أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط
بالمحكمة الإدارية بالرباط
بـاسم جلالة الـملك وطبقا للقانون
بتـاريخ 22/10/2015
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة:
مصطفى سيمو....……..…......................رئيسا
فتح الله الحـمداني ….......…..........……..…مقررا
شوقي العزيزي....................................عضوا
بحضور رشدي حرمان......................مفوضا ملكيا
وبمساعدة سعيد الرامي......................كاتبا للضبط
الحكم الآتي نصه:
.......................
الوقـــائــع
بناء على عريضة الطعن المقدمة من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم المودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة والمؤداة عنها الرسوم القضائية بـتاريخ 19/10/2015 والتي عرضوا من خلالها بأنه على إثر افتتاح دورة أكتوبر من سنة 2015 بتاريخ 08/10/2015 بقاعة الاجتماعات بمقر جماعة سيدي علال التازي من أجل دراسة جدول الأعمال بحضور القائد، تمت المصادقة على القانون الداخلي وبعد ذلك جرى مناقشة النقطة المتعلقة بإحداث اللجان الدائمة قصد انتخاب رؤسائها ونوابهم، غير أن رئيس المجلس أسند رئاسة كافة اللجان إلى فريقه والمتحالفين معه وامتنع عن إسناد رئاسة إحدى اللجان للمعارضة كما تنص على ذلك المادة 27 من القانون التنظيمي رقم 113.14. لأجل ذلك التمسوا الحكم بإلغاء قرار الرئيس والمكتب المسير والقاضي بإسناد رئاسة إحدى اللجان للمعارضة مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
وبناءً على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف المطلوبين في الطعن بواسطة نائبهم بتاريخ 22/10/2015 عرضوا من خلالها في الشكل أن الطعن جاء مخالفا لمقتضيات المادة 265 من القانون التنظيمي رقم 113.14 لعدم ثبوت صفتهم في الدعوى، وفي الموضوع عرضوا أن الاطلاع على محضر العملية الانتخابية يفضي للتأكد أنه تم فعلا إسناد رئاسة لجنة الشؤون الثقافية والرياضية والبيئية للمعارضة كما جاء النص على ذلك في القانون الداخلي للمجلس وذلك عن طريق انتخاب السيد محمد الشباني عن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي ينتمي للمعارضة بعدما تم التصويت عليه رئيسا للجنة على إثر سحب السيد حميد حروري عن حزب العدالة والتنمية لترشيحه الذي تقدم به قبل ذلك، وعليه تكون عملية انتخاب اللجان قد جرت في احترام للمادة 27 من القانون التنظيمي 113.14. والتمسوا رفض الطعن.
بناء على إدراج القضية بعدة جلسات آخرها جلسة 22/10/2015 ألفي في الملف بطلب تسجيل نيابة الأستاذ بلعادل عن عامل القنيطرة ووالي جهة الغرب الشراردة بني احسن مع مهلة للجواب وحضر أخيرا الأستاذ حيبوري عن المطلوبين في الطعن وأدلى بمذكرة جوابية ومحضر الجلسة وأكد ما جاء في مذكرته فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة واقترح المفوض الملكي عدم قبول الطعن وتم وضع الملف في المداولة لآخر الجلسة.
وبناءً على أمر المحكمة بإخراج الملف من المداولة قصد الاستماع إلى المدعين ورئيس المجلس وباقي الأعضاء الحاضرين، حضر السيد حاتم بن رقية بطاقته الوطنية رقم G370867 وعن سؤال أجاب أن الأغلبية يمثلها حز الاستقلال وأن المكتب يتكون من 19 عضوا من أصل 27 أغلبيتهم من حزب الاستقلال وحضر نائب المطلوبين في الطعن وعن سؤال حول عملية انتخاب رئيس المجلس الجماعي أفاد السيد حرور حميد وكذا السيد صغير يوسف والسيد الحاتمي يماني والسيدة دونيا بلغالية أنه ترشح لمنصب الرئيس حاتم بنن رقية عن حزب الاستقلال والسيد حرور عن حزب العدالة والتنمية وفاز الأول بـ 23 صوتا من بينها صوت العضو الوحيد المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار السيد الشباني، بينما حصل المرشح حرور عن حزب العدالة والتنمية 4 أصوات، وأكد السيد بن رقية رئيس المجلس هذه صحة هذه التصريحات، وعن سؤال حول سحب السيد حرور لترشيحه لرئاسة اللجنة أفاد أنه انسحب لكون رئيس المجلس اعتبر السيد الشباني ينتمي للمعارضة رغم أنه تم تنبيهه إلى أن هذا الأخير سبق أن صوت لفائدة مرشح الأغلبية أثناء انتخابات رئيس المجلس، ولم يجد بدا من الانسحاب بعد أن تأكد أن الجميع سيصوت لمرشح حزب التجمع الوطني للأحرار لأنه من حلفاء الأغلبية، وعن سؤال أجاب السيد الشباني أنه تم التصويت عليه عليه بإلإجماع بما في ذلك أعضاء حزب العدالة والتنمية، وأكد كاتب الجلسة أن السيد حرور انسحب من الترشح لصالح السيد الشباني وأضاف أنه لم تكن هناك أن مناقشة مع الأطراف حول المعارضة وأوضح نائب الطاعنين أن السيد حرور تقدم بترشيحه ثم انسحب، فتقرر اعتبار القضية جاهزة والتمس المفوض الملكي رفض الطعن فتقرر وضع القضية في المداولة لآخر الجلسة.
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل:
حيث تقدم المطلوبون في الطعن بدفع يرمي إلى الحكم بعدم القبول لعدم ثبوت صفة الطاعنين في الطعن.
لكن حيث إنه خلافا لما تمسك به المطلوبون في الدفع، فإنه بالرجوع إلى المحضر المدلى به في الملف يتبين أن الطاعنين يعدون أعضاء في المجلس الجماعي، مما تبقى معه صفتهم في الطعن في المقررات الصادرة عنه ثابتة، فيكون الدفع غير مؤسس ويتعين رده.
وحيث إنه فضلا عن ذلك فإن الطعن قدم مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه التصريح بقبوله.
في الموضوع:
حيث يهدف الطعن إلى الحكم بإلغاء مقرر المجلس الجماعي لجماعة سيدي علال التازي القاضي بعدم إسناد إحدى اللجان الدائمة للمعارضة مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
وحيث أسس الطاعنون طعنهم على خرق مقتضيات المادةة 27 من القانون 113.14 لعدم إسناد رئاسة إحدى اللجان لعضو من المعارضة.
وحيث أجاب المطلوبون في الطعن أنه مقنضيات المادة 27 المشار إليها أعلاه تم احترامها طالما أنه تم إسناد رئاسة لجنة الشؤون الثقافية والرياضية والبيئية للسيد محمد الشباني الذي ينتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار لكونه يعتبر من أحزاب المعارضة في المجلس ما دام أن أعضاء حزب الاستقلال يشكلون الأغلبية المطلقة وتبقى جميع الأحزاب الأخرى الممثلة في المجلس متموقعة في المعارضة بما فيها حزب التجميع الوطني الممثل بواسطة عضوه الوحيد الذي تم انتخابه رئيسا للجنة المذكورة.
وحيث إن الفصل في مدى سلامة عملية تشكيل اللجان بالمجلس الجماعي يقتضي الحسم في ما إذا كان مرشح حزب التجمع الوطني للأحرار الذي أسندت له رئاسة اللجنة أعلاه ينتمي إلى المعارضة أم لا وذلك بتحديد مفهوم المعارضة بمعنى الفصل 27 المذكور.
وحيث إن النظر إلى هذا المفهوم من حيث اللفظ الذي استعمله المشرع للدلالة عليه، والذي يتمثل في كلمة "معارضة"، يفضي إلى اعتباره دالا على كل سلوك محمول على معنى الرفض والمناوءة والمنافسة والاختلاف وغيرها من المعاني التي تفيد التناقض والتضاد واتخاذ موقف مقابل مستند على أسس موضوعية مغايرة للموقف المراد معارضته، وبتحليل هذا المفهوم في ارتباطه بالمجال السياسي والتدبيري الذي تتأطر داخله عمليات تشكيل المجالس المنتخبة وتسييرها، تتحدد المعارضة في كل قوة سياسية متمثلة في شخص أو مجموعة أشخاص تتخـذ موقفا سياسيا وتدبيريا مغايرا لموقف الأغلبية الممثلة في المكتب المسير بخصوص أساليب التدبير والخلفية التي تستند إليها وذلك بغاية تغيير سلوك الأجهزة المسيرة للشأن المحلي والتصورات التي تأسس عليه في منحى تحسين أدائها خدمة للمصلحة العامة، وتقديم نموذج مختلف ترمي من خلاله إلى الحلول محلها مستقبلا في تقلد سلطة القرار المحلي، وحاصل ما سبق أن الحزب السياسي أو مجموعة التحالف الحزبي، حتى يدخل في خانة المعارضة، ينبغي أولا ألا يكون ممثلا في المكتب المسير وإلا ما جاز له أن يتخذ مواقف مناوئة للقرارات التي يشارك بتصوره في إصدارها لأن هذا مما يؤثر سلبا في حكامة تسيير المجلس، وثانيا أن يتخذ مواقف معارضة لقرارات المكتب باتباع ما يخوله القانون من آليات مؤسساتية في هذا الصدد، وهذا التموقع في الاتجاه المقابل هو ما يُدْخِل مجموعة الأعضاء غير المُمَثَّلة في المكتب في خانة المعارضة، ولذلك كلما اختارت هذه المجموعة، خلافا لذلك، مساندة التوجهات التدبيرية والتقريرية للمكتب بشكل ممنهج ومتكرر بالرغم من انعدام تمثيليتها فيه، أصبحت خارج نطاق المعارضة بهذا المعنى، وهو الفهم الذي تعكسه أعراف الممارسة السياسية التي كرسها سلوك الأحزاب المغربية الممثلة في البرلمان في عدد من المحطات التاريخية، القابلة للإسقاط على موضوع النازلة، والتي تفضي إلى عدم اعتبار أحزاب الأقلية البرلمانية غير الممثلة في الحكومة بمثابة معارضة بشكل أوتوماتيكي، ما دام أن مواقف عديد منها استندت إلى ما يعرف في الأدبيات السياسية المغربية بالمساندة النقدية للحكومة رغم أنها غير ممثلة فيها، والتي مارستها عبر التصويت لصالح توجهات هذه الأخيرة وعدم الاصطفاف إلى جانب المعارضة في ما تتبناه من مواقف.
وحيث إنه إعمالا لنتائج هذه الخلاصات، فإن الجهة المعارضة في مفهوم المادة 27 أعلاه أثناء تشكيل اللجان الدائمة للمجلس، ينبغي أن تتحدد في ضوء المعيارين المستند إليهما أعلاه، الأول هو أن تكون غير ممثلة في الأجهزة المسيرة المنتخبة من غير اللجان، بمعنى ألا يكون أحد أعضائها منتخبا في مكتب المجلس الذي يتكون من الرئيس ونوابه وألا يكون منتخبا باعتباره كاتبا للمجلس أو نائبه، والثاني ألا يكون أعضاء هذه المجموعة من المساندين للأحزاب الممثلة في الأجهزة المسيرة عند انتخابها، ولذلك فكل حزب صوت أعضاؤه لصالح رئيس المكتب أثناء انتخابه وصوتوا بعد ذلك على لائحة ترشيحات النواب التي تقدم بها وعلى الكاتب ونائبه اللذان تقدمت بترشيحهما الأغلبية اعتبر خارج المعارضة، بالرغم من عدم تحقق تمثيليته في الأجهزة المسيرة.
وحيث إنه بالرجوع إلى ملف النازلة يتبين أن السيد محمد الشباني الذي أسندت له رئاسة لجنة الشؤون الثقافية والرياضية والبيئية باعتباره ممثلا وحيدا لحزب التجمع الوطني للأحرار قد صوت لصالح رئيس المجلس المنتمي لحزب الاستقلال وصوت بعد ذلك على لائحة نوابه التي تقدم بها وصوت على جميع أعضاء الحزب الذين أسندت لهم رئاسة اللجان الدائمة للمجلس بعد فوزهم في الاقتراع الخاص بكل لجنة كما ثبت من التصريحات المتطابقة للأطراف المستمع إليها أثناء الجلسة، مما يستشف منه أنه اتخذ مواقف ممنهجة ومتكررة مساندة للأغلبية باعتباره ممثلا للحزب الذي ينتمي إليه في المجلس، وهو ما يخرجه من دائرة المعارضة ويجعله غير محق في أن تسند له اللجنة المخصصة لها، ما دام أن إقرار هذا الحق للمعارضة جاء بهدف إدماج تصوراتها المختلفة في أساليب تسيير المجلس، وهو ما لا يتحقق بإسناد اللجنة المذكورة له ما دام أن تصويته لصالح الأغلبية يفيد تبنيه لتوجهها والانسجام معه وبالتالي لا تحقق رئاسته للجنة الأهداف التشريعية التي توخاها المشرع من المادة 27 أعلاه، ولما كان الثابت من تطابق تصريحات الأطراف الحاضرة للجلسة أن الطاعنين باعتبارهم ممثلين لحزب العدالة والتنمية لا ينتمون لأي من الأجهزة المسيرة للمجلس، وتقدموا بمرشحهم لمنافسة ممثل حزب الاستقلال على رئاسة المجلس ولم يصوتوا على هذا الأخير، فإن سلوكهم هذا الذي يرمي إلى فرض توجه مخالف لتوجه الأغلبية بالمجلس بالاستناد إلى الآليات المؤسساتية المتاحة قانونا يفضي إلى اعتبارهم معارضة داخل هذا المجلس، خاصة أن محضر العملية الانتخابية جاء صريحا في النص على اعتبارهم مندرجين تحت هذا الوصف.
وحيث إن اعتبار السيد محمد الشباني خارج المعارضة يجعل ترشيحه للجنة المخصصة لها غير مقبول، ما دام أن الصيغة التي جاءت بها المادة 27 المذكورة تفضي إلى استنتاج أن هذه اللجنة تسند للمعارضة مباشرة دون أن يحق للأغلبية أن تتقدم بترشيح أي عضو وقد يتم هذا الإسناد بدون إجراء اقتراع ما لم يتقدم أعضاء متعددون من المعارضة بترشيحهم، مما يجعل ترشح السيد محمد الشباني بعد أن تقدم السيد حميد حرور المنتمي لحزب العدالة والتنمية الذي يمثل المعارضة بترشيحه مخالفا للمنهجية المستفادة من المادة المذكورة والتي تقضي بعدم تقديم الأغلبية لأي مرشح، الأمر الذي يكون معه ما تمسك به المطلوبون في الطعن من أن عدم احترام مقتضيات المادة 27 راجع لسحب مرشح المعارضة لترشيحه لرئاسة لجنة الشؤون الثقافية والرياضية والبيئية غير مُـجْـدٍ في تصحيح ما اعترى العملية من اختلال، ما دام أن الأغلبية أصرت على تقديم ترشيح عضوها بالرغم من سبقية إعلان ممثل المعارضة عن ترشيحه، والحال أن إسناد رئاسة اللجنة إلى هذا الأخير ينبغي أن يتم دون اقتراع لعدم ترشح أي عضو آخر من المعارضة.
وحيث إنه تأسيسا على ما ذكر يكون إسناد رئاسة اللجنة الشؤون الثقافية والرياضية والبيئية إلى السيد محمد الشباني مخالفا للإجراءات المقررة في القانون، مما يجعله واقعا تحت طائلة البطلان بنص المادة 32 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المحال عليه بنص المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 113.14 بصدد ضوابط الطعن في انتخاب أجهزة المجالس الجماعية، ويتعين لذلك الحكم بإلغائه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
الـمنطـوق
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات والقانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
لـهـذه الأسـبـاب
حكمت المحكمة الإدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا وحضوريا:
في الشكل: بقبول الطعن.
في الموضوع: بإلغاء قرار المجلس الجماعي لجماعة سيدي علال التازي القاضي بإسناد رئاسة لجنة الشؤون الثقافية والرياضية والبيئية للسيد محمد الشباني مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
بهذا صدر الحكم في اليوم و الشهر والسنة أعلاه ………................
الرئيـس المقـرر كاتبة الضبط