يعتبر العمران شاهدا على التطور الفكري والاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده مختلف الحضارات وعلى مر العصور. وهو كما يقول عنه ابن خلدون دلالة على نمط الحياة بشكل عام. من هذا الباب كان لابد من العمل على حماية هذا العمران بكل الوسائل، ولعل سن قوانين تنظم مجال التعمير وتحافظ على سلامته تدخل في هذا السياق.
وفي المغرب عرف قطاع التعمير والبناء زخما وكما هائلا من القوانين المنظمة له، ابتداءا من ظهير 30 شتنبر1952، بشأن التجزئات والتقسيمات العقارية، وصولا الى القانون 66.12 المتعلق بزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء الذي صدر منذ ثلاث سنوات تقريبا. واليوم نجد أنفسنا امام قانون جديد يتعلق بإجراءات وكيفيات منح رخص الإصلاح والتسوية والهدم وهو موضوع مقالنا هذا، حيث سنحاول القيام بقراءة في المواد 6 و7 و9 المضمنة في الفصل الثاني المتعلق برخصة التسوية المتعلقة بالبنايات غير القانونية لما لهذه الرخصة من أهمية بالغة في تسوية وضعية البنايات الغير القانونية.
وقبل الشروع في قراء المواد لا بأس من التذكير بان المقصود بالبنايات الغير قانونية هي كل بناية أنجزت أشغالها دون الحصول مسبقا على رخصة البناء المتعلقة بها؛ وكذا كل بناية أنجزت أشغالها، بعد الحصول على رخصة البناء، دون التقيد بمضمون الوثائق والمستندات التي سلمت على أساساها هذه الرخصة.
ما يجعل هذا الشرط بالنسبة لنا بمثابة شرط تعجيزي، وهو أن هذا المرسوم جاء تقريبا بعد 3 سنوات من صدور القانون 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء. والذي ينص في بابه الرابع على المقتضيات الزجرية والعقوبات الزجرية بخصوص المخالفات المرتكبة في مجال التعمير والبناء. حيث نجده في المادة 64 والمادة 67 من هذا الباب يتحدث عن تحرير لمحضر مخالفة في حق المخالف وكذا إعطاء امر فوري لإيقاف الأشغال في حينه للمخالف. وبالتالي كيف يمكننا التعامل مع البنايات التي تم تحرير محضر مخالفة في شانها في ظل الثلاث سنوات المنصرمة. الا أذا كان المشرع يبتغي فقط ان تتم تسوية وضعية البنايات التي سوف يتم تشييدها داخل السنتين عمر سريان هذا المرسوم. وهذا أيضا أمر صعب لأننا سوف نجد أنفسنا امام إكراه واجب ضباط الشرطة القضائية الذي يحتم عليهم تحرير محاضر المخالفة وتوجيهه الى وكيل الملك في اجل أقصاه ثلاث أيام وعدم تحرير محضر مخالفة كشرط لتسوية الوضعية القانونية للبنايات. وفي هذه الحال يصبحون كشركاء في الجريمة مادام المحضر يخضع لأحكام المادة 24 من القانون الجنائي.
غير انه وبحسب رأينا، ان المشرع عندما قام بفرض اللجوء الى مسطرة طلب رخصة البناء عند عدم الالتزام بالمقتضيات المذكورة أعلاه عوض اللجوء الى مسطرة طلب رخصة التسوية، فقد بدى الامر وكأنه تكريس للبيروقراطية الإدارية وتعقيد في المساطر. حيث أن الأصل في طلب رخصة التسوية هو تسوية وضعية بناية لم تحترم المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعمير والتي حددها في المادة 9 من هذا المرسوم، ورجوعا إلى هذه المقتضيات نجد أن المشرع وبحصره للمقتضيات في أربع مقتضيات فقط، وكان من الأحرى أن يقول " تسلم رخصة التسوية بعد التحقق من ان البناية تستوفي الشروط والضوابط المتضمنة في وثائق التعمير وضوابط البناء." لأنه لا يمكن أن نفاضل بين المخالفات في ميدان التعمير.
وكذلك مادامت اللجنة التي تقوم بدارسة طلبات الرخص والتي تتكون من أعضاء ممثلين عن: العمالة او الإقليم؛ الجماعة؛ والوكالة الحضرية (المادة 22 من ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق) هي لجنة واحدة ولم يتم التمييز بين اللجنة التي ستقوم بدراسة طلبات رخص البناء واللجنة التي ستقوم بدراسة طلبات رخص التسوية. لأجل ذلك نرى أن الأمر سوف يثقل كاهل المواطن ونحن نعي جيدا الصعوبات والمشاكل التي تطرح سواء أثناء دراسة الملفات أو عند الرغبة في الحصول على الرخص من المجالس الجماعية.
في نفس السياق وحسب المادة 9 من المرسوم، فإن الموافقة على طلب رخصة البناء بعد انجاز التغييرات المذكورة وفق البيانات المضمنة في رخصة البناء، تخول لطالب الرخصة الحق في تسلم رخصة تسوية وضعية البناية. هذه الأخيرة التي ستحل محل رخصة السكن أو شهادة المطابقة المنصوص عليها في المادة 55 من القانون رقم 12.99 المتعلق بالتعمير.
وبالتالي نجد أنفسنا امام سؤال كبير وهو هل ستحل هذه اللجنة محل اللجنة التي حددها ضابط البناء والمتكونة من العمالة؛ والجماعة. بالإضافة الى كل من يرى رئيس المجلس فائدة في الاسترشاد برأيه. (المادة 49 من ضابط البناء العام). وهو ما سكتت عنه مواد المرسوم ولم توضحه صراحة. فواقع الحال والممارسة الميدانية تجيب بانه في جميع الحالات التي يسكت فيها القانون ولا يعبر صراحة عن الجهة المانحة للتراخيص، تقع العديد من التجاوزات وإن تكن بغير قصد.
يبقى المشكل الرئيسي الذي نجده وكلما صدر قانون يخص التعمير الى حيز الوجود هو تلك التناقضات التي تحملها سطور هذا القانون، وصعوبة تكييفه مع واقع الحال وطبيعة المجتمع المغربي وكذا تغييب الفاعلين الرئيسيين في هذا المجال أثناء الإعداد لمثل هذه القوانين. فقانون التعمير نعتبره قانونا مجتمعيا لا يمكن لأناس بعيدين عن الممارسة الميدانية وبعيدين عن المشاكل التي تعوق دراسة الملفات بشكل جيد، أن تكون لهم القدرة على اخراج قانون يجب على الإشكالات التي يعرفها هذا القطاع الحساس.
وفي المغرب عرف قطاع التعمير والبناء زخما وكما هائلا من القوانين المنظمة له، ابتداءا من ظهير 30 شتنبر1952، بشأن التجزئات والتقسيمات العقارية، وصولا الى القانون 66.12 المتعلق بزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء الذي صدر منذ ثلاث سنوات تقريبا. واليوم نجد أنفسنا امام قانون جديد يتعلق بإجراءات وكيفيات منح رخص الإصلاح والتسوية والهدم وهو موضوع مقالنا هذا، حيث سنحاول القيام بقراءة في المواد 6 و7 و9 المضمنة في الفصل الثاني المتعلق برخصة التسوية المتعلقة بالبنايات غير القانونية لما لهذه الرخصة من أهمية بالغة في تسوية وضعية البنايات الغير القانونية.
وقبل الشروع في قراء المواد لا بأس من التذكير بان المقصود بالبنايات الغير قانونية هي كل بناية أنجزت أشغالها دون الحصول مسبقا على رخصة البناء المتعلقة بها؛ وكذا كل بناية أنجزت أشغالها، بعد الحصول على رخصة البناء، دون التقيد بمضمون الوثائق والمستندات التي سلمت على أساساها هذه الرخصة.
- المادة 7 من المرسوم والتي جاءت كما يلي " لا يقبل طلب الحصول على رخصة التسوية إذا كانت البناية المعنية قد تم تحرير محضر مخالفة بشانها وفقا لأحكام المادة 66 من القانون رقم 12.90 المشار اليه أعلاه"
ما يجعل هذا الشرط بالنسبة لنا بمثابة شرط تعجيزي، وهو أن هذا المرسوم جاء تقريبا بعد 3 سنوات من صدور القانون 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء. والذي ينص في بابه الرابع على المقتضيات الزجرية والعقوبات الزجرية بخصوص المخالفات المرتكبة في مجال التعمير والبناء. حيث نجده في المادة 64 والمادة 67 من هذا الباب يتحدث عن تحرير لمحضر مخالفة في حق المخالف وكذا إعطاء امر فوري لإيقاف الأشغال في حينه للمخالف. وبالتالي كيف يمكننا التعامل مع البنايات التي تم تحرير محضر مخالفة في شانها في ظل الثلاث سنوات المنصرمة. الا أذا كان المشرع يبتغي فقط ان تتم تسوية وضعية البنايات التي سوف يتم تشييدها داخل السنتين عمر سريان هذا المرسوم. وهذا أيضا أمر صعب لأننا سوف نجد أنفسنا امام إكراه واجب ضباط الشرطة القضائية الذي يحتم عليهم تحرير محاضر المخالفة وتوجيهه الى وكيل الملك في اجل أقصاه ثلاث أيام وعدم تحرير محضر مخالفة كشرط لتسوية الوضعية القانونية للبنايات. وفي هذه الحال يصبحون كشركاء في الجريمة مادام المحضر يخضع لأحكام المادة 24 من القانون الجنائي.
- أما بخصوص المادة 8 من المرسوم والتي جاءت كما يلي " تسلم رخصة التسوية من طرف رئيس المجلس الجماعي بعد موافقة الوكالة الحضرية، داخل أجل أقصاه ستون يوما، يبتدئ من تاريخ إيداع ملف الطلب، مع مراعاة أحكام المادة 7 أعلاه ويوجه رئيس مجلس الجماعة نسخة من الرخصة الى السلطة الإدارية المحلية والى الوكالة الحضرية داخل أجل يومين مفتوحين ابتداءا من تريخ تسليمها للمعني بالأمر."
- بالنسبة للمادة 9 من المرسوم والتي تطرقت لمجموعة من الضوابط التي يجب أن تكون البناية موضوع رخصة التسوية قد التزمت بها، والمتعلقة بضوابط السلامة ومتطلبات الصحة والمرور والجمالية، وكذا الراحة العامة بالإضافة الى إلزامية التقيد بالمقتضيات المضمنة في وثائق التعمير التي تحدد العلو المسموح والمواقع المأذون فيها للبناء وأيضا المساحة المبنية والغرض المخصص له البناء. وطبعا ضرورة ان تكون المنطقة التي تم تشييد البناء فيها مفتوحة للتعمير.
غير انه وبحسب رأينا، ان المشرع عندما قام بفرض اللجوء الى مسطرة طلب رخصة البناء عند عدم الالتزام بالمقتضيات المذكورة أعلاه عوض اللجوء الى مسطرة طلب رخصة التسوية، فقد بدى الامر وكأنه تكريس للبيروقراطية الإدارية وتعقيد في المساطر. حيث أن الأصل في طلب رخصة التسوية هو تسوية وضعية بناية لم تحترم المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعمير والتي حددها في المادة 9 من هذا المرسوم، ورجوعا إلى هذه المقتضيات نجد أن المشرع وبحصره للمقتضيات في أربع مقتضيات فقط، وكان من الأحرى أن يقول " تسلم رخصة التسوية بعد التحقق من ان البناية تستوفي الشروط والضوابط المتضمنة في وثائق التعمير وضوابط البناء." لأنه لا يمكن أن نفاضل بين المخالفات في ميدان التعمير.
وكذلك مادامت اللجنة التي تقوم بدارسة طلبات الرخص والتي تتكون من أعضاء ممثلين عن: العمالة او الإقليم؛ الجماعة؛ والوكالة الحضرية (المادة 22 من ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق) هي لجنة واحدة ولم يتم التمييز بين اللجنة التي ستقوم بدراسة طلبات رخص البناء واللجنة التي ستقوم بدراسة طلبات رخص التسوية. لأجل ذلك نرى أن الأمر سوف يثقل كاهل المواطن ونحن نعي جيدا الصعوبات والمشاكل التي تطرح سواء أثناء دراسة الملفات أو عند الرغبة في الحصول على الرخص من المجالس الجماعية.
في نفس السياق وحسب المادة 9 من المرسوم، فإن الموافقة على طلب رخصة البناء بعد انجاز التغييرات المذكورة وفق البيانات المضمنة في رخصة البناء، تخول لطالب الرخصة الحق في تسلم رخصة تسوية وضعية البناية. هذه الأخيرة التي ستحل محل رخصة السكن أو شهادة المطابقة المنصوص عليها في المادة 55 من القانون رقم 12.99 المتعلق بالتعمير.
وبالتالي نجد أنفسنا امام سؤال كبير وهو هل ستحل هذه اللجنة محل اللجنة التي حددها ضابط البناء والمتكونة من العمالة؛ والجماعة. بالإضافة الى كل من يرى رئيس المجلس فائدة في الاسترشاد برأيه. (المادة 49 من ضابط البناء العام). وهو ما سكتت عنه مواد المرسوم ولم توضحه صراحة. فواقع الحال والممارسة الميدانية تجيب بانه في جميع الحالات التي يسكت فيها القانون ولا يعبر صراحة عن الجهة المانحة للتراخيص، تقع العديد من التجاوزات وإن تكن بغير قصد.
يبقى المشكل الرئيسي الذي نجده وكلما صدر قانون يخص التعمير الى حيز الوجود هو تلك التناقضات التي تحملها سطور هذا القانون، وصعوبة تكييفه مع واقع الحال وطبيعة المجتمع المغربي وكذا تغييب الفاعلين الرئيسيين في هذا المجال أثناء الإعداد لمثل هذه القوانين. فقانون التعمير نعتبره قانونا مجتمعيا لا يمكن لأناس بعيدين عن الممارسة الميدانية وبعيدين عن المشاكل التي تعوق دراسة الملفات بشكل جيد، أن تكون لهم القدرة على اخراج قانون يجب على الإشكالات التي يعرفها هذا القطاع الحساس.