رقم 2360/4/1/2014- غير منشورين- غير ان محكمة النقض ورغم عبارة جميع الحالات الواردة في الفصل 96، قد اعتبرت كون بعض القرارات الصادرة عن المحافظ العقاري والمتعلقة بحقوق عينية، لا يمكن فصلها عن موضوع النزاع الاصلي الذي تختص به نوعيا المحاكم الادارية دون المحاكم العادية وفي هذا الاطار اصدرت قرارا حديثا بتاريخ 25/07/2013 تحت عدد 732 في الملف الاداري رقم 1691/4/1/2013 جاء فيه : " حيث صح ما عابه الطاعن على الحكم المستأنف، ذلك ان الطلب في نازلة الحال يهدف الى الحكم على المحافظ على الاملاك العقارية بانزكان بالتشطيب على مشروع نزع الملكية المقيد بتاريخ 26/11/2009 بعد انصرام الاجل القانوني،
وان ذلك يقتضي من المحافظ بعد انصرام الاجل دون تفعيل نازع الملكية لمشروع نزع الملكية المقيد بالرسم العقاري
التشطيب على المشروع تلقائيا دون مطالبة مالك العقار باستصدار حكم نهائي، وهو غير التشطيب المنصوص عليه في الفصل 96 من قانون التحفيظ العقاري، وذلك في اطار ما يتمتع به من سلطة ادارية، وان رفضه التشطيب على ذلك التقييد يعتبر قرارا اداريا تختص بالبت فيه المحاكم الادارية بمقتضى المادة 8 من القانون رقم 90-41 ويخرج بالتالي عن اختصاص المحاكم الابتدائية" كما اعتبرت محكمة النقض، وفي نفس السياق كون قرار رفض التشطيب على الرهن الرسمي الذي يقيده الخزينة العامة للملكة على عقار في اطار الضمانات التي تتتعم بها لتحصيل حقوقها، طبقا للمادتين 113 و114 من مدونة تحصيل الديون العمومية، طلبا متفرعا عن منازعة ضريبية في جانب التحصيل، وخارجة بالتالي عن مقتضيات الفصل 96، مصرحة باختصاص القضاء الاداري نوعيا بالبت فيه –القرار عدد 1030 الصادر بتاريخ 07/11/2013 في الملف الاداري رقم 2710/4/1/2013 –غير منشور- كما ذهبت في قرار اخر الى كون مسطرة التقييد الاحتياطي تجري على العقار المحفظ لكفالة حق عيني، وبالتالي فان قرار المحافظ العقاري القاضي برفض التشطيب على التقييد الاحتياطي يمتد بالتبعية الى رفضه التشطيب على ذلك الحق العيني موضوعه، وأدمجته بالتالي ضمن مقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري، مقررة بذلك الاختصاص الموعي للمحكمة الابتدائية – القرار عدد 1582 الصادر بتاريخ 25/12/2014 في الملف الاداري رقم 3296/4/1/2014.
وفي نفس المنحى صدر القرار عدد 282 بتاريخ 05/04/2012 في الملف الاداري رقم 322/4/1/2012 –غير منشورين- كما اعتبرت محكمة النقض كون القرار الضمني الصادر عن المحافظ العقاري القاضي برفض طلب مطابقة التصاميم العقارية مع الحالة الراهنة للرسم العقاري قرارا برفض تسجيل حق عيني تختص نوعيا بالنظر في الطعن بشأنه المحكمة الابتدائية –القرار عدد 1006 الصادر بتاريخ 02/10/2014 في الملف الاداري رقم 2359/4/1/2014 –غير منشور-.
ودون التطرق لباقي قرارات المحافظ العقاري المتعلقة بالتقييد او التشطيب بكافة تفريعاتها فإننا نعتبر كون ما تم عرضه كاف لتوضيح المعايير المعتمدة لتحديد جهة الاختصاص النوعي بصفة عامة بخصوص هذا الصنف من القرارات.
ونشير هنا ايضا الى شرط التعليل الوارد في الفصل 96 الذي سبق لنا مناقشته بمناسبة التطرق الى قرار رفض التحفيظ.
قرار المحافظ العقاري برفض تنفيذ حكم
قضت محكمة النقض في قرار صادر بتاريخ 11/09/2014 تحت عدد 932 في الملف الاداري رقم 2032/4/1/2014 بما يلي : "حيث ان فحوى الطلب في نازلة الحال يهدف الى الغاء قرار المحافظ على الاملاك العقارية القاضي برفض تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشئ المقضي به، وبذلك فان الامر يتعلق بقرار اداري صادر عن المحافظ باعتباره سلطة ادارية مكلفة بتنفيذ الاحكام القضائية النهائية الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري تختص بالنظر في النزاع بشأنه نوعيا للمحاكم الادارية طبقا للفصل 8 من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم ادارية والمحكمة الادارية لما قضت بعدم اختصاصها نوعيا للبت في الطلب تكون قد جانبت الصواب، ويكون حكمها بالتالي واجب الالغاء". وبذلك تكون محكمة النقض قد اكدت المبدا العام الذي استقرت عليه والمتمثل في كون قرار المحافظ برفض تنفيذ حكم هو قرار اداري تختص نوعيا بالطعن فيه المحاكم الادارية، 9 غير ان هذا الموقف القار يستدعي من جانبنا مناقشة الحالة التي يتعذر فيها تنفيذ الحكم، وكذلك استحضار نظرية الدعوى الموازية واثر ذلك على الاختصاص النوعي، فمن جهة التعذر سبق وصدر عن المجلس الاعلى سابقا – محكمة النقض حاليا – القرار عدد 1027 بتاريخ 06/07/2000 في الملف الاداري رقم 747/4/1/1999 الذي حاول
الاجابة على السؤال المطروح على هامش النزاع وهو هل يعتبر المحافظ،
رغم تمسكه بوجود صعوبات قانونية ومادية تحول دون تنفيذ حكم قضائي، ممتنعا عن تنفيذه، مع ما يترتب عن ذلك من القول بوجود قرار اداري قابل للطعن بالإلغاء وفي هذا الاطار ميز القرار المذكور بين التنفيذ والتقييد الذي يجري على الرسم العقاري، معتبرا بان التقييد على الرسم العقاري يخضع للشروط والمقتضيات التي قررها ظهير 12 غشت ،1913 والذي يلزم المحافظ بالتحقق تحت مسؤوليته الشخصية من صحة الوثائق المدلى بها شكلا وجوهرا، ومن كون مضمونها لا يتعارض مع مضمون الرسم العقاري المعني، ومن كونها تجيز تقييد الحقوق التي تتضمنها، وخلص القرار الى انه كان من المفروض امام الصعوبات التي اثارها المحافظ وتمسك بها اتجاه طلب المعني بالأمر ان يلجا هذا الاخير الى القاضي الذي اصدر الحكم المذكور لرفع الصعوبات والعراقيل المشار اليها، ما دام ان دور قاضي الالغاء يقتصر على مراقبة مشروعية القرار المطعون فيه، وانه لا يمكنه تعويض القرار الملغى بقرار اخر بديلا عنه ليستنتج من ذلك وجود دعوى موازية امام القضاء العادي للبت في النزاع المذكور، مرتبا على ذلك كون المحكمة الادارية قد اخطات حينما صرحت ضمنيا باختصاصها نوعيا بالبت في الطلب رغم وجود تلك الدعوى الموازية، ليقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبعد التصدي التصريح بعدم اختصاص المحكمة الادارية نوعيا، كما استحضرت محكمة النقض نظريا الدعوى الموازية في قرار حديث لها صدر بتاريخ 13/11/2014 تحت عدد 1249 في الملف الاداري رقم 1807/4/1/2014 –غير منشور- وهذا التوجه القضائي الذي يتريت في اعتبار القرار المتخذ من طرف المحافظ حال، تمسكه بوجود صعوبات تعترض التنفيذ قرارا اداريا بالامتناع، قد راعى بدون شك واقع المنازعات العقارية التي تتطلب مسطرة التقاضي فيها مدة زمنية طويلة، قد تلحق خلالها تغييرات طارئة على وضعية العقار المتنازع بشأنه، فضلا عن ما يعتري بعض الاحكام من ابهام وغموض في تعليلاتها او منطوقها. ومصادقة البعض الاخر منها على خبرات عقارية قد تتعارض مع مقتضيات قانونية صريحة الى غير ذلك من الاشكاليات المطروحة والتي لا تبرز إلا خلال مرحلة التنفيذ غير ان ما يؤاخذ على المحافظين العقاريين في هذا الجانب هو انهم يتمسكون بوجود صعوبات يصرحون بها في محاضر التنفيذ دون ان يواصلوا المسطرة المنصوص عليها في الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية باعتبارهم اصحاب المصلحة في اتارتها وذلك بإحالتها على رئيس محكمة التنفيذ الذي يقدر ما اذا كانت الادعاءات المتعلقة بها مجرد وسيلة للمماطلة والتسويف ترمي الى المساس بالشئ المقضي به اذ يأمر في هذه الحالة بصرف النظر عن ذلك وإذا ظهر له ان الصعوبة جدية امكن له يأمر بإيقاف التنفيذ الى ان يبت في الامر . فالاكتفاء بالتمسك المجرد بوجود صعوبة دون سلوك المسطرة القانونية يؤول ويؤدي بالضرورة الى انجاز محاضر امتناع عن التنفيذ مع ما يترتب عن ذلك من اثار خطيرة كما تجدر الاشارة هنا الى ان الصعوبة التي تأخذ بعين الاعتبار هي الصعوبة الطارئة بعد الحكم بحيث لو صحت لأثرت في التنفيذ فيصبح بحسب الاحوال جائزا او غير صحيح او باطل اما التمسك بدفوع كان يمكن اثارتها امام قضاء الموضوع اثناء سريان الدعوى فلا تقبل كصعوبة في التنفيذ 10 وقد حاول بعض الفقه 11 اقتراح حلول بناء على
نظرية الدعوى الموازية التي تبقى نظرية قضائية بحتة، إلا ان ذلك يصطدم احيانا بصراحة النص القانوني المحدد لاختصاص جهة قضائية معينة والذي يستلزم بالتالي التصريح بعدم الاختصاص النوعي باعتباره من النظام العام ولكون البت فيه تكون له الاولوية على الشكل والموضوع فيتعذر بالتالي ترتيب جزاء عدم القبول المنصوص عليه في الفصل 360 من قانون المسطرة المدنية – في فقرته الاخيرة – وفي المادة 23 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الادارية وبصفة عامة وفي غير الحالات المبررة، بوجود صعوبة في التنفيذ مقررة ومثبتة وفقا لما ينص عليه القانون، فان امتناع المحافظ العقاري عن تنفيذ حكم قضائي مستجمع للشروط الواجبة لذلك يعتبر تجاوزا في استعمال السلطة وخرقا للقوانين الاساسية وللتنظيم القضائي ومسا صريحا بحجية الاحكام القضائية وبالقانون – قرار محكمة النقض عدد 1415 الصادر بتاريخ 04/12/2014 في الملف الاداري رقم 1956/4/1/2013.
استهلالا لهذا البحث لابد من الاشارة الى كون موضوع الرقابة القضائية على قرارات المحافظ على الاملاك العقارية كان دائما محل اهتمام وانشغال الباحثين من جهة لكون مجالا خصبا لتقاطع الفقه الاداري والعمل القضائي اتفاقا واختلافا، ومن جهة اخرى لكون القرارات المذكورة هي تمظهر واقعي وتجسيد مادي لتعامل مرفق عام وحساس، هو مرفق المحافظة العقارية مع مرتفقيه من المواطنين، وما يفرزه هذا التعامل من طعون تعرض على القضاء، وإذا كانت المنهجية المعتمدة في البحث تقوم اساسا على عرض النصوص القانونية المتعلقة بالموضوع على ضوء التعديل والتتميم اللاحق بظهير التحفيظ العقاري بمقتضى القانون رقم 07-14 والتعليق عليها تبعا للملاحظات المثارة، فانه قد تم اغناؤه بمواقف الفقه وبالقرارات القضائية الحديثة الصادرة عن محكمة النقض في غرفتها الادارية، وكل ذلك بهدف محاولة الاحاطة ما امكن بتشبعات الموضوع، وعرض اهم الاشكاليات المطروحة بصدده، مع ضرورة الاعتراف هنا بان حسم المشرع في الاختصاص النوعي لجهة قضائية معينة بالبت في قرارات محددة رغم كون طبيعتها وخاصيتها هي اقرب الى جهة قضائية اخرى يجعل من الصعب ان لم اقل من المحظور اعمال معايير معينة لتجاوز هذا التحديد فيما يتعلق بالاختصاص النوعي بالنظر لاتصاله بقواعد النظام العام، وقد ارتأيت حصر الموضوع وتركيزه في قرارات المحافظ العقاري الاكثر شيوعا من زاوية الطعن فيها امام القضاء، وهي القرارات التالية :
1- القرارات المتعلقة برفض التحفيظ
2- القرارات المتعلقة بإلغاء مطلب التحفيظ
3- القرارات المتعلقة بالتعرضات
4- القرارات المتعلقة برفض تسجيل حق عيني او التشطيب عليه
5- القرارات المتعلقة برفض تنفيذ حكم.
قرار رفض التحفيظ
اذا كان الفصل 30 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 يعطي للمحافظ العقاري صلاحية تحفيظ العقار الذي كان موضوع مسطرة التحفيظ، بما يتخللها من اجراءات للتحديد والإشهار، وذلك بعد تحققه من انجاز جميع الاجراءات المقررة في هذا القانون، ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها ومن عدم وقوع اي تعرض، فان الفصل 37 مكرر من نفس القانون يعطيه بالمقابل صلاحية رفض طلب التحفيظ شريطة تعليل قراره وتبليغه لطالب التحفيظ. وينص على كون القرار المتخذ بهذا الشأن يكون قابلا للطعن فيه امام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف، وعلى كون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض كما ان الفصل الموالي 38 من نفس القانون رتب على رفض مطلب التحفيظ لأي سبب كان وفي اية مرحلة من مراحل المسطرة اعتبار التحديد لاغيا، وحدد اثار هذا الرفض بالنسبة لطالب التحفيظ وباقي المعنيين بالأمر. ولعل اهم ما تضمنه الفصل 37 مكرر المذكور هو الزامه للمحافظ بتعليل قراره القاضي برفض التحفيظ، فالتعليل شرطا شكليا في القرار الاداري، يترتب عن عدم الافصاح عنه كتابة في صلبه اعتبار ذلك القرار غير مشروع – بصريح المادة الاولى من القانون رقم 01-03 بشان الزام الادارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، فالتعليل يشكل ضمانا للأمن القانوني للفرد اتجاه السلطة الادارية ويمنح الفرد قناعة بان الادارة تتصرف في اطار الشرعية ويحد من السلطة العامة للإدارة ويجنبها اصدار قرارات تعسفية وتحكمية.1
وإذا كان الاختصاص النوعي بالبت في قرار المحافظ العقاري القاضي برفض التحفيظ محسوما لفائدة القضاء العادي بنص الفصل 37 مكرر فان التمسك بعيب عدم التعليل كعيب شكلي مختلف عن مسطرة طلب الافصاح عن الاسباب القانونية والواقعية خلال الدعوى. وطلب ترتيب جزاء الاخلال به يبقى متاحا امام الطرف الطاعن حتى امام المحاكم العادية المختصة ما دام المحافظ سلطة ادارية تسير مرفقا عاما وما دام القرار هو في اصله اداري منح استثناء الطعن فيه لجهة القضاء العدي. وقد قضت محكمة النقض في قرار حديث لها صدر تحت عدد 792 وتاريخ 12/06/2014 في الملف رقم 1544/4/1/2014– غير منشور "وذلك في اطار بتها كجهة استئنافية للأحكام الابتدائية الصادرة في الاختصاص النوعي".
"........وعليه فان ما اعتمده الحكم المستأنف من اعتبار رفض الحافظ تأسيس الرسم العقاري موضوع مطلب التحفيظ المودع من طرف الطاعن بمثابة امتناع عن تنفيذ الحكم القضائي المشار اليه اعلاه مخالف للواقع لاسيما وانه لا جدال بين الطرفين حول صحة واقعة قيام المحافظ فعلا بالتشطيب علىالتعرضات المحكوم بعدم صحتها بمقتضى القرار الاستئنافي المحتج به، لذلك كان ما قضى به تأسيسا على هذا الاستنتاج الخاطئ من اعتبار اختصاص البت في الطلب منعقدا للقضاء الاداري مجانب للصواب وخارق للفصل 37 مكرر من قانون التحفيظ العقاري الذي اسند اختصاص البت في طلب الغاء قرار المحافظ برفض تحفيظ عقار في هذه الحالة للمحاكم الابتدائية" وهو ما اكده ايضا القرار عدد 570 الصادر بتاريخ 24/04/2014 في الملف الاداري رقم 853/4/1/2014-غير منشور.
قرار الغاء مطلب التحفيظ
اذا كانت الجهة القضائية المختصة نوعيا بالبت في الطعن في قرار المحافظ العقاري القاضي برفض التحفيظ محددة قانونا فان ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 لم يحدد الجهة القضائية المختصة بالنسبة لقرار المحافظ القاضي بإلغاء مطلب التحفيظ، والذي يوقع بعض الباحثين في الخلط بينه وبين قرار رفض التحفيظ، وفي اطار التفرقة بين القرارين صدرت دورية عن المحافظ العام تحت عدد 383 بتاريخ 16/12/2010 . فالفصل 23 من ظهير التحفيظ العقاري ينص على انه "دون المساس بأحكام الفصل 6 من هذا القانون اذا نص المحضر على تغيب طالب التحفيظ او من ينوب عنه او على عدم قيامه بما يلزم لإجراء عملية التحديد فلمطلب التحفيظ يعتبر لاغيا وكان لم يكن اذا لم يدل بعذر مقبول داخل اجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار. يعتبر مطلب التحفيظ كذلك لاغيا وكان لم يكن اذا تعذر على المحافظ على الاملاك العقارية او نائبه انجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك".
وهكذا اعتبر بعض الفقه 2 كون الطعن في قرار المحافظ العقاري القاضي بإلغاء مطلب التحفيظ يتعقد الاختصاص النوعي بشأنه للمحاكم الادارية على اعتبار ان المحافظ يعتبر سلطة ادارية، وان كان يفصل في مصلحة خاصة وكون قراراته تبقى في الاصل خاضعة للولاية العامة للقضاء الاداري إلا ما استثني بنص صريح يسند الاختصاص للقضاء العادي.
في حين اعتبر الجانب الغالب من الفقه، ونسانده الرأي، 3 كون المحاكم الابتدائية تبقى هي المختصة نوعيا بالبت في الطعن المذكور، وما يعزز هذا الرأي هو عبارة "في جميع الحالات" الواردة في الفصل 37 مكرر، والتي نعتبر بأنها تستوعب وتشمل قراري رفض التحفيظ وإلغاء المطلب، وفي هذا الاتجاه اصدرت محكمة النقض قرارا حديثا تحت عدد 82 بتاريخ 15/01/2015 في الملف رقم 3538/4/1/2014-غير منشور- ورد فيه " حيث صح ما عاب به الطاعن الحكم المستأنف ذلك ان القوانين الاجرائية المتعلقة بالاختصاص تطبق بأثر فوري من تاريخ صدورها ولو على القضايا التي لم يصدر بشأنها حكم نهائي، ومن الثابت ان المستأنف التمس الغاء قرار المحافظ القاضي بالتشطيب على مطلب التحفيظ وهو ما يندرج ضمن حالات رفض طلب التحفيظ المنصوص عليها في الفصل 37 مكرر من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14، والذي ينعقد الاختصاص النوعي بشان الطعن في القرارات المتخذة بخصوصها للمحكمة الابتدائية خلافا لما نحاه الحكم المستأنف الذي جانب الصواب فيكون واجب الإلغاء ونفس التوجه اكدته محكمة النقض الاداري رقم 1679/4/1/2014 وكذلك قرارها عدد 312 الصادر بتاريخ 13/03/2014 في الملف الاداري رقم 11/4/1/2014 الذي ادرج حالة تعذر انجاز عملية تحديد الملك موضوع النزاع لمرتين متتاليتين بسبب النزاع حوله ضمن حالات رفض التحفيظ التي يشملها الفصل 37 مكرر.
وباستعراضنا للنصوص القانونية المتعلقة بحالات الغاء مطلب التحفيظ تستوقفنا بعض العبارات الواردة فيها والتي تستدعي في نظرنا التوقف عندها والتعليق، ذلك انه ورد في الفصل 23 من ظهير التحفيظ العقاري كون عدم قيام طالب التحفيظ بما يلزم لإجراء عملية التحديد يترتب عنه جزاء الغاء مطلبه، فأول ما يلاحظ على عبارة "عدم القيام بما يلزم" هو كونها وردت عامة وفضفاضة، وبالتالي فإنها تترك للمحافظ سلطة تقديرية واسعة لإلغاء المطلب بحسب تقديره لتلك الواقعة السلبية وهذه السلطة التقديرية تمتد الى عدم الادلاء، "بعذر مقبول" كما ورد في الفصل 23 المذكور، وقد يعارض بعض الممارسين هذا التخوف من جانبنا المؤسس على صياغة النص المذكور باستعراضهم بعض صور عدم القيام بما يلزم لإجراء عملية التحديد كعدم احضار الاحجار او الطلاء او عدم معرفة طالب التحفيظ للحدود لكننا نجيبهم كون الصياغة المذكورة غير دقيقة وتحمل في طياتها مخاطر المس بحقوق طالبي التحفيظ والمثل الفرنسي يقول "في التفاصيل يوجد الشيطان" لذلك نعتبر حقوق الافراد والجماعات تبدا من صياغة النصوص القانونية وما تسمح به من تأويلات ليأتي دور القضاء حال التمسك بذلك ممن له المصلحة .
كما ان جزاء الغاء مطلب التحفيظ في حالة تعذر انجاز عملية التحديد لمرتين بسبب نزاع حول الملك، يعتبر جزاء قاسيا، ويتعارض اصلا مع مقتضيات الفصل 20 من ظهير التحفيظ العقاري الذي نص على انه :
"ينجز التحديد في التاريخ والوقت المعين له ولتوفير الظروف الملائمة لإجراء عمليات التحديد يجب على وكيل الملك تسخير القوة العمومية عند الاقتضاء بطلب من المحافظ على الاملاك العقارية او كل من له مصلحة".
وهو جزاء يعاقب طالب التحفيظ بإلغاء مطلبه، رغم انه لا يتحمل اية مسؤولية مباشرة في ذلك التعذر، ما دام النزاع حول الملك هو امر وارد دوما (ان لم نقل محقق) بالنظر لواقع ووضعية العقارات غير المحفظة، وان الاطار القانوني المناسب الذي يجب ان يصنف ضمنه ذلك النزاع هو تسجيله كتعرض على المطلب لا الغاء هذا الاخير، وإلا فان اغلب مطالب التحفيظ ان لم نقل كلها ستلغى تطبيقا للقانون بمجرد ان ينتبه ذوو النيات السيئات للمقتضيات المذكورة مع استثناء الحالات التي يتم فيها المس بالأمن والنظام العام بشكل خطير – كالمنازعات بين الجماعات السلالية المختلفة، والتي يكون فيها جزاء الغاء المطلب اهون واسلم مما قد يترتب عن مواصلة الاجراءات بشأنه.
ولا يفوتنا ان نشير ولو بعجالة الى كون الطعن في قرار رفض تأسيس رسم عقاري جزئي بخصوص جزء غير منازع فيه بعد اجراء تحديد تكميلي، يكون منعقدا للمحكمة الابتدائية بصريح الفصل 23 من القرار الوزيري المؤرخ في 03/06/1915 المتعلق بتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري، وكذلك الطعن في حالة رفض تسليم نظير جديد للرسم العقاري اما بناء على تقدير المحافظ او لوقوع تعرض على ذلك – الفصل 103 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14. اما بخصوص قرار رفض ارجاع نظير رسم عقاري لأصحابه رغم ثبوت انتهاء التسجيلات التي كانت سبب وضع النظير المذكور لدى المحافظ، فقد اعتبره المجلس الاعلى سابقا محكمة النقض حاليا قرار اداريا متسما بالشطط في استعمال السلطة وقابل للطعن فيه بالإلغاء لعدم وجود دعوى موازية امام القضاء الشامل –القرار عدد 158 الصادر بتاريخ 06/04/1995 في الملف الاداري رقم 10058/94 – منشورات المجلس الاعلى في ذكراه الاربعين – سنة 1997- ص 309.
اما بالنسبة لقرار تأسيس الرسم العقاري، فلا يقبل الطعن باعتباره المنطلق الوحيد للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداه من الحقوق غير المقيدة، وهو ما ينص عليه الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري وأكده العمل القضائي المتواتر على مستوى محكمة النقض 4 وبالتالي يبقى للمتضرر من التحفيظ المذكور الحق فقط في المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عن التحفيظ نتيجة التدليس.
القرارات المتعلقة بالتعرضات
اذا كان مطلب التحفيظ يعتبر قرينة على ملكية طالب التحفيظ للملك المطلوب تحفيظه، فانه يعتبر قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس والقرينة المعاكسة لا تثبت الا بواسطة التعرض 5 وينص الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري على انه " يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه ان يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال اجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الاعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية ان لم يكن قام بذلك من قبل وذلك : 1- في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ او في مدى هذا الحق او بشان حدود العقار.2- في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه.3- في حالة المنازعة في حق وقع الاعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون"
وحيث ان ما يهمنا حسب موضوع البحث، ودون الدخول في تفاصيل شكليات تقديم التعرض، هو المنازعة التي تقع بشان قرارات المحافظ العقاري المتعلقة بقبول التعرض، او رفضه، او اعتباره ملغى، اذ بعد ان كانت مقتضيات الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري قبل التعديل تنص على كون المحاكم العادية هي المختصة نوعيا بالبت في الطعن فيها في حالة عدم الادلاء بالوثائق المدعمة للتعرض، وعدم اثبات استحالة الادلاء بها، وهو ما
سار عليه المجلس الاعلى سابقا في القرار عدد 480 بتاريخ 09/11/1995
في الملف الاداري رقم 1557/95 6 الذي اعتبر انه ".....مع التاكيد على الطابع الاداري لكل قرارات الحافظ على الاملاك العقارية فان قراراته التي تندرج في اطار الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري تخضع قانونا للطعن امام المحاكم العادية كما ينص عليه الفصل المذكور وان الاختصاص النوعي في النازلة غير منعقد للمحاكم الادارية"
الا انه وبعد تعديل ظهير التحفيظ العقاري وتتميمه بالقانون رقم 07/14 تم حذف الفقرة التي تنص على اختصاص المحاكم العادية فأصبحت بالتالي المحاكم الادارية هي المختصة نوعيا بالبت في كل قرارات المحافظ العقاري المتعلقة بالتعرضات، باعتبارها اصلا قرارات ادارية، وهو ما يستتبع ضرورة تقيد الطاعن بكل شكليات واجراءات التقاضي امام القضاء الاداري في اطار دعوى الالغاء، وفي هذا السياق صدر قرار حديث عن محكمة النقض موضوعه الطعن في قرار المحافظ بقبول تعرض سبق للمحكمة الابتدائية ان قضت في المرحلة الاولى للتقاضي بعدم اختصاصها نوعيا للبت فيه، ثم عرض النزاع على القضاء الاداري الذي بت في موضوعه برفض الطلب في جميع المراحل –القرار عدد 144 الصادر بتاريخ 22/01/2015 في الملف رقم 477/4/1/2014 –غير منشور- وتجدر الاشارة الى ان الطعن يتعلق وينحصر في قرار المحافظ في حد ذاته اما موضوع التعرض، اي الحق المدعى فيه، فيبقى من اختصاص محكمة التحفيظ استقلالا.
التعرض الاستثنائي
ينص الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري بعد تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 على انه "بعد انصرام الاجل المحدد في الفصل 27 اعلاه يمكن ان يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الاملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ اي تعرض سابق، شريطة ان لا يكون الملف قد وجه الى المحكمة الابتدائية...."
وأول ما يمكن ملاحظته على الفصل المذكور هو انه نص صراحة على احقية المحافظ العقاري في قبول التعرض الاستثنائي دون ربط ذلك بضرورة تقديم تعرضات سابقة على مطلب التحفيظ، واشترط فقط ان لا يكون الملف قد وجه الى المحكمة الابتدائية، في حين ان الصياغة السابقة للفصل 29 المذكور قبل التعديل ادت الى ظهور اتجاهين في الفقه : اولهما يتمسك بضرورة وجود تلك التعرضات السابقة على مطلب التحفيظ لتخويل امكانية فتح اجل جديد للتعرض وهو الاتجاه الذي سايرته محكمة النقض في العديد من قراراتها 7 كالقرار عدد 53 الصادر بتاريخ 19/01/2012 في اللف الاداري رقم 1359/4/1/2010 الذي ورد فيه "لكن حيث ان من شروط تطبيق مقتضيات الفصل 29 من قانون التحفيظ العقاري، كقاعدة استثنائية وقبول المحافظ العقاري التعرض خارج الاجل القانزني المنصوص عليه في الفصل 27 من نفس القانون، شرط وجود تعرضات سابقة تقتضي احالة الملف على القضاء، وان المحكمة لما تبين لها من وثائق الملف عدم وجود تلك التعرضات، واعتبرت تبعا لذلك ان قرار
رفض فتح اجل جديد للتعرض الصادر عن المحافظ العقاري، في اطار اختصاصه وحدود السلطة المخولة له قانونا مشروعا، تكون قد طبقت الفصل 29 المحتج به تطبيقا سليما، وان نظام التحفيظ العقاري يعتمد على واقعة انصرام الاجل المقرر لتاكيد حق ملكية طالب التحفيظ في حالة عدم وجود تعرضات والوسيلة على غير اساس". في حين ينفي الاتجاه الثاني ضرورة توفر الشرط المذكور المستنتج، خاصة وان القول به سيؤدي الى تعليق حق المتعرض خارج الاجل على حقوق الاغيار، وسينفي بالتالي الغاية التي من اجلها منح الترخيص الاستثنائي المذكور إلا ان الفصل 29 بصيغته الجديدة حسم النقاش لفائدة الاتجاه الثاني، غير انه الغى الامكانية السابقة التي كانت مخولة لوكيل الملك لفتح اجل جديد للتعرض بعد احالة الملف على المحكمة الابتدائية، وحصر الامكانية المذكورة في المحافظ العقاري دون غيره، لكن ما يجب استحضاره هنا هو ان الفصل 26 من الظهير لازال يعطي لوكيل الملك امكانية التعرض داخل الاجل القانوني – الى جانب الاوصياء والممثلين الشرعيين والقاضي المكلف بشؤون القاصرين والقيم على اموال الغائبين والنفقودين- وذلك باسم المحجورين والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين، وإذا كنا نتفهم الغاية من التراجع عن تخويل وكيل الملك امكانية فتح اجل جديد للتعرض توخيا لتوحيد الجهة المختصة بمنح هذه الرخصة الاستثنائية المطيلة للنزاع وحصرها في المحافظ العقاري، باعتباره صاحب الاختصاص الاصيل، فان دور وكيل الملك كان يخلق نوعا من الحماية الاحتياطية للحقوق المدعى بها والمهددة بالزوال النهائي حال تحفيظ العقار، مما
نعتبر معه الصياغة الحالية للفصل
29 بمثابة انقاص لضمانات المواطن وتركيز للسلطة المذكورة بين يدي المحافظ العقاري 8 ويمكن القول بان الفقرة الاخيرة من الفصل 29 المذكور والتي ورد فيها "يكون قرار المحافظ على الاملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي" تتعارض صراحة مع دستور المملكة لسنة 2011 الذي ينص في اطار حماية حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، على قابلية اي قرار اتخذ في المجال الاداري، سواء كان تنظيميا او فرديا، للطعن فيه امام الهيئة القضائية الادارية المختصة، مانعا بذلك تحصين اي قرار من الخضوع للرقابة القضائية، وحتى قبل صدور الدستور الجديد فان المجلس الاعلى وانطلاقا من قضية وليام وول، رغم اختلاف توجهاته اللاحقة وكذلك المحاكم الادارية مند احداثها بموجب القانون رقم 90-41 ما فتئت تقاوم تحصين بعض القرارات الادارية، بالاستناد على طبيعة دعوى الالغاء كدعوى قانون عام، وباستعمال قاعدة النسخ الضمني للقوانين ونعتقد انه وبعيدا عن التأويلات التي ستحاول الالتفاف على المقتضى المذكور بالقول كون المنع ينصرف الى الطعن امام القضاء العادي دون القضاء الاداري باعتباره قضاء المشروعية، فتنزيل الدستور في الميدان القضائي يستوجب في نظرنا اعمال الوثيقة الدستورية المجيزة للطعن بالإلغاء في اي قرار اداري وذلك لسموها على القوانين الدنيا، مع بعض الاستثناءات المتوقفة على صدور قوانين تنظيمية وهو ما سارت عليه محكمة النقض في قرار حديث صدر بتاريخ 29/01/2012 تحت عدد 175 في الملف الاداري رقم 1280/4/1/2012، وكذلك القرار عدد 174 الصادر بتاريخ 29/01/2015 في الملف الاداري رقم 1051/4/1/2012.
وهو توجه وان وجد من يخالفه فإننا نعتبر هذا الخلاف محركا لنقاش لن يؤدي إلا الى تطور وبلورة مواقف قضائية حديثة وجريئة
قرارات رفض تسجيل حق عيني والتشطيب عليه
ينص الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 على انه : " يجب على المحافظ على الاملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق حق عيني" والتشطيب عليه ان يعلل قراره ويبلغه للمعني بالأمر.
يكون هذا القرار قابلا للطعن امام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف وتكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض"
ان اول ملاحظة تثار بشان الفصل اعلاه هي انه تخلى عن حصر حالات رفض تسجيل الحق العيني والتشطيب في عدم صحة الطلب او عدم كفاية الرسوم، بمعنى الحجج، للقول بانعقاد الاختصاص النوعي للمحكمة الابتدائية ونص بالمقابل على عبارة جميع الحالات، والتي ينبغي مع ذلك التعامل معها بنوع من التحفظ، كما سيأتي شرحه وكان المجلس الاعلى سابقا – محكمة النقض حاليا – قد اعتبر كون اختصاص المحكمة الابتدائية، – حسب الصيغة السابقة للفصل 96 ينحصر في حالة ما اذا كان رفض التسجيل او التشطيب عليه مبنيا على ادلة قدمت مباشرة الى المحافظ، ولم تبت فيها المحكمة المختصة ففي الحالة الاخيرة يتم الرجوع الى القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 8 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الادارية...". القرار عدد 831 الصادر بتاريخ 13/11/2003 في الملف الاداري رقم 3013/4/1/2003، وهو ما سارت عليه محكمة النقض في قرار حديث لها، ميز بين رفض تقييد حق عيني ورفض تنفيذ حكم قضائي والذي ورد فيه :"لكن حيث انه وكما انتهت اليه المحكمة الادارية عن صواب، فانه اذا كان المشرع اعطى للمحاكم
الابتدائية الاختصاص النوعي للبت في الطعون المقدمة ضد قرارات المحافظ على الاملاك العقارية برفض تقييد حق عيني تطبيقا لمقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري، فان الامر قاصر على الحقوق العينية دون الاحكام القضائية النهائية، وان موضوع الطلب يرمي الى الغاء قرار المحافظ على الاملاك العقارية بتارودانت برفض تقييد حكم قضائي نهائي في الرسم العقاري عدد 3943/39، وليس بتقييد حق عيني، مما يرجع امر البت فيه للقضاء الاداري وان المحكمة الادارية حينما بنت قضاءها على التعليل المذكور جعلته مبنيا على اساس سليم من القانون وما اثير غير مرتكز على أساس" –القرار عدد 909 الصادر بتاريخ 17/07/2014 في الملف الاداري رقم 1891/4/1/2014-غير منشور- كما صدرت تطبيقا للصيغة الجديدة للفصل 96 عدة قرارات منها القرار عدد 556 الصادر بتاريخ 24/04/2014 في الملف الاداري رقم 760/4/1/2014 والقرار عدد 1016 الصادر بتاريخ 02/10/2014 في الملف الاداري رقم 2360/4/1/2014- غير منشورين- غير ان محكمة النقض ورغم عبارة جميع الحالات الواردة في الفصل 96، قد اعتبرت كون بعض القرارات الصادرة عن المحافظ العقاري والمتعلقة بحقوق عينية، لا يمكن فصلها عن موضوع النزاع الاصلي الذي تختص به نوعيا المحاكم الادارية دون المحاكم العادية وفي هذا الاطار اصدرت قرارا حديثا بتاريخ 25/07/2013 تحت عدد 732 في الملف الاداري رقم 1691/4/1/2013 جاء فيه : " حيث صح ما عابه الطاعن على الحكم المستأنف، ذلك ان الطلب في نازلة الحال يهدف الى الحكم على المحافظ على الاملاك العقارية بانزكان بالتشطيب على مشروع نزع الملكية المقيد بتاريخ 26/11/2009 بعد انصرام الاجل القانوني،
وان ذلك يقتضي من المحافظ بعد انصرام الاجل دون تفعيل نازع الملكية لمشروع نزع الملكية المقيد بالرسم العقاري
التشطيب على المشروع تلقائيا دون مطالبة مالك العقار باستصدار حكم نهائي، وهو غير التشطيب المنصوص عليه في الفصل 96 من قانون التحفيظ العقاري، وذلك في اطار ما يتمتع به من سلطة ادارية، وان رفضه التشطيب على ذلك التقييد يعتبر قرارا اداريا تختص بالبت فيه المحاكم الادارية بمقتضى المادة 8 من القانون رقم 90-41 ويخرج بالتالي عن اختصاص المحاكم الابتدائية" كما اعتبرت محكمة النقض، وفي نفس السياق كون قرار رفض التشطيب على الرهن الرسمي الذي يقيده الخزينة العامة للملكة على عقار في اطار الضمانات التي تتتعم بها لتحصيل حقوقها، طبقا للمادتين 113 و114 من مدونة تحصيل الديون العمومية، طلبا متفرعا عن منازعة ضريبية في جانب التحصيل، وخارجة بالتالي عن مقتضيات الفصل 96، مصرحة باختصاص القضاء الاداري نوعيا بالبت فيه –القرار عدد 1030 الصادر بتاريخ 07/11/2013 في الملف الاداري رقم 2710/4/1/2013 –غير منشور- كما ذهبت في قرار اخر الى كون مسطرة التقييد الاحتياطي تجري على العقار المحفظ لكفالة حق عيني، وبالتالي فان قرار المحافظ العقاري القاضي برفض التشطيب على التقييد الاحتياطي يمتد بالتبعية الى رفضه التشطيب على ذلك الحق العيني موضوعه، وأدمجته بالتالي ضمن مقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري، مقررة بذلك الاختصاص الموعي للمحكمة الابتدائية – القرار عدد 1582 الصادر بتاريخ 25/12/2014 في الملف الاداري رقم 3296/4/1/2014.
وفي نفس المنحى صدر القرار عدد 282 بتاريخ 05/04/2012 في الملف الاداري رقم 322/4/1/2012 –غير منشورين- كما اعتبرت محكمة النقض كون القرار الضمني الصادر عن المحافظ العقاري القاضي برفض طلب مطابقة التصاميم العقارية مع الحالة الراهنة للرسم العقاري قرارا برفض تسجيل حق عيني تختص نوعيا بالنظر في الطعن بشأنه المحكمة الابتدائية –القرار عدد 1006 الصادر بتاريخ 02/10/2014 في الملف الاداري رقم 2359/4/1/2014 –غير منشور-.
ودون التطرق لباقي قرارات المحافظ العقاري المتعلقة بالتقييد او التشطيب بكافة تفريعاتها فإننا نعتبر كون ما تم عرضه كاف لتوضيح المعايير المعتمدة لتحديد جهة الاختصاص النوعي بصفة عامة بخصوص هذا الصنف من القرارات.
ونشير هنا ايضا الى شرط التعليل الوارد في الفصل 96 الذي سبق لنا مناقشته بمناسبة التطرق الى قرار رفض التحفيظ.
قرار المحافظ العقاري برفض تنفيذ حكم
قضت محكمة النقض في قرار صادر بتاريخ 11/09/2014 تحت عدد 932 في الملف الاداري رقم 2032/4/1/2014 بما يلي : "حيث ان فحوى الطلب في نازلة الحال يهدف الى الغاء قرار المحافظ على الاملاك العقارية القاضي برفض تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشئ المقضي به، وبذلك فان الامر يتعلق بقرار اداري صادر عن المحافظ باعتباره سلطة ادارية مكلفة بتنفيذ الاحكام القضائية النهائية الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري تختص بالنظر في النزاع بشأنه نوعيا للمحاكم الادارية طبقا للفصل 8 من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم ادارية والمحكمة الادارية لما قضت بعدم اختصاصها نوعيا للبت في الطلب تكون قد جانبت الصواب، ويكون حكمها بالتالي واجب الالغاء". وبذلك تكون محكمة النقض قد اكدت المبدا العام الذي استقرت عليه والمتمثل في كون قرار المحافظ برفض تنفيذ حكم هو قرار اداري تختص نوعيا بالطعن فيه المحاكم الادارية، 9 غير ان هذا الموقف القار يستدعي من جانبنا مناقشة الحالة التي يتعذر فيها تنفيذ الحكم، وكذلك استحضار نظرية الدعوى الموازية واثر ذلك على الاختصاص النوعي، فمن جهة التعذر سبق وصدر عن المجلس الاعلى سابقا – محكمة النقض حاليا – القرار عدد 1027 بتاريخ 06/07/2000 في الملف الاداري رقم 747/4/1/1999 الذي حاول
الاجابة على السؤال المطروح على هامش النزاع وهو هل يعتبر المحافظ،
رغم تمسكه بوجود صعوبات قانونية ومادية تحول دون تنفيذ حكم قضائي، ممتنعا عن تنفيذه، مع ما يترتب عن ذلك من القول بوجود قرار اداري قابل للطعن بالإلغاء وفي هذا الاطار ميز القرار المذكور بين التنفيذ والتقييد الذي يجري على الرسم العقاري، معتبرا بان التقييد على الرسم العقاري يخضع للشروط والمقتضيات التي قررها ظهير 12 غشت ،1913 والذي يلزم المحافظ بالتحقق تحت مسؤوليته الشخصية من صحة الوثائق المدلى بها شكلا وجوهرا، ومن كون مضمونها لا يتعارض مع مضمون الرسم العقاري المعني، ومن كونها تجيز تقييد الحقوق التي تتضمنها، وخلص القرار الى انه كان من المفروض امام الصعوبات التي اثارها المحافظ وتمسك بها اتجاه طلب المعني بالأمر ان يلجا هذا الاخير الى القاضي الذي اصدر الحكم المذكور لرفع الصعوبات والعراقيل المشار اليها، ما دام ان دور قاضي الالغاء يقتصر على مراقبة مشروعية القرار المطعون فيه، وانه لا يمكنه تعويض القرار الملغى بقرار اخر بديلا عنه ليستنتج من ذلك وجود دعوى موازية امام القضاء العادي للبت في النزاع المذكور، مرتبا على ذلك كون المحكمة الادارية قد اخطات حينما صرحت ضمنيا باختصاصها نوعيا بالبت في الطلب رغم وجود تلك الدعوى الموازية، ليقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبعد التصدي التصريح بعدم اختصاص المحكمة الادارية نوعيا، كما استحضرت محكمة النقض نظريا الدعوى الموازية في قرار حديث لها صدر بتاريخ 13/11/2014 تحت عدد 1249 في الملف الاداري رقم 1807/4/1/2014 –غير منشور- وهذا التوجه القضائي الذي يتريت في اعتبار القرار المتخذ من طرف المحافظ حال، تمسكه بوجود صعوبات تعترض التنفيذ قرارا اداريا بالامتناع، قد راعى بدون شك واقع المنازعات العقارية التي تتطلب مسطرة التقاضي فيها مدة زمنية طويلة، قد تلحق خلالها تغييرات طارئة على وضعية العقار المتنازع بشأنه، فضلا عن ما يعتري بعض الاحكام من ابهام وغموض في تعليلاتها او منطوقها. ومصادقة البعض الاخر منها على خبرات عقارية قد تتعارض مع مقتضيات قانونية صريحة الى غير ذلك من الاشكاليات المطروحة والتي لا تبرز إلا خلال مرحلة التنفيذ غير ان ما يؤاخذ على المحافظين العقاريين في هذا الجانب هو انهم يتمسكون بوجود صعوبات يصرحون بها في محاضر التنفيذ دون ان يواصلوا المسطرة المنصوص عليها في الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية باعتبارهم اصحاب المصلحة في اتارتها وذلك بإحالتها على رئيس محكمة التنفيذ الذي يقدر ما اذا كانت الادعاءات المتعلقة بها مجرد وسيلة للمماطلة والتسويف ترمي الى المساس بالشئ المقضي به اذ يأمر في هذه الحالة بصرف النظر عن ذلك وإذا ظهر له ان الصعوبة جدية امكن له يأمر بإيقاف التنفيذ الى ان يبت في الامر . فالاكتفاء بالتمسك المجرد بوجود صعوبة دون سلوك المسطرة القانونية يؤول ويؤدي بالضرورة الى انجاز محاضر امتناع عن التنفيذ مع ما يترتب عن ذلك من اثار خطيرة كما تجدر الاشارة هنا الى ان الصعوبة التي تأخذ بعين الاعتبار هي الصعوبة الطارئة بعد الحكم بحيث لو صحت لأثرت في التنفيذ فيصبح بحسب الاحوال جائزا او غير صحيح او باطل اما التمسك بدفوع كان يمكن اثارتها امام قضاء الموضوع اثناء سريان الدعوى فلا تقبل كصعوبة في التنفيذ 10 وقد حاول بعض الفقه 11 اقتراح حلول بناء على
نظرية الدعوى الموازية التي تبقى نظرية قضائية بحتة، إلا ان ذلك يصطدم احيانا بصراحة النص القانوني المحدد لاختصاص جهة قضائية معينة والذي يستلزم بالتالي التصريح بعدم الاختصاص النوعي باعتباره من النظام العام ولكون البت فيه تكون له الاولوية على الشكل والموضوع فيتعذر بالتالي ترتيب جزاء عدم القبول المنصوص عليه في الفصل 360 من قانون المسطرة المدنية – في فقرته الاخيرة – وفي المادة 23 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الادارية وبصفة عامة وفي غير الحالات المبررة، بوجود صعوبة في التنفيذ مقررة ومثبتة وفقا لما ينص عليه القانون، فان امتناع المحافظ العقاري عن تنفيذ حكم قضائي مستجمع للشروط الواجبة لذلك يعتبر تجاوزا في استعمال السلطة وخرقا للقوانين الاساسية وللتنظيم القضائي ومسا صريحا بحجية الاحكام القضائية وبالقانون – قرار محكمة النقض عدد 1415 الصادر بتاريخ 04/12/2014 في الملف الاداري رقم 1956/4/1/2013.
الهوامش
1-بحث للأستاذ محمد قصري منشور بمجلة عدالة –العدد 05 نونبر 2010-ص 52
2-بحث للاستاذ هشام بصري منشور بمجلة المحاكم المغربية- العدد المزدوج 135-136 – ابريل – يوليوز 2014 – ص 31 – وكذلك الدكتور عمر ازوكار في كتابه"مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون رقم07-14"
3-رقم 07/14 ومدونة الحقوق المدنية. ص 93 .الدكتور محمد خيري في كتابه : مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي – منشورات المعارف- الصفحة 203. وكذلك ذ. محمد الهيني في مقاله الطعن في قرارات المحافظ على ضوء العمل القضائي.
4-القرار عدد 333 الصادر بتاريخ 25/03/2009 في الملف الاداري رقم 287/4/1/2006
5-الدكتور محمد خيري –المرجع السابق-ص 205
6-منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى-المادة الادارية-عدد 49-850-السنة 1997 –الصفحة 159.
7-القرار عدد 338 الصادر بتاريخ 21/06/2012 في الملف الاداري رقم 456/4/1/2010
8-مقال ذ.عبدالاله المرابط حول دور النيابة العامة في نظام التحفيظ العقاري – منشور بالمجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن – العدد 50- ص 193 .
9-القرار عدد 788 الصادر بتاريخ 31/10/2007 في الملف الاداري رقم 413/4/1/2007 –منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 115 –
*وفي نفس المنحى القرار عدد 189 الصادر بتاريخ 11/03/2010 في الملف الاداري رقم 94/4/1/2010 –غير منشور-
10-كتابنا"المادة الاستعجالية في القضاء الاداري" ذ.عبد العتاق فكير – ص 120-
11-مقال ذ.حلمي نفطاطة حول "الطعن في قرار المحافظ العقاري برفض تنفيذ حكم قضائي بين دعوى الالغاء والدعوى الموازية" المنشور بمجلة القضاء الاداري –العدد الاول – ص 64
2-بحث للاستاذ هشام بصري منشور بمجلة المحاكم المغربية- العدد المزدوج 135-136 – ابريل – يوليوز 2014 – ص 31 – وكذلك الدكتور عمر ازوكار في كتابه"مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون رقم07-14"
3-رقم 07/14 ومدونة الحقوق المدنية. ص 93 .الدكتور محمد خيري في كتابه : مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي – منشورات المعارف- الصفحة 203. وكذلك ذ. محمد الهيني في مقاله الطعن في قرارات المحافظ على ضوء العمل القضائي.
4-القرار عدد 333 الصادر بتاريخ 25/03/2009 في الملف الاداري رقم 287/4/1/2006
5-الدكتور محمد خيري –المرجع السابق-ص 205
6-منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى-المادة الادارية-عدد 49-850-السنة 1997 –الصفحة 159.
7-القرار عدد 338 الصادر بتاريخ 21/06/2012 في الملف الاداري رقم 456/4/1/2010
8-مقال ذ.عبدالاله المرابط حول دور النيابة العامة في نظام التحفيظ العقاري – منشور بالمجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن – العدد 50- ص 193 .
9-القرار عدد 788 الصادر بتاريخ 31/10/2007 في الملف الاداري رقم 413/4/1/2007 –منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 115 –
*وفي نفس المنحى القرار عدد 189 الصادر بتاريخ 11/03/2010 في الملف الاداري رقم 94/4/1/2010 –غير منشور-
10-كتابنا"المادة الاستعجالية في القضاء الاداري" ذ.عبد العتاق فكير – ص 120-
11-مقال ذ.حلمي نفطاطة حول "الطعن في قرار المحافظ العقاري برفض تنفيذ حكم قضائي بين دعوى الالغاء والدعوى الموازية" المنشور بمجلة القضاء الاداري –العدد الاول – ص 64