مقدمة:
لما صدر الحكم الابتدائي عن المحكمة الابتدائية بالخميسات بقسم قضاء الأسرة وردت في حيثياته عبارة "لا قضاء بجهالة" وكان موكلي قد توصل نيابة عن أخته في الملف الأسري بنسخة من هذا الحكم، جاء إلى مكتبي في اليوم الموالي وصرح أمامي بكون العبارة التي وردت في الحكم المذكور هي قدح في شخصي وهي بمعنى أن الدفاع جاهل لا يفهم شيئا وغير عالم بهذه القضية، وبطبيعة الحال فرغم تفسيري له غاية الحكم والإشارة الى تلك العبارة إلا أنه لم يقتنع وسحب مني التوكيل عن أخته في مرحلة الاستئناف، ووكل دفاعا آخر لهذه المرحلة.
فهذا الحكم وما أحدثه من اساءة سواء بالنسبة لدفاع المدعية أو سواء في حق المدعية نفسها من حيث رفض طلبها لكونها لم تحدد في مقالها تاريخ بداية حساب النفقة، لكون عبارة طلب النفقة من سنة كذا إلى آخر سنة كذا هي
مسألة غير واضحة وفيها جهالة.
ولولا كلام الموكل الموجه إلي وما يحتوي من تجريح حسب فهمه وتفسيره لتلك العبارة الواردة في الحكم، وبدون قصد، لولا ذلك ما كنت لأعلق على هذا الحكم باعتباره حكما ابتدائيا قد يعدل أمام محكمة الدرجة الثانية نتيجة الطعن فيه بطريق الاستئناف؛ إما بتأييده أو بإلغائه أو تعديله أو غير ذلك حسب اجتهاد قضاة المرحلة الاستئنافية ، ولكن افترضت أن الحكم الابتدائي أصبح نهائيا بالنسبة لي وبالنسبة لما جاء في تعليله بتلك العبارة، مما حفزني للتعليق عليه وذلك بتوضيح معنى تلك العبارة ومدلولها بالنظر لوقائع النازلة (/) مع الإشارة لمسطرة التقاضي في بعض جوانبها التي حددها المشرع في قانون المسطرة المدنية من جهة وفي الفقه الإسلامي من جهة أخرى بشأن تحقيق الدعوى (//). وينبغي قبل التعرض بالتحليل والدراسة لهاتين النقطتين، تقديم عرض موجز لوقائع النازلة .
موجز عرض الوقائع:
رفعت الزوجة دعوى ضد زوجها الذي هجرها بعد مدة زواج طويلة أثمرت ستة أطفال أصبحوا رجالا ... وطالبت بنفقتها عن مدة هجرانه لها الذي قاربت 15 سنة محددة نفقتها التي تبدأ من سنة 2007 وتنتهي إلى غاية صدور الحكم مع استمرارها إلى حين سقوطها شرعا، وطالبت أيضا بواجبات الأعياد عن تلك المدة ومصاريف العلاج والأدوية، كما أنها طالبت أيضا بنصيبها في ما آل إلى زوجها من أموال بعد نزع ملكية ممتلكاته التي اكتسبها خلال مرحلة زواجهما حيث كانت ترعاه وترعى أبناءه وتساعده في فلاحة الأرض بالزرع والغرس والحصاد وتنمية الثروة التي بدأت ضئيلة جدا في بداية زواجهما، وكبرت مع المدة التي قضياها معا ... وبالمقابل طلب زوجها رجوعها إلى بيت الزوجية غير أن الحكم لما صدر خيب آمالها إذ قضى بعدم قبول طلبها للنفقة وما يلحق بها ورفض طلبها للتعويض عن الكد والسعاية معللا ذلك كما يلي، من حيث الشكل: حيث قدم الطلب الأصلي الخاص بواجب الكد والسعاية والطلب المضاد وفق الشكليات المتطلبة قانونا مما يتعين معه قبولهما ما عدا طلب باقي الطلبات الخاصة بالنفقة وما يلحق بها لعدم تحديد تاريخ المطالبة بها بشكل واضح إذ ورد في الطلب سنة 2007 ولا قضاء مع جهالة. وفي الموضوع: في الطلب الأصلي: حيث ان علاقة الزوجية ثابتة بين الطرفين بموجب عقد الزواج المدلى به في الملف.
وحيث أن المدعية لم تثبت بمقبول قيامها بتنمية مال زوجها باعتبارها ليست عاملة فضلا على خلو الملف من أية حجة على مساهمتها بأي شكل من الأشكال في تنمية المال المذكور.
وحيث لأجل ذلك يبقى طلب المدعية غير مؤسس وينبغي رفضه. وفي المقال المقابل: وحيث أنه بتواجد المدعية خارج بيت الزوجية تكون قد خرقت مقتضيات المادة 51 من مدونة الأسرة الأمر الذي يتعين معه الاستجابة للطلب بالحكم عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية [[1]]url:#_ftn1 .
وهذا الحكم بتعليلاته المذكورة يكون بطبيعة الحال غير عادل من جهة ما قرره بشأن النفقة وما يلحق بها على أساس أنه لا قضاء مع جهالة كما جاء في التعليل، ومن جهة أخرى كون المسطرة المتبعة في تحقيق الدعوى لم تحترم ما هو مقرر في الفقه الإسلامي وما جاء في قانون المسطرة المدنية .
(/) انعدام العدل بشأن الجهالة في نازلة الحال:
لبيان كلمة الجهالة لا بد من التعريف بها لغة واصطلاحا (أولا) وبيان أنواعها المختلفة (ثانيا) فضلا عن موقعها في
التشريعات الإجرائية لبعض الدول (ثالثا) وكذلك عن مكانتها في الفقه والقضاء (رابعا) .
أولا: تعريف الجهالة:
1- الجهالة لغة: جاء في لسان العرب أن كلمة جهل، الجهل: نقيض العلم، وقد جهله فلان جهلا وجهالة، وجهل عليه. وتجاهل أظهر الجهل، عن سيبويه. والجوهري: تجاهل أي من نفسه
الجهل وليس به، واستجهله عده جاهلا واستخفه أيضا. والتجهيل أن تنسبه إلى الجهل. والجهالة: أن تفعل فعلا بغير العلم [[2]]url:#_ftn2 . وفي المعجم العربي الأساسي: جهل، يجهل جهلا
وجهالة: وجهل الشخص، بمعنى جفا وتسافه. وجهل الشيء وبه أي لم يعلم به [[3]]url:#_ftn3 .
2 الجهالة اصطلاحا: ويراد بها الجهالة الفاحشة أو التي تفضي إلى نزاع يتعذر حله وهو النزاع الذي تتساوى فيه حجة الطرفين بالاستناد إلى الجهالة، كما لو باع إنسان شاة من قطيع
[[4]]url:#_ftn4 .
ثانيا: أنواع الجهالة:
قسم الفقهاء الجهالة إلى ثلاثة مراتب: جهالة فاحشة (1)، ويسيرة (2)، ومتوسطة (3).
1- فالجهالة الفاحشة أو الكثيرة هي التي يقصد بها جهالة الجنس او الجهالة الكثيرة المانعة من التسليم والتسلم، وهي التي تكثر وتكون غالبة، وتفضي إلى النزاع بين المتعاقدين عادة كبيع الحصاة وهو البيع بإلقاء الحجر، وبيع حبل الحبلة أي كما لو كانت عنده نعجة حامل فباع ما يتناسل من حملها .وبيع الملامسة والمنابذة، وبيع المضامين أي بيع
مني أصلاب الحيوانات في المني والملاقيح وهي جمع ملقوحة أي ما في البطون من الأجنة. فهذه بيوع متفق على تحريمها
لأنها اشتملت على جهالة فاحشة، وكبيع الطير في الهواء والسمك في الماء.
2- أما الجهالة اليسيرة فهي جهالة النوع أو الجهالة القليلة غير المانعة من التسليم والتسلم، وهي التي لا يكاد يخلو منها عقد، ومن الصعب التحرز منها وعادة الناس التسامح فيها ولا
تؤدي إلى تنازع بين المتعاقدين. قال النووي: فأما ما تدعو إليه الحاجة ولا يمكن الاحتراز عنه، كأساس الدار وشراء الحامل مع احتمال أن الحمل واحد أو أكثر وذكر أو أنثى وكامل الأعضاء أو ناقصها وكشراء الشاة في ضرعها لبن ونحو ذلك، فهذا يصح بيعه بالإجماع ونقل العلماء بالإجماع أيضا في أشياء غررها حقير منها: إن الأمة أجمعت على صحة بيع الجبة المحشوة وإن لم يرى حشوها ولو باع حشوها منفردا لم يصح .
3- وأما الجهالة المتوسطة فهي جهالة دون الكثير من الفاحشة وفوق اليسير القليلة، فهي مترددة بينهما، فلارتفاعها عن القليلة ألحقت بالكثير، ولانحطاطها عن الكثيرة ألحقت بالقليلة. ولهذا أجمع العلماء على أن الجهالة الكثيرة ممنوعة ويبطل بها العقد، وأن الجهالة اليسيرة جائزة ولا يبطل بها البيع، وأما الجهالة المتوسطة فقد اختلفوا فيها هل تلحق بالكثيرة فتكون ممنوعة أو اليسيرة فتكون جائزة [[5]]url:#_ftn5 .
هذا وان الفقهاء لم يعرفوا الجهالة في الدعوى ،واكتفوا بذكر الجهالة عند الحديث في شروط العقد أو مفسداته ، وقد ورد تعريف لها في موسوعة مصطلحات الفقه واصوله حيث ذكر أن الجهالة هي :" وصف لما علم حصوله وطوي عنا المراد منه أو جنسه أو نوعه أو صفته أو مقداره أو وقت وجوده " .كما عرفها الأستاذ محمد عمر أبو هلال بانها :" ما يعتري لائحة الدعوى من غموض أو ابهام أو نقص في البنود الواجب توفرها والتي تعد من المكونات الأساسية في لائحة الدعوى " [[6]]url:#_ftn6 .
وبالنظر لهذا التعريف المتعلق بالجهالة في الدعوى، فانه يمكن تقسيم الجهالة في الدعوى الى قسمين هما : الجهالة الفاحشة والتي هي الجهالة الكثيرة أي الغموض أو الإبهام الذي لا يمكن ازالته دون زيادة على بنود الدعوى أو تغيير في
مضمونها. والجهالة اليسيرة وهي الغموض او الإبهام الذي يمكن ازالته بتوضيح بنود لائحة الدعوى دون زيادة عليها أو تغيير في مضمونها.
ثالثا: موقع الجهالة في التشريع العربي :
ومن التشريعات العربية التي ذكرت الجهالة في نصوصها حسب علمي، التشريعات التالية:
1) ففي التشريع اليمني على سبيل المثال نجد المادة 6 من القرار الجمهوري بالقانون رقم 21 لسنة 1992 بشأن الإثبات تنص على ما يلي:" – ثبوت يد المدعى عليه على الحق المدعى فيه حقيقة أو حكما . – تعيين الحق المدعى فيه بحد أو لقب أو صف أو نحوه كل على حسبه ويستثنى من ذلك ما يقبل الجهالة كالوصية والإقرار والنذر وعوض الخلع والمهر ".
2) وقبل هذا كان التشريع العثماني الصادر في مجلة الأحكام العدلية التي وضعتها لجنة من العلماء في الدولة العثمانية وهي عبارة عن قانون مدني مستمد من الفقه على المذهب الحنفي، يشتمل على مجموعة من أحكام المعاملات والدعاوى والبينات ، سنة 1286هـ (1876م) . وهي القاعدة التي بنى عليها قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات في أغلب الدول العربية، وهو ساري المفعول في قطاع الضفة الغربية وغزة كقانون مدني عن الدولة العثمانية . وقد نصت هذه المجلة على الجهالة، إذ ورد في المادة 1619 منها على ما يلي :" يشترط أن يكون المدعى به معلوما ولا تصح الدعوى ان كان مجهولا ".
ومحكمة النقض في رام الله بفلسطين فسرت وميزت بين الجهالة اليسيرة والجهالة الفاحشة في موضوع الدعوى حيث قالت :" ولما كانت الجهالة في موضوع الدعوى اما ان تكون يسيرة أي غموض أو ابهاما يمكن ازالته بتوضيح بنود الدعوى ومن خلال بيان الوقائع والأسباب والطلبات التي يبديها المدعي ومن خلال البيانات التي يقدمها للمحكمة ، فاذا أمكن ازالة هذه الجهالة تكون مغتفرة ويسيرة وغير مؤثرة على سير الخصومة .واما ان تكون جهالة فاحشة وهي الجهالة الكثيرة أو الغموض أو الإبهام الذي لا يمكن ازالته دون تغيير في مضمونها ، أي التي لا يمكن تمييز موضوع الدعوى ومحلها عن غيره ،وهي التي تخول دون تعيين موضوع الإدعاء ولا يمكن معها تحقيق الغاية من الخصومة بحيث يصعب الحكم بالحق المتنازع فيه نتيجة عدم تحديده ووصفه الوصف القانوني السليم المانع من اي لبس أو اشتباه مع غيره " [[7]]url:#_ftn7 .
3) وفي الأردن نجد في القانون المدني الأردني معالجة لموضوع العلم بالبيع وانتفاء الجهالة في موضعين؛ الأول:
عند الحديث عن النظرية العامة للعقد في المادة 161/1 منه، والتي جاء فيها :" يشترط في عقود المعاوضات المالية أن يكون المحل معينا تعيينا نافيا للجهالة الفاحشة أو الى مكانه الخاص ان كان موجودا وقت العقد أو ببيان الأوصاف المميزة له مع ذكر مقداره ان كان من المقدرات ،أو نحو ذلك مما تنتفي به الجهالة الفاحشة " .والموضع الثاني عند الحديث عن عقد البيع في المادتين 466 و 467 منه . وقد نصت المادة 466 على ما يلي:"يشترط أن يكون المبيع معلوما عند المشتري علما نافيا للجهالة ".كما نصت المادة 467 على أنه :" اذا ذكر في عقد البيع ان المشتري عالم بالمبيع علما كافيا فلا حق له في طلب ابطال العقد لعدم العلم الا اذا اثبت تدليس البائع".
هذا ، وقد اشترط القانون المدني الأردني انتفاء الجهالة عن المبيع لصحة العقد انسجاما تاما مع ما ذهبت اليه مجلة الأحكام العدلية ،إذ تعد هذه مصدرا أساسيا من مصادر القانون المدني الأردني [[8]]url:#_ftn8 .
رابعا: مكانة الجهالة في الفقه الإسلامي وفي العمل القضائي :
أولا – في الفقه الإسلامي:
وفي الفقه الإسلامي، فإننا نجد هذه القاعدة ضمن كتب الفقه وخاصة ما تعلق بالمعاملات والعقود وأهمها عقد
البيع، وكذلك في الإجراءات المتعلقة بالدعوى .
وهكذا فان المذهب المالكي يرى وعلى سبيل المثال فقط، أن من البيوع الفاسدة بيع الطير في الهواء لعدم القدرة
على تسليمه، واستئجار الفحل ليطرق الأنثى من جنسه لتحمل زمانا معينا فانها اجارة فاسدة لجهالة ذلك .
ومن ذلك ما اذا باع شخص لآخر بشرط أن ينفق عليه مدة حياته كأن قال له: بعتك داري بشرط أن ينفق علي
نفقة المثل ما دمت حيا، فان البيع يفسد في هذه الحالة لجهالة مدة الحياة .
والشافعية أيضا قالوا لا يصح بيع الطير في الهواء، ويسمى بيعه في الهواء بيع الغرر: وهو عبارة عن أن يكون المبيع
مجول العاقبة بأن يكون مترددل بين القدرة على امساكه ، ولكن الغالب عدم القدرة عليه [[9]]url:#_ftn9 .
وفي هذا المعني ، فقد نظم ذ. حمداتي شبيهنا ماء العينين في كتابه المنارة [[10]]url:#_ftn10 ،بشأن البيوع المنهي عنها للغبن والذي سبب الغرر حيث قال :
في غرر تعرفه بالجهل ~~ في النوع والمضمون أو في الشكل
كبيع مفقود كذا المعلومة ~~ بيع الحصاة مثلها ان ساومه
بيع وشرط ثم بيع وسلف ~~ وسنبل به اخضرار لم يجف
وعن مضامين وعن ملاحق ~~ أو عنب في خضرة فدقق
وقال عن بيع مثمون واحد بثمنين:
تعرفه شكلا ابيع ذا على ~~ ان لي تبع ذا قد ضربت المثلا
تردد الأثمان بين ذين ~~ أو واحد بينها الإثنين
يمنع عند العلما للجهل ~~ ومنعه في مبهم للشكل
أما بشأن الدعوى واجراءاتها؛ ففي أحايين معينة تجوز في ظل المسطرة الشرعية الدعوى بمجهول ، ولكن تكون
الدعوى غير محققة لجهالتها عند المدعي، اما شكا في شخص المدعى عليه أو في محل الدعوى ذاته ، وهو ما عناه المتحف عند قوله : والمدعى فيه له شرطان ~~ تحقق الدعوى مع البيان .وبذلك تكون الدعوى غير محققة ،
ويكون مآلها الرفض لقادح الجهالة الذي يشع بها، وهذه هي حالة الجهالة الفاحشة . ويكون للقاضي أن يطلب
من المدعي بيان المجمل في المقال حتى يصير المدعى فيه محققا معلوما وبذلك تقبل الدعوى متى توضح المراد منها
وأزيل الغموض الذي يعتريها ، وهذه هي حالة الجهالة اليسيرة [[11]]url:#_ftn11 .
وقال الشيخ خليل بشأن الدعوى: "فيدعى بمعلوم" . وقال الزرقاني:"فتميز في ذهن المدعي والمدعى عليه والقاضي" ، الى أن قال :"واحترز بالمعلوم ،كما لو ادعى بمجهول فانها لا تسمع على المشهور" .وقال المازري :"انه من المقرر في الفقه المالكي ان الدعوى بمجهول ساقطة مع القدرة على التفسير ". وقول اللامية : فان صحت الدعوى يكون الذي ادعى ~~ معينا أو حقا عليه أو انجلا [[12]]url:#_ftn12 .
ويعتبر الجهل بالمشهود فيه مبطلا للشهادة ،ففي عقد الصلح يعتبر قادحا فيه ومبطلا له الجهل بالمصالح عنه [[13]]url:#_ftn13 . فكيف تكون شهادة الشاهد عاملة وهو يجهل المدعى فيه أي موضوع الشهادة ، فيكون جهله المذكور في مبنى الشهادة ومحلها قادحا فيها وموجبا لاستبعادها وعدم اعمالها طالما ان الأحكام تؤسس على الجزم واليقين لا على الجهل والتخمين [[14]]url:#_ftn14 .
وفي معرض تعليقه على الحكم الصادر عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى عدد 13 بتاريخ 23 صفر الخير 1333 هـ قال الفقيه أحمد الفقيه التطواني :"ان الحكم الصادر في القضية في شقه الثاني من الدعوى فيه جهالة ، لأن المدعي يطالب بإيجار نصف الدار محل النزاع عن مدة اثنين وستين شهرا دون ان يبين السومة الكرائية للمدعى فيه ، ولا ان يحدد المبلغ الذي يطالب به ، وبالتالي كان من المفروض في قاضي النازلة استيضاح المدعي عن هذه النقطة ،وفي حالة تعذر ذلك من المدعي تقرر عدم سماع الدعوى في هذا الشق لجهالته [[15]]url:#_ftn15 .
ثالثا – في العمل القضائي:
أما في العمل القضائي فقد عثرت على عدد لا بأس به من الأحكام بشأن الجهالة والدفع بها في الدعوى؛ سواء في
القضاء المصري 1) اوفي القضاء الأردني 2) اوفي القضاء الفلسطيني 3) اوفي القضاء المغربي 4):
1 – أحكام القضاء المصري:
فالقضاء المصري تعرض لحالات من الدفع بالجهالة ؛ فالقرار الصادر عن محكمة النقض تحت عدد 2083 لسنة 75 قضائية جاء في قاعدته ما يلي :"اذا كان البين من صحيفة الاستئناف التي قضى الحكم المطعون فيه ببطلانها انها اشتملت بالهامش رقم الدعوى الذي صدر فيها الحكم المستأنف ،وتاريخ هذا الحكم ،والمحكمة التي أصدرته كما تضمنت تلك الصحيفة بديباجتها أسماء طرفي النزاع وورد بها في معرض أسباب الاستئناف موضوع الدعوى وهي بيانات كافية للتعريف بالحكم المستأنف تعريفا ينفي عنه الجهالة والغموض ،فان الغاية من البيانات التي أوجب المشرع ذكرها في صحيفة الطعن فيه بطريق الاستئناف وفقا للمادة 230 المشار اليها تكون قد تحققت بحيث يصبح اغراقا في الشكليات وحجبا للعدالة عن تقصي حقيقة ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه ببطلان صحيفة الاستئناف ،واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلانها لخلوها من البيانات الكافية للتعريف بالحكم فانه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، وقد حجبه هذا الخطأ عن المضي في نظر الاستئناف ، فانه فضلا عن ذلك يكون معيبا بالقصور المبطل " [[16]]url:#_ftn16 .
2 – أحكام القضاء الأردني:
وفي القضاء الأردني نجد عدة قرارات صادرة عن محكمة التمييز بشأن الجهالة في الدعوى ؛ فقد ذهبت المحكمة الى القول في بعض الأحكام ان الجهالة في المدعى به تجعل الدعوى غير صحيحة ، وغير مسموعة ،مما يتوجب ردها من قبل المحكمة [[17]]url:#_ftn17 .
3 – أحكام القضاء الفلسطيني:
وفي القضاء الفلسطيني نجد العديد من القرارات والأحكام في موضوع الجهالة ؛ وهكذا فان محكمة النقض قضت بما يلي :" وعن السبب الثاني من أسباب الطعن وحاصله النعي على لائحة الدعوى بالجهالة بما يوجب رد الدعوى .وفي ذلك نجد ان دعوى تخلية المأجور هي دعوى شخصية لا يشترط فيها كما في الدعوى العينية من شروط تتعلق بوصف العقار كما لا يقبل من المدعى عليه والذي أقر بواقعة الإيجار في لائحته الجوابية ان يدفع الدعوى بالجهالة اذ ان ما تضمنته اللائحة الجوابية من اقرار وتسليم بواقعة الإيجار لا يستقيم والدفع بالجهالة بل ينفي وقوع جهالة بما يوجب رد هذا السبب [[18]]url:#_ftn18 .
4 – أحكام القضاء المغربي:
أما في القضاء المغربي فهناك كمية وافره من الأحكام القضائية في الحقبة ما قبل الاستقلال؛ إذ نجد عددا من الأحكام الصادرة عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى ، وكذلك في أحكام العلامة الفقيه القاضي الحسن بن الحاج محمد العمارتي، والتي تعرضت للجهالة في الدعوى واجراءاتها ، نذكر منها على سبيل المثال الأحكام التالية :
1 – ففي حكم صادر عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى رقم 13 بتاريخ 23 صفر الخير 1333 والذي علق عليه الفقيه أحمد الفقيه التطواني بقوله: بان الشق الثاني للحكم فيه جهالة ، ومعلوم ان الدعوى اذا تعلق بها اجمال أو
جهالة سقطت وامتنع سماعها [[19]]url:#_ftn19 .
2 – وفي حكم آخر صادر عن نفس المجلس تحت رقم 28 بتاريخ 20 شعبان 1333 هـ جاء في تعليله ما يلي :" ان حكم القاضي باطل ،وجدّه من الصواب عاطل ، لأن الدعوى ساقطة من أصلها لكونها لعدد كثير من قبائل شتى تستحيل معرفتهم عينا واسما ونسبا ، فهي في غاية الإجمال وهو مضر في الشهادة قطعا ، والدعوى مثل الشهادة ، ولكونها بارض جزف شهودها في تحديدها لجهات مجهولة ،زيادة على مخالفة حدودها لحدود المقال ، والدعوى مجهولة لا تفيد إذ يشترط فيها ما يشترط في الشهادة كما لأبي علي (الونشريسي) ونقله التسولي" [[20]]url:#_ftn20 .
3 – وفي حكم صادر عن الفقيه القاضي الحسن بن الحاج محمد العمارتي رقم 100 بتاريخ 7 ذي القعدة 1371
(30/6/1952). جاء في تعليله ما يلي :" ...ولما في جواب المدعى عليه من الإبهام وعدم بيانه ،ولما في كراء سبعة أثمان
الثلث وقبض مستفاد كراء الثلث من عدم بيان قدر كل منهما فهو مجهول والدعوى بالمجهول لا تسمع كما في قول
الأئمة وعلى فرض ثبوت ما ذكر وبيان ما ذكر فالواجب هو الحكم بسقوط دعوى المدعي كسرا وعدم قبول حجة يأتي بها بعد لعجزه عن اتيانها وتعجيزه بالفعل لقول صاحب اللامية :نعم ان تم ما قد تأجلا به الشخص مع عجز عن النفع عجزن . قال الشيخ التاودي هناك أي احكم عليه بإبطال دعواه ويمين المدعى عليه طبق انكاره لجميع فصول المقال" [[21]]url:#_ftn21 .
4 - وفي حكم آخر صادر عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى رقم 12 بتاريخ 6 جمادي الثانية 1373 (
10/2/1954) جاء في قاعدته أنه :"اذا ادعي بمجهول فلا تسمع الدعوى . والدعوى بمجهول ساقطة مع القدرة على
البيان ...واذا نقص المدعي من دعواه ما فيه بيان مطلبه ، أمره الحاكم بتمامه " [[22]]url:#_ftn22 .
أما في الوقت الحاضر فلعل الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية ، حسب اعتقادي ، لا تتضمن في تعليلها الجهالة في الدعوى وما ينتج عنها من آثار ، ولكن ليس معنى هذا ان الأحكام من هذه الشاكلة غير موجودة ، بل صادفت حكمين صادرين عن المحكمة الابتدائية بالخميسات في هذا المجال ؛ الأول منهما هو الحكم الشرعي موضوع هذا التعليق والصادر في 7/6/2022 تحت عدد 304 (وقد اشرت الى محتواه أعلاه ). والثاني صادر بنفس التاريخ تحت عدد 37 وعن نفس الهيئة في ملف للميراث ، وقد جاء في تعليل هذا الحكم ما يلي :"حيث بالرجوع الى رسم عدد 156/2756 انه يفتقر لعناصر الملك المحددة في المادة 240 من مدونة الحقوق العينية مما لا يرقى لدرحة الاعتبار كحجة للتملك المراد قسمته فضلا على أن رسم شراء عدد 345 وإن كان يشير إلى أن المسمى ح. م. الذي يعد أحد ورثة العقد قد باع منابه المشاع الى المدعى عليه مستندا على رسم شراء غير مدلى به في الملف الحالي مما يكون معه مانعا من القضاء للجهالة .وحيث لا اعذار في ناقص ، مما تكون الدعوى على حالتها الراهنة قد وردت معيبة من الناحية الشكلية لمخالفتها مقتضيات الفصل أعلاه فوجب التصريح بعدم قبولها "
[[23]]url:#_ftn23 .
هذا فضلا عن قرار لمحكمة النقض صرحت فيه بان شرط النعي أن يكون واضحا كاشفا عن المقصود منه،
والطاعنون لم يبينوا الدفوعات التي لم تجب عنها المحكمة بما ينفي الجهالة عنها لاعتبار سبب نعيهم، فكان النعي
غامضا ومبهما ،والوسيلة بذلك غير جدير بالاعتبار [[24]]url:#_ftn24 .
وأيضا وجدت قرارا آخر في هذا الصدد صادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) قضى بأنه:" يجب أن
يتضمن المقال ملخص الوقائع والوسائل. والمقال الذي لا يتوفر على ملخص الوقائع النافية للجهالة يتعين عدم
قـــــــــبوله [[25]]url:#_ftn25 .
ففي نازلة الحال موضوع التعليق ومن خلال وقائعها المشار اليها أعلاه، يتبين كون الحكم لم يكن عادلا ولا يتضمن
أي مجهود للاجتهاد في النازلة:
فبالرجوع لوقائع النازلة يتبين ان الدعوى حسب المقال لم تقتصر فقط على طلب النفقة وانما تضمنت كذلك طلبات أخرى تتعلق بواجبات الأعياد ومصاريف العلاج والأدوية فضلا عن المبلغ المطلوب كتعويض عن الكد والسعالة ... فإننا نجد الحكم المعلق عليه ارتكز فقط على واجبات النفقة واعتبر باقي الطلبات عدا طلب الكد والسعاية، كلها من ملحقات النفقة ..مبررا رفضه لطلب النفقة على أساس «لا قضاء مع الجهالة " ،متناسيا أن هذه العبارة ـــ وعلى ما سبق بيانها وشرحها ــــ هي عبارة لم يتم تبريرها ولا العدل في تقريرها والاعتماد عليها ،لعدم مراعاة القواعد الفقهية التي تحيط بها بشأن تحقيق الدعوى من جهة (1) والابتعاد تماما عن تطبيقاتها في اجراءات المسطرة المدنية من حيث بيان ما نقص في الدعوى من جهة أخرى (2) .
1 – عدم مراعاة القواعد الفقهية في تحقيق الدعوى:
إن الشريعة الإسلامية قد عنيت بتنظيم المقال والدعوى، والمدعي والمدعى عليه إلخ ... فكان ذلك وما بسطه الفقهاء
بشأن تحقيق الدعوى وبيان موضوعها وجود كم هائل من القواعد الفقهية في هذا المجال.
فمن القواعد الفقهية بشأن تحقيق الدعوى من طرف القاضي أو المحكمة والتي لم يراعيها الحكم موضوع هذا التعليق، ما جاء في أرجوزة ابن عاصم الأندلسي الغرناطي :
والمدعى فيه له شرطان ~~ تحقق الدعوى مع البيان
والمدعي مطالب بالبنية ~~ وخالة العموم فيه بينة.
ومن القواعد الفقهية كذلك "الأعذار"، وقد صاغه المتحف بقوله:
وقبل حكم يثبت الأعذار ~~ شاهدي عدل وذا المختار.
وقد ارتكز الحكم عدد 8، الصادر بتاريخ 13 شعبان 1351 ه في القضية 1568 على أن الحكم بدون إعذار بأبقيت لك
حجة هو باطل، كما صرح بذلك الشيخ خليل بن إسحاق المالكي: " وأعذر بأبقيت لك حجة". وما قاله الفقيه عبد الباقي بن يوسف الزرقاني في شرحه للمختصر: " والإعذار للمدعى عليه في البينة الشاهدة عليه، وللمدعى في
مجرح بينة فيقول له:" ألك صحة تطعن في المطعن وبينة غير هذه ..." [[26]]url:#_ftn26 .
ومن القواعد الفقهية أيضا " الإقرار بالمجهول يلزم، ويؤمر بتفسيره"، ولقول الحطاب: "مسائل المدونة صريحة في صحة
الدعوى بالمجهول". وفي هذا الصدد ينبغي التمييز بين حالتين: حالة عدم تحقق الدعوى، وحالة عدم وضوحها، فالحالة الأولى تكون الدعوى غير محققة بجهالتها في نفس المدعى لعدم تيقنه منها: كأن يكون لديه شك في شخص المدعى
عليه أوفي، المدعى فيه، وهي ما عناها الناظم (المتحف) :
والمدعى فيه له شرطان ~~ تحقق الدعوى مع البيان
أما الحالة الثانية تكون الدعوى محققة بالاستفسار عما أراد والاستيضاح من المدعي، إذ قد يكون الغموض ناتجا عن
عجزه في التعبير عما أراد الإفصاح عنه، فالقضاء يسمع دعواه، ويستوضحه فيما أشكل عليه لتبيين وجه مقاله [[27]]url:#_ftn27 .
ويظهر أن ما بسطه الفقهاء لتحقق الدعوى وبيان موضوعها يتماشى مع ما هو منصوص عليه في المادة 32 من قانون
المسطرة المدنية، كما سيأتي بيانه في الفقرة الموالية.
2 - الإخلال بالمادة 32 من قانون المسطرة المدنية بشأن بيانات المقال:
تنص المادة 32 من قانون المسطرة المدني على ما يلي:
"يجب أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل اقامة المدعى عليه والمدعي وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب ان يتضمن المقال أو
المحضر اسمها ونوعها ومركزها.
"يجب ان يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي يثبت فيه عدد
المستندات المرفقة ونوعها.
"إذا قدم الطلب بمقال مكتوب ضد عدة مدعى عليهم وجب على المدعي أن يرفق المقال بعدد من النسخ
مساو لعدد الخصوم.
" يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية عند الاقتضاء تحديد البيانات غير التامة أو التي تم إغفالها، كما يطلب الإدلاء بنسخ المقال الكافية وذلك داخل أجل يحدده، تحت طائلة الحكم بعدم قبول الطلب".
والبيانات التي قد يطلب القاضي تحديدها هي المتعلقة بموضوع الدعوى وبوقائعها، وبالوسائل المثارة بشأنها، وذلك كلما رأى القاضي نقصانا أو غموضا ما، والتي وقع إغفالها، ينبغي توضيحه، وذلك تحت طائلة عدم قبول
الدعوى في حالة عدم تلبية تصحيح المطلوب في الأجل المضروب.
وهذا الإجراء المطلوب من القاضي يدخل ضمن مهامه في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون، وفق ما نصت عليه المادة 117 من دستور المملكة لسنة 2011
ومن البيانات التي تم رصدها وأشار إليها القضاء: إغفال التوقيع على المقال ألاستئنافي [[28]]url:#_ftn28 ، وإغفال تقديم الحكم المحتج به [[29]]url:#_ftn29 ،وإغفال الاسم الشخصي للطرف المستأنف [[30]]url:#_ftn30 ،
وإغفال ذكر الطرف المدعى عليه المطالب بالحق [[31]]url:#_ftn31 ،وإغفال الإدلاء بنسخة من الإنذار المطلوب إبطاله [[32]]url:#_ftn32 .
هذا وإنه يمكن تدارك البيانات الشكلية التي تم إغفالها والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 32 من
ق.م.م بغض النظر عن أي أجل، أما البيانات المتعلقة بالموضوع والوقائع والوسائل فلا يمكن أن يكون تداركها مقبولا إلا داخل الأجل [[33]]url:#_ftn33 .
وينبغي أن يكون تدارك أحد الإغفالات والاخلالات التي شابت تقديم المقال الأصلي، بواسطة مقال
إصلاحي للدعوى الذي ينبغي أن لا تمتد آثاره إلى إحداث تغيير جذري في هيكل الدعوى وأطرافها من خلال إحلال مدعى آخر محل المدعى الأصلي المرفوع الدعوى باسمة بشكل تخرق القواعد المقررة قانونا لممارسة حق القاضي [[34]]url:#_ftn34
تحقيق الدعوى بين قانون المسطرة المدنية وقواعد الفقه الإسلامي:(II)
إن الدعوى موضوع نازلتنا تتضمن في مقالها كما أشير إلى ذلك أعلاه: النفقة والأعياد والعلاج ومصاريفه بالإضافة إلى حق الكد والسعاية ... غير أن الحكم الصادر بشأنها رفض النفقة وتوابعها، ولم يميز بين النفقة من جهة ومصاريف العلاج والتطبيب من جهة ثانية وكذلك بينها وبين واجبات الأعياد من جهة ثالثة.
فالنفقة بالرغم من شموليتها حسب مقتضيات المادة 289 من مدونة الأسرة، فإنه كان على المحكمة أن تجتهل
رأيها فيما يتعلق بالمصاريف الطبية والعلاجية التي تكبر واجبات النفقة بكثير وتتعداها. كما أن واجبات توسعة الأعياد لم تلاحظ المحكمة بشأنها بعدها عن النفقة وعدم مجاورتها لها من حيث التشريع، إذ أن المادة 289 المذكورة لا تشملها، وبالرغم من ذلك فإن الحكم موضوع التعليق لم يلاحظ ذلك، فضلا عن كونه لم يلاحظ أيضا كون الاجتهاد القضائي سار ويسير في اتجاه اعتبارها ويحدد مبلغا لها.
وهكذا فقد صدر عن قضاء المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدة قرارات بشأن توسعة الأعياد الدينية
والمصاريف الطبية والعلاجية؛ إذ قرر بأن:" ما تكبده والد الزوجة من مصاريف من أجل تطبيب وتداوي ابنته التي كانت طريحة الفراش، يثبت أحقيته في الرجوع بها على الزوج لكونه هو الملزم بالمصاريف المذكورة، وهي دين في ذمته لا يسقط عنه إلا بالأداء ... وإن كون نفقة العلاج من مشمولات النفقة لا يمنع من فرضها استقلالا عن بقيمة عناصر النفقة ما دام ثبت أداؤها من غير الزوج بإقراره" [[35]]url:#_ftn35 . كما أنه لا مانع قانوني يمنع المحكمة من أن تحدد النفقة في مبلغ إجمالي شامل لجميع الضروريات أو أن تحدد كل مبلغ على حدة بشكل مستقل، فالقرار المطعون فيه قضى بمصاريف العلاج في شكل مبلغ مستقل عن النفقة لم يخرق مقتضيات المادة 189 من مدونة الأسرة [[36]]url:#_ftn36 ، وأيضا لا يوجد ما يمنع المحكمة من تحديد مصاريف التطبيب بصفة مستقلة عن النفقة [[37]]url:#_ftn37 .
أما بشأن توسعة الأعياد، فإن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في عدد من القرارات قضى بأن توسعة الأعياد تدخل ضمن سلطة قضاة الموضوع [[38]]url:#_ftn38 .
ومحكمة الاستئناف بالجديدة صرحت من أن: "توسعة الأعياد الدينية ليست من قبيل عادات وأعراف الناس اليوم، بل هي من عداد الشعائر الدينية التي تلزم كل أب مسلم حيال أبنائه، ومشروعيتها قوله تعالى في سورة الكوثر: " إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر" [[39]]url:#_ftn39 .
والمحكمة الابتدائية بني ملال صرحت بأن "توسعة الأعياد والمناسبات تندرج في إطار ما هو ضروري بحكم العرف
والعادة لما تتطلبه من نفقات استثنائية دأب الاجتهاد القضائي على منحها مستقلة لطالبها من تاريخ المطالبة
القضائية" [[40]]url:#_ftn40 .
فهذه الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم المملكة كلها تسير في اتجاه اعتبار توسعة الأعياد والمصاريف الطبية والعلاجية من حق الزوجة طلبها، خاصة وأنها ليست كالنفقة تستحق بصفة مستمرة وعن كل يوم بل هي من المصاريف الاستثنائية التي تستحق من سنة إلى سنة أو أكثر وبالنظر لهذه الاجتهادات المذكورة أعلاه وما أشير إليه في هذه الدراسة حول موضوع الجهالة تشريعا وفقها واجتهادا، يمكن القول بأن الحكم موضوع التعليق لم يحترم لا المقتضيات التشريعية ولا المقتضيات الفقهية ولا المقتضيات الاجتهادية والمشار إليها كلها في هذا التعليق، بل أكثر من ذلك، فإنه لم يعتمد حتى الحد الأدنى من العدالة بين الأطراف والمطلوبة دستوريا وفي شؤون النفقة وما حولها بصفة خاصة .
ويلاحظ أيضا على الحكم موضوع التعليق كونه بدل أن يقرر عدم قبول الدعوى، قضى برفضها رغم الجهالة البسيطة التي يمكن تداركها بطلب من المحكمة في الإطار القانوني للمسطرة المدنية أو إطار القواعد الفقهية كما سبق توضيحه أعلاه . وفضلا عن كونه كان في امكانه عدم اعتبار سنة بكاملها بدون نفقة، واعتبار السنوات الموالية لها من بداية شهور السنة الى نهايتها حسب المطلوب في المقال .
الخاتمة:
في كتاب موسوعة القواعد الفقهية نجد القاعدة الثالثة والعشرون تذكر كلمة "الجهالة ". وقد تم شرحها في تلك الموسوعة بذكر الفاظ ورود القاعدة، فجاءت القاعدة في الفرائد البهية ص 77 عن اليمين من دعوى الخانية أن :" الجهالة كما تمنع الدعوى والبينة تمنع اليمين أيضا " . وفي لفظ الخانية [[41]]url:#_ftn41 أن :" الجهالة كما تمنع قبول البينة تمنع الاستحلاف أيضا ". ومعنى هذه القاعدة ومدلولها هو ان للجهالة احكام مترتبة عليها منها ان القاعدة تفيدنا حكما آخر من أحكامها، وهي ان الجهالة في المعقود عليه ،أو المقر أو المقر له أو المقر به ،أو غير ذلك من أنواعها ، تمنع الدعوى وتمنع البينة – أي الإشهاد – وهي كذلك تمنع توجيه اليمين على المدعى عليه .
والأصل ان قبول البينة أو الاستحلاف لابد أن ينبني على دعوى صحيحة، واذا كانت الجهالة تمنع صحة الدعوى
فتمنع أيضا كل ما يترتب على صحة الدعوى كاليمين.
ومن أمثلة هذه القاعدة : انه اذا قال المدين :قضيت بعض ديني ولا ادري كم قضيت ،أو قال :نسيت قدره ،واراد أن يحلف الطالب لا يلتفت اليه ؛لأن المدعي وهو المدين لا يمكنه اقامة البينة في دعواه بقضاء بعض الدين للجهالة ،ولذلك فلا توجه اليمين على المدعى عليه وهو الدائن [[42]]url:#_ftn42 .
فهل يمكن اعتبار "الجهالة" قاعدة فقهية كسائر القواعد الفقهية المعروفة في الفقه الإسلامي؟ (انظر كتاب عادل حاميدي، م. س ) وبالتالي ترتيب نتائجها خاصة وان القضاء المغربي تبناها في عدد من أحكامه سواء في المعاملات أو في اجراءات الدعوى ؟ .
أعتقد أنه يمكن اعتماد هذه القاعدة كقاعدة فقهية في سائر الأمور والنزاعات واجراءات التقاضي بالرغم من عدم التنصيص عليها في التشريع المغربي مع اعتبار أنواعها المذكورة أعلاه وما يترتب على كل نوع منها من آثار ونتائج.
الخميسات في 12/09/2022
الطيب بن لمقدم
الهوامش :
1ابن منظور، لسان العرب، مطبعة دار صادر، بيروت لبنان، المجلد 11 بدون تاريخ الطبع، ص 129
2 المعجم العربي الأساسي ، المنضمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، لاروس 1989 ص 274 . الموسوعة الفقهية الكويتية ،وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت ،ج 16 ص 167 .
3 وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر، دمشق- سورية 1997 ج 5 ص 3441،
4 محمد بن عبد العزيز بن إبراهيم، الجهالة في العقود وطريقة رفعها، مجلة الدراسات الإسلامية والبحوث الأكاديمية، العدد 72 ص 459 ، محمد عمر أبو هلال ،الجهالة
واثرها في الدعوى القضائية ،منشور على الأنترنيت ، ص 16 .
5 انظر كتاب الجهالة واثرها في الدعوى القضائية ، م.س،ص:15و16 .
6 نقض مدني رقم 263/2011 بتاريخ 21/5/2012 منشور على الانترنيت في موقع "المقتفي ":منظومة القضاء والتشريع في فلسطين ،تاريخ الإطلاع 1/9/2022 س 2،32 .
6 عماد عبد الحفيظ الزيادات ومحمد عواد عايد السكر ،جهالة المبيع في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني والتطبيقات المعاصرة لرفعها ،المجلة الأردنية للدراسات
الإسلامية ،جامعة آل البيت ، المجلد 6 ع 3 السنة 1431هــ/2010م ص
7 عبد الرحمان الجزيري ، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ، ج 2 دار الكتب العلمية ، بيزوت ــ لبنان ، طبعة جديدة مرتبة ومبوبة ص 203 و 209 .
8 كتاب المنارة في نظم كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لإبن رشد الحفيد مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط 2011 ص 273 و 275 .
9 انظر هامش كتاب ذ. عادل حاميدي ،القواعد الفقهية وتطبيقات القضائية في المادة العقارية والمدنية ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ط 2 ،2015 ص 170. والحكم الخامس بتاريخ 5 ذي القعدة 1360 هـ من مجموعة الأحكام الشرعية للعلامة الفقيه القاضي الحسن بن الحاج محمد العمارتي ، مراجعة ذ. عبد العلي محمد العبودي ، الناشر المركز الثقافي العربي ، بيروت 1991 ص 34
10 انظر الحكم عدد 12 الصادر بتاريخ 10/2/1954 الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى ، المجلد 7 ص 147 .
11 قرار محكمة الإستئناف بطنجة ع 1801 وتاريخ 27/11/1987 مجلة الندوة عدد 5/6 ص 19
12 انظر كتاب ذ. حاميدي م.س، ص 172
13 منشور في كتاب الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى ، مركز النشر والتوثيق القضائي ، مطبعة إدكل للطباعة والنشر ، الرباط 2009 ج 1 مكرر المجلد 5 ص 59.
14 قرار محكمة النقض بتاريخ 26/11/2017 منشور على الأنترنيت في موقع محكمة النقض المصرية . انظر قرارات اخرى في نفس الموقع تحت عدد 2668 لسنة 88 ق بتاريخ 22/1/2019 ، وعدد 16038 لسنة 82 ق بتاريخ 18/4/2016 ، وعدد 8319 لسنة 87 ق بتاريخ 24/3/2018. 15 تمييز حقوق رقم 179/74 ص 140 لسنة 1974 المنشور في محلة نقابة المحامين ، ج 3 صحيفة 530 ذكره محمد أبو هلال ، الجهالة واثرها في الدعوى القضائية ، م.س،ص 92 . ورقم 199/2000 ص 1510 لسنة 2000 المنشور في مجلة نقابة المحامين ، أشار اليه محمد أبو هلال ،م.س، ص 104 . ورقم 387/64 ص 176 لسنة 1965 مجموعة المبادئ القانونية ، أشار اليه محمد أبو هلال ، م.س، ص 111.
16 قضية رقم 1530/2017 بتاريخ 29/4/2019 منشور على الإنترنيت . وقضية رقم 964/2015 بتاريخ 22/1/2020 منشور أيضا على الإنترنيت .
وقضية رقم 477/2019 بتاريخ 24/10/2019 منشور على الإنترنيت
17 تعليق منشور في الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى،المجلد 5 م.س، ص 56و59
18 الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى ، المجلد 6 م.س، ص 99
19 مجموعة الأحكام الشرعية ، العلامة الفقيه القاضي الحسن بن الحاج محمد العمارتي ، مراجعة وتقديم ذ.عبد العلي بن محمد العبودي ، نشر المركز الثقافي العربي ، بييروت 1991 ص 436.
20 الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى ،المجلد 7 م.س،ص 142
حكم غير منشور . 21
22 قرار ع 447/4 بتاريخ 12/9/2017 عبد الرزاق الجباري ،المجتبى من عمل محكمة النقض في المادة المدنية ،ج 2 رقم 9 مطبعة الأمنية ، الرباط 2021 ص
113.
قرار ع 1284 بتاريخ 20/6/2001 مجلة رسالة المحاماة ع 19 ص 88 23
24 أنظر تعليق ذ. التطواني على الحكم عدد 8 م.س، ص 5
25 أنظر الحكم عدد 18 م.س.ص 130
26 قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 2404 بتاريخ 7/6/2000 مجلة رسالة المحاماة ع 22 ص 160.
27 قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) عدد 4998 بتاريخ 22/12/2000 مجلة المحاكم المغربية عدد 92 ص 135.
28 قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 1263 بتاريخ 20/6/2001 التقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 2001 ص 134.
29 قرار محكمة النقض ع 220 بتاريخ 5/5/2015 قرارات محكمة النقض، غرفة الأحوال الشخصية والميراث عدد 22 ص 74.
30 قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 107 مجلة المحاكم المغربية ع 60 ص 105.
31 قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش عدد 1101 بتاريخ 10/9/2009 مجلة رحاب المحاكم عدد 3 ص 143.
32 قرار محكمة الاستئناف والإدارية بالرباط عدد 5595 بتاريخ 18/12/2015 العمل القضائي لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط من سنة 2012 إلى سنة
2015 ج 2 محمد بافقير ص 1080
33 قرار بتاريخ 13/09/2006 ملف عدد 141/2/1/2006 المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، ج1 جمعية نشر المعلومة، القانونية والقضائية، وزارة العدل عدد 10 فبراير 2009 مطبعة إليت، سلا ص 341.
34 قرار المجلس الأعلى بتاريخ 23/11/2005 ملف عدد 497/2/1/2005 المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، م.س.ص 345.
35 قرار المجلس الأعلى بتاريخ 20/9/2006 ملف عدد 29/2/1/2005 المنتقى من عمل القضاء ... م.م، ص 347.
36 قرار بتاريخ 12/1/2005 ملف عدد 522/2/1/2004 المنتقى من عمل القضاء ... م. س،ص
342. وقرار بتاريخ 18/1/2006 ملف عدد 536/2/1/2005 نفس المربع، ص 342 .وقرار بتاريخ 5/4/2006 ملف عدد 617/2/1/2005 نفس
المرجع، ص 348
37 قرار بتاريخ 26/4/2005 ملف عدد 16/3/2005) لمنتقى من عمل القضاء، ق.س.ص 356.
38 حكم بتاريخ 10/1/2007 ملف عدد 481/06 المرجع السابق، ص 360) أنظر حكم ابتدائية الرباط بتاريخ 6/2/2008 ملف عدد 201592/2006 ص 360.
الفتاوى الخانية ج 2 ص 421 على هامش من الفتاوى الهندية. 39
40. بتاريخ 10/1/2007 ملف عدد 481/06 المرجع السابق، ص 360) أنظر حكم ابتدائية الرباط بتاريخ 6/2/2008 ملف عدد 201592/2006 ص 360.
الفتاوى الخانية ج 2 ص 421 على هامش من الفتاوى الهندية. 41
Htts://almaktaba.org/book/ 33127/5627/p1)42 (تاريخ الإطلاع 14/8/2022 س 15,59 )
حكم ع 304 بتاريخ 7/6/2022 في ملف الأسرة عدد 729/1620/2021 عن ابتدائية الخميسات غير منشور [1]
ابن منظور، لسان العرب، مطبعة دار صادر، بيروت لبنان، المجلد 11 بدون تاريخ الطبع، ص 129 .[2]
[[3]]url:#_ftnref3 المعجم العربي الأساسي، المنضمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، لاروس 1989 ص 274 . الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت ،ج 16 ص 167 .
وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر، دمشق- سورية 1997 ج 5 ص 3441،[4]
محمد بن عبد العزيز بن إبراهيم، الجهالة في العقود وطريقة رفعها، مجلة الدراسات الإسلامية والبحوث الأكاديمية، العدد 72 ص 459 ، محمد عمر أبو هلال ،الجهالة[5]
واثرها في الدعوى القضائية، منشور على الأنترنيت ، ص 16 .
واثرها في الدعوى القضائية، منشور على الأنترنيت ، ص 16 .
انظر كتاب الجهالة واثرها في الدعوى القضائية ، م.س،ص:15و16 .[6]
[[7]]url:#_ftnref7 نقض مدني رقم 263/2011 بتاريخ 21/5/2012 منشور على الانترنيت في موقع "المقتفي ":منظومة القضاء والتشريع في فلسطين ،تاريخ الاطلاع 1/9/2022 س 2،32 .
عماد عبد الحفيظ الزيادات ومحمد عواد عايد السكر ،جهالة المبيع في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني والتطبيقات المعاصرة لرفعها ،المجلة الأردنية للدراسات[8]
الإسلامية ،جامعة آل البيت ، المجلد 6 ع 3 السنة 1431هــ/2010م ص
الإسلامية ،جامعة آل البيت ، المجلد 6 ع 3 السنة 1431هــ/2010م ص
عبد الرحمان الجزيري ، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ، ج 2 دار الكتب العلمية ، بيزوت ــ لبنان ، طبعة جديدة مرتبة ومبوبة ص 203 و 209 .[9]
كتاب المنارة في نظم كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لإبن رشد الحفيد مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط 2011 ص 273 و 275 .[10]
[[11]]url:#_ftnref11 انظر هامش كتاب ذ. عادل حاميدي ،القواعد الفقهية وتطبيقات القضائية في المادة العقارية والمدنية ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ط 2 ،2015 ص 170. والحكم الخامس بتاريخ 5 ذي القعدة 1360 هـ من مجموعة الأحكام الشرعية للعلامة الفقيه القاضي الحسن بن الحاج محمد العمارتي ، مراجعة ذ. عبد العلي محمد العبودي ، الناشر المركز الثقافي العربي ، بيروت 1991 ص 34
انظر الحكم عدد 12 الصادر بتاريخ 10/2/1954 الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى ، المجلد 7 ص 147 .[12]
قرار محكمة الإستئناف بطنجة ع 1801 وتاريخ 27/11/1987 مجلة الندوة عدد 5/6 ص 19.[13]
انظر كتاب ذ. حاميدي م.س، ص 172.[14]
[15] منشور في كتاب الأحكام الصادرة عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى ، مركز النشر والتوثيق القضائي ، مطبعة إدكل للطباعة والنشر ، الرباط 2009 ج 1
مكرر المجلد 5 ص 59.
مكرر المجلد 5 ص 59.
[16] قرار محكمة النقض بتاريخ 26/11/2017 منشور على الأنترنيت في موقع محكمة النقض المصرية . انظر قرارات اخرى في نفس الموقع تحت عدد 2668 لسنة 88 ق بتاريخ 22/1/2019 ، وعدد 16038 لسنة 82 ق بتاريخ 18/4/2016 ، وعدد 8319 لسنة 87 ق بتاريخ 24/3/2018.
[17] تمييز حقوق رقم 179/74 ص 140 لسنة 1974 المنشور في محلة نقابة المحامين ، ج 3 صحيفة 530 ذكره محمد أبو هلال ، الجهالة واثرها في الدعوى القضائية ، م.س،ص 92 . ورقم 199/2000 ص 1510 لسنة 2000 المنشور في مجلة نقابة المحامين ، أشار اليه محمد أبو هلال ،م.س، ص 104 . ورقم 387/64 ص 176 لسنة 1965 مجموعة المبادئ القانونية ، أشار اليه محمد أبو هلال ، م.س، ص 111.
[[18]]url:#_ftnref18 قضية رقم 1530/2017 بتاريخ 29/4/2019 منشور على الإنترنيت . وقضية رقم 964/2015 بتاريخ 22/1/2020 منشور أيضا على الإنترنيت .
وقضية رقم 477/2019 بتاريخ 24/10/2019 منشور على الإنترنيت
وقضية رقم 477/2019 بتاريخ 24/10/2019 منشور على الإنترنيت
تعليق منشور في الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى،المجلد 5 م.س، ص 56و59.[19]
الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى ، المجلد 6 م.س، ص 99.[20]
[[21]]url:#_ftnref21 مجموعة الأحكام الشرعية ، العلامة الفقيه القاضي الحسن بن الحاج محمد العمارتي ، مراجعة وتقديم ذ.عبد العلي بن محمد العبودي ، نشر المركز الثقافي العربي ، بييروت 1991 ص 436.
الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى ،المجلد 7 م.س،ص 142.[22]
حكم غير منشور . [23]
قرار ع 447/4 بتاريخ 12/9/2017 عبد الرزاق الجباري ،المجتبى من عمل محكمة النقض في المادة المدنية ،ج 2 رقم 9 مطبعة الأمنية ، الرباط 2021 ص[24]
113.
113.
قرار ع 1284 بتاريخ 20/6/2001 مجلة رسالة المحاماة ع 19 ص 88.[25]
أنظر تعليق ذ. التطواني على الحكم عدد 8 م.س، ص 5.[26]
أنظر الحكم عدد 18 م.س.ص 130.[27]
قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 2404 بتاريخ 7/6/2000 مجلة رسالة المحاماة ع 22 ص 160. [28]
قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) عدد 4998 بتاريخ 22/12/2000 مجلة المحاكم المغربية عدد 92 ص 135.[29]
قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 1263 بتاريخ 20/6/2001 التقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 2001 ص 134.[30]
قرار محكمة النقض ع 220 بتاريخ 5/5/2015 قرارات محكمة النقض، غرفة الأحوال الشخصية والميراث عدد 22 ص 74.[31]
قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 107 مجلة المحاكم المغربية ع 60 ص 105.[32]
قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش عدد 1101 بتاريخ 10/9/2009 مجلة رحاب المحاكم عدد 3 ص 143.[33]
[[34]]url:#_ftnref34 قرار محكمة الاستئناف والإدارية بالرباط عدد 5595 بتاريخ 18/12/2015 العمل القضائي لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط من سنة 2012 إلى سنة
2015 ج 2 محمد بافقير ص 1080
2015 ج 2 محمد بافقير ص 1080
[35] قرار بتاريخ 13/09/2006 ملف عدد 141/2/1/2006 المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، ج1 جمعية نشر المعلومة، القانونية والقضائية، وزارة العدل عدد 10 فبراير 2009 مطبعة إليت، سلا ص 341.
قرار المجلس الأعلى بتاريخ 23/11/2005 ملف عدد 497/2/1/2005 المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، م.س.ص 345.[36]
قرار المجلس الأعلى بتاريخ 20/9/2006 ملف عدد 29/2/1/2005 المنتقى من عمل القضاء ... م.م، ص 347. [37]
قرار بتاريخ 12/1/2005 ملف عدد 522/2/1/2004 المنتقى من عمل القضاء ... م. س،ص[38]
342. وقرار بتاريخ 18/1/2006 ملف عدد 536/2/1/2005 نفس المربع، ص 342 .وقرار بتاريخ 5/4/2006 ملف عدد 617/2/1/2005 نفس
المرجع، ص 348
342. وقرار بتاريخ 18/1/2006 ملف عدد 536/2/1/2005 نفس المربع، ص 342 .وقرار بتاريخ 5/4/2006 ملف عدد 617/2/1/2005 نفس
المرجع، ص 348
قرار بتاريخ 26/4/2005 ملف عدد 16/3/2005) لمنتقى من عمل القضاء، ق.س.ص 356.[39]
[[40]]url:#_ftnref40 حكم بتاريخ 10/1/2007 ملف عدد 481/06 المرجع السابق، ص 360) أنظر حكم ابتدائية الرباط بتاريخ 6/2/2008 ملف عدد 201592/2006 ص 360.
الفتاوى الخانية ج 2 ص 421 على هامش من الفتاوى الهندية. [41]
.Htts://almaktaba.org/book/ 33127/5627/p1) (تاريخ الإطلاع 14/8/2022 س 15,59 ) [42]