نص المقرر التحكيمي:
نحن الأستاذ المحامي بهيئة مراكش أصدرنا بصفتنا محكما بمكتبنا المقرر التحكيمي الآتي نصه بين:
السيد (أ) النائب عنه الأستاذ (ج) محامي بهيئة مراكش.
من جهة/
وبين شركة (ب) الممثلة بواسطة المتصرف القانوني باسمها، الكائن مقرها الاجتماعي بمراكش.
من جهة أخرى/
الوقائع:
بناء على الأمر الصادر عن السيد رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 9/3/2010 والقاضي بتعييني محكما للبت في النزاع القائم بين المدعي والمدعى عليها، وذلك بناء على المقال المرفوع للسيد رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش والذي فتح له ملف استعجالي المشار إليه أعلاه، ذلك المقال الذي يعرض فيه الطالب أنه عمل لدى المدعى عليها منذ تاريخ 25/08/2003 كمسؤول إداري مكلف بالاستقبال وتعذر الوصول إلى حل النزاع وديا، لذلك يلتمس من المحكمة في إطار البنذ 11 من عقدة الشغل تعيين محكم موحد، وبناء على ذلك صدر الأمر الاستعجالي الذي عينت محكما واحدا في النزاع المذكور.
الإجراءات:
فور توصلي بالأمر القضائي الذي عينت بمقتضاه محكما المشار له أعلاه وجهت بتاريخ 11/11/2010 رسالة إخبارية لطرفي النزاع ادعوهم فيها ليحضور لمكتبي مصحوبين بجميع الوثائق التي ينوون استعمالها، حيث توصل الطرفان معا برسالتي، إذ توصل المدعي بتاريخ 15/11/2010 والمدعى عليها توصلت بتاريخ 12/11/2010.
وبتاريخ 07/02/2011 توصل مكتبي بمذكرة التعويضات تحت إمضاء محامي المدعي -المرفقة بعقد العمل وبورقة الأداء عن شهر شتنبر 2007 المحررة في مطبوع يحمل إسم المشغلة التي تثبت أنه يتقاضى أجرا مبلغه 4025 درهم لا الأجر المحدد في عقدة الشغل ومبلغه 2500 درهم شهريا-، مطالبا فيها بالتعويض عن مهلة الإخطار والتعويض عن الرخصة السنوية وعن الأعياد والراحة الأسبوعية وعن الفصل من العمل ثم التعويض عن الضرر ما مجموعه 81242 درهم وكذا تسليمه شهادة العمل.
ونظرا لتوصل المدعى عليها بصفة قانونية وعدم حضورها اعتبرنا الملف جاهزا للبت فيه.
المنطوق:
تطبيقا للحكم الصادر في الملف الاستعجالي الذي عينت بمقتضاه محكما محكما في النازلة، وبناء على وثائق الملف ودفوعات الأطراف.
نحكم على المشغلة بأن تؤدي للعامل مبلغ 71242 درهم و48 سنتيم تعويضا عن أجل الإخطار والفصل والضرر والعطلة السنوية مع الحكم على المشغلة بأن تسلم للعامل شهادة العمل تتضمن ما ينص عليه القانون ورفض ما زاد على ذلك من الطلبات.
التـعـلـيـق:
يثير المقرر التحكيمي الصادر عن المحكم -محامي بهيئة مراكش- بتاريخ 8 فبراير 2011 في المادة الاجتماعية، لمدى إمكانية حل النزاع القائم بين المشغل والأجير بواسطة التحكيم كآلية بديلة لحل المنازعات، كما يطرح مسألة الأساس الذي اعتمدته الهيئة التحكيمية لإقرار التعويض المستحق للأجير.
يتبين من خلال وقائع القضية التي جاء فيها أن المدعي (الأجير)، كان يشتغل لدى المدعى عليها منذ تاريخ 30/11/2009 كمسؤول إداري مكلف بالاستقبال بمبلغ 4025 درهم الثابتة في ورقة الأداء لشهر شتنبر سنة 2007، إلا أنه بتاريخ 30/11/2009 توقفت علاقة شغله، ورغم محاولات حل النزاع بشكل حبي مع المشغلة والتي باءت بالفشل، قام العارض بالتماس تطبيق البند 11 من عقدة الشغل، الذي يقضي باستصدار أمر من رئيس المحكمة الابتدائية لتعيين محكم للفصل في النزاع بينهما، وهذا ما حصل بالفعل بموجب الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 9/3/2010 في الملف عدد 49/4/2010، والقاضي بتعيين المحكم المذكور يكلف بنظر النزاع المعروض عليه.
ومن خلال وقائع القضية يتضح أن المشكل القانوني يتعلق بما إذا كان من حق طرفي عقد الشغل -المشغلة والأجير- الاحتكام إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ بينهما الذي قد يؤدي إلى فصل الأجير عن شغله؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فإنه يحق لنا أن نتساءل عن مدى أحقية الأجير في استحقاق التعويضات المحكوم بها والمستندة على الأجر المؤدى للأجير فعليا لا الأجر المتفق عليه بين الطرفين في عقدة الشغل؟
في محاولة منا للإجابة عن الإشكالات المطروحة، واستنادا إلى العناصر الواردة في المقرر التحكيمي، فإننا ارتأينا معالجته وفقا لما يلي:
الفقرة الأولى: القيمة القانونية للمقرر التحكيمي الصادر في نزاعات الشغل الفردية
ظلت مسألة التحكيم في نزاعات الشغل الفردية محل جدل وتضارب بين المهتمين في هذا المجال، الأمر الذي قد ينعكس إيجابا أو سلبا على وضعية طرفي عقد الشغل، خصوصا الأجير الذي خصه التدخل التشريعي لسنة 2004 بحماية واسعة، مما يفرض علينا -ولو بشكل مقتضب- بيان المواقف التي تداخلت بخصوص هذه المسألة، لنخلص إلى بيان ما إذا كان الحكم التحكيمي الذي بين أيدي القارئ الكريم صحيحا من الناحية القانونية.
أولا: تضارب الآراء بشأن مدى إمكانية التحكيم في نزاعات الشغل الفردية من عدمه
من الملاحظ اليوم أن التحكيم كآلية بديلة لحل المنازعات أصبح وسيلة فعالة في إنهاء الخلافات التي تنشب بين الأفراد، نظرا لما يحققه من مزايا بالنسبة لأطرافه مقارنة مع قضاء الدولة (القضاء الرسمي)، كبساطة إجراءاته، سرعة البت، كفاءة قضاته وسرية الجلسات .
إذن فهل سيستفيد أطراف عقد الشغل (الأجير والمشغلة في نازلة الحال) من هذه المزايا؟
يرى الجانب القائل بجواز التحكيم في نزاعات الشغل الفردية القائمة بين المشغل والأجير أنه ليس هناك ما يمنع أن تكون هذه الأخيرة -أي النزاعات- محل اتفاق التحكيم، مستندين إلى مجموعة من المقاييس، من بينها أن نزاعات الشغل الفردية لا تتعارض مع التحكيم آخذين في الاعتبار أن اختصاص النظر في الشغل لا يتعلق بالنظام العام، كما استندوا إلى العبارة المطلقة التي جاءت بها الفقرة الأولى من الفصل 308 ق.م.م التي تنص على أنه: "يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق التحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ...". علاوة على أن مشرع مدونة الشغل لم يستثن نزاعات الشغل الفردية من التحكيم في حديثه عن هذه الإمكانية في نزاعات الشغل الجماعية بمقتضى المادة 127 من قانون 65.99 المتعلق بمدونة الشغل والتي تحيل على المادة 550 من المدونة التي تنص على أنه: "تسوى نزاعات الشغل الجماعية وفق مسطرة التصالح والتحكيم المنصوص عليها في هذا الشأن". ومن شأن هذا التنصيص أن يفتح المجال أمام أطراف عقد الشغل لإعمال هذه المقتضيات حتى بالنسبة للنزاعات الفردية .
وظهر في الواجهة تيار آخر يعارض ما ذهب إليه أصحاب الاتجاه الأول، إذ يرى أنصاره أنه لا يجوز التحكيم في مثل هذه النزاعات، نظرا لكون مشرع مدونة الشغل خصّ الأجير -الطرف الضعيف في عقد الشغل- بمجموعة من الضمانات التشريعية، هذا علاوة على أن المسائل المتعلقة بالشغل من النظام العام .
ويعد الرأي الأول في نظرنا هو الأرجح لاعتبارين أساسيين:
الاعتبار الأول: وهو أن قانون 08.05 لم يصدر ليطبق على المعاملات التجارية فحسب، بل ليطبق حتى في مجال المعاملات المدنية لأهميته في هذا الميدان، ودليل ذلك أن الاستثناءات الواردة في المواد 308 و309 و310 واردة على سبيل الحصر وليس من بينها نزاعات الشغل الفردية.
الاعتبار الثاني: بالنظر للبساطة والسرعة التي يتميز بها التحكيم، يمكن حل النزاع بين طرفي عقد الشغل بشكل يمكن كل طرف من اقتضاء حقوقه محل النزاع دون كشف الغير عن ذلك.
ثانيا: مدى صحة الحكم التحكيمي موضوع التعليق
بعد أن تطرقنا للتضارب في آراء المهتمين بشأن التحكيم في نزاعات الشغل الفردية وانضم رأينا إلى من يقول بجواز التحكيم في هذه النزاعات، سنتعرض لحالة الحكم التحكيمي موضوع التعليق وبيان مدى احترامه لمقتضيات القانون الإجرائي المغربي.
بالعودة إلى مقتضيات الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية نجده يعرف التحكيم بكونه حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم.
من هذا الفصل يستنتج أن الهيئة التحكيمية لا تبت في النزاع إلا إذا كان هناك اتفاق التحكيم الذي قد يتخذ إما شكل عقد التحكيم أو شرط التحكيم.
ولما كان عقد العمل الذي يربط الأجير بمشغلته يتضمن بنذا (البنذ 11) ينص على أن النزاعات التي قد تنشأ عن عقد الشغل الرابط بينهما تُحلّ عن طريق التحكيم بعد استصدار أمر من رئيس المحكة يقضي بتعيين محكم يفصل في النزاع.
ولما كان المقرر التحكيمي قد استند فيه المحكم على هذا الشرط (شرط التحكيم)، فإن المقرر التحكيمي الوارد أعلاه يعد صحيحا من الناحية الشكلية.
وعليه، فبناء على ما سبق يتضح أن الحكم التحكيمي صحيحا من الناحية القانونية حائزا لقوة القضية المقضية وملزما لأطرافه بمجرد صدوره.
الفقرة الثانية: مدى أحقية الأجير في استحقاق التعويضات المستندة على الأجر الفعلي لا الاتفاقي
باستقرائنا لوقائع المقرر التحكيمي -أعلاه-، يتضح أن أجر الأجير المتفق عليه بين هذا الأخير والمشغلة هو 2500 درهم شهريا وهو الثابت بمقتضى العقد المرفق بمقال العارض، غير أن الأجر الحقيقي الذي يتقاضاه الأجير مقابل شغله هو 4025 درهم، وهو الأجر الثابت بمقتضى ورقة الأداء لشهر شتنبر لسنة 2007.
وفي هذا الصدد أثرنا مسألة الأجر المعتمد في احتساب التعويضات، أهو الأجر الاتفاقي والوارد في عقد الشغل أم الأجر الحقيقي والفعلي الذي يتقاضاه الأجير، وذلك لمعرفة مدى أحقية الأجير في استحقاق التويضات المحكوم بها.
بخصوص هذه المسألة، يرى بعض الفقه أن القاعدة المقررة هي أن الأجر لا يؤدى إلا مقابل العمل الفعلي من طرف الأجير لا الأجر الاتفاقي، وبالتالي ليس من مصلحة المنقطع عن العمل أن يقاضي المشغل لأداء الأجر الثابت بمقتضى العقد، وإنما الأجر الفعلي الذي يؤديه المشغل للأجير .
وقد سبق لمحكمة النقض المغربية أن أكدت على هذه القاعدة -قاعدة احتساب التعويضات على أساس الأجر الفعلي لا الأجر الاتفاقي- في العديد من القرارات، من بينها ما جاء به القرار رقم 192 الصادر بتاريخ 11/02/2009 الذي جاء فيه: "لكن وخلافا لما ورد بالوسيلة، وكما ورد في تعليل القرار المطعون فيه، فإن الأجر لا يستحقه الطالب إلا عن عمله الفعلي كما هو مقرر في الفصل 723 من ق.ل.ع ..." .
وجاء في قرار آخر، عدد 192 صادر بتاريخ 11/2/2009، ما يلي: "وحيث ثبت صدق ما عابه السببان المستدل بهما على القرار، ذلك أنه بمقتضى عقد التشغيل، فإن الأجر المتفق عليه بمقتضاه يتكون من عنصرين، أجر ثابت محدد في مبلغ 314.000 درهم وأجر متحرك مبني على مجموع العمولات التي يحققها لفائدة مشغلته ... ولما كان الحكم المؤيد في هذا الجانب لم يعتمد على الأجر الحقيقي الذي يتقاضاه الأجير من مشغلته وحصره في 11.000 درهم دون بيان الأساس الذي اعتمده للوصول إلى هذه النتيجة مما يجعل باقي التعويضات المستحقة للأجير والمبنية على ما يتقاضاه من أجر شهر غير مطابقة للواقع ..." .
وبالاطلاع على المقتضيات المنظمة للأجر في مدونة الشغل نجد أن المشرع لم يتطرق بصفة صريحة إلى الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه تعويضات الأجير أهو الأجر الفعلي أم الأجر الوارد في عقدة الشغل، وإن كان أشار إلى ذلك بصفة ضمنية في المواد المنظمة للأجر ضمن مدونة الشغل (القسم الخامس المواد من 345 إلى 395 من مدونة الشغل).
عموما يمكن القول أن المقرر التحكيمي -استنادا إلى المعطيات التي أوردناها بشأن الأجر المعتمد لحساب التعويضات- الذي استند على ورقة الأداء في احتساب التعويضات يكون قد صادف الصواب، وبالتالي أحقية الأجير في استحقاق التعويضات المحكوم بها والمحدد في 71242 درهم و48 سنتيم.
نحن الأستاذ المحامي بهيئة مراكش أصدرنا بصفتنا محكما بمكتبنا المقرر التحكيمي الآتي نصه بين:
السيد (أ) النائب عنه الأستاذ (ج) محامي بهيئة مراكش.
من جهة/
وبين شركة (ب) الممثلة بواسطة المتصرف القانوني باسمها، الكائن مقرها الاجتماعي بمراكش.
من جهة أخرى/
الوقائع:
بناء على الأمر الصادر عن السيد رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 9/3/2010 والقاضي بتعييني محكما للبت في النزاع القائم بين المدعي والمدعى عليها، وذلك بناء على المقال المرفوع للسيد رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش والذي فتح له ملف استعجالي المشار إليه أعلاه، ذلك المقال الذي يعرض فيه الطالب أنه عمل لدى المدعى عليها منذ تاريخ 25/08/2003 كمسؤول إداري مكلف بالاستقبال وتعذر الوصول إلى حل النزاع وديا، لذلك يلتمس من المحكمة في إطار البنذ 11 من عقدة الشغل تعيين محكم موحد، وبناء على ذلك صدر الأمر الاستعجالي الذي عينت محكما واحدا في النزاع المذكور.
الإجراءات:
فور توصلي بالأمر القضائي الذي عينت بمقتضاه محكما المشار له أعلاه وجهت بتاريخ 11/11/2010 رسالة إخبارية لطرفي النزاع ادعوهم فيها ليحضور لمكتبي مصحوبين بجميع الوثائق التي ينوون استعمالها، حيث توصل الطرفان معا برسالتي، إذ توصل المدعي بتاريخ 15/11/2010 والمدعى عليها توصلت بتاريخ 12/11/2010.
وبتاريخ 07/02/2011 توصل مكتبي بمذكرة التعويضات تحت إمضاء محامي المدعي -المرفقة بعقد العمل وبورقة الأداء عن شهر شتنبر 2007 المحررة في مطبوع يحمل إسم المشغلة التي تثبت أنه يتقاضى أجرا مبلغه 4025 درهم لا الأجر المحدد في عقدة الشغل ومبلغه 2500 درهم شهريا-، مطالبا فيها بالتعويض عن مهلة الإخطار والتعويض عن الرخصة السنوية وعن الأعياد والراحة الأسبوعية وعن الفصل من العمل ثم التعويض عن الضرر ما مجموعه 81242 درهم وكذا تسليمه شهادة العمل.
ونظرا لتوصل المدعى عليها بصفة قانونية وعدم حضورها اعتبرنا الملف جاهزا للبت فيه.
المنطوق:
تطبيقا للحكم الصادر في الملف الاستعجالي الذي عينت بمقتضاه محكما محكما في النازلة، وبناء على وثائق الملف ودفوعات الأطراف.
نحكم على المشغلة بأن تؤدي للعامل مبلغ 71242 درهم و48 سنتيم تعويضا عن أجل الإخطار والفصل والضرر والعطلة السنوية مع الحكم على المشغلة بأن تسلم للعامل شهادة العمل تتضمن ما ينص عليه القانون ورفض ما زاد على ذلك من الطلبات.
التـعـلـيـق:
يثير المقرر التحكيمي الصادر عن المحكم -محامي بهيئة مراكش- بتاريخ 8 فبراير 2011 في المادة الاجتماعية، لمدى إمكانية حل النزاع القائم بين المشغل والأجير بواسطة التحكيم كآلية بديلة لحل المنازعات، كما يطرح مسألة الأساس الذي اعتمدته الهيئة التحكيمية لإقرار التعويض المستحق للأجير.
يتبين من خلال وقائع القضية التي جاء فيها أن المدعي (الأجير)، كان يشتغل لدى المدعى عليها منذ تاريخ 30/11/2009 كمسؤول إداري مكلف بالاستقبال بمبلغ 4025 درهم الثابتة في ورقة الأداء لشهر شتنبر سنة 2007، إلا أنه بتاريخ 30/11/2009 توقفت علاقة شغله، ورغم محاولات حل النزاع بشكل حبي مع المشغلة والتي باءت بالفشل، قام العارض بالتماس تطبيق البند 11 من عقدة الشغل، الذي يقضي باستصدار أمر من رئيس المحكمة الابتدائية لتعيين محكم للفصل في النزاع بينهما، وهذا ما حصل بالفعل بموجب الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 9/3/2010 في الملف عدد 49/4/2010، والقاضي بتعيين المحكم المذكور يكلف بنظر النزاع المعروض عليه.
ومن خلال وقائع القضية يتضح أن المشكل القانوني يتعلق بما إذا كان من حق طرفي عقد الشغل -المشغلة والأجير- الاحتكام إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ بينهما الذي قد يؤدي إلى فصل الأجير عن شغله؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فإنه يحق لنا أن نتساءل عن مدى أحقية الأجير في استحقاق التعويضات المحكوم بها والمستندة على الأجر المؤدى للأجير فعليا لا الأجر المتفق عليه بين الطرفين في عقدة الشغل؟
في محاولة منا للإجابة عن الإشكالات المطروحة، واستنادا إلى العناصر الواردة في المقرر التحكيمي، فإننا ارتأينا معالجته وفقا لما يلي:
الفقرة الأولى: القيمة القانونية للمقرر التحكيمي الصادر في نزاعات الشغل الفردية
ظلت مسألة التحكيم في نزاعات الشغل الفردية محل جدل وتضارب بين المهتمين في هذا المجال، الأمر الذي قد ينعكس إيجابا أو سلبا على وضعية طرفي عقد الشغل، خصوصا الأجير الذي خصه التدخل التشريعي لسنة 2004 بحماية واسعة، مما يفرض علينا -ولو بشكل مقتضب- بيان المواقف التي تداخلت بخصوص هذه المسألة، لنخلص إلى بيان ما إذا كان الحكم التحكيمي الذي بين أيدي القارئ الكريم صحيحا من الناحية القانونية.
أولا: تضارب الآراء بشأن مدى إمكانية التحكيم في نزاعات الشغل الفردية من عدمه
من الملاحظ اليوم أن التحكيم كآلية بديلة لحل المنازعات أصبح وسيلة فعالة في إنهاء الخلافات التي تنشب بين الأفراد، نظرا لما يحققه من مزايا بالنسبة لأطرافه مقارنة مع قضاء الدولة (القضاء الرسمي)، كبساطة إجراءاته، سرعة البت، كفاءة قضاته وسرية الجلسات .
إذن فهل سيستفيد أطراف عقد الشغل (الأجير والمشغلة في نازلة الحال) من هذه المزايا؟
يرى الجانب القائل بجواز التحكيم في نزاعات الشغل الفردية القائمة بين المشغل والأجير أنه ليس هناك ما يمنع أن تكون هذه الأخيرة -أي النزاعات- محل اتفاق التحكيم، مستندين إلى مجموعة من المقاييس، من بينها أن نزاعات الشغل الفردية لا تتعارض مع التحكيم آخذين في الاعتبار أن اختصاص النظر في الشغل لا يتعلق بالنظام العام، كما استندوا إلى العبارة المطلقة التي جاءت بها الفقرة الأولى من الفصل 308 ق.م.م التي تنص على أنه: "يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق التحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ...". علاوة على أن مشرع مدونة الشغل لم يستثن نزاعات الشغل الفردية من التحكيم في حديثه عن هذه الإمكانية في نزاعات الشغل الجماعية بمقتضى المادة 127 من قانون 65.99 المتعلق بمدونة الشغل والتي تحيل على المادة 550 من المدونة التي تنص على أنه: "تسوى نزاعات الشغل الجماعية وفق مسطرة التصالح والتحكيم المنصوص عليها في هذا الشأن". ومن شأن هذا التنصيص أن يفتح المجال أمام أطراف عقد الشغل لإعمال هذه المقتضيات حتى بالنسبة للنزاعات الفردية .
وظهر في الواجهة تيار آخر يعارض ما ذهب إليه أصحاب الاتجاه الأول، إذ يرى أنصاره أنه لا يجوز التحكيم في مثل هذه النزاعات، نظرا لكون مشرع مدونة الشغل خصّ الأجير -الطرف الضعيف في عقد الشغل- بمجموعة من الضمانات التشريعية، هذا علاوة على أن المسائل المتعلقة بالشغل من النظام العام .
ويعد الرأي الأول في نظرنا هو الأرجح لاعتبارين أساسيين:
الاعتبار الأول: وهو أن قانون 08.05 لم يصدر ليطبق على المعاملات التجارية فحسب، بل ليطبق حتى في مجال المعاملات المدنية لأهميته في هذا الميدان، ودليل ذلك أن الاستثناءات الواردة في المواد 308 و309 و310 واردة على سبيل الحصر وليس من بينها نزاعات الشغل الفردية.
الاعتبار الثاني: بالنظر للبساطة والسرعة التي يتميز بها التحكيم، يمكن حل النزاع بين طرفي عقد الشغل بشكل يمكن كل طرف من اقتضاء حقوقه محل النزاع دون كشف الغير عن ذلك.
ثانيا: مدى صحة الحكم التحكيمي موضوع التعليق
بعد أن تطرقنا للتضارب في آراء المهتمين بشأن التحكيم في نزاعات الشغل الفردية وانضم رأينا إلى من يقول بجواز التحكيم في هذه النزاعات، سنتعرض لحالة الحكم التحكيمي موضوع التعليق وبيان مدى احترامه لمقتضيات القانون الإجرائي المغربي.
بالعودة إلى مقتضيات الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية نجده يعرف التحكيم بكونه حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم.
من هذا الفصل يستنتج أن الهيئة التحكيمية لا تبت في النزاع إلا إذا كان هناك اتفاق التحكيم الذي قد يتخذ إما شكل عقد التحكيم أو شرط التحكيم.
ولما كان عقد العمل الذي يربط الأجير بمشغلته يتضمن بنذا (البنذ 11) ينص على أن النزاعات التي قد تنشأ عن عقد الشغل الرابط بينهما تُحلّ عن طريق التحكيم بعد استصدار أمر من رئيس المحكة يقضي بتعيين محكم يفصل في النزاع.
ولما كان المقرر التحكيمي قد استند فيه المحكم على هذا الشرط (شرط التحكيم)، فإن المقرر التحكيمي الوارد أعلاه يعد صحيحا من الناحية الشكلية.
وعليه، فبناء على ما سبق يتضح أن الحكم التحكيمي صحيحا من الناحية القانونية حائزا لقوة القضية المقضية وملزما لأطرافه بمجرد صدوره.
الفقرة الثانية: مدى أحقية الأجير في استحقاق التعويضات المستندة على الأجر الفعلي لا الاتفاقي
باستقرائنا لوقائع المقرر التحكيمي -أعلاه-، يتضح أن أجر الأجير المتفق عليه بين هذا الأخير والمشغلة هو 2500 درهم شهريا وهو الثابت بمقتضى العقد المرفق بمقال العارض، غير أن الأجر الحقيقي الذي يتقاضاه الأجير مقابل شغله هو 4025 درهم، وهو الأجر الثابت بمقتضى ورقة الأداء لشهر شتنبر لسنة 2007.
وفي هذا الصدد أثرنا مسألة الأجر المعتمد في احتساب التعويضات، أهو الأجر الاتفاقي والوارد في عقد الشغل أم الأجر الحقيقي والفعلي الذي يتقاضاه الأجير، وذلك لمعرفة مدى أحقية الأجير في استحقاق التويضات المحكوم بها.
بخصوص هذه المسألة، يرى بعض الفقه أن القاعدة المقررة هي أن الأجر لا يؤدى إلا مقابل العمل الفعلي من طرف الأجير لا الأجر الاتفاقي، وبالتالي ليس من مصلحة المنقطع عن العمل أن يقاضي المشغل لأداء الأجر الثابت بمقتضى العقد، وإنما الأجر الفعلي الذي يؤديه المشغل للأجير .
وقد سبق لمحكمة النقض المغربية أن أكدت على هذه القاعدة -قاعدة احتساب التعويضات على أساس الأجر الفعلي لا الأجر الاتفاقي- في العديد من القرارات، من بينها ما جاء به القرار رقم 192 الصادر بتاريخ 11/02/2009 الذي جاء فيه: "لكن وخلافا لما ورد بالوسيلة، وكما ورد في تعليل القرار المطعون فيه، فإن الأجر لا يستحقه الطالب إلا عن عمله الفعلي كما هو مقرر في الفصل 723 من ق.ل.ع ..." .
وجاء في قرار آخر، عدد 192 صادر بتاريخ 11/2/2009، ما يلي: "وحيث ثبت صدق ما عابه السببان المستدل بهما على القرار، ذلك أنه بمقتضى عقد التشغيل، فإن الأجر المتفق عليه بمقتضاه يتكون من عنصرين، أجر ثابت محدد في مبلغ 314.000 درهم وأجر متحرك مبني على مجموع العمولات التي يحققها لفائدة مشغلته ... ولما كان الحكم المؤيد في هذا الجانب لم يعتمد على الأجر الحقيقي الذي يتقاضاه الأجير من مشغلته وحصره في 11.000 درهم دون بيان الأساس الذي اعتمده للوصول إلى هذه النتيجة مما يجعل باقي التعويضات المستحقة للأجير والمبنية على ما يتقاضاه من أجر شهر غير مطابقة للواقع ..." .
وبالاطلاع على المقتضيات المنظمة للأجر في مدونة الشغل نجد أن المشرع لم يتطرق بصفة صريحة إلى الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه تعويضات الأجير أهو الأجر الفعلي أم الأجر الوارد في عقدة الشغل، وإن كان أشار إلى ذلك بصفة ضمنية في المواد المنظمة للأجر ضمن مدونة الشغل (القسم الخامس المواد من 345 إلى 395 من مدونة الشغل).
عموما يمكن القول أن المقرر التحكيمي -استنادا إلى المعطيات التي أوردناها بشأن الأجر المعتمد لحساب التعويضات- الذي استند على ورقة الأداء في احتساب التعويضات يكون قد صادف الصواب، وبالتالي أحقية الأجير في استحقاق التعويضات المحكوم بها والمحدد في 71242 درهم و48 سنتيم.