مقدمة :
مما لاشك فيه أن العالم في السنوات الأخيرة أصبح يعرف نوعا هائلا من التطورات ، سواء تعلق الأمر بالمعاملات الاقتصادية عامة أو المعاملات التجارية خاصة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذا التطور لن يظل في منئى عن وجود منازعات تحكم هذا الباب، و نظرا لتزايد الضغط على المحاكم الابتدائية التي كانت تنظر في جميع أنواع القضايا بما في ذلك القضايا التجارية التي تتطلب نوعا من الدقة والسرعة و الأمان، الشيء الذي لن يتوفر طبعا في المحاكم الابتدائية التي تتطلب غالبا للبث في أي قضية وقتا طويلا قد يمتد إلى سنوات ، مما يتنافى مع مميزات التجارة والسوق التجارية.
وقد عرفت المملكة المغرية في السنين الأخيرة مجموعة من التشريعات الهامة المتعلقة بالميدان الاقتصادي و التجاري، فرضتها ظروف التطور الاقتصادي الذي تعرفه المملكة شأنها في ذالك شأن باقي الدول المتقدمة ، ولا يتعلق الأمر بتنقيح القوانين الموجودة ، بل بمراجعة جدرية لها، وقد شملت هذه المراجعة جميع موضوعات القانون الاقتصادي
وقد تمخض عن هذا التطور التشريعي في الميدان التجاري ، الأخد بحلول قانونية جديدة مما حتم إعطاء صلاحيات مهمة للقضاء في الميدان التجاري و الاقتصادي وهو ما استلزم أن يحدو المشرع المغربي حدو باقي التشريعات المتقدمة ، ويعي ضرورة التفكير الجدي لوجود حل يتماشى مع كل هذه التطورات بإحداث محاكم تجارية للاطلاع بهذه المهام، وقد تم ذلك بمقتضى القانون رقم 95-53 المحدث للمحاكم التجارية المنفذ بالظهير الشريف رقم 95-97-1 المؤرخ في 4 شوال 1717 هجرية, الموافق لتاريخ 12 فبراير 1997 م ، ثم صدر بعد ذلك المرسوم رقم 771-97-2 بتاريخ 25 جمادى الآخرة 1418 ه، الموافق لتاريخ 18 أكتوبر 1997 المتعلق بتحديد عدد المحاكم التجارية ومحاكم الإستئناف التجارية ومقارها ودوائر اختصاصها .
وقد تم إدراجها في إطار التنظيم القضائي للمملكة بمقتضى الظهير الشريف رقم 118-98-1 الصادر بتاريخ 30 جمادى الأولى 1419 ، الموافق لتاريخ 22 شتنبر 1998 ، القاضي بتنفيذ القانون رقم 98-6 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 338 -74 -1 بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1394 ه ، الموافق لتاريخ 15 يوليوز1974 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم القضائي
كما تم ترتيب درجات القضاة و المسؤولين القضائيين لدى المحاكم التجارية بمقتضى الظهير الشريف رقم 117-98-1 بتاريخ 30 جمادى الأولى1914 ه، الموافق لتاريخ 22 شتنبر 1998 القاضي بتنفيذ القانون رقم 98-5 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 467-74-1 بتاريخ 26 شوال 1394 ، الموافق لتاريخ 1 نونبر 1974 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة
عرفت تجربة المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية بدايتها يوم 4 ماي 1998 في كل من الرباط ، الدار البيضاء ، فاس ، مراكش ، أكادير ،وطنجة بالنسبة للمرحلة الابتدائية، وفي مراكش و الدار البيضاء وفاس بالنسبة للمرحلة الاستئنافية
ويعلق الجميع على القضاء التجاري آمالا كبرى لما يكتسبه من أهمية بالنسبة لفض المنازعات في مجال المعاملات التجارية بالسرعة التي تقتضيها طبيعة هذه المعاملات ، وما يتوخى منه من تدعيم للثقة الضرورية لتشجيع الاستثمارات الداخلية و الخارجية
ولتحقيق هذه الآمال تعمل وزارة العدل على جعل تجربة المحاكم التجارية نموذجا يحتدى به والقاطرة التي تقود باقي المحاكم لما هو أرقى.
ولذا شكلت لجنة داخلية كلفت بالقيام بالأعمال التحضيرية لتنصيب المحاكم التجارية ، وتم عقد لقاء تواصلي بين مختلف الأطراف المعنية بالقضاء التجاري لاستطلاع تطلعاتها وما تنتظره من هذه التجربة
وأكثر من هذا فقد تم تنظيم تكوين مستمر ومعمق لفائدة القضاة الذين يتولون تطبيق تلك القوانين الجديدة المتعلقة بالتجارة وفق ثلاثة برامج
الأول : وهو ما سمي ب "الدورة التخصصية في المادة التجارية " التي عقدت على ثلاث مراحل
الثاني : يدخل في إطار التعاون المغربي الفرنسي ، ويتمثل في
- تأطير ندوات عقدت بالمغرب من طرف فرنسيين كندوة " معالجة صعوبات المقاولة" و " الأيام الدراسية حول القانون الجنائي الاقتصادي و المالي"
- تنظيم تداريب بفرنسا لفائدة القضاة المغاربة
الثالث : ويتمثل في تأطير الوزارة لعدة لقاءات تواصلية بين قضاة المحاكم التجارية بهدف ترسيخ فضاءات التواصل والتشاور والتفاعل مع العاملين بالقضاء التجاري من أجل الوقوف على الصعوبات التي قد تعترض أداء هذه المحاكم ، والحفاظ على مستواها المتميز وكذا وضع تقييم داخلي آخدين بعين الإعتبار نظرة الفاعلين الاقتصاديين الذين يطرقون أبواب هذه المحاكم لفض النزاعات و الحفاظ على حقوقهم ، وكذا نظرة مساعدي القضاء الذين سيكون لهم دور كبير في نجاح هذه المحاكم .
كانت هذه محاولة متواضعة للتعرف على نشأة المحاكم التجارية ، وبناء عليه سنحاول أكثر الخوض في غمار عمل هذه المحاكم مركزين على إختصاص المحاكم التجارية و المسطرة داخلها و كذا اختصاصات رئيس
المحكمة التجارية، متبعين في ذلك التصميم التالي
المبحث الأول : اختصاص المحاكم التجارية والد فع بعدم الإختصاص
المطلب الأول : الإختصاص النوعي للمحاكم التجارية و الدفع بعدم الاختصاص
الفقرة الأولى : الإختصاص النوعي للمحاكم التجارية
الفقرة الثانية : الدفع بعدم الإختصاص النوعي
المطلب الثاني : الاختصاص المحلي للمحاكم التجاري والدفع بعدم الإختصاص
الفقرة الأولى : الاختصاص المحلي للمحاكم التجاري
الفقرة الثانية : الدفع بعدم الاختصاص المحلي
المبحث الثاني: المسطرة أمام المحاكم التجارية
المطلب الأول : المساطر أمام المحاكم التجارية الابتدائية
المطلب الثاني : المسطرة أمام محاكم الاستئناف التجارية
المبحث الثالث : اختصاصات رئيس المحكمة التجارية
المطلب الأول: الأوامر المبنية على طلب والمستعجلات كاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة التجارية.
الفقرة الأولى : اختصاص رئيس المحكمة التجارية في القضائية الإستعجالية
الفقرة الثانية: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في النظر في الأوامر المبنية على طلب
المطلب الثاني: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في مسطرة الأمر بالأداء و مساطر صعوبات المقاولة.
الفقرة الأولى: مسطرة الأمر بالأداء كاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة التجارية
الفقرة الثانية: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في الوقاية من صعوبات المقاولة
المبحث الأول : اختصاص المحاكم التجارية والدفع بعدم الاختصاص
بداية وقبل الخوض في غمار البحث حول اختصاص المحاكم التجارية ، تجدر الإشارة إلى تأليف المحاكم التجارية المغربية.
تنص مقتضيات المادة الثانية من القانون رقم 95-53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية على أن تتكون المحاكم التجارية تتكون من رئيس ونواب للرئيس وقضاة ، ومن نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب أوعدة نواب ، ومن كتاية ضبط و كتابة للنيابة العامة. كل هذا بالإضافة إلى قاض للتنفيذ يعين من قبل رئيس المحكمة باقتراح من الجمعية العمومية.
وتنص مقتضيات المادة الثالثة من نفس القانون على أن محاكم الاستئناف التجارية تتكون من رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين ، ونيابة عامة تتكون من وكيل عام للملك ونواب له ، وكذا من كتابة ضبط وكتابة للنيابة العامة.
ويجوز أن تقسم المحكمة التجارية ومحكمة الاستئناف التجارية إلى عدة غرف تبعا لنوع القضايا المعروضة عليها ، إلا أنه يمكن لكل غرفة أن تنظر في كافة القضايا المعروضة على المحكمة.
هذا وتنص المادة الرابعة من نفس القانون على أن المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية، تعقدان جلساتها وتصدران أحكامهما وهما متركبتين من ثلاثة قضاة ، ومن بينهم رئيس ، بحضور كاتب ضبط ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
ويلاحظ أنه على خلاف التشريع الفرنسي الذي يأخذ بنظام انتخاب قضاة المحاكم التجارية من بين التجار من دون اشتراط التكوين القانوني فيهم ، فإن التشريع المغربي يأخد بنظام التعيين من بين القضاة النظاميين المتوفرين على الشواهد العلمية الملائمة ، والخاضعين للنظام الأساسي للقضاء ، مع دعم تكوينهم بالمعارف الاقتصادية و التجارية و غيرها لجعلهم على إلمام بالمعطيات الاقتصادية و الاجتماعية العامة التي تحف بالمقاولة .
بعد محاولة الإلمام بتأليف المحاكم التجارية ، سوف نتطرق لاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وكذا الدفع بعدم الاختصاص النوعي ( المطلب الاول ) ، الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية و الدفع بعدم الاختصاص المحلي ( المطلب الثاني.
المطلب الأول : الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية و الدفع بعدم الاختصاص
سنتناول في هذا المطلب الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية ( الفقرة الأولى) و الدفع بعدم الاختصاص النوعي ( الفقرة الثانية
الفقرة الأولى : الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية
يقصد بالاختصاص الولاية القضائية الممنوحة لمحكمة من المحاكم في أن تنظر قضية ما ، أو هو نصيب الجهة القضائية أو المحكمة من القضايا التي لها ولاية أو سلطة الفصل فيها.
ويرجع استكشاف النص المحدد للاختصاص النوعي للمحاكم التجارية إلى ما هو وارد في القانون رقم 95-53 القاضي بإحداث محاكم تجارية وخاصة المواد من 5 إلى 9 منه ، فضلا عن وجود مقتضيات متفرقة وارد في قوانين أخرى تكمل منظومة اختصاص هذه المحاكم كمدونة التجارة وقوانين الشركات التجارية و قانون المسطرة المدنية.
إن المادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية قامت بتعداد أهم اختصاصات محكمة الموضوع التجارية وهي كالآتي :
- الدعاوى المتعلقة بالعقود التجاري
- الدعاوى الناشئة بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية
- الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية
- النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية
- النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية
من خلال هذا التعداد الذي نص عليه المشرع في اختصاص المحاكم التجارية ، نلاحظ أنه لم يشر إلى صعوبات المقاولة عند تنظيمه للاختصاص النوعي للمحاكم التجارية ، حيث اكتفى بالإشارة إليه عرضا عند تنظيمه للاختصاص المحلي لهذه المحاكم ، وكذا سكوته بشأن الجهة القضائية المختصة للفصل في دعاوى تجديد عقود الأكرية و مراجعة سومتها الخاضعة لظهيري 1955 و 5 يناير1953 ، فهل سيبقى الاختصاص بهذا الشأن بيد المحاكم الابتدائية أم سينتقل إلى المحاكم التجارية ، كما أن المشرع لم يبين ما إذا كان هذا التعداد على سبيل المثال أو على سبيل الحصر ، إذن هذه هي الملاحظات التي يمكن تسجيلها على المادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية ، و الآن سوف ننتقل إلى تفصيلها.
أولا : الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية
لقد أوردت المادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية، أن هذه الأخيرة تختص بالنظر في الدعاوى التي تتعلق بالعقود التجارية.
و المقصود بالعقود التجارية ، العقود المسماة التي نظمها المشرع في مدونة التجارة المواد من 334 إلى 544 وهي عقد الرهن ( الرهن الحيازي للمنقول والرهن دون التخلي عن الحيازة، عقد الوكالة التجارية، عقد السمسرة، عقد الوكالة بالعمولة، عقد الإئتمان الإيجاري ، عقد النقل)، والعقود البنكية، (الحساب البنكي ، ايداع النقود ، ايداع السندات، التحويل ، فتح الإعتماد ، الخصم ، حوالة الديون المهنية ، رهن القيم.
على أنه لا تعتبر العقود المذكورة أعلاه هي كل العقود التجارية، فهناك عقود يعترف لها بالصبغة التجارية دون أن يقوم المشرع المغربي بتنظيمها كعقد المقاولة من الباطن وعقد القرض المستندي...ونظرا لأن هذه العقود التجارية هي في الأصل عقود مدنية وتحمل غالبا نفس أسماء العقود المدنية وتنتج في أغلب الأوقات نفس الآثار، لذا فإن المحاكم التجارية مدعوة لتحديد طبيعة العقود موضوع المنازعات المعروضة حتى تتأكد من مناط اختصاصها، فالعقد لا يكتسب الصفة التجارية لأسباب تتصل بطبيعته، بل يكتسب هذه الصفة تبعا لصفة من أبرم العقد، بحيث يكون العقد تجاريا إذا أبرم بين تجار، وبذلك تسبغ الصفة التجارية على كل عقد يبرمه التاجر إلى أن يثبت العكس، ولذا يعرف العقد التجاري بأنه العقد الذي يجريه التاجر إذا كان متصلا بحرفته.. .وعليه فيمكن للمحاكم التجارية أن تحدد مناط اختصاصها بسهولة ، لأن أغلب العقود التي نظمها المشرع في مدونة التجارة لا يمكن أن تكون إلا تجارية، لأن التجار وحدهم الذين يمكن لهم إبرامها، و أحيانا لا يمكن إبرام هذه العقود إلا من فئة معينة من التجار المتخصصين في ميدان ما، ومن بين هذه العقود عقد الائتمان الإيجاري وعقد نقل الأشياء.
ثانيا : الدعاوى الناشئة بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية
حافظت المادة الخامسة من مدونة التجارة على الاختصاص التقليدي للمحكمة التجارية، وهو البت في النزاعات التي تنشأ بين طائفة التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية، ويعود للمحكمة التجارية أمر التحقق من الصفة التجارية لأطراف النزاع ومن أن النزاع يتعلق بأعمالهم التجارية ، سواء تعلق الأمر بشخص طبيعي أو معنوي، وذلك بالنظر إلى ممارسة هذا الشخص بصورة اعتيادية أو احترافية للأنشطة التي تكتسب معها صفة تاجر.
حيث يعد هذا الإختصاص النوعي للمحاكم التجارية لكونه يبرز الطابع الشخصي لهذه المحاكم، وذلك يجعلها موجهة بامتياز لفائدة التجار، فالمطلوب تبعا للمادة 5 من مدونة التجارة أن تكون المنازعة بين تجار، أي أن يكون كل من المدعي والمدعى عليه تاجرا، أما إذا كانت المنازعة بين تاجر وغير تاجر فيرجع لقواعد الاختصاص المتعلقة بالعقود المختلطة، فغير التاجر له من حيث المبادئ العامة الخيار بين أن يرفع دعواه في مواجهة المدعى عليه التاجر أمام المحاكم الابتدائية أو المحاكم التجارية، أما التاجر فلا يمكنه أن يرفع دعواه في مواجهة غير التاجر سوى أمام المحاكم الابتدائية ، غير أنه يمكن الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر .
ومن البديهي أن النزاعات القائمة بين التجار ليست دائما ذات طبيعة تجارية إذ من الممكن أن تكون لسبب آخر وبعيد كل البعد عن النشاط التجاري الذي يمارسونه كنشوء منازعة بسبب عقد كراء لمحل سكني ومن تم جاء الشرط المضمن في البند 2 من المادة 5 من مدونة التجارة، وهو أن تكون هذه النزاعات القائمة بين التجار و متعلقة بأعمالهم التجارية ، غير أنه ليس كل الدعاوى الناشئة بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية تدخل في اختصاص المحاكم التجارية ونقصد الاستثناء الوارد في نص المادة 5 من القانون المحدث للمحاكم التجارية و الذي جاء فيها أنه تستثنى من اختصاص المحاكم التجارية قضايا حوادث السير.
وإذا كان هذا الاختصاص رهين بكون الدعاوى ناشئة بين التجار ومتعلقة بأعمال تجارتهم فإن هذا يدفعنا إلى تحديد كل من التاجر و الاعمال التجارية.
وبالرجوع إلى مدونة التجارة نجدها لم تعرف التاجر ولكن نصت فقط على الشروط الازمة لاكتساب الصفة التجارية وهي أن يمارس بالاعتياد أو الاحتراف أحد الأنشطة المبينة في المادتين 6 و7 من مدونة التجارة أو ما يماثل هذه الانشطة، كما نصت على ذلك المادة 8 من مدونة التجارة.
أما الإعمال التجارية فيقصد بها الإعمال التجارية الأصلية الواردة في المادتين 6 و7 من مدونة التجارة والاعمال التبعية ، وهي الإعمال التي تعتبر أعمالا مدنية بطبيعتها ، غير أنه اعتبارا لصدورها عن التاجر ولارتباطها بنشاطه التجاري فإنها تكتسب الصفة التجارية بالتبعية، أما الأعمال المدنية للتاجر فلا تدخل في اختصاص المحاكم التجارية .
ثالثا : الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية
يقصد بالأوراق التجارية تلك المنصوص عليها في مدونة التجارة، وهي الكمبيالة والشيك والسند لامر، وباعتبار المحاكم التجارية محاكم غير زجرية فهي غير مختصة للنظر في الدعاوى الجنائية المتعلقة بالاوراق التجارية كجريمة إصدار شيك بدون رصيد ، أو تزوير ورقة تجارية.
رابعا : النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية
يقصد بهذا الاختصاص أن تكون هناك نزاعات بين الشركاء في شركة تجارية، أي أنه يجب أن تكون الشركة ذات صبغة تجارية وليست ذات صبغة مدنية ، والمعلوم أن المشرع المغربي خلع على الشركات الصفة التجارية بحسب شكلها والاستثناء الوحيد هو شركة المحاصة ، أما الشركاء فلم يشترط المشرع فيهم صفة التاجر لانعقاد الاختصاص ، فالشركاء الموصون والمساهمون في شركة المساهمة ورغم عدم اكتسابهم لصفة تاجر فإن المحكمة التجارية هي المحكمة المختصة ، أما بخصوص النزاع فيشترط أن يكون بخصوص أمر من أوامر الشركة كالتسيير أو الحسابات ، فكل ما يخرج عن النزاعات المتعلقة بالشركة لا يدخل في اختصاص المحاكم التجارية ، كما لو كان النزاع بتعلق بموضوع لا علاقة له بالشركة كأداء الدين مثلا .
خامسا : النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية
بخصوص هذا الاختصاص فإن المشرع لم يوضح ما المقصود بالنزاعات المتعلقة بالأصل التجاري، النزاعات الناتجة عن تطبيق مقتضيات القسم الثاني من الكتاب الثاني من مدونة التجارة والذي نظمت فيه العقود المتعلقة بالأصول التجارية ، أم أنه من الممكن إدخال النزاعات الناتجة عن تطبيق ظهير 24 ماي 1955 المتعلق بكراء الأماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف ضمن هذا الاختصاص ؟ كل هذا خلق تضارب للآراء حول أحقية المحكمة التجارية في هذا الاختصاص .
- الرأي المؤيد لاختصاص المحكمة التجارية بدعاوى الأكرية التجارية:
يرى أصحاب هذا الرأي أن تنصيص قانون المحاكم التجارية على اختصاصها بالنظر في النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية كانت الغاية منه هو عدم حصر اختصاص هذه المحاكم في العقود المتعلقة بالأصل التجاري، بل يشمل كل نزاع حول هذا الأصل.
- الرأي المبرر لازدواجية الاختصاص:
هذا الرأي يقول أنه إذا كان كل من المكري و المكتري تاجرين اختصت بالنظر المحاكم التجارية ، لأن العقد هنا عقد تجاري، أما إذا كان المكري غير تاجر و المكتري تاجر ، فالعقد هنا مختلط لذلك تختص المحكمة الابتدائية ما لم يتم الاتفاق بين التاجر و غير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل التاجر.
الفقرة الثانية : الدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام المحاكم التجارية
يعد الدفع بعدم الاختصاص النوعي من الدفوع الشكلية أو الإجرائية وهي الدفوع التي لا تتعرض لأصل الحق ، وإنما تتعلق بالطعن في رفع القضية إلى المحكمة التجارية، والملاحظ أن المشرع المغربي نظم الدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام المحاكم التجارية وفق مسطرة خاصة أوردها في المادة 8 من القانون إحداث المحاكم التجارية ، والتي تنص مقتضياتها على أنه و استثناء من أحكام الفصل 17 من قانون المسطرة المدنية يجب على المحكمة التجارية أن تبث بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي المرفوع إليها وذلك داخل أجل 8 ايام، ويمكن استئناف الحكم المتعلق بالاختصاص خلال أجل 10 أيام من تاريخ التبليغ، ويتعين على كتابة الضبط أن توجه الملف إلى محكمة الاستئناف التجارية في اليوم الموالي لتقديم مقال الاستئناف.
تبث المحكمة داخل أجل 10 أيام تبتدئ من تاريخ توصل كتابة الضبط بالملف، وإذا بثت محكمة الاستئناف التجارية في الاختصاص أحالت الملف تلقائيا على المحكمة المختصة، ويتعين على كتابة الضبط أن توجه الملف إلى المحكمة المختصة داخل أجل 10 أيام من تاريخ صدوره، ولا يقبل قرار المحكمة أي طعن عاديا كان أو غير عادي.
المطلب الثاني : الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية و الدفع بعدم الاختصاص
سنحاول من خلال هذا المطلب تناول الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية ( الفقرة الأولى) و الدفع بعدم الاختصاص ( الفقرة الثانية
الفقرة الأولى:الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية
أقر المشرع المغربي بخصوص الاختصاص المحلي، معيارا شخصيا و معيارا موضوعيا حيث قام بتنظيم الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية بمقتضى المواد من 10 إلى 12 من قانون 95-53 ، فمن حيث المعيار الشخصي فالمادة 10 تطرقت إلى القاعدة العامة كما هو منصوص عليه في الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية ، أما من حيث المعيار الموضوعي والمتعلق بمقر الأموال موضوع النزاع فقد نصت المادة 11 من قانون 95-53 على ثلاث حالات استثنائية تم فيها الخروج عن مقتضيات الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية وهي :
أولا : القاعدة العامة
تنص المادة 10 من قانون إحداث المحاكم التجارية على " يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه ..."
من خلال الاطلاع على مقتضيات المادة أعلاه يتبين أن المشرع أعاد نفس مقتضيات الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية، ويظهر من هذه المقتضيات أنها تضع القواعد التالية:
1 – الأصل أن المحكمة المختصة إقليميا هي المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن المدعى عليه أو محل إقامته فعلى من يدعي الحق أن يتحمل مشاق الالتجاء إلى محكمة خصمه لا العكس.
2 – إذا لم يكن للمدعى عليه موطن أو محل إقامة معروف بالمغرب جاز للمدعي أن يلجأ إلى محكمة موطنه أو محل إقامته.
3 – في حالة تعدد المدعى عليهم واختلاف مواطنهم، يحق للمدعي أن يرفع الدعوى أمام المحكمة التي يوجد فيها موطن أحدهم.
و الملاحظ أن الفقرة الأخيرة من المادة 10 منحت الحق للمدعي في أن يختار في حالة تعدد مواطن المدعى عليهم المحكمة التي يكون في دائرة نفوذها موطن أي واحد منهم دون أن يكون لباقي المدعى عليهم الحق في الدفع بعدم الاختصاص المحلي، فإعطاء حق الاختيار للمدعي قد يضر بباقي المدعى عليهم أو بأحدهم.
وكما هو ملاحظ فالموطن هو المناط الأول في منح الاختصاص للمحكمة مكانيا و يقصد بالمكان المذكور المقر الحقيقي الذي يباشر فيه الشخص نشاطه عادة، أما الموطن المختار فهو المقر الذي يختاره الشخص لمباشرة عمل من أعماله.
وتأكيدا دائما على الطابع الحمائي للمدعي ،سمح له المشرع باختيار موطن أي مدعِى عليه يراه مناسبا للحفاظ على مصالحه والتقليل من النفقات في حالة تعددهم وغياب موطن أو محل له بالمغرب.
ثانيا : الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة
بناء على كل ما سبق، فإن الإستثناءات الواردة على هذه القاعدة منصوص عليها في المادة 11 من قانون 95-53 ، استثناء من أحكام الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية ترفع الدعوى:
- فيما يتعلق بالشركات إلى المحكمة التجارية التابع لها مقر الشركة أو فرعها، ومن المعلوم أن القاعدة في دعاوى الشركات التجارية تقضي بأن ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها المركز الاجتماعي للشركة، فإن المادة 11 من قانون 95-53، واستثناء من المادة 28 من ق م م ،تركت للمدعي الخيار بأن يرفع الدعوى أمام محكمة المقر الاجتماعي أو فرعها.
- فيما يتعلق بصعوبات المقاولة إلى المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة، يتبين بالرجوع إلى المادة 11 من قانون 95-53 أنها أعادت مقتضيات المادة 566 من ق م م.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المشرع الفرنسي قد جعل الاختصاص المحلي بصعوبات المقاولة للمحكمة التي يوجد في دائرة نفوذها مقر مقاولة المدين أو مؤسسته الرئيسية إذا لم يكن لمقاولته مقر داخل التراب الفرنسي
- فيما يخص الإجراءات التحفظية، الاختصاص يرجع إلى المحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها موضوع هذه الإجراءات وهذا استثناء من أحكام الفصل 28 من ق م م.
الفقرة الثانية : الدفع بعدم الاختصاص المحلي
على خلاف قواعد قانون المسطرة المدنية وقانون إحداث المحاكم الإدارية، اعتبر المشرع المغربي وان بصورة غير مباشرة عدم تعلق الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية بالنظام العام وذلك في المادة 12 من قانون 95-53 ، و التي جاءت كالتالي: " يمكن للأطراف في جميع الأحوال أن يتفقوا كتابة على اختيار المحكمة التجارية المختصة".
لكن هذه النتيجة ليست قطعية، ففي أحوال معينة يعد الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية مرتبط بالنظام العام، كما هو الشأن في ما بالاستثناءات التي جاءت بها المادة 11 من ق 95-53 و المادة 566 من مدونة التجارة – الاختصاص للمحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة.
ويمكن قول نفس الشيء بالنسبة لطلب تحقيق الرهن المنصب على الأصل التجاري، حيث نصت الفقرة 2 من المادة 114 من مدونة التجارة على ان الطلب يجب ان يرفع إلى المحكمة التي يستغل بدائرتها الأصل التجاري وإذا كان المشرع المغربي أجاز الاتفاق سواء قبل رفع الدعوى أو أثناءها شرط أن يتم كتابة بين الإطراف.
والاختصاص المحلي كما هو معلوم هو سلطة المحكمة للنظر في نزاعات معينة تدخل ضمن دائرتها الترابية، وأساس هذا الاختصاص يتمثل في رعاية مصلحة الخصوم إذ يتقرر عادة لمحكمة قريبة من محل إقامتهم أو من محل النزاع على الأقل.
والسائد دائما أن الاختصاص المحلي لا يتعلق بالنظام العام ما لم يقض المشرع بخلاف ذلك ، ويقصد بالدفع بعدم الاختصاص المحلي، نفي من رفعت عليه الدعوى لسلطة الحكم فيها بسبب خروجها من النطاق المكاني لولايتها ، وبما أن الدفع بعدم الاختصاص كما أسلفنا لا يتصل بالنظام العام فإن المدعى عليه وحده هو الذي يتوفر على الصفة والمصلحة لإثارة الدفع بعدم الاختصاص باعتباره المستفيد الأول و الأخير من ذلك الدفع.
وقاعدة عدم اتصال الدفع بعدم الاختصاص المحلي بالنظام العام تستفاد ضمنيا من مقتضيات الفصل 16 من ق المسطرة المدنية (ق م م) حيث سمح المشرع لقاضي الدرجة الأولى أن يثير الدفع بعدم الاختصاص النوعي دون المحلي ، كما نصت على ذلك مقتضيات المادة 14 من قانون إحداث المحاكم الإدارية ، والتي تحيل صراحة على مقتضيات الفصل أعلاه ( ف 16 ق م م ).
أما في المادة التجارية فقد نصت المادة 12 من قانون إحداث المحاكم التجارية على أنه يمكن للأطراف في جميع الأحوال أن يتفقوا كتابة على اختيار المحكمة المختصة، كما أن الفقرة 2 من المادة 19 تحيل على قانون المسطرة المدنية.
ويترتب على قاعدة عدم اتصال الاختصاص المحلي بالنظام العام عدة آثار قانونية أهمها:
- ليس للمحكمة أن تثير عدم الاختصاص المحلي تلقائيا، فخروج قواعد الاختصاص المحلي ليس من شأنه أن يمس بالسير العادي للخصومة.
- ليس للنيابة العامة أن تتمسك بخرق قواعد الاختصاص المحلي سواء كانت طرفا أصليا في الدعوى أو مجرد طرف منظم.
- كما يجب على المحكمة التجارية إذا حكمت بعدم الاختصاص المكاني أن تحيل القضية علي المحكمة المختصة تلقائيا و بدون صائر.
وفي ختام هذا المبحث تجدر الإشارة إلى أن المحاكم التجارية حدد لها المشرع المغربي حدا أدنى قيمي للقضايا التي يعود لها حق الاختصاص فيها منظما ذلك في المادة السادسة من القانون 95-53 و التي جاء فيها ما يلي: "تختص المحاكم التجارية بالنظر في الطلبات الأصلية التي تتجاوز قيمتها 20.000 درهم...."
والملاحظ من خلال مقتضيات هذه المادة (م 6 من ق 95-53 )أن المشرع المغربي حدد مبلغ 20.000 درهم كسقف أدنى للقضايا المعروضة عليها، وبمعنى آخر فالقضايا التي تقل قيمتها هذا المبلغ يبقى الاختصاص فيها للمحكمة الابتدائية.
المبحث الثاني : المسطرة أمام المحاكم التجارية
سنحاول من خلال هذا المبحث التعرف أكثر على المسطرة أمام المحاكم التجارية الابتدائية ( المطلب الأول )، وكذا أمام محاكم الإستئناف التجارية ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول : المسطرة أمام المحاكم التجارية الإبتدائية
أوجب المشرع المغربي بمقتضى المادة 13 من قانون إحداث المحاكم التجارية ( ق 95-53 )، إلزامية الترافع أمام المحاكم التجارية عن طريق محام، ويمتد هذا الإلزام إلى جميع مراحل الدعوى .
ويتوجب أن يكون المحامي منتميا لهيئة المحامين بالمغرب ، أو محام يزاول المهنة خارج المغرب ينتمي لدولة تربطها بالمغرب اتفاقية تسمح له بالترافع بعد حصوله على إذم خاص من وزير العدل، شرط أن أن يعين محل المخابرة معه بمكتب أحد المحامين المقيدين بإحدى هيئات المحامين بالمملكة وفق لما تنص عليه الفقرة 2 من المادة 31 من القانون المنظم لمهنة المحامين.
وبعد قيد القضية لدى كتابة ضبط المحكمة مقابل وصل يتضمن البيانات التالية :
- الإسم الكامل للمدعي
- تاريخ إيداع المقال باليوم و الشهر و السنة
- رقم القضية بالسجل
- نوع المستندات المرفقة بالمقال و عدده
ويجب عليه بالإضافة إلى ذلك أن يقوم بإيداع بنسخة من هذا الوصل في الملف المفتوح للقضية لتكون من بين وثائقه.
بمجرد تقييد المقال يعين رئيس المحكمة التجارية حالا ودون تأخير قاضيا مقررا يحال عليه الملف خلال 24 ساعة، و يتعين على هذا الأخير أن يحدد تاريخ أقرب جلسة تعرض فيها القضية يستدعي فيها الأطراف، و يقوم بتجهيز القضية القاضي المقرر أو المحكمة التجارية حسب الأحوال. ذلك أنه طبقا للمادة 16 من القانون المحدث للمحاكم التجارية فإن القضية إذا لم تكن جاهزة للبث فيها أمكن للمحكمة التجارية أن تؤجلها إلى أقرب جلسة أو ترجعها إلى المقرر، وفي جميع الأحوال يتعين على القاضي المقرر أن يحيل القضية من جديد إلى الجلسة في أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر.
ويتم إستدعاء الأطراف بواسطة عون قضائي ما لم تقر المحكمة توجيه الإستدعاء بالطرق المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية.
أما في ما يخص النطق بالحكم فقد استحدث قانون المحاكم التجارية مقتضيات جديدة خاصة بالنطق بالأحكام نص عليها في المادة 17 من القانون 95-53، وتتعلق بوجوب تحديد تاريخ النطق بالحكم عند وضع القضية في المداولة وتحرير الحكم بكامله قبل النطق به. والنطق بالحكم يكون في جلسة علنية وبكيفية تبين فحوى الحكم، وذلك بقراءة أسبابه و منطوقه، أو الإقتصار على المنطوق وحده.
وباستثناء ما سبق، فإن المسطرة أمام المحاكم التجارية لا تختلف عن مسطرة جريان الدعوى كما هي مقررة في قانون المسطرة المدنية .
المطلب الثاني : المسطرة أمام محاكم الاستئناف التجارية
تستأنف الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية أمام محكمة الاستئناف التجارية التابعة لدائرة نفوذها داخل أجل خمسة عشر يوما من تبليغ الحكم، مع مراعاة المقتضيات الخاصة باستئناف الأحكام الصادرة بشأن الدفع بعدم الاختصاص إذ يجب تقديم الاستئناف داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ طبقا للمادة الثامنة من قانون إحداث المحاكم التجارية ، وكذلك المقتضيات المتعلقة باستئناف المقررات الصادرة في مادة معالجة صعوبات المقاولة خلال أجل 10 أيام من تاريخ التبليغ ما لم ينص على مقتضى مخالف وذلك تطبيقا للمادة 730 من مدونة التجارة.
و تخضع إجراءات رفع الاستئناف للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية طبقا للفصول من 134 إلى 141، وتطبق أمام محاكم الاستئناف التجارية نفس المسطرة المتبعة أمام المحكمة التجارية الابتدائية ، وخاصة ما يتعلق منها برفع المقال بواسطة محام، وتعيين المقرر، وتجهيز القضية للنطق بالقرار وذلك وفق لمقتضيات المواد 13 إلى 17 من قانون إحداث المحاكم التجارية.
وكما هو ملاحظ فإن المشرع قصر من أجل الاستئناف عن الأجل المعمول به وفق المسطرة العادية من 30 يوما إلى 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم، وحرصا على السرعة فقد أوجب على كتابة الضبط أن ترفع مقال الاستئناف مع المستندات المرفقة إلى كتابة ضبط المحكمة الاستئناف التجارية خلال أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ تقديم المقال الاستئنافي كما نصت على ذلك المادة 18 من قانون إحداث المحاكم التجارية، حيث تأخد حينئذ الدعوى مجراها وفق نفس المسطرة بالنسبة للمحكمة التجارية.
كان هذا كل ما يتعلق بالمسطرة أمام المحاكم التجارية وكذا محاكم الاستئناف التجارية، وبقي أن نشير إلى كيفية التبليغ و التنفيذ داخل هذه المحاكم، حيث تطبق أمام هذه المحاكم اجراءات التبليغ و التنفيذ طبق القواعد العامة لقانون المسطرة المدنية مع وجود مقتضيات خاصة وردت في القانون المحدث للمحاكم التجارية.
- التبليغ : يعتبر التبليغ من أهم إجراءات التقاضي سواء تعلق الأمر بتبليغ الاستدعاء أو الحكم أو القرار، فهو يواكب مراحل الدعوى منذ بدايتها إلى غاية صدور الحكم فيها وصيرورته قابلا للتنفيذ.
ومن أجل أن يجرى التبليغ بصورة سليمة فقد نص المشرع المغربي من خلال المادة 15 من قانون إحداث المحاكم التجارية، على أن إجراءات التبليغ أمام هذه المحاكم يقوم بها الأعوان القضائيون وفق أحكام القانون المنظم لمهنتهم رقم ( 80-41 ) والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 440-80-1 الصادر بتاريخ 25 دجنبر 1980، غير أن التبليغ أمام هذه المحاكم لا يقتصر على هيئة الأعوان القضائيين، بل بإمكان المحكمة أن تقرر توجيه الإستدعاء بالطرق المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية، وذلك بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط أو عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل أو بالطريقة الإدارية أو عن الطريق الدبلوماسي أو حسب المقتضيات الواردة في اللإتفاقيات .
- التنفيذ :
أ – قاضي متابعة إجراءات التنفيذ:
من مستجدات القانون المحدث للمحاكم التجارية، إحداث مؤسسة قاضي متابعة إجراءات التنفيذ وذلك بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 2 من القانون المحدث للمحاكم التجارية التي خولت لرئيس المحكمة التجارية تعيين قاض مكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ باقتراح من الجمعية العمومية للمحكمة التجارية.
إن من شأن خلق هذه المؤسسة تتبع القاضي لجميع إجراءات التنفيذ و السهر على حسن قيامهم بها دون تأخير أو تماطل.
ب – إجراءات التنفيذ :
نصت المادة 23 من قانون إحداث المحاكم التجارية : " يبلغ عون التنفيذ الطرف المحكوم عليه الحكم المكلف بتنفيذه و يعذره بأن يفي بما قضى به الحكم أم تعريفه بنواياه، وذلك من خلال أجل لا يتعدى عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ.
يتعين على عون التنفيذ تحرير محضر بالحجز التنفيذي أو بيان الأسباب التي حالت دون انجازه وذلك خلال عشرين يوما تبتدئ من تاريخ انتهاء أجل الاعذار.
تطبق لدى المحاكم التجارية المقتضيات المتعلقة بالقواعد العامة للتنفيذ الجبري للأحكام الواردة في الباب الثالث من القسم الرابع من المسطرة المدنية ما لم يوجد نص مخالف".
وهذه المقتضيات الخاصة بتنفيذ أحكام المحاكم التجارية تتلاءم و مبدأ تسريع المسطرة أمام المحاكم، غير أنها تصطدم بمشاكل تؤثر على سرعة مسطرة التنفيذ عندما تباشر عن طريق الإنابات القضائية سواء أمام المحاكم المدنية أو المحاكم التجارية الأخرى خاصة عندما تثار صعوبات في تنفيذ الأحكام موضوع هذه الإنابات.
المبحث الثالث: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية
لقد منح المشرع المغربي لرئيس المحكمة التجارية الاختصاصات على غرار ما جاء في قانون المسطرة المدنية فيما يتعلق بالقضايا الاستعجالية والأوامر المبنية على طلب ( المطلب الأول)، و مسطرة الأمر بالأداء والوقاية من صعوبات المقاولة ( المطلب الثاني .
المطلب الأول: الأوامر المبنية على طلب والمستعجلات كاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة التجارية.
الفقرة الأولى : اختصاص رئيس المحكمة التجارية في القضائية الإستعجالية
نصت المادة 21 من قانون احداث المحاكم التجارية على أن: " يمكن لرئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للأمور المستعجلة وفي حدود اختصاص المحكمة أن يأمر بكل التدابير التي لا تمس أية منازعة جدية..."
وتتسم الأوامر الإستعجالية بأنها مؤقتة بصراحة الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية، وليس لهذه الأوامر وبذلك فإنها لا تلزم محكمة الموضوع عند نظرها في الدعوى الأصلية و يجوز لها الحكم بما جاء به الأمر الاستعجالي ،كما تتميز الأوامر الإستعجالية بالسرعة التي تصدر بها إذ يمكن تقديم الطلب في غير الأيام و الساعات المعينة للقضاء المستعجل في حالة الاستعجال القصوى سواء إلى قاضي المستعجلات أو إلى مقر المحكمة وقبل التقييد في سجل كتابة الضبط ويعين فورا اليوم والساعة التي ينظر فيها الطلب، ويمكن له أن يبت حتى في أيام الآحاد و أيام العطل وذلك تطبيقا للفصل 150 من قانون المسطرة المدنية ، كما تكون الأوامر الإستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، غير أنه يمكن للقاضي أن يقيد التنفيذ المعجل بتقديم كفالة وذلك طبقا للفصل 153 من قانون المسطرة المدنية.
ويتبين من خلال مقتضيات المادة 21 من قانون احداث المحاكم أن المشرع خول لقاضي المستعجلات نوعين من الاختصاص محددان في الأمر بكل التدابير التي لا تمس أية منازعة جدية و الأمر بكل التدابير التحفظية أو بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
فاختصاص رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضي المستعجلات مرهون بكون الإجراء المطلوب لا يمس أية منازعة جدية، ويظهر أن غياب هذا الشرط قد حل محل شرط عدم المساس بالجوهر المنصوص عليه في الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية .
تنص الفقرة الثالثة من المادة المذكورة على :" يمكن لرئيس المحكمة ضمن نفس النطاق.... أن يأمر بكل التدابير التحفظية أو بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه..." فهذه الفقرة لا تتعلق بنفس ما تشير إليه الفقرة الأولى من الفصل 21 من قانون إحداث المحاكم التجارية ، وتهدف أساسا إلى التصدي المؤقت لحالة الأمر الواقع وشروط تطبيقها تختلف عن شروط الفقرة الأولى من نفس المادة، كما أن الإجراءات التي تسمح بها تمتد إلى مفهوم إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، ويشترط لتطبيقها توفر قيام ضرر حال أو اضطراب ثبت جليا أنه غير مشروع، ويطلب من قاضي المستعجلات وضع حد لها مؤقتا و يكون الإجراء المطلوب ردعيا و ليس وقائيا كما في حالة الضرر الحال، وفي كلتا الحالتين فإن عنصر الاستعجال مفترض و لا حاجة إلى البحث في توفره. ومن أمثلة الاضطراب الغير مشروع بصورة جلية احتلال أمكنة العمل من طرف عمال مضربين عن العمل عندما يكون هذا الاحتلال مؤشرا على حصول أضرار بالمعدات و بحالة مكان العمل أو من شأنه الإخلال باستمرار نشاط المقاولة.
إلى جانب الاختصاص العام المخول للقضاء الاستعجالي بمقتضى المادة 21 من قانون احداث المحاكم التجارية أسند المشرع إلى قاضي المستعجلات صلاحية البث في قضايا محددة بنص صريح في القانون، ويختلف هذا الاختصاص عن الاختصاص العام المقرر في هذه المادة أنه مخول بنص القانون فلا يجوز امتداده إلى أحوال أخرى بطريق القياس عليها إلا إذا كان القضاء المستعجل مختصا بنظرها في الإطار العام، واختصاصات رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاض للمستعجلات بمقتضى نصوص خاصة منصوص عليها في قوانين متعددة ومنها على سبيل المثال تلك المنصوص عليها في مدونة التجارة في المواد 363 و370 و371 373 و435، وقانون شركات المساهمة في المواد 15و49 و115و116و157و167و179و212و221و445 ، وقانون باقي الشركات في المواد 14 و17و52و79.
الفقرة الثانية: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في النظر في الأوامر المبنية على طلب
نصت المادة 149 من قانون المسطرة المدنية على " يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبث بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو إجراء تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا".
يتبين من خلال المادة المذكورة أعلاه أن المشرع أورد عبارة " يختص رؤساء المحاكم الابتدائية" وهو نفس الاختصاص الذي أسنده لرئيس المحكمة التجارية وذلك بناء على مقتضيات المادة 20 من قانون احداث المحاكم التجارية حيث جاء فيه: " يمارس رئيس المحكمة التجارية الاختصاصات المسندة إلى رئيس المحكمة الابتدائية بموجب قانون المسطرة المدنية وكذا الاختصاصات المخولة له في المادة التجارية".
وقد ورد في بداية الفصل 149 من ق م م، اختصاص رئيس المحكمة بالبث في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار، وعلية فإنه من بين المهام التي أناطها المشرع برئيس المحكمة التجارية بصفته الولائية الأمر بإثبات حال، ويقصد به معاينة حالة مادية يخشى ضياع معالمها في انتظار عرض النزاع على محكمة الموضوع، ويستفاد من هذا أن دعوى اثبات حال هي من الدعاوى المستعجلة و الوقتية التي لا تمس بأصل الحق ، وتجدر الاشارة إلى أن دعوى إثبات حال هي من الدعاوى الوقتية التي لا تمس أصل الحق حيث لا ترمي إلا لإثبات وقائع مادية بحثة ولا تعد وسيلة لانتزاع الدليل القانوني من يد الخصم، و عموما يلاحظ أن دعوى إثبات حال تدخل في إختصاص القضاء الاستعجالي العام وذلك كلما تعلق الأمر بواقعة يخشى عليها من فوات الوقت و لا تمس بحقوق الغير ، وتتميز الأوامر الصادرة في إطار الفصل 148 من ق م م، لا تتطلب الشكليات القانونية فهي تصدر في غيبة الأطراف و بدون حضور كاتب الضبط و بدون جلسة فهي تصدر بمكتب رئيس المحكمة.
وعليه فإنه يشترط في الأوامر المبنية على طلب توفر عنصر الاستعجال، فإذا لم يتوفر هذا الشرط في الحالات المنصوص عليها في الفصل 148 من ق م م، فإنه لا يكون مختصا بصددها كقاض للمستعجلات و إنما يعود الاختصاص له كقاضي للأمور الوقتية .
كانت هذه إشارة إلى بعض الأنواع الأخرى للأوامر المبنية على طلب و التي يختص فيها رئيس المحكمة أخدت على سبيل المثال لتقريب هذا الاختصاص، وبقي لنا أن نشير لطرق الطعن المسموح بها في إطار الأوامر المبنية على طلب و كذا الآثار المترتبة عليها.
من البديهي و المنطقي أنه من يصدر الأمر لصالحه لا تكون له أية مصلحة في الطعن فيه ومن تم لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالة التي يكون فيها الأمر قد استجاب لطلبه بصفة جزئية فيسري في حق الباقي منها ما يرجع لحالة رفض الطلب ، وقد أتاح المشرع المغربي للطرف الذي تم رفض طلبه شخصيا دون غيره إمكانية اللجوء إلى استئناف الأمر القاضي برفض الطلب داخل أجل 15 يوم باستثناء الرفض المتعلق بإثبات حال أو توجيه إنذار، غير أنه تجدر الإشارة إلى أن استعمال الطعن بالاستئناف من لدن طالب الأمر يبتدئ أجله من يوم النطق بالرفض دونما حاجة إلى انتظار التبليغ.
ويترتب على الطعن في الأوامر المبنية على طلب عدة آثار، حيث يحتفظ أطراف الدعوى بالمواقف التي كانت لهم فيها أول الأمر، بحيث أن مثير الصعوبة المدعى عليه يبقى المستفيد من مسطرة المراجعة كما هو متعارف عليه بمسطرة الطعن في الأحكام الغيابية وما يترتب عنها في مادة الإثبات.
المطلب الثاني: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في مسطرة الأمر بالأداء و مساطر صعوبات المقاولة.
سنحاول من خلال هذا المطلب التعرف على اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في النظر في مسطرة الأمر بالأداء ( الفقرة الأولى)، و مساطر صعوبات المقاولة ( الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: مسطرة الأمر بالأداء كاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة التجارية
بالرغم من السرعة المفترضة للمسطرة التجارية فإنها قد لا تفي أحيانا بالغرض المطلوب مما يستلزم مسطرة أسرع لاستيفاء الديون التجارية هي مسطرة الأمر بالأداء وقد نظم المشرع المغربي هذه المسطرة أمام المحاكم التجارية بمقتضى المادة 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية، و التي تنص على: "يختص رئيس المحكمة التجارية بالنظر في طلب الأمر بالأداء الذي تتجاوز قيمته 20.000 درهم، والمبني على الأوراق التجارية و المستندات الرسمية، تطبيقا لأحكام الباب الثالث من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية.
في هذه الحالة وخلافا لمقتضيات الفصلين 161 و 162 من قانون المسطرة المدنية، لا يوقف أجل الاستئناف والاستئناف نفسه تنفيذ الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة.
غير أنه يمكن لمحكمة الاستئناف التجارية أن توقف التنفيذ جزئيا أو كليا بقرار معلل ".
يتبين من خلال هذه المادة أن المشرع منح رئيس المحكمة صلاحية إصدارالأمر بالأداء اسوة برئيس المحكمة التجارية، كما أحال على مجمل القواعد و الإجراءات المتعلقة في هذا المجال، والمنصوص عليها في الفصول من 155 إلى 165 من قانون المسطرة المدنية، لكنه خرج عن جزء منها يتعلق بطبيعة السند المثبت للدين
.وتعتبر مسطرة الأمر بالأداء من أكثر المساطر تطبيقا أمام المحاكم التجارية إذ أنها تشكل ما يفوق ربع
القضايا المسجلة بهذه المحاكم، إلى الحد الذي يدفعنا إلى القول بأن نجاح هذه المحاكم مستمد بشكل كبير من هذه المسطرة .
ولقبول طلب الأمر بالأداء اشترط المشرع شروطا بدون توفرها لايمكن قبول هذه المسطرة وهي:
1 – أن يكون الطلب متعلقا بتأدية مبلغ مالي يتجاوز 20000 درهم.
2 – أن ترفع الدعوى بمقال مكتوب موقع من طرف محام طبقا للمادة 13 من القانون المحدث للمحاكم التجارية، ويتضمن الإسم العائلي و الشخصي ومهنة وموطن الأطراف مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب وأن يعزز الطلب بالسند المثبت للدين.
3 – أن يكون للمدين موطن معروف بتراب المملكة وأن لا يكون مطلوبا تبليغ الأمر بالخارج .
4 – أن يكون مبلغ الدين حالا واجب الأداء.
ويتبين من خلال هذه الشروط التي فرضها المشرع لتقديم طلب الأمر بالأداء، أنه في حال عدم توفر أحد هذه الشرط لا يمكن الحديث عن الأمر بالأداء.
وبناء على كل ما سبق يجب تحديد المقصود بالأوراق التجارية والسندات الرسمية، فالأولى – الأوراق التجارية- فقد حدد الباب الثالث من مدونة التجارة الأوراق التجارية في الكمبيالة و السند لأمر و الشيك ووسائل أداء أخرى، ويشترط في هذه الأوراق أن تتوفر فيها البيانات الإلزامية التي يترتب عن تخلفها فقدان الورقة لصفتها التجارية مما تصبح معه باطلة أو تتحول إلى مجرد سند عادي إذا توفرت فيه شروطه القانونية، وبالتالي لا يبقى رئيس المحكمة التجارية مختصا للبث فيه.
والمقصود بوسائل أخرى التي جاءت بها المادة 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية،تلك المنصوص عليها في المادة 329 من مدونة التجارة، جميع الوسائل التي تمكن أي شخص من تحويل أموال كيفما كانت الطريقة المستعملة لذلك حسب مفهوم المادة 4 من قانون مؤسسات الإئتمان المؤرخ بتاريخ 6 يوليوز1993 .
أما المقصود بالسندات الرسمية فقد عرفه الفصل 418 من قانون الالتزامات و العقود، حيث عرف الورقة الرسمية تلك التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون،وبذلك تكون العقود المحررة من طرف العدول بعد خطاب قاضي التوثيق عليها طبقا للفصل 30 من القانون المحدث لخطة العدالة والمحررة من طرف الموثقين سندات رسمية، وتصلح لاعتمادها في إطار مسطرة الأمر بالأداء بشرط أن تتعلق بمعاملة تجارية.
فالأوراق التجارية والسندات الرسمية هي التي تجعل رئيس المحكمة التجارية مختصا لإصدار أمر بالأداء، وبمفهوم المخالفة إذا كان الطلب مبنيا على أوراق عرفية أو على أوراق غير تجارية، فيعلن في هذه الحالة عن عدم اختصاصه لا رفض الطلب .
كما يبث رئيس المحكمة التجارية في الطلب في غيبة الأطراف ودون استدعائهم، ويمكن له الإستجابة لطلبهم جزئيا أو كليا في ضوء مؤيدات الطلب ويتمتع بهذا الشأن بسلطة تقديرية كما يحق له أن يرفض الطلب ويحيل الأطراف على المحكمة المختصة وفق الإجراءات العادية .
ويبلغ الأمر الموافق للطلب إلى المدعى عليه الذي يجب عليه أن يدفع المبلغ المحكوم به في ظرف 8 أيام الموالية لهذا التبليغ وفقا لما نص عليه الفصل 160 من قانون المسطرة المدنية، وتشتمل وثيقة التبليغ على نسخة من المقال وسند الدين و الأمر بالأداء وإنذار المدين بوجوب تسديد الدين و الصوائر المحددة في الأمر، مع إشعاره بأنه إذا كانت لديه وسائل دفاع يريد استعمالها سواء فيما يخص الإختصاص أو الموضوع أن من الواجب عليه أن يقدم الاستئناف في ظرف 8 أيام وفقا لمقتضيات الفصل 161 من قانون المسطرة المدنية، غير أن الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة التجارية يكون مشمولا بالنفاد المعجل لأن المادة 22 من قانون احداث المحاكم التجارية تضمنت أن الاستئناف وأجل الاستئناف لا يوقفان التنفيذ، بخلاف الأمر بالأداء الصادر عن المحكمة الابتدائية لا يقبل التنفيذ بقوة القانون بل لابد من انتظار مرور أجل الطعن بالاستئناف.
الفقرة الثانية: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في الوقاية من صعوبات المقاولة
يختص رئيس المحكمة التجارية في النظر في مساطر صعوبات المقاولة سواء تعلق الأمر بمرحلة الوقاية الداخلية أو الوقاية الخارجية .
حيث يتعين على مراقب الحسابات أو شركاء المقاولة أن يبلغ رئيس المقاولة الوقائع التي من شأنها الإخلال باستمرارية استغلال المقاولة ، داخل أجل ثمانية أيام من اكتشافه لها بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل ، يدعوه فيها إلى تصحيح ذلك الإخلال ، وإذا لم يستجب رئيس المقاولة خلال 15 يوما أو لم يصل مجلس الإدارة أو مجلس المراقبة إلى نتيجة مفيدة عرض الأمر على الجمعية العامة بعد سماعها لتقرير المراقب وذلك طبقا للمادة 546 من مدونة التجارة، وفي حالة عدم تداول الجمعية العمومية أو إذا لوحظ أن الاستمرارية ما زالت مختلة رغم القرار المتخذ من طرف الجمعية العامة، أخبر رئيس المحكمة بذلك من طرف المراقب أو من طرف رئيس المقاولة طبقا للمادة 547 من مدونة التجارة.
أما فيما يخص مرحلة الوقاية الخارجية تمارس عن طريق رئيس المحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها المقر الرئيسي للمقاولة أو المقر الاجتماعي للشركة، وذلك في حالة فشل إجراءات الوقاية الداخلية أو في الحالة التي يتبين له من كل عقد أو وثيقة أو إجراء أن شركة تجارية أو مقاولة فردية تجارية أو حرفية تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغلالها حيث يستدعي رئيس المحكمة رئيس المقاولة قصد النظر في الإجراءات الكفيلة بتصحيح الوضعية وذلك حسب مقتضيات المادة 548 من مدونة التجارة، إن استدعاء مسير المقاولة يكون بقصد سماع ملاحظاته حول تصحيح الوضعية، ويلاحظ أن المشرع لم يرتب جزاء على عدم استجابة مسير المقاولة للاستدعاء، يكون من حق رئيس المحكمة التحقق من الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة عن طريق مراقب الحسابات أو الإدارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال أو شخص آخر طبقا للمادة 548 من مدونة التجارة، كالخبراء مثلا ولا يواجه هذا البحث بمقتضيات السر المهني، وعلى ضوء نتيجة البحث التي توصل إليها رئيس المحكمة يتخذ قراره، فإذا لم تكن المقاولة في وضعية التوقف عن الدفع، وإنما تعاني من صعوبات قانونية أو إقتصادية أو مالية أو لها حاجات لا يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب امكانيات المقاولة، أمكن إجراء التسوية الودية طبقا للمادة 550 من مدونة التجارة، أما إذا تبين أن المقاولة في وضعية التوقف عن الدفع فيحيل المقاولة إلى مسطرة من مساطر المعالجة.
ويستدعي رئيس المحكمة التجارية رئيس المقاولة إلى مكتبه عن طريق كاتب الضبط فور استلام الطلب قصد تلقي شروحاته طبقا للمادة 551 من مدونة التجارة، ويكون من حق رئيس المحكمة التحقق من الوضعية الاقتصادية و المالية للمقاولة عن طريق مراقب الحسابات أو الادارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال، أو أي شخص آخر طبقا للمادة 548 من مدونة التجارة، وعلاوة على ذلك يمكنه تكليف خبير لاعداد تقرير عن تلك الوضعية طبقا للمادة 551 من مدونة التجارة، أما إذا تحقق الرئيس من أن هناك امكانية لتصحيح وضعية المقاولة، فتح إجراء التسوية الودية وعين مصالحا لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة للتمديد شهرا على الأكثر طبقا لمقتضيات المادة 553 من مدونة التجارة، ويحدد الرئيس مهمة المصالح الرامية إلى إبرام اتفاق ودي مع الدائنين، كما يمد الرئيس المصالح بالمعلومات المتوفرة لديه طبقا للمادة 554 من مدونة التجارة، ويمكن للرئيس بعد الاستماع إلى الدائنين الرئيسيين أن يصدر أمرا يحدد مدة الوقف عن الدفع في أجل لا يتعدى مدة قيام المصالح بمهمته طبقا للمادة 555 من مدونة التجارة، حيث يعتبر الأمر بوقف المتابعات بمثابة فرصة للمقاولة لتستعيد أنفاسها بحيث يبقى المدين محتفظا بحريته بالتصرف إذ يوقف الاتفاق أثناء مدة تنفيذه كل دعوى قضائية، أما الدائنين الثانويين يبقون محتفظين بدعاويهم الفردية.
وعند إبرام الاتفاق مع جميع الدائنين، يصادق عليه رئيس المحكمة تلقائيا ويودع لدى كتاب الضبط، أما إذا تم الاتفاق مع بعض الدائنين فقط أمكن لرئيس المحكمة أن يصادق عليه طبقا للمادة 556 من مدونة التجارة، وتتعدى صلاحيات رئيس المحكمة في حالة الاتفاق مع بعض الدائنين فقط إلى أمكانية منح آجال للأداء، فيما يخص الديون التي لم يشملها الاتفاق طبقا للمادة 556 من مدونة التجارة.
تاريخ التوصل: 6 أكتوبر2011
تاريخ النشر:8 أكتوبر2011
مما لاشك فيه أن العالم في السنوات الأخيرة أصبح يعرف نوعا هائلا من التطورات ، سواء تعلق الأمر بالمعاملات الاقتصادية عامة أو المعاملات التجارية خاصة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذا التطور لن يظل في منئى عن وجود منازعات تحكم هذا الباب، و نظرا لتزايد الضغط على المحاكم الابتدائية التي كانت تنظر في جميع أنواع القضايا بما في ذلك القضايا التجارية التي تتطلب نوعا من الدقة والسرعة و الأمان، الشيء الذي لن يتوفر طبعا في المحاكم الابتدائية التي تتطلب غالبا للبث في أي قضية وقتا طويلا قد يمتد إلى سنوات ، مما يتنافى مع مميزات التجارة والسوق التجارية.
وقد عرفت المملكة المغرية في السنين الأخيرة مجموعة من التشريعات الهامة المتعلقة بالميدان الاقتصادي و التجاري، فرضتها ظروف التطور الاقتصادي الذي تعرفه المملكة شأنها في ذالك شأن باقي الدول المتقدمة ، ولا يتعلق الأمر بتنقيح القوانين الموجودة ، بل بمراجعة جدرية لها، وقد شملت هذه المراجعة جميع موضوعات القانون الاقتصادي
وقد تمخض عن هذا التطور التشريعي في الميدان التجاري ، الأخد بحلول قانونية جديدة مما حتم إعطاء صلاحيات مهمة للقضاء في الميدان التجاري و الاقتصادي وهو ما استلزم أن يحدو المشرع المغربي حدو باقي التشريعات المتقدمة ، ويعي ضرورة التفكير الجدي لوجود حل يتماشى مع كل هذه التطورات بإحداث محاكم تجارية للاطلاع بهذه المهام، وقد تم ذلك بمقتضى القانون رقم 95-53 المحدث للمحاكم التجارية المنفذ بالظهير الشريف رقم 95-97-1 المؤرخ في 4 شوال 1717 هجرية, الموافق لتاريخ 12 فبراير 1997 م ، ثم صدر بعد ذلك المرسوم رقم 771-97-2 بتاريخ 25 جمادى الآخرة 1418 ه، الموافق لتاريخ 18 أكتوبر 1997 المتعلق بتحديد عدد المحاكم التجارية ومحاكم الإستئناف التجارية ومقارها ودوائر اختصاصها .
وقد تم إدراجها في إطار التنظيم القضائي للمملكة بمقتضى الظهير الشريف رقم 118-98-1 الصادر بتاريخ 30 جمادى الأولى 1419 ، الموافق لتاريخ 22 شتنبر 1998 ، القاضي بتنفيذ القانون رقم 98-6 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 338 -74 -1 بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1394 ه ، الموافق لتاريخ 15 يوليوز1974 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم القضائي
كما تم ترتيب درجات القضاة و المسؤولين القضائيين لدى المحاكم التجارية بمقتضى الظهير الشريف رقم 117-98-1 بتاريخ 30 جمادى الأولى1914 ه، الموافق لتاريخ 22 شتنبر 1998 القاضي بتنفيذ القانون رقم 98-5 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 467-74-1 بتاريخ 26 شوال 1394 ، الموافق لتاريخ 1 نونبر 1974 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة
عرفت تجربة المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية بدايتها يوم 4 ماي 1998 في كل من الرباط ، الدار البيضاء ، فاس ، مراكش ، أكادير ،وطنجة بالنسبة للمرحلة الابتدائية، وفي مراكش و الدار البيضاء وفاس بالنسبة للمرحلة الاستئنافية
ويعلق الجميع على القضاء التجاري آمالا كبرى لما يكتسبه من أهمية بالنسبة لفض المنازعات في مجال المعاملات التجارية بالسرعة التي تقتضيها طبيعة هذه المعاملات ، وما يتوخى منه من تدعيم للثقة الضرورية لتشجيع الاستثمارات الداخلية و الخارجية
ولتحقيق هذه الآمال تعمل وزارة العدل على جعل تجربة المحاكم التجارية نموذجا يحتدى به والقاطرة التي تقود باقي المحاكم لما هو أرقى.
ولذا شكلت لجنة داخلية كلفت بالقيام بالأعمال التحضيرية لتنصيب المحاكم التجارية ، وتم عقد لقاء تواصلي بين مختلف الأطراف المعنية بالقضاء التجاري لاستطلاع تطلعاتها وما تنتظره من هذه التجربة
وأكثر من هذا فقد تم تنظيم تكوين مستمر ومعمق لفائدة القضاة الذين يتولون تطبيق تلك القوانين الجديدة المتعلقة بالتجارة وفق ثلاثة برامج
الأول : وهو ما سمي ب "الدورة التخصصية في المادة التجارية " التي عقدت على ثلاث مراحل
الثاني : يدخل في إطار التعاون المغربي الفرنسي ، ويتمثل في
- تأطير ندوات عقدت بالمغرب من طرف فرنسيين كندوة " معالجة صعوبات المقاولة" و " الأيام الدراسية حول القانون الجنائي الاقتصادي و المالي"
- تنظيم تداريب بفرنسا لفائدة القضاة المغاربة
الثالث : ويتمثل في تأطير الوزارة لعدة لقاءات تواصلية بين قضاة المحاكم التجارية بهدف ترسيخ فضاءات التواصل والتشاور والتفاعل مع العاملين بالقضاء التجاري من أجل الوقوف على الصعوبات التي قد تعترض أداء هذه المحاكم ، والحفاظ على مستواها المتميز وكذا وضع تقييم داخلي آخدين بعين الإعتبار نظرة الفاعلين الاقتصاديين الذين يطرقون أبواب هذه المحاكم لفض النزاعات و الحفاظ على حقوقهم ، وكذا نظرة مساعدي القضاء الذين سيكون لهم دور كبير في نجاح هذه المحاكم .
كانت هذه محاولة متواضعة للتعرف على نشأة المحاكم التجارية ، وبناء عليه سنحاول أكثر الخوض في غمار عمل هذه المحاكم مركزين على إختصاص المحاكم التجارية و المسطرة داخلها و كذا اختصاصات رئيس
المحكمة التجارية، متبعين في ذلك التصميم التالي
المبحث الأول : اختصاص المحاكم التجارية والد فع بعدم الإختصاص
المطلب الأول : الإختصاص النوعي للمحاكم التجارية و الدفع بعدم الاختصاص
الفقرة الأولى : الإختصاص النوعي للمحاكم التجارية
الفقرة الثانية : الدفع بعدم الإختصاص النوعي
المطلب الثاني : الاختصاص المحلي للمحاكم التجاري والدفع بعدم الإختصاص
الفقرة الأولى : الاختصاص المحلي للمحاكم التجاري
الفقرة الثانية : الدفع بعدم الاختصاص المحلي
المبحث الثاني: المسطرة أمام المحاكم التجارية
المطلب الأول : المساطر أمام المحاكم التجارية الابتدائية
المطلب الثاني : المسطرة أمام محاكم الاستئناف التجارية
المبحث الثالث : اختصاصات رئيس المحكمة التجارية
المطلب الأول: الأوامر المبنية على طلب والمستعجلات كاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة التجارية.
الفقرة الأولى : اختصاص رئيس المحكمة التجارية في القضائية الإستعجالية
الفقرة الثانية: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في النظر في الأوامر المبنية على طلب
المطلب الثاني: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في مسطرة الأمر بالأداء و مساطر صعوبات المقاولة.
الفقرة الأولى: مسطرة الأمر بالأداء كاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة التجارية
الفقرة الثانية: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في الوقاية من صعوبات المقاولة
المبحث الأول : اختصاص المحاكم التجارية والدفع بعدم الاختصاص
بداية وقبل الخوض في غمار البحث حول اختصاص المحاكم التجارية ، تجدر الإشارة إلى تأليف المحاكم التجارية المغربية.
تنص مقتضيات المادة الثانية من القانون رقم 95-53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية على أن تتكون المحاكم التجارية تتكون من رئيس ونواب للرئيس وقضاة ، ومن نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب أوعدة نواب ، ومن كتاية ضبط و كتابة للنيابة العامة. كل هذا بالإضافة إلى قاض للتنفيذ يعين من قبل رئيس المحكمة باقتراح من الجمعية العمومية.
وتنص مقتضيات المادة الثالثة من نفس القانون على أن محاكم الاستئناف التجارية تتكون من رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين ، ونيابة عامة تتكون من وكيل عام للملك ونواب له ، وكذا من كتابة ضبط وكتابة للنيابة العامة.
ويجوز أن تقسم المحكمة التجارية ومحكمة الاستئناف التجارية إلى عدة غرف تبعا لنوع القضايا المعروضة عليها ، إلا أنه يمكن لكل غرفة أن تنظر في كافة القضايا المعروضة على المحكمة.
هذا وتنص المادة الرابعة من نفس القانون على أن المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية، تعقدان جلساتها وتصدران أحكامهما وهما متركبتين من ثلاثة قضاة ، ومن بينهم رئيس ، بحضور كاتب ضبط ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
ويلاحظ أنه على خلاف التشريع الفرنسي الذي يأخذ بنظام انتخاب قضاة المحاكم التجارية من بين التجار من دون اشتراط التكوين القانوني فيهم ، فإن التشريع المغربي يأخد بنظام التعيين من بين القضاة النظاميين المتوفرين على الشواهد العلمية الملائمة ، والخاضعين للنظام الأساسي للقضاء ، مع دعم تكوينهم بالمعارف الاقتصادية و التجارية و غيرها لجعلهم على إلمام بالمعطيات الاقتصادية و الاجتماعية العامة التي تحف بالمقاولة .
بعد محاولة الإلمام بتأليف المحاكم التجارية ، سوف نتطرق لاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وكذا الدفع بعدم الاختصاص النوعي ( المطلب الاول ) ، الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية و الدفع بعدم الاختصاص المحلي ( المطلب الثاني.
المطلب الأول : الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية و الدفع بعدم الاختصاص
سنتناول في هذا المطلب الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية ( الفقرة الأولى) و الدفع بعدم الاختصاص النوعي ( الفقرة الثانية
الفقرة الأولى : الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية
يقصد بالاختصاص الولاية القضائية الممنوحة لمحكمة من المحاكم في أن تنظر قضية ما ، أو هو نصيب الجهة القضائية أو المحكمة من القضايا التي لها ولاية أو سلطة الفصل فيها.
ويرجع استكشاف النص المحدد للاختصاص النوعي للمحاكم التجارية إلى ما هو وارد في القانون رقم 95-53 القاضي بإحداث محاكم تجارية وخاصة المواد من 5 إلى 9 منه ، فضلا عن وجود مقتضيات متفرقة وارد في قوانين أخرى تكمل منظومة اختصاص هذه المحاكم كمدونة التجارة وقوانين الشركات التجارية و قانون المسطرة المدنية.
إن المادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية قامت بتعداد أهم اختصاصات محكمة الموضوع التجارية وهي كالآتي :
- الدعاوى المتعلقة بالعقود التجاري
- الدعاوى الناشئة بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية
- الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية
- النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية
- النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية
من خلال هذا التعداد الذي نص عليه المشرع في اختصاص المحاكم التجارية ، نلاحظ أنه لم يشر إلى صعوبات المقاولة عند تنظيمه للاختصاص النوعي للمحاكم التجارية ، حيث اكتفى بالإشارة إليه عرضا عند تنظيمه للاختصاص المحلي لهذه المحاكم ، وكذا سكوته بشأن الجهة القضائية المختصة للفصل في دعاوى تجديد عقود الأكرية و مراجعة سومتها الخاضعة لظهيري 1955 و 5 يناير1953 ، فهل سيبقى الاختصاص بهذا الشأن بيد المحاكم الابتدائية أم سينتقل إلى المحاكم التجارية ، كما أن المشرع لم يبين ما إذا كان هذا التعداد على سبيل المثال أو على سبيل الحصر ، إذن هذه هي الملاحظات التي يمكن تسجيلها على المادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية ، و الآن سوف ننتقل إلى تفصيلها.
أولا : الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية
لقد أوردت المادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية، أن هذه الأخيرة تختص بالنظر في الدعاوى التي تتعلق بالعقود التجارية.
و المقصود بالعقود التجارية ، العقود المسماة التي نظمها المشرع في مدونة التجارة المواد من 334 إلى 544 وهي عقد الرهن ( الرهن الحيازي للمنقول والرهن دون التخلي عن الحيازة، عقد الوكالة التجارية، عقد السمسرة، عقد الوكالة بالعمولة، عقد الإئتمان الإيجاري ، عقد النقل)، والعقود البنكية، (الحساب البنكي ، ايداع النقود ، ايداع السندات، التحويل ، فتح الإعتماد ، الخصم ، حوالة الديون المهنية ، رهن القيم.
على أنه لا تعتبر العقود المذكورة أعلاه هي كل العقود التجارية، فهناك عقود يعترف لها بالصبغة التجارية دون أن يقوم المشرع المغربي بتنظيمها كعقد المقاولة من الباطن وعقد القرض المستندي...ونظرا لأن هذه العقود التجارية هي في الأصل عقود مدنية وتحمل غالبا نفس أسماء العقود المدنية وتنتج في أغلب الأوقات نفس الآثار، لذا فإن المحاكم التجارية مدعوة لتحديد طبيعة العقود موضوع المنازعات المعروضة حتى تتأكد من مناط اختصاصها، فالعقد لا يكتسب الصفة التجارية لأسباب تتصل بطبيعته، بل يكتسب هذه الصفة تبعا لصفة من أبرم العقد، بحيث يكون العقد تجاريا إذا أبرم بين تجار، وبذلك تسبغ الصفة التجارية على كل عقد يبرمه التاجر إلى أن يثبت العكس، ولذا يعرف العقد التجاري بأنه العقد الذي يجريه التاجر إذا كان متصلا بحرفته.. .وعليه فيمكن للمحاكم التجارية أن تحدد مناط اختصاصها بسهولة ، لأن أغلب العقود التي نظمها المشرع في مدونة التجارة لا يمكن أن تكون إلا تجارية، لأن التجار وحدهم الذين يمكن لهم إبرامها، و أحيانا لا يمكن إبرام هذه العقود إلا من فئة معينة من التجار المتخصصين في ميدان ما، ومن بين هذه العقود عقد الائتمان الإيجاري وعقد نقل الأشياء.
ثانيا : الدعاوى الناشئة بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية
حافظت المادة الخامسة من مدونة التجارة على الاختصاص التقليدي للمحكمة التجارية، وهو البت في النزاعات التي تنشأ بين طائفة التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية، ويعود للمحكمة التجارية أمر التحقق من الصفة التجارية لأطراف النزاع ومن أن النزاع يتعلق بأعمالهم التجارية ، سواء تعلق الأمر بشخص طبيعي أو معنوي، وذلك بالنظر إلى ممارسة هذا الشخص بصورة اعتيادية أو احترافية للأنشطة التي تكتسب معها صفة تاجر.
حيث يعد هذا الإختصاص النوعي للمحاكم التجارية لكونه يبرز الطابع الشخصي لهذه المحاكم، وذلك يجعلها موجهة بامتياز لفائدة التجار، فالمطلوب تبعا للمادة 5 من مدونة التجارة أن تكون المنازعة بين تجار، أي أن يكون كل من المدعي والمدعى عليه تاجرا، أما إذا كانت المنازعة بين تاجر وغير تاجر فيرجع لقواعد الاختصاص المتعلقة بالعقود المختلطة، فغير التاجر له من حيث المبادئ العامة الخيار بين أن يرفع دعواه في مواجهة المدعى عليه التاجر أمام المحاكم الابتدائية أو المحاكم التجارية، أما التاجر فلا يمكنه أن يرفع دعواه في مواجهة غير التاجر سوى أمام المحاكم الابتدائية ، غير أنه يمكن الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر .
ومن البديهي أن النزاعات القائمة بين التجار ليست دائما ذات طبيعة تجارية إذ من الممكن أن تكون لسبب آخر وبعيد كل البعد عن النشاط التجاري الذي يمارسونه كنشوء منازعة بسبب عقد كراء لمحل سكني ومن تم جاء الشرط المضمن في البند 2 من المادة 5 من مدونة التجارة، وهو أن تكون هذه النزاعات القائمة بين التجار و متعلقة بأعمالهم التجارية ، غير أنه ليس كل الدعاوى الناشئة بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية تدخل في اختصاص المحاكم التجارية ونقصد الاستثناء الوارد في نص المادة 5 من القانون المحدث للمحاكم التجارية و الذي جاء فيها أنه تستثنى من اختصاص المحاكم التجارية قضايا حوادث السير.
وإذا كان هذا الاختصاص رهين بكون الدعاوى ناشئة بين التجار ومتعلقة بأعمال تجارتهم فإن هذا يدفعنا إلى تحديد كل من التاجر و الاعمال التجارية.
وبالرجوع إلى مدونة التجارة نجدها لم تعرف التاجر ولكن نصت فقط على الشروط الازمة لاكتساب الصفة التجارية وهي أن يمارس بالاعتياد أو الاحتراف أحد الأنشطة المبينة في المادتين 6 و7 من مدونة التجارة أو ما يماثل هذه الانشطة، كما نصت على ذلك المادة 8 من مدونة التجارة.
أما الإعمال التجارية فيقصد بها الإعمال التجارية الأصلية الواردة في المادتين 6 و7 من مدونة التجارة والاعمال التبعية ، وهي الإعمال التي تعتبر أعمالا مدنية بطبيعتها ، غير أنه اعتبارا لصدورها عن التاجر ولارتباطها بنشاطه التجاري فإنها تكتسب الصفة التجارية بالتبعية، أما الأعمال المدنية للتاجر فلا تدخل في اختصاص المحاكم التجارية .
ثالثا : الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية
يقصد بالأوراق التجارية تلك المنصوص عليها في مدونة التجارة، وهي الكمبيالة والشيك والسند لامر، وباعتبار المحاكم التجارية محاكم غير زجرية فهي غير مختصة للنظر في الدعاوى الجنائية المتعلقة بالاوراق التجارية كجريمة إصدار شيك بدون رصيد ، أو تزوير ورقة تجارية.
رابعا : النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية
يقصد بهذا الاختصاص أن تكون هناك نزاعات بين الشركاء في شركة تجارية، أي أنه يجب أن تكون الشركة ذات صبغة تجارية وليست ذات صبغة مدنية ، والمعلوم أن المشرع المغربي خلع على الشركات الصفة التجارية بحسب شكلها والاستثناء الوحيد هو شركة المحاصة ، أما الشركاء فلم يشترط المشرع فيهم صفة التاجر لانعقاد الاختصاص ، فالشركاء الموصون والمساهمون في شركة المساهمة ورغم عدم اكتسابهم لصفة تاجر فإن المحكمة التجارية هي المحكمة المختصة ، أما بخصوص النزاع فيشترط أن يكون بخصوص أمر من أوامر الشركة كالتسيير أو الحسابات ، فكل ما يخرج عن النزاعات المتعلقة بالشركة لا يدخل في اختصاص المحاكم التجارية ، كما لو كان النزاع بتعلق بموضوع لا علاقة له بالشركة كأداء الدين مثلا .
خامسا : النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية
بخصوص هذا الاختصاص فإن المشرع لم يوضح ما المقصود بالنزاعات المتعلقة بالأصل التجاري، النزاعات الناتجة عن تطبيق مقتضيات القسم الثاني من الكتاب الثاني من مدونة التجارة والذي نظمت فيه العقود المتعلقة بالأصول التجارية ، أم أنه من الممكن إدخال النزاعات الناتجة عن تطبيق ظهير 24 ماي 1955 المتعلق بكراء الأماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف ضمن هذا الاختصاص ؟ كل هذا خلق تضارب للآراء حول أحقية المحكمة التجارية في هذا الاختصاص .
- الرأي المؤيد لاختصاص المحكمة التجارية بدعاوى الأكرية التجارية:
يرى أصحاب هذا الرأي أن تنصيص قانون المحاكم التجارية على اختصاصها بالنظر في النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية كانت الغاية منه هو عدم حصر اختصاص هذه المحاكم في العقود المتعلقة بالأصل التجاري، بل يشمل كل نزاع حول هذا الأصل.
- الرأي المبرر لازدواجية الاختصاص:
هذا الرأي يقول أنه إذا كان كل من المكري و المكتري تاجرين اختصت بالنظر المحاكم التجارية ، لأن العقد هنا عقد تجاري، أما إذا كان المكري غير تاجر و المكتري تاجر ، فالعقد هنا مختلط لذلك تختص المحكمة الابتدائية ما لم يتم الاتفاق بين التاجر و غير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل التاجر.
الفقرة الثانية : الدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام المحاكم التجارية
يعد الدفع بعدم الاختصاص النوعي من الدفوع الشكلية أو الإجرائية وهي الدفوع التي لا تتعرض لأصل الحق ، وإنما تتعلق بالطعن في رفع القضية إلى المحكمة التجارية، والملاحظ أن المشرع المغربي نظم الدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام المحاكم التجارية وفق مسطرة خاصة أوردها في المادة 8 من القانون إحداث المحاكم التجارية ، والتي تنص مقتضياتها على أنه و استثناء من أحكام الفصل 17 من قانون المسطرة المدنية يجب على المحكمة التجارية أن تبث بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي المرفوع إليها وذلك داخل أجل 8 ايام، ويمكن استئناف الحكم المتعلق بالاختصاص خلال أجل 10 أيام من تاريخ التبليغ، ويتعين على كتابة الضبط أن توجه الملف إلى محكمة الاستئناف التجارية في اليوم الموالي لتقديم مقال الاستئناف.
تبث المحكمة داخل أجل 10 أيام تبتدئ من تاريخ توصل كتابة الضبط بالملف، وإذا بثت محكمة الاستئناف التجارية في الاختصاص أحالت الملف تلقائيا على المحكمة المختصة، ويتعين على كتابة الضبط أن توجه الملف إلى المحكمة المختصة داخل أجل 10 أيام من تاريخ صدوره، ولا يقبل قرار المحكمة أي طعن عاديا كان أو غير عادي.
المطلب الثاني : الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية و الدفع بعدم الاختصاص
سنحاول من خلال هذا المطلب تناول الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية ( الفقرة الأولى) و الدفع بعدم الاختصاص ( الفقرة الثانية
الفقرة الأولى:الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية
أقر المشرع المغربي بخصوص الاختصاص المحلي، معيارا شخصيا و معيارا موضوعيا حيث قام بتنظيم الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية بمقتضى المواد من 10 إلى 12 من قانون 95-53 ، فمن حيث المعيار الشخصي فالمادة 10 تطرقت إلى القاعدة العامة كما هو منصوص عليه في الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية ، أما من حيث المعيار الموضوعي والمتعلق بمقر الأموال موضوع النزاع فقد نصت المادة 11 من قانون 95-53 على ثلاث حالات استثنائية تم فيها الخروج عن مقتضيات الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية وهي :
أولا : القاعدة العامة
تنص المادة 10 من قانون إحداث المحاكم التجارية على " يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه ..."
من خلال الاطلاع على مقتضيات المادة أعلاه يتبين أن المشرع أعاد نفس مقتضيات الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية، ويظهر من هذه المقتضيات أنها تضع القواعد التالية:
1 – الأصل أن المحكمة المختصة إقليميا هي المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن المدعى عليه أو محل إقامته فعلى من يدعي الحق أن يتحمل مشاق الالتجاء إلى محكمة خصمه لا العكس.
2 – إذا لم يكن للمدعى عليه موطن أو محل إقامة معروف بالمغرب جاز للمدعي أن يلجأ إلى محكمة موطنه أو محل إقامته.
3 – في حالة تعدد المدعى عليهم واختلاف مواطنهم، يحق للمدعي أن يرفع الدعوى أمام المحكمة التي يوجد فيها موطن أحدهم.
و الملاحظ أن الفقرة الأخيرة من المادة 10 منحت الحق للمدعي في أن يختار في حالة تعدد مواطن المدعى عليهم المحكمة التي يكون في دائرة نفوذها موطن أي واحد منهم دون أن يكون لباقي المدعى عليهم الحق في الدفع بعدم الاختصاص المحلي، فإعطاء حق الاختيار للمدعي قد يضر بباقي المدعى عليهم أو بأحدهم.
وكما هو ملاحظ فالموطن هو المناط الأول في منح الاختصاص للمحكمة مكانيا و يقصد بالمكان المذكور المقر الحقيقي الذي يباشر فيه الشخص نشاطه عادة، أما الموطن المختار فهو المقر الذي يختاره الشخص لمباشرة عمل من أعماله.
وتأكيدا دائما على الطابع الحمائي للمدعي ،سمح له المشرع باختيار موطن أي مدعِى عليه يراه مناسبا للحفاظ على مصالحه والتقليل من النفقات في حالة تعددهم وغياب موطن أو محل له بالمغرب.
ثانيا : الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة
بناء على كل ما سبق، فإن الإستثناءات الواردة على هذه القاعدة منصوص عليها في المادة 11 من قانون 95-53 ، استثناء من أحكام الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية ترفع الدعوى:
- فيما يتعلق بالشركات إلى المحكمة التجارية التابع لها مقر الشركة أو فرعها، ومن المعلوم أن القاعدة في دعاوى الشركات التجارية تقضي بأن ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها المركز الاجتماعي للشركة، فإن المادة 11 من قانون 95-53، واستثناء من المادة 28 من ق م م ،تركت للمدعي الخيار بأن يرفع الدعوى أمام محكمة المقر الاجتماعي أو فرعها.
- فيما يتعلق بصعوبات المقاولة إلى المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة، يتبين بالرجوع إلى المادة 11 من قانون 95-53 أنها أعادت مقتضيات المادة 566 من ق م م.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المشرع الفرنسي قد جعل الاختصاص المحلي بصعوبات المقاولة للمحكمة التي يوجد في دائرة نفوذها مقر مقاولة المدين أو مؤسسته الرئيسية إذا لم يكن لمقاولته مقر داخل التراب الفرنسي
- فيما يخص الإجراءات التحفظية، الاختصاص يرجع إلى المحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها موضوع هذه الإجراءات وهذا استثناء من أحكام الفصل 28 من ق م م.
الفقرة الثانية : الدفع بعدم الاختصاص المحلي
على خلاف قواعد قانون المسطرة المدنية وقانون إحداث المحاكم الإدارية، اعتبر المشرع المغربي وان بصورة غير مباشرة عدم تعلق الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية بالنظام العام وذلك في المادة 12 من قانون 95-53 ، و التي جاءت كالتالي: " يمكن للأطراف في جميع الأحوال أن يتفقوا كتابة على اختيار المحكمة التجارية المختصة".
لكن هذه النتيجة ليست قطعية، ففي أحوال معينة يعد الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية مرتبط بالنظام العام، كما هو الشأن في ما بالاستثناءات التي جاءت بها المادة 11 من ق 95-53 و المادة 566 من مدونة التجارة – الاختصاص للمحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة.
ويمكن قول نفس الشيء بالنسبة لطلب تحقيق الرهن المنصب على الأصل التجاري، حيث نصت الفقرة 2 من المادة 114 من مدونة التجارة على ان الطلب يجب ان يرفع إلى المحكمة التي يستغل بدائرتها الأصل التجاري وإذا كان المشرع المغربي أجاز الاتفاق سواء قبل رفع الدعوى أو أثناءها شرط أن يتم كتابة بين الإطراف.
والاختصاص المحلي كما هو معلوم هو سلطة المحكمة للنظر في نزاعات معينة تدخل ضمن دائرتها الترابية، وأساس هذا الاختصاص يتمثل في رعاية مصلحة الخصوم إذ يتقرر عادة لمحكمة قريبة من محل إقامتهم أو من محل النزاع على الأقل.
والسائد دائما أن الاختصاص المحلي لا يتعلق بالنظام العام ما لم يقض المشرع بخلاف ذلك ، ويقصد بالدفع بعدم الاختصاص المحلي، نفي من رفعت عليه الدعوى لسلطة الحكم فيها بسبب خروجها من النطاق المكاني لولايتها ، وبما أن الدفع بعدم الاختصاص كما أسلفنا لا يتصل بالنظام العام فإن المدعى عليه وحده هو الذي يتوفر على الصفة والمصلحة لإثارة الدفع بعدم الاختصاص باعتباره المستفيد الأول و الأخير من ذلك الدفع.
وقاعدة عدم اتصال الدفع بعدم الاختصاص المحلي بالنظام العام تستفاد ضمنيا من مقتضيات الفصل 16 من ق المسطرة المدنية (ق م م) حيث سمح المشرع لقاضي الدرجة الأولى أن يثير الدفع بعدم الاختصاص النوعي دون المحلي ، كما نصت على ذلك مقتضيات المادة 14 من قانون إحداث المحاكم الإدارية ، والتي تحيل صراحة على مقتضيات الفصل أعلاه ( ف 16 ق م م ).
أما في المادة التجارية فقد نصت المادة 12 من قانون إحداث المحاكم التجارية على أنه يمكن للأطراف في جميع الأحوال أن يتفقوا كتابة على اختيار المحكمة المختصة، كما أن الفقرة 2 من المادة 19 تحيل على قانون المسطرة المدنية.
ويترتب على قاعدة عدم اتصال الاختصاص المحلي بالنظام العام عدة آثار قانونية أهمها:
- ليس للمحكمة أن تثير عدم الاختصاص المحلي تلقائيا، فخروج قواعد الاختصاص المحلي ليس من شأنه أن يمس بالسير العادي للخصومة.
- ليس للنيابة العامة أن تتمسك بخرق قواعد الاختصاص المحلي سواء كانت طرفا أصليا في الدعوى أو مجرد طرف منظم.
- كما يجب على المحكمة التجارية إذا حكمت بعدم الاختصاص المكاني أن تحيل القضية علي المحكمة المختصة تلقائيا و بدون صائر.
وفي ختام هذا المبحث تجدر الإشارة إلى أن المحاكم التجارية حدد لها المشرع المغربي حدا أدنى قيمي للقضايا التي يعود لها حق الاختصاص فيها منظما ذلك في المادة السادسة من القانون 95-53 و التي جاء فيها ما يلي: "تختص المحاكم التجارية بالنظر في الطلبات الأصلية التي تتجاوز قيمتها 20.000 درهم...."
والملاحظ من خلال مقتضيات هذه المادة (م 6 من ق 95-53 )أن المشرع المغربي حدد مبلغ 20.000 درهم كسقف أدنى للقضايا المعروضة عليها، وبمعنى آخر فالقضايا التي تقل قيمتها هذا المبلغ يبقى الاختصاص فيها للمحكمة الابتدائية.
المبحث الثاني : المسطرة أمام المحاكم التجارية
سنحاول من خلال هذا المبحث التعرف أكثر على المسطرة أمام المحاكم التجارية الابتدائية ( المطلب الأول )، وكذا أمام محاكم الإستئناف التجارية ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول : المسطرة أمام المحاكم التجارية الإبتدائية
أوجب المشرع المغربي بمقتضى المادة 13 من قانون إحداث المحاكم التجارية ( ق 95-53 )، إلزامية الترافع أمام المحاكم التجارية عن طريق محام، ويمتد هذا الإلزام إلى جميع مراحل الدعوى .
ويتوجب أن يكون المحامي منتميا لهيئة المحامين بالمغرب ، أو محام يزاول المهنة خارج المغرب ينتمي لدولة تربطها بالمغرب اتفاقية تسمح له بالترافع بعد حصوله على إذم خاص من وزير العدل، شرط أن أن يعين محل المخابرة معه بمكتب أحد المحامين المقيدين بإحدى هيئات المحامين بالمملكة وفق لما تنص عليه الفقرة 2 من المادة 31 من القانون المنظم لمهنة المحامين.
وبعد قيد القضية لدى كتابة ضبط المحكمة مقابل وصل يتضمن البيانات التالية :
- الإسم الكامل للمدعي
- تاريخ إيداع المقال باليوم و الشهر و السنة
- رقم القضية بالسجل
- نوع المستندات المرفقة بالمقال و عدده
ويجب عليه بالإضافة إلى ذلك أن يقوم بإيداع بنسخة من هذا الوصل في الملف المفتوح للقضية لتكون من بين وثائقه.
بمجرد تقييد المقال يعين رئيس المحكمة التجارية حالا ودون تأخير قاضيا مقررا يحال عليه الملف خلال 24 ساعة، و يتعين على هذا الأخير أن يحدد تاريخ أقرب جلسة تعرض فيها القضية يستدعي فيها الأطراف، و يقوم بتجهيز القضية القاضي المقرر أو المحكمة التجارية حسب الأحوال. ذلك أنه طبقا للمادة 16 من القانون المحدث للمحاكم التجارية فإن القضية إذا لم تكن جاهزة للبث فيها أمكن للمحكمة التجارية أن تؤجلها إلى أقرب جلسة أو ترجعها إلى المقرر، وفي جميع الأحوال يتعين على القاضي المقرر أن يحيل القضية من جديد إلى الجلسة في أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر.
ويتم إستدعاء الأطراف بواسطة عون قضائي ما لم تقر المحكمة توجيه الإستدعاء بالطرق المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية.
أما في ما يخص النطق بالحكم فقد استحدث قانون المحاكم التجارية مقتضيات جديدة خاصة بالنطق بالأحكام نص عليها في المادة 17 من القانون 95-53، وتتعلق بوجوب تحديد تاريخ النطق بالحكم عند وضع القضية في المداولة وتحرير الحكم بكامله قبل النطق به. والنطق بالحكم يكون في جلسة علنية وبكيفية تبين فحوى الحكم، وذلك بقراءة أسبابه و منطوقه، أو الإقتصار على المنطوق وحده.
وباستثناء ما سبق، فإن المسطرة أمام المحاكم التجارية لا تختلف عن مسطرة جريان الدعوى كما هي مقررة في قانون المسطرة المدنية .
المطلب الثاني : المسطرة أمام محاكم الاستئناف التجارية
تستأنف الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية أمام محكمة الاستئناف التجارية التابعة لدائرة نفوذها داخل أجل خمسة عشر يوما من تبليغ الحكم، مع مراعاة المقتضيات الخاصة باستئناف الأحكام الصادرة بشأن الدفع بعدم الاختصاص إذ يجب تقديم الاستئناف داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ طبقا للمادة الثامنة من قانون إحداث المحاكم التجارية ، وكذلك المقتضيات المتعلقة باستئناف المقررات الصادرة في مادة معالجة صعوبات المقاولة خلال أجل 10 أيام من تاريخ التبليغ ما لم ينص على مقتضى مخالف وذلك تطبيقا للمادة 730 من مدونة التجارة.
و تخضع إجراءات رفع الاستئناف للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية طبقا للفصول من 134 إلى 141، وتطبق أمام محاكم الاستئناف التجارية نفس المسطرة المتبعة أمام المحكمة التجارية الابتدائية ، وخاصة ما يتعلق منها برفع المقال بواسطة محام، وتعيين المقرر، وتجهيز القضية للنطق بالقرار وذلك وفق لمقتضيات المواد 13 إلى 17 من قانون إحداث المحاكم التجارية.
وكما هو ملاحظ فإن المشرع قصر من أجل الاستئناف عن الأجل المعمول به وفق المسطرة العادية من 30 يوما إلى 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم، وحرصا على السرعة فقد أوجب على كتابة الضبط أن ترفع مقال الاستئناف مع المستندات المرفقة إلى كتابة ضبط المحكمة الاستئناف التجارية خلال أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ تقديم المقال الاستئنافي كما نصت على ذلك المادة 18 من قانون إحداث المحاكم التجارية، حيث تأخد حينئذ الدعوى مجراها وفق نفس المسطرة بالنسبة للمحكمة التجارية.
كان هذا كل ما يتعلق بالمسطرة أمام المحاكم التجارية وكذا محاكم الاستئناف التجارية، وبقي أن نشير إلى كيفية التبليغ و التنفيذ داخل هذه المحاكم، حيث تطبق أمام هذه المحاكم اجراءات التبليغ و التنفيذ طبق القواعد العامة لقانون المسطرة المدنية مع وجود مقتضيات خاصة وردت في القانون المحدث للمحاكم التجارية.
- التبليغ : يعتبر التبليغ من أهم إجراءات التقاضي سواء تعلق الأمر بتبليغ الاستدعاء أو الحكم أو القرار، فهو يواكب مراحل الدعوى منذ بدايتها إلى غاية صدور الحكم فيها وصيرورته قابلا للتنفيذ.
ومن أجل أن يجرى التبليغ بصورة سليمة فقد نص المشرع المغربي من خلال المادة 15 من قانون إحداث المحاكم التجارية، على أن إجراءات التبليغ أمام هذه المحاكم يقوم بها الأعوان القضائيون وفق أحكام القانون المنظم لمهنتهم رقم ( 80-41 ) والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 440-80-1 الصادر بتاريخ 25 دجنبر 1980، غير أن التبليغ أمام هذه المحاكم لا يقتصر على هيئة الأعوان القضائيين، بل بإمكان المحكمة أن تقرر توجيه الإستدعاء بالطرق المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية، وذلك بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط أو عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل أو بالطريقة الإدارية أو عن الطريق الدبلوماسي أو حسب المقتضيات الواردة في اللإتفاقيات .
- التنفيذ :
أ – قاضي متابعة إجراءات التنفيذ:
من مستجدات القانون المحدث للمحاكم التجارية، إحداث مؤسسة قاضي متابعة إجراءات التنفيذ وذلك بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 2 من القانون المحدث للمحاكم التجارية التي خولت لرئيس المحكمة التجارية تعيين قاض مكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ باقتراح من الجمعية العمومية للمحكمة التجارية.
إن من شأن خلق هذه المؤسسة تتبع القاضي لجميع إجراءات التنفيذ و السهر على حسن قيامهم بها دون تأخير أو تماطل.
ب – إجراءات التنفيذ :
نصت المادة 23 من قانون إحداث المحاكم التجارية : " يبلغ عون التنفيذ الطرف المحكوم عليه الحكم المكلف بتنفيذه و يعذره بأن يفي بما قضى به الحكم أم تعريفه بنواياه، وذلك من خلال أجل لا يتعدى عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ.
يتعين على عون التنفيذ تحرير محضر بالحجز التنفيذي أو بيان الأسباب التي حالت دون انجازه وذلك خلال عشرين يوما تبتدئ من تاريخ انتهاء أجل الاعذار.
تطبق لدى المحاكم التجارية المقتضيات المتعلقة بالقواعد العامة للتنفيذ الجبري للأحكام الواردة في الباب الثالث من القسم الرابع من المسطرة المدنية ما لم يوجد نص مخالف".
وهذه المقتضيات الخاصة بتنفيذ أحكام المحاكم التجارية تتلاءم و مبدأ تسريع المسطرة أمام المحاكم، غير أنها تصطدم بمشاكل تؤثر على سرعة مسطرة التنفيذ عندما تباشر عن طريق الإنابات القضائية سواء أمام المحاكم المدنية أو المحاكم التجارية الأخرى خاصة عندما تثار صعوبات في تنفيذ الأحكام موضوع هذه الإنابات.
المبحث الثالث: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية
لقد منح المشرع المغربي لرئيس المحكمة التجارية الاختصاصات على غرار ما جاء في قانون المسطرة المدنية فيما يتعلق بالقضايا الاستعجالية والأوامر المبنية على طلب ( المطلب الأول)، و مسطرة الأمر بالأداء والوقاية من صعوبات المقاولة ( المطلب الثاني .
المطلب الأول: الأوامر المبنية على طلب والمستعجلات كاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة التجارية.
الفقرة الأولى : اختصاص رئيس المحكمة التجارية في القضائية الإستعجالية
نصت المادة 21 من قانون احداث المحاكم التجارية على أن: " يمكن لرئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للأمور المستعجلة وفي حدود اختصاص المحكمة أن يأمر بكل التدابير التي لا تمس أية منازعة جدية..."
وتتسم الأوامر الإستعجالية بأنها مؤقتة بصراحة الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية، وليس لهذه الأوامر وبذلك فإنها لا تلزم محكمة الموضوع عند نظرها في الدعوى الأصلية و يجوز لها الحكم بما جاء به الأمر الاستعجالي ،كما تتميز الأوامر الإستعجالية بالسرعة التي تصدر بها إذ يمكن تقديم الطلب في غير الأيام و الساعات المعينة للقضاء المستعجل في حالة الاستعجال القصوى سواء إلى قاضي المستعجلات أو إلى مقر المحكمة وقبل التقييد في سجل كتابة الضبط ويعين فورا اليوم والساعة التي ينظر فيها الطلب، ويمكن له أن يبت حتى في أيام الآحاد و أيام العطل وذلك تطبيقا للفصل 150 من قانون المسطرة المدنية ، كما تكون الأوامر الإستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، غير أنه يمكن للقاضي أن يقيد التنفيذ المعجل بتقديم كفالة وذلك طبقا للفصل 153 من قانون المسطرة المدنية.
ويتبين من خلال مقتضيات المادة 21 من قانون احداث المحاكم أن المشرع خول لقاضي المستعجلات نوعين من الاختصاص محددان في الأمر بكل التدابير التي لا تمس أية منازعة جدية و الأمر بكل التدابير التحفظية أو بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
فاختصاص رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضي المستعجلات مرهون بكون الإجراء المطلوب لا يمس أية منازعة جدية، ويظهر أن غياب هذا الشرط قد حل محل شرط عدم المساس بالجوهر المنصوص عليه في الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية .
تنص الفقرة الثالثة من المادة المذكورة على :" يمكن لرئيس المحكمة ضمن نفس النطاق.... أن يأمر بكل التدابير التحفظية أو بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه..." فهذه الفقرة لا تتعلق بنفس ما تشير إليه الفقرة الأولى من الفصل 21 من قانون إحداث المحاكم التجارية ، وتهدف أساسا إلى التصدي المؤقت لحالة الأمر الواقع وشروط تطبيقها تختلف عن شروط الفقرة الأولى من نفس المادة، كما أن الإجراءات التي تسمح بها تمتد إلى مفهوم إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، ويشترط لتطبيقها توفر قيام ضرر حال أو اضطراب ثبت جليا أنه غير مشروع، ويطلب من قاضي المستعجلات وضع حد لها مؤقتا و يكون الإجراء المطلوب ردعيا و ليس وقائيا كما في حالة الضرر الحال، وفي كلتا الحالتين فإن عنصر الاستعجال مفترض و لا حاجة إلى البحث في توفره. ومن أمثلة الاضطراب الغير مشروع بصورة جلية احتلال أمكنة العمل من طرف عمال مضربين عن العمل عندما يكون هذا الاحتلال مؤشرا على حصول أضرار بالمعدات و بحالة مكان العمل أو من شأنه الإخلال باستمرار نشاط المقاولة.
إلى جانب الاختصاص العام المخول للقضاء الاستعجالي بمقتضى المادة 21 من قانون احداث المحاكم التجارية أسند المشرع إلى قاضي المستعجلات صلاحية البث في قضايا محددة بنص صريح في القانون، ويختلف هذا الاختصاص عن الاختصاص العام المقرر في هذه المادة أنه مخول بنص القانون فلا يجوز امتداده إلى أحوال أخرى بطريق القياس عليها إلا إذا كان القضاء المستعجل مختصا بنظرها في الإطار العام، واختصاصات رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاض للمستعجلات بمقتضى نصوص خاصة منصوص عليها في قوانين متعددة ومنها على سبيل المثال تلك المنصوص عليها في مدونة التجارة في المواد 363 و370 و371 373 و435، وقانون شركات المساهمة في المواد 15و49 و115و116و157و167و179و212و221و445 ، وقانون باقي الشركات في المواد 14 و17و52و79.
الفقرة الثانية: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في النظر في الأوامر المبنية على طلب
نصت المادة 149 من قانون المسطرة المدنية على " يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبث بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو إجراء تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا".
يتبين من خلال المادة المذكورة أعلاه أن المشرع أورد عبارة " يختص رؤساء المحاكم الابتدائية" وهو نفس الاختصاص الذي أسنده لرئيس المحكمة التجارية وذلك بناء على مقتضيات المادة 20 من قانون احداث المحاكم التجارية حيث جاء فيه: " يمارس رئيس المحكمة التجارية الاختصاصات المسندة إلى رئيس المحكمة الابتدائية بموجب قانون المسطرة المدنية وكذا الاختصاصات المخولة له في المادة التجارية".
وقد ورد في بداية الفصل 149 من ق م م، اختصاص رئيس المحكمة بالبث في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار، وعلية فإنه من بين المهام التي أناطها المشرع برئيس المحكمة التجارية بصفته الولائية الأمر بإثبات حال، ويقصد به معاينة حالة مادية يخشى ضياع معالمها في انتظار عرض النزاع على محكمة الموضوع، ويستفاد من هذا أن دعوى اثبات حال هي من الدعاوى المستعجلة و الوقتية التي لا تمس بأصل الحق ، وتجدر الاشارة إلى أن دعوى إثبات حال هي من الدعاوى الوقتية التي لا تمس أصل الحق حيث لا ترمي إلا لإثبات وقائع مادية بحثة ولا تعد وسيلة لانتزاع الدليل القانوني من يد الخصم، و عموما يلاحظ أن دعوى إثبات حال تدخل في إختصاص القضاء الاستعجالي العام وذلك كلما تعلق الأمر بواقعة يخشى عليها من فوات الوقت و لا تمس بحقوق الغير ، وتتميز الأوامر الصادرة في إطار الفصل 148 من ق م م، لا تتطلب الشكليات القانونية فهي تصدر في غيبة الأطراف و بدون حضور كاتب الضبط و بدون جلسة فهي تصدر بمكتب رئيس المحكمة.
وعليه فإنه يشترط في الأوامر المبنية على طلب توفر عنصر الاستعجال، فإذا لم يتوفر هذا الشرط في الحالات المنصوص عليها في الفصل 148 من ق م م، فإنه لا يكون مختصا بصددها كقاض للمستعجلات و إنما يعود الاختصاص له كقاضي للأمور الوقتية .
كانت هذه إشارة إلى بعض الأنواع الأخرى للأوامر المبنية على طلب و التي يختص فيها رئيس المحكمة أخدت على سبيل المثال لتقريب هذا الاختصاص، وبقي لنا أن نشير لطرق الطعن المسموح بها في إطار الأوامر المبنية على طلب و كذا الآثار المترتبة عليها.
من البديهي و المنطقي أنه من يصدر الأمر لصالحه لا تكون له أية مصلحة في الطعن فيه ومن تم لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالة التي يكون فيها الأمر قد استجاب لطلبه بصفة جزئية فيسري في حق الباقي منها ما يرجع لحالة رفض الطلب ، وقد أتاح المشرع المغربي للطرف الذي تم رفض طلبه شخصيا دون غيره إمكانية اللجوء إلى استئناف الأمر القاضي برفض الطلب داخل أجل 15 يوم باستثناء الرفض المتعلق بإثبات حال أو توجيه إنذار، غير أنه تجدر الإشارة إلى أن استعمال الطعن بالاستئناف من لدن طالب الأمر يبتدئ أجله من يوم النطق بالرفض دونما حاجة إلى انتظار التبليغ.
ويترتب على الطعن في الأوامر المبنية على طلب عدة آثار، حيث يحتفظ أطراف الدعوى بالمواقف التي كانت لهم فيها أول الأمر، بحيث أن مثير الصعوبة المدعى عليه يبقى المستفيد من مسطرة المراجعة كما هو متعارف عليه بمسطرة الطعن في الأحكام الغيابية وما يترتب عنها في مادة الإثبات.
المطلب الثاني: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في مسطرة الأمر بالأداء و مساطر صعوبات المقاولة.
سنحاول من خلال هذا المطلب التعرف على اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في النظر في مسطرة الأمر بالأداء ( الفقرة الأولى)، و مساطر صعوبات المقاولة ( الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: مسطرة الأمر بالأداء كاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة التجارية
بالرغم من السرعة المفترضة للمسطرة التجارية فإنها قد لا تفي أحيانا بالغرض المطلوب مما يستلزم مسطرة أسرع لاستيفاء الديون التجارية هي مسطرة الأمر بالأداء وقد نظم المشرع المغربي هذه المسطرة أمام المحاكم التجارية بمقتضى المادة 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية، و التي تنص على: "يختص رئيس المحكمة التجارية بالنظر في طلب الأمر بالأداء الذي تتجاوز قيمته 20.000 درهم، والمبني على الأوراق التجارية و المستندات الرسمية، تطبيقا لأحكام الباب الثالث من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية.
في هذه الحالة وخلافا لمقتضيات الفصلين 161 و 162 من قانون المسطرة المدنية، لا يوقف أجل الاستئناف والاستئناف نفسه تنفيذ الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة.
غير أنه يمكن لمحكمة الاستئناف التجارية أن توقف التنفيذ جزئيا أو كليا بقرار معلل ".
يتبين من خلال هذه المادة أن المشرع منح رئيس المحكمة صلاحية إصدارالأمر بالأداء اسوة برئيس المحكمة التجارية، كما أحال على مجمل القواعد و الإجراءات المتعلقة في هذا المجال، والمنصوص عليها في الفصول من 155 إلى 165 من قانون المسطرة المدنية، لكنه خرج عن جزء منها يتعلق بطبيعة السند المثبت للدين
.وتعتبر مسطرة الأمر بالأداء من أكثر المساطر تطبيقا أمام المحاكم التجارية إذ أنها تشكل ما يفوق ربع
القضايا المسجلة بهذه المحاكم، إلى الحد الذي يدفعنا إلى القول بأن نجاح هذه المحاكم مستمد بشكل كبير من هذه المسطرة .
ولقبول طلب الأمر بالأداء اشترط المشرع شروطا بدون توفرها لايمكن قبول هذه المسطرة وهي:
1 – أن يكون الطلب متعلقا بتأدية مبلغ مالي يتجاوز 20000 درهم.
2 – أن ترفع الدعوى بمقال مكتوب موقع من طرف محام طبقا للمادة 13 من القانون المحدث للمحاكم التجارية، ويتضمن الإسم العائلي و الشخصي ومهنة وموطن الأطراف مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب وأن يعزز الطلب بالسند المثبت للدين.
3 – أن يكون للمدين موطن معروف بتراب المملكة وأن لا يكون مطلوبا تبليغ الأمر بالخارج .
4 – أن يكون مبلغ الدين حالا واجب الأداء.
ويتبين من خلال هذه الشروط التي فرضها المشرع لتقديم طلب الأمر بالأداء، أنه في حال عدم توفر أحد هذه الشرط لا يمكن الحديث عن الأمر بالأداء.
وبناء على كل ما سبق يجب تحديد المقصود بالأوراق التجارية والسندات الرسمية، فالأولى – الأوراق التجارية- فقد حدد الباب الثالث من مدونة التجارة الأوراق التجارية في الكمبيالة و السند لأمر و الشيك ووسائل أداء أخرى، ويشترط في هذه الأوراق أن تتوفر فيها البيانات الإلزامية التي يترتب عن تخلفها فقدان الورقة لصفتها التجارية مما تصبح معه باطلة أو تتحول إلى مجرد سند عادي إذا توفرت فيه شروطه القانونية، وبالتالي لا يبقى رئيس المحكمة التجارية مختصا للبث فيه.
والمقصود بوسائل أخرى التي جاءت بها المادة 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية،تلك المنصوص عليها في المادة 329 من مدونة التجارة، جميع الوسائل التي تمكن أي شخص من تحويل أموال كيفما كانت الطريقة المستعملة لذلك حسب مفهوم المادة 4 من قانون مؤسسات الإئتمان المؤرخ بتاريخ 6 يوليوز1993 .
أما المقصود بالسندات الرسمية فقد عرفه الفصل 418 من قانون الالتزامات و العقود، حيث عرف الورقة الرسمية تلك التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون،وبذلك تكون العقود المحررة من طرف العدول بعد خطاب قاضي التوثيق عليها طبقا للفصل 30 من القانون المحدث لخطة العدالة والمحررة من طرف الموثقين سندات رسمية، وتصلح لاعتمادها في إطار مسطرة الأمر بالأداء بشرط أن تتعلق بمعاملة تجارية.
فالأوراق التجارية والسندات الرسمية هي التي تجعل رئيس المحكمة التجارية مختصا لإصدار أمر بالأداء، وبمفهوم المخالفة إذا كان الطلب مبنيا على أوراق عرفية أو على أوراق غير تجارية، فيعلن في هذه الحالة عن عدم اختصاصه لا رفض الطلب .
كما يبث رئيس المحكمة التجارية في الطلب في غيبة الأطراف ودون استدعائهم، ويمكن له الإستجابة لطلبهم جزئيا أو كليا في ضوء مؤيدات الطلب ويتمتع بهذا الشأن بسلطة تقديرية كما يحق له أن يرفض الطلب ويحيل الأطراف على المحكمة المختصة وفق الإجراءات العادية .
ويبلغ الأمر الموافق للطلب إلى المدعى عليه الذي يجب عليه أن يدفع المبلغ المحكوم به في ظرف 8 أيام الموالية لهذا التبليغ وفقا لما نص عليه الفصل 160 من قانون المسطرة المدنية، وتشتمل وثيقة التبليغ على نسخة من المقال وسند الدين و الأمر بالأداء وإنذار المدين بوجوب تسديد الدين و الصوائر المحددة في الأمر، مع إشعاره بأنه إذا كانت لديه وسائل دفاع يريد استعمالها سواء فيما يخص الإختصاص أو الموضوع أن من الواجب عليه أن يقدم الاستئناف في ظرف 8 أيام وفقا لمقتضيات الفصل 161 من قانون المسطرة المدنية، غير أن الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة التجارية يكون مشمولا بالنفاد المعجل لأن المادة 22 من قانون احداث المحاكم التجارية تضمنت أن الاستئناف وأجل الاستئناف لا يوقفان التنفيذ، بخلاف الأمر بالأداء الصادر عن المحكمة الابتدائية لا يقبل التنفيذ بقوة القانون بل لابد من انتظار مرور أجل الطعن بالاستئناف.
الفقرة الثانية: اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في الوقاية من صعوبات المقاولة
يختص رئيس المحكمة التجارية في النظر في مساطر صعوبات المقاولة سواء تعلق الأمر بمرحلة الوقاية الداخلية أو الوقاية الخارجية .
حيث يتعين على مراقب الحسابات أو شركاء المقاولة أن يبلغ رئيس المقاولة الوقائع التي من شأنها الإخلال باستمرارية استغلال المقاولة ، داخل أجل ثمانية أيام من اكتشافه لها بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل ، يدعوه فيها إلى تصحيح ذلك الإخلال ، وإذا لم يستجب رئيس المقاولة خلال 15 يوما أو لم يصل مجلس الإدارة أو مجلس المراقبة إلى نتيجة مفيدة عرض الأمر على الجمعية العامة بعد سماعها لتقرير المراقب وذلك طبقا للمادة 546 من مدونة التجارة، وفي حالة عدم تداول الجمعية العمومية أو إذا لوحظ أن الاستمرارية ما زالت مختلة رغم القرار المتخذ من طرف الجمعية العامة، أخبر رئيس المحكمة بذلك من طرف المراقب أو من طرف رئيس المقاولة طبقا للمادة 547 من مدونة التجارة.
أما فيما يخص مرحلة الوقاية الخارجية تمارس عن طريق رئيس المحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها المقر الرئيسي للمقاولة أو المقر الاجتماعي للشركة، وذلك في حالة فشل إجراءات الوقاية الداخلية أو في الحالة التي يتبين له من كل عقد أو وثيقة أو إجراء أن شركة تجارية أو مقاولة فردية تجارية أو حرفية تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغلالها حيث يستدعي رئيس المحكمة رئيس المقاولة قصد النظر في الإجراءات الكفيلة بتصحيح الوضعية وذلك حسب مقتضيات المادة 548 من مدونة التجارة، إن استدعاء مسير المقاولة يكون بقصد سماع ملاحظاته حول تصحيح الوضعية، ويلاحظ أن المشرع لم يرتب جزاء على عدم استجابة مسير المقاولة للاستدعاء، يكون من حق رئيس المحكمة التحقق من الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة عن طريق مراقب الحسابات أو الإدارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال أو شخص آخر طبقا للمادة 548 من مدونة التجارة، كالخبراء مثلا ولا يواجه هذا البحث بمقتضيات السر المهني، وعلى ضوء نتيجة البحث التي توصل إليها رئيس المحكمة يتخذ قراره، فإذا لم تكن المقاولة في وضعية التوقف عن الدفع، وإنما تعاني من صعوبات قانونية أو إقتصادية أو مالية أو لها حاجات لا يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب امكانيات المقاولة، أمكن إجراء التسوية الودية طبقا للمادة 550 من مدونة التجارة، أما إذا تبين أن المقاولة في وضعية التوقف عن الدفع فيحيل المقاولة إلى مسطرة من مساطر المعالجة.
ويستدعي رئيس المحكمة التجارية رئيس المقاولة إلى مكتبه عن طريق كاتب الضبط فور استلام الطلب قصد تلقي شروحاته طبقا للمادة 551 من مدونة التجارة، ويكون من حق رئيس المحكمة التحقق من الوضعية الاقتصادية و المالية للمقاولة عن طريق مراقب الحسابات أو الادارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال، أو أي شخص آخر طبقا للمادة 548 من مدونة التجارة، وعلاوة على ذلك يمكنه تكليف خبير لاعداد تقرير عن تلك الوضعية طبقا للمادة 551 من مدونة التجارة، أما إذا تحقق الرئيس من أن هناك امكانية لتصحيح وضعية المقاولة، فتح إجراء التسوية الودية وعين مصالحا لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة للتمديد شهرا على الأكثر طبقا لمقتضيات المادة 553 من مدونة التجارة، ويحدد الرئيس مهمة المصالح الرامية إلى إبرام اتفاق ودي مع الدائنين، كما يمد الرئيس المصالح بالمعلومات المتوفرة لديه طبقا للمادة 554 من مدونة التجارة، ويمكن للرئيس بعد الاستماع إلى الدائنين الرئيسيين أن يصدر أمرا يحدد مدة الوقف عن الدفع في أجل لا يتعدى مدة قيام المصالح بمهمته طبقا للمادة 555 من مدونة التجارة، حيث يعتبر الأمر بوقف المتابعات بمثابة فرصة للمقاولة لتستعيد أنفاسها بحيث يبقى المدين محتفظا بحريته بالتصرف إذ يوقف الاتفاق أثناء مدة تنفيذه كل دعوى قضائية، أما الدائنين الثانويين يبقون محتفظين بدعاويهم الفردية.
وعند إبرام الاتفاق مع جميع الدائنين، يصادق عليه رئيس المحكمة تلقائيا ويودع لدى كتاب الضبط، أما إذا تم الاتفاق مع بعض الدائنين فقط أمكن لرئيس المحكمة أن يصادق عليه طبقا للمادة 556 من مدونة التجارة، وتتعدى صلاحيات رئيس المحكمة في حالة الاتفاق مع بعض الدائنين فقط إلى أمكانية منح آجال للأداء، فيما يخص الديون التي لم يشملها الاتفاق طبقا للمادة 556 من مدونة التجارة.
تاريخ التوصل: 6 أكتوبر2011
تاريخ النشر:8 أكتوبر2011