المملكة المغربية
المحكمة الإدارية بالرباط
قسم القضاء الشامل
أصل الحكم المحفوظ بكتابة
الضبط بالمحكمة الإدارية بالرباط
حكم رقم : 4238
بتاريخ : 30/9/2015
ملف رقم : 74-7112-2015
باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون
بتاريخ 30/9/2015
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
فدوى العزوزي.................................... رئيسة ومقررة
حنان حمداوي................................................ عضوا
شوقي العزيزي.............................................. عضوا
بحضور رشدي حرمان..............................مفوضا ملكيا
وبمساعدة سعيد الرامي............................. كاتب الضبط
الحكم الآتي نصه :
......................
الوقائع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المقدم أمام هذه المحكمة بتاريخ 30/2/2015 يعرض من خلاله المدعي بواسطة نائبه أنه بناء على الوقائع المسطرة بمحاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المرفقة بالطلب، أعطى وزير العدل أمر كتابيا إلى الوكيل العام لدى محكمة العدل الخاصة بفتح متابعة ضده من أجل الارتشاء واستغلال النفوذ ، وبناء على ذلك التمست النيابة العامة من قاضي التحقيق فتح تحقيق ضده مع إيداعه بالسجن خرقا للقانون ، وبالنظر لعدم الاستماع إليه من أية جهة ودون أن يرد اسمه في محاضر الشرطة القضائية ، فتم اعتقاله بتاريخ 25 غشت 2003، وبعد أن تبين لقاضي التحقيق أن وثائق الملف لم يرد بها اسمه ، قرر الانتقال إلى محكمة الاستئناف بتطوان بتاريخ 13 أكتوبر 2003، ليتقمص دور مفتش بوزارة العدل من خلال بحثه عن المخالفات المهنية المنسوبة إليه وتقييمها، ورفض رفع حالة الاعتقال عنه ومدد فترة الاعتقال مرتين ، وأحاله على المحكمة في حالة اعتقال ليتم منحه السراح المؤقت بتاريخ 28/1/2004 بعدما قضى مدة خمسة أشهر وثلاثة أيام رهن الاعتقال ، كما صدر مقرر قضائي بتاريخ 21/4/2004 قضى ببراءته .
اعتبارا لذلك وإعمالا لمقتضيات الفصلين 22 و122 من الدستور ، وبالنظر للأضرار الحاصلة له نتيجة الاعتقال الاحتياطي ، فإنه يلتمس الحكم على الدولة بأدائها لفائدته تعويضا قدره 1000000,00 درهم مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليهم الصائر .
وأيد المقال بصورة شمسية لوثائق منها محاضر الشرطة، أمر صادر عن وزير العدل ، ملتمس للنيابة العامة بإجراء تحقيق ، بطاقة الإفراج ، مقررات قضائية محضر انتقال قاضي التحقيق إلى محكمة الاستئناف بتطوان .
وبناء على المذكرة الجوابية التي أدلى بها الوكيل القضائي للمملكة والتي دفع من خلالها بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبت في الطلب الذي يندرج ضمن ولاية محكمة النقض ، ذلك أن المادة 122 من الدستور تفيد في تقرير الأساس القانوني للمسؤولية عن العمل القضائي وليس في تقرير الجهة المختصة للنظر في آثار هذه المسؤولية ، وأن الفصل 391 من قانون المسطرة المدنية يجعل المحكمة المختصة للنظر في التعويض عن الأضرار المترتبة عن الأعمال القضائية أيا كان سببها هي محكمة النقض ، كما أنه لا يمكن إدراج المسؤولية عن الأعمال القضائية ضمن مفهوم التعويض عن الأضرار الناجمة عن نشاط من نشاطات أشخاص القانون العام ، على اعتبار أن المقصود بنشاطات أشخاص القانون العام هو النشاط الإداري ، ومن حيث الموضوع ، فإن الطلب غير مؤسس طالما أنه لا يمكن إعمال الفصل 122 من الدستور بأثر رجعي ، فضلا على انتفاء الخطأ القضائي .
لذلك ، فإنه يلتمس الحكم بعدم الاختصاص النوعي للبت في الطلب ، مع رفض الطلب.
وبناء على تعقيب المدعي بتاريخ 24/4/2014 الذي التمس رد ما جاء في مذكرة جواب الوكيل القضائي للمملكة والحكم وفق المقال.
وبناء على الحكم التمهيدي عدد 356 الصادر في الملف بتاريخ 2/4/2015 القاضي بإجراء جلسة بحث.
وبناء على محضر جلسة البحث المنعقدة بمكتب القاضي المقرر بتاريخ 30/4/2015 .
وبناء على باقي المذكرات المدلى بها في الملف والتي تمسك من خلالها كل طرف بسابق كتاباته .
وبناء الإعلام بإدراج الملف بجلسة 7/9/2015 التي تقرر خلالها اعتبار القضية جاهزة ، وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد تقريره ، فتم وضع الملف في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل : حيث قدمت الدعوى وفق الشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه الحكم بقبولها .
وفي الموضوع : حيث يهدف الطلب إلى الحكم بمسؤولية الدولة عن الاعتقال الاحتياطي الذي تعرض له المدعي وبأدائها لفائدته تعويضا عن الأضرار اللاحقة به جراء ذلك قدره 1.000.000,00 درهم مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليهم الصائر.
وحيث جاء الطلب مؤسسا على مقتضيات الفصل 122 من الدستور لثبوت خطأ قاضي التحقيق لدى محكمة العدل الخاصة بوضعه للمدعي قيد الاعتقال الاحتياطي دون أن يكون اسمه واردا في محاضر الضابطة القضائية المتعلقة بالمسطرة المنجزة في مواجهة المتهم الرئيسي ..ومساعديه وبعض القضاة وأطر وزارة العدل ومتابعته بناءً على ذلك بتهمة الارتشاء.
وحيث إن الدولة تعد مسؤولة بموجب الفصل 122 من الدستور عن تعويض الأضرار اللاحقة بالخواص نتيجة نشاط مرفق القضاء، من منطلق أن السلطة القضائية تمارس صلاحيات متفرعة عن وظائف الدولة وتندرج ضمن البناء المؤسساتي الذي يكونها، ولما كانت الوظيفة القضائية تتسم بالدقة والتعقيد بما يجعلها مؤطرة بهدف تحقيق العدالة النسبية القابلة لأن تكون مشوبة بأخطاء، فإن المسؤولية المترتبة عنها لا يمكن أن تكون قائمة إلا على أساس الخطأ الجسيم الذي يكشف عن الإهمال البين للقاضي في التطبيق السليم للقانون والذي لا يمكن أن يرتكبه إلا قاض غير حريص في عمله أو في الإغفال الفاضح غير المبرر للوقائع الثابتة في الملف بما يؤثر في الحكم أو الإجراء المأمور به من طرف الجهة القضائية المعنية، وغيرها من الإخلالات الخطيرة التي تتجاوز نطاق الأخطاء اليسيرة الراجع وقوعها لطبيعة الوظيفة القضائية، مع تسبب هذا الخطأ الجسيم في ضرر ثابت ومحقق ومباشر سواء كان ماديا أو معنويا لشخص أو عدة أشخاص.
وحيث إنه لما كان الاعتقال الاحتياطي من الإجراءات التي يوكل اختصاص الأمر بها للجهات القضائية بشكل حصري فإنه يبقى مندرجا هو الآخر في دائرة الأعمال القضائية التي يمكن التعويض عنها في حال اتسامه بخطأ جسيم متجل في الخرق الواضح للضوابط المقيدة له باعتباره إجراءً استئنائيا سواء من حيث الإجراءات المتصلة به أو نطاق الأمر به أو المدد التي يقيد بها أو غيرها، ويكون التعويض في هذه الحالة مستحقا للمتضرر منه بغض النظر عن جسامة الضرر، وذلك في نطاق الحالات التي تثبت فيها براءة الشخص المعتقل احتياطيا بمقتضى حكم نهائي أو بصدور أمر بعدم المتابعة، غير أن خصوصية الاعتقال الاحتياطي باعتباره إجراءً يمس حرية المتهم قبل بت قضاء الموضوع في التهمة المنسوبة إليه وفي وقت يكون متمتعا بقرينة البراءة التي كرسها الفصل 23 من الدستور، تفضي إلى اعتبار المعتقل الاحتياطي الذي صدر حكم نهائي بتبرئته مستحقا للتعويض حتى في الحالة التي لا يثبت أي خرق صادر بشأن الضوابط القانونية للاعتقال الاحتياطي وذلك في الحالة الذي يلحق به ضرر استثنائي غير عادي، ذلك أنه إذا كان هذا الإجراء وغيره من الإجراءات الجنائية تهدف إلى حماية المجتمع من أخطار الجريمة ومواجهتها عبر تفعيل النصوص التجريمية، فإن إعمال مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة يفرض تحمل كافة المجتمع للأضرار الاستثنائية اللاحقة بالمعتقل احتياطيا ما دام أنه كان بريئا أثناء الأمر بهذا الإجراء وظل بريئا ولم يرتكب أي خطأ يجعله يتحمل لوحده تبعة تطبيق القانون لمصلحة كل المجتمع طالما أن الضرر المادي أو المعنوي اتسم بالجسامة التي تجعله مما لا يمكن تحمله من طرف الشخص العادي، وفي مقابل ذلك فإن مسؤولية الدولة لا تقوم إذا كان الضرر اللاحق به يدخل في نطاق الأضرار العادية أو اليسيرة التي يمكن تحملها طالما أن الاعتقال الاحتياطي قد تم الأمر به في إطار القانون من طرف الجهات القضائية المختصة دون اتسامه بأي خرق، ولذلك لا يؤدي صدور حكم نهائي ببراءته إلى اعتبار الاعتقال الاحتياطي الذي طاله قبل ذلك خاطئا بشكل تلقائي إلا بتحقق الخطأ الجسيم أو حصول الأضرار غير العادية المشار إليها.
وحيث إن حاصل ذلك أن الحكم ببراءة المعتقل الاحتياطي لا تجعل مسؤولية الدولة عن الاعتقال الاحتياطي الذي طاله قائمة بشكل تلقائي، في الحالة التي يتم الأمر به من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق في إطار الصلاحيات وضمن الإجراءات المنصوص عليها في القانون بدون ثبوت أي خرق جسيم ويكون الضرر الناتج عنه من الأضرار العادية التي يمكن تحملها لعدم فداحتها وبلوغها لحد الجسامة الاستثنائية.
وحيث يتبين من وثائق الملف أن المدعي تم اعتقاله يوم 25/08/2003 من طرف قاضي التحقيق لدى محكمة العدل الخاصة إلى أن أصدرت هذه الأخيرة قرارا بمنحه السراح المؤقت بتاريخ 28/01/2004 وبعد حجز الملف للمداولة أصدرت قرارا تحت رقم 8079 في نفس الملف المذكور قضى ببرائته، وبعد الطعن فيه بالنقض أصدر المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) قرار تحت رقم 1535/1 في الملف الجنائي 15827/2004 بتاريخ 28/12/2005 قضى برفض طلب النقض، بعد ذلك استأنف عمله بمحكمة الاستئناف بوجدة التي انتدب لها بتاريخ 19/09/2008، ولما كان البحث في قيام مسؤولية الدولة عن اعتقال المدعي في النازلة يقتضي تقدير مدى ثبوت الخطأ الجسيم في عمل قاضي التحقيق لدى محكمة العدل الخاصة باعتباره الأساس الوحيد الذي استند إليه المدعي في دعواه، فإن تقييم القرار القاضي باعتقال هذا الأخير احتياطيا يفضي إلى اعتباره غير مشوب بأي خرق قانوني طالما أنه اتخذ في إطار الصلاحيات الموكولة قانونا لقاضي التحقيق، ذلك أن قانون المسطرة الجنائية لم يقيد سلطته في اللجوء إلى هذا الإجراء إلا بضرورة أن يكون الفعل المنسوب للظنين يشكل جنحة أو جناية معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، وفي مقابل ذلك فإن الشروط الأخرى التي يمكن أن تبرر اللجوء إليه بالنظر لكل حالة والتي قد تتعلق بخطورة الفعل وانعدام ضمانات الحضور في المتهم تبقى خاضعة للسلطة التقديرية التي يستند في إعمالها إلى ملابسات كل نازلة على حدة، وهو في ممارسته لسلطته هاته لا يمكن أن ينسب إليه أي خطأ طالما لم يثبت تدليسه أو سوء نيته، ويبقى ما تمسك به المدعي لإثبات الخطأ الجسيم من أن الأمر بالاعتقال لم يكون مسبوقا باستماع الشرطة القضائية إليه وتضمين ذلك في محاضر الضابطة القضائية التي أنجزت بهذا الصدد والتي جاءت خالية من ذكر اسمه على لسان المتهمين وغيرهم من الأشخاص المستمع إليهم، يبقى غير مُجْـدٍ في إثبات عدم قانونية الاعتقال، طالما أن قاضي التحقيق وضع يده على القضية بناءً على ملتمس إضافي بفتح تحقيق في مواجهته صادر عن وزير العدل الذي أعطاه القانون صلاحية توجيه تعليماته للنيابة العامة بمقتضى النصوص الجاري بها العمل آنذاك، باعتبار المدعي يعمل نائبا للوكيل العامل للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان وتمت مباشرة إجراءات التحقيق معه لوجود شبهات على ارتكابه أفعال جرمية مرتبطة ببعض الملفات ذات الصلة بالاتجار في المخدرات التي اتخذ إجراءات معينة بشأنها. كما أن القانون لم يقيد ممارسة قاضي التحقيق لصلاحياته بضرورة أن تكون مسبوقة بإنجاز محاضر للضابطة القضائية بشأن الوقائع موضوعها، والحال أنه يعتبر جهة قضائية تسمو على ما دونها من الجهات المتدخلة في مرحلة البحث والتحقيق، ويمكنه في ذلك أن يتخذ جميع الإجراءات التي يراها مناسبة للوصول للحقيقة أو يعتبرها مُسَاعِدَة على حسن سير التحقيق ومنها إصدار أمر بالاعتقال الاحتياطي.
وحيث إنه استنادا إلى ما ذكر أعلاه فإن صدور قرار قضائي بتبرئة المدعي لا يؤدي بشكل آلي إلى إصباغ قرار الاعتقال الاحتياطي بوصف الخطأ طالما لم يصدر عن قاضي التحقيق الذي أصدره أي انحراف في تطبيق القواعد القانونية ذات الصلة، وطالما أن هذا الاعتقال لم يرتب أي ضرر استثنائي باعتباره أساسا آخر يمكن إثارة مسؤولية الدولة بناءً عليه كما تم تفصيله أعلاه، وهو الأساس الذي لم يستند إليه المدعي في دعواه، والذي يبقى، فضلا على أنه غير ثابت في النازلة، غير قابل للإثارة التلقائية من قبل المحكمة لتعلقه بالحقوق الخاصة للأطراف.
وحيث إنه تأسيسا على ما سبق يكون الخطأ القضائي المستند إليه في الدعوى غير قائم، الأمر الذي يجعل شروط قيام مسؤولية الدولة في النازلة غير قائمة ويتعين لذلك الحكم برفض الطلب.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها.
المنطوق
وتطبيقا للقانون رقم 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية وقانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا:
في الشكل : بقبول الدعوى.
وفي الموضوع: برفض الطلب مع إبقاء الصائر على عاتق رافعه.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه ...................................
الرئيسة والمقررة كاتب الضبط
المحكمة الإدارية بالرباط
قسم القضاء الشامل
أصل الحكم المحفوظ بكتابة
الضبط بالمحكمة الإدارية بالرباط
حكم رقم : 4238
بتاريخ : 30/9/2015
ملف رقم : 74-7112-2015
باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون
بتاريخ 30/9/2015
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
فدوى العزوزي.................................... رئيسة ومقررة
حنان حمداوي................................................ عضوا
شوقي العزيزي.............................................. عضوا
بحضور رشدي حرمان..............................مفوضا ملكيا
وبمساعدة سعيد الرامي............................. كاتب الضبط
الحكم الآتي نصه :
......................
الوقائع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المقدم أمام هذه المحكمة بتاريخ 30/2/2015 يعرض من خلاله المدعي بواسطة نائبه أنه بناء على الوقائع المسطرة بمحاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المرفقة بالطلب، أعطى وزير العدل أمر كتابيا إلى الوكيل العام لدى محكمة العدل الخاصة بفتح متابعة ضده من أجل الارتشاء واستغلال النفوذ ، وبناء على ذلك التمست النيابة العامة من قاضي التحقيق فتح تحقيق ضده مع إيداعه بالسجن خرقا للقانون ، وبالنظر لعدم الاستماع إليه من أية جهة ودون أن يرد اسمه في محاضر الشرطة القضائية ، فتم اعتقاله بتاريخ 25 غشت 2003، وبعد أن تبين لقاضي التحقيق أن وثائق الملف لم يرد بها اسمه ، قرر الانتقال إلى محكمة الاستئناف بتطوان بتاريخ 13 أكتوبر 2003، ليتقمص دور مفتش بوزارة العدل من خلال بحثه عن المخالفات المهنية المنسوبة إليه وتقييمها، ورفض رفع حالة الاعتقال عنه ومدد فترة الاعتقال مرتين ، وأحاله على المحكمة في حالة اعتقال ليتم منحه السراح المؤقت بتاريخ 28/1/2004 بعدما قضى مدة خمسة أشهر وثلاثة أيام رهن الاعتقال ، كما صدر مقرر قضائي بتاريخ 21/4/2004 قضى ببراءته .
اعتبارا لذلك وإعمالا لمقتضيات الفصلين 22 و122 من الدستور ، وبالنظر للأضرار الحاصلة له نتيجة الاعتقال الاحتياطي ، فإنه يلتمس الحكم على الدولة بأدائها لفائدته تعويضا قدره 1000000,00 درهم مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليهم الصائر .
وأيد المقال بصورة شمسية لوثائق منها محاضر الشرطة، أمر صادر عن وزير العدل ، ملتمس للنيابة العامة بإجراء تحقيق ، بطاقة الإفراج ، مقررات قضائية محضر انتقال قاضي التحقيق إلى محكمة الاستئناف بتطوان .
وبناء على المذكرة الجوابية التي أدلى بها الوكيل القضائي للمملكة والتي دفع من خلالها بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبت في الطلب الذي يندرج ضمن ولاية محكمة النقض ، ذلك أن المادة 122 من الدستور تفيد في تقرير الأساس القانوني للمسؤولية عن العمل القضائي وليس في تقرير الجهة المختصة للنظر في آثار هذه المسؤولية ، وأن الفصل 391 من قانون المسطرة المدنية يجعل المحكمة المختصة للنظر في التعويض عن الأضرار المترتبة عن الأعمال القضائية أيا كان سببها هي محكمة النقض ، كما أنه لا يمكن إدراج المسؤولية عن الأعمال القضائية ضمن مفهوم التعويض عن الأضرار الناجمة عن نشاط من نشاطات أشخاص القانون العام ، على اعتبار أن المقصود بنشاطات أشخاص القانون العام هو النشاط الإداري ، ومن حيث الموضوع ، فإن الطلب غير مؤسس طالما أنه لا يمكن إعمال الفصل 122 من الدستور بأثر رجعي ، فضلا على انتفاء الخطأ القضائي .
لذلك ، فإنه يلتمس الحكم بعدم الاختصاص النوعي للبت في الطلب ، مع رفض الطلب.
وبناء على تعقيب المدعي بتاريخ 24/4/2014 الذي التمس رد ما جاء في مذكرة جواب الوكيل القضائي للمملكة والحكم وفق المقال.
وبناء على الحكم التمهيدي عدد 356 الصادر في الملف بتاريخ 2/4/2015 القاضي بإجراء جلسة بحث.
وبناء على محضر جلسة البحث المنعقدة بمكتب القاضي المقرر بتاريخ 30/4/2015 .
وبناء على باقي المذكرات المدلى بها في الملف والتي تمسك من خلالها كل طرف بسابق كتاباته .
وبناء الإعلام بإدراج الملف بجلسة 7/9/2015 التي تقرر خلالها اعتبار القضية جاهزة ، وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد تقريره ، فتم وضع الملف في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل : حيث قدمت الدعوى وفق الشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه الحكم بقبولها .
وفي الموضوع : حيث يهدف الطلب إلى الحكم بمسؤولية الدولة عن الاعتقال الاحتياطي الذي تعرض له المدعي وبأدائها لفائدته تعويضا عن الأضرار اللاحقة به جراء ذلك قدره 1.000.000,00 درهم مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليهم الصائر.
وحيث جاء الطلب مؤسسا على مقتضيات الفصل 122 من الدستور لثبوت خطأ قاضي التحقيق لدى محكمة العدل الخاصة بوضعه للمدعي قيد الاعتقال الاحتياطي دون أن يكون اسمه واردا في محاضر الضابطة القضائية المتعلقة بالمسطرة المنجزة في مواجهة المتهم الرئيسي ..ومساعديه وبعض القضاة وأطر وزارة العدل ومتابعته بناءً على ذلك بتهمة الارتشاء.
وحيث إن الدولة تعد مسؤولة بموجب الفصل 122 من الدستور عن تعويض الأضرار اللاحقة بالخواص نتيجة نشاط مرفق القضاء، من منطلق أن السلطة القضائية تمارس صلاحيات متفرعة عن وظائف الدولة وتندرج ضمن البناء المؤسساتي الذي يكونها، ولما كانت الوظيفة القضائية تتسم بالدقة والتعقيد بما يجعلها مؤطرة بهدف تحقيق العدالة النسبية القابلة لأن تكون مشوبة بأخطاء، فإن المسؤولية المترتبة عنها لا يمكن أن تكون قائمة إلا على أساس الخطأ الجسيم الذي يكشف عن الإهمال البين للقاضي في التطبيق السليم للقانون والذي لا يمكن أن يرتكبه إلا قاض غير حريص في عمله أو في الإغفال الفاضح غير المبرر للوقائع الثابتة في الملف بما يؤثر في الحكم أو الإجراء المأمور به من طرف الجهة القضائية المعنية، وغيرها من الإخلالات الخطيرة التي تتجاوز نطاق الأخطاء اليسيرة الراجع وقوعها لطبيعة الوظيفة القضائية، مع تسبب هذا الخطأ الجسيم في ضرر ثابت ومحقق ومباشر سواء كان ماديا أو معنويا لشخص أو عدة أشخاص.
وحيث إنه لما كان الاعتقال الاحتياطي من الإجراءات التي يوكل اختصاص الأمر بها للجهات القضائية بشكل حصري فإنه يبقى مندرجا هو الآخر في دائرة الأعمال القضائية التي يمكن التعويض عنها في حال اتسامه بخطأ جسيم متجل في الخرق الواضح للضوابط المقيدة له باعتباره إجراءً استئنائيا سواء من حيث الإجراءات المتصلة به أو نطاق الأمر به أو المدد التي يقيد بها أو غيرها، ويكون التعويض في هذه الحالة مستحقا للمتضرر منه بغض النظر عن جسامة الضرر، وذلك في نطاق الحالات التي تثبت فيها براءة الشخص المعتقل احتياطيا بمقتضى حكم نهائي أو بصدور أمر بعدم المتابعة، غير أن خصوصية الاعتقال الاحتياطي باعتباره إجراءً يمس حرية المتهم قبل بت قضاء الموضوع في التهمة المنسوبة إليه وفي وقت يكون متمتعا بقرينة البراءة التي كرسها الفصل 23 من الدستور، تفضي إلى اعتبار المعتقل الاحتياطي الذي صدر حكم نهائي بتبرئته مستحقا للتعويض حتى في الحالة التي لا يثبت أي خرق صادر بشأن الضوابط القانونية للاعتقال الاحتياطي وذلك في الحالة الذي يلحق به ضرر استثنائي غير عادي، ذلك أنه إذا كان هذا الإجراء وغيره من الإجراءات الجنائية تهدف إلى حماية المجتمع من أخطار الجريمة ومواجهتها عبر تفعيل النصوص التجريمية، فإن إعمال مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة يفرض تحمل كافة المجتمع للأضرار الاستثنائية اللاحقة بالمعتقل احتياطيا ما دام أنه كان بريئا أثناء الأمر بهذا الإجراء وظل بريئا ولم يرتكب أي خطأ يجعله يتحمل لوحده تبعة تطبيق القانون لمصلحة كل المجتمع طالما أن الضرر المادي أو المعنوي اتسم بالجسامة التي تجعله مما لا يمكن تحمله من طرف الشخص العادي، وفي مقابل ذلك فإن مسؤولية الدولة لا تقوم إذا كان الضرر اللاحق به يدخل في نطاق الأضرار العادية أو اليسيرة التي يمكن تحملها طالما أن الاعتقال الاحتياطي قد تم الأمر به في إطار القانون من طرف الجهات القضائية المختصة دون اتسامه بأي خرق، ولذلك لا يؤدي صدور حكم نهائي ببراءته إلى اعتبار الاعتقال الاحتياطي الذي طاله قبل ذلك خاطئا بشكل تلقائي إلا بتحقق الخطأ الجسيم أو حصول الأضرار غير العادية المشار إليها.
وحيث إن حاصل ذلك أن الحكم ببراءة المعتقل الاحتياطي لا تجعل مسؤولية الدولة عن الاعتقال الاحتياطي الذي طاله قائمة بشكل تلقائي، في الحالة التي يتم الأمر به من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق في إطار الصلاحيات وضمن الإجراءات المنصوص عليها في القانون بدون ثبوت أي خرق جسيم ويكون الضرر الناتج عنه من الأضرار العادية التي يمكن تحملها لعدم فداحتها وبلوغها لحد الجسامة الاستثنائية.
وحيث يتبين من وثائق الملف أن المدعي تم اعتقاله يوم 25/08/2003 من طرف قاضي التحقيق لدى محكمة العدل الخاصة إلى أن أصدرت هذه الأخيرة قرارا بمنحه السراح المؤقت بتاريخ 28/01/2004 وبعد حجز الملف للمداولة أصدرت قرارا تحت رقم 8079 في نفس الملف المذكور قضى ببرائته، وبعد الطعن فيه بالنقض أصدر المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) قرار تحت رقم 1535/1 في الملف الجنائي 15827/2004 بتاريخ 28/12/2005 قضى برفض طلب النقض، بعد ذلك استأنف عمله بمحكمة الاستئناف بوجدة التي انتدب لها بتاريخ 19/09/2008، ولما كان البحث في قيام مسؤولية الدولة عن اعتقال المدعي في النازلة يقتضي تقدير مدى ثبوت الخطأ الجسيم في عمل قاضي التحقيق لدى محكمة العدل الخاصة باعتباره الأساس الوحيد الذي استند إليه المدعي في دعواه، فإن تقييم القرار القاضي باعتقال هذا الأخير احتياطيا يفضي إلى اعتباره غير مشوب بأي خرق قانوني طالما أنه اتخذ في إطار الصلاحيات الموكولة قانونا لقاضي التحقيق، ذلك أن قانون المسطرة الجنائية لم يقيد سلطته في اللجوء إلى هذا الإجراء إلا بضرورة أن يكون الفعل المنسوب للظنين يشكل جنحة أو جناية معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، وفي مقابل ذلك فإن الشروط الأخرى التي يمكن أن تبرر اللجوء إليه بالنظر لكل حالة والتي قد تتعلق بخطورة الفعل وانعدام ضمانات الحضور في المتهم تبقى خاضعة للسلطة التقديرية التي يستند في إعمالها إلى ملابسات كل نازلة على حدة، وهو في ممارسته لسلطته هاته لا يمكن أن ينسب إليه أي خطأ طالما لم يثبت تدليسه أو سوء نيته، ويبقى ما تمسك به المدعي لإثبات الخطأ الجسيم من أن الأمر بالاعتقال لم يكون مسبوقا باستماع الشرطة القضائية إليه وتضمين ذلك في محاضر الضابطة القضائية التي أنجزت بهذا الصدد والتي جاءت خالية من ذكر اسمه على لسان المتهمين وغيرهم من الأشخاص المستمع إليهم، يبقى غير مُجْـدٍ في إثبات عدم قانونية الاعتقال، طالما أن قاضي التحقيق وضع يده على القضية بناءً على ملتمس إضافي بفتح تحقيق في مواجهته صادر عن وزير العدل الذي أعطاه القانون صلاحية توجيه تعليماته للنيابة العامة بمقتضى النصوص الجاري بها العمل آنذاك، باعتبار المدعي يعمل نائبا للوكيل العامل للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان وتمت مباشرة إجراءات التحقيق معه لوجود شبهات على ارتكابه أفعال جرمية مرتبطة ببعض الملفات ذات الصلة بالاتجار في المخدرات التي اتخذ إجراءات معينة بشأنها. كما أن القانون لم يقيد ممارسة قاضي التحقيق لصلاحياته بضرورة أن تكون مسبوقة بإنجاز محاضر للضابطة القضائية بشأن الوقائع موضوعها، والحال أنه يعتبر جهة قضائية تسمو على ما دونها من الجهات المتدخلة في مرحلة البحث والتحقيق، ويمكنه في ذلك أن يتخذ جميع الإجراءات التي يراها مناسبة للوصول للحقيقة أو يعتبرها مُسَاعِدَة على حسن سير التحقيق ومنها إصدار أمر بالاعتقال الاحتياطي.
وحيث إنه استنادا إلى ما ذكر أعلاه فإن صدور قرار قضائي بتبرئة المدعي لا يؤدي بشكل آلي إلى إصباغ قرار الاعتقال الاحتياطي بوصف الخطأ طالما لم يصدر عن قاضي التحقيق الذي أصدره أي انحراف في تطبيق القواعد القانونية ذات الصلة، وطالما أن هذا الاعتقال لم يرتب أي ضرر استثنائي باعتباره أساسا آخر يمكن إثارة مسؤولية الدولة بناءً عليه كما تم تفصيله أعلاه، وهو الأساس الذي لم يستند إليه المدعي في دعواه، والذي يبقى، فضلا على أنه غير ثابت في النازلة، غير قابل للإثارة التلقائية من قبل المحكمة لتعلقه بالحقوق الخاصة للأطراف.
وحيث إنه تأسيسا على ما سبق يكون الخطأ القضائي المستند إليه في الدعوى غير قائم، الأمر الذي يجعل شروط قيام مسؤولية الدولة في النازلة غير قائمة ويتعين لذلك الحكم برفض الطلب.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها.
المنطوق
وتطبيقا للقانون رقم 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية وقانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا:
في الشكل : بقبول الدعوى.
وفي الموضوع: برفض الطلب مع إبقاء الصائر على عاتق رافعه.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه ...................................
الرئيسة والمقررة كاتب الضبط