تمهيد
تعتبر مباشرة الإجراءات المسطرية المتعلقة بتحفيظ الأملاك العقارية من صميم عمل المحافظ الذي يعد بحق الساهر الأول على سلامتها وصحتها(الفصل 30 من ظ ت ع)، وذلك تثبيتا وصونا لحق الملكية وكذا للحقوق العينية المرتبطة به.
ولعل ورود التعرضات على مطالب التحفيظ ليعد من أبرز النتائج على نجاعة هاته الإجراءات و التي من بينها الإشهار الموسع للملك سواء عبر النشر بالجريدة الرسمية و التعليق لدى المحكمة و السلطة المحلية الواقع بنفوذها الملك المذكور، وذلك دون أن نغفل الإشارة إلى عملية التحديد و ما لها من أثر واضح على تنبيه العموم إلى خضوع العقار بأبعاده و حدوده إلى عملية تحفيظ وشيكة.
و إذا كان الهدف من تسجيل التعرضات على مطالب التحفيظ المودعة يتجلى في تمكين أي شخص من منازعة جدية لطالب التحفيظ بخصوص أرض الملك(تعرض كلي أو جزئي) أو مداه(تعرض على حقوق مشاعة) أو حدوده أو ادعاء ممارسة حق من الحقوق العينية (الفصل 24 من ظ ت ع)؛ فانه للأسف الشديد نجد في حالات عديدة نماذج للتعرضات الكيدية و التعسفية الصادرة عن أشخاص يحترفون عملية التعرض على مطالب التحفيظ وذلك بقصد ابتزاز أصحابها أو على أحسن تقدير عرقلة إجراءات تحفيظ ممتلكاتهم دون موجب حق ؛ حيث يسلكون في ذلك عدة طرق منها عدم التصريح بعنوانهم الحقيقي وعدم أداء الوجيبة القضائية و حقوق المرافعة و عدم الإدلاء بالحجج المؤيدة.
من هنا كان لزاما علينا أن نساءل مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 12 غشت 1913 لنكشف عن مدى قصورالنص القانوني في صد وردع كل عمل أو تصرف يدخل في باب الإضرار بنجاعة وفعالية الإجراءات المسطرية الجاري بها العمل على صعيد جميع المحافظات ، خصوصا مع اعتبار المعطى المتمثل في تزايد ملفات المطالب العالقة بسبب التعرضات التي تعذر استكمال إجراءات إيداعها كما يستوجبه ذلك القانون.
فالظهير المؤرخ في 12غشت 1913الصادر بشأن التحفيظ العقاري ينظم مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ وذلك في الفصول 23- 24- 25 - 26- 27- 28- 29- 31 و 32 .سنعمل
بداية على التعريف بهاته المسطرة كما جاءت بها المقتضيات أعلاه من الظهير المذكور(فقرة أولى).ثم بعد ذلك نعرض في قراءة نقدية لأبرز مكامن الخلل و القصور في هاته المسطرة (فقرة ثانية)
الفقرة الأولى :التعريف بمسطرة التعرض وفقا للظهير المؤرخ في 12/08/1913
-وقت التعرض : يعتبر التعرض على مسطرة التحفيظ من بين الإجراءات الموقوتة التي يتعين حتما أن تنجز داخل أجال معينة تبتدئ من تاريخ إدراج المطلب إلى حين انصرام أجل شهرين من تاريخ نشر الإعلان عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية و ذلك تحت طائلة سقوط حق التعرض (الفصل 23- 24 و 27 من ظ ت ع
-نوع التعرض :يشير الفصل 24 من الظهير المذكور إلى إمكانية التعرض على حق الملكية في كنه (وهو إما تعرض كلي أو جزئي)أو مداه(تعرض على حقوق مشاعة) أو حدوده أو بممارسة حق من الحقوق العينية المحتمل تقييدها بالرسم العقاري المراد تأسيسه للملك الجارية مسطرة تحفيظه .و هو مالا يدع مجالا للشك إلى كون المشرع اقتصر في قبول التعرض على كل مطالبة بحقوق عينية دون الحقوق الشخصية(الوعد بالبيع والحقوق الدائنية
-شكليات طلب التعرض : تبعا للفقرة الأولى من الفصل 25 من ظ ت ع يمكن التقدم بطلب التعرض عن طريق تصريح شفوي لدى المحافظة العقارية أو المحكمة الابتدائية أو القائد المتواجد بدائرة نفوذه العقار موضوع مطلب التحفيظ. يقوم بعدها هؤلاء المتدخلون بانجاز تقرير للحضور في نسختين يضمن فيه التصريح الشفوي للمتعرض الذي يجب أن يتضمن لزوما الإشارة إلى نوع التعرض و الحجج المؤيدة له مع العمل على إيداعها تزامنا مع تقديم التصريح المذكور. نضيف كذلك تصريح المتعرض بمنازعته لطالب التحفيظ أمام المساح المحلف المنتدب لعملية التحديد (الفصل 20). كما يمكن التقدم بطلب التعرض أمام نفس المتدخلين أعلاه عن طريق رسالة مكتوبة مع اشتراط توفر نفس البيانات المفصلة أعلاه (الفقرة الثانية من الفصل 25
و تطرق المشرع في الفقرة السادسة من نفس الفصل إلى إمكانية تضمين المحافظ للتعرض بسجل التعرضات بالرغم من عدم الإدلاء بالحجج و الوثائق المؤيدة له مع مطالبته بها عبر إنذاره بإيداعها تحت طائلة أداء غرامة مالية طبقا لمقتضيات الفصل 48 من ظ ت ع.
وبخصوص الصفة في إقامة التعرض ألزم المشرع كل من يقيم تعرضا في اسم الغير أن يثبت هويته وأن يدلي بما يفيد نيابته القانونية عن منوبيه مع بيان حالتهم المدنية.(الفصل 26 من ظ ت ع
إعلام طالب التحفيظ بالتعرضات : يشير الفصل 31 في فقرته الأولى إلى تبليغ مضمون التعرضات إلى طالب التحفيظ الذي يقوم داخل أجل شهر من تاريخ اختتام مسطرة التحفيظ بمحاولة الحصول على التنازل عن التعرض أو القبول به.و في حالة عدم حصوله على التنازل يمكنه أن يطلب من المحافظ أن يعمل على تحفيظ ملكه في حدود الجزء الغير المشمول بالنزاع(الفقرة الثالثة من الفصل 31
سلطات المحافظ إزاء التعرضات : يعمل المحافظ على مصالحة المتعرض و طالب التحفيظ خلال جميع أطوار المسطرة, و ما دام لم يوجه ملف مطلب التحفيظ إلى المحكمة. ويبرم المحافظ محضر صلح بالاتفاق بين الأطراف تكون له قوة الالتزام العرفي (الفقرة الأخيرة من الفصل 31).وفي حالة عدم حصول الصلح أو تمكن طالب التحفيظ من الحصول على التنازل عن التعرض أو القبول به لمصلحة المتعرض , فان المحافظ يعمل على توجيه إنذار ثان و أخير إلى المتعرض قصد الإدلاء بالحجج داخل أجل 3 أشهر التالية لتاريخ تبليغه تحت طائلة عدم قبول المحكمة لآي وثيقة غير تلك المودعة بملف المطلب المحال عليها.و قد رتب المشرع على عدم الإدلاء بالحجج إمكانية إلغاء المحافظ للتعرض بعد بحث يجريه بهذا الخصوص(فقرة أولى وثانية من الفصل 32
كما أن عدم أداء الوجيبة القضائية و حقوق المرافعة عن التعرض بعد انصرام أجل 3 أشهر من تاريخ تبليغه يؤدي إلى اتخاذ المحافظ قرارا بإلغاء التعرض.(فقرة رابعة من الفصل 32
الفقرة الثانية: قراءة نقدية لمكامن الخلل و القصور في النصوص المنظمة لمسطرة التعرض
ما فتئ النقاش يتزايد بخصوص عدم ملائمة التشريع المطبق على مسطرة التعرض مع واقع الممارسة العملية اليومية.هدا الواقع الذي بدوره يكشف عن أزمة حقيقية في معالجة العديد من المطالب العالقة بسبب وجود تعرضات لم تستكمل بعد كافة إجراءاتها بهدف إحالتها بعد ذلك على أنظار القضاء المخول له وحده صلاحية البت في صحتها من عدمه.
ولا يخفى على الجميع أهمية تسوية هاته المنازعات العقارية قصد تصفية الوعاء العقاري الذي يشكل رصيدا و طنيا لاحتضان مشاريع تنموية تدعم نمو اقتصاد بلادنا.
إن مقاربة هذه الإشكالات العملية يقتضي منا بالضرورة التطرق لصور تلقي التعرضات ونورد بهذا الصدد الحالات التالية :
-محاضر تلقي التصريحات الشفوية بالتعرض من طرف ذوي الحقوق:
يعتبر تلقي طلبات التعرض من المهام الموكولة لأكثر من جهة كما سبق وأسفنا الذكر، وان كان واقع الممارسة الاعتيادية يكشف غالبا عن تلقي التصريح بالتعرض من طرف المحافظ بمكاتبه و كذا المساح المحلف أثناء انجازه لعملية تحديد العقار بعين المكان.
وإذا كان المحافظ أو أعوانه يتوفرون على قدر من المعرفة القانونية تؤهلهم لأجل انجاز تقرير حضور بإقامة التعرض استنادا إلى تصريح المعني بالأمر؛ فان الحال يختلف بالنسبة للمساح المحلف الذي يضبط الجانب التقني دون الجانب القانوني الذي يشكل إحدى الغايات من انجاز مسطرة التحديد.فالمشرع أشار في الفصل 20من ظ ت ع المنظم لمسطرة التحديد إلى ضرورة إجراء المحافظ أو نائبه أو المساح المحلف بتكليف و تحت رقابة المحافظ (الفصل 4 من الظهير المؤرخ في 1 يونيو1915 بخصوص المقتضيات الانتقالية لأجل تطبيق ض ت ع) لبحث قانوني حول واقع ومدة حيازة طالب التحفيظ وكذا حول وجود حقوق محتملة باستفسار المتدخلين في المسطرة والذين تم استدعائهم لحضور هاته العملية.
هكذا نجد أن المشرع لم يتطرق إلى تكليف المساح المحلف شخصيا باحترام ضوابط تلقي المنازعات أو التعرضات أثناء البحث القانوني الذي قد يجريه وقت عملية التحديد مع ما قد يترتب على ذلك من مساءلة قانونية ما دام أن المحافظ في نظر المشرع هو المسؤول الأول و الأخير عن تسييروسلامة عملية التحديد.
بيد أنه عمليا تجري الأمور خلافا للمقتضى السالف الذكر حيث أن عملية التحديد يتولاها دائما مساح محلف ينتدبه لأجل ذلك رئيس مصلحة المسح العقاري دون أن يراجع في ذلك المحافظ العقاري.
و هكذا قد يقع أن يصرح أحد الحاضرين بتعرضه على الملك الجارية عملية تحديده فيقوم المساح المحلف بتلقي تعرضه بمحضر التحديد دون التدقيق في تصريحاته عن طريق الحصول على البيانات الكافية لقبول التعرض.ومن المخالفات التي نرصدها في هذا الإطار :
-تلقي تعرضات لا تنصب على مطالبة بحقوق عينية بقدر ما ترتبط بحقوق شخصية
- عدم الإشارة صراحة إلى طلب التعرض وفقا للفصل 24 بل يتم استعمال مفردات ابعد ما تكون متعلقة بالتعرض من قبيل "يدعى أنه متعرض" "يعترض على إجراء عملية التحديد"
–النقص في البيانات المتعلقة بنوع الحق الذي يطالب به المتعرض (جزئي –كلي- حقوق مشاعة-الحدود-حقوق عينية )
- الإشارة بمحضر التحديد إلى أسماء بعض الحاضرين بصفتهم متعرضين دون تحرير محضر ملحق يتضمن البيانات المتعلقة بهويتهم الحقيقية و حالتهم المدنية و عنوانهم الحقيقي و ما يثبت نيابتهم عن الغير.
-تلقي التعرض بالرغم من عدم وقوع عملية التحديد نتيجة لعدم حضور طالب التحفيظ في خرق سافر لمقتضيات الفصل 22 من ظ ت ع.
-التقاعس عن مطالبة المصرح بتعرضه بالإدلاء بالحجج و الوثائق الضرورية.
-عدم إمضاء المتعرض لتصريحه بالتعرض
-التنصيص بالمحضر على أن التعرض صادر من طرف ''فلان''ومن معه أو"فلان"وورثة "علان" دون الإشارة إلى أسماء كافة المتعرضين و تحديد ما إذا كانوا حاضرين بأنفسهم أو بواسطة نائب عنهم.
-الرسائل الكتابية حول طلبات التعرض:
تعتبر هذه الصورة من صور تلقي التعرضات من بين الأسباب الرئيسية لتفشي ظاهرة ما أصبح يعرف بالتعرضات الكيدية .
ولئن كانت الغاية الأولى للمشرع تكمن في تبسيط الإجراءات المتعلقة بإقامة التعرض داخل الآجال القانونية -خصوصا بالنسبة للقاطنين بعيدا عن المنطقة المتواجد بها العقار- ، فان واقع الممارسة العملية يكشف لنا عن مساوئ هاته الصورة من صور تلقي التعرضات.
فالمحافظ يتلقى يوميا الكثير من الرسائل العادية أو المضمونة التي يطلب أصحابها من خلالها تسجيل تعرضهم على مطالب تحفيظ دون يدققوا في رسائلهم البيانات الواجب احترامها لأجل قبول تعرضهم. فبالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه سلفا من مخالفات مرتبطة بضوابط تلقي التعرضات نضيف هنا حالة شائعة تتمثل في عدم تدعيم رسالة التعرض بالوثائق و الحجج المؤيدة.وفي هذه الحالة يقوم المحافظ بتضمين التعرض بكناش التعرضات(الفصل 25 فقرة سادسة) مع إنذار المعني بالأمر بالإدلاء بالحجج تحت طائلة أداءه لغرامة من 10 دراهم الى 1000 درهم(الفصل 48 من ض ت ع)، إذا ما اتضح أن التعرض ورد تعسفا وعن سوء نية.وهنا لا بد من التساؤل حول آليات تطبيق هذا الإجراء الزجري الرمزي- بالنظر إلى قيمته المادية الهزيلة- :لمن ينعقد الاختصاص للقضاء أم المحافظ ؟ ماذا عن الأجل المضروب لأجل إيداع الحجج المؤيدة؟وهل تؤدى الغرامة بصندوق المحافظة أم المحكمة؟
و على أية حال فالمحافظ يقوم مرة أخرى- عند اختتام مسطرة التحفيظ -بتوجيه إنذار ثان إلى المتعرض قصد إيداع الوثائق المدعمة لتعرضه داخل أجل 3 أشهر من تاريخ التبليغ، مع إشعاره بعدم قبول المحكمة لأية وثيقة غير تلك الموعة بملف مطلب التحفيظ (الفصل 32 فقرة أولى). وهنا لا مناص من التساؤل حول جدوى هذا التكرار في توجيه الإنذار غير تعقيد و إطالة أمد مسطرة التحفيظ؟ وهل فعلا لن تقبل المحكمة بأي وثيقة يدلي بها المتعرض خصوصا أن المشرع في الفصل 34 منح القاضي المقرر سلطات واسعة في مسطرة التحقيق لأجل تجهيز القضية بما فيها تلقي التصريحات الشفوية ؟
كما يمكننا أيضا أن نلمس هذا الأثر السلبي المتمثل في إطالة عمر المسطرة من خلال تخويل المشرع للمحافظ إمكانية الإبقاء على التعرض أو إلغاؤه في حالة عدم الإدلاء بالحجج أو عدم إثبات استحالة الإدلاء بها ، وذلك استنادا إلى بحث يقوم به هذا الأخير في الموضوع(الفصل 32 فقرة ثانية).وهنا تتناسل أسئلة كثيرة حول ملائمة هذا المقتضى القانوني للواقع العملي.فإذا كان بإمكان المحافظ الإبقاء على التعرض بالرغم من عدم الإدلاء بالحجج فما الجدوى إذا من المدد الإنذارية التي تمت إضافتها إلى عمر المسطرة بهدف تصحيح مسطرة التعرض؟ كما أن إمكانية احتفاظ المحافظ بالتعرض بالرغم من عدم الإدلاء بالحجج قد يؤمن جانب كثير من المتعرضين سيئي النية الدين يعمدون إلى الإضرار بالملاكين الشرعيين دون أي سند.
وكما يمكن للمحافظ الإبقاء على التعرض يمكنه كذلك إلغاؤه.فإذا كان قرار إلغاء التعرض أداة فاعلة في مجال محاربة التعرضات التعسفية ، فانه قلما نجد في الواقع حالات إلغاء تعرضات بسبب عدم الإدلاء بالحجج.ومرد هذا الأمر في نظرنا إلى أمرين :
-الأول يتعلق بصعوبة تكوين قناعة لدى المحافظ بعدم جدية التعرض حيث يعتمد في ذلك على بحث يجريه دون أن يشير المشرع إلى ضوابط ومساطر تعرف به.
-الثاني ويتعلق بقابلية قرار المحافظ بإلغاء التعرض للطعن أمام المحكمة الابتدائية داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبيلغ المتعرض به.و هنا تثار إشكالات عملية أهمها عدم حصول تبليغ المتعرض بقرار الإلغاء حتى يتم احتساب الآجال القانونية للطعن. كما أنه وعلى فرض حصول تبليغ قرار الإلغاء فان المحافظ قد لا يعلم بوجود دعوى سارية أمام المحكمة بالطعن في قراره فيعمل على تحفيظ الملك بعد أن تم إلغاء التعرض و التشطيب عليه بسجل التعرضات.
وفي نفس الموضوع قد يحصل أن يدلي المتعرض بوثائق يرفقها بطلب تعرضه ، إلا أنها لا تنطبق على أرض الملك محل المنازعة لا موقعا ولا حدودا أو لا تدل على التملك مطلقا (الإدلاء باراثة ، رسم إحصاء متروك،الإبراء من الإرث ...الخ).فهل يمكن الحديث عن سلطة المحافظ الرقابية على مدى ملائمة حجج المتعرض وبالتالي إمكانية إلغاء التعرض ليس فقط بسبب عدم الإدلاء بالحجج بل بسبب عدم كفايتها؟
وبالموازاة مع التساؤلات المثارة حول التعرضات العالقة بسبب عدم الإدلاء بالحجج نجد أن تساؤلات أخرى تطرح بنفس الحدة حول التعرضات العالقة بسبب عدم أداء الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة بصندوق المحافظة العقارية.
ولعل أغلب الملفات التي يتم تدارسها تستوقفنا عند وجود إشكال في عدم حصول تبليغ الرسالة الإنذارية بأداء الرسوم القضائية عن التعرض المقيد بمقتضى رسالة أوتضمينات محضر التحديد.ومن صور هذا الإشكال:
-عدم جدية بعض رجال السلطة المحلية في التعامل مع مهام التبليغات المنوطة بهم في إطار قوانين التحفيظ العقاري(بطء وتأخر في توجيه وصولات الإشعار باستلام الرسائل الإنذارية إلى المحافظ –تكليف أعوان سلطة بالتبليغ بالرغم من أنه ليست لهم دراية بأصول التبليغ ...الخ).
- وفاة المتعرض قبل حصول تبليغه أو تبليغ أحد ورثة المتعرض الهالك من دون أن ينتقل هؤلاء إلى المحافظة العقارية قصد تحيين تعرض موروثهم.
- تصريح المتعرض بعنوان غير كامل للمراسلة أو إدلاءه بعنوان غير حقيقي يتعذر معه الوصول إليه، بالرغم من كون المشرع ألزم كل متعرض بالتصريح بموطنه الحقيقي داخل النفوذ الترابي للمحافظة العقارية أوتعيين موطن مختار في الحالة المقابلة(الفصل 26 فقرة أولى).وإذا كان المشرع يعتبر أن التبليغ يقع صحيحا إلى وكيل الملك بصفته تلك (الفصل 26 فقرة ثانية من القرار الوزيري المؤرخ في 03 يونيو1915)، فانه لم يدقق في الشروط الموضوعية لسلوك هاته المسطرة، مما حدا بكثير من المحافظين إلى عدم تفعيلها خشية التشطيب على التعرض بعد تبليغه إلى وكيل الملك ثم يتم الطعن بعد ذلك في قرار المحافظ أمام القضاء.كما أن وكلاء الملك غالبا ما يمتنعون عن إمضاء وصولات الاستلام بتبليغهم وفقا للفصل 26 بداع عدم وقوفهم على فعالية إجراءات المحافظ بخصوص تبليغ المعني بالأمر بالعنوان المصرح به.
وبالموازاة مع إشكال التبليغ نود أن نعرض كذلك لإشكال عملي يتمثل في عدم أداء أو التأخر في تسوية مبلغ الوجيبة القضائية عن التعرض المقدم من طرف الدولة والمؤسسات العمومية و الجماعات المحلية .ومرد هذا الأمر في نظرنا يعود الى :
-حصول قناعة مغلوطة لدى بعض الهيئات الحكومية باستفادتها من الإعفاء من أداء الرسوم عن عمليات التقييد و التحفيظ بشكل شامل مع العلم أن استيفاء الوجيبة القضائية عن التعرض إنما تتم بدلا من كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية و لفائدتها.
-تعقد المساطر الإدارية التي تسلكها هاته الهيئات الحكومية قصد أداء الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة عن التعرض.
المراجع المعتمدة
- الظهير الشريف المؤرخ في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري ؛
- الظهير الشريف المؤرخ في 18 من رجب 1333 (فاتح يونيو 1915) المحدد لمختلف المقتضيات الانتقالية لتطبيق الظهير الشريف المتعلق بتحفيظ العقارات؛
- القرار الوزيري المؤرخ في 20 من رجب 1333 (3 يونيو 1915) الذي ينص على تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري