تقرير المناقشة
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين
السيد رئيس اللجنة المحترم السادة أعضاء اللجنة المحترمين ، السيدات والسادة الحضور الكريم
بداية أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى أستاذي الفاضل سعادة الدكتور مولاي امحمد الأمراني زنطار على تفضله بقبول الإشراف على هذه الأطروحة وبما رعاني به من نصح وتوجيه ، حيث لم يتوان عن تقديم الدعم لي طيلة مراحل البحث على الرغم من ضيق وقته وتعدد مهامه والتزاماته، فكان لي خير المعين والسند ، فلك مني جزيل الشكر والتقدير والعرفان .
كما أتقدم بجزيل الشكر والعرفان من نفس الدرجة إلى السادة أساتذتي الأفاضل أعضاء اللجنة العلمية الموقرة الذين تفضلوا بقبول مناقشة هذا العمل وتقويمه وهم :
ـ أستاذي سعادة الدكتور عبد الحليم النوري أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء
ـ أستاذي سعادة الدكتور ادريس الفاخوري أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الأول بوجدة
ـ أستاذي سعادة الدكتور محمد بونبات أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض بمراكش
ـ أستاذي سعادة الدكتور جمال النعيمي أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض بمراكش
فلكم مني جميعا جزيل الشكر والتقدير والإحترام.
أما بخصوص أطروحتي التي توجد بين أيديكم ، فهي بعنوان :
" المسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة ـ دراسة مقارنة ـ "
لقد وقع المغرب على مجموعة من الاتفاقيات التجارية الدولية، منها اتفاقية منظمة التجارة العالمية وأخرى خاصة بالتبادل التجاري الحر كما هو الشأن مع الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي.الأمر الذي جعله أرضا خصبة لممارسات وتجاوزات الأطراف القوية ( من منتجين، ومهنيين وصناع وغيرهم...) التي أصبح همها الوحيد هو الحصول على الربح في إطار حرية المنافسة ولو عن طريق إنتاج سلع بمواصفات غير مقبولة وإن أضرت بالمستهلك.كما أن مجموعة من المنتجين أصبحو يستوردون منتجات خالية من الجودة إن لم نقل منعدمة الأمان كتلك المستوردة من دولة الصين.
فالإنسان بحاجة ـ وخاصة مع التطور التكنولوجي ـ إلى منتجات وسلع بمختلف أنواعها، والتي يغلب عليها طابع التعقيد الذي يعجز الفرد العادي عن استيعابه، مما ولد نوعا من عدم التكافؤ بينه وبين المنتج أو الصانع أو البائع، ولم تعد هذه المنتجات تمتاز بالتعقيد فقط بل أصبحت تتسم بالخطورة الشديدة الناجمة عن استهلاكها أو استعمالها، وما يصاحب ذلك من أضرار ومشكلات، الأمر الذي أدى إلى التعجيل بالحديث عن مسؤولية المنتج أو الصانع أو المحترف بوجه عام نتيجة ما تسببه منتجاته من أضرار بالمستهلك.
وإذا كانت المسؤولية المدنية لا تقوم إلا بتوافر عنصر الضرر ، فإن مسؤولية المنتج موضوع هذه الدراسة لا تخرج عن هذا الإطار، ولكنها تمثل تطورا جديدا في المسؤولية المدنية، بإعتبارها تجسد فرعا جديدا في تلك المسؤولية الأم، ويتحدد نطاقها بوضع تنظيم جديد للأضرار التي تتسبب فيها المنتجات الحديثة، ألا وهي الأضرار الجسمانية .
فهذا النوع الجديد من الأضرار الذي ظهر مع التقدم التكنولوجي والتقني لم تشر إليه أغلب القوانين المدنية التي صدرت في القرن الماضي، والتي اقتصرت على تنظيم فئة الأضرار التجارية
الناجمة عن عقد البيع، لندرة وقوع مثل هذه الأضرار الجسمانية.
كما أن المشرع المغربي أصدر مؤخرا مجموعة من القوانين كلها ذهبت في اتجاه حماية المضرور كقانون حماية المستهلك ومدونة الأدوية والصيدلة والقانون الخاص بالمسؤولية المدنية لمستغلي المنشآت النووية وأخيرا القانون رقم 24.09 المتمم لقانون الإلتزامات والعقود والمحدث لمسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة، والذي أعتبره شخصيا ترجمة حرفية لنصوص القانون الفرنسي رقم 98/389 الصادر بتاريخ 19 ماي 1998. خاصة وأن المغرب كان مجبر على إصدار هذا القانون لكونه وقع مع الإتحاد الأوربي اتفاقية الشريك المتقدم هاته الإتفاقية التي ألزمته بموافقة قوانينه مع التوجيهات الأوربية وهو ما جاء في الورقة التقديمية لهذا القانون من طرف وزارة التجارة الخارجية أمام اللجنة التشريعية بالبرلمان .
أما بخصوص أهمية الموضوع :
تتجلى الأهمية الإقتصادية في حجم واردات المغرب من آلات التجهيز بصفة خاصة ،حيث وصلت الواردات من هاته الآلات برسم سنة 2011 إلى ما يفوق 230 مليار درهم ، كما وصلت إلى غاية شهر شتنبر من السنة الحالية (2012) 245 مليار درهم ([[1]]url:#_ftn1 ) .أما واردات المغرب اليومية من المواد الاستهلاكية ، فوصلت خلال سنة (2010 ) 399 مليار درهم مقابل 133 مليار درهم خلال سنة 2001 ([[2]]url:#_ftn2 )، كما وصلت واردات المغرب من أجهزة التكييف المستوردة من دولة مصر فقط نحو 500 مليون درهم برسم سنة 2011 ([[3]]url:#_ftn3 ) .
من هنا تتضح مدى الأهمية الإقتصادية لهذا الموضوع لكون الإقتصاد الوطني يستورد المواد التجهيزية والإستهلاكية بالإضافة إلى مواد مصنعة أخرى سواء من سيارات أو قطع غيار أو غيرها.
ونتصور إن كانت نسبة ضئيلة من هاته المواد معيبة مدى حجم الخسارة التي ستلحق بالإقتصاد الوطني .
كما تظهر الأهمية الاقتصادية كذلك في المصاريف التي تنفقها الدولة على المتضررين من المنتجات المعيبة خاصة عند حدوث أمراض خطيرة كالسرطان أو غيره. فعدم الإحاطة الكاملة بالمخاطر التي تحدثها هاته المواد المعيبة أو عدم اتباع الوسائل الازمة لمواجهة هاته المخاطر قد لايؤدي إلى الإضرار بالشخص المضرور نفسه بل يتعداه إلى الإقتصاد الوطني برمته لكونه يخسر مبالغ مهمة في استيراد هاته المواد هذا من جهة ،ومن جهة ثانية فإن مثل هاته الممارسة أي استيراد وإنتاج مواد معيبة سيجعل بلادنا كمقبرة دولية لهاته المواد المعيبة .وبالتالي سيترتب عن كل هذا مشاكل أخرى تتعلق بالنفايات .
لهذا نقول بأن مناقشة هذا الموضوع وتبيان الوسائل الازمة والضرورية من أجل تجنب وجود هاته المواد ببلادنا يحمي الإقتصاد كما يحمي المجتمع .
أما الأهمية الاجتماعية تتجلى فيما ستخلفه هاته المواد بالمضرورين من عاهات وإصابات تحتاج إلى نفقات وعلاج مهمين .
وكذلك في عدد الأرامل واليتامى لكون هؤلاء في غالب الأحيان يفقدون المعيل الوحيد والأساسي لهم ، فكل هذا سيترك آثار جد سلبية على المجتمع .
أما من الناحية القانونية : تظهر الأهمية القانونية في حداثة التشريع المغربي على مستوى تنظيم هاته المسؤولية ، ولذلك فالغاية من هذه الدراسة هي المساهمة في حث القضاء المغربي على السير على خطى التجربة الفرنسية من أجل تنظيم هاته المسألة أي إعطاء الحماية المأمولة للمضرورين.
وتتجلى كذلك في تدعيم ثقة الأفراد في القضاء لكون الشخص المتضرر يلجأ إلى القضاء قصد تمكينه من الحماية الضرورية ، خاصة وأن توجه حماية المستهلك أصبح يتزايد ببلادنا مع صدور القانون رقم 31.08 الخاص بحماية المستهلك ، والقانون رقم 02-12 الخاص بالمسؤولية المدنية في مجال الأضرار النووية والقانون رقم 04-17الخاص بمدونة الأدوية والصيدلة([[4]]url:#_ftn4 )، وكذا القانون رقم24.09.
إذن تتضح أهمية هذه الدراسة في مدى القدرة على التوصل إلى إجابات دقيقة وشاملة وتحليلية لجزئيات هذه المسألة القانونية التي تتربع على رأس مسائل القانون المدني في الوقت الحاضر، لتعلقها بحماية أرواح الناس من خطر المنتجات، لاسيما وأن هذه الأهمية لموضوع الأطروحة محسومة من خلال الأمر الواقع الذي يتمثل في حداثة التشريع المغربي، ووجود بعض المشاكل التي يتطرق لها القانون رقم 24.09 اتجاه هذا النوع من الأضرار التي تصيب المشتري أو الحائز في شخصه أو ماله، والتي يجب أن تتقدم من حيث الحماية القانونية على سائر الأنواع الأخرى من الأضرار ، ولقد كان الفراغ التشريعي في القانون المغربي حيال هذا النوع الخطير من الأضرار من بين الأسباب التي دفعتنا إلى اختيار هذا الموضوع .
أما بخصوص الإشكالات القانونية التي يثيرها الموضوع :
انطلاقا مما سبق يطرح التساؤل التالي: من هو الشخص المسؤول عن تعويض هذه الأضرار الجسمانية التي تتسبب فيها تلك المنتجات؟ هل هو البائع؟ أم المشتري؟ أم حارس الأشياء؟. وما الحكم في حالة ما إذا كانت قواعد مسؤولية البائع عن العيوب الخفية في دائرة المسؤولية العقدية وقواعد مسؤولية الحارس عن الأشياء التي تحت تصرفه في دائرة المسؤولية التقصيرية لا تقدم للمضرور الحماية في هذا النوع من الأضرار.
وهل تسعفنا قواعد ضمان العيوب الخفية في هذا النوع من المسؤولية ؟.
ولكن ما الحكم بالنسبة للأضرار الجسمانية و المالية الناشئة عن منتجات غير معيبة أصلا ؟ .
و ما مصير المتضررين من تلك المنتجات، وكيف يتم تعويضهم؟ وما هي الوسائل القانونية التي يجب اعتمادها في هذا المجال لجبر أضرار المشتري؟ .
وما الحكم فيما إذا كان الغير المتضرر من المنتوج أحد أفراد عائلة المشتري؟. وهو أمر شائع في حوادث المنتجات، فهل ستقام الدعوى على المشتري وهو رب العائلة، باعتباره هو الحارس أم يتحمل هذا الغير الضرر وحده؟ وهل قدم القانون رقم 24.09 الحماية المطلوبة للمتضررين من فعل المنتجات المعيبة؟.
ولكن ما المقصود بالمنتج، هل هو شخص واحد أم أشخاص متعددون؟، وهل هو شخص طبيعي فحسب؟ أم قد يكون شخصا معنويا؟ .وما هي الأسس القانونية لمسؤوليته في دائرة المسؤولية العقدية سيما وأنه قد لا يكون الطرف المباشر المتعاقد مع المتضرر، كما هو الوضع الغالب في ميدان الإنتاج؟ وما هو أساس مسؤوليته في دائرة المسؤولية التقصيرية خاصة أن المضرور قد يعجز عن إثبات أي خطأ في جانبه أثناء عملية الإنتاج، أو التوزيع، كما أن المضرور قد لا يستطيع الرجوع عليه وفق قاعدة المسؤولية عن الأشياء ،لأن الحراسة تكون قد إنتقلت منه مع عملية بيع المنتوج وتسليمه وذلك لفقدان عناصر الحراسة التي تمكنه من السيطرة الفعلية على الشيء.
و كيف يتم تحديد المنتجات المشمولة بأحكام هذه المسؤولية الخاصة؟.هل تشمل هذه المسؤولية جميع المنتجات، أم أن الأمر يقتضي أن تحدد في أصناف معينة من المنتجات؟ وما هو المعيار الذي يعتمد عليه لفرز المنتجات التي ستصبح خاضعة إلى القواعد الخاصة بمسؤولية المنتج، وإستبعاد تلك التي تبقى خاضعة للقواعد العامة؟.
فإذا كان العيب في المنتجات هو المعيار القانوني الذي سنعول عليه في تحديد المنتجات الضارة التي سيتم إخضاعها إلى القواعد الخاصة المتعلقة بمسؤولية المنتج، فما هو المفهوم القانوني للعيب في ميدان المسؤولية عن الإنتاج، وهل يختلف عن مفهومه المعروف في مجال ضمان العيوب الخفية؟.
وما هي الوسائل القانونية التي من الممكن إتباعها بغرض مساعدة القضاء على تكييف وتحوير تلك القواعد سواء في ميدان المسؤولية العقدية، أو المسؤولية التقصيرية دون الخروج عن إرادة المشرع في هذا الميدان ؟ .
وإذا ما انتهينا من تبيان الوسائل القانونية التي من الممكن أن تساعد القضاء المغربي على تطبيق القانون الجديد رقم 24.09 وتكييف القواعد العامة بما يؤمن قدرا معينا من الحماية للمتضررين من المنتجات على ضوء الإسترشاد بالحلول الفقهية والقضائية والتشريعية في القانون المقارن وخاصة الفرنسيين .
هكذا يمكن أن نحدد الإشكال الأساسي لهاته الأطروحة في كونها تعالج السبل الممكنة لحماية المضرور من أضرار المنتجات المعيبة.
أما بخصوص منهجية وخطة البحث : فقد حاولت جاهدا اتباع منهج مقارن تأصيلي تحليلي يحاول الربط بين النظرية والتطبيق ، حيث لم أقتصر على بيان موقف القانون المغربي من الموضوع ، وإنما امتد نطاق هذه الدراسة إلى بيان موقف القانون والفقه والقضاء في كل من فرنسا ومصر ، لكي نتعرف على الحلول المتبعة فيهما علنا نستشف منها الحل المناسب.
وفضلا عن ذلك فقد حاولت قدر الإمكان تتبع تطور الإجتهاد القضائي الفرنسي الذي ساير التوجيه الأوربي معتمدا على هذا التطور القضائي للوصول إلى اجتهاد قضائي مماثل بالمغرب ، خاصة وأن قانوننا المغربي يعتمد دائما على ما وصل إليه القانون الفرنسي من تطور.
وعلى ضوء ما تقدم قمت بتقسيم الموضوع إلى مقدمة وبابين وخاتمة.
ففي المقدمة قمت بالتمهيد للموضوع من خلال إعطاء فكرة عن هذه المسؤولية الجديدة والتطرق إلى تطور هاته المسؤولية في الفقه الإسلامي وكذا في القانون والقضاء الفرنسيين ، ثم بعد ذلك للوضعية في التشريع المغربي ، كما قمت بتحديد نطاق الموضوع مع بيان أهميته ومختلف الإشكالات التي يطرحها والمنهج المتبع لدراسته .
أما بخصوص الباب الأول فقد عنونته بالنظام القانوني للمسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة ، والذي قسمته إلى فصلين الأول بعنوان نطاق وشروط المسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة والذي قسمته إلى فرعين :
الأول : بعنوان نطاق المسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة ، حيث قسمته إلى مبحثين تناولت في المبحث الأول مفهوم المنتوج طبقا للقانونين الفرنسي والمغربي والاتفاقيات الدولية
ثم تناولت في المبحث الثاني تحديد نطاق المسؤولية المدنية للمنتج من حيث الأشخاص بحيث تطرقت للمسؤول عن الأضرار الناشئة عن المنتجات المعيبة وكذلك للمضرور عن فعل هاته المنتجات
أما الفرع الثاني من الفصل الأول فقد تناولت فيه شروط قيام المسؤولية المدنية للمنتج وذلك في مبحثين ، تناولت في الأول وجود العيب في المنتوج أما المبحث الثاني فتناولت فيه حصول الضرر والعلاقة السببية .
أما بخصوص الفصل الثاني من الباب الأول فقد عنونته بالأساس القانوني للمسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة.
حيث قسمته بدوره إلى فرعين تناولت في الفرع الأول للمسؤولية العقدية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة وقد قسمته إلى مبحثين خصصصت الأول للتوسع في تحديد أصحاب الحق في دعوى الضمان أما المبحث الثاني فتناولت فيه دعوى ضمان العيب الخفي أداة للتوسع في حماية المضرور .
أما بخصوص الفرع الثاني من الفصل الثاني فقد عنونته بالأساس التقصيري للمسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة .
حيث قسمته بدوره إلى مبحثين تناولت في الأول المسؤولية التقصيرية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة وركزت بالأساس على إشكالية الخطأ وافتراض هذا الخطأ لتيسير الإثبات والتوسع في تحديد أصحاب الحق في دعوى المسؤولية التقصيرية .
أما المبحث الثاني فتناولت فكرة المخاطر كأساس قانوني للمسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة .
أما الباب الثاني : من هذه الدراسة فقد عنونته بأحكام مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة من خلال بعض النظريات القانونية والذي قسمته بدوره إلى فصلين عنونت الفصل الأول بأحكام مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة والذي بدوره قسمته إلى فرعين تناولت في الأول النظريات الواجبة التطبيق والذي قسمته كذلك إلى مبحثين تناولت في الأول نظرية الحراسة ودورها في مسؤولية المنتج.
أما المبحث الثاني فتناولت فيه الإلتزام بضمان السلامة ودوره في مسؤولية المنتج.
أما الفرع الثاني من هذا الفصل فقد عنونته بمدى فعالية بعض الأنظمة القانونية في حماية المستهلك عن فعل المنتجات المعيبة ، وقد قسمته بدوره إلى مبحثين تناولت في الأول الإتجاهات الجديدة في حماية المستهلك المضرور ، حيث تطرقت إلى الإلتزام بالإعلام والإلتزام بتقديم النصيحة وكذا للإلتزام بالتسليم المطابق للمواصفات.
أما المبحث الثاني من هذا الفرع فتناولت فيه مسؤولية المنتج عن مخاطر المنتجات الطبية المعيبة
حيث تطرقت للمنتجات الطبية وتأثيرها على مسؤولية المنتج ولمشكلات الأساس القانوني لضمان مخاطر هاته المنتجات الطبية المعيبة .
أما الفصل الثاني من الباب الثاني فقد عنونته بتعويض ضحايا المنتجات المعيبة وضرورة تأسيس مسؤولية خاصة بالمنتج وآثارها ، وهو بدوره قسمته إلى فرعين عنونت الأول بضرورة سن مسؤولية خاصة بالمنتج وآثارها حيث قسمته هو الآخر إلى مبحثين تطرقت في الأول لضرورة سن مسؤولية خاصة بالمنتج والإجراءات الشكلية لرفع الدعوى أما في المبحث الثاني لتعويض الضحايا عن فعل المنتجات المعيبة وذلك من خلال آليات التعويض ومدى مساهمة الآليات الجماعية وقواعد المسؤولية في تعويض الضحايا .
أما الفرع الثاني من هذا الفصل فقد تناولت فيه وسائل دفع وتقادم المسؤولية المدنية للمنتج وذلك في مبحثين خصصت الأول لوسائل دفع المسؤولية المدنية للمنتج حيث تطرقت للدفوع المنصوص عليها في القواعد العامة ذات الصلة بالمسألة ( كالقوة القاهرة ـ الحادث الفجائي ـ إثبات السبب الأجنبي ) ثم بعد ذلك تطرقت للدفوع المنصوص عليها بمقتضى القواعد الخاصة وهي المنصوص عليها في القانون 09.24 كتلك المرتبطة بتداول المنتوج والإلتزام بالقواعد التشريعية والتنظيمية وإعفاء المنتج للجزء المكون للمنتوج بالإضافة إلى إفصاح وتقدير المنتج بمخاطر السلعة.
أما بخصوص المبحث الثاني من هذا الفرع فقد تناولت فيه إشكالية مخاطر النمو والتقادم ، حيث تناولت إشكالية مخاطر النمو في مسؤولية المنتج وذلك من خلال التطرق إلى استحالة العلم بتعيب السلعة وفق دفع مخاطر النمو ثم لإختلاف الفقه حول إعتبار مخاطر النمو سببا من أسباب الإعفاء
ثم ختمت هذا المبحث بشروط الإعفاء والتقادم في المسؤولية المدنية للمنتج .
ومن خلال دراستنا لهذا الموضوع خلصت إلى جملة من الإقتراحات نذكر أهمها :
ـ دعوة القضاء المغربي إلى السير على خطى التجربة الفرنسية في تفسير النصوص القانونية التفسير الجريئ والمعقول والرامي إلى تطبيق الحماية الازمة للمضرور.
ـ السماح لجميع المضرورين من المنتجات المعيبة بإقامة الدعوى الرامية إلى التعويض عن فعل هاته المنتجات سواء متعاقدين أو غير .
ـ كذلك قلنا بأن على القضاء المغربي أن يسير في اتجاه فرض التزام جديد على المنتج خاصة بالنسبة للمنتجات الخطرة بطبيعتها وضرورة التشدد عند مساءلة المنتجين .
ـ كما يجب على القضاء التمسك بافتراض علم المنتج بعيوب السلعة التي يبيعها إفتراضا غير قابل لإثبات العكس لكون هاته المسؤولية مسؤولية موضوعية .
ـ كما ذهبنا إلى ضرورة تكييف الفصل 88 من ق.ل.ع، الخاص بالمسؤولية عن الأشياء على نحو يمكن القضاء من إثارة المسؤولية المدنية للمنتج وإثباتها ضده عن الأضرار التي تسببها منتجاته المعيبة، بالرغم من انتقال عناصر الحراسة، أو السيطرة الفعلية بمفهومها القانوني الدقيق بعد عملية بيع المنتوج وتسليمه فعليا، وذلك عن طريق الأخذ بنظرية تجزئة الحراسة إلى حراسة الهيكل للمنتوج التي تبقى بكامل عناصرها تحت سيطرة المنتج، وحراسة استعمال المنتوج بعد إنشائه التي تكون تحت سلطة المتصرف فيه وفق الفصل 88 من ق.ل.ع ، وأن يأخذ بالتجربة الفرنسية في هذا الخصوص .
ـ القانون 09.24 به مجموعة من الثغرات يجب أخذها بعين الاعتبار كالتقادم وما يثيره من إشكالات بفرنسا، خاصة وأن القانون المغربي لم يتطرق إليه بتاثا مما جعلنا نقول بتطبيق القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإلتزامات والعقود ( الفصل 106) ، إضافة إلى ضرورة تعديل هذا القانون (24.09) بحيث يجب إصدار نص إضافي متمم لهذا القانون يتطرق إلى التقادم وإلى إشكالية التامين وإلى إعسار المتسبب في الضرر .
ـ تفعيل دور المراقبة على التصنيع الغذائي لكونه استفاد من التقدم التقني والتكنولوجي الذي ازداد تطورا في السنوات الأخيرة، إلا أن هذا التقدم بالنسبة للأغذية المصنعة في المغرب لم تقرر له حتى الآن الحماية التشريعية الكافية، فطرق تصنيع وتكنولوجيا الغذاء المستحدثة مثل التشميع والتجميد والتجفيف وانتشار ظاهرة استخدام التقنيات البيولوجية والهندسة الوراثية في مجال الغذاء كلها تزيد من احتمال تلوث الغذاء وإصابة الإنسان بأمراض خطيرة.
ـ ثكثيف المراقبة القبلية والبعدية في المنتجات الطبية لكونها تتعلق بحياة الأشخاص خاصة وأننا نلاحظ أن مجموعة من الأدوية لم يصبح لديها المفعول الطبي المنتظر منها
- العمل على توحيد وتجميع النظم والقوانين الوقائية والردعية المتعلقة بالمراقبة والإصلاح والتعويض في هذا المجال.
- تفعيل دور جمعيات حماية المستهلكين، لكونها لاتقوم بالدور المنوط بها.
- يجب أن يراعي في هذا المجال إقامة توازن معقول بين حق المستهلك في الحصول على منتوج سليم ونزيه وآمن، ومصالح المنتجين والصناع في إستمرار نشاطهم المهني المرتبط دوما بالتطور والابتكار.
- يجب إيلاء إهتمام كبيرلإجراءات التحقيق في مثل هاته الدعاوى كإجراءات الخبرة بحيث يجب توفير الشفافية والحياد والنزاهة والموضوعية في إجراءاتها.
- ما دام أنه ليس بوسع أي منتج أن يتوقع مدى المسؤولية التي تقع عليه مستقبلا بمناسبة وضعه لمنتوجه في التداول، فإننا نعتقد أن أهم ضمان يمكن أن يوفره لضحاياه المستقبلين هو إكتتابه في بوليصة تأمين عن المسؤولية المدنية للمنتج، والتي يجب إعتبارها إلزامية .
- ضرورة إنشاء صندوق ضمان إحتياطي لتعويض ضحايا حوادث الإستهلاك في الحالات التي تبلغ فيها الحادثة مبلغا إجتماعيا خطيرا أو حينما يحصل عجز في الضمان الذي توفره بوليصة التأمين عن مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة، كما هو الشأن في كارثة إنهيار عمارة القنيطرة بداية
سنة2008 وغيرها .
- وحتى تكتمل هذه الدراسة فإننا قدمنا تعديلا لقانون الالتزامات والعقود يتعلق بمسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة فيما لم يشمله القانون رقم 24.09 معتمدين في ذلك على القانون الفرنسي .
وأخيرا أرجو أن أكون قد وفقت وما التوفيق إلا من الله سبحانه وتعالى ، مجددا شكري وتقديري لأساتذتي الكرام جميعا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
[[1]]url:#_ftnref1 ـ هاته الإحصائيات مأخودة من مكتب الصرف المغربي نشرة شهر شتنبر 2012 كما تجدر الأشارة إلى أن جريدة الشرق الأوسط في عددها 11953بتاريخ 20 غشت 2011 نشرت بأن المغرب استورد ما مجموعه 205.6 مليار درهم وذلك خلال الأشهر الأربع الأولى من سنة 2011 .
[[2]]url:#_ftnref2 ـ هاته الإحصائيات مأخودة عن المجلس الوطني للتجارة الخارجية .
[[3]]url:#_ftnref3 ـ هاته الإحصائيات مأخودة عن الغرفة التجارية والصناعية المصرية المغربية التي أخذتها بدورها عن السفارة المصرية .
[[4]]url:#_ftnref4 - القانون رقم 08-31 الخاص بحماية المستهلك صدر بالجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 الموافق 7 أبريل 2011، ص 1072.
ـ القانون رقم 12.02الخاص بالمسؤولية المدنية في مجال الأضرار النووية الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5284 بتاريخ 9 ذي الحجة 1425 موافق 20 يناير 2005 .ص: 292 .
ـ القانون رقم 04-17 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة صدر بالجريدة الرسمية عدد 5480 بتاريخ 15 ذي القعدة 1427 موافق 7 ديسمبر 2006
ـ القانون رقم 12.02الخاص بالمسؤولية المدنية في مجال الأضرار النووية الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5284 بتاريخ 9 ذي الحجة 1425 موافق 20 يناير 2005 .ص: 292 .
ـ القانون رقم 04-17 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة صدر بالجريدة الرسمية عدد 5480 بتاريخ 15 ذي القعدة 1427 موافق 7 ديسمبر 2006