رابط النسخة الكاملة من القرار موضوع التعليق
التعليق
التعليق على القرار الحالي الغاية منه فتح نقاش حول أهمية المؤسسات ودورها في حفظ الحقوق والحريات، وكذا بيان خطورة انهيار الثقة في تلك المؤسسات التي تشكل الملاذ الأخير للمواطن المظلوم، فبجرة قلم بسيطة يمكن لذلك المواطن البسيط أيضا أن يتحول، في رمشة عين، إلى معارض شرس لايؤمن بمقومات الدولة الحديثة ومؤسساتها، وهو الأمر الذي نتمنى أن لا نصل إليه، لكن لن يكون ذلك إلى إذا كانت هناك مراقبة ثم محاسبة للمسؤول الحقيقي وليس ذلك الطرف الضعيف الذي يتم غالبا تحميله المسؤولية.
ومن هنا نقول أن القرار موضوع التعليق له علاقة بصرخة تلك الأجيرة التي اعتبرت نفسها مظلومة من طرف مشغلها، فتوجهت إلى القضاء لإنصافها، وتحولت بذلك معركتها من معركة مع المشغلة إلى معركة مع القضاء.
فقد عرض على أنظار محاكم الرباط نزاع يدخل في خانة نزاعات الشغل، إشكاليته المحورية هي كالتالي: هل يجوز إنقاص أجر الاجير دون موافقته؟ وهل الانقاص دون موافقة الاجير تعتبر فصلا تعسفيا مقنعا أم لا؟ وهل يمكن الأخذ بالموافقة الضمنية أم لا؟
من أجل القيام بالتعليق على القرار لابد من التطرق إلى الوقائع (I) لننتقل إلى المناقشة القانونية فيما بعد (II).
I ـ عرض الوقائـــع
ـــ خلال المرحلة الابتدائية:تقدمت الأجيرة بمقال افتتاحي أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، بتاريخ 23 أبريل 2015، تعرض فيه أنها التحقت للعمل بالشركة المدعى عليها منذ 1/2/2006،كمهندسة معمارية، بمقتضى عقد عمل كتابي.
غير أن المشغلة قامت بإنقاص أجرها، دون أخذ موافقتها على ذلك، وأنها لم تتحقق من التعديل بصفة فعلية إلا من خلال الاطـلاع على وضعيتها لدى صندوق الضمان الاجتماعي، خاصة وأن الشركة المشغلة، كانت تقوم بتحويلات بنكية لأجرها بشكل ناقص لتكمله فيما بعد، طيلة السنة السابقة عن الإنقاص الفعلي، مما يعقد أمر التأكد من عملية الإنقاص، وأنه فور علمها ومواجهتها من طرف المشغلة بسياسة الأمر الواقع، باشرت إلى إقامة الدعوى. مع الإشارة إلى أن الامر لم يطل جل الاجراء بل اقتصر عليها فقط وعلى مجموعة ضيقة من زملائها في العمل، وهو أمر ينم عن محاولة التضييق عليها وممارسة التمييز ضدها داخل مؤسسة العمل.
تم تعيين الملف بجلسة 29/5/2015 التي تم فيها الادلاء، من طرف الأجيرة، بالوثائق المعززة للطلب وهي: صورة طبق الأصل من عقد العمل وأصل ورقة الأداء، صورة طبق الأصل من شهادة العمل، ووثيقة صادرة عن صندوق الضمان الاجتماعي، وكذا تم الإدلاء بمجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقض.
وخلال جلسة 11/9/2015 أجابت المشغلة واعتبرت أن الأجيرة سبق لها وأن وافقت على تخفيض الأجر، وأنها غادرت العمل من تلقاء نفسها، ما دام أنها توصلت بأجرها عن ثلاثة أشهر ولم تنازع فيه.
لتتقدم الأجيرة بجلسة 18/9/2015 بمذكرة تعقيب، والتمست من المحكمة الوقوف على إقرار المشغلة بعدم موافقتها، أي الأجيرة، على الإنقاص بالنظر لعدم التوقيع على ملحق العقد، وأن ما هو ثابت كتابة لا يمكن إثبات ما يخالفه بشهادة الشهود، وأن واقعة العلم لم تتم إلا بعد الاطلاع على وضعيتها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأن توصلها بالأجر ناقص لا يمكن اعتباره تنازلا عن حقها في الاجر ولا على تعديله.
لترد على التعقيب المشغلة بجلسة 23/10/2015 وتتمسك بواقعة المغادرة التلقائية وأن الإنقاص تم بموافقة الأجيرة، فتم حجز الملف للتأمل لجلسة 30/10/2015، التي صدر بشأنها الحكم، قضى برفض الطلب بخصوص التعويضات الناتجة عن الفصل والحكم بتكملة أجرة ثلاثة أشهر.
ـــــ خلال المرحلة الاستينافية: استأنف الحكم من طرف كل من الاجيرة والمشغلة، فتح لاستيناف الأجيرة الملف عدد 1635/1501/2015، وركزت في بيان أوجه استينافها على انه لم يسبق لها وأن وافقت على الانقاص ولا يمكن الاخذ بالموفقة الضمنية، وأن هناك أساليب استعملت من طرف المشغلة حالت دون معرفتها بحقيقة الانقاص.
بينما فتح لاستيناف المشغلة الملف عدد 412/1501/2016، الذي أثار فيه أن الأجيرة لا تستحق التعويضات المحكوم بها ابتدائيا المتعلقة بتكملة الأجر، وكذا حول طريقة احتساب أجرة شهر أبريل والعطلة السنوية، وأن الإنقاص كان بسبب الأزمة الاقتصادية بعد موافقة الاجيرة.
تقرر ضم الملفين، وبعد تبادل المذكرات تقرر حجز الملف للمداولة لجلسة 14 يونيو 2016، مددت لجلسة 21 يونيو 2016، التي صدر فيها القرار.
II ـــ المــنـــاقـــشــــة الــــقــــانـــونـــيـــة:
لقد قضى القرار عدد:1043 الصادر عن محكمة الاستيناف بالرباط في الملفين المضمومين عدد: 412/1501/2016 و1635/1501/2015 الصادر بتأييد رفض طلب الأجيرة فيما يتعلق بالتعويضات الناتجة عن الفصل التعسفي واعتبرها قد غادرت العمل بصفة تلقائية، وهو ما يستوجب طرح الأسئلة التالية:
كل هاته الأسئلة سيتم التطرق لها من خلال النقط التالية أولا: حـــــول الـتــعــبــيــر الصـحــيــح والصـريــــح عــن الإرادة
نجد القرار موضوع التعليق أخذ بالموافقة الضمنية للأجيرة عن الانقاص، لكن أعتقد أن التعليل[1] جاء مخالف للقانون وفق مايلي:
أ ـــ خرق الفصلين 2 و 19 من ق ل ع: لقد نص قانون الالتزامات والعقود في فصله الثاني على أن التعبير الصحيح عن الإرادة الذي يقع على العناصر الأساسية للإلتزام هو ركن لصحة أي التزام، كما أن أي اتفاق لا يمكن له أن يتم إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للإلتزام، وبما أن الأجر هو أهم عنصر من عناصر عقد العمل، وبالتالي يحتاج إلى تعبير صريح واتفاق سليم لا لبس فيه، ولا يمكن القول بالموافقة الضمنية، وذلك بالنظر لما لحساسية العنصر الذي انصب عليه التغيير والتعديل ألا وهو الأجر، وهو ما يفيد على أن التعبير عن الإرادة بخصوص الأجر ينبغي أن يخلو من أي شوائب يمكن أن تطاله، وأن أي شك يفسر لصالح الأجير.
وكنتيجة لما سبق فالقبول ينبغي أن يطابق الإيجاب مطابقة تامة، ليتم العقد، ولن يكون هذا التطابق فيما بين الإرادتين إلا باتجاههما إلى شيء واحد، من خلال توافق تام حول موضوع الإلتزام وسببه[2].
فهنا يجب أن يكون التعبير عن الإرادة، تعبيرا صريحا ولا يكتفي بالتعبير الضمني، فعلى القضاء أن يتشدد ولا يدع مجالا لافتراض إرادة ضمنية، خاصة في مجال عقود العمل، التي يختفي فيها التوازن العقدي. لأن السكوت إن دل، ضمنا، على شيء فأولى أن تكون دلالته الرفض لا القبول، والعدم لا ينتج إلا العدم، وبالتالي فلا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين صراحة، طبقا لمقتضيات الفصل 19 ق ل ع.
ب ـــ خرق الفصل 230 ق ل ع: كما أن الأجيرة تمسكت في جميع مراحل الدعوى بكون العقد الرابط بينها وبين الشركة المطلوبة في النقض كان كتابيا، أي أن العقد الأصلي هو كتابي، وطبقا للفصل 230 ق ل ع الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضائهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون، وبذلك فإن أي تعديل ينبغي أن يتم وفق ما تم الاتفاق عليه، أي توازي شكليات التعديل مع شكليات الانعقاد.
ج ـــ خرق الفصل 402 ق ل ع: هذا فضلا عن كون المشغل الذي هو الموجب، قد قطع مع الرضائية حينما سلم للأجيرة ملحق عقد وانتظر المصادقة على التوقيع، مما يعني أنه قد اختار الكتابة كوسيلة للتعبير عن الارادة[3].
بناء عليه، يتضح أن المشغلة حينما تقدمت بالإيجاب، فرضت نوعا معينا من القبول، وهو التوقيع على ملحق العقد، ولم تقف على مجرد التوقيع عليه، وإنما المصادقة عليه لدى السلطات المختصة.
وهو ما يعني أن القبول الذي لا يأتي في مثل هاته الصورة لا يمكن الأخذ به مادام أن من صدر عنه الإيجاب، وضع معايير القبول، لكنه لم يحترمها، وبالتالي فالقبول الضمني لا مجال للقول به في هذا الباب، أمام صراحة ووضوح القناة التي عبر عنها المشغل لورود القبول، وأن الأجيرة لم توقع على العقد، ولم تبدِ أي قبول من طرفها.
والدليل على ذلك، هو ما أكدت عليه المشغلة، من كون كل من وافقوا من باقي الأجراء أدلوا بملحق العقد موقع عليه، إلا الأجيرة وأربعة من زملائها، وهي قرينة قوية على أن من وافق أدلى بملحق العقد مصادق على توقيعه لدى الجهات المختصة[4]، والذين لم يوافقوا لم يدلوا بالملحق المسلم إليهم، وهو دليل قاطع على عدم الموافقة.
إذن يتضح أن الموافقة هي مقرونة بتسليم ملحق العقد مصادق على التوقيع المضمن فيه لدى المصالح الإدارية المختصة، وأن الموافقة الضمنية لا محل لها.
فالقبول لن تكون له قائمة ما لم يثبت أن إرادة الطرفين كانت باتة في القصد إليه، بحيث إنه لا مناص من أن يثبت أن إرادة كل واحد من الطرفين المتنازعين كانت واعية ومتبصرة واتجهت فعلا إلى إحداث الأثر القانوني المدعى به في هذا الإطار، مع التأكيد على أن إرادة الموجب وحدها لا تنشئ أي التزام بذمة من وجه إليه الإيجاب. أي أن أي التزام بهذا المعنى ليس له وجود.
بمعنى أن تنفيذ مقتضيات الاتفاق لا يمكن البدء فيها إلا بعد إرجاع ملحق العقد موقع ومصادق على ذلك التوقيع لدى السلطات المختصة، وهو ما لم تحترمه المشغلة.
أي أن العقد الشكلي لا يكفي لانعقاده توافر الرضاء بين طرفيه، بل لابد أن يفرغ ويصب هذا الرضاء في قالب أو شكل خاص حدده القانون أو الأطراف، حيث يعتبر ركنا في انعقاد العقد، إذ لا يكون له وجود بدونه. وغني عن البيان ان استلزام شكل معين في الرضاء بالعقد، يترتب على إصدار الرضاء دون إتمامه، بطلان التصرف وعدم انعقاده.
د ـــ خرق الفصل 443 ق ل ع: كما أنه من المعلوم أن الأفعال القانونية التي من شأنها تعديل الالتزامات والتي تتجاوز 10.000 درهم يتعين أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية، والوقائع الثابتة كتابة لا يمكن إثبات ما يخالفها بشهادة الشهود، وذلك طبقا للفصل 443 ق ل ع[6] .
لكن القرار عندما استبعد تطبيق هذا الفصل بعلة أنه يختص بالالتزامات المترتبة عن الدين[7]، يكون قد خرق تطبيق القانون وفسر الفصل على غير ما هو عليه، إذ أولا فالفصل يتحدث عن الالتزامات و الاتفاقات بصفة عامة دونما تخصيص وبالتالي لا يمكن مسايرة تفسيره في هذا الباب، لان الالتزامات جاءت شاملة، وأن الأجر يعتبر دينا هو كذلك في ذمة المشغل.
خاصة وأن الالتزام يطلق على كل تعهد أو واجب كيفما كان مصدره وإن لم تكن له علاقة بجانب الذمة المالية للفرد، أكثر من ذلك فالفصل443 ق ل ع جاء في القسم السابع من ظهير الالتزامات والعقود وهو نفس القسم الذي يضم الفصل 401 الذي طبقه القرار على نازلة الحال، واستبعد الأول، وبالتالي فإما أن يتم استبعادهما معا أو تطبيقها معا، وبذلك يكون القرار قد خرق القانون بقيامه باستبعاد تطبيق الفصل 443 ق ل ع.
ه ـــ خرق الفصل 38 ق ل ع: وكما لا يمكن مسايرة القرار أيضا حينما اعتبر أن التصرفات الصادرة عن الأجيرة تفيد القبول الضمني الفعلي لتعديل العقد على مستوى الأجرة، وإقرارا منها بالتعديل ضمنيا تماشيا مع مقتضيات الفصل 38 ق ل ع[8].
لكن الفصل المذكور نجده يتحدث عن كون استنتاج الرضا لا يمكن أن يتم إلا بتوفر عنصرين اثنين، الأول هو حصول التصرف في حضوره، والثاني أن يكون قد أعلم بحصوله على وجه سليم. وهما شرطان لم يتحققا حتى يمكن القول بأن الفصل ينطبق على نازلة الحال.
إذ أنه من جهة أولى فالتصرف هنا هو الإنقاص، لم يتم بحضور الأجيرة، خاصة وأن الأجر لم تكن تتوصل به يدا بيد، كما أن القرار أخذ بأقوال المشغلة على إطلاقها واعتبر الاجتماعات المتحدث عنها من طرفها تتعلق بالموافقة[9]، والحال أنها كانت مجرد مشاورات واقتراحات لم يتم الموافقة عليها من طرف الأجيرة، بل إنها دليل على عدم الموافقة.
ومن جهة ثانية، فشرط تطبيق الفصل 38 ق ل ع أن يكون من يواجه به قد أُعــــــلــــــم بشكل صحيح وسليم، وهو أيضا شرط لم يتم حصوله، إذ أن المشغلة كانت تقوم بإجراء تحويل بنكي لأجر الأجيرة، وقد اعتادت على تحويله ناقصا طيلة سنة 2014 وتحويل الباقي أو تتمة الأجر في الشهر الموالي، وهو أمر حال دون معرفة حقيقة الإنقاص حينما تم إحالة أجرة شهر يناير 2015 لحساب الأجيرة بتاريخ 24 فبراير 2015 مع تكملة أجرة دجنبر 2014.
كما أن المشغلة لم تقم بإعلام الأجيرة كتابة، من خلال مراسلتها أو مراسلة الجهات المعنية، كما أنها لم تسلمها ورقة الأداء، وبطاقة الأداء وفق ما هو منصوص عليه في المواد 370 و23 من مدونة الشغل (سيتم تفصيل خرقهما أدناه)، فهذا هو الإعلام الحقيقي، أما التحويل البنكي بالإضافة إلى الطريقة التي كان فيها تدليس يستعصي معه معرفة حقيقة الإنقاص، فلا لا يمكن اعتمادها كوسيلة للعلم.
وعليه يمكن القول أن القرار الذي اعتمد على الموافقة الضمنية انطلاقا من الفصل 38 ق ل ع لم يلاحظ أن شروط تطبيقه لا تنطبق على واقع النازلة وفق ما تم بيانه أعلاه.
ولا يمكن القول بكون عقد العمل هو في أصله رضائي لا يحتاج إلى الكتابة، ما دام أن الأطراف قد وثقوا العقد الأصلي، إلا وأنهم قطعوا مع الرضائية واختاروا الكتابة من أجل توثيق تصرفاتهم، وبذلك قد حددوا طريقة إجراء أي تعديل أو تعاقد جديد لا يمكن تصوره إلا وفق الشكل المتفق عليه والموثق به الالتزام الاصلي، والاختيار من خلال تسليم ملحق العقد، وتأكيد ذلك هو تسليم ملحق العقد الذي يفيد ارتضاء الكتابة لانعقاد العقد.
ثـــانــيـــا: حول توصل الأجير بالأجر ناقص لا يعتبر تنازلا عن حقه، ولا يفيد الموافقة على الانقاص.
ـــ خرق المادة 370/2 من مــدونـة الشــغـــل: لقد اعتبر القرار أن توصل الأجيرة بأجرها عن ثلاثة أشهر، كافيا للقول بانها وافقت على تعديل الأجر أو تنازلت عن حقها في المطالبة بتكملة الفارق.
لكن لا يمكن الاعتداد بما جاء في القرار، وذلك لكون مدونة الشغل لا تعتبر التوصل بالأجر ناقصا تنازلا عن الباقي.
طبقا للمادة 370/2 من مدونة الشغل[10] يبقى عديم الأساس، أي قول يرمي إلى ادعاء موافقة الأجيرة لمجرد توصلها باجرها عـــــــــــن ثلاثة أشهر، وأن الأجر الذي تم إنقاصه للأجيرة يبقى من حقها المطالبة به، واسترجاعه.
وعليه يتضح على أنه لا يمكن اعتبار توصل الأجير بأجره الناقص موافقة منه على التعديل بصريح النص، كما أن توصله هذا لا يعتبر تنازلا منه عن باقي الأجر، هذا فضلا عن كون الوسائل غير الواضحة المستعملة من طرف المشغلة وفق ما سيتم بيانه ساهمت في عدم معرفة حقيقة الإنقاص.
إذ يكون القرار حينما اعتبر أن توصل الأجيرة بالأجر بدون تحفظ، موافقة على الإنقاص، وكذا تنازلا منها عن المطالبة بباقي أجرها، وعدم تمكينها من الباقي مخالف للقانون.
ـ ثالثا: انعدام علم الأجيرة بالإنقاص ووسيلة العلم بالأجر المعتمدة قانونا.
ــ خرق المادة 14 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 95 بشأن حماية الأجور[11]: لقد ألزمت الاتفاقية المذكورة إخبار الأجير بأي تغيير في أجره بطريقة واضحة وميسورة الفهم لا لبس فيها، بينما الطريقة التي تم فيها الإنقاص فيها كثير من التدليس والغموض الشيء الذي ينتفي معه الوضوح ويوقع اللبس في الأذهان، انطلاقا من عدم تسليم ورقة الأداء للأجراء وصولا إلى التحويلات الناقصة للأجر وفق ما سيتم بيانه في النقطة الرابعة أدناه.
ــ خرق المادة 23 مدونة الشغل (الفقرتين 3 و 5) حيث اعتبر القرار موضوع التعليق أن التحويل البنكي كاف للقول بحصول علم الأجيرة بالإنقاص.
في حين، أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الأخذ بهذا التعليل، لأن وسيلة إثبات العلم بالأجر قد حددها المشرع وحصرها فقط في بطاقة الشغل وورقة الأداء.
فالمشرع اعتبر كل من بطاقة الأداء والشغل وسيلة لإخبار الأجير بما طرأ على وضعيته من تغيير، ولا شيء غيرها يقوم مقامها طبقا للمادة 23 من مدونة الشغل[12].
ــــ خرق الفقرة الأولى من المادة 370/1: كما أن المشرع المغربي حدد وسيلة أخرى للإطلاع على الأجر واعتبر أن ورقة الأداء هي وثيقة إثبات لا يمكن الاعتماد على ما سواها، وفق ما نصت عليه المادة 370 في فقرتها الأولى،[13] وهو ما يصعب معه القول باعتبار أن التحويل البنكي وحده كفيل للقول بالعلم.
ومادام أن المشغلة أقرت بعدم تمكينها الأجيرة من ورقة الأداء وسيلة الإثبات الوحيدة لمعرفة حقيقة الأجر، خاصة وأنها اعتادت تسليمها للأجيرة، وتوقف عن ذلك لإخفاء واقعة الإنقاص على المعنية بالأمر، ولا يمكن الاعتماد على ما سواها.
ونتيجة لما سبق يبقى من غير المنطقي الحديث عن العلم والقبول الضمني أمام إلزام النص بتسليم ورقة الأداء واعتبارها الوثيقة الوحيدة الكفيلة بإثبات الاجر، وهو عبء ملقى على عاتق المشغل وليس الأجير.
مع التأكيد مرة أخرى على ان العمل القضائي، استقر على عدم إمكانية الاعتماد على الاطلاع على الحساب البنكي للقول بالعلم، لأن الاحكام تبنى على اليقين لا على الظن.
ـــ خرق المادة 491 من مدونة التجارة : هذا فضلا عن كون المادة 491 من مدونة التجارة التي تنص على أن البنك يوجه نسخة من كشف الحساب للزبون كل ثلاثة أشهر على الاقل، و ما دام أن الاجر الخاص بشهر يناير لم يتم تحويله إلا بتاريخ 24 فبراير 2015 فمن الطبيعي أنه لن تتوصل به الأجيرة إلا من خلال كشف الحساب بعد مرور المدة المنصوص عليها قانونا، وبالضبط بعد تجاوز منتصف الشهر بكثير، و بالتالي فهذه قرينة أخرى على عدم علم الأجيرة بالإنقاص، وأن القرار الاستينافي اعتمد فيما قضى به على مجرد التخمين والظن، وهو أمر لا يستقيم.
وكما سبق للأجيرة وأن أوضحت، أن التحويلات البنكية كانت تتم بطريقة تحول دون الوقوف على حقيقة الانقاص، وأن الإطلاع على الحساب البنكي لا يمكن بتاتا أن يكون قرينة على القبول الضمني للانقاص(قرار محكمة الاستيناف التجارية بالدار البيضاء عدد 171/2001 مؤرخ في 23/1/2001 ملف عدد 1469/99/10).[14]
ويستنتج من هذا، أن العلم لا يمكن افتراضه من مجرد التوصل بالكشوف الحسابية وإنما من تاريخ العلم الحقيقي، وبذلك فالعلم الذي بني عليه القرار موضوع التعليق يكون غير سليم، مادام أن الأجيرة أدلت بما يفيد صعوبة معرفة حقيقة الإنقاص انطلاقا من التدليس والطرق الاحتيالية المستعملة من طرف المشغل.
وبالتالي أمام هذه المعطيات لا يمكن الركون إلى القول ان الأجيرة قد ارتضت بالتعديل الجوهري، وإنما تم التحايل عليها في ذلك والقضاء ساير المشغل في ما ذهب إليه.
رابعا: استعمال وسائل تدليسية لإخفاء واقعة الانقاص
ــــ خرق الفصلين 52 و53 ق ل ع: كما هو معلوم فالتدليس يكون نتيجة لأعمال احتيالية يقوم بها شخص آخر بقصد إيقاع صاحب الإرادة في الغلط، بشكل يدفع على الاعتقاد أن هذا الأخير قد وافق على الاتفاق، ويتم ذلك باستعمال الحيل والتضليل والتمويه والخداع، عن طريق إيهامه بغير الحقيقة وهو الغلط المستثار.
وحيث سبق للأجيرة وأن أوضحت من خلال مذكرة بيان أوجه استينافها، بواسطة جدول بياني، على الأساليب الاحتيالية المستعملة من طرف المشغلة، بشكل حال دون معرفتها حقيقة الإنقاص.
وقد اعتبر القرار الإستينافي أن مسألة العلم قد تحققت لدى الأجيرة، من خلال اطلاعها على حسابها البنكي، بالنظر لكون الأجر يتم تحويله لحسابها الخاص، وعدم الأخذ بالدفع المتعلق بعدم تسليم المشغل لها لورقة الأداء، بالإضافة إلى الوسائل التدليسية المستعملة من خلال التحويلات البنكية الناقصة، التي تؤكد بما لا يجعل مجالا للشك انعدام الموافقة على الإنقاص.
خامسا: الأزمة الاقتصادية
ــــ خرق المواد 66 و 185 و 186 من مدونة الشغل لقد اعتمد القرار موضوع التعليق لتبرير الانقاص من الأجر بإرادة منفردة على الازمة الاقتصادية التي تمر منها الشركة[15].
والحال أنه للقول بوجود أزمة اقتصادية لا بد من المرور بمجموعة من المساطر لم يتم احترامها، وأن إنقاص الأجر بناء على وجود أزمة اقتصادية يكون مصحوبا بالإنقاص من ساعات العمل التي تؤثر على الاجر بالإنقاص.
إذ أن القانون من خلال مدونة الشغل يتحدث عن أن المشغل الذي يمر من أزمة اقتصادية لا بد من أن يسلك المسطرة الإدارية المنصوص عليها، ويتم التخفيض من ساعات العمل يقابل قيمة الأجر، والأجر يتقاضاه الأجير على أساس الساعات التي يشتغلها، أما القول بالانقاص من الأجر دون تخفيض ساعات العمل لا يمكن الأخذ بها، ويبرز سوء نية المشغلة للتهرب من مقتضيات الفصل الجماعي، وأن رفض الأجيرة للاستمرار في هذه الظروف لا يمكن أن يعتبر إلا فصلا مقنعا، لأن عدم احترام المشغلة لالتزاماتها من خلال إتباع المسطرة المنصوص عليها في المواد 66 و 185 و186 من مدونة الشغل، هو الدافع الأساسي للمغادرة.
فالحل الذي أوجده المشرع في حالة وجود أزمة اقتصادية، هو التخفيض من ساعات العمل إلى أن تمر الأزمة الاقتصادية، وإن استمرت الأزمة سوف نصل إلى مسطرة الفصل الجماعي لأسباب اقتصادية، ما دام أن المشغل لم يستطع الخروج من الضائقة المالية، وهي أمور لم تتبعها المشغلة، وبالتالي يكون القرار قد ألزم الأجيرة بالكتابة، وهي الطرف الضعيف في المعادلة، واعتمد على الظن لفائدة المشغلة، ولم يطالبها بوثائق محاسباتية تفيد مرورها بضائقة مالية، كما أنه لم يتأكد من وجود مراسلات مع الجهات الإدارية المختصة.
وبذلك فتعليل القرار الاستينافي بكون المشغلة تمر بأزمة اقتصادية دون التأكد من ذلك أو الإدلاء بما يفيد ذلك من طرفها، ودون سلوك المسطرة الإدارية المنصوص عليها في المواد المشار إليها أعلاه، تكون قد خرقت القانون عندما استنتجت الأزمة الاقتصادية دون قيام الدليل عليها، وأنها أيضا أغفلت مراقبة مدى تطابق تخفيض الأجر مع تخفيض ساعات العمل، لأن المشرع منع صراحة الإنقاص من الأجر إلا في حدود معينة، وهو ما لم تحترمه المشغلة، ولم يحترمه أيضا القرار الاستينافي.
سادسا: عدم الاستجابة لإجراء بحث في النازلة:
بالرغم من كون محكمة النقض قد اعتبرت في مجموعة من قراراتها أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجراء البحث متى توفرت لديها من العناصر المعروضة عليها ما يكفي للبت في النازلة (قرار محكمة النقض بجميع الغرف قرار عدد 888 المؤرخ في 20/3/2006 ملف مدني عدد 168/1/2/2005)[16]، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هل محكمة الاستيناف قد استجمعت خيوط النزاع بشكل يجعلها تستغني عن إجراء البحث؟ وأن ما أثير من طرف الأجيرة، وفق ما تم بيانه أعلاه، لم يكن يستوجب إجراء بحث؟
فبالرجوع إلى مذكرات الأجيرة نجدها قد التمست في مذكرة بيان أوجه استينافها إجراء بحث، خاصة وأن المشغلة أوردت في مذكرة بيان استينافها، أيضا، أنها قامت بإجراء مجموعة من الاجتماعات مع أجرائها، دون التطرق للتواريخ، التي توضح متى تم عقدها، وتهدم قرينة الموافقة.
ولكي تتمكن المحكمة من بسط رقابتها ووضع صورة واضحة للنزاع برمته، كان من المفروض عليها إجراء بحث في النازلة، للتطرق للوقائع السابقة، ولتأكيد انعدام الموافقة على الإنقاص، ومناقشة الجدول البياني للتحويلات المفصل من طرف الأجيرة في مذكرة بيان أوجه الاستيناف، وذلك وفق ما يقتضيه الفصل 71 من قانون المسطرة المدنية، وعدم إجرائه ولا الجواب عليه يجعل من القرار مخالفا للقانون.
()()()()()()()()()()()()()
وكنتيجة لما سبق بيانه فإنقاص المشغلة لأجر الأجيرة دون موافقتها الصريحة، بل بالعكس أمام رفضها الصريح للتوقيع على ملحق العقد المسلم لها، ومحاولة فرض الأمر الواقع عليها، يعد إنهاءً تعسفيا لعلاقة العمل من طرف المشغلة، وليست مغادرة تلقائية للأجيرة لمكان عملها.(قرار محكمة النقض عدد 943 المؤرخ في 4/11/2010 ملف اجتماعي عدد 1365/5/1/2009)[17]
وهو التوجه الذي كرسه قرار صادر أيضا عن محكمة الاستيناف بالرباط في نازلة مماثلة تماما، مع نفس المشغل ونفس الوقائع والحيثيات[18]، إذ لم يأخذ بالموافقة الضمنية واعتبر أن ما تعرض له الأجير هو فصل تعسفي لأن عدم التوقيع على ملحق العقد هو دليل قاطع على رفض الانقاص.(قرار محكمة الاستيناف بالرباط 1313 الصادر بتاريخ 25/10/2016 في الملفين المضمومين عدد 1636/1501/2015 و 326/1501/2016)
الهوامش
التعليق
التعليق على القرار الحالي الغاية منه فتح نقاش حول أهمية المؤسسات ودورها في حفظ الحقوق والحريات، وكذا بيان خطورة انهيار الثقة في تلك المؤسسات التي تشكل الملاذ الأخير للمواطن المظلوم، فبجرة قلم بسيطة يمكن لذلك المواطن البسيط أيضا أن يتحول، في رمشة عين، إلى معارض شرس لايؤمن بمقومات الدولة الحديثة ومؤسساتها، وهو الأمر الذي نتمنى أن لا نصل إليه، لكن لن يكون ذلك إلى إذا كانت هناك مراقبة ثم محاسبة للمسؤول الحقيقي وليس ذلك الطرف الضعيف الذي يتم غالبا تحميله المسؤولية.
ومن هنا نقول أن القرار موضوع التعليق له علاقة بصرخة تلك الأجيرة التي اعتبرت نفسها مظلومة من طرف مشغلها، فتوجهت إلى القضاء لإنصافها، وتحولت بذلك معركتها من معركة مع المشغلة إلى معركة مع القضاء.
فقد عرض على أنظار محاكم الرباط نزاع يدخل في خانة نزاعات الشغل، إشكاليته المحورية هي كالتالي: هل يجوز إنقاص أجر الاجير دون موافقته؟ وهل الانقاص دون موافقة الاجير تعتبر فصلا تعسفيا مقنعا أم لا؟ وهل يمكن الأخذ بالموافقة الضمنية أم لا؟
من أجل القيام بالتعليق على القرار لابد من التطرق إلى الوقائع (I) لننتقل إلى المناقشة القانونية فيما بعد (II).
I ـ عرض الوقائـــع
ـــ خلال المرحلة الابتدائية:تقدمت الأجيرة بمقال افتتاحي أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، بتاريخ 23 أبريل 2015، تعرض فيه أنها التحقت للعمل بالشركة المدعى عليها منذ 1/2/2006،كمهندسة معمارية، بمقتضى عقد عمل كتابي.
غير أن المشغلة قامت بإنقاص أجرها، دون أخذ موافقتها على ذلك، وأنها لم تتحقق من التعديل بصفة فعلية إلا من خلال الاطـلاع على وضعيتها لدى صندوق الضمان الاجتماعي، خاصة وأن الشركة المشغلة، كانت تقوم بتحويلات بنكية لأجرها بشكل ناقص لتكمله فيما بعد، طيلة السنة السابقة عن الإنقاص الفعلي، مما يعقد أمر التأكد من عملية الإنقاص، وأنه فور علمها ومواجهتها من طرف المشغلة بسياسة الأمر الواقع، باشرت إلى إقامة الدعوى. مع الإشارة إلى أن الامر لم يطل جل الاجراء بل اقتصر عليها فقط وعلى مجموعة ضيقة من زملائها في العمل، وهو أمر ينم عن محاولة التضييق عليها وممارسة التمييز ضدها داخل مؤسسة العمل.
تم تعيين الملف بجلسة 29/5/2015 التي تم فيها الادلاء، من طرف الأجيرة، بالوثائق المعززة للطلب وهي: صورة طبق الأصل من عقد العمل وأصل ورقة الأداء، صورة طبق الأصل من شهادة العمل، ووثيقة صادرة عن صندوق الضمان الاجتماعي، وكذا تم الإدلاء بمجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقض.
وخلال جلسة 11/9/2015 أجابت المشغلة واعتبرت أن الأجيرة سبق لها وأن وافقت على تخفيض الأجر، وأنها غادرت العمل من تلقاء نفسها، ما دام أنها توصلت بأجرها عن ثلاثة أشهر ولم تنازع فيه.
لتتقدم الأجيرة بجلسة 18/9/2015 بمذكرة تعقيب، والتمست من المحكمة الوقوف على إقرار المشغلة بعدم موافقتها، أي الأجيرة، على الإنقاص بالنظر لعدم التوقيع على ملحق العقد، وأن ما هو ثابت كتابة لا يمكن إثبات ما يخالفه بشهادة الشهود، وأن واقعة العلم لم تتم إلا بعد الاطلاع على وضعيتها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأن توصلها بالأجر ناقص لا يمكن اعتباره تنازلا عن حقها في الاجر ولا على تعديله.
لترد على التعقيب المشغلة بجلسة 23/10/2015 وتتمسك بواقعة المغادرة التلقائية وأن الإنقاص تم بموافقة الأجيرة، فتم حجز الملف للتأمل لجلسة 30/10/2015، التي صدر بشأنها الحكم، قضى برفض الطلب بخصوص التعويضات الناتجة عن الفصل والحكم بتكملة أجرة ثلاثة أشهر.
ـــــ خلال المرحلة الاستينافية: استأنف الحكم من طرف كل من الاجيرة والمشغلة، فتح لاستيناف الأجيرة الملف عدد 1635/1501/2015، وركزت في بيان أوجه استينافها على انه لم يسبق لها وأن وافقت على الانقاص ولا يمكن الاخذ بالموفقة الضمنية، وأن هناك أساليب استعملت من طرف المشغلة حالت دون معرفتها بحقيقة الانقاص.
بينما فتح لاستيناف المشغلة الملف عدد 412/1501/2016، الذي أثار فيه أن الأجيرة لا تستحق التعويضات المحكوم بها ابتدائيا المتعلقة بتكملة الأجر، وكذا حول طريقة احتساب أجرة شهر أبريل والعطلة السنوية، وأن الإنقاص كان بسبب الأزمة الاقتصادية بعد موافقة الاجيرة.
تقرر ضم الملفين، وبعد تبادل المذكرات تقرر حجز الملف للمداولة لجلسة 14 يونيو 2016، مددت لجلسة 21 يونيو 2016، التي صدر فيها القرار.
II ـــ المــنـــاقـــشــــة الــــقــــانـــونـــيـــة:
لقد قضى القرار عدد:1043 الصادر عن محكمة الاستيناف بالرباط في الملفين المضمومين عدد: 412/1501/2016 و1635/1501/2015 الصادر بتأييد رفض طلب الأجيرة فيما يتعلق بالتعويضات الناتجة عن الفصل التعسفي واعتبرها قد غادرت العمل بصفة تلقائية، وهو ما يستوجب طرح الأسئلة التالية:
- هل يجوز تعديل عنصر جوهري في عقد العمل الذي هو الأجر دون موافقة الأجيرة؟ وهل مجرد توصل الأجيرة بملحق عقد العمل، دون التوقيع عليه يعتبر موافقة؟ وهل يمكن الاعتماد فقط على الموافقة الضمنية؟
- هل التحويلات البنكية للأجر، بالرغم ما شابها من تدليس، يمكن اعتبارها وسيلة لعلم الأجيرة بالإنقاص في غياب ورقة الأداء؟
- هل ما اعتمده القرار للقول بالأزمة الاقتصادية دون اتباع مساطرها أمر سليم ؟
- وإن كانت هناك أزمة اقتصادية هل يمكن انقاص الأجر دون إنقاص ساعات العمل؟
- ولماذا لم تلجأ المحكمة إلى إجراء بحث في النازلة؟؟؟
نجد القرار موضوع التعليق أخذ بالموافقة الضمنية للأجيرة عن الانقاص، لكن أعتقد أن التعليل[1] جاء مخالف للقانون وفق مايلي:
أ ـــ خرق الفصلين 2 و 19 من ق ل ع: لقد نص قانون الالتزامات والعقود في فصله الثاني على أن التعبير الصحيح عن الإرادة الذي يقع على العناصر الأساسية للإلتزام هو ركن لصحة أي التزام، كما أن أي اتفاق لا يمكن له أن يتم إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للإلتزام، وبما أن الأجر هو أهم عنصر من عناصر عقد العمل، وبالتالي يحتاج إلى تعبير صريح واتفاق سليم لا لبس فيه، ولا يمكن القول بالموافقة الضمنية، وذلك بالنظر لما لحساسية العنصر الذي انصب عليه التغيير والتعديل ألا وهو الأجر، وهو ما يفيد على أن التعبير عن الإرادة بخصوص الأجر ينبغي أن يخلو من أي شوائب يمكن أن تطاله، وأن أي شك يفسر لصالح الأجير.
وكنتيجة لما سبق فالقبول ينبغي أن يطابق الإيجاب مطابقة تامة، ليتم العقد، ولن يكون هذا التطابق فيما بين الإرادتين إلا باتجاههما إلى شيء واحد، من خلال توافق تام حول موضوع الإلتزام وسببه[2].
فهنا يجب أن يكون التعبير عن الإرادة، تعبيرا صريحا ولا يكتفي بالتعبير الضمني، فعلى القضاء أن يتشدد ولا يدع مجالا لافتراض إرادة ضمنية، خاصة في مجال عقود العمل، التي يختفي فيها التوازن العقدي. لأن السكوت إن دل، ضمنا، على شيء فأولى أن تكون دلالته الرفض لا القبول، والعدم لا ينتج إلا العدم، وبالتالي فلا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين صراحة، طبقا لمقتضيات الفصل 19 ق ل ع.
ب ـــ خرق الفصل 230 ق ل ع: كما أن الأجيرة تمسكت في جميع مراحل الدعوى بكون العقد الرابط بينها وبين الشركة المطلوبة في النقض كان كتابيا، أي أن العقد الأصلي هو كتابي، وطبقا للفصل 230 ق ل ع الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضائهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون، وبذلك فإن أي تعديل ينبغي أن يتم وفق ما تم الاتفاق عليه، أي توازي شكليات التعديل مع شكليات الانعقاد.
ج ـــ خرق الفصل 402 ق ل ع: هذا فضلا عن كون المشغل الذي هو الموجب، قد قطع مع الرضائية حينما سلم للأجيرة ملحق عقد وانتظر المصادقة على التوقيع، مما يعني أنه قد اختار الكتابة كوسيلة للتعبير عن الارادة[3].
بناء عليه، يتضح أن المشغلة حينما تقدمت بالإيجاب، فرضت نوعا معينا من القبول، وهو التوقيع على ملحق العقد، ولم تقف على مجرد التوقيع عليه، وإنما المصادقة عليه لدى السلطات المختصة.
وهو ما يعني أن القبول الذي لا يأتي في مثل هاته الصورة لا يمكن الأخذ به مادام أن من صدر عنه الإيجاب، وضع معايير القبول، لكنه لم يحترمها، وبالتالي فالقبول الضمني لا مجال للقول به في هذا الباب، أمام صراحة ووضوح القناة التي عبر عنها المشغل لورود القبول، وأن الأجيرة لم توقع على العقد، ولم تبدِ أي قبول من طرفها.
والدليل على ذلك، هو ما أكدت عليه المشغلة، من كون كل من وافقوا من باقي الأجراء أدلوا بملحق العقد موقع عليه، إلا الأجيرة وأربعة من زملائها، وهي قرينة قوية على أن من وافق أدلى بملحق العقد مصادق على توقيعه لدى الجهات المختصة[4]، والذين لم يوافقوا لم يدلوا بالملحق المسلم إليهم، وهو دليل قاطع على عدم الموافقة.
إذن يتضح أن الموافقة هي مقرونة بتسليم ملحق العقد مصادق على التوقيع المضمن فيه لدى المصالح الإدارية المختصة، وأن الموافقة الضمنية لا محل لها.
فالقبول لن تكون له قائمة ما لم يثبت أن إرادة الطرفين كانت باتة في القصد إليه، بحيث إنه لا مناص من أن يثبت أن إرادة كل واحد من الطرفين المتنازعين كانت واعية ومتبصرة واتجهت فعلا إلى إحداث الأثر القانوني المدعى به في هذا الإطار، مع التأكيد على أن إرادة الموجب وحدها لا تنشئ أي التزام بذمة من وجه إليه الإيجاب. أي أن أي التزام بهذا المعنى ليس له وجود.
بمعنى أن تنفيذ مقتضيات الاتفاق لا يمكن البدء فيها إلا بعد إرجاع ملحق العقد موقع ومصادق على ذلك التوقيع لدى السلطات المختصة، وهو ما لم تحترمه المشغلة.
وعليه فما ذهب إليه القرار من اعتبار أن تسلم الأجيرة لملحق العقد بدون تحفظ واستمرارها في العمل دون إنجاز ملحق عقد الشغل، موافقة على ما جاء فيه، لا يستقيم وفيه مخالفة صريحة للقانون خاصة للفصل 402 ق ل ع[5] الذي اعتبر أن الاطراف إذا اختاروا طريقة معينة للتعبير عن الإرادة فهم ملزمين بها.
وبذلك فالموجب، مصدر الإيجاب، اختار شكلية معينة للتعاقد، وهي التعاقد كتابة، وبالتالي لا ينبغي أن يأتي القبول خارج ما فرضه القانون والاتفاق، خاصة وأن العقد الأصلي هو كتابي وبالتالي تم القطع مع الرضائية بدون كتابة، وبالتالي نحن بحاجة إلى توازي شكلية التعديل مع شكلية الانعقاد. أي أن العقد الشكلي لا يكفي لانعقاده توافر الرضاء بين طرفيه، بل لابد أن يفرغ ويصب هذا الرضاء في قالب أو شكل خاص حدده القانون أو الأطراف، حيث يعتبر ركنا في انعقاد العقد، إذ لا يكون له وجود بدونه. وغني عن البيان ان استلزام شكل معين في الرضاء بالعقد، يترتب على إصدار الرضاء دون إتمامه، بطلان التصرف وعدم انعقاده.
د ـــ خرق الفصل 443 ق ل ع: كما أنه من المعلوم أن الأفعال القانونية التي من شأنها تعديل الالتزامات والتي تتجاوز 10.000 درهم يتعين أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية، والوقائع الثابتة كتابة لا يمكن إثبات ما يخالفها بشهادة الشهود، وذلك طبقا للفصل 443 ق ل ع[6] .
لكن القرار عندما استبعد تطبيق هذا الفصل بعلة أنه يختص بالالتزامات المترتبة عن الدين[7]، يكون قد خرق تطبيق القانون وفسر الفصل على غير ما هو عليه، إذ أولا فالفصل يتحدث عن الالتزامات و الاتفاقات بصفة عامة دونما تخصيص وبالتالي لا يمكن مسايرة تفسيره في هذا الباب، لان الالتزامات جاءت شاملة، وأن الأجر يعتبر دينا هو كذلك في ذمة المشغل.
خاصة وأن الالتزام يطلق على كل تعهد أو واجب كيفما كان مصدره وإن لم تكن له علاقة بجانب الذمة المالية للفرد، أكثر من ذلك فالفصل443 ق ل ع جاء في القسم السابع من ظهير الالتزامات والعقود وهو نفس القسم الذي يضم الفصل 401 الذي طبقه القرار على نازلة الحال، واستبعد الأول، وبالتالي فإما أن يتم استبعادهما معا أو تطبيقها معا، وبذلك يكون القرار قد خرق القانون بقيامه باستبعاد تطبيق الفصل 443 ق ل ع.
ه ـــ خرق الفصل 38 ق ل ع: وكما لا يمكن مسايرة القرار أيضا حينما اعتبر أن التصرفات الصادرة عن الأجيرة تفيد القبول الضمني الفعلي لتعديل العقد على مستوى الأجرة، وإقرارا منها بالتعديل ضمنيا تماشيا مع مقتضيات الفصل 38 ق ل ع[8].
لكن الفصل المذكور نجده يتحدث عن كون استنتاج الرضا لا يمكن أن يتم إلا بتوفر عنصرين اثنين، الأول هو حصول التصرف في حضوره، والثاني أن يكون قد أعلم بحصوله على وجه سليم. وهما شرطان لم يتحققا حتى يمكن القول بأن الفصل ينطبق على نازلة الحال.
إذ أنه من جهة أولى فالتصرف هنا هو الإنقاص، لم يتم بحضور الأجيرة، خاصة وأن الأجر لم تكن تتوصل به يدا بيد، كما أن القرار أخذ بأقوال المشغلة على إطلاقها واعتبر الاجتماعات المتحدث عنها من طرفها تتعلق بالموافقة[9]، والحال أنها كانت مجرد مشاورات واقتراحات لم يتم الموافقة عليها من طرف الأجيرة، بل إنها دليل على عدم الموافقة.
ومن جهة ثانية، فشرط تطبيق الفصل 38 ق ل ع أن يكون من يواجه به قد أُعــــــلــــــم بشكل صحيح وسليم، وهو أيضا شرط لم يتم حصوله، إذ أن المشغلة كانت تقوم بإجراء تحويل بنكي لأجر الأجيرة، وقد اعتادت على تحويله ناقصا طيلة سنة 2014 وتحويل الباقي أو تتمة الأجر في الشهر الموالي، وهو أمر حال دون معرفة حقيقة الإنقاص حينما تم إحالة أجرة شهر يناير 2015 لحساب الأجيرة بتاريخ 24 فبراير 2015 مع تكملة أجرة دجنبر 2014.
كما أن المشغلة لم تقم بإعلام الأجيرة كتابة، من خلال مراسلتها أو مراسلة الجهات المعنية، كما أنها لم تسلمها ورقة الأداء، وبطاقة الأداء وفق ما هو منصوص عليه في المواد 370 و23 من مدونة الشغل (سيتم تفصيل خرقهما أدناه)، فهذا هو الإعلام الحقيقي، أما التحويل البنكي بالإضافة إلى الطريقة التي كان فيها تدليس يستعصي معه معرفة حقيقة الإنقاص، فلا لا يمكن اعتمادها كوسيلة للعلم.
وعليه يمكن القول أن القرار الذي اعتمد على الموافقة الضمنية انطلاقا من الفصل 38 ق ل ع لم يلاحظ أن شروط تطبيقه لا تنطبق على واقع النازلة وفق ما تم بيانه أعلاه.
ولا يمكن القول بكون عقد العمل هو في أصله رضائي لا يحتاج إلى الكتابة، ما دام أن الأطراف قد وثقوا العقد الأصلي، إلا وأنهم قطعوا مع الرضائية واختاروا الكتابة من أجل توثيق تصرفاتهم، وبذلك قد حددوا طريقة إجراء أي تعديل أو تعاقد جديد لا يمكن تصوره إلا وفق الشكل المتفق عليه والموثق به الالتزام الاصلي، والاختيار من خلال تسليم ملحق العقد، وتأكيد ذلك هو تسليم ملحق العقد الذي يفيد ارتضاء الكتابة لانعقاد العقد.
ثـــانــيـــا: حول توصل الأجير بالأجر ناقص لا يعتبر تنازلا عن حقه، ولا يفيد الموافقة على الانقاص.
ـــ خرق المادة 370/2 من مــدونـة الشــغـــل: لقد اعتبر القرار أن توصل الأجيرة بأجرها عن ثلاثة أشهر، كافيا للقول بانها وافقت على تعديل الأجر أو تنازلت عن حقها في المطالبة بتكملة الفارق.
لكن لا يمكن الاعتداد بما جاء في القرار، وذلك لكون مدونة الشغل لا تعتبر التوصل بالأجر ناقصا تنازلا عن الباقي.
طبقا للمادة 370/2 من مدونة الشغل[10] يبقى عديم الأساس، أي قول يرمي إلى ادعاء موافقة الأجيرة لمجرد توصلها باجرها عـــــــــــن ثلاثة أشهر، وأن الأجر الذي تم إنقاصه للأجيرة يبقى من حقها المطالبة به، واسترجاعه.
وعليه يتضح على أنه لا يمكن اعتبار توصل الأجير بأجره الناقص موافقة منه على التعديل بصريح النص، كما أن توصله هذا لا يعتبر تنازلا منه عن باقي الأجر، هذا فضلا عن كون الوسائل غير الواضحة المستعملة من طرف المشغلة وفق ما سيتم بيانه ساهمت في عدم معرفة حقيقة الإنقاص.
إذ يكون القرار حينما اعتبر أن توصل الأجيرة بالأجر بدون تحفظ، موافقة على الإنقاص، وكذا تنازلا منها عن المطالبة بباقي أجرها، وعدم تمكينها من الباقي مخالف للقانون.
ـ ثالثا: انعدام علم الأجيرة بالإنقاص ووسيلة العلم بالأجر المعتمدة قانونا.
ــ خرق المادة 14 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 95 بشأن حماية الأجور[11]: لقد ألزمت الاتفاقية المذكورة إخبار الأجير بأي تغيير في أجره بطريقة واضحة وميسورة الفهم لا لبس فيها، بينما الطريقة التي تم فيها الإنقاص فيها كثير من التدليس والغموض الشيء الذي ينتفي معه الوضوح ويوقع اللبس في الأذهان، انطلاقا من عدم تسليم ورقة الأداء للأجراء وصولا إلى التحويلات الناقصة للأجر وفق ما سيتم بيانه في النقطة الرابعة أدناه.
ــ خرق المادة 23 مدونة الشغل (الفقرتين 3 و 5) حيث اعتبر القرار موضوع التعليق أن التحويل البنكي كاف للقول بحصول علم الأجيرة بالإنقاص.
في حين، أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الأخذ بهذا التعليل، لأن وسيلة إثبات العلم بالأجر قد حددها المشرع وحصرها فقط في بطاقة الشغل وورقة الأداء.
فالمشرع اعتبر كل من بطاقة الأداء والشغل وسيلة لإخبار الأجير بما طرأ على وضعيته من تغيير، ولا شيء غيرها يقوم مقامها طبقا للمادة 23 من مدونة الشغل[12].
ــــ خرق الفقرة الأولى من المادة 370/1: كما أن المشرع المغربي حدد وسيلة أخرى للإطلاع على الأجر واعتبر أن ورقة الأداء هي وثيقة إثبات لا يمكن الاعتماد على ما سواها، وفق ما نصت عليه المادة 370 في فقرتها الأولى،[13] وهو ما يصعب معه القول باعتبار أن التحويل البنكي وحده كفيل للقول بالعلم.
ومادام أن المشغلة أقرت بعدم تمكينها الأجيرة من ورقة الأداء وسيلة الإثبات الوحيدة لمعرفة حقيقة الأجر، خاصة وأنها اعتادت تسليمها للأجيرة، وتوقف عن ذلك لإخفاء واقعة الإنقاص على المعنية بالأمر، ولا يمكن الاعتماد على ما سواها.
ونتيجة لما سبق يبقى من غير المنطقي الحديث عن العلم والقبول الضمني أمام إلزام النص بتسليم ورقة الأداء واعتبارها الوثيقة الوحيدة الكفيلة بإثبات الاجر، وهو عبء ملقى على عاتق المشغل وليس الأجير.
مع التأكيد مرة أخرى على ان العمل القضائي، استقر على عدم إمكانية الاعتماد على الاطلاع على الحساب البنكي للقول بالعلم، لأن الاحكام تبنى على اليقين لا على الظن.
ـــ خرق المادة 491 من مدونة التجارة : هذا فضلا عن كون المادة 491 من مدونة التجارة التي تنص على أن البنك يوجه نسخة من كشف الحساب للزبون كل ثلاثة أشهر على الاقل، و ما دام أن الاجر الخاص بشهر يناير لم يتم تحويله إلا بتاريخ 24 فبراير 2015 فمن الطبيعي أنه لن تتوصل به الأجيرة إلا من خلال كشف الحساب بعد مرور المدة المنصوص عليها قانونا، وبالضبط بعد تجاوز منتصف الشهر بكثير، و بالتالي فهذه قرينة أخرى على عدم علم الأجيرة بالإنقاص، وأن القرار الاستينافي اعتمد فيما قضى به على مجرد التخمين والظن، وهو أمر لا يستقيم.
وكما سبق للأجيرة وأن أوضحت، أن التحويلات البنكية كانت تتم بطريقة تحول دون الوقوف على حقيقة الانقاص، وأن الإطلاع على الحساب البنكي لا يمكن بتاتا أن يكون قرينة على القبول الضمني للانقاص(قرار محكمة الاستيناف التجارية بالدار البيضاء عدد 171/2001 مؤرخ في 23/1/2001 ملف عدد 1469/99/10).[14]
ويستنتج من هذا، أن العلم لا يمكن افتراضه من مجرد التوصل بالكشوف الحسابية وإنما من تاريخ العلم الحقيقي، وبذلك فالعلم الذي بني عليه القرار موضوع التعليق يكون غير سليم، مادام أن الأجيرة أدلت بما يفيد صعوبة معرفة حقيقة الإنقاص انطلاقا من التدليس والطرق الاحتيالية المستعملة من طرف المشغل.
وبالتالي أمام هذه المعطيات لا يمكن الركون إلى القول ان الأجيرة قد ارتضت بالتعديل الجوهري، وإنما تم التحايل عليها في ذلك والقضاء ساير المشغل في ما ذهب إليه.
رابعا: استعمال وسائل تدليسية لإخفاء واقعة الانقاص
ــــ خرق الفصلين 52 و53 ق ل ع: كما هو معلوم فالتدليس يكون نتيجة لأعمال احتيالية يقوم بها شخص آخر بقصد إيقاع صاحب الإرادة في الغلط، بشكل يدفع على الاعتقاد أن هذا الأخير قد وافق على الاتفاق، ويتم ذلك باستعمال الحيل والتضليل والتمويه والخداع، عن طريق إيهامه بغير الحقيقة وهو الغلط المستثار.
وحيث سبق للأجيرة وأن أوضحت من خلال مذكرة بيان أوجه استينافها، بواسطة جدول بياني، على الأساليب الاحتيالية المستعملة من طرف المشغلة، بشكل حال دون معرفتها حقيقة الإنقاص.
ذلك أنه طوال سنة 2014 اعتادت المشغلة تحويل الأجر ناقص لتكمله في الشهر المقبل، وهو ما حال دون معرفة حقيقة الانقاص، حيث إنه حتى على فرض اطلاع الأجيرة على حسابها البنكي، فالطرق التدليسية المستعملة أوهمت الأجيرة بأنه مجرد تحويل ناقص سيتداركه فيما بعد.
هذا فضلا عن كون الإنقاص، إن كان طال أجرة ثلاثة أشهر، فإن الأمر لم يدم مدة ثلاثة أشهر، حيث إن تحويل أجرة شهر يناير لم يتم إلا بتاريخ 24 فبراير 2015، مما تكون معه الأجيرة قد اتخذت الإجراءات اللازمة داخل اجل معقول، بالنظر لخصوصية الأجر المعيشية، ولطبيعة العلاقة التعاقدية بين طرف قوي (المشغل) والطرف الضعيف (الأجير). وقد اعتبر القرار الإستينافي أن مسألة العلم قد تحققت لدى الأجيرة، من خلال اطلاعها على حسابها البنكي، بالنظر لكون الأجر يتم تحويله لحسابها الخاص، وعدم الأخذ بالدفع المتعلق بعدم تسليم المشغل لها لورقة الأداء، بالإضافة إلى الوسائل التدليسية المستعملة من خلال التحويلات البنكية الناقصة، التي تؤكد بما لا يجعل مجالا للشك انعدام الموافقة على الإنقاص.
خامسا: الأزمة الاقتصادية
ــــ خرق المواد 66 و 185 و 186 من مدونة الشغل لقد اعتمد القرار موضوع التعليق لتبرير الانقاص من الأجر بإرادة منفردة على الازمة الاقتصادية التي تمر منها الشركة[15].
والحال أنه للقول بوجود أزمة اقتصادية لا بد من المرور بمجموعة من المساطر لم يتم احترامها، وأن إنقاص الأجر بناء على وجود أزمة اقتصادية يكون مصحوبا بالإنقاص من ساعات العمل التي تؤثر على الاجر بالإنقاص.
إذ أن القانون من خلال مدونة الشغل يتحدث عن أن المشغل الذي يمر من أزمة اقتصادية لا بد من أن يسلك المسطرة الإدارية المنصوص عليها، ويتم التخفيض من ساعات العمل يقابل قيمة الأجر، والأجر يتقاضاه الأجير على أساس الساعات التي يشتغلها، أما القول بالانقاص من الأجر دون تخفيض ساعات العمل لا يمكن الأخذ بها، ويبرز سوء نية المشغلة للتهرب من مقتضيات الفصل الجماعي، وأن رفض الأجيرة للاستمرار في هذه الظروف لا يمكن أن يعتبر إلا فصلا مقنعا، لأن عدم احترام المشغلة لالتزاماتها من خلال إتباع المسطرة المنصوص عليها في المواد 66 و 185 و186 من مدونة الشغل، هو الدافع الأساسي للمغادرة.
فالحل الذي أوجده المشرع في حالة وجود أزمة اقتصادية، هو التخفيض من ساعات العمل إلى أن تمر الأزمة الاقتصادية، وإن استمرت الأزمة سوف نصل إلى مسطرة الفصل الجماعي لأسباب اقتصادية، ما دام أن المشغل لم يستطع الخروج من الضائقة المالية، وهي أمور لم تتبعها المشغلة، وبالتالي يكون القرار قد ألزم الأجيرة بالكتابة، وهي الطرف الضعيف في المعادلة، واعتمد على الظن لفائدة المشغلة، ولم يطالبها بوثائق محاسباتية تفيد مرورها بضائقة مالية، كما أنه لم يتأكد من وجود مراسلات مع الجهات الإدارية المختصة.
وبذلك فتعليل القرار الاستينافي بكون المشغلة تمر بأزمة اقتصادية دون التأكد من ذلك أو الإدلاء بما يفيد ذلك من طرفها، ودون سلوك المسطرة الإدارية المنصوص عليها في المواد المشار إليها أعلاه، تكون قد خرقت القانون عندما استنتجت الأزمة الاقتصادية دون قيام الدليل عليها، وأنها أيضا أغفلت مراقبة مدى تطابق تخفيض الأجر مع تخفيض ساعات العمل، لأن المشرع منع صراحة الإنقاص من الأجر إلا في حدود معينة، وهو ما لم تحترمه المشغلة، ولم يحترمه أيضا القرار الاستينافي.
سادسا: عدم الاستجابة لإجراء بحث في النازلة:
بالرغم من كون محكمة النقض قد اعتبرت في مجموعة من قراراتها أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجراء البحث متى توفرت لديها من العناصر المعروضة عليها ما يكفي للبت في النازلة (قرار محكمة النقض بجميع الغرف قرار عدد 888 المؤرخ في 20/3/2006 ملف مدني عدد 168/1/2/2005)[16]، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هل محكمة الاستيناف قد استجمعت خيوط النزاع بشكل يجعلها تستغني عن إجراء البحث؟ وأن ما أثير من طرف الأجيرة، وفق ما تم بيانه أعلاه، لم يكن يستوجب إجراء بحث؟
فبالرجوع إلى مذكرات الأجيرة نجدها قد التمست في مذكرة بيان أوجه استينافها إجراء بحث، خاصة وأن المشغلة أوردت في مذكرة بيان استينافها، أيضا، أنها قامت بإجراء مجموعة من الاجتماعات مع أجرائها، دون التطرق للتواريخ، التي توضح متى تم عقدها، وتهدم قرينة الموافقة.
ولكي تتمكن المحكمة من بسط رقابتها ووضع صورة واضحة للنزاع برمته، كان من المفروض عليها إجراء بحث في النازلة، للتطرق للوقائع السابقة، ولتأكيد انعدام الموافقة على الإنقاص، ومناقشة الجدول البياني للتحويلات المفصل من طرف الأجيرة في مذكرة بيان أوجه الاستيناف، وذلك وفق ما يقتضيه الفصل 71 من قانون المسطرة المدنية، وعدم إجرائه ولا الجواب عليه يجعل من القرار مخالفا للقانون.
()()()()()()()()()()()()()
وكنتيجة لما سبق بيانه فإنقاص المشغلة لأجر الأجيرة دون موافقتها الصريحة، بل بالعكس أمام رفضها الصريح للتوقيع على ملحق العقد المسلم لها، ومحاولة فرض الأمر الواقع عليها، يعد إنهاءً تعسفيا لعلاقة العمل من طرف المشغلة، وليست مغادرة تلقائية للأجيرة لمكان عملها.(قرار محكمة النقض عدد 943 المؤرخ في 4/11/2010 ملف اجتماعي عدد 1365/5/1/2009)[17]
وهو التوجه الذي كرسه قرار صادر أيضا عن محكمة الاستيناف بالرباط في نازلة مماثلة تماما، مع نفس المشغل ونفس الوقائع والحيثيات[18]، إذ لم يأخذ بالموافقة الضمنية واعتبر أن ما تعرض له الأجير هو فصل تعسفي لأن عدم التوقيع على ملحق العقد هو دليل قاطع على رفض الانقاص.(قرار محكمة الاستيناف بالرباط 1313 الصادر بتاريخ 25/10/2016 في الملفين المضمومين عدد 1636/1501/2015 و 326/1501/2016)
الهوامش
[1] - تعليل القرار موضوع التعليق بخصوص هاته النقطة: " وحيث ثبت من خلال ما ذكر حضور الأجيرة للإجتماعات المذكورة وتسلمها مطبوع ملحق العقد من أجل التوقيع والمصادقة عليه لدى الجهات المختصة دون منازعتها في العرض بشأن خفض الأجرة وتسلمها المطبوع بدون تحفظ واستمرارها في العمل دون إنجاز ملحق عقد الشغل مقابل تسلمها الأجرة الجديدة المخفضة طيلة مدة الأربعة أشهر ابتداء من يناير 2015 إلى يوم 23/4/2015 موضوع الاتفاق القائم بين الطرفين دون مكاتبة المشغل من أجل المنازعة في تعديل الأجرة وإجراء تحفظ بشأنها ودون مراجعة السيد مفتش الشغل من أجل التشكي بشأن الموضوع أو مراجعة القضاء من أجل المطالبة بالأداء حسب الأجرة الأصلية مع الاستمرار في العمل دون مغادرته، كلها تصرفات صادرة عنها تفيد القبول الضمني الفعلي لتعديل العقد على مستوى الأجرة وإقرار منها بالتعديل ضمنيا..."
[2]- ادريس العلوي العبدلاوي:"شرح القانون المدني، النظرية العامة للالتزام، نظرية العقد" – الطبعة الاولى 1996- ص: 211.
[3] - لقد جاء في المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف المشغلة، خلال المرحلة الابتدائية لجلسة 11 شتنبر 2015، الصفحة 3 الفقرة الثانية، ما يلي:"وحيث قام مسير العارضة (المشغل) في هذا الصدد، بمد كل واحد من الأجراء المعنيين بملحق لعقد الشغل ليوثق الاتفاق الحاصل، وطالبه بالتوقيع عليه والمصادقة على صحة إمضائه، فقام مجموعة من الأجراء بتوقيع ملحق العقد فعلا، فيما بقي الآخرون، وعددهم 5 ومن بينهم المدعية، يماطلون في إرجاع ملحق العقد متحججين في كل مرة بحجة أو بآخرى...."
وقد استعملت الشركة المشغلة نفس التعبير في مذكرة بيان أوجه الاستيناف المدلى بها في جلسة 14 يونيو 2016 الصفحة 4 الفقرة 7، لتضيف المشغلة في الصفحة الموالية (5) الفقرة الأولى ما يلي:"وحيث إنه بعد مرور بعض الوقت، وعلى إثر الاجتماعات الدورية التي يعقدها مسير العارضة (المشغل) مع المسؤولين عن إدارة المكتب، فقد تم تنبيهه (المشغل) إلى أن خمسة من الأجراء، ومن بينهم المستأنفة لم يقوموا بالإدلاء بملحق عقد الشغل الذي يوثق للاتفاق.......، بحيث انفض هذا الاجتماع هذا الاجتماع الخماسي على أساس أن يقوم كل واحد من الأجراء الخمسة بالإدلاء بملحق العقد الموقع والمصادق عليه"
وقد استعملت الشركة المشغلة نفس التعبير في مذكرة بيان أوجه الاستيناف المدلى بها في جلسة 14 يونيو 2016 الصفحة 4 الفقرة 7، لتضيف المشغلة في الصفحة الموالية (5) الفقرة الأولى ما يلي:"وحيث إنه بعد مرور بعض الوقت، وعلى إثر الاجتماعات الدورية التي يعقدها مسير العارضة (المشغل) مع المسؤولين عن إدارة المكتب، فقد تم تنبيهه (المشغل) إلى أن خمسة من الأجراء، ومن بينهم المستأنفة لم يقوموا بالإدلاء بملحق عقد الشغل الذي يوثق للاتفاق.......، بحيث انفض هذا الاجتماع هذا الاجتماع الخماسي على أساس أن يقوم كل واحد من الأجراء الخمسة بالإدلاء بملحق العقد الموقع والمصادق عليه"
[4] - انظر الهامش رقم 3، الذي تضمن ما جاء في مذكرة المشغلة.
[5] - الفصل 402 ق ل ع: ""إذا لم يكن العقد خاضعا لشكل خاص، واتفق عاقداه صراحة على أنهما لا يعتبرانه تاما إلا إذا وقع في شكل معين، فإن الالتزام لا يكون موجودا إلا إذا حصل في الشكل الذي اتفق عليه العاقدان".
[6] - الفصل 443 ق ل ع: " الاتفاقات و غيرها من الافعال القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تــعــدل أو تنهي الالتزامات او الحقوق، و التي يتجاوز مبلغها أو قيمتها عشرة ألاف درهم، لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود. و يلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية..."
[7]- تعليل القرار موضوع التعليق بخصوص استبعاد تطبيق الفصل 443 ق ل ع: "...فمقتضيات الفصل 443 ق ل ع تخص الاتفاقات والالتزامات التي يكون العقد موضوعها الدين وجوهرها ه الالتزام المادي موضوعه الدين، عكس ما عليه الحال بالنسبة لعقد الشغل الذي خول القانون إمكانية إنجازه شفويا والذي يتكون من عدة عناصر، وليست الأجرة إلا عنصرا ضمنها، وتعديله يعتبر عقد عمل جديد، في حال عدم توثيقه يعتبر عقد عمل شفوي خاضع لمقتضيات الفصل 401 ق ل ع الذي ينص على أنه لا يلزم لإثبات الالتزامات أي شكل خاص إلا في الأحوال التي يقرر القانون فيها شكلا معينا عكس ما ذهب غليه الطرف المستأنف..."
[8] - الفصل 38 ق ل ع: "يسوغ استنتاج الرضى أو الإقرار من السكوت إذا كان الشخص الذي يحصل التصرف في حقوقه حــــاضـــرا أو أعــــلــم بحصوله على وجه سليم ولم يعترض عليه من غير أن يكون هناك سبب مشروع يبرر سكوته".
[9] - انظر الهامش رقم 1 الذي به تعليل القرار الذي اعتبر أن مجرد حضور الاجيرة لمجموعة من الاجتماعات كاف للقول بقبولها.
[10]- المادة 370/2 من مدونة الشغل:"لا يعتبر تنازلا من الأجير عن حقه في الأجر وتوابعه القبول الصادر منه لورقة الأداء المتضمنة للوفاء بالأجر دون احتجاج أو تحفظ.
ويسري هذا الحكم ولو ذكر الأجير في ذيل الوثيقة عبارة "قرئ وصودق عليه"متبوعة بإمضائه".
ويسري هذا الحكم ولو ذكر الأجير في ذيل الوثيقة عبارة "قرئ وصودق عليه"متبوعة بإمضائه".
[11]- المادة 14 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 95 نصت على انه: "تتخد عند الضرورة تدابير فعالة لضمان معرفة العمال بطريقة ملائمة وميسورة الفهم: (أ) بشروط الأجر التي يخضعون لها عند الاستخدام وعند أي تغيير (ب) بتفصيلات أجورهم عن فترة الدفع المعنية حيثما قد تكون عرضة للتغيير، وقت كل فترة لدفع الاجور".
[12] - حيث نصت المادة 23 من مدونة الشغل على مايلي:
../.. يجب على المشغل أن يسلم الأجير بطاقة الأداء.
..يجب تجديد بطاقة الشغل كلما حدث تغيير في صفة الأجير المهنية، أو في مبلغ الأجر"
../.. يجب على المشغل أن يسلم الأجير بطاقة الأداء.
..يجب تجديد بطاقة الشغل كلما حدث تغيير في صفة الأجير المهنية، أو في مبلغ الأجر"
[13]- المادة 370/1 من مدونة الشغل:"يجب على المشغل، أن يسلم أجراءه عند أداء أجورهم، وثيقة إثبات تسمى (ورقة الأداء)، وأن يضمنها وجوبا البيانات التي تحددها السلطات الحكومية المكلفة بالشغل"
[14] - جاء في القرارالمستشهد به: لا مجال لتذرع المؤسسة البنكية بالقبول الضمني للزبون من خلال اطلاعه على الكشوف الحسابية، لإضفاء صفة المشروعية على التحويل البنكي الذي أجرته على حساب الزبون، في ظل غياب الأمر الكتابي الصريح الصادر عنه" قرار محكمة الاستيناف التجارية بالدارالبيضاء عدد 171/2001 مؤرخ في 23/1/2001 ملف عدد 1469/99/10- منشور بكتاب الدليل العملي في المنازعات البنكية من خلال رصد لأهم مواقف القضاء المغربي لمؤلفه نبيل أبو مسلم، ص: 167.
[15] - جاء في تعليل القرار موضوع التعليق ما يلي:"وحيث إن فعل التأخير في التحويل وعدم تأدية الأجرة كاملة ومرة واحدة أواخر سنة 2014 لهو دليل على تعرض الشركة المشغلة فعلا لأزمة اقتصادية وصعوبة مسايرتها للأداء في الوقت المحدد عند نهاية الشهر ومن خلال دفعة واحدة، وهو السبب في المطالبة بإجراء التعديل في الأجر من خلال التخفيض، مما يكون معه السبب المذكور غير مرتكز على أساس ويتعين بالتالي رده".
[16] - مجلة قضاء المجلس الأعلى – العدد 66 – 2006- ص: 428.
وفي قرار أخر صادر عن محكمة النقض جاء فيه: "إجراء بحث من عدمه موكول للسلطة التقديرية للمحكمة المعروض عليها النزاع التي لها في ضوء المعطيات والعناصر المتوفرة أن تقرر القيام بإجراء تحقيق متى رأت في ذلك فائدة، وأن لا تفعل متى اعتبر الملف يتفر على عناصر كافية تغنيها عن إجراء من إجراءات التحقيق في الدعوى". (قرار عدد 168 المؤرخ في 31/1/2013 ملف اجتماعي عدد 646/5/2/2012 – منشور بنشرة قرارات محكمة النقض، الغرفة الاجتماعية 13، 2014، ص: 167)
وفي قرار أخر صادر عن محكمة النقض جاء فيه: "إجراء بحث من عدمه موكول للسلطة التقديرية للمحكمة المعروض عليها النزاع التي لها في ضوء المعطيات والعناصر المتوفرة أن تقرر القيام بإجراء تحقيق متى رأت في ذلك فائدة، وأن لا تفعل متى اعتبر الملف يتفر على عناصر كافية تغنيها عن إجراء من إجراءات التحقيق في الدعوى". (قرار عدد 168 المؤرخ في 31/1/2013 ملف اجتماعي عدد 646/5/2/2012 – منشور بنشرة قرارات محكمة النقض، الغرفة الاجتماعية 13، 2014، ص: 167)
[17] - منشور ب: "دفاتر محكمة النقض" عدد 23 تحت عنوان إشكاليات المادة الاجتماعية في ضوء اجتهادات محكمة النقض ــ ص:200.
[18] - للإشارة فالأجير في القرار الثاني هو زوج الاجيرة صاحبة القرار موضوع التعليق، والأمر يتعلق بنفس المشغلة ووقائع مماثلة.