سنحاول من خلال هذه الورقة ملامسة اشكالية انقضاء الضمانات العينية و الشخصية للحساب بالاطلاع في اطار الفقرة الاخيرة من المادة 498 من مدونة التجارة
فعلى ضوء التعريفات التشريعية والفقهية يمكن القول أن عقد الحساب بالاطلاع يتميز بخصائص مهمة تميزه عن غيره من العقود التجارية إذ يحكمه مبدأ الاستمرارية والتجريد، والمقاصة المتميزة، بل حتى انقضاء الضمانات العينية والشخصية المرتبطة بالدين، حيث إدخال المدفوع إلى جدول عقد الحساب بالاطلاع، مما يطرح تساؤلات حول خصوصية عقد الحساب الجاري وأثرها على نظام الضمانات وكذا الأثر المترتبة على هذا الانقضاء على مستوى مراكز الأطراف
فإذا كانت القاعدة أن دخول الدين الذي يمثل المدفوع إلى الحساب بالاطلاع يفقد طبيعته الأصلية بفعل الاثر التجديدي (الفصل 498 من م ت فقرة أولى) فإن السؤال يطرح حول طبيعة انقضاء الضمانات العينية والشخصية موضوع الفقرة الثانية من الفصل أعلاه،
ولتحديد هذه الطبيعة لابد من إعمال قواعد ومبادئ الحساب بالاطلاع، للوقوف على خصوصية انقضاء الضمانات العينية والشخصية في إطار الحساب بالاطلاع.
وقبل ذلك يمكن التساؤل حول مدى جرأة البنك في تقييد الدين المشمول بضمان في إطار الحساب بالاطلاع وهو يعلم مسبقا أنه بهذا التقييد يفقد ضمانات مهمة، اللهم إذا اتفق مع الزبون على خلاف ذلك.
المبحث الأول
مفهوم الضمانات البنكية
تعد الضمانات البنكية وسيلة فعالة لتفعيل فكرة الائتمان إذ تمنح الثقة بين العميل البنك وحتى المستفيد، وبالتالي تكريس عنصر الائتمان والسرعة اللذين تقوم عليهما التجارة.
حيث أنه في الحياة العلمية والتي يغلب فيها الجانب الاعتبارات الاقتصادية نجد أن فكرة الائتمان ليست إلا القوة الجاذبة نحو رؤوس الأموال المملوكة للغير وذلك على أساس من الثقة في إمكانية استردادها.
وأمام هذه العلاقة المتشبعة في منح البنك للزبون ائتمان (المطلب الأول) من أجل تسيير عملية من عمليات القرض أو التمويل، فإن هذا البنك وأمام نظرية إدارة المخاطر كان لابد من أن يحصل من عملية على ضمانات عكسية تقوي مركزه المالي و القانوني(المطلب الثاني).
المطلب الأول: الضمانات الممنوحة من البنك
من المبادئ المقررة في القانون المدني الذي يجعل جميع أموال المدين ضمانا عاما لدائنيه من خلال ما ورد في الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود المغربي لكن هذه الأموال قد لا تكفي لاستيفاء هؤلاء الدائنين لديونهم، لذلك ظهرت بعض التأمينات الخاصة التي يستطيع بواسطتها الدائن من ناحية تأمين دينه ومن ناحية أخرى تلافي غش المدين وإهماله، فظهرت الكفالة البنكية وتأمين الائتمان الذي يعد عقد بمقتضاه يقوم الدائن بدفع أقساط للمؤمن مقابل ضمان هذا الأخير لمخاطر الائتمان أي المخاطر التي تهدد الدائن من جراء عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه وذلك من أجل تقوية مركز المدين لكسب ثقة دائنيه.
أما الكفالة فهي عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام المدين، إذ لم يؤيديه هذا الأخير نفسه، وإذا كانت الكفالة في الأصل عقدا مدنيا يتم إبرامه بين أشخاص عاديين في الغالب، فإن تطور الحياة المدنية وما صاحب هذا التطور من توسيع مجال التجارة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي،، قد أفرز تزايد الطلب على هذا النوع من الضمانات الشخصية.
وقد آثرنا تعريف مؤسسة تأمين الائتمان لتمييزه عن الكفالة كصورة من صور الضمانات البنكية الشخصية، وبذلك فإن أهم اختلاف بين المؤسستين يكمن في غياب حق رجوع المؤمن على المدين لأن المؤمن حين يدفع بلغ الدين الخطر فهو ينفذ التزامه المستقل في عقد التأمين، وهذا بخلاف الكفيل، فالتزامه تابع، وإذا أدى دين المدين، فهو يملك الحلول محل الدائن في جميع حقوقه التي له في مواجهة المدين.
وإذا كنت الكفالة البنكية من أهم صور الضمانات الممنوحة من طرف البنك للمستفيد، فإن هناك مجموعة من الآليات محل تساؤل وذلك من قبيل الإنابة القاصرة، خطاب الضمان الائتمان الإيجاري، شرط الاحتفاظ بالملكية.
وعلى العموم فإننا حاولنا أن نبين بإيجاز بسيط بعض صور الضمانات الممنوحة من طرف البنك، وما يهمنا في هذا البحث هو مصير الضمانات المقدمة من طرف العميل للبنك في إطار علاقة الحساب بالاطلاع
المطلب الثاني: الضمانات الممنوحة من طرف العميل:
في هذا الصدد سنعرض على التوالي لدور من الضمانات الشخصية العينية وعرض صورها في نطاق الائتمان دون الخوض في التفصيلات الفنية والأنظمة الثانوية الخاصة بها.
الفقرة الأولى: الضمانات الشخصية
يعرف الفقيه عبد الرزاق أحمد السنهوري الضمانات الشخصية، أنها "ضم ذمة أو أكثر إلى ذمة المدين الأصلي فيصبح للدائن بدلا من مدين واحد مدينان أو أكثر، كلهم مسؤولون عن الدين إما في وقت واحد أو على التعاقب.
فالدائن هنا له دين شخصي في ذمة المدين ويريد أن يطمئن لاستيفائه كالكفالة، ويتصور هنا أن يطلبها البنك من الزبون الذي يطلب كفالة من كفيل ملء الذمة من أجل أن يضمنه أمام البنك، وذلك من أجل أن يمنحه أداة للثقة والائتمان فيطالب الكفيل بأن يحل محل المدين عن إعساره، وهذا الكفيل لابد من أن يتوفر على الوسائل اللازمة لتحقيق قدرته على تقديم التأمينات الكافية لدائنه من عناصر يسر وملاءة.
بالإضافة إلى الكفالة التي تعد من الضمانات الشخصية يوجد هناك حق الحبس، حيث يحبس الدائن ما تحت يد للمدين حتى يستوفي حقه،ويرى الفقيه السنهوري أن حق الحبس هو أقرب إلى الضمانات العينية منه إلى الضمانات الشخصية، ومرد ذلك إلى كونه حق مقترن بحق التقدم وحق التتبع، ونفس الاتجاه كذلك سار عليه بعض من الفقه الفرنسي بحيث اقر بعينية حق الحبس.
أما بالنسبة لموقف القانون المغربي، فإن قانون الالتزامات والعقود لم يحسم مسألة التكييف القانوني لحق الحبس وذلك نتيجة للظروف الزمنية التي صدر فيها هذا القانون.
الفقرة الثانية: الضمانات العينية
يقصد بالضمانات العينية تلك الضمانات التي تمنح سلطة مباشرة لشخص على شيء معين بالذات وتشترك في كونها تعد بمثابة استئثار يتقرر لشخص على شيء مادي معين أو على قيمة مالية معينة يخوله القيام بأعمال معينة بالنسبة لهذا الشيء أو الاستفادة منه تحقيقا لمصلحة يقررها القانون دون حاجة إلى تدخل شخص آخر.
وتنقسم الضمانات العينية إلى ضمانات عينية واردة على منقول وضمانات عينية واردة على عقار.
أولاً: الضمانات العينية الواردة على المنقول:
إن من أهم هذه الصور الرهن الحيازي، لكن هناك ضمانات واردة على منقول يمكن أن تقم دون حيازته.
·الرهن الحيازي للمنقول:
يقوم بصفة أساسية على نقل الحيازة إلى الدائن المرتهن أو إلى أي شخص أجنبي يعنيه المتعاقدان، وهذا ما كرسته المادة 1170 من ق ل ع: "الرهن الحيازي عقد بمقتضاه يخصص المدين أو أحد من الغير يعمل لمصلحته شيئا منقولا أو عقاريا أو حقا معنويا لضمان الالتزام، وه يمنح الدائن حق استيفاء دينه من هذا الشيء بالأسبقية على جميع الدائنين الآخرين إذا لم يف له المدين".
وبالتالي يتبين أن الرهن الحيازي هو بمثابة اتفاق بين كل من المدين والدائن على تسليم شيء لهذا الأخير يتم بموجبه تخويل حق الحبس لهذا الشيء إلى حين استيفاء دينه.
ويشير الرهن القائم على المنقول عدة إشكالات خصوصا على مستوى المنقولات المعنوية (العلامة التجارية، رهن الأصل التجاري) إذ غالبا ما يتم تقييد هذا الرهن وإشهاره بدل حيازته
ثانيا: الضمانات العينية الواردة على العقار وما في حكمه
في هذا المجال إن الرهن الرسمي يعتبر قمة من حيث الصياغة الفنية وكذلك من حيث الضمان حيث أن في الرهن الرسمي يحتفظ الراهن باستغلال الشيء المرهون من إدارة واستعمال واستغلال.
أما بالنسبة للدائن المرتهن يعتبر الرهن الرسمي ضمانا حيث يخول له حق التقدم والتتبع، ونظراً لأهمية دور الرهن الرسمي في نطاق الائتمان فقد امتد إلى بعض المقولات وبصفة خاصة منقولات ذات طبيعة خاصة (السفن، الأصل التجاري، الطائرات...).
كان هذا تفصيلا موجزا وبسيطا لمفهوم الضمانات العينية والشخصية في إطار العلاقة المتبادلة بين الدائن والبنك، ونظراً للخصوصيات البنكية والتجارية والحساب بالاطلاع (التجاري) على الخصوص، فإننا سنتطرق لمصير هذه الضمانات وفق مدونة التجارة المغربية لسنة 1996 ولاسيما المادة 498 منه ومدى ملائمتها لروح القانون البنكي رقم 34.03 الخاص بمؤسسات الائتمان والذي يعد قطب رحى النظام العام الاقتصادي وإدارة المخاطر البنكية.
المبحث الثاني
أثار قواعد الحساب بالاطلاع على الضمانات العينية والشخصية
على ضوء التعريفات التشريعية والفقهية يمكن القول أن عقد الحساب بالاطلاع يتميز بخصائص مهمة تميزه عن غيره من العقود التجارية إذ يحكمه مبدأ الاستمرارية والتجريد، والمقاصة المتميزة، بل حتى انقضاء الضمانات العينية والشخصية المرتبطة بالدين، حيث إدخال المدفوع إلى جدول عقد الحساب بالاطلاع، مما يطرح تساؤلات حول خصوصية عقد الحساب الجاري وأثرها على نظام الضمانات (المطلب الأول) وكذا الأثر المترتبة على هذا الانقضاء على مستوى الأطراف (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تغيير طبيعة المدفوع
إذا كانت القاعدة أن دخول الدين الذي يمثل المدفوع إلى الحساب بابا لاطلاع بفقد طبيعته الأصلية بفعل الاثر التجديدي (الفصل 498 من م ت فقرة أولى) فإن السؤال يطرح حول طبيعة انقضاء الضمانات العينية والشخصية موضوع الفقرة الثانية من الفصل أعلاه، ولتحديد هذه الطبيعة لابد من إعمال قواعد ومبادئ الحساب بالاطلاع، للوقوف على خصوصية انقضاء الضمانات العينية والشخصية في إطار الحساب بالاطلاع.
وقبل ذلك يمكن التساؤل حول مدى جرأة البنك في تقييد الدين المشمول بضمان في إطار الحساب بالاطلاع وهو يعلم مسبقا أنه بهذا التقييد بفقد ضمانات مهمة، إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك.
الفقرة الأولى: نظرية التحول إلى دين تجاري
حيث أن هذا التحول المقرر بمقتضى المادة 498 م ت ينشئ رابطة قانونية جديدة، لأن التزام القابض لم يعد ناشئا عن عقد الوكالة، بل عن عقد الحساب الجاري.
وبناءا على ذلك فإن العلاقة تكون مستقلة بين الدين قبل دخوله الحساب وبعد دخوله الحساب، فلو كان مدنيا أو دينيا اجتماعيا، يتحول إلى دين تجاري تطبق عليه القواعد التجارية من تقادم ومقاصة وتضامن وحرية الإثبات، وصعوبات المقاولة وعلى العموم جميع واعد الحساب الجاري الاتفاقية والقانونية.
ويعتبر هذا التحول ضروريا من أجل فتح المجال للمقاصة السريعة والمتتابعة التي لا يمكن أن تقوم بدورها دون تحول الديون الأصلية إلى مفردات حسابية مجزأة بين الجانبين الدائن والمدين.
وعلى العموم فإن التجديدي أو التحول في إطار الحساب بالاطلاع ليس هو نفسه الذي يتم في إطار القانون المدني، فإذا كان التجديدي في إطار هذا الأخير يتعلق بالتزام يحل الالتزام الجديد محل الالتزام القديم فإنه في إطار عقد الحساب الجاري يتعلق بانقضاء الدين الأصلي ليحل محله مفرد حسابي.
وبناءا عليه وتطبيقا لفكرة أو مبدأ عدم تجزئة مدفوعات الحساب الجاري فإن الضمانات تفقد هي الأخرى ذاتيتها وتستقضي ولا يمكن استخراج دين بصفة مستقلة موضوع ضمانة ما.
الفقرة الثانية: تطبيق القواعد والأعراف البنكية
فعلى مستوى تقادم فلا يمكن إعمال مدة تقادم الدين الأصلي بما فيه ضمانات لأنه من مظاهر التحول أو التغيير الذي يصيب الدين هوو عدم خضوعه للتقادم الذي كان يسري قبل دخوله الحساب بل يصبح خاضعا للتقادم في إطار الحساب الجاري.
وتطبيقا لهذا فإذا كان الدين القديم الذي أدرج في الحساب الجاري ثابتا في ورقة تجارية فإنه يطلب من التقادم الصرف التابع لهذه الورقة.
أما على مستوى الفوائد، فإننا نعتقد أن دخول الدين إلى الحساب الجاري سيوقف لا محالة الفوائد والثمار التي كان يجنيها أو يستخلصها من خلال الضمانات التي كانت تأمين هذا الدين في إطار العلاقة خارج الحساب بالاطلاع.
وبالتالي فإن تطبيق العرف البنكي، قد يتضمن خروجا لبعض النصوص التشريع المدني ولو كانت آمرة.
وفي اعتقادنا المتواضع أن هذا التطبيق قد يشكل تعسفا من جانب البنك أو تحايلا من المجموعات المهنية للبنوك للتحايل على الزبناء أ إخضاعهم لعقود إذعان أو المعاملات يجهلونها، وبالتالي وجب على مؤسسات مراقبة الائتمان أن تشمل مراقبتها الأعراف والعادات البنكية وتسجلها على لا تدفع البنوك بقانونية تصرف ما هو في غير محله.
ويرى بعض الفقه أنه يجب على من يتمسك بحكم عادة اتفاقية أن يقيم الدليل على وجودها وفي اعتقادنا أنه يكفي أن يتم استصدار شهادة من المجموعة المهنية لبنوك بوجود هذه العادة من عدمه مع تحفظنا على وجوب إقرار رقابة صارمة في هذا الشأن.
المطلب الثاني: فقدان ضمانات ودعاوى هذا المدفوع
إن إقرار مبدأ التجديدي (كما سبق وتوصلنا أنه تجديدي من نوع خاص على خلاف التجديدي في إطار المادة المدنية) يترتب عليه في إطار الأعراف والعادات البنكية أن يفقد الدين الأصلي دعاويه التي تضمنه (الفقرة الأولى) وتنقضي الضمانات تبعا لذلك بمقتضى القانون (الفقرة الثانية) ال... إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك حسب الفقرة الأخيرة من المادة 498 م.ت.
وبالتالي يكون م أعطاه المشرع بيده اليمين قد سليه بيده اليسرى حينما قام بإعطاء الحق على اتفاق الأطراف في استثناء القاعدة، وكما هو معلوم ففي إطار علاقة الإذعان بين البنك والزبون فإنه لن يكون أمامه سوى الخضوع لسلطة البنك.
الفقرة الأولى: الاتفاق على عدم إدخال الديون المضمونة إلى الحساب الجاري
حيث إن للأطراف في إطار الحرية التعاقدية أن يتفقا على إيجاد الديون المضمونة بتأمينات اتفاقية أو قانونية من حظيرة الحساب بالاطلاع.
ويفهم من ذلك أن دخول الديون الأصلية إلى الحساب الجاري يترتب زوال التأمينات المصاحبة لهذه الديون لأن تقييد الدين هنا يترتب عليه الأثر التجديدي.
وفي اعتقادنا أن البنك يقوم بهذه السلطة بناء على وضعية أن يكون التأمين أعلى من الرصيد المؤقت ويترتب عن ذلك بطلان الضمانات خوصا في فترة الريبة في إطار مساطر صعوبات المقاولة.
على العموم فهذه الحالة هي الصورة العامة لعقد الحساب بالاطلاع
الفقرة الثانية: انتقال الضمانات لرصيد الحساب
إذا كانت المادة 355 من ق ل ع إلى الدين الذي يحل محله إلا إذا احتفظن به صراحة..." فيتمنى اعتبار الرصيد الذي سيسفر عليه الحساب بالاطلاع (الجاري به دينا جديدا يحق للطرفين الاتفاق على ضمانات الدين القديم لضمانه.
وهو ما سارت عليه صراحة المادة 498 م ت، وفي هذا الإطار يتجدر الإشارة إلى أن تحويل ضمانات الدين القديم إلى رصيد الحساب الجاري لا يمكن أ، يتم تلقائيا، بل لابد من الاتفاق على ذلك.
أما على مستوى القضاء الفرنسي فقد دأب على اعتبار انقضاء الضمانات قاعدة عامة ومطلقة تطبق على جميع الضمانات باختلاف أنواعها تار مع ذلك المجال للطرفين للاتفاق على خلاف ذلك.
خاتمة
من خلال هذه الدراسة المتواضعة فإننا نلاحظ أن الفصل 498 م ت لاسيما الفقرة الأخيرة منه تكريس إعطاء البنك ضمانات قوية في إطار الحساب بالاطلاع وذلك بطريقة ضمنية.
وفي اعتقادنا أن المشرع قد أراد بهذه الحماية الأبناك لمؤسسات للائتمان تساهم في الاقتصاد الوطني وقد تنافس المستهلك الزبون الطرف الضعيف إلى اتجهت التشريعات الحديثة إلى حمايته.
ونسجل أن اتفاق الأطراف على خلاف إدخال الضمانات إلى الحساب الجاري يهدم مبدأ الأثر التجديدي للحساب بالاطلاع الذي تغنت به الفقرة الأولى من المادة 498 م ت.
وفي الختام نأمل أن يتوسع المشرع في تحديد نظام قانوني فعال ومفصل للحساب الجاري وإعمال مبادئ تكرس نظام عام وذلك للحيلولة دون هدم عنصر الائتمان والثقة باتجاه المؤسسات البنكية وتشجيع الزبون على المعاملة في إطار هذا الحساب لما يوفره من سرعة واقتصاد في الوقت وتوفير سيولة وإقرار فكرة ائتمان تجاري قوية بين المتعاملين.
لائحة المراجع
·نبيل ابراهيم أسعد: "نحو قانون خاص بالائتمان، منشأة المعارف بالإسكندرية، سنة الطبع غير مذكورة
·عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني،التأمينات العينية والشخصية "الجزء العاشر منشأة المعارف الإسكندرية 2004.
·محمد جنكل: العمليات البنكية غير المباشرة" طبعة 2009.
·مصطفى حقيقي: "حق الحبس وأثره على المراكز القانونية للدائنين" ملخص عام أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق شعبتي القانون الخاص جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة سنة 2000-2001.
·حياة حجي، نظام الضمانات وقانون صعوبات المقاولة، دراسة مقارنة- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط السنة 2009-2010.
·عبد الرحيم المودن، النظام القانوني لعقد الحساب الجاري البنكي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد الخامس أكدال كلية العلوم القانونية الرباط، السنة 2003-2004.
·مصطفى كمال طه، القانون التجاري، دار الجامعة للنشر 1995.
·أحمد محمود جمعة: مبدأ عدم تجزئة مدفوعات الحساب الجاري في الفقه والقضاء، دراسة مقارنة منشأة المعارف بالإسكندرية السنة غير مكورة.
·محمد صبري، الائتمان البنكي، مسؤولية البنك المدنية عند تجاوز أذون الاعتمادات
فعلى ضوء التعريفات التشريعية والفقهية يمكن القول أن عقد الحساب بالاطلاع يتميز بخصائص مهمة تميزه عن غيره من العقود التجارية إذ يحكمه مبدأ الاستمرارية والتجريد، والمقاصة المتميزة، بل حتى انقضاء الضمانات العينية والشخصية المرتبطة بالدين، حيث إدخال المدفوع إلى جدول عقد الحساب بالاطلاع، مما يطرح تساؤلات حول خصوصية عقد الحساب الجاري وأثرها على نظام الضمانات وكذا الأثر المترتبة على هذا الانقضاء على مستوى مراكز الأطراف
فإذا كانت القاعدة أن دخول الدين الذي يمثل المدفوع إلى الحساب بالاطلاع يفقد طبيعته الأصلية بفعل الاثر التجديدي (الفصل 498 من م ت فقرة أولى) فإن السؤال يطرح حول طبيعة انقضاء الضمانات العينية والشخصية موضوع الفقرة الثانية من الفصل أعلاه،
ولتحديد هذه الطبيعة لابد من إعمال قواعد ومبادئ الحساب بالاطلاع، للوقوف على خصوصية انقضاء الضمانات العينية والشخصية في إطار الحساب بالاطلاع.
وقبل ذلك يمكن التساؤل حول مدى جرأة البنك في تقييد الدين المشمول بضمان في إطار الحساب بالاطلاع وهو يعلم مسبقا أنه بهذا التقييد يفقد ضمانات مهمة، اللهم إذا اتفق مع الزبون على خلاف ذلك.
المبحث الأول
مفهوم الضمانات البنكية
تعد الضمانات البنكية وسيلة فعالة لتفعيل فكرة الائتمان إذ تمنح الثقة بين العميل البنك وحتى المستفيد، وبالتالي تكريس عنصر الائتمان والسرعة اللذين تقوم عليهما التجارة.
حيث أنه في الحياة العلمية والتي يغلب فيها الجانب الاعتبارات الاقتصادية نجد أن فكرة الائتمان ليست إلا القوة الجاذبة نحو رؤوس الأموال المملوكة للغير وذلك على أساس من الثقة في إمكانية استردادها.
وأمام هذه العلاقة المتشبعة في منح البنك للزبون ائتمان (المطلب الأول) من أجل تسيير عملية من عمليات القرض أو التمويل، فإن هذا البنك وأمام نظرية إدارة المخاطر كان لابد من أن يحصل من عملية على ضمانات عكسية تقوي مركزه المالي و القانوني(المطلب الثاني).
المطلب الأول: الضمانات الممنوحة من البنك
من المبادئ المقررة في القانون المدني الذي يجعل جميع أموال المدين ضمانا عاما لدائنيه من خلال ما ورد في الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود المغربي لكن هذه الأموال قد لا تكفي لاستيفاء هؤلاء الدائنين لديونهم، لذلك ظهرت بعض التأمينات الخاصة التي يستطيع بواسطتها الدائن من ناحية تأمين دينه ومن ناحية أخرى تلافي غش المدين وإهماله، فظهرت الكفالة البنكية وتأمين الائتمان الذي يعد عقد بمقتضاه يقوم الدائن بدفع أقساط للمؤمن مقابل ضمان هذا الأخير لمخاطر الائتمان أي المخاطر التي تهدد الدائن من جراء عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه وذلك من أجل تقوية مركز المدين لكسب ثقة دائنيه.
أما الكفالة فهي عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام المدين، إذ لم يؤيديه هذا الأخير نفسه، وإذا كانت الكفالة في الأصل عقدا مدنيا يتم إبرامه بين أشخاص عاديين في الغالب، فإن تطور الحياة المدنية وما صاحب هذا التطور من توسيع مجال التجارة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي،، قد أفرز تزايد الطلب على هذا النوع من الضمانات الشخصية.
وقد آثرنا تعريف مؤسسة تأمين الائتمان لتمييزه عن الكفالة كصورة من صور الضمانات البنكية الشخصية، وبذلك فإن أهم اختلاف بين المؤسستين يكمن في غياب حق رجوع المؤمن على المدين لأن المؤمن حين يدفع بلغ الدين الخطر فهو ينفذ التزامه المستقل في عقد التأمين، وهذا بخلاف الكفيل، فالتزامه تابع، وإذا أدى دين المدين، فهو يملك الحلول محل الدائن في جميع حقوقه التي له في مواجهة المدين.
وإذا كنت الكفالة البنكية من أهم صور الضمانات الممنوحة من طرف البنك للمستفيد، فإن هناك مجموعة من الآليات محل تساؤل وذلك من قبيل الإنابة القاصرة، خطاب الضمان الائتمان الإيجاري، شرط الاحتفاظ بالملكية.
وعلى العموم فإننا حاولنا أن نبين بإيجاز بسيط بعض صور الضمانات الممنوحة من طرف البنك، وما يهمنا في هذا البحث هو مصير الضمانات المقدمة من طرف العميل للبنك في إطار علاقة الحساب بالاطلاع
المطلب الثاني: الضمانات الممنوحة من طرف العميل:
في هذا الصدد سنعرض على التوالي لدور من الضمانات الشخصية العينية وعرض صورها في نطاق الائتمان دون الخوض في التفصيلات الفنية والأنظمة الثانوية الخاصة بها.
الفقرة الأولى: الضمانات الشخصية
يعرف الفقيه عبد الرزاق أحمد السنهوري الضمانات الشخصية، أنها "ضم ذمة أو أكثر إلى ذمة المدين الأصلي فيصبح للدائن بدلا من مدين واحد مدينان أو أكثر، كلهم مسؤولون عن الدين إما في وقت واحد أو على التعاقب.
فالدائن هنا له دين شخصي في ذمة المدين ويريد أن يطمئن لاستيفائه كالكفالة، ويتصور هنا أن يطلبها البنك من الزبون الذي يطلب كفالة من كفيل ملء الذمة من أجل أن يضمنه أمام البنك، وذلك من أجل أن يمنحه أداة للثقة والائتمان فيطالب الكفيل بأن يحل محل المدين عن إعساره، وهذا الكفيل لابد من أن يتوفر على الوسائل اللازمة لتحقيق قدرته على تقديم التأمينات الكافية لدائنه من عناصر يسر وملاءة.
بالإضافة إلى الكفالة التي تعد من الضمانات الشخصية يوجد هناك حق الحبس، حيث يحبس الدائن ما تحت يد للمدين حتى يستوفي حقه،ويرى الفقيه السنهوري أن حق الحبس هو أقرب إلى الضمانات العينية منه إلى الضمانات الشخصية، ومرد ذلك إلى كونه حق مقترن بحق التقدم وحق التتبع، ونفس الاتجاه كذلك سار عليه بعض من الفقه الفرنسي بحيث اقر بعينية حق الحبس.
أما بالنسبة لموقف القانون المغربي، فإن قانون الالتزامات والعقود لم يحسم مسألة التكييف القانوني لحق الحبس وذلك نتيجة للظروف الزمنية التي صدر فيها هذا القانون.
الفقرة الثانية: الضمانات العينية
يقصد بالضمانات العينية تلك الضمانات التي تمنح سلطة مباشرة لشخص على شيء معين بالذات وتشترك في كونها تعد بمثابة استئثار يتقرر لشخص على شيء مادي معين أو على قيمة مالية معينة يخوله القيام بأعمال معينة بالنسبة لهذا الشيء أو الاستفادة منه تحقيقا لمصلحة يقررها القانون دون حاجة إلى تدخل شخص آخر.
وتنقسم الضمانات العينية إلى ضمانات عينية واردة على منقول وضمانات عينية واردة على عقار.
أولاً: الضمانات العينية الواردة على المنقول:
إن من أهم هذه الصور الرهن الحيازي، لكن هناك ضمانات واردة على منقول يمكن أن تقم دون حيازته.
·الرهن الحيازي للمنقول:
يقوم بصفة أساسية على نقل الحيازة إلى الدائن المرتهن أو إلى أي شخص أجنبي يعنيه المتعاقدان، وهذا ما كرسته المادة 1170 من ق ل ع: "الرهن الحيازي عقد بمقتضاه يخصص المدين أو أحد من الغير يعمل لمصلحته شيئا منقولا أو عقاريا أو حقا معنويا لضمان الالتزام، وه يمنح الدائن حق استيفاء دينه من هذا الشيء بالأسبقية على جميع الدائنين الآخرين إذا لم يف له المدين".
وبالتالي يتبين أن الرهن الحيازي هو بمثابة اتفاق بين كل من المدين والدائن على تسليم شيء لهذا الأخير يتم بموجبه تخويل حق الحبس لهذا الشيء إلى حين استيفاء دينه.
ويشير الرهن القائم على المنقول عدة إشكالات خصوصا على مستوى المنقولات المعنوية (العلامة التجارية، رهن الأصل التجاري) إذ غالبا ما يتم تقييد هذا الرهن وإشهاره بدل حيازته
ثانيا: الضمانات العينية الواردة على العقار وما في حكمه
في هذا المجال إن الرهن الرسمي يعتبر قمة من حيث الصياغة الفنية وكذلك من حيث الضمان حيث أن في الرهن الرسمي يحتفظ الراهن باستغلال الشيء المرهون من إدارة واستعمال واستغلال.
أما بالنسبة للدائن المرتهن يعتبر الرهن الرسمي ضمانا حيث يخول له حق التقدم والتتبع، ونظراً لأهمية دور الرهن الرسمي في نطاق الائتمان فقد امتد إلى بعض المقولات وبصفة خاصة منقولات ذات طبيعة خاصة (السفن، الأصل التجاري، الطائرات...).
كان هذا تفصيلا موجزا وبسيطا لمفهوم الضمانات العينية والشخصية في إطار العلاقة المتبادلة بين الدائن والبنك، ونظراً للخصوصيات البنكية والتجارية والحساب بالاطلاع (التجاري) على الخصوص، فإننا سنتطرق لمصير هذه الضمانات وفق مدونة التجارة المغربية لسنة 1996 ولاسيما المادة 498 منه ومدى ملائمتها لروح القانون البنكي رقم 34.03 الخاص بمؤسسات الائتمان والذي يعد قطب رحى النظام العام الاقتصادي وإدارة المخاطر البنكية.
المبحث الثاني
أثار قواعد الحساب بالاطلاع على الضمانات العينية والشخصية
على ضوء التعريفات التشريعية والفقهية يمكن القول أن عقد الحساب بالاطلاع يتميز بخصائص مهمة تميزه عن غيره من العقود التجارية إذ يحكمه مبدأ الاستمرارية والتجريد، والمقاصة المتميزة، بل حتى انقضاء الضمانات العينية والشخصية المرتبطة بالدين، حيث إدخال المدفوع إلى جدول عقد الحساب بالاطلاع، مما يطرح تساؤلات حول خصوصية عقد الحساب الجاري وأثرها على نظام الضمانات (المطلب الأول) وكذا الأثر المترتبة على هذا الانقضاء على مستوى الأطراف (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تغيير طبيعة المدفوع
إذا كانت القاعدة أن دخول الدين الذي يمثل المدفوع إلى الحساب بابا لاطلاع بفقد طبيعته الأصلية بفعل الاثر التجديدي (الفصل 498 من م ت فقرة أولى) فإن السؤال يطرح حول طبيعة انقضاء الضمانات العينية والشخصية موضوع الفقرة الثانية من الفصل أعلاه، ولتحديد هذه الطبيعة لابد من إعمال قواعد ومبادئ الحساب بالاطلاع، للوقوف على خصوصية انقضاء الضمانات العينية والشخصية في إطار الحساب بالاطلاع.
وقبل ذلك يمكن التساؤل حول مدى جرأة البنك في تقييد الدين المشمول بضمان في إطار الحساب بالاطلاع وهو يعلم مسبقا أنه بهذا التقييد بفقد ضمانات مهمة، إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك.
الفقرة الأولى: نظرية التحول إلى دين تجاري
حيث أن هذا التحول المقرر بمقتضى المادة 498 م ت ينشئ رابطة قانونية جديدة، لأن التزام القابض لم يعد ناشئا عن عقد الوكالة، بل عن عقد الحساب الجاري.
وبناءا على ذلك فإن العلاقة تكون مستقلة بين الدين قبل دخوله الحساب وبعد دخوله الحساب، فلو كان مدنيا أو دينيا اجتماعيا، يتحول إلى دين تجاري تطبق عليه القواعد التجارية من تقادم ومقاصة وتضامن وحرية الإثبات، وصعوبات المقاولة وعلى العموم جميع واعد الحساب الجاري الاتفاقية والقانونية.
ويعتبر هذا التحول ضروريا من أجل فتح المجال للمقاصة السريعة والمتتابعة التي لا يمكن أن تقوم بدورها دون تحول الديون الأصلية إلى مفردات حسابية مجزأة بين الجانبين الدائن والمدين.
وعلى العموم فإن التجديدي أو التحول في إطار الحساب بالاطلاع ليس هو نفسه الذي يتم في إطار القانون المدني، فإذا كان التجديدي في إطار هذا الأخير يتعلق بالتزام يحل الالتزام الجديد محل الالتزام القديم فإنه في إطار عقد الحساب الجاري يتعلق بانقضاء الدين الأصلي ليحل محله مفرد حسابي.
وبناءا عليه وتطبيقا لفكرة أو مبدأ عدم تجزئة مدفوعات الحساب الجاري فإن الضمانات تفقد هي الأخرى ذاتيتها وتستقضي ولا يمكن استخراج دين بصفة مستقلة موضوع ضمانة ما.
الفقرة الثانية: تطبيق القواعد والأعراف البنكية
فعلى مستوى تقادم فلا يمكن إعمال مدة تقادم الدين الأصلي بما فيه ضمانات لأنه من مظاهر التحول أو التغيير الذي يصيب الدين هوو عدم خضوعه للتقادم الذي كان يسري قبل دخوله الحساب بل يصبح خاضعا للتقادم في إطار الحساب الجاري.
وتطبيقا لهذا فإذا كان الدين القديم الذي أدرج في الحساب الجاري ثابتا في ورقة تجارية فإنه يطلب من التقادم الصرف التابع لهذه الورقة.
أما على مستوى الفوائد، فإننا نعتقد أن دخول الدين إلى الحساب الجاري سيوقف لا محالة الفوائد والثمار التي كان يجنيها أو يستخلصها من خلال الضمانات التي كانت تأمين هذا الدين في إطار العلاقة خارج الحساب بالاطلاع.
وبالتالي فإن تطبيق العرف البنكي، قد يتضمن خروجا لبعض النصوص التشريع المدني ولو كانت آمرة.
وفي اعتقادنا المتواضع أن هذا التطبيق قد يشكل تعسفا من جانب البنك أو تحايلا من المجموعات المهنية للبنوك للتحايل على الزبناء أ إخضاعهم لعقود إذعان أو المعاملات يجهلونها، وبالتالي وجب على مؤسسات مراقبة الائتمان أن تشمل مراقبتها الأعراف والعادات البنكية وتسجلها على لا تدفع البنوك بقانونية تصرف ما هو في غير محله.
ويرى بعض الفقه أنه يجب على من يتمسك بحكم عادة اتفاقية أن يقيم الدليل على وجودها وفي اعتقادنا أنه يكفي أن يتم استصدار شهادة من المجموعة المهنية لبنوك بوجود هذه العادة من عدمه مع تحفظنا على وجوب إقرار رقابة صارمة في هذا الشأن.
المطلب الثاني: فقدان ضمانات ودعاوى هذا المدفوع
إن إقرار مبدأ التجديدي (كما سبق وتوصلنا أنه تجديدي من نوع خاص على خلاف التجديدي في إطار المادة المدنية) يترتب عليه في إطار الأعراف والعادات البنكية أن يفقد الدين الأصلي دعاويه التي تضمنه (الفقرة الأولى) وتنقضي الضمانات تبعا لذلك بمقتضى القانون (الفقرة الثانية) ال... إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك حسب الفقرة الأخيرة من المادة 498 م.ت.
وبالتالي يكون م أعطاه المشرع بيده اليمين قد سليه بيده اليسرى حينما قام بإعطاء الحق على اتفاق الأطراف في استثناء القاعدة، وكما هو معلوم ففي إطار علاقة الإذعان بين البنك والزبون فإنه لن يكون أمامه سوى الخضوع لسلطة البنك.
الفقرة الأولى: الاتفاق على عدم إدخال الديون المضمونة إلى الحساب الجاري
حيث إن للأطراف في إطار الحرية التعاقدية أن يتفقا على إيجاد الديون المضمونة بتأمينات اتفاقية أو قانونية من حظيرة الحساب بالاطلاع.
ويفهم من ذلك أن دخول الديون الأصلية إلى الحساب الجاري يترتب زوال التأمينات المصاحبة لهذه الديون لأن تقييد الدين هنا يترتب عليه الأثر التجديدي.
وفي اعتقادنا أن البنك يقوم بهذه السلطة بناء على وضعية أن يكون التأمين أعلى من الرصيد المؤقت ويترتب عن ذلك بطلان الضمانات خوصا في فترة الريبة في إطار مساطر صعوبات المقاولة.
على العموم فهذه الحالة هي الصورة العامة لعقد الحساب بالاطلاع
الفقرة الثانية: انتقال الضمانات لرصيد الحساب
إذا كانت المادة 355 من ق ل ع إلى الدين الذي يحل محله إلا إذا احتفظن به صراحة..." فيتمنى اعتبار الرصيد الذي سيسفر عليه الحساب بالاطلاع (الجاري به دينا جديدا يحق للطرفين الاتفاق على ضمانات الدين القديم لضمانه.
وهو ما سارت عليه صراحة المادة 498 م ت، وفي هذا الإطار يتجدر الإشارة إلى أن تحويل ضمانات الدين القديم إلى رصيد الحساب الجاري لا يمكن أ، يتم تلقائيا، بل لابد من الاتفاق على ذلك.
أما على مستوى القضاء الفرنسي فقد دأب على اعتبار انقضاء الضمانات قاعدة عامة ومطلقة تطبق على جميع الضمانات باختلاف أنواعها تار مع ذلك المجال للطرفين للاتفاق على خلاف ذلك.
خاتمة
من خلال هذه الدراسة المتواضعة فإننا نلاحظ أن الفصل 498 م ت لاسيما الفقرة الأخيرة منه تكريس إعطاء البنك ضمانات قوية في إطار الحساب بالاطلاع وذلك بطريقة ضمنية.
وفي اعتقادنا أن المشرع قد أراد بهذه الحماية الأبناك لمؤسسات للائتمان تساهم في الاقتصاد الوطني وقد تنافس المستهلك الزبون الطرف الضعيف إلى اتجهت التشريعات الحديثة إلى حمايته.
ونسجل أن اتفاق الأطراف على خلاف إدخال الضمانات إلى الحساب الجاري يهدم مبدأ الأثر التجديدي للحساب بالاطلاع الذي تغنت به الفقرة الأولى من المادة 498 م ت.
وفي الختام نأمل أن يتوسع المشرع في تحديد نظام قانوني فعال ومفصل للحساب الجاري وإعمال مبادئ تكرس نظام عام وذلك للحيلولة دون هدم عنصر الائتمان والثقة باتجاه المؤسسات البنكية وتشجيع الزبون على المعاملة في إطار هذا الحساب لما يوفره من سرعة واقتصاد في الوقت وتوفير سيولة وإقرار فكرة ائتمان تجاري قوية بين المتعاملين.
لائحة المراجع
·نبيل ابراهيم أسعد: "نحو قانون خاص بالائتمان، منشأة المعارف بالإسكندرية، سنة الطبع غير مذكورة
·عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني،التأمينات العينية والشخصية "الجزء العاشر منشأة المعارف الإسكندرية 2004.
·محمد جنكل: العمليات البنكية غير المباشرة" طبعة 2009.
·مصطفى حقيقي: "حق الحبس وأثره على المراكز القانونية للدائنين" ملخص عام أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق شعبتي القانون الخاص جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة سنة 2000-2001.
·حياة حجي، نظام الضمانات وقانون صعوبات المقاولة، دراسة مقارنة- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط السنة 2009-2010.
·عبد الرحيم المودن، النظام القانوني لعقد الحساب الجاري البنكي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد الخامس أكدال كلية العلوم القانونية الرباط، السنة 2003-2004.
·مصطفى كمال طه، القانون التجاري، دار الجامعة للنشر 1995.
·أحمد محمود جمعة: مبدأ عدم تجزئة مدفوعات الحساب الجاري في الفقه والقضاء، دراسة مقارنة منشأة المعارف بالإسكندرية السنة غير مكورة.
·محمد صبري، الائتمان البنكي، مسؤولية البنك المدنية عند تجاوز أذون الاعتمادات