في إطار تدعيم اللامركزية وإغناء التجربة الديمقراطية المحلية وإعطائها مضمونا حقيقيا، وفي أفق مواجهة التشعب المستمر لاختصاصات وتدخلات الجماعات في مختلف القطاعات الحيوية، جاء الميثاق الجماعي لسنة 1976 المعدل بموجب الميثاق الجماعي لسنة 2002 ، ليضع ركيزة أخرى للامركزية، تكمن في وضع قانون ينظم شؤون العاملين بالإدارة الجماعية، وقد حدد معالمه فيما بعد مرسوم 27 شتنبر 1977، إذ لأول مرة سيستعمل رسميا تعبير الموظف الجماعي، حيث أشار في فصله الأول إلى ما يلي “تخول صفة موظف بالجماعة كل شخص يعين في منصب دائم ويرسم بإحدى درجات تسلسل أسلاك الجماعة”، لهذا عرفت الإدارة الجماعية تطورا كبيرا خاصة أمام تعدد الاختصاصات المناطة بها، مما ساهم في تعقيد تنظيمها، خاصة على مستوى العلاقات ما بين رئيس المجلس والمستشارين والموظفين، إضافة إلى جانب الإكراهات التي أصبحت مفروضة على الهياكل التنظيمية للجماعات الحضرية والقروية كجسم حي يقتضي التغيير بشكل دائم بفعل تطور المجتمع على مستوى كل المجالات.
إن العنصر البشري يعد بمثابة الركيزة الأساسية لتطور الإدارة، وقوة أي مؤسسة رهين بمدى نجاعة مسييرها في تدبير مواردها البشرية، ومن هنا يعتبر الموظف العمومي أهم هذه الموارد لكونه يجسد السلطة ويتمتع بامتيازاتها، كما أنه يعتبر مواطنا يعمل لأجل المصلحة العامة ولهذا فإن المشرع المغربي كان لزاما عليه أن يصوغ قانونا أساسيا يحدد له شروط توليته للوظيفة والالتحاق بها ويخصه بقواعد قانونية بحيث أن هذا القانون يؤمن له حقوقا يتمتع بها كسائر المواطنين. غير أن مركزه كعون يقوم بخدمة مصالح الدولة، يجعله مواطنا من نوع خاص تفرض عليه التزامات وواجبات أساسية لا يمكنه أن يتنكر لها أو يتملص من تنفيذها[1] لهذا كان صدور القانون الأساسي للوظيفة العمومية بتاريخ 24 فبراير1958 بمثابة تأطير قانوني وتنظيمي لنشاط الموظف العمومي ولحياته. انطلاقا من هذا القانون يمكن تعريف الموظف العمومي بكونه "كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة"[2].
وعكس التعريف الذي ورد في قانون الوظيفة العمومية، نجد القانون الجنائي المغربي يعطي تعريفا أوسع للموظف العمومي بحيث يدخل فيه معظم الأشخاص الذين يتعاملون مع الإدارة في مرافقها بمختلف أنواعها[3] .
إن تطور اللامركزية الإدارية من خلال توسيع اختصاصات الجماعات، أصبح أمرا يتطلب موارد بشرية هائلة ومتخصصة، وهو ما ساهم في تطور كمي وكيفي للموظفين الجماعيين، وسوف نعمل على تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين: نتناول النظام القانوني للموظف الجماعي (مبحث أول) ثم تنظيم الإدارة الجماعية (مبحث ثاني).
المبحث الاول: الإطار القانوني للموارد البشرية بالإدارة الجماعية
لا يمكن الحديث قبل سنة 1976 عن وظيفة جماعية بالمعنى القانوني، بل كل ما في الأمر، هو وجود فئة من الموظفين والأعوان الذين يعملون بالجماعات ويتقاضون أجورهم من الميزانية الجماعية. ولكن بعد هذا التاريخ يمكن الحديث عن إدارة جماعية، فإذا كان الفصل 48 من ظهير 30 شتنبر 1976 قد وضع الإطار العام لنظام الوظيفة الجماعية بالمغرب، فإن صدور مرسوم 27 شتنبر 1977 الخاص بالنظام الأساسي لموظفي الجماعات، قد أبرز الجوانب التنظيمية لهذا النظام.
وللإشارة فقد تم تعديل الميثاق الجماعي السابق، بظهير 3 أكتوبر 2002 المتعلق بالتنظيم الجماعي، حيث نص الفصل 54 منه على أن رئيس المجلس، هو الرئيس التسلسلي للموظفين الجماعيين، والذي يتولى التعيين في جميع المناصب الجماعية، ويدبر شؤون الموظفين الرسميين والمؤقتين والعرضيين، كما أن الجماعات تتوفر على هيئة خاصة من الموظفين تجري عليهم مقتضيات الظهير الشريف المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بالوظيفية العمومية، مع مراعاة المقتضيات الخاصة المنصوص عليها في المرسوم المتعلق بالنظام الخاص بموظفي الجماعات، وإلى جانب ذلك أصبح رئيس المجلس يتولى كذلك مسؤولية التعيين في الوظائف العليا وفق الشروط والشكليات المحددة بمرسوم.
لهذا سوف نعالج طرق توظيف الموارد البشرية بالإداةر الجماعية في (الفرع الأول) لننتقل بعد ذلك لدراسة وضعيتهم الإدارية في (الفرع الثاني).
المطلب الاول: طرق توظيف الموارد البشرية بالإدارة الجماعية
يعتبر الباحثون في مجال تدبير الموارد البشرية أن عملية التوظيف تعد مفتاح نجاح المنظمة والوسيلة التي تمكنها من اكتساب قيمتها التنافسية المتمثلة بنوعية مواردها البشرية . لذا فعملية توظيف الأفراد لشغل الوظائف الشاغرة في المنظمة تكتسي أهمية محورية ضمن منظومة تدبير الموارد البشرية، لأن التكلفة التي تستعملها في حالة اختيارها أفراد غير أكفاء أو حتى اختيارها لأفراد أكفاء مع فشلها في الإبقاء عليهم، تعتبر من التكاليف التي تتحملها المنظمات.
أما على مستوى التوظيف بالإدارة الجماعية، فقد قيده المشرع المغربي بشروط وجب توفرها في المرشح لشغل الوظيفة المطلوبة (الفقرة الأولى) وباتباع إحدى طرق التوظيف (الفقرة الثانية).
شروط التوظيف:
تنص قوانين الموظفين العموميين في جميع الدول عادة على مجموعة من الشروط التي يجب توفرها في من يتقدم لشغل إحدى الوظائف العمومية بالدولة. والهدف من ذلك هو ألا يقوم بتمثيلها في ممارسة وظائفها الخطيرة سوى الأكفاء والقادرون وذوو السلوك الحسن وحدهم. وإذا كانت الشروط المطلوبة لولوج الوظيفة العمومية تختلف حسب الأنظمة السياسية المعاصرة، فإن هناك تمة شروط عامة تحرص جميع الدول على افتراضها، نظرا لارتباطها الوثيق بالنظام السياسي القائم.
ويخضع التوظيف في الوظيفة العمومية الجماعية إلى شروط مماثلة لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.008 بتاريخ 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وهذه الشروط يمكن أن نستشفها من خلال الفصلين 6 و12 من هذا القانون، حيث ينص الفصل السادس على أنه “لا يمكن الوصول إلى مختلف الوظائف القارة إلا ضمن الشروط المحددة في هذا القانون الأساسي، إلا أن التعيين في بعض المناصب العالية يقع من جنابنا الشريف باقتراح من الوزير المعني”، أما الفصل 21 فيحدد الشروط العامة وينص على أنه “لا يمكن أن يعين في إحدى الوظائف العمومية إذا لم تتوفر فيه الشروط التالية:
- أن تكون له جنسية مغربية.
- أن يكون متمتعا بالحقوق الوطنية وذا مروءة.
- أن يكون مستوفيا لشروط القدرة البدنية التي يتطلبها القيام بالوظيفة.
- إذا لم يكن في وضعية تتفق ومقتضيات قانون الخدمة العسكرية”.
وإلى جانب هذه الشروط العامة توجد شروط خاصة والتي تتمثل في السن والمستوى التعليمي، إلا أن هناك شرط أولي بحيث لا يمكن للجماعات أن تعمد إلى أي توظيف إلا إذا كان مرخصا به للجماعات ومسجلا بلائحة قانون الأطر بالميزانية.
أولا: الشروط العامة
1- الجنسية: يعتبر التمتع بجنسية الدولة شرطا لولوج الوظائف العامة في أغلب تشريعات وأنظمة الخدمة المدنية في العالم. والجنسية هي الرابطة التي تنظم علاقة الفرد بدولة ما بغض النظر عن ارتباطه بالأمة أو الأمم التي تتألف منها تلك الدول . ويشترط للانخراط في الوظيفة العمومية الجماعية حيازة الجنسية المغربية، ويتم إثباتها بالإدلاء بشهادة الجنسية التي تسلم من طرف وكلاء الدولة بالمحاكم الابتدائية. أما بخصوص المتجنس فإنه لا تسند له أية وظيفة عمومية طيلة الخمس سنوات الأولى من تجنسه.
2- الحقوق الوطنية والمروءة: فالحقوق الوطنية هي تلك الحقوق التي يقرها القانون بالنسبة للشخص باعتباره مواطنا ينتمي إلى إقليم تلك الدولة التي يمنحه قانونها هذه الحقوق قصد تمكينه من المساهمة في إدارة الشؤون العامة للبلاد. ويشترط للانخراط في الوظيفة العمومية الجماعية تمتع المرشح بالحقوق الوطنية، وأن لا يكون قد صدر في حقه حكم بتجريده من هذه الحقوق، ويتم التأكد من التمتع بهذه الحقوق بالاطلاع على نسخة من السجل العدلي والتي تسلم من طرف المحكمة الابتدائية الكائنة بمقر ولاية المرشح.
أما شرط المروءة: فغالبا ما يصعب إعطاء تعريف دقيق وشامل لمفهوم المروءة، إلا أنه غالبا ما يقتصر على غياب إدانة جنائية فقط، مما لا يساعده على اختيار أصلح الموظفين والأعوان للقيام بالوظائف المعلن عنها، ولكي تزداد فرص حسن الاختيار، فلا بد من أن يشمل هذا المفهوم مبادئ حسن السلوك والسيرة والتحلي بالمثل الأخلاقية العليا، واستبعاد كل من كانت حياته الخاصة أو المهنية محل الشبهات .
3- القدرة البدنية: فلشغل الوظيفة العمومية الجماعية لابد من تمتع المرشح بصحة جيدة وأن يكون سليما من أي مرض أو عاهة حتى لا تحول بينه وبين قيامه بمهامه في ظروف عادية، وتثبت القدرة البدنية بواسطة فحص طبي تجرية اللجنة الإقليمية للصحة على المرشح للتأكد من سلامته من الأمراض المعدية والأمراض العقلية وبعض العلل الأخرى مثل العاهات العصبية وغير ذلك من الأمراض التي يمكن أن تؤثر على كفاءة الموظف أو العون، ويقلل من فرص اختيار الموظف الأمثل .
4- الوضعية القانونية تجاه الخدمة العسكرية: يشترط في المرشح للانخراط في الوظيفة العمومية الجماعية، أن يكون في وضعية قانونية تجاه الخدمة العسكرية.
ثانيا: الشروط الخاصة
تحدد القوانين الأساسية الخاصة بكل إطار إداري شروطا خاصة يتوجب توفرها في المرشح للانخراط في الوظيفة العمومية الجماعية، وتتعلق هذه الشروط بالسن والمستوى التعليمي.
1- السن: يشترط في المرشح للانخراط في الوظيفة العمومية، ألا يكون قاصرا و أن يكون قد بلغ من النضج والإدراك مبلغا يؤهله للقيام بمهامه وتحمل مسؤوليات الوظيفة، ويتراوح السن القانوني للتوظيف في الأسلاك الجماعية بين 18 سنة كحد أدنى و40 سنة كحد أقصى.
غير أن هذا الشرط يختلف من نظام خصوصي إلى آخر وفق ما تقتضيه كل وظيفة أو إطار.
2- المستوى التعليمي: يشترط في المرشح للتوظيف في الأسلاك الجماعية، أن يتوفر على مستوى تعليمي معين، اعتبارا لخصوصيات بعض الوظائف والمهام.
إن تعدد وتنوع الشروط التي يتوجب توفرها في المرشحين، إنما يرسخ مبدأ المساواة لولوج أسلاك الإدارة الجماعية . ولكن الأمر لا يقتصر فقط على هذه الشروط للانخراط في الوظيفة الجماعية بل لابد من سلوك طريقة من طرق التوظيف، وهذا ما سنتناوله في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية : كيفية التوظيف.
إن عملية توظيف الموارد البشرية بالإدارة الجماعية، ليست بالعملية السهلة والبسيطة بل تشوبها تعقيدات جسيمة، لأن أي خطأ في التقدير داخل هذا المجال تكون له عواقب وخيمة وغير قابلة للإصلاح لفترة طويلة . وهذا ما أضفى بعدا إستراتيجيا على عملية التوظيف كمركب لثلاثة سياسات هي الاستقطاب والاختيار ثم التعيين.
إن نجاح عملية توظيف الموارد البشرية لا يمكن أن يتحقق إلا بتكامل جميع وسائل وعناصر تدبير الموارد البشرية، والتي تنصرف بشكل أساسي إلى عنصر التخطيط الذي يمكن من رصد و تحديد الشواغر الوظيفية عن طريق تحليلها من خلال وصف للواجبات والمسؤوليات التي تتضمنها الوظيفة والذي يسمى بالوصف الوظيفي، كما يتضمن تحديدا للمهارات والقدرات والمعارف التي تشكل مؤهلات للفرد لشغل الوظيفة والذي يسمى بالتحديد الوظيفي، ومن هذا المنطلق لا يمكن الفصل بين وظيفتي تخطيط القوى العاملة ووظيفة التوصيف من جهة ووظيفة الاختيار من جهة أخرى، وبالتالي فإن عاملا أساسيا من عوامل نجاح خطة الموارد البشرية هو مدى نجاح إدارة الأفراد في القيام بوظيفة الاختيار بطريقة سليمة .
فعملية التوظيف إذا تعد إحدى التحديات الكبرى للمنظمات خاصة أمام تشعب الاختصاصات وعوامل المنافسة والتطورات المتوالية .
يعد استقطاب الموارد البشرية المركب الأول ضمن سياسات التوظيف، ويتحدد من خلال العمل على اكتشاف الأفراد أو القوى العاملة وجذبهم لملء الوظائف الشاغرة الحالية أو المتوقعة أي أن المنظمات أصبحت تتحرك لتحديد مصادر مواردها البشرية .
وتلجأ الإدارة الجماعية لاستقطاب مواردها البشرية من خلال مصادر تكون إما داخلية أو خارجية، فالمصادر الداخلية تفيد اعتماد الإدارة على سوق العمل الداخلي أكثر ، وهو ما قد يحصل على مستوى الإدارة الجماعية عن طريق امتحان الأهلية المهنية أو الأقدمية أو عن طريق الاختيار ، ومهما كان نوع المصدر الداخلي فإن المنظمة تلجأ في الأخير إلى اعتماد المصدر الخارجي للاستقطاب، حيث أن ترقية شخص من موقع إلى موقع آخر يجعل الموقع الأول شاغرا، وأحيانا يمكن للترفية الداخلية بكل أنواعها أن لا تستجيب لحاجيات المنظمة من خلال نوع محدد من الموارد البشرية، لهذا فالمصادر الخارجية لاستقطاب الموارد البشرية بالإدارة الجماعية تختلف باختلاف سلم أو إطار الوظيفة الشاغرة، لذا فقد يكون المصدر مراكز التعليم العمومي بكل مستوياته، التعليم الأساسي أو الإعدادي أو الثانوي أو الجامعي، ويمكن أن تكون الوجهة إلى المعاهد الكبرى كمعاهد المهندسين أو معاهد التكوين الإداري أو التقني .
إن عملية استقطاب الموارد البشرية لا تقتصر على مصادر محددة بشكل دائم بل تتغير هذه المصادر طبقا للعوامل التي قد تؤثر في أهداف المنظمة.
وإذا كان الاستقطاب يشكل الركن الأول لعملية التوظيف فإن الاختيار يشكل الركن الثاني من الأركان الثلاثة لهذه العملية. إذ يشكل مع التعيين الجسر الموصل بين الفرد في البيئة خارج المنظمة وبيئة المنظمة، فهذه الأخيرة من خلال عملية الاختيار تعمل على انتقاء الفرد المناسب من بين مجموعة من الأفراد المتقدمين لشغل وظيفة معينة، وتتكون عملية الاختبار من ثمان خطوات رئيسية، وهي:
1- مقابلة مبدئية.
2- استيفاء طلب الاستخدام.
3- اختبارات العمل.
4- المقابلة الشخصية الشاملة.
5- التحري عن طالب الوظيفة.
6- الترشيح للتعيين.
7- الفحص الطبي.
8- قرار التعيين.
أما على مستوى الإدارة الجماعية فهناك مجموعة من الطرق لاختيار الموظفين، ويتم استعمال كل طريقة لولوج كل إطار على حدة وإن اقتضى الأمر كل درجة على حدة وفقا لقانون الوظيفة العمومية ، حيث ينص الفصل 22 منه على أن التوظيف”يقع إما عن طريق مباريات تجري بواسطة الاختبارات أو نظرا للشهادات وإما بواسطة امتحان الأهلية المهنية”.
ونجد أن الجماعات تلجا لاختيار مواردها البشرية إما إلى طريقة المباراة أو إلى طرق استثنائية أخرى.
وتعتبر المباراة طريقة أساسية لتقلد الوظائف بالإدارة الجماعية، وأهميتها ترجع إلى الضمانات التي تتميز بها من الموضوعية والنزاهة والمساواة بين المرشحين لها، فتنتفي التفرقة بينهم بسبب القرابة أو تدخل عائلي أو عن طريق الوساطة أو الولاءات السياسية أو الحزبية ، لهذا فتغييب المباراة في اختيار الموارد البشرية يشكل تراجعا عن مبدأ ديمقراطي يحقق المساواة وتكافؤ الفرص واختيار الأجدر . وتنظم الجماعات مباريات التوظيف طبقا للمرسوم الملكي رقم 67-401 المؤرخ في 22 يونيو 1967 المتعلق بسن نظام عام للمباريات والامتحانات الخاصة بولوج أسلاك الإدارة العمومية.
ويبدأ تنظيم المباراة لاختيار الكفاءات البشرية، عندما يعلن رئيس المجلس الجماعي سواء في الجريدة الرسمية أو أية وسيلة من وسائل الإعلان الأخرى كالصحف والإذاعة، ويتم تحديد مكان إيداع الترشيحات وعدد المناصب المتبارى حولها، وبخصوص ترشيح الموظفين يتعين أن ترسل ملفاتهم تحت إشراف السلم الإداري .
وقبل الإعلان عن المباراة لا بد من تعيين لجنة الامتحان بموجب مقرر تصدره السلطة التي لها حق التسمية، وتتألف من ثلاثة أعضاء على الأقل يعين من بينهم رئيس، وتجتمع باستدعاء من رئيسها الذي يحدد نظام تصحيح الاختبارات، وعند تعادل الأصوات يرجح صوت الرئيس.
وخلافا لكل المقتضيات التي تحدد المباراة كوسيلة شبه وحيدة لولوج الوظائف العامة فإن بعض الوظائف تتم عن طريق التوظيف المباشر، ويعد هذا الأخير طريقة مرنة تملكها الجماعات لشغل المناصب الشاغرة بأسلاك إدارتها، ويتم التوظيف في بعض أصناف الموظفين كالمساعدون التقنيون والممرضون والمساعدون الصحيون والرسامون… بناء على شهادات تؤهلهم لشغل تلك المناصب، وهذه الأطر لا تحتاج في توظيفها إلى مباراة لأن المساعدين ومسيري الأوراش والرسامين يقضون فترة تدريب بإحدى المراكز المخصصة لهذه الغاية .
إن عملية الاختيار تبقى حاسمة في الاستجابة إلى أهداف وطموحات الجماعات حاليا ومستقبلا، لذلك فأي خلل في قياس احتياجات الموارد البشرية أو مصادرها تكون له نتائج سلبية على مستوى الأهداف الكبرى.
أما بالنسبة لعملية التعيين والتي تأتي بعد الاختيار، فتستهدف بالأساس وضع الشخص المناسب في الوظيفة التي تناسب شروط ومستلزمات القيام بها مع مؤهلاته وكفاءاته ، إذ قد تتطلب فترة التجربة تحريك الفرد بين أعمال مختلفة، وتحت إشراف مشرفين مختلفين يطالبون بتقارير عن أداء وسلوك المتقدم في نهاية الفترة، فعلى أساس هذه التقارير يتم تحديد المكان الذي يناسب الفرد ، لهذا فعملية تعيين الموظف بالإدارة الجماعية لا يتم بشكل نهائي إلا بعد قضائه فترة تمرين تحدد مدته وطريقته في النظام الأساسي الخاص بالسلك الذي يؤهل للترسيم فيه، ويباشر التمرين في الرتبة الأولى من الدرجة، ما لم تنص مقتضيات نظاماته على خلاف ذلك .
إن عملية التوظيف بالإدارة الجماعية تستأثر بأولوية قصوى ضمن عناصر تدبير الموارد البشرية، نظرا لاعتبارها البوابة التي تمكن المنظمة من الوصول إلى تحقيق أهدافها، وهذا لا يعني هامشية وسائل التدبير الأخرى، كالتنظيم والتخطيط والتكوين… بل تكامل كل هذه العناصر يمكن من صياغة قالب فعال لإدارة الموارد البشرية داخل الإدارة الجماعية.
المطلب الثاني : الوضعية الإدارية للعاملين بالجماعات.
بفعل تشعب اختصاصات الجماعات الحضرية والقروية وتنوع مهامها، خاصة بعد صدور الميثاق الجماعي لسنة 1976 والمعدل بموجب ظهير 3 أكتوبر 2002، فرض ذلك تنوع العاملين بالإدارة الجماعية بين أطر عليا ومتوسطة وصغرى للاستجابة للحاجيات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية التي تمارسها الجماعات، وقد خص القانون هذه الفئات بحياة إدارية لا تختلف عن تلك التي يتمتع بها موظفو الدولة.
من خلال هذا الفرع سيتم التعرف على أصناف الموظفين الجماعيين في الفقرة الأولى كما سنتناول حياتهم الوظيفية في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى : أصناف الموظفين العاملين بالإدارة الجماعية
إن تنوع المهام والمصالح بالإدارة الجماعية ساهم في تنوع أصناف الموظفين، وهو ما يمكن أن نستشفه من خلال الفصل السادس من المرسوم المنظم للوظيفة الجماعية الصادر سنة 1977، حيث وضع إطارا خاصا وتصنيفا محددا للموظف الجماعي، ويمكن معالجة أصناف الموظفين في هذه الفقرة من خلال تصنيفهم إلى أطر عليا ومتوسطة وصغرى.
أولا: الأطر العليا
وهي فئة تتكون من الأطر الإدارية والتقنية العليا المترتبة في سلالم الأجور 10 و11، ورغم أن هؤلاء يعملون بالجماعات، إلا أن مرسوم 27 شتنبر 1977 لم ينص على وضعيتهم الإدارية وطبيعة علاقتهم القانونية بها، لذلك يخضع هؤلاء إلى جانب الأنظمة الأساسية الخاصة بكل فئة إلى مقتضيات عامة مشتركة فيما يتعلق خصوصا بالترقية والتأديب وحقوق المعاش والتقاعد.
وتنقسم فئة الأطر العليا إلى أطر عليا إدارية وأطر عليا تقنية.
أ- الأطر العليا الإدارية :
1- الكاتب العام للجماعة: تعتبر الكتابة العامة إحدى المصالح الأساسية للإدارة الجماعية، التي أنشأت سنة 1977 مع انطلاق مسلسل اللامركزية بالمغرب.
يقوم الكاتب العام بدور التنشيط والتنسيق بين مختلف المصالح الجماعية، ويمارس الاختصاصات المسندة إليه من طرف رئيس المجلس الجماعي ، ويعتبر منصب الكاتب العام منصبا مهما باعتباره يقوم بمهمة التنسيق بين الهيئة السياسية للجماعة وبين الهيئة الإدارية .
ويشترط لتولي منصب الكاتب العام، الحصول على الإجازة في الحقوق أو ما يعادلها، وأن يكون موظفا عموميا مرتبا في السلم العاشر، ويعين حسب مقتضيات الفصل 17 من مرسوم 27 شتنبر 1977 من طرف رئيس المجلس الجماعي من بين موظفي الجماعات أو الدولة وذلك بعد مصادقة وزير الداخلية.
2- رئيس القسم أو رئيس المصلحة: إذا كان رئيس المجلس الجماعي يملك سلطة التعيين فيما يخص الأطر المرتبة في سلالم الأجور من 1 إلى 9 طبقا لما نص عليه الفصل 15 من مرسوم 27 شتنبر 1977، فهذه السلطة تصبح دون ذلك حينما يباشر التعيين في مهام رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح، بحيث يصبح شرط موافقة وزير الداخلية ضرورة لتعيينهم حسب مقتضيات الفصل أعلاه، ويتوجب على المرشحين لهذه المناصب أن تتوفر فيهم الكفاءة والاستقامة لتحمل هذه المسؤولية على الوجه المطلوب.وتمنح لهم تعويضات عن المهام التي يباشرونها، ويمكن لرئيس المجلس الجماعي إقالتهم بمقرر يصدره وزير الداخلية.
ب- الأطر العليا التقنية:
أصبحت الجماعات في حاجة إلى أطر عليا، وخاصة منها التقنية لتسيير دواليبها وتنفيذ مشاريعها خصوصا بعدما اتسعت اختصاصاتها. وتلجأ الجماعات لتلبية حاجياتها في هذا المجال إلى الإلحاق أو التعاقد.
وتشتمل فئة الأطر العليا التقنية على: المهندسون والأطباء والإعلاميون ثم المحللون والإعلاميائيون ، وتستفيد الجماعات من خدمات هؤلاء عن طريق إلحاقهم أو عن طريق العقدة، بعد أن كانت الجماعات في السابق تعتمد التعيين المباشر أو التعيين بمباراة، ويتضح من خلال الفصل 6 من المرسوم الملكي الصادر في 27 شتنبر 1977 أن السلطات الوصية هي التي تضعها رهن إشارة الجماعات، ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تتعاقد مباشرة في شأن هذه الوظائف كما هو الشأن بالنسبة للأطباء، والمهندسين والتقنيين، ولا غرابة في ذلك مادامت وزارة الداخلية هي التي تتكلف بتوظيف وتدريب الأطر وجعلها رهن إشارة الجماعات.
ثانيا: الأطر المتوسطة والصغرى
.
وتشمل فئة الموظفين الإداريين ثم فئة التقنيين
:
أ- الموظفون الإداريون
:
وتظم هذه الفئة أربعة أسلاك وهي: سلك المحررين وسلك الكتاب وأعوان التنفيذ، وكل سلك يتكون من درجتين كما يلي:
- سلك المحررين: وهو أعلى سلك إداري يلي مباشرة سلك المتصرفين والمتصرفين المساعدين، ويشمل درجتين: المحررون (السلم 8والمحررون الممتازون (السلم 9).
- سلك الكتاب: ويشمل درجتين هما الكتاب (السلم 5) والكتاب الممتازون (السلم 8).
- سلك أعوان التنفيذ: ويشتمل كذلك على درجتين هما: أعوان التنفيذ (السلم 2) وأعوان التنفيذ الممتازون (السلم 3).
- سلك أعوان الخدمة وأعوان المصلحة: بدوره يشتمل على درجتين: أعوان الخدمة والمصلحة (السلم 1) وأعوان الخدمة والمصلحة الممتازون (السلم 2).
وإلى جانب هذه الأسلاك توجد فئة أخرى من الأعوان يطلق عليهم الأعوان المؤقتون والمياومون والعرضيين ضمن الموظفين العاملين بالجماعات، ويملك سلطة تعيينهم رئيس المجلس الجماعي ويخضع توظيفهم بالجماعات للشروط المحددة في التشريع المعمول به .
ب-الموظفون التقنيون:
تنظم مراتبهم بمقتضى النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة الداخلية كما وقع تغييره وتتميمه، وهم كما يلي:
- سلك المساعدين التقنيين: ويعتبر أعلى سلك بعد سلك المهندسين والمهندسين المعماريين ويرتبون في السلم رقم 7.
- سلك الرسامين: ويشتمل على درجتين: درجة رسام (السلم 5) ودرجة رسام واضع المشاريع (السلم 6).
- سلك مسيري الأشغال: يزاول مسيرو الأشغال نشاطهم في أقسام غرس الأشجار وتصاميم المدن والأشغال البلدية، ويشتمل هذا الصنف على درجتين: درجة مسير الأشغال (السلم 5) ودرجة مسير أشغال ممتاز (السلم 6).
- الموظفون ذوو المهن والحرف [ : ينقسمون إلى أربعة أصناف وخارج الصنف، ويشمل كل صنف على درجة واحدة باستثناء خارج الصنف الذي يشمل درجتين وهي الصنف الرابع (السلم 2) والصنف الثالث (السلم 4) والصنف الثاني (السلم 5) والصنف الأول (السلم 6) وأخيرا خارج الصنف (السلم 7)،لكن ما يجب الاشارة إليه هو حذف السلالم الدنيا،حيث أصبح أدنى سلم يمنح للموظف الجماعي هو السلم الخامس.
يظهر إذن من خلال هذا الجرد، أن الإدارة الجماعية تتكون من أصناف مختلفة ومتعددة من الموارد البشرية، أملته التطورات المتوالية في مجال اللامركزية الإدارية خاصة بعد صدور الميثاق الجماعي لسنة 1976 والذي عدل بموجب القانون رقم 78.00 المتعلق بالتنظيم الجماعي، حيث حمل في طياته اختصاصات جسيمة استدعت هذا التنوع من الموارد البشرية على المستوى الكمي والكيفي.
الفقرة الثانية : الحياة الوظيفية للموظف الجماعي
تمتد الحياة الوظيفية للموارد البشرية العاملة بالإدارة الجماعية، منذ تعيينهم إلى حين تقاعدهم. فما بين الفترتين تنشأ مجموعة من الوضعيات بالنسبة للموظف الجماعي، كما يتمتع بمجموعة من الحقوق والواجبات.
أولا: الوضعيات الإدارية لموظفي الجماعات.
نظرا لأهمية الوضعية الإدارية للموظف العمومي، فقد جعله القانون في عدة وضعيات. ونص القانون الأساسي للوظيفة العمومية على الوضعيات التي يمكن أن يوجد فيها الموظف أثناء حياته الإدارية[4]. فإما أن يكون في وضعية عادية أو وضعية إلحاق في حالة توقيف مؤقت.
وللحديث عن الوضعيات الإدارية لموظفي الجماعات يجب أن نميز بين الوضعية العادية والوضعيات الاستثنائية.
أ- الوضعية العادية: القيام بالوظيفة:
نص الفصل 10 من المرسوم المؤرخ في 27 شتنبر 1977 المتعلق بالنظام الأساسي لموظفي الجماعات، على أن الموظف يعتبر في وضعية مزاولة النشاط، إذا كان مرسما بصفة قانونية في درجة ما وكان يزاول بالفعل مهامه كامل الوقت بجماعة ما، أو في عدة جماعات غير الجماعة الأصلية مع بقائه تابعا لسلطة رئيسها.
ويعتبر الموظف أو العون بالجماعات في وضعية القيام بالوظيفة طيلة الرخص الإدارية التي يتمتع بها.
فمن خلال الفصل 10 السابق ذكره تتبين شروط وضعية القيام بالوظيفة في الترسيم في رتبة ما ، والمزاولة الفعلية للمهام، إلا أن هذه الوضعية تختلف بالنسبة للموظف الجماعي عن موظف الدولة، فالموظف الجماعي يكون في هذه الوضعية حتى في الحالة التي يزاول فيها مهامه كامل الوقت أو بعضه لفائدة جماعة أو عدة جماعات مع بقائه تابعا لسلطة رئيس المجلس الجماعي، كما أن الموظف يعتبر في وضعية القيام بالوظيفة طيلة الرخص التي يتمتع بها، وحسب مقتضيات الفصل 39 من ظهير 21 فبراير 1958 المتعلق بالوظيفة العمومية، فإن هذه الرخص تنقسم إلى:
- الرخص الإدارية المتضمنة للرخص السنوية (30 يوما)، والرخص الاستثنائية أو الإذن بالتغيب.
- الرخص لأسباب صحية وتشتمل على رخص المرض قصيرة الأمد (6 أشهر)، رخص المرض متوسطة الأمد (3 سنوات) رخص المرض طويلة الأمد (5 سنوات)، والرخص بسبب أمراض ناتجة عن مزاولة العمل.
- الرخص الممنوحة عن الولادة تمنح للموظفات أولات الأحمال (12 أسبوعا).
ب- الوضعيات الاستثنائية:
عند مزاولتهم للعمل يجد الموظفون بالجماعات بالإضافة إلى الوضعية العادية أي القيام بالوظيفة، وضعيات استثنائية، وتتخلص هذه الأخيرة في:
وضعية الإلحاق:
يقصد بالإلحاق وضع الموظف مؤقتا خارج الإطار الذي يعمل فيه أصلا مع بقائه تابعا له، وخضوعه للقواعد المطبقة على هذه الوظيفة، وحصوله على مرتبها واحتفاظه ببعض الحقوق التي يكتسبها في الخدمة الأصلية. وتسري عملية الإلحاق على الموظفين الرسميين دون المتمرنين وكذا المؤقتين. ويقع الإلحاق بطلب من الموظف، ويكتسي صبغة تكون في جوهرها قابلة للإلغاء وحالات الإلغاء هي[5]:
- (1) الإلحاق بإدارة أو مكتب أو منظمة عمومية تابعة للدولة لشغل منصب يؤدي إلى المعاش الممنوح بموجب نظام القاعد.
- (2) الإلحاق بإدارة أو مؤسسة عمومية لشغل منصب لا يؤدي على المعاش الممنوح بموجب نظام التقاعد أو مقاولة خصوصية ذات مصلحة وطنية.
وبخصوص مدة الإلحاق، يكون إلحاق الموظف بجهة غير إدارته الأصلية لمدة أقصاها ثلاث سنوات يمكن تجديدها لفترة لا تتعدى أي واحدة منها ثلاث سنوات[6]. هذا ويبقى منصب الموظف شاغرا ولا يعوض إذا تم إلحاقه لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، ويمكن تعويضه فيما عدا ذلك. الشيء الذي من شأنه أن يخلق مشكلا في إعادته إلى سلكه الأصلي، فيمكن ألا يكون أي منصب شاغر في التاريخ الذي يعود فيه الموظف إلى إدارته الأصلية. ومن البديهي أن تضمن له الإدارة ذلك خصوصا إذا كانت هي التي أخذت البادرة.
* وضعية التوقف المؤقت:
يعد الموظف في وضعية التوقيف المؤقت إذا كان خارجا عن سلكه الأصلي، وبقي تابعا له مع انقطاع حقوقه في الترقية والتقاعد ولا يتقاضى أي مرتب.
ويقع التوقيف المؤقت بقرار للوزير أو رئيس المجلس الجماعي الذي يتبع له الموظف إما بصفة حتمية في الحالات المرضية المنصوص عليها قانونا أو بناء على طلب هذا الأخير ولا يمكن أن تتم الموافقة على الإحالة على الاستيداع بطلب من الموظف إلا في الحالات التالية[7].
أ- عند وقوع حادثة لزوج الموظف أو ولده أو إصابة أحدهما بمرض خطير.
ب- عند انخراط الموظف في القوات المسلحة الملكية.
ج- عند القيام بدراسات أو أبحاث لفائدة الصالح العام.
د- لأسباب شخصية.
وفي الحالتين الأخيرتين فإن اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء مدعوة لإبداء رأيها في الموضوع .
* وضعية الجندية:
يعتبر الموظف المدمج في الجيش لأداء الخدمة العسكرية الفعلية في وضعية تدعى “الجندية”، وقد فرضت هذه الخدمة على جميع المغاربة الذكور، ويمكن أن يعفى أو يؤجل استدعاء بعض الأشخاص الذين لهم بعض الأسباب كالعجز البدني أو التحملات العائلية أو متابعة الدروس.
ويوضع الموظف الجماعي في وضعية الجندية حين يستدعى للانخراط في القوات المسلحة الملكية لأداء الخدمة العسكرية بقرار لرئيس المجلس الجماعي بناء على الأمر بالانخراط حيث يحتفظ بحقوقه كاملة في الترقية في سلكه الأصلي، إلا أنه يفقد مرتبه المدني ولا يقبض سوى أجرته العسكرية ويعاد إلى منصبه بقرار آخر لرئيس المجلس الجماعي، وتحتسب خدماته العسكرية في الترقية والتقاعد.
ثانيا: حقوق وواجبات الموظف الجماعي
عند التحاق الموظف العمومي بوظيفة يترتب على ذلك بداية نشوء علاقة تنظيمية بينه وبين الإدارة، فيؤدي ذلك إلى خضوع الموظف بمجموعة من القواعد القانونية تبين حقوقه وتوضح أهم التزاماته باعتباره ممثلا للدولة وقائما على المصلح)ة العامة ومسؤولا عن سير المرافق العمومية[8].
وإن التطرق إلى حقوق وواجبات الموظف الجماعي ، يظهر لنا الارتباط والتطابق بين النظام الأساسي لموظفي الدولة والجماعات، إذ لا يمكن القول من الناحية القانونية بوجود خصوصيات تميز الوظيفة الجماعية من حيث الحقوق والواجبات نظرا للتطابق والتشابه الذي أتت به النصوص ، مما يترتب على التحاق الموظف سواء بإدارة عامة أو جماعة بدء نشوء علاقة تنظيمية بينه وبين الإدارة، فيؤدي ذلك إلى خضوع الموظف إلى مجموعة من القواعد القانونية تبين حقوقه وتوضح أهم إلتزاماته وفي حالة الإخلال بذلك فإنه يتعرض للجزاء التأديبي.
أ- الحقوق الخاصة بالموظف الجماعي:
ويمكن تلخيصها فيما يلي:
* الراتب:
يعد الراتب في مجال الوظيفة العمومية القيمة المالية التي يستخلصها موظفو وأعوان الدولة كمقابل ما يؤدونه من خدمات أثناء مباشرة مهامهم[9] ويكون شهري وصفة منتظمة ومنذ بدأ التحاق الموظف بخدمات الإدارة حتى انتهاء علاقته بها وذلك بالتفرغ من العمل لديها طوال تلك المدة. وراتب الموظف تحدده القوانين والمراسيم بصفة عامة وموضوعية. وعادة ما تتحدد قوانين الوظيفة العمومية وكذا الجداول الملحقة بها والمراسيم التنظيمية الصادرة تطبيقا لها على فئة المرتبات التي تتقرر لكل درجة من درجات الوظيفة التي يشغلها العاملون لدى الدولة[10] ويعد الراتب حقا أساسيا وأصل وجود الرابطة القانونية بين الموظف والإدارة بل هو السبب الرئيسي للالتحاق بمنصبه.
* التعويضات:
يتمتع الموظف بالحق في التعويضات والمنح المحدثة بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية طبقا لما جاء في الفصل 26 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية[11]. وهذه التعويضات والمنح قد تكون عامة تطبق على جميع الموظفين وقد تكون خاصة بفئة منهم. * الترقيات: يقصد بالترقية شغل الموظف العمومي وظيفة درجتها أعلى من درجة الوظيفة التي كان يشغلها قبل الترقي أي الصعود درجة أعلى بعد أخذ رأي اللجنة المتساوية الأعضاء[12].
* الرخص والإجازات المختلفة :من مصلحة الموظف تقرير فترات للراحة لتجديد الحيوية والمحافظة على الإنتاجية، وتنقسم الرخص حسب القانون الأساسي للوظيفة العمومية إلى[13].
* الحصول على العطل السنوية والحق في الحصول على رخص مرضية قصيرة أو طويلة
الأمد.
* حق الدفاع على النفس والاطلاع على الملف الشخصي في الحالات التأديبية.
* حق تمثيل الموظفين داخل اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء.
* حق الحصول على المعاش.
* مسؤولية الدولة في تحمل الصوائر أو التعويضات الناجمة عن أعمال الموظف، أو عن إدارته بسبب الأضرار التي يلحقها بالغير أثناء تأديته لمهامه إذا ما كان الضرر تقتضيه ظروف العمل حسب ما ورد في الفقرة الأخيرة من الفصل 17 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
* حق الموظف فضلا عن الحماية المقررة له في القانون الجنائي أن تتوفر له الحماية الكاملة من خلال ما يمكن أن يتلقاه من سب وشتم وإهانة وتشنيع أثناء تأديته لمهامه (الفصل 19 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية).
هذه إذن هي مجموع الحقوق الإدارية التي يجب أن يتمتع بها الموظف العمومي الجماعي.
ب- واجبات موظفي الجماعات وضماناتها:
مقابل الحقوق التي يتمتع بها الموظف توجد واجبات والتزامات ينبغي عليه العمل بها حفاظا على المصلحة العامة ورعاية لحقوق المواطنين المتعاملين معه وضمانا لحسن سير المرافق العامة. فالموظف يجب أن يقوم بتنفيذ ما تقتضيه واجبات منصبه وأن يبتعد عن كل ما يتعارض مع هذا الواجب. وأهم تلك الواجبات نجد:[14]
1- واجبات الموظف الجماعي:
إن للموظف الجماعي واجبات ينبغي أن يلتزم بها للحفاظ على المصلحة العامة، ورعاية لحقوق المواطنين وحماية لاستمرارية نشاط الجماعة، وتتمثل هذه الواجبات فيما يلي:
* أداء الواجبات الوظيفية: فالموظف ملزم بأداء مهامه المناطة به بنفسه وبكل صدق وأمانة ولا يمكن له أن يوكلها لغيره، إلا إذا أباح له القانون ذلك، كما يجب عليه أن يحترم أوقات العمل، وأن يداوم على مراعاتها، حفاظا على المردودية وعلى علاقته مع المواطنين.
* واجب الطاعة: إن الموظف الجماعي ملزم باحترام السلطة التسلسلية التي تتجسد في رئيس المجلس الجماعي، ويكون مطالبا على غرار الموظف العمومي بالطاعة والخضوع لسلطته التسلسلية، حيث يتمتع رئيس المجلس الجماعي بسلطات التعيين وتسيير الخدمات الإدارية، ويتجاوز ذلك أحيانا إلى تسيير شؤون الموظفين فيما يتعلق مثلا بالعطل السنوية ورخص التغيب…الخ.
* واجب الترفع: يمنع على كل موظف ممارسة أي صفة أو نشاط يدر عليه مدخولا، إلا أنه يستثنى من هذا المنع إنتاج المؤلفات العلمية والأدبية. كما يمنع على الموظف أن تكون له بصفة مباشرة أو غير مباشرة مصالح من طبيعتها أن تؤثر على استقلاليته.
ويتوجب عليه كذلك تجنب كل ما من شأنه أن يمس بسمعته أو بسمعة إدارته، وأن يعمل على المحافظة على مروءته.
* عدم إفشاء الأسرار المهنية: حين يلتحق الموظف بوظيفته بأحد المرافق العامة فإن الدولة تؤمنه على كل ما يحتويه ذلك المرفق من أسرار وخبايا يطلع عليها بحكم وظيفته ويؤدي إفشاؤها إلى تعريض المصلحة العامة للخطر أو تعريض سير المرافق العامة للتوقف أو إصابة مصالح المواطنين بالضرر لذلك تقرر واجب المحافظة على الأسرار التي يضطلع عليها الموظف بحكم وظيفته وعدم إفشاءها أو تسريبها خارج ميدانها وإلا تعرض للمساءلة التأديبية بحيث جاء في الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية "...كل موظف يكون ملزما بكتم سر المهنة في كل ما يخص الأعمال والأخبار التي يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها[15] وقد يتعرض المساءلة الجنائية[16].
إن الهدف من تقرير هذه الواجبات هو ضبط سلوك شاغلي الوظيفة العامة وبيان أوضاع ممارستها، ويرى ” Pequemal ” أنه من وجهة نظر الدراسة المقارنة يتعذر وضع تعريف عام أو إجراء حصر شامل لجميع الالتزامات الوظيفية، وكل ما يمكن الإدلاء به هو القول بوجود فكرة عامة تستقطب تلك الواجبات، فالموظف العام يلتزم بأن يمارس نشاطه من أجل مصلحة المرفق الذي ينتمي إليه وفي إطار هذه الفكرة يمكن أن نعد قائمة بأنواع تلك الواجبات .
2- النظام التأديبي:
يتطلب كل نشاط إداري إقامة نظام تأديبي يضمن ويصون العلاقة التسلسلية بين الموظف والرئيس، وبالتالي حماية السير العادي للمصلحة العامة. وطبقا للفصل 14 من مرسوم 17 شتنبر 1977 المتعلق بالوظيفة العمومية الجماعية فإن المقتضيات التأديبية التي تسري على الموظفين الجماعيين، هي نفسها مقتضيات القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
المبحث الثاني : التنظيم بالإدارة الجماعية.
إن وضع أي تنظيم داخل أية منظمة ومهما كان تخصصها أو طبيعتها يستند أساسا على الهدف أو الأهداف المحددة من قبلها، هكذا عرف “موني ورايلي” التنظيم بأنه “عبارة عن الشكل الذي تبدوا فيه أية جماعة إنسانية لغرض تحقيق هدف مشترك” كما عرفه هنري فايول على أنه “إمداد المنظمة بكل ما يساعدها على تأدية مهامها من: المواد الأولية والآلات والرأسمال ويتوجب على المدير إقامة نوع من العلاقات بين الأفراد بعضهم ببعض وبين الأشياء بعضها ببعض أيضا” .
من خلال هذين التعريفين تتضح لنا مقومات التنظيم، حيث يقوم أساسا على الأهداف المسطرة من قبل المنظمة وعلى تحديد واضح للعلاقات والسلطات وأيضا على شبكة من الاتصالات تكفل ترابطه وانسجامه، وتكفل تنمية العلاقات بين الأفراد والوحدات الإدارية. وأخيرا يستند التنظيم كذلك على مجموعة من الأفراد لديهم الرغبة في توجيه جهودهم لتحقيق الأهداف المتفق عليها.
أما على مستوى التنظيم بالإدارة الجماعية، فينطلق بدوره من الاختصاصات الجديدة المنصوص عليها بموجب ظهير 3 أكتوبر 2003، ويقوم أساسا على تحديد شبكة العلاقات الأفقية والعمودية وتحديد المستويات الإدارية واختصاصاتها من خلال هيكل تنظيمي منسجم ومتناسق، وهو ما سيساهم في ترجمة الاختيارات المحلية إلى واقع ملموس.
وسوف نعالج التنظيم بالإدارة الجماعية انطلاقا من فرعين:
الفرع الأول نتناول فيه علاقة المنتخب بالموظف الجماعي، أما الفرع الثاني فسنتطرق فيه إلى التأطير الهيكلي والبشري بالإدارة الجماعية.
المطلب الأول :
علاقة المنتخب بالموظف الجماعي
داخل أي تنظيم إداري، نجد مجموعة من العلاقات تختلف حسب نوع المنظمة وأهدافها. لهذا فطبيعة العلاقات على مستوى الإدارة الجماعية، تختلف عن نظيرتها في الإدارة العمومية، وذلك راجع إلى طبيعة الإدارة الجماعية التي يوجد على رأسها شخص منتخب.
وإلى جانب الرئيس نجد المستشارين الجماعيين الذين يشكلون المجلس الجماعي.
وسوف نتعرض إلى علاقة رئيس المجلس بالموظفين الجماعيين من جهة، وإلى علاقة باقي المستشارين بأولئك الموظفين من جهة أخرى.
الفقرة الأولى : علاقة رئيس المجلس بالموظف الجماعي
إن عملية التدبير الفعال للمنظمات تقتضي قيادة إدارية قادرة على بلورة الأهداف إلى وقائع مادية ملموسة، أي ترجمة المخططات والأفكار، وذلك من خلال اعتماد وسائل التدبير الإداري وملاءمتها مع واقع المؤسسة أو المنظمة.
وقد أصبح القائد يحظى بأهمية متميزة داخل الدراسات المتعلقة بعلم الإدارة نظرا لموقعه كأعلى هيئة إدارية قادرة على إصدار القرارات وتتبع تنفيذها وتقييمها ومراقبتها.
هكذا فعملية تطبيق قرارات الرئيس أو القائد تستدعي موارد بشرية مؤهلة ومدربة وقادرة على تطبيق الأوامر بصيغة تستجيب لانتظارات المنظمة، مما يؤدي إلى نسج علاقات تفاعلية ما بين أعلى قمة داخل الهرم الإداري وبين المستويات الإدارية الأخرى.
وتتخذ علاقة الرئيس أو القائد بباقي العاملين أسلوبا في التعامل، يختلف من منظمة إلى أخرى، فالحقيقة أنه من العبث والمجازفة أن نجزم بوجود أسلوب معين للقيادة، ذلك أن القائد أو الحاكم أو المدير المكلف بتدبير المؤسسة، هو الذي يمارس طريقة قيادية تنسجم وشخصيته، ملتحمة بعضها ببعض ومسايرة للإكراهات المطروحة والمستجيبة للانتظارات المتعددة، وللعاملين تحت إمرته، والأخذة بعين الاعتبار مميزات البيئة التي تنمو فيها هذه المنظمة .
ونظرا لاختلاف أسلوب التعامل على مستوى كل قيادة إدارية فإن علماء الإدارة صنفوا أساليب أو طرق القيادة إلى خمسة أنواع أساسية:
- طريقة القائد المتحكم.
- طريقة القائد الأبوي.
- طريقة درهم يفعلون.
- طريقة القيادة الاستشارية.
- الطريقة الاشتراكية في التدبير.
فهذه الطرق تصف علاقة الرئيس بالمرؤوس وأسلوب تعامله وتفكيره، لهذا فعلى المرؤوس أن يتفاعل وينسجم مع أسلوب القائد في التعامل، وعلى هذا الأساس تعرف القيادة بأنها “فن التأثير على الناس لكي يمارسوا أعمالهم برغبتهم الكاملة لتحقيق أهداف الجماعة” ، والقائد يستمد كامل سلطاته من الجماعة التي تنتمي له وينتمي إليها، فقيادته نابعة من الجماعة.
أما على مستوى الإدارة الجماعية، فإن القيادة تتحدد في رئيس المجلس الجماعي الذي يستمد شرعية تتويجه لهذا المنصب من قوتين.
أولا: قوة صناديق الاقتراع كمستشار جماعي تم كرئيس منتخب وفق المسطرة المنصوص عليها في المادة 6 من ظهير 3 أكتوبر 2002 المتعلق بالتنظيم الجماعي.
ثانيا: تسلمه ظهيرا شريفا من جلالة الملك يتضمن توصياته السامية إليه كما هو مبين في المادة 30 من الميثاق الجماعي.
فبعدما كان الموظف الجماعي يتبع لرجل السلطة وليس لرئيس المجلس، بموجب المقتضيات المنصوص عليها في ظهير يونيو الصادر سنة 1960، حيث كانت سلطة الإشراف على الموظفين بالجماعات الحضرية والقروية تسند إلى الباشا أو القائد، ولكن بعد صدور ظهير 30 شتنبر 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي، أصبح رئيس المجلس الجماعي هو رئيس الموظفين والأعوان الجماعيين بمختلف رتبهم، وهو ما سيساهم في نسج علاقات بين الرئيس والمرؤوس، والتي ستتبلور من خلال النصوص القانونية، حيث ستحدد مجال وحدود هذه العلاقة.
بهذا يمكن تحديد علاقة رئيس المجلس بالموظف الجماعي في مجموعة من المحددات، فهو الرئيس التسلسلي للموظفين، وهو الذي يشرف على تقييم أدائهم الإداري، كما يقوم بتفويض بعض اختصاصاته إلى فئة محددة من الموظفين، أضف إلى ذلك جانب التواصل الإداري الداخلي وتدبير النزاعات داخل الجماعة كمحددين إلى جانب المحددات السابقة في تحديد علاقة الموظف الجماعي بالرئيس.
- رئيس المجلس الجماعي الرئيس التسلسلي للموظف الجماعي:
يعتبر التسلسل الإداري نظام يرتكز على علاقة بين رئيس ومرؤوس، وتمكن هذه العلاقة الرئيس الذي يحتل الدرجة العليا من ممارسة رقابته على المرؤوس، والتسلسل الإداري يقود حتما إلى سلوكات معينة تفيد الانضباط والطاعة والتحكم والسلطة ، وقد تكرست هذه العلاقة التسلسلية بفضل مجموعة من النصوص القانونية الواردة في هذا الشأن، وفي هذا الإطار ينص الفصل 17 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية على ما يلي “كل موظف كيفما كانت رتبته في السلم الإداري مسؤول عن القيام بالمهام التي عهد بها إليه، كما أن الموظف المكلف بتسيير مصلحة من المصالح مسؤول أمام رؤسائه عن السلطة المخول له لهذا الغرض وعن تنفيذ الأوامر الصادرة عنه ولا يبرأ في شيء من المسؤوليات الملقاة على عاتقه بسبب المسؤولية المنوطة بمرؤوسيه. وكل هفوة يرتكبها الموظف في تأدية وظيفته أو عند مباشرتها تعرضه لعقوبة تأديبية، تزيد إن اقتضى الحال، عن العقوبات التي ينص عليها القانون الجنائي” .
كما أن الفصل 4 من النظام الخاص بموظفي الجماعات الصادر سنة 1977 ينص على أنه “تجري المقتضيات الآتية على موظفي الجماعات مع مراعاة المقتضيات الخاصة المقررة في هذا المرسوم:
- مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.00.
- مقتضيات النصوص التشريعية والتنظيمية الصادرة بتطبيق النظام الأساسي المذكور وكذلك النصوص المتعلقة بموظفي الدولة”.
وأخيرا نجد الفصل 53 من القانون 78.00 المتعلق بالتنظيم الجماعي ينص على ما يلي:”…ويعتبر الرئيس التسلسلي للموظفين”.
وما يمكن استنتاجه من خلال هذه النصوص المشار إليها، أن رئيس المجلس الجماعي هو الرئيس التسلسلي للموظفين الجماعيين، وجميع الموظفين هم مسؤولون أمامه وكل عمل مخالف لأوامره يسقطهم تحت طائلة الإجراءات الزجرية أو العقوبات التأديبية المنصوص عليها في الفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية.
كما يظل رئيس المجلس الجماعي هو المسؤول عن عملية تقييم أداء الموظفين الجماعيين .
- التفويض إلى الموظف الجماعي:
يعتبر التفويض من الوسائل الأساسية التي تؤدي إلى نسج علاقات جيدة مع الموظفين، فهو يعبر على نوع من الثقة والتفاني ما بين الطرفين وعنصرا أساسيا في التحفيز والمشاركة في اتخاذ القرارات المفوضة، وهو ما يساعد على تسريع وثيرة العملية الإدارية، خاصة وأن الرئيس لا يستطيع أن يقوم بكل الأعمال بنفسه داخل المنظمة التي ينتمي إليها، ومباشرتها في وقت واحد، لذا فإنه غالبا ما يتم اللجوء إلى التفويض.
إن الممارسة العملية أثبتت وجود نوعين من التفويض، هما تفويض الاختصاص وتفويض التوقيع. فتفويض الاختصاص يتم بين شخصين مستقلين يتمتع كل منهما باختصاصات ذاتية مستمدة من النصوص القانونية مع الإشارة على أن هذا النوع من التفويض يحقق لفائدة المفوض له مباشرة الاختصاص كأنه سلطة أصلية. أما تفويض التوقيع والذي يستعمل بكثرة في المغرب فهو لا يخرج عن كونه نوع من التنظيم الداخلي للإدارة، حيث يتحقق بسماح صاحب الاختصاص لمسؤول أو مساعد تابع له، بالإمضاء نيابة عنه على بعض التصرفات أو الوثائق الإدارية طبقا لما ينص عليه القانون الآذن بالتفويض.
لهذا فأمام تشعب الوظيفة الجماعية، والإشراف على مصالح إدارية وتقنية واجتماعية…، خول القانون لرئيس المجلس الجماعي تفويض توقيعه في مجال التسيير الإداري إلى فئة محددة من الموظفين الجماعيين وليس إلى كل الموظفين، وقد تم تحديد هذه الفئة، في الكاتب العام للجماعة ورؤساء الأقسام، وهذا ما يمكن أن نستنتجه من خلال الفصل 55 من ظهير 3 أكتوبر 2002 حيث ينص على أنه “يجوز لرئيس المجلس أن يفوض بعض مهامه إلى واحد أو أكثر من النواب، ويجوز له تحت مسؤوليته أن يفوض إمضاءه إلى الكاتب العام للجماعة في مجال التدبير الإداري وكذا إلى رؤساء الأقسام والمصالح الجماعية المعينين طبقا للأنظمة الجاري بها العمل، وتعلق هذه القرارات بمقر الجماعة وبجميع المكاتب الملحقة بها، وتنشر أو تبلغ إلى العموم بجميع الوسائل المتاحة”.
- التواصل الداخلي:
يعتبر التواصل الداخلي اليوم من أهم العناصر الاستراتيجية للتدبير العصري المحكم يسخره كل قائد أو رئيس داخل وخارج المؤسسة التي يسهر على تسييرها للوصول إلى الأهداف، ضمن برنامج عمل محدد ومضبوط، ووفق مخطط منهجي مسبق ومتناسق، فهذا النوع من التواصل يستهدف إذا جميع فئات العاملين داخل المنظمة أو المؤسسة .
ويلعب رئيس المجلس الجماعي في هذا الصدد، دورا رئيسيا في تأسيس إطار للتواصل الداخلي مع المرؤوسين، خاصة وأن الرئيس هو الذي يحدد مجال وحدود هذا التواصل.
إن تعدد الأدوار وطبيعة التخصص في مهمة من المهام الإدارية الناتج عن توزيع العمل بالإدارة الجماعية، يؤثر بشكل سلبي على وحدة العمل وعلى الانسجام المطلوب داخل الوحدة المحلية، لهذا السبب يتطلب التسيير تواصل إداري جيد وفعال بين كل المستويات الإدارية من أجل توحيد الجهود الجماعية وتنسيقها، كما يجب على الرئيس القيام بمحاولة التوفيق بين الحاجيات وأهداف المؤسسة، وذلك بجعل جميع الاتصالات بينه وبين العاملين بالمصلحة أو الوحدة كيفما كان وصفها القانوني أو الواقعي أو درجتها، تهدف إلى تمرير رسائل وإشارات تحسسهم بما هو مطلوب منهم .
- تدبير النزاعات داخل الإدارة الجماعية:
النزاع داخل المنظمة، هو صراع بين طرفين أو مجموعة أو فرقة ما، تنبع من تصور لاختلافات متناقضة، فسواء كان هذا التصور صحيحا أو خطأ فهو يضر لا محالة بالعلاقة بين الأفراد والمهمة أو العمل الذي اجتمعوا من أجله، وهذا يعكس حتما جوا من النزاع يجب إيلاءه ما يستحق من الاهتمام، حتى لا تستفحل الأمور بين الطرفين.
لهذا فرئيس المجلس الجماعي في علاقته مع الموظفين يظل مسؤولا عن تدبير الصراعات داخل الإدارة الجماعية لضمان سير أحسن للعمليات الإدارية
.
الفقرة الثانية : علاقة المستشار الجماعي بالموظف الجماعي.
إن قانون 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر في 3 أكتوبر 2002، أسند إلى المجلس الجماعي مهمة تسيير شؤون الجماعة، ويتكون هذا المجلس من أعضاء يتغير عددهم حسب الأهمية السكانية للجماعة. والعضو الجماعي هو مستشار يشارك بقوة القانون في تدبير أمور المنطقة ومطالب بالمساهمة في وضع خطط تنموية محلية والعمل على إنجازها.
إذن يعتبر التدبير اليومي بالجماعة إحدى الأولويات التي يجب أن يرعاها المنتخب الجماعي، خاصة أنه يتميز باحتكاكه اليومي بالموظفين، حيث نجده أحيانا يأمر وأحيانا أخرى يساعد أو يتدخل بنفسه في تنفيذ بعض القرارات، من هنا تطرح إشكالية تتعلق بطبيعة العلاقة القائمة ما بين المستشار الجماعي والموظفين الجماعيين.
إن طبيعة العلاقة القائمة بين المستشار الجماعي والموظفين قد تم تحديدها بموجب قانون 78.00 المتعلق بالتنظيم الجماعي، فباستثناء حق الإشراف على موظفي الجماعة المخول لرئيس المجلس، والمنع الصريح لعضو المجلس في التدخل في تدبير الجماعة، فلا حديث عن علاقة بين المستشارين والموظفين الجماعيين ، كما أنه بالرجوع إلى نص الوظيفة العمومية ل 24 فبراير 1958، نجده ينص صراحة على أن الموظف مسؤول صراحة أمام رؤسائه، إذن نستنتج أن العلاقة تتحدد فقط بين رئيس المجلس الجماعي والموظفين الجماعيين وذلك بموجب المادة 54 من ظهير 3 أكتوبر 2002 والذي ينص على ما يلي: “يسير رئيس المجلس المصالح الجماعية ويعتبر الرئيس التسلسلي للموظفين الجماعيين، ويتولى التعيين في جميع المناصب الجماعية، ويدبر شؤون الموظفين الرسميين والمؤقتين والعرضيين طبق الشروط المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل…”
لهذا تعتبر العلاقة بين الموظف والرئيس علاقة قانونية وتسلسلية، فإذا كانت هذه العلاقة ما بين الموظف الجماعي والمستشار لم ينص عليها أي قانون، فإنه يفترض في رئيس المجلس أن يعمل على مساعدة الطرفين على نسج علاقات جيدة بينهما وتقوية قنوات تواصلهما، إداريا وأخلاقيا وذلك بمساعدة الطرفين على نسج علاقة تخدم المصلحة العامة وتتم في جو من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في التسيير الإداري للموظفين، وهذا كله من أجل تطوير الإدارة الجماعية وجعلها إدارة فعالة وإدارة منتجة، تعبر بالفعل عن تطلعات المواطنين .
وبرجوعنا إلى المادة 55 من قانون 78.00 المتعلق بالتنظيم الجماعي،نجد أنه “يجوز لرئيس المجلس أن يفوض بقرار بعض مهامه إلى واحد أو أكثر من النواب”.
وفي هذا السياق تدخل الإدارة الجماعية في علاقة مع صنفين من المستشارين الجماعيين، صنف فوض له رئيس المجلس بعض سلطاته، ويتشكل من نواب الرئيس وصنف ثاني لا يتوفر على قرار تفويض المهام، فالصنف الأول يمارس المهام المسندة إليه والمحددة في قرار التفويض، كتصحيح الإمضاءات مثلا، ففي هذه الحالة وفي حالات أخرى يتواجد المستشار النائب بجانب الموظف الجماعي، لأداء خدمة مشتركة للسكان، وهذا التواجد قانوني ولا يتعارض مع وظيفة العون الجماعي، وإنما هو ممارسة لجزء من اختصاصات رئيس المجلس بهدف التخفيف من أعباء التسيير اليومية التي يتحملها. إلا أن الواقع أثبت أن بعض المستشارين النواب في بعض الأحيان ينصبون أنفسهم رؤساء الأقسام والمصالح مما يكون له انعكاسات سلبية على الإدارة الجماعية، وهذا يعد مخالف للقوانين والدوريات الجاري بها العمل في هذا الشأن، ونستدل هنا بالدورية رقم 90 الصادرة بتاريخ 5 شتنبر 1997 بالضبط إبان الانتخابات الجماعية التي جرت في 13 يونيو 1997 والتي كانت عبارة توجيهات عامة حول نشاط المجالس الجماعية، فمن بين ما جاءت به هذه الدورية، عدم تنصيب المستشارين رؤساء الأقسام والمصالح، لأن هذا سيكون له تأثير كبير على السير العادي للإدارة، وربما سيحدث اصطدامات ما بين رؤساء الأقسام والمصالح الفعليين، وهم الموظفون المعينون بقرار وبين المستشارين المفوض لهم في هذه الأقسام والمصالح .
والصنف الثاني لا تفويض له و تواجده بالجماعة يستند على انتدابه من طرف السكان المنتخبين له، ليسهر على مصالحهم ولينطق بلسانهم بهذه المؤسسة التمثيلية، وغالبا ما يقع هذا الصنف من المستشارين في نزاعات وصدامات مع موظفي الإدارة الجماعية، وذلك لسببين:
- وعي الموظف الجماعي باختصاصاته وبمنطق التسلسل الإداري وبحقوقه وواجباته وحدود طاعة الأوامر وشروطها، ونتيجة لذلك لا يأبه إلا بتعليمات رؤسائه، بمن فيهم رئيس المجلي الجماعي، ويرى أنه من المفروض تجاهل أوامر المستشارين غير المفوضين والملزمين في نظره، بالمرور عبر الرئيس المباشر أو رئيس المجلس، باعتباره الرئيس التسلسلي للموظف كافة.
- جهل المستشارين لحدود حقوقهم واعتقادهم بأن عملية الانتخاب كافية لإخضاع الموظفين الجماعيين لرغباتهم ولإجبارهم على طاعة أوامرهم، وما على الموظف إلا الامتثال لطلباتهم الرامية إلى تلبية حاجيات السكان. إنها إشكالية تكوين المستشار الجماعي وضرورة تلقينه دروسا ولو شفوية في اتجاه معرفة واجباته لتكون العلاقة بين طرفي التسيير متوازنة ولا يطبعها إجحاف أو توثر. فكثيرا ما نرى مستشارين جماعيين يأمرون بما ليس لهم فيه حق، أو يقومون بأعمال كصيانة وتنظيف قنوات تصريف المياه المستعملة، يغنيهم أعوان جماعيين مختصون عن الاقتراب .
فإذا كان قد تم الحديث بشكل مستفيض في المناظرات الوظيفية للجماعات المحلية عن وضعية المستشارين الجماعيين، وظروف عقد دورات المجلس، ووضعية الكاتب العام، ومشكل التكوين، إلى غير ذلك من القضايا الأخرى، فانه قد تم إغفال الحديث عن دور المستشار الجماعي في الإدارة الجماعية، من خلال علاقته بالموظفين والمرافق العمومية.
وإذا كان المستشار الجماعي قد تم إهماله بشكل كبير على مستوى النصوص القانونية من خلال منح الاختصاصات القصوى لفائدة الأغلبية على حساب الأقلية، فإن هذا ما يبرر عادة انتفاضة المستشار الجماعي على مستوى تدخله في إدارة المصالح الجماعية ومشاركة الموظفين في تأدية مهامهم، وقضاء مصالح الساكنة مباشرة مع أجهزة الإدارة الجماعية.
المطلب الثاني: إكراهات الأداء الإداري للموظف العمومي الجماعي.
بالرغم من كون الوظيفة إطار قانوني، إلا ترجمة هذه القوانين داخل الإدارة يأخذ مظاهر وثقافات وسلوكات خاصة، فقد أشار تقرير البنك الدولي الصادر في أكتوبر 1995 حول الإدارة المغربية إلى بعض الانتقادات التي تهم قطاع الوظيفة العمومية و المتجلية في الكم الهائل فيما يخص العاملين بها، وبتسيب توزيع مناصبها وانعدام تحفيزها للموظفين وعدم منحهم رواتب ملائمة وعادلة تجنبهم اللجوء إلى تعاطي الرشوة واستغلال النفوذ، إضافة إلى أنها تتميز بترسانة قانونية غير متجانسة[17].
الفقرة الأولى: إكراهات الموظف العمومي الجماعي.
يمكن استنتاج هذه الإكراهات من خلال الفلسفة العامة التي كرسها نص 1958 المستوحى في شكله وجوهره من قانون الوظيفة العمومية الفرنسي، وكيفية تطبيقه على أرض الواقع وما نتج عن هذا التطبيق من سلوكات ورموز وتصورات لدى العاملين بهذا القطاع حول الإدارة وسلطتها في إعادة إنتاج ثقافة الرتابة والتقرب والمحسوبية و قدراتها على تكريس قيم وثقافات خاصة بالعمل الإداري تتميز بالغموض وانتشار الفوضى والتسيب وانعدام تحديد المسؤوليات والأهداف وغياب المراقبة والمساءلة[18]. إذن فهذه الإكراهات تتمثل فيما هو قانوني (فرع أول) وفيما هو هيكلي وتنظيمي (فرع ثان).
أولا: الإكراهات القانونية:
إن التحول الذي يعرفه مجال الإدارة المغربية، لم يساير تطور على المستوى القانوني. فقانون الوظيفة العمومية الصادر في 24 فبراير 1958 لم يعد يواكب المرحلة الآنية، نظرا لكون نصوصه لم تساير حياة الموظفين، فموظف الخمسينات من القرن الماضي ليس هو موظف الفترة الحالية. وانطلاقا من هذا نجد بعض النصوص تشكل خطرا أمام الموظف، بل أكثر من هذا فإن نصوص هذا القانون لا تطبق بالحرف بحيث هناك العديد من الخروقات بدءا من مرحلة التعيين والتي من المفروض أن يراعى فيها شرط المساواة في تقلد المناصب كحق دستوري لكل المغاربة ومنصوص عليه أيضا في الفصل الأول من قانون الوظيفة العمومية. ففي ظل التقليدية حصلت عدة تجاوزات حيث سلبت حقوق بعض المرشحين وأهديت لمرشحين آخرين لاعتبارات خاصة، ذلك كله بسبب حرية الاختيار المطلقة المعترف بها لرجل الإدارة والتي كانت تمتع سوى من تجد فيهم الطاعة والولاء ومن يحققون أغراضها الذاتية، أي تغليب عنصر الثقة على الكفاءة. وفي نطاق الترقيات، على الرغم من وجود نصوص قانونية مقيدة ومعايير تقضي بمساواة الموظفين دون تفريق أو تمييز، إلا أن الوضع يختلف في الإدارة التقليدية الذي يقوم على العلاقات الشخصية دون الوظيفة والسلطة التقديرية وجانب المصاهرة و الوساطة[19].
من جهة أخرى نجد مشكل تباين الرواتب في الوظيفة العمومية، سواء على مستوى الأطر الإدارية الصغرى أو العليا. كما أن هذه الرواتب لا تساير حاليا الحياة المعيشية التي أصبحت تعرف تصاعدا مستمرا، بالإضافة إلى نظام التعويضات المختلفة تتميز بعدم انسجامها حيث يصعب تحقيق وحدتها خصوصا وأنها تستند في استحقاقها على معايير معقدة لا تؤدي إلى الإنصاف بين شرائح الموظفين. الشيء الذي لا يساهم في دعم فكرة الاستقرار في الإدارة العمومية ويشجع على اللجوء إلى قطاعات أخرى خاصة القطاع الخاص[20] ، أو اللجوء إلى وسائل دعم غير مادية غير مشروعة كالرشوة والتزوير.
نضيف أيضا وجود بعض النصوص والتي تشكل خطرا وسلاحا في وجه الموظفين مثل الفصل 80 من قانون الوظيفة العمومية الذي يعترف للإدارة بالحق في إعفاء موظفيها وذلك من أجل التخفيف من عددهم، فهذا القرار يعد من القرارات الخطيرة وذلك لما له من تأثيرات سلبية على الحياة الإدارية للموظف[21]. والفصل 64 من نفس القانون المتعلق بتنقيل الموظفين.
إن هذه الإكراهات القانونية تنعكس سلبا على أداء الموظف، الذي يلتزم الصمت عن وضعيته خوفا من فقدان منصبه. وهذا ينعكس على عمل الإدارة وإعطاء صورة غير حسن تجاه المواطنين. لتضاف إلى ذلك إكراهات هيكلية وتنظيمية.
ثانيا: الإكراهات الهيكلية والتنظيمية:
إن الواقع الذي تعيشه الإدارة المغربية يوضح للعيان أن أداء مهام الموظف كثيرا ما تنقصه الفعالية والتجديد والمنافسة، وهذا ناتج عن غياب سياسة تقويمية عن الإدارة وأداء موظفيها، إذ لا وجود لمعايير عقلانية قائمة على الكفاءة والإبداع والمهارة و الضمير المهني. وتتلخص هذه الإكراهات في مجموعة من المظاهر:
* ظاهرة البيروقراطية: التي أصبحت تشكل مرضا منتشرا في دواليب الإدارة يصعب علاجه نظرا لتجدرها عبر التاريخ، مما أفرز سلوكات سلبية في التنظيم والتسيير. ونظرا لوجود قيادة تمتاز بتكوينها المهني على مسار الشأن العام. الذي يساعدها بكثير على تحقيق سلطة مستقلة تمكنها من فرض هيمنتها على مسار الشأن العام. فالتسيير الإداري يبقى حكرا على نخبة معينة التي تعمل على مساندة تفشي ظاهرة البيروقراطية في جوانبها السلبية، بحيث أصبحت مرضا مستحكما ينخر دواليب الإدارة المغربية، فلا سلوك عقلاني في التنظيم والتسيير ولا أخلاقية في الأداء.
* التضخم الكمي للموظفين: يتجسد في ارتفاع عدد الموظفين، ويرجع هذا التضخم إلى عدة أسباب منها ما هو ديمغرافي والمتمثل في الانفجار الديمغرافي والهجرة. وهناك السباب الاقتصادية بحيث لجأت الدولة بعد الاستقلال إلى إحداث المرافق الاقتصادية بهدف معالجة مشاكل التنمية. ثم الأسباب الاجتماعية عن طريق خلق المرافق الاجتماعية تهتم بالضمان الاجتماعي والتعاون الوطني والصحة[22].
وفي هذا الصدد فإن المغرب في هذه المرحلة نهج سياسة توظيفية موافقة لمقولة المفكر الاقتصادي الإنجليزي باركينسون التي جاء فيها "إن الوظيفة العمومية فتحت أبوابها بدون سياسة توظيفية عقلانية بحيث امتلأت الإدارة بعدد كبير من الأعوان دون أن تحدد لهم مناصب العمل" الشيء الذي أدى إلى تكاثر الأقسام والمصالح والمكاتب، مما جعل تدبير الموارد البشرية العاملة في الإدارة من المشاكل الصعبة والمعقدة التي تعاني منها حاليا الدولة النامية[23].
* قصور التكوين: من أهم أسباب ضعف الأداء الإداري للموظف العمومي القصور على مستوى التكوين، ذلك أن الإدارة العمومية تفتقد إلى المهارات والخبرات ذات الكفاءة والقادرة على إدارة وتخطيط شؤون الموظفين، واستقطاب عناصر بشرية مناسبة وتطوير إمكانيتها وتحفيزها على العطاء، مما يولد مناخا من الرضى الوظيفي.
ويختلف التكوين الإداري عن باقي أنواع التكوين الأخرى، لكونه يركز على الموظف ومحيطه الإداري بمعطياته المتعددة سواء تعلق الأمر باتخاذ القرارات أو بإدارة الموارد البشرية أو بتنمية مهارات التخطيط الإداري.
وتعترض التكوين الإداري للموظفين مجموعة من العقبات التي تحول دون تحقيق غاياته، وتتمثل هذه العقبات فيما يلي:[24]
*غموض جدوى التدريب لدى الموظفين .
* عدم دقة تخطيط الاحتياجات التدريبية .
* تغليب الجوانب النظرية على الجوانب العلمية في مناهج التكوين.
* نقص البرامج والندوات الموجهة للمستويات الإدارية العليا والقياديين.
* وجود ظاهرة التهرب من التكوين.
* ضالة في النشاطين الاستشاري والبحثي.
بالرغم من تعدد أساليب التكوين وتنوعها، فإنها تهتم بالجانب الفني في العملية الإدارية وهمشت الجانب السلوكي والإنساني ، معتبرة الموظف المتون مجرد آلة للتنفيذ معزولا عن كل المؤثرات الشخصية والبيئية المتحكمة في سلوكه.
إذن فغياب التكوين الفعال للموظفين، يعد عائقا أمام تطوير مهاراتهم وكفاءتهم، مما يؤثر سلبا على أدائهم من جهة وعلى العملية الإدارية من جهة ثانية. لذا يتوجب نهج سياسة فعالة لتكوين الموظف لتمكينه من اكتساب الخبرة في المجال الإداري لأن سلوك الموظف داخل الإدارة بمثابة اللبنة الأولى التي يقوم عليها نشاط الإدارة ككل.
الفقرة الثانية: إصلاح وتطوير الوظيفة العمومية الجماعية للرقي بأداء موظفيها.
في خضم إكراهات المشاكل التي تعترض الموظف العمومي الجماعي من جهة والوظيفة العمومية والإدارة العموميتين من جهة ثانية، يطرح هاجس الإصلاح وتجاوز العقبات التي تقف أمام فاعلية هذا العنصر الذي يعد المحرك الأساسي لكل عملية تنموية، واللسان الناطق باسم الإدارة. فما هي الآفاق المنشودة لتحسين أداء الموظف العمومي الجماعي من أجل تطوير الوظيفة العمومية الجماعية؟
أولا: إصلاح الإطار القانوني للوظيفة العمومية وخاصة الجماعية.
يشتمل القانون الأساسي للوظيفة العمومية الجماعية، رغم اللمسات التي أدخلت عليه، على عدد من نقاط الضعف التي أبرزها المحيط الذي تعمل الإدارة داخله، الشيء الذي يفسر أهمية الجدل القائم بين منظرين والممارسين الطامحين إلى تحسين نوعي للإدارة، أي إلى تغيير شامل يهدف إلى تطوير استقبالية الإدارة ورد فعلها.
ويكتسي إصلاح قانون الوظيفة العمومية الجماعية أهمية كبرى اعتبارا للدور الذي ينتظر أن يلعبه الموظف في تطبيق سياسة التحديث الإداري، باعتباره عنصرا وشريكا كاملا ويشمل جزءا من التنظيم العمومي المعني بهذه التغيرات. فتسيير المرافق العمومية يفرض اليوم وجود موظفين دوي كفاءة وتكوين جيد، ولهم أجور ومحفزات جيدة تجعلهم قادرين على المساهمة في تنظيم وتسيير العمل داخل الإدارة، الشيء الذي يفترض احتراما للوظيفة العمومية وتسيير أكثر رقة وأكثر عقلانية للبشر والوظائف[25].
انطلاقا من هذا يستلزم مراجعة مقتضيات القانون الأساسي للوظيفة العمومية،وخاصة الوظيفة الجماعية خصوصا الجانب المتعلق بأشكال التوظيف الوارد في الفصل 22 من المرسوم الملكي ل 22 يونيو 1967 باتجاه تطبيق أكثر صرامة لمبدأ الانتقاء تبعا لكفاءة المرشحين فقط. والواقع أن المساواة أمام التحملات العمومية لا تحترم دائما، وغالبا ما يتم التضحية بها لصالح معالجات أخرى أو لصالح زبونية الأعوان[26].
كما يجب أيضا إصلاح إجراءات الترقية باتجاه إيلاء اعتبار أكبر للقدرات المهنية وليس لآدميتهم فقط (الفصول 22، 29، 30 من قانون الوظيفة العمومية). وبالتالي التطور نحو نظام الترقية وفق الاستحقاق.
وسيكون من اللائق أيضا إعادة معالجة المقتضيات المتعلقة بالإلحاق[27]، والتنقيل عبر التنصيص على ميكانيزمات صارمة للمراقبة من أجل ضمان استعمال هذه المساطر لصالح الإدارة العمومية، وحماية الموظف من السلطة التقديرية للإدارة خاصة في مجال التنقيل[28] الذي غالبا ما يستعمل كإجراء عقابي.
بالإضافة على هذا، هناك مشكل جوهري وهو الأجر الذي يعتبر أهم رافعة للتحفيز، وعنصر لا يمكن التخلص منه في الإناطة بالمسؤولية، كما يشكل الإطار الأول للتفاوض والتحفيز للتحديث. لهذا يجب أن تتم مراجعة نظام الأجور في الوظيفة العمومية المغربية باتجاهين اثنين: من جهة الحد من الفوارق الأجرية بين الأطر العليا، وكذا بين أجور موظفي نفس الإطار الذين ينتمون لمختلف الوزارات، وذلك بالزيادة طبعا في أجور الموظفين المنخفضة وفي الحالتين فإن هذه الفوارق في الأجر لا يمكن أن تبرر بالفوارق بين مستوى الإنتاجية أو مرد ودية الموظفين[29].
ثانيا: تكوين الموظف العمومي الجماعي وتحفيزه.
إن تكوين الموظفين وتحفيزهم يعد مطلبا لا يقل أهمية عن الاحتياجات الأخرى و ذلك قصد إنجاح عمليات التحديث الإداري وبالتالي النهوض بالإدارة، فأهمية التكوين تظهر في كونه يطور أداء العنصر البشري ويكسبه الخبرات والمهارات كما أن التحفيز سواء المادي أو المعنوي يلعب دورا كبيرا في ضخ دماء الحيوية والرغبة في العمل في سلوك الموظفين فما هي أهمية تكوين الموظف، وكيف يساهم التحفيز في رفع معنوياته؟
تكوين الموظف:
إن فكرة خضوع الموظف للتكوين هي فكرة قديمة [30]،لكن لم تعرف إجراءاتها الحالية سوى مع منتصف القرن الماضي، الذي يلتحق بعمله كان يتلقى في بداية حياته الوظيفية تكوينا بواسطة بعض التوجيهات والإرشادات من لدن رؤساءه وزملائه داخل وظيفته حتى يتمكن من مسايرة العمل الإداري[31].
وعملية التكوين والتدريب لا بد وأن تكون لها خطة تهدف إلى تهيئ وإعداد الموظف للقيام بدوره مع التنبؤ بالتوقعات المستقبلية من ناحيتين[32] .
تطور البيئة الاجتماعية والاقتصادية التي يعمل فيها الموظف لتحقيق غاية الإدارة.
- الاحتياجات الفنية الجديدة إلي ترد على العمل الذي يؤديه خاصة التطورات العملية والتقنية واستعمال الطرق الفنية الجديدة.
وتتجلى أهداف التكوين في كونه يرفع من مستوى أداء الموظف زيادة على ذلك يعمل على تهيئ الموظف لمهام المرحلة القادمة عند ترقيته في السلم الوظيفي، فالتكوين هو السبيل الذي تتمكن به الإدارة من تزويدها بالمهارات.
ويتكون التكوين من عدة عناصر يكون لها الأثر الجليل على الموظف فهو يخلق تنمية في مجموع معلومات وأفكار الموظف وإمكانية ومهاراته وانتسابه الاتجاهات الملائمة لعمله وتطوير سلوكه وتصرفاته بما يتراضى ووظيفته ومسؤوليته وأهم هذه العناصر هي:
* زيادة العلم والمعرفة: فالمتكون سواء كان قديما أو حديثا لا شك أنه قدر من المعرفة ويعمل التكوين على الرفع من مستواه، فالتكوين ما هو إلا نوع من التلقين. ويهدف كذلك من أجل جعل الموظف على التوضيح والفهم السريع والإلمام بكافة العقبات التي تعكر صفو العمل الإداري[33].
* تنمية المهارت: يتجلى مفهوم تنمية المهارات في ارتفاع قدرات الموظف لتطوير مكانته الوظيفية وتحسينها عن طريق أداء واجباته والقيام بمسؤولياته ويعرفها بعض الكتاب بأنها عملية دائمة للتكوين والتنمية من شأنها أن تمد الإنسان ببعد النظر أو البصيرة ومواجهة المواقف الأمر الذي يمكن من تحقيق أهداف الإدارة.
* تحويل السلوك وتغييره: يعد السلوك من النقط الأساسية التي يرتكز عليها التكوين، والسلوك كما يعرفه احد المؤلفين هو" مجموعة من العوامل الذهنية التي تتفاعل مع بعضها لتكوين آراء معينة" ويرى الدارسون أن هناك مجموعة من أنواع السلوك التي يمكن أن يتحلى بها الموظف والتي يمكن للتكوين أن يلعب دورا مهما في إنشائها ومعالجتها.
يعتبر سلوك الموظف داخل الجماعة بمثابة اللبنة الأولى التي يقوم عليها نشاط الإدارة ككل، لأن سلوكات المرء تدخل في المهام العامة للإدارة، فما يظهر من الموظف من انتظام في العمل وحسن المعاملة والقيام ببذل الجهد في مهامه وعدم الارتجال في مزاولتها كلها مؤشرات تدل على مدى حسن السلوك وبالتالي صلاحية الموظف العمومي في المهام الإدارية. لهذا التنصيص على إلزامية تكوين الموظفين في النصوص المنظمة لقطاع الوظيفة العمومية.
لكن لا يكفي إن لم يرافقه دعم معنويات الموظفين وذلك من خلال التحفيز.
* تحفيز الموظف الجماعي: لا يكفي أن يكون الموظف قادرا على العمل وإنما الأهم من ذلك أن تتوفر لديه الرغبة في هذا العمل، وتتوافر هذه الرغبة عن طريق تحفيز الموظفين على الأداء الجيد والفعال في هذا العمل. وهنا تبدو مسؤولية الإدارة تطرق تحفيز الموظفين حتى تمتلئ نفوسهم بالرضا عن العمل ومن تم تضمن تفانيهم في أدائه، وتبعد عنهم أسباب ومظاهر القلق والتوتر وغيرها من الأسباب التي تضعف من إنتاجيتهم[34].
فالموظف الجماعي قبل أن يكون موظفا فهو إنسان بالدرجة الأولى فهو كائن حي تحكم سلوكه وتصرفاته قوانين فطرية أو طبيعية ويطمح إلى تحقيق حاجاته الفيزيولوجية والسيكولوجية.
ويتخذ تحفيز الموظف مجموعة من الصور وهي كالتالي:[35]
- اقتناع الإدارة بالشخصية الفردية للعاملين.
- إشعار المرؤوسين بأهميتهم.
- استخدام أسلوب التوجيه وليس للأمر.
- ضرب المثل للمرؤوسين.
- منح الأجر العادل.
- التوسع في تطبيق أنظمة الأجر التشجيعي.
- توفير الاستقرار للموظفين.
- توفير برامج الخدمات والمزايا الإضافية.
- محاولة تخليص الفرد من متاعبه الشخصية.
- توفير فرص الاتصال السليم.
- توفير فرص المنافسة البناءة بين العاملين كأفراد وجماعات.
إن عملية التحفيز لابد من بلوغ أهدافها التي يمكن تقسيمها إلى نوعين[36].
* الأهداف التي من شأنها أن توفر للموظف الاطمئنان التام على مستقبله المهني وأن تضمن له الظروف المادية والمعنوية الملائمة، وأن تطمئنه على استقرار حياته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية هو وأفراد أسرته.
* الأهداف التي من شأنه أن تضمن للإدارة العمومية الفعالية اللازمة لكل مشروع إداري والتي توفر للنشاط الإداري بصفة عامة كل عناصر الإنتاجية والمردودية وتجعله نشاطا قابلا للإنجاز في أحسن الظروف لضمان أعلى نسبة لنجاحه وبلوغ مقاصده.
خــاتمـــة:
لكن ما يمكن تسجيله هو أنه رغم التطور الكبير والمهم الذي عرفه العنصر البشري بالجماعات الحضرية والقروية، فإن مردوديتها، لا زالت ضعيفة بالمقارنة مع ما تزخر به من طاقات بشرية، لأنها لا تستثمر بشكل جيد من طرف المجالس الجماعية، كما أن هذا التطور في أعداد الموظفين راجع إلى ما عرفته الجماعات من توظيفات كبيرة، خصوصا أثناء الحملة الوطنية لتشغيل الشباب المعطل حاملي الشهادات خلال سنوات 89-90-91 والتي عرفت التحاق أعداد كبيرة من الموظفين بقطاع الوظيفة الجماعية.
و يتبين أن تدبير المورد البشري داخل الإدارة بصفة عامة، خصوصا الموظف العمومي أصبح يتطلب إصلاحا جذريا على جميع المستويات بدءا من الاهتمام أولا بإعادة النظر في النصوص القانونية التي أصبحت لا تفي بالتطورات المصاحبة لتدبير الموارد البشرية.
وثانيا الاعتماد على منهجية موضوعية لتدبير هذه الموارد. ذلك أن قطاع الوظيفة العمومية يحتاج أكثر من غيره من القطاعات إلى تصحيح الوضع القانوني المنظم له ذلك بتشريع نصوص تؤطر هذا القطاع بشكل جيد وتواكب هذا الطور الحاصل وما يتطلب من الإدارة من الانفتاح على محيطها، فالوضعية القانونية للموظف العمومي تعرف عدة صعوبات على عدة مستويات منها نظام الرواتب والتعويضات والترقيات التي تخضع لمنطق غير منطق المساواة. هذه الصعوبات تجعل الموظف أسير أزمات نفسية تؤثر على أدائه.
وإضافة إلى الجانب القانوني، فتحسين أداء الموظف العمومي رهين أيضا بنهج لسياسة تدريجية هادفة تعتمد على تخطيط محكم ومنظم جيد لهذا العنصر والرفع من معنوياته بخلق نظام عادل للحوافز، هذا دون إغفال عنصر الرقابة الفعالة من أجل قياس أدائه، كل هذه العناصر من أجل خلق موظف يتحلى بقيم المواطنة ويسهر على خدمات الإدارة وإعطاء انطباع جيد عنها في ملاقاتها مع المتعاملين معها باعتبارها الموظف العمومي يعتبر اللسان الناطق باسم الإدارة.
الهوامش
[1] - رضوان بوجمعة: الوظيفة العمومية على درب التحديث، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2011،ص:23.
[2] - الفصل 2 من الظهير الشريف رف008-58-1 بتاريخ 24 فبراير 1958 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العمومية.
[3] - ينص الفصل 224 من القانون الجنائي المغربي على ما يلي: يعد موظفا عمومي في تطبيق أحكام التشريع الجنائي كل شخص كيف ما كانت صفته يعمد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفته أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر. ويساهم بذلك في خدمة الدولة والمصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام.
[4] - الفصل 37 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
[5] - الفصل 48 من نفس القانون.
[6] - الفصل 58 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
[7] - الفصل 58 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
[8] - ملكية الصروخ: القانون الإداري دراسة مقارنة – الشركة المغربية لتوزيع الكتاب- البيضاء، طبعة6/2006، ص:139.
- [9] رضوان بوجمعة: مرجع سابق ،ص:...
[10] - مليكة الصروخ: مرجع سابق، ص:400.
[11] ينص الفصل 26 من قانون الوظيفة العمومية على ما يلي: تشمل الأجرة على المرتب والتعويضات العائلية وغيرها من التعويضات والمنح المحدثة بمقتضى النصوص التشريعية والنظامية.
[12] - الفصل 29 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
[13] الفصل 39 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
[14] - مليكة الصروخ: مرجع سابق.
[15] - الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية.
[16] - الفصول 446، 554، 232 من القانون الجنائي المغربي.
[17] - رضوان بوجمعة مرجع سابق،ص:63.
[18] - حميد أبولاس: تدبير الموارد البشرية- نموذج الإدارة الجماعاتية-، دار القلم، طبعة أولى،2005،ص:58.
[19] - عبد الله شنفار: الإدارة المغربية ومتطلبات التنمية.م.م.ا.م.م، دار النشر المغربية، البيضاء، طبعةI، 2000، ص:92.
[20] - رضوان بوجمعة: مرجع سابق، ص:419-420.
[21] - رضوان بوجمعة: مرجع سابق،ص:286.
[22] - رضوان بوجمعة: مرجع سابق،ص:67.
[23] - رضوان بوجمعة: مرجع سابق،ص:69.
[24] - محمد حسن النعيمي: السلوك البشري ودوره في الإصلاح الإداري – دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع- الرباط، طبعة أولى، ص:359.
[25] - علي سدجاري: الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث. مكتبة عالم الفكر، الرباط،1995، ص:139.
[26] - علي سادجاري: نفس المرجع،ص:142.
[27] - الفصل 48 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية والمرسوم التطبيقي 25 فبراير 1961.
[28] - الفصل 64 من نفس القانون.
[29] - علي سدجاري: مرجع سابتق ص: 144.
[30] - Redouan BOUJEMA: le fonctionnaire marocain. AL MADARISS- Casablanca .ed 1,1989, P:83
[31] - محمد حسن النعيمي: مرجع سابق،ص:176-177.
[32] -نفس المرجع ،ص:358.
[33] - نفس المرجع ص:178.
[34] - زكي محمود هاشم: الإدارة العلمية – وكالة المطبوعات – الكويت، الطبعة الثالثة،1981،ص:229.
[35] - نفس المرجع ص:230.
[36] - عبد الحق عقلة: تأملات حول بعض مجالات علم الإدارة- دار القلم- الرباط، الطبعة 1،2004،ص:69.