عرف العالم تطورا مذهلا على إثر التقدم العلمي و الثورة التكنولوجية التي مست مختلف المجالات و قد ساهم في ذلك اختراع الحاسب الآلي، الذي أصبح استخدامه ضروريا سواء على مستوى أجهزة الدولة و إداراتها، و الشركات الخاصة بمختلف أشكالها و أنواعها، أو على مستوى حياتنا اليومية .
و باعتبار البنوك و بصفة عامة المؤسسات الائتمانية ركيزة أساسية لجميع الاقتصاديات في مختلف أنحاء العالم فقد كان لزاما عليها أن تساير و تواكب هذا التطور و بالتالي العمل على تحديث أنظمة عملها و خلق الآليات و الوسائل التي تمكن زبنائها من الاستفادة من خدماتها بالطرق التقنية الحديثة.
و كان من أهم نتائج الثورة المعلوماتية استحداث أفكار حديثة للوفاء كالنقل الإلكتروني للأموال و استخدام البطائق البنكية و ذلك تعزيزا لعامل السرعة و بما يرتبه من توفير في الوقت و الجهد و هما عماد العمل التجاري بوجه عام و العمل البنكي بوجه خاص.
و يمكن تعريف البطاقة البنكية بأنها : " ورقة ذات حجم صغير مصنوعة من البلاستيك المقوى تمنحها مؤسسة مرخص لها بذلك لزبونها المنخرط طبقا لشروط معينة لأداء ممونيه أو لسحب أمواله من الشبابيك الأطوماتيكية أو العادية " ( ).
و الوفاء الإلكتروني بالبطائق لا يشكل في ذاته ثورة في مجال الوفاء بل هو في حقيقته نتيجة إلزامية للتطور التكنولوجي المستمر و الذي زادت وتيرته خلال السنوات الأخيرة .
و الملاحظ أن المشرع المغربي لم يتطرق في القانون 53.05 ( ) المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية إلى مفهوم وسائل الوفاء وأنواعها إلا أننا نجد أن المادة 1/329 من مدونة التجارة نصت على أنه : " تعتبر وسيلة أداء ...كل وسيلة تمكن كل شخص من تحويل أموال كيفما كانت الطريقة أو الخطة التقنية المستعملة لذلك ".
و بهذا يبقى مجال تنظيم الوفاء الإلكتروني في التشريع المغربي ناقصا لا يتماشى و التطور الحاصل في وسائل الوفاء الإلكتروني خصوصا إذا ما رجعنا إلى المكانة التي تحتلها البطائق البنكية من الناحية العملية نجدها تطرح مجموعة من الإشكالات الشيء الذي يجعل من هذا الموضوع يستحق المزيد من العناية و التنظيم لذلك فإن دراسته لا تقل أهمية عن ذلك لعدة اعتبارات منها ما هو اقتصادي و ما هو اجتماعي و ما هو قانوني ( ).
من الناحية الاجتماعية
تتجلى أهمية الموضوع من هذه الناحية في انتشار البطاقة البنكية في الحياة اليومية للمواطن المغربي بصورة ملفتة للنظر مما يستدعي التعرف على الجوانب القانونية التي تحكم هذه البطاقة
من الناحية الاقتصادية
باعتبار أن البنوك تشكل ركيزة هامة من ركائز الاقتصاد الوطني وسيساعد استخدام الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية في المجال البنكي البنوك على تقديم خدمات لأكبر عدد ممكن من العملاء
من الناحية القانونية
في ظل غياب النظام القانوني المطبق على وسائل الوفاء الإلكتروني فضلا عن قلة السوابق القضائية و رأي الفقه القانوني حوله من أجل تنظيم التعامل بها و توفير الحماية للمتعاملين بها لذلك كان من الضروري البحث في هذا الموضوع
أما بخصوص الإشكالات التي يطرحها الموضوع فتتمحور حول تكييف الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية نظرا لانفرادها ببعض الخصائص، فما هي الطبيعة القانونية لهذه البطاقة ؟ و ما هي آثار قيام المسؤولية الناتجة عن الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية ؟
للإجابة عن هذه الإشكالات سنحاول اتباع منهج تحليلي معتمدين على التصميم التالي:
المبحث الأول : الأحكام العامة للبطاقة البنكية.
المطلب الأول : القواعد القانونية المنظمة للبطائق البنكية:
الفقرة الأولى : التكييف القانوني للعلاقات الناشئة عن استخدام البطائق البنكية.
الفقرة الثانية : الطبيعة الخاصة للبطاقة البنكية.
المطلب الثاني : التزامات الأطراف المتعاملة بالبطاقة البنكية.
الفقرة الأولى : التزامات حامل البطاقة.
الفقرة الثانية : التزامات مصدر البطاقة.
الفقرة الثالثة : التزامات التاجر المتعامل بالبطاقة البنكية.
المبحث الثاني : الآثار القانونية الناشئة عن استخدام البطاقة البنكية.
المطلب الأول : الإثبات في البطاقات البنكية.
الفقرة الأولى : إثبات محتوى العمليات.
الفقرة الثانية : إثبات هوية العميل الحامل للبطاقة ( التوقيع الإلكتروني )
المطلب الثاني : الحماية التقنية للبطاقة البنكية.
الفقرة الأولى : وسيط الوفاء الإلكتروني، حافظة النقود الإلكترونية و الافتراضية، نظام تشفير البيانات.
الفقرة الثانية : الجدران النارية، الضوابط الفنية و المضاهاة للتوقيع الإلكتروني.
المبحث الأول : الأحكام العامة للبطاقة البنكية.
سنحاول من خلال هذا المبحث الوقوف على القواعد القانونية المنظمة للبطاقة البنكية (المطلب الأول) ثم التطرق بعد ذلك لالتزامات الأطراف المتعاملة بالبطاقة البنكية.
المطب الأول : القواعد القانونية المنظمة للبطائق البنكية:
تبدو أهمية البحث عن القواعد القانونية المنظمة للبطاقة البنكية لتحديد الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية والى أي النظم القانونية ينتمي والي أي المراكز القانونية يوضع.
وهذا ما يجعلنا نقسم هذا المطلب إلى فقرتين نخصص (الفقرة الأولى) للتكييف القانوني للعلاقات الناشئة عن استخدام البطائق البنكية . أما (الفقرة الثانية) فنتركها للطبيعة الخاصة للبطائق البنكية .
الفقرة الأولى: التكييف القانوني للعلاقات الناشئة عن استخدام البطائق البنكية:
نظرا لحداثة البطاقة البنكية كوسيلة وفاء الكتروني فقد انقسم الفقه والقضاء حول الطبيعة القانونية الخاصة بها إلى قسمين :
الأول : ينظر إلى كل عقد من العقود التي تبرم بمناسبة البطاقة البنكية على حدة ويعطي كل عقد من هذه العقود وصفا قانونيا يختلف عن الآخر والثاني هو الذي ينظر إلى فكرة البطاقة البنكية ككل دون النظر إلى كل عقد مستقل عن الآخر.
أولا: الطبيعة القانونية المتعددة للبطاقة البنكية
ينظر أنصار هذا الاتجاه في تكييفهم هذا إلى نوعين من العقود
• العقد الرابط بين مصدر البطاقة و الحامل.
• و العقد الرابط بين مصدر البطاقة و التاجر.
و يستقل كل عقد من هذين العقدين عن الآخر بطبيعته القانونية( )، لذلك سنقوم بتحديد الطبيعة القانونية لكل عقد من هذه العقود على النحو التالي.
أ): الطبيعة القانونية للعقد الرابط بين مصدر البطاقة و حاملها
يكيف بعض الفقه ( ) هذا العقد على اعتباره قرض شخصي مصحوب باعتماد و ذلك في الحالة التي يمنح فيها العميل أجلا للوفاء لأن المصدر الذي يرتبط بعلاقات أخرى مع التاجر يعمل عن طريق هذا الأخير التزامات عميله و قيمة مشترياته.
بينما ذهب جانب آخر من الفقه ( ) إلى القول أن العلاقة بين المصدر و الحامل تجد تفسيرها في فكرة الوكالة حيث يقوم المصدر بدور الوكيل العادي، و يحصل على أمر من الحامل بدفع مبلغ من النقود للتاجر ، و بالتالي فإن الجهة المصدرة تكون مسؤولة عن تنفيذ الوفاء عن العميل لمصلحة التاجر و يظل العميل هو المدين الأصلي للتاجر، أما البنك فليس إلا وكيلا عنه في الوفاء.
غير أن هذين الاتجاهين لقيا انتقادات كثيرة لذلك حاول البعض الآخر من الفقه التوفيق بين الاتجاهين السابقين بالقول بوجود نوع من التزاوج بين نظامي الوكالة و فتح الاعتماد على اعتبار أن قيام مصدر البطاقة بالوفاء يتم بناء على وكالة صادرة من الحامل ، أما التزام الحامل برد ما دفعه المصدر للتاجر فيتم بناء على عقد فتح الاعتماد بين المصدر و الحامل(( ..
ب): العقد المبرم بين الجهة المصدرة و التاجر
ذهب بعض الفقه ( ) إلى أن التزامات الجهة المصدرة في مواجهة التاجر هي من قبيل الحلول الاتفاقية ( ) على اعتبار أن التاجر يتفق مع البنك المصدرة عندما يستوفي حقه على أن يحل محله تجاه الحامل، أي عندما يقوم البنك بسداد قيمة السلع و البضائع للتاجر و التي يكون الحامل مدينا بها، فإنه يحل التاجر في حقه تجاه الحامل. و من تم تقوم الجهة المصدرة بالرجوع على الحامل لمطالبته بسداد المبالغ المدين بها للتاجر.
بينما يرى البعض الآخر ( ) أن تلك الالتزامات تعتبر بمثابة اشتراط لمصلحة الغير، على اعتبار أن الهدف الأساسي من الاتفاق بين التاجر و البنك المصدر يتمثل في قبول التاجر الوفاء بواسطة البطاقة التي يستخدمها من منحه البنك إياها بموجب عقد البطاقة مع التزام البنك تسديد قيمة ما حصل عليه مستخدم البطاقة الذي يعد من الغير بالنسبة لاتفاقية التاجر. و من هنا يرى هذا الجانب من الفقه أن اتفاقية التاجر تتفق مع ماهية الاشتراط لمصلحة الغير، كما يضيف هذا الفقه بأن جميع الشروط المتطلبة في الاشتراط لمصلحة الغير ( ) متوفرة في اتفاقية التاجر.
بينما يرى بعض الفقه ( ) أن التكييف القانوني لاتفاقية التاجر لا بد أن يلجأ بشأنها إلى البحث عن التكييف القانوني لكل التزام من الالتزامات المصدرة على حدة، فبالنسبة لالتزام البنك المصدر بالوفاء للتاجر بثمن السلع و الخدمات فيمكن تكييفه على اعتبار أن البنك يلعب دورا مزدوجا : كوسيط عندما يقدم خدمات للتاجر باختيار حملة البطاقات بعد التأكد من توافر الثقة فيهم، و كوكيل مكلف بتحصيل حقوق التاجر من حملة البطاقات، بينما يمكن تفسير الشرط الذي يلتزم بموجبه المصدر بتحمل مخاطر عدم الوفاء على أنه ضمان للوفاء.
هذه الآراء وجهت إليها العديد من الانتقادات. مما يجعلنا نستخلص أن الاعتماد على هذا الأسلوب لمحاولة تكييف نظام الأداء باستخدام البطاقات البنكية من شأنه أن يحدد طبيعة كل عقد من العقود المبرمة في إطار استخدام البطاقة دون الوصول إلى تصور شامل نستطيع من خلاله فهم تركيبة نظام الأداء باستخدام البطاقات البنكية كنظام قائم على علاقة ثلاثية الأطراف.
ثانيا: الطبيعة القانونية الواحدة للبطائق البنكية
يتجه الفقه في فرنسا ( ) إلى تحديد الطبيعة القانونية للنظام كله دون الدخول في تحليل العلاقات القائمة بين أطرافه للوصول إلى تطبيق أحكام نظام قانوني قائم على كل علاقة من هذه العلاقات بصفة مستقلة.
و نظرا لتشابك العلاقات القانونية الناشئة عن البطائق البنكية، فلا يمكن أن نخضعها لنظام قانوني واحد من الأنظمة التي وضع لها المشرع الأحكام الخاصة به، بل في اختيار العلاقة القانونية الأساسية و التي تسمح بتنفيذ نظام الوفاء الإلكتروني بواسطة البطاقة و تتمثل هذه العلاقة بالعلاقة بين المصدر و التاجر.( ).
و في محاولة لتكييف نظام الوفاء الإلكتروني بالبطائق من خلال تحليل هذه العلاقات يجب التفرقة بين كون المصدر يضمن الوفاء للتاجر ( أ) أو لا يضمن الوفاء له ( ب )
أ ):مصدر البطاقة ضامن للوفاء
يعتبر ضمان مصدر البطاقة الوفاء للتاجر المنخرط في حدود المبلغ المسموح به لصاحب البطاقة القاعدة العامة أو القاسم المشترك بين جميع عقود بطاقات الأداء و رغم اختلاف قيمة المبلغ الذي يضمن مصدر البطاقة الوفاء به ، فإذا قبل التاجر المنخرط البطاقة فيما يتجاوز حدود الضمان، فإنه يكون مسؤولا عن القدر الزائد حيث لا يلتزم مصدر البطاقة إلا في حدود السقف المتفق عليه مع صاحب البطاقة فقط.
فما هي الطبيعة القانونية لهذه البطاقة التي يستخدمها صاحبها في حدود مبلغ الضمان المحدد في العقد؟.
للإجابة على هذا السؤال نشير الى أن بعض الفقه ( )، اتجه إلى القول بوجود عقد الإنابة في الوفاء فالمادة 217 من ق.ل.ع تقدم لنا عقدا يتفق مع ما يتم بشأن التزام مصدر البطاقة بضمان الوفاء للتاجر المنخرط و هو الإنابة في الوفاء و تكون الإنابة تصرف من يكلف أحدا من الغير بالوفاء عنه و لو لم يكن هذا مدينا لمن وكله على الوفاء، فالإنابة في الوفاء تقتضي وجود أشخاص ثلاثة كما هو الحال في نظام الوفاء بالبطاقة و هم :
1- المنيب : و هو صاحب البطاقة أي المدين الذي ينيب الشخص الأجنبي – و هو مصدر البطاقة – ليفي بالدين للدائن.
2- المناب : ( أي مصدر البطاقة ) فهو الشخص الأجنبي الذي ينيبه المدين ( صاحب البطاقة ) ليفي بالدين للدائن.
3- المناب له : أي التاجر المنخرط
و لهذا يمكن القول أن الإنابة في البطاقة البنكية أن حاملها قد أناب الجهة المصدرة لها في الوفاء بدينه للتاجر و أن التاجر المناب لديه قد ارتضى هذه الإنابة.
و بالرغم من أن فكرة الإنابة في الوفاء أقرب تكييفا للطبيعة القانونية للبطاقة البنكية و التي تفسر العلاقة القانونية الناشئة بين أطرافها الثلاثة مصدر البطاقة و حاملها و التاجر الذي يقبلها في الوفاء، إلا أن هذه الفكرة كسابقتها تعرضت للنقد، و لهذا يرى بعض الفقه الفرنسي ( ) الرجوع مرة ثانية لفكرة الوكالة، و لكن فكرة الوكالة المقصودة هنا ليست الوكالة التي تتضمن التزام الوكيل بضمان الوفاء حيث أن المستفيد من الضمان ليس هو صاحب البطاقة و لكنه التاجر المنخرط و لكنها الوكالة في الوفاء لأن مصدر البطاقة يعتبر وكيلا عن صاحب البطاقة في الوفاء بقيمة المشتريات التي قام بها التاجر المنخرط ( ).
ب ): مصدر البطاقة غير ضامن للوفاء
في هذه الحالة يقوم مصدر البطاقة بالوفاء للتاجر المنخرط بمجرد تقديم الفاتورات إليه و الموقعة من طرف صاحب البطاقة، و يقوم بعد ذلك بالرجوع على صاحب البطاقة مطالبا إياه بأداء المبالغ التي قام بالوفاء بها للتاجر المنخرط. فإذا حصل عليها انتهى الأمر، أما إذا امتنع صاحب البطاقة عن الأداء فيكون لمصدر البطاقة حق الرجوع على التاجر المنخرط لاسترداد ما أداه و يعتبر ذلك مطابقا لما تنص عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 350 من ق.ل.ع بأن مجرد تعيين المدين شخصا يلتزم بأن يقوم بالوفاء بالدين مكانه لا يؤدي إلى التجديد، كما لا يؤدي إلى التجديد تعيين الدائن شخصا للاستيفاء منه.
الفقرة الثانية: الطبيعة الخاصة للبطاقة البنكية
باستقراء كافة الإتجاهات والنظريات السابقة في محاولة لتحديد الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية ،نجد أنه أيا كانت الخلافات التفصيلية فيها ،أنه لا يمكن تفسير العلاقات الناشئة عن استخدام البطاقة بالنظر إلى تكييف كل عقد على حده لأننا بذلك لا نضيف شيئا لهذا النظام ،لأن العبرة بالنظر إلى النظام ككل وأخذ العلاقة الثلاثية ومحاولة تفسيرها.
أولا: تأثير البيئة التجارية والتكنولوجيا الحديثة على البطائق للبنكية:
إن النقص التشريعي في مجال وسائل الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية ليس عيبا لأنها تتميز بالتجدد والتطور وأيضا وضع هذه الوسائل الحديثة في قوالب تشريعية جامدة يعتبر عقبة في سبيل تطورها.
وبذلك يرى أستاذنا الدكتور ضياء علي أحمد نعمان أنه من الخطأ رد نظام البطاقة البنكية إلى نظرية قانونية قائمة مسبقا لأن النظام مستحدث في الحياة البنكية ،ونشأ نتيجة حاجات عملية تهدف إلى تحقيق مصلحة التاجر والحامل على سواء ،ذلك أن الحامل يهدف من وراء الاشتراك بنظام البطاقة الحصول على السلع والخدمات التي يحتاجها بثمن مؤجل يقوم بسداده لاحقا على أقساط مؤجلة والتاجر يهدف من وراء الاشتراك الحصول على ثمن مبيعاته بصورة معجلة من قبل جهة مليئة دون التعرض لمخاطر الإعسار (الإفلاس) وهذه الجهة هي مصدرة البطاقة البنكية.
ولهذا فالبيئة التجارية وما تتميز به من تطور وإبداع تقدم نظما قانونية ووسائل تتلاءم مع الحياة التجارية المتطورة.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه من الخطأ محاولة إخضاع البطائق لأحد القوالب التقليدية الجامدة في القانون المدني لا لعدم ملائمة هذه القوالب للنظم الخاصة بالبطاقة البنكية ،وإنما لعدم ملائمتها لظروف البيئة التجارية التي أفرزتها البطائق البنكية وخضوعها لعوامل التطور والتجديد .
ثانيا: البطاقة البنكية أداة الكترونية لإدارة النقود القيدية:
أيا كانت التكييفات التي قيلت لتحديد العلاقة بين أطراف البطاقة فإنها ستظل أداة الكترونية حديثة لتحديد النقود في الحسابات البنكية فإن ظلت التزامات أطرافها قائمة فستتطور وسائل تحقيقها.
وفي نفس السياق نشير إلى أن مصدر البطاقة يقوم بالوفاء للتاجر طبقا للعقد الذي يربطهما والذي يحدد التزامات كل منهما بغض النظر عن وجود أو انعدام الرصيد فهذا ما سوف تتم تسويته بينه وبين الحامل بموجب العقد الرابط بينهما.
فالمصدر يظل هنا مركز الحسابات البنكية ومقر القيود الواردة عليها وما البطاقة إلا أداة في يد الحامل ومفتاح للتخاطب بين الحامل وحسابه البنكي تحت رعاية المصدر وهو البنك. والملاحظ أن التاجر هو الملتزم بنقل أمر صحيح بالوفاء وصادر من حامل البطاقة لمصدرها ،مع ما يثبت هذا الأمر من فواتير أو تسجيلات الكترونية،وعلاقة التاجر بالمصدر تتمثل في ثقة التاجر في الحصول على الوفاء نظير التزامه بمراعاة إجراءات الحصول عليه.
ويعتبر الحامل مصدر لأمر الوفاء أيا كانت الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية ،فهو بتوقيعه على فاتورة الشراء يصدر أمر لمصدر البطاقة بالوفاء للدائن وهو التاجر.
لهذا لابد في نظر أستاذنا الدكتور ضياء علي احمد نعمان إن ننظر إلى نظام البطاقة بصورة مستقلة ونراعي الأسس التي يقوم عليها هذا النظام ،بحيث نطبق القواعد القانونية التي من شانها أن تحافظ على هذه الأسس باعتبارها السمات يقوم عليها النظام. وعليه فإن أستاذنا لا يرى ما يمنع من تطبيق قواعد مختلفة دون الأخذ بنظرية قائمة بذاتها طالما أن هذه القواعد تنسجم مع السمات التي يقوم عليها النظام وهذه السمات مرجعها العقد القائم سواء أكان عقد الحامل أو عقد التاجر.
المطلب الثاني : التزامات الأطراف المتعاملة بالبطائق البنكية.
إذا كانت بعض وسائل الوفاء التقليدية لا تحتاج للقيام بعملية الوفاء إلا طرفين فقط ، فإن طرق الوفاء الحديثة – البطاقة البنكية – تستوجب ثلاثة أطراف أساسية و المتمثلة في مصدر البطاقة ( البنك ) و حاملها و كذلك التاجر الذي يقبل التعامل بها و يرتبط كل هؤلاء بعقود ترتب التزامات كل طرف منهم و سنعرض لهذه الالتزامات كالآتي :
الفقرة الأولى : التزامات مصدر البطاقة
.
كان دور البنك ينحصر في الوفاء عن الدائن . بل إن بعض وسائل الوفاء التقليدية أصبح فيها دور البنك المصدر هامشيا للغاية لدرجة أن نقل الأموال من حساب المدين إلى حساب الدائن أصبح يتم بشكل إلكتروني باستخدام الوسائل الحديثة ( ) أما في مجال البطائق البنكية فيغدو دور البنك المصدر للبطاقة أكثر وضوحا و أهمية حيث إنه يرتبط بالأطراف الأخرى بموجب عقود مستقلة ترتب التزامات في ذمة أطرافها و تتمثل التزامات البنك – مصدر البطاقة – فيما يلي :
أولا : الالتزام بالوفاء للتاجر المنخرط.
يلتزم البنك بالوفاء للتاجر المنخرط بقيمة المشتريات التي يقوم بها صاحب البطاقة لديه أي أن المؤسسة المصدرة للبطاقة تكون في مركز الضامن أمام التجار الدائنين المنخرطين في حدود المبلغ المتفق عليه بوصفه الحد الأقصى لاستعمال البطاقة و يكون فيما يتعداه وكيلا عن صاحب البطاقة في هذا الوفاء ( ).
ثانيا : الالتزام بإرسال كشف النفقات لصاحب البطاقة.
مصدر البطاقة ملزم بإرسال كشف يضم بيانا كاملا لمبالغ المشتريات التي قام بها صاحب البطاقة خلال فترة استعمال البطاقة التي يحملها بشكل مشروع مع الإشارة إلى البيانات التالية:
• الاسم الكامل مع العنوان.
• الرصيد المتبقي لصاحب البطاقة.
• الرصيد الجديد و المبلغ المسموح به شهريا أو أسبوعيا كحد أدنى.
• الفائدة المستحقة.
الفقرة الثانية : التزامات صاحب البطاقة.
يرتب عقد الانخراط في نظام البطاقة مجموعة من الالتزامات على عاتق صاحب البطاقة تتمثل فيما يلي:
أولا : الالتزام بإعلام مصدر البطاقة.
يلتزم صاحب البطاقة بالإدلاء بجميع المعلومات التي تهم مصدر البطاقة عند إبرام العقد ( حالته المدنية، موطنه، عنوانه، مهنته، دخله ) كما يلتزم بإعلام البنك بكل تعديل طرأ على المعلومات الواردة في العقد الابتدائي.
و إذا كانت المعلومات التي أدلى بها صاحب البطاقة غير صحيحة فإن مصدر البطاقة يستطيع أن يحرك هذه الدعوى الجنائية لأن هذه المخالفات و إن كانت تدخل في النطاق التعاقدي بينهما إلا أنها تشكل جريمة
ثانيا : الالتزام باستعمال الشخص للبطاقة
يجب على صاحب البطاقة البنكية أن يستعملها شخصيا و استعمالا سليما، و لا يجوز للغير استعمالها أو إعارتها إذ يجب أن تبقى تحت حراسته و أن يحتفظ سريا برقمها السري.
ثالثا : مسؤولية صاحب البطاقة في حالتي ضياعها أو سرقتها.
إذا ما رجعنا إلى العقود المبرمة بخصوص بطاقة الوفاء نجدها تنص على هذا الالتزام فعقد بطاقة البنك الشعبي ( ) مثلا في فصله 13 نجده ينص على أن صاحب البطاقة هو المسؤول عن المحافظة عليها و على رقمها السري و إلا اعتبر مسؤولا عنها.
و تقم مسؤولية صاحب البطاقة على أساس قرينة الخطأ من جانبه في المحافظة على البطاقة أما استطاع إثبات عدم الوقوع في الخطأ من جانبه فلا يتحمل أي مسؤولية ( )
رابعا : الالتزام بالوفاء بكل المبالغ التي استخدمها عن طريق استعمال البطاقة.
لا يخلو عقد من عقود بطاقات الوفاء من هذا الشرط و يوضح هذا الشرط كيفية أو طرق الوفاء و كذلك الجزاءات التي يتعرض لها صاحب البطاقة الذي يتخلف القيام بهذا الوفاء.
الفقرة الثالثة : التزامات التاجر المنخرط
يلتزم التاجر الذي قبل التعامل بالبطاقة البنكية كوسيلة للوفاء بعدة التزامات يمكن تقسيمها إلى قسمين :
أولا : الالتزامات العامة.
تتمثل هذه الالتزامات فيما يلي :
- التزام التاجر بقبول البطاقة الصادرة من طرف المصدر في تسوية معاملات حامليها لديه دون أن يطلب الوفاء الفوري بأي وسيلة من وسائل الوفاء التقليدية.
- ضرورة احترام المساواة بين أصحاب البطاقات و باقي الزبناء الآخرين في أسعار السلع أو الخدمات التي تعاقدوا عليها مع التاجر المنخرط.حيث لا يستطيع هذا الأخير ان يرفع من الأسعار إذا كان الوفاء بواسطة البطاقة
- الالتزام بإعلام الزبناء عن قبول هذه البطاقات في محله التجاري.و يكون ذلك عن طريق إلصاق التاجر المنخرط صور البطاقات المقبول الوفاء بها في مكان بارز حتى تظهر هذه الصور للزبناء
- الالتزام بحل جميع النزاعات التي يكمن أن تنشأ بينه و بين صاحب البطاقة.و مرد ذلك كون مصدر البطاقة طرفا أجنبيا عن عقد البيع الذي يبرمه صاحب البطاقة مع التاجر المنخرط وذلك لقيام بطاقة الأداء على عقدين مستقلين الأول بين مصدر البطاقة و صاحبها و الثاني بين مصدر البطاقة و التاجر المنخرط في نظامها
- الالتزام برد جميع الأدوات التي تسلمها من مصدر البطاقة في حالة فسخ العقد بينه و بين هذا الأخير. و أهمها نماذج الفاتورات و إشعارات الخصم و جميع الوثائق الإعلانية
ثانيا : الالتزامات المتعلقة بالوفاء.
تنحصر هذه الالتزامات فيما يلي :
- ضرورة فرض رقابة صارمة على استخدام البطاقة في الوفاء و ذلك عن طريق :
التحقق من شخصية صاحب البطاقة.
ملء الفاتورة التي يتم إرسالها إلى المؤسسة مصدرة البطاقة.
التأكد من مدة صلاحية البطاقة.
التأكد من صحة توقيع صاحب البطاقة على الفاتورة و يكون ذلك عن طريق ملاحظة مدى تطابقها مع التوقيع الموجود على البطاقة ذاتها.
الالتزام بإعداد سند المديونية من طرف التاجر وفقا للنماذج التي يتسلمها من مصدر البطاقة عن طريق الآلة الإلكترونية المخصصة لذلك.
المبحث الثاني: الآثار القانونية الناشئة عن استخدام البطاقة البنكية
سنعمل على تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص ( المطلب الأول ) للإثبات في البطاقات البنكية و ( المطلب الثاني ) للحماية التقنية للبطاقة البنكية.
المطلب الأول: الإثبات في البطاقات البنكية
الإثبات هو |إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب آثارها( ).
و تثير البطاقات البنكية مشكلة كيفية إثبات العلاقات القانونية الناشئة بين أطرافها بعد إبرام العقد أي في مرحلة تنفيذه و الناتجة عن استخدام البطاقات البنكية، خاصة إذا ما علمنا أن التعامل بهذه البطاقات يتم عادة عن طريق استخدام وسائل إلكترونية بعيدا عن الإجراءات اليدوية و استخدام الورق.
و في الحقيقة فإن الإشكال الذي يطرح في هذا المجال هو إشكال مزدوج ، فمن جهة يتعلق بكيفية إثبات محتوى العمليات الناتجة عن استخدام البطاقات البنكية(الفقرة الأولى )، و من جهة ثانية يتعلق بكيفية إثبات هوية العميل مستخدم البطاقة البنكية ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى: إثبات محتوى العمليات
سوف نحاول في هذه الفقرة الوقوف على مدى حجية الوسائل التي يتيحها التعامل بواسطة البطاقات البنكية في الإثبات ، و ذلك من خلال تطرقنا لحجية كل من التوصيلات التي تسلمها الشبابيك الآلية للتوزيع النقدي للعملاء و الكشوف الحسابية في الإثبات( ) و ذلك ( أولا ) ، كما سنحاول دراسة مدى حجية الوسائل الحديثة التي تستخدمها البنوك في حفظ و استرجاع المعلومات "الميكروفيلم و الأشرطة المغناطيسية" ( ثانيا ).
أولا: حجية المستخرجات الإلكترونية في إثبات التعامل بالبطاقة البنكية ( توصيل الشباك الآلي لكشف الحساب ).
إن الحديث عن مدى حجية المستخرجات الإلكترونية في إثبات المعاملات التي تتم بواسطتها البطاقات البنكية يقتضي منا تقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين ، بحيث ندرس مدى حجية التوصيل المستخرج من أجهزة التوزيع الآلي في ( أ ) على أن ننتقل لدراسة مدى حجية كشف الحساب في الإثبات في ( ب).
أ- مدى حجية التوصيل المستخرج من الشبابيك الآلية لتوزيع النقود
عند قيام حامل البطاقة البنكية باستخدام هذه الأخيرة في سحب النقود من الشبابيك الآلية فإنه يقوم بإدخال البطاقة في فتحة خاصة موجودة بالشباك كما يقوم بتركيب رقمه السري، فإذا كان كل من البطاقة و الرقم السري صحيحين تظهر على شاشة الشباك قائمة بالعمليات التي يمكن للحامل القيام بها من خلاله ، و من تم يقوم الحامل بتحديد المبلغ المراد سحبه و الضغط على زر خاص لإتمام العملية و إخراج المبلغ المطلوب سحبه من خلال فتحة خاصة لذلك، كما يقوم بإخراج البطاقة و إصدار توصيل ورقي يتضمن مجموعة البيانات تتعلق بالمبلغ المسحوب و رقم حساب العميل و رقم البطاقة و تاريخ و ساعة القيام بالعملية كما يتضمن رقما خاصا لتلك العملية، و هذا التوصيل يعتبر الأثر الوحيد الذي يحوزه العميل عند قيامه بعملية السحب ( ) و ما مدى حجية هذا التوصيل إذا ما أراد العميل الاحتجاج به في مواجهة البنك؟.
يمكن للعميل حامل البطاقة أن يتمسك بالتوصيل في مواجهة البنك ، غير أن التساؤل الذي يطرح في هذا المجال حول مدى القوة الثبوتية التي يتمتع بها هذا التوصيل ؟ بالرجوع إلى البيانات التي يتضمنها التوصيل المستخرج من الشبابيك الآلية لتوزيع النقد نجد بأنه لا يتضمن أي توقيع مما لا يجعله حجة كاملة في الإثبات بل يمكن اعتباره بداية حجة كتابية في يد العميل الذي يمكنه مواجهة البنك به على هذا الأساس .
ب) حجية كشف الحساب البنكي في الإثبات
نصت المادة 106 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان و مراقبتها الصادر عام 1993 على ما يلي : " كشوف الحسابات التي تعدها مؤسسات الائتمان وفق الكيفية التي يحددها والي بنك المغرب بعد موافقة لجنة مؤسسات الائتمان تعتمد في الميدان القضائي باعتبارها وسائل الإثبات بين المؤسسات و عملائها من التجار في المنازعات التي تنشأ فيما بينهم إلى أن يثبت ما يخالف ذلك " فالمشرع المغربي اعتبر كشف الحساب حجة في مواجهة التاجر إلى أن يثبت ما يخالفه، و قد أحالت على هذه المادة أيضا المادة 492 من م ت ( ).
ثانيا: و سائل تخزين و استرجاع المعلومات و حجيتها القانونية
ساهم التطور التكنولوجي في ابتكار أجهزة صغيرة جدا تمكن البنوك من تخزين كل العمليات المعالجة من طرفها ، هذا يجعلنا نطرح التساؤل حول مدى إمكانية الاعتماد على مثل هذه الوسائل كحجة في الإثبات ؟ و قد درجت البنوك في تضمين عقودها التي تبرمها مع عملائها شروطا تعطي بموجبها لهذه الوسائل الحجة الكاملة لإثبات العمليات التي تتم في إطار هذه العقود، فما مدى حجية مثل هذه الاتفاقات؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه بحيث ندرس مدى حجية وسائل تخزين و استرجاع المعلومات في الإثبات " أ " على أن ننتقل لدراسة مدى صحة الاتفاقات المتعلقة بالإثبات "ب".
أ- مدى حجية الوسائل الحديثة لتخزين و استرجاع المعلومات.
يخضع إثبات التصرفات القانونية في المادة المدنية إلى قواعد قانونية محددة تعتبر ضرورة توفير الحجة الكتابية المحور الأساسي لها، على العكس من ذلك فإن المادة التجارية تأخذ بمبدأ حرية الإثبات، فما مدى حجية الوسائل الحديثة لتخزين و استرجاع المعلومات في ظل المادتين المدنية و التجارية ؟
- في المادة المدنية :
تخضع التصرفات القانونية في المادة المدنية للإثبات بالكتابة التي تعتبر أهم دليل من أدلة الإثبات الأصلية على اعتبار أنها دليل قائم بذاته، و قد أكد الفصل 443 من ق.ل.ع على أهمية الكتابة في الإثبات و جعلها الوسيلة الوحيدة لإثبات التصرفات القانونية التي تزيد قيمتها عن 10.000 درهم ( )، بحيث قد تكون الكتابة رسمية أو عرفية، أو تعد بشكل إلكتروني أو أن توجه بطريقة إلكترونية.
- في المادة التجارية :
المبدأ العام المعمول بع في المادة التجارية هو حرية الإثبات، حيث يجوز للملتزم بالإثبات أن يلجأ إلى جميع الوسائل التي قررها القانون دون التقيد بالكتابة و ذلك ما لم ينص القانون أو الاتفاق على الإثبات بالكتابة طبقا للمادة 334 من مدونة التجارة ( ).
من هنا نلاحظ بأن حرية الإثبات في المادة التجارية أوسع نطاقا منها في المادة المدنية غيرأنها لا تطبق إلا على المعاملات التي تتم بين التجار و بصدد أعمالهم التجارية فإذا كان العميل مدنيا وجب الرجوع إلى الأصل العام الذي يقضي بعدم جواز الإثبات بكافة الوسائل إلا فيما يقل عن 10.000 درهم، أما إذا تجاوز التصرف القانوني هذا المبلغ وجب إثباته بالكتابة ، و في الحالة التي يكون فيها التصرف تجاريا بالنسبة لأحد الأطراف و مدنيا بالنسبة للطرف الآخر فإن الطرف الذي يعتبر التصرف بالنسبة إليه تجاريا يمكن التمسك في مواجهته بكافة وسائل الإثبات مهما كانت قيمة هذا التصرف، أما بالنسبة للطرف الذي يعتبر التصرف بالنسبة إليه مدنيا ، فلا يمكن الإثبات في مواجهته إلا وفقا للقواعد المدنية( ).
ب) مدى صحة الاتفاقات المتعلقة بالإثبات
عادة ما تحرص المؤسسات البنكية المصدرة للبطاقات على أن تدرج ضمن العقود التي تبرمها مع عملائها شروطا بمقتضاها تمنح لتسجيلات الشبابيك الآلية لتوزيع النقود و الدعامات الإلكترونية التي يتم إفراغ هذه التسجيلات عليها الحجية في الإثبات ( ) ، فما مدى صحة مثل هذه الشروط؟
بالرجوع إلى الفصل 443 من ق.ل.ع نجد أنه ينص على أنه : " الاتفاقات و غيرها من الأفعال القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي الالتزامات أو الحقوق و التي يتجاوز مبلغها أو قيمتها عشرة آلاف درهم، لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود ، و يلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية، و إذا اقتضى الحال ذلك أن تعد بشكل إلكتروني أو توجه بطريقة إلكترونية ".
و مما تجدر الإشارة إليه أن هذا الفصل المحدد لمبلغ يتطلب الدليل الكتابي ليس من النظام العام، و عليه فإنه في مجال المعاملات البنكية يمكن للبنك و زبونه باتفاقهما تفادي استلزام الكتابة المهيأة مسبقا كما هي مقررة في هذا النص، و بالتالي يمكنهم الإحالة على جميع وسائل الإثبات كيفما كان المبلغ المالي للعملية المتنازع حولها ( ).
الفقرة الثانية: إثبات هوية العميل حامل البطاقة.
تقوم البطاقة البنكية بوظائف متعددة ، و من هذه الوظائف سحب النقود من الشبابيك الآلية، و كذلك الأداء لدى التجار، و تتم عملية سحب النقود بقيام العميل بإدخال بطاقته في المكان المخصص لذلك في الشباك الآلي للبنك و إدخاله للرقم السري الخاص به، و تعتبر هذه الإجراءات الوسيلة التي يتم من خلالها لإثبات هوية حامل البطاقة، أما عملية الأداء بواسطة البطاقة البنكية فتتم بقيام حامل البطاقة بتقديم هذه الأخيرة للتاجر الذي يقوم بدوره بالتأكد من هوية صاحب البطاقة و كونه حاملها الشرعي، فالتوجه الحالي يسير نحو الاعتماد بشكل أساسي على الرقم السري كوسيلة للتحقق من هوية حامل البطاقة، هذا يدفعنا إلى التساؤل حول مدى ملائمة هذه الوسيلة لقواعد الإثبات في التشريع المغربي؟ و مدى إمكانية الاعتماد عليها لإثبات هوية حامل البطاقة.
هذا ما سنعمل على دراسته في هذه الفقرة بحيث نتناول ( أولا ) مفهوم و وظائف التوقيع على ننتقل لدراسة مدى حجية التوقيع باستخدام البطاقة و الرقم السري في الإثبات ( ثانيا ).
أولا: مفهوم التوقيع باستخدام البطاقة البنكية و الرقم السري ووظائفه.
يعتبر التوقيع باستخدام البطاقة البنكية و الرقم السري أحد أنواع التوقيع الإلكتروني ( ) و هو يعد من أكثر أنواع هذا الأخير ذيوعا و انتشارا حيث تطورت هذه التقنية في مجال المعاملات البنكية كوسيلة للسحب الآلي للنقود أو للوفاء بثمن السلع و الخدمات عند نقط البيع لدى التجار الذين يتوفرون على الأجهزة الخاصة التي تتيح الأداء بهذه الطريقة و يمكن القول بأن التوقيع الإلكتروني بهذه الصورة يتم من الناحية التقنية بإتباع الإجراءات التالية:
- إدخال البطاقة البنكية ( إما في الشباك الآلي للبنك أو في الجهاز المخصص لذلك لدى التاجر، التي تتوفر على البيانات الخاصة بالعميل.
- تركيب الرقم السري الخاص بالعميل.
- الضغط على المفتاح الذي يعتبر بمثابة الموافقة على إصدار الأمر بالسحب أو بالأداء، و يتميز هذه هذا النوع من أنواع التوقيع الإلكتروني ببساطته و سهولة استخدامه و تمتعه بدرجة من الأمان و الثقة إذ لا يمكن الحصول على التوقيع إلا باقتران إدخال البطاقة مع تركيب الرقم السري الصحيح ( ).
ثانيا: حجية التوقيع بواسطة البطاقة البنكية و الرقم السري في الإثبات.
إن الحديث عن حجية التوقيع بواسطة البطاقة البنكية و الرقم السري في الإثبات في ظل غياب نص قانوني صريح يسمح باعتماده كحجة في الإثبات يقتضي منا البحث عن مدى إمكانية تطويع القواعد العامة المنظمة للتوقيع اليدوي لاستيعاب هذا النوع من أنواع التوقيع الإلكتروني.
بالرجوع إلى الفصل "426 " من ق ل ع المغربي نجد بأنه ينص في فقرته الثانية على أنه: " و يلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه و أن يرد في أسفل الورقة، و لا يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع و يعتبر وجوده كعدمه ". فمن خلال هذا الفصل يستنتج بأنه يشترط لصحة التوقيع مجموعة من الشروط يمكن إجمالها فيما يلي:
- أن يكون التوقيع بخط اليد: مقتضيات الفصل 426 من ق ل ع صريحة في وجوب أن يكون " التوقيع بيد الملتزم نفسه " ، فبالتوقيع المعتمد به قانونا هو ذلك الذي يكون بخط يد الملتزم شخصيا و الذي يتجسد في شكل علامة مميزة لصاحبها سواء جاءت في شكل اسم عائلي أو شخصي أو أية كتابة أخرى، و هو ما يتنافى مع فكرة التوقيع باستخدام البطاقة و الرقم السري حيث لا يتم هذا التوقيع بكتابة يدوية مباشرة لصاحبها بل عن طريق مجموعة من الإجراءات لعل أهمها تركيب الرقم السري الخاص بصاحبه بعيدا عن الإجراءات اليدوية .
- يجب أن يكون التوقيع متصلا بالمحرر الذي يتم إلحاقه به، لابد أن يأتي التوقيع في أسفل الورقة الموقع عليها حتى ينسحب على جميع البيانات " الفقرة الأخيرة من الفصل 426 من ق ل ع " بحيث تكون هناك رابطة حقيقية بين المحرر و التوقيع.
و بالرجوع إلى ما يحدث في ميدان التوقيع بالبطاقة و الرقم السري نجد بأن حامل البطاقة لا يقوم بالتوقيع على أي محرر ورقي و إنما يقوم بإدخال البطاقة و الرقم السري في المكان المخصص لذلك في الشباك الآلي للبنك أو في جهاز نقطة البيع الموجودة لدى التاجر مما يجعل من شرط أن يكون التوقيع متصلا اتصالا ماديا بالمحرر الذي يتم إلحاقه به غير متوافر في هذا التوقيع.
و تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أنه إضافة إلى الشروط السابقة يشترط في التوقيع ما يشترط عادة في الكتابة، فيتعين أن يكون مقروءا و دائما،
و يقصد بقراءة التوقيع أن يكون مكتوبا بوسيلة تترك أثرا ماديا.
أما أن يكون دائما فمعنى ذلك أن يستمر مقروءا بالشكل الذي يمكننا من الرجوع إليه كلما دعت الضرورة إلى ذلك
من خلال ما سبق يمكن استنتاج أن الشروط التي وضعها المشرع المغربي لصحة التوقيع اليدوي لا يمكن تطبيقها على التوقيع بواسطة البطاقة و الرقم السري.
غير أن التمسك بحرفية الفصل 426 من ق ل ع يؤدي إلى استبعاد التوقيع بالبطاقة و الرقم السري من فكرة التوقيع و يؤدي إلى فراغ قانوني ناشئ عن التقدم التكنولوجي. و لذلك نادى بعض الفقه ( ) بضرورة الأخذ بالتوقيع بواسطة البطاقة البنكية و الرقم السري كحجة في الإثبات على اعتبار أن حامل البطاقة بإدخال هذه الأخيرة في ماكينة السحب الآلي و تركيبه للرقم السري يمكن من التعرف على مصدر الأمر شأنه في ذلك شأن التوقيع العادي.
المطلب الثاني: الحماية التقنية للبطاقة البنكية
لكي يتم التغلب على مخاطر الوفاء الإلكتروني عبر الأنترنيت بواسطة البطاقة البنكية لا يمكن في حقيقة الأمر تحقيقه إلا من خلال حلول تقنية تكون هي الوسيلة لتحقيق الأمان القانوني المنشود في هذا المجال، و قد تم بالفعل ابتكار عدة وسائل تقنية في هذا المجال ، فما هي هذه الوسائل؟
للإجابة على هذا التساؤل سوف نتطرق تباعا لهذه الوسائل و المتمثلة في ابتكار نظام الوفاء التي تقوم على إيجاد وسيط للوفاء الإلكتروني ، بالإضافة إلى ذلك هناك حافظة النقود الإلكترونية و الافتراضية ثم نظام تشفير البيانات ( فقرة أولى ) ، ثم التطرق بعد ذلك للجدران النارية ، و أخيرا الضوابط الفنية و مضاهاة التوقيعات الإلكترونية ( فقرة ثانية ).
الفقرة الأولى: وسيط الوفاء الإلكتروني، حافظة النقود الإلكترونية و الافتراضية نظام تشفير البيانات
أولا: وسيط الوفاء الإلكتروني
يمكن من خلال هذا الوسيط تفادي تداول البيانات على شبكة الأنترنيت، حيث يقوم هذا الوسيط بإدارة عملية الوفاء لحساب العملاء و الموردين و تسوية ما ينشأ من التصرفات المبرمة بينهم من ديون و حقوق ،حيث يتم عبر هذا الأسلوب نقل النقود من حساب المدين ( العميل ) إلى حساب الدائن ( التاجر أو المورد )، و ذلك بعد إتمام إجراءات الوفاء بين بنكي العميل و التاجر ( ).
ثانيا: حافظة النقود الإلكترونية و الافتراضية
لقد ظهرت فكرة استعمال هذه التقنية و التي ترتكز على تجميع وحدات للقيمة و ذلك في أداة مستقلة عن الحسابات البنكية، فظهرت فكرتي حافظة النقود الإلكترونية PME ( ) و حافظة النقود الافتراضية PMV ( ).
فبالنسبة لحافظة النقود الإلكترونية فإنها تشحن مسبقا برصيد مالي و يتم تسجيل هذا الرصيد المالي في بطاقة، أما بالنسبة لحافظة النقود الافتراضية فإنها تشحن برصيد مالي على القرص الصلب كجهاز الكمبيوتر الخاص الذي يستعمل الشبكة.
و لا شك أن الهدف من هذه التقنية هو تفادي اختراق البيانات التي يتم تداولها عبر شبكة الأنترنيت و التغلب على إمكان استخدامها غير المشروع من قبل الغير، فبمقتضى هذه التقنية يصبح لوحدات القيمة الإلكترونية ذاتية مستقلة حيث يمكن نقلها من محفظة إلكترونية إلى أخرى على نحو يؤدي إلى الوفاء من قبل المدين بمجرد نقل هذه الرموز الإلكترونية ، و يمكن لمتلقي هذا الوفاء على حافظة إلكترونية أن يقوم بتحويل هذه النقود الإلكترونية إلى نقود حقيقية من خلال البنك المصدر لها ( ).
ثالثا: نظام تشفير البيانات
لقد ساهم التقدم الملموس في التقنيات المعلوماتية و خصوصا المتعلقة بعملية التشفير في تأمين إرسال المعلومات الذي ساعد على انتشار الوفاء الإلكتروني كممارسة يومية للعديد من الأشخاص حول العالم.
و يراد بالتشفير مجموعة من الوسائل الفنية التي تستهدف حماية سرية معلومات معينة عن طريق استخدام رموز خاصة تعرف باسم المفاتيح و تشفير البيانات يستهدف المحافظة على سلامتها و تأمين خصوصيتها و لا يستخدمها غير من وجهت إليه.
و قد عرف المشرع المغربي وسائل التشفير في القانون رقم 05.53 من القانون المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية في الفقرة الثانية من المادة 12 بأنه: " كل عتاد أو برمجة أو هما معا ينشأ أو يعدل من أجل تحويل معطيات سواء كانت عبارة عن معلومات أو إشارات أو رموز استنادا إلى اتفاقيات سرية أو من أجل إنجاز عملية عكسية لذلك بموجب اتفاقية سرية أو بدونها ".
الفقرة الثانية: الجدران النارية ، الضوابط الفنية و المضاهاة للتوقيع الإلكتروني
أولا : الجدران النارية
لاشك أن الانترنيت نظام مفتوح يستطيع أي شخص الوصول من خلاله إلى أي شخص آخر، و تخشى العديد من الشركات الارتباط بالانترنيت لوجود معلومات سرية غير متاحة للعموم و قد يسمح الاتصال بالانترنيت لأي شخص بالوصول إلى المعلومات السرية كأرقام حساب العملاء في البنوك و الذي تقوم بتشغيله البطاقة البنكية ( ).
و يعتبر الجدران الناري ( ) وسيلة تستعمل لحماية الشبكات الخاصة من الدخـول و تمنع الوصول غير المشروع بع للشبكة حيث تحمي وحدات التحكم و الإرسال في الانترنيت.
ثانيا : الضوابط الفنية و المضاهاة للتوقيع الإلكتروني.
سوف نبحث الضوابط الفنية ثم مضاهاة التوقيع الإلكتروني ، و ذلك على الشكل التالي:
1- الضوابط الفنية:
هناك ضوابط فنية عامة و ضوابط فنية خاصة
أ- الضوابط الفنية العامة:
هناك عدة ضوابط فنية عامة يجب أن تتوافر في التوقيع الإلكتروني، فيجب أن يكون التوقيع خاصا بالشخص وحده و لا يشاركه فيه غيره، كما يجب ألا يكون قد سبق استخدام هذا التوقيع من قبل و علة ذلك هي كفالة أكبر قدر من السرية على هذا التوقيع.
ب- الضوابط الفنية الخاصة:
هناك ضوابط فنية خاصة بالتوقيع الإلكتروني، تتمثل هذه الضوابط بتشفير المستند كان توقيعا أم سجلا إلكترونيا.
2- ضوابط المضاهاة الإلكترونية
يتضمن التنظيم الفني للتوقيع الإلكتروني الأخذ بوسائل تقنية لإجراء المضاهاة الإلكترونية للتوقيع الإلكتروني و التي يمكن بمقتضاها الوقوف على صحته، و تختلف الطرق الفنية للمضاهاة إلى عدة طرق تكفل كل واحدة قدرا معينا من الطمأنينة و الثقة في السند و تضمن سلامته و حمايته من أن ينكر من صدر منه( ).
حاولنا من خلال دراستنا للبطاقة البنكية كوسيلة للوفاء ، البحث عن الإطار القانوني الملائم لحكم هذا النوع من المعاملات و تسليط الضوء على أهم الإشكالات القانونية التي تطرحها.
بعد هذه الدراسة يمكن طرح مجموعة من الاستنتاجات و هي كالآتي:
- إن تعدد و تنوع أشكال البطاقات البنكية و الوظائف التي تقوم بها قد يؤدي إلى وقوع خلط في التسميات و المفاهيم، و ذلك راجع إلى كون البطاقة البنكية الواحدة يمكن أن تقوم بجميع الوظائف التي تقوم بها البطاقات البنكية من سحب و أداء و ائتمان.
- إن ترك تنظيم التعامل بالبطاقات البنكية إلى الاتفاقات المبرمة بين أطراف العلاقات الناشئة بشأنها، و ذلك بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 329 من مدونة التجارة جعل البنوك نظرا لمركزها القوي بالمقارنة مع مركز العميل تفرض شروطا تعسفية على هذا الأخير.
- إن تعديل القواعد القانونية التقليدية للإثبات من خلال القانون رقم 05/53 و المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات، لم يأتي بشيء جديد فيما يتعلق بإثبات التعاملات التي تتم بواسطة البطاقة البنكية حيث اشترط لكي يكون التوقيع الإلكتروني مؤمنا يجب أن يصدر عن إحدى جهات المصادقة الإلكترونية، و لم يأخذ بعين الاعتبار التوقيع بالبطاقة البنكية رغم ما تضطلع به من خصوصيات.
-
المراجع
أحمد أبو الوفا، التعليق على نصوص قانون الإثبات ، منشأة المعارف بالإسكندرية، الطبعة الثالثة 1987.
إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، مطبعة فضالة المحمدية ، الطبعة الأولى 1977.
إدريس العلوي العبدلاوي، شرح القانون المدني، النظرية العامة للالتزام ، نظرية العقد، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1990.
عبد الودودي يحيى، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، القسم الأول ، مصادر الالتزام، بدون ذكر المطبعة طبعة 1994.
عبد الودودي يحيى، دروس في قانون الإثبات، دار النهضة العربية، القاهرة 1986.
العربي جنان، التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية ( القانون المغربي رقم 53/05 ) دراسة تحليلية نقدية، المطبعة و الوراقة الوطنية، الطبعة الأولى 2008.
العربي جنان، التعاقد الإلكتروني في القانون المغربي دراسة مقارنة، المطبعة و الوراقة الوطنية، الداوديات ، مراكش، الطبعة الأولى 2010.
المختار بن أحمد عطار، العقد الإلكتروني، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى 2010.
ضياء علي أحمد نعمان؛المسؤولية المدنية الناتجة عن الوفاء الإلكتروني بالبطائق البنكية-دراسة مقارنة- الجزء الأول و الثاني؛المطبعة والوراقة الوطنية؛الطبعة الأولى 2010.
فايز نعيم ، بطاقات الوفاء، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة ، طبعة 1990.
محمد الشافعي: بطاقات الأداء و الائتمان بالمغرب، المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2002
محمد مرسي زهرة؛ القانون و الحاسوب؛ مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الطبعة الأولى 1995
محمود ثابت محمود : التوقيع الإلكتروني ، ماهيته، مخاطره و كيفية مواجهتها مدى حجيته في الإثبات ، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة الطبعة الثانية 200
محمود ابو فروة الخدمات البنكية الالكترونية عبر الانترنيت؛رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة؛وحدة التكوين و البحث؛قانون العقود و العقار كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية؛جامعة محمد الأول وجدة؛2005-2006.
فياض ملفي القضاة :مسؤولية البنوك الناتجة عن استخدام الكمبيوتر كوسيلة وفاء، بحث مقدم لمؤتمر القانون و الكمبيوتر و الانترنيت، المنعقد بكلية الشريعة و القانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة بين 1 و 3 مايو 2000.
ضياء نعمان : الحماية التقنية للتجارة الإلكترونية، مقال منشور بمجلة قانون و أعمال ، مجلة قانونية متخصصة ، العدد الأول مارس 2011.
نبيل محمد أحمد صبيح: بعض الجوانب القانونية لبطاقة الوفاء و الائتمان المصرفية، مجلة الحقوق ، جامعة الكويت، عدد 1 السنة 2003.
أهم الإشكالات التي أثيرت خلال المائدة المستديرة ليوم 18/06/2011 والمتعلقة بهذا الموضوع
تحت إشراف الاستاذ ضياء علي احمد نعمان
بالإضافة إلى الإشكالات التي تم ذكرها في العرض بخصوص الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية ،ومسألة الإثبات في البطاقة البنكية وتمت الإجابة عنها . فإن البطاقة البنكية تثير مجموعة من الإشكالات تتعلق ب:
*الإشكال الأول: النصوص القانونية في المغرب هل هي كفيلة وقادرة على حماية الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية؟
في نظرنا النصوص القانونية في المغرب غير كفيلة وغير قادرة على حماية الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية.
في ظل غياب تنظيم تشريعي متكامل للبطاقة البنكية في التشريع المغربي ،وترك المشرع مسالة تنظيم البطائق البنكية لحرية أطرافها.
*الإشكال الثاني: ما هي الإمكانية آو كيف نحمي الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية؟
لكي يتم التغلب على مخاطر الوفاء الإلكتروني عبر الانترنيت بواسطة البطاقة البنكية لا يمكن في حقيقة الأمر تحقيقه إلا من خلال حلول تقنية تكون هي الوسيلة لتحقيق الأمان القانوني المنشود في هذا المجال. وقد تم بالفعل ابتكار عدة وسائل تقنية في هذا المجال وتتمثل هذه الوسائل في ابتكار نظام الوفاء التي تقوم على ايجاد وسيط الوفاء الإلكتروني . بالإضافة إلى ذلك حافظة النقود الإلكترونية الافتراضية ،ثم نظام تشفير البيانات ثم الجدران النارية والضوابط الفنية ومضاهاة التوقيعات الإلكترونية.
و باعتبار البنوك و بصفة عامة المؤسسات الائتمانية ركيزة أساسية لجميع الاقتصاديات في مختلف أنحاء العالم فقد كان لزاما عليها أن تساير و تواكب هذا التطور و بالتالي العمل على تحديث أنظمة عملها و خلق الآليات و الوسائل التي تمكن زبنائها من الاستفادة من خدماتها بالطرق التقنية الحديثة.
و كان من أهم نتائج الثورة المعلوماتية استحداث أفكار حديثة للوفاء كالنقل الإلكتروني للأموال و استخدام البطائق البنكية و ذلك تعزيزا لعامل السرعة و بما يرتبه من توفير في الوقت و الجهد و هما عماد العمل التجاري بوجه عام و العمل البنكي بوجه خاص.
و يمكن تعريف البطاقة البنكية بأنها : " ورقة ذات حجم صغير مصنوعة من البلاستيك المقوى تمنحها مؤسسة مرخص لها بذلك لزبونها المنخرط طبقا لشروط معينة لأداء ممونيه أو لسحب أمواله من الشبابيك الأطوماتيكية أو العادية " ( ).
و الوفاء الإلكتروني بالبطائق لا يشكل في ذاته ثورة في مجال الوفاء بل هو في حقيقته نتيجة إلزامية للتطور التكنولوجي المستمر و الذي زادت وتيرته خلال السنوات الأخيرة .
و الملاحظ أن المشرع المغربي لم يتطرق في القانون 53.05 ( ) المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية إلى مفهوم وسائل الوفاء وأنواعها إلا أننا نجد أن المادة 1/329 من مدونة التجارة نصت على أنه : " تعتبر وسيلة أداء ...كل وسيلة تمكن كل شخص من تحويل أموال كيفما كانت الطريقة أو الخطة التقنية المستعملة لذلك ".
و بهذا يبقى مجال تنظيم الوفاء الإلكتروني في التشريع المغربي ناقصا لا يتماشى و التطور الحاصل في وسائل الوفاء الإلكتروني خصوصا إذا ما رجعنا إلى المكانة التي تحتلها البطائق البنكية من الناحية العملية نجدها تطرح مجموعة من الإشكالات الشيء الذي يجعل من هذا الموضوع يستحق المزيد من العناية و التنظيم لذلك فإن دراسته لا تقل أهمية عن ذلك لعدة اعتبارات منها ما هو اقتصادي و ما هو اجتماعي و ما هو قانوني ( ).
من الناحية الاجتماعية
تتجلى أهمية الموضوع من هذه الناحية في انتشار البطاقة البنكية في الحياة اليومية للمواطن المغربي بصورة ملفتة للنظر مما يستدعي التعرف على الجوانب القانونية التي تحكم هذه البطاقة
من الناحية الاقتصادية
باعتبار أن البنوك تشكل ركيزة هامة من ركائز الاقتصاد الوطني وسيساعد استخدام الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية في المجال البنكي البنوك على تقديم خدمات لأكبر عدد ممكن من العملاء
من الناحية القانونية
في ظل غياب النظام القانوني المطبق على وسائل الوفاء الإلكتروني فضلا عن قلة السوابق القضائية و رأي الفقه القانوني حوله من أجل تنظيم التعامل بها و توفير الحماية للمتعاملين بها لذلك كان من الضروري البحث في هذا الموضوع
أما بخصوص الإشكالات التي يطرحها الموضوع فتتمحور حول تكييف الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية نظرا لانفرادها ببعض الخصائص، فما هي الطبيعة القانونية لهذه البطاقة ؟ و ما هي آثار قيام المسؤولية الناتجة عن الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية ؟
للإجابة عن هذه الإشكالات سنحاول اتباع منهج تحليلي معتمدين على التصميم التالي:
المبحث الأول : الأحكام العامة للبطاقة البنكية.
المطلب الأول : القواعد القانونية المنظمة للبطائق البنكية:
الفقرة الأولى : التكييف القانوني للعلاقات الناشئة عن استخدام البطائق البنكية.
الفقرة الثانية : الطبيعة الخاصة للبطاقة البنكية.
المطلب الثاني : التزامات الأطراف المتعاملة بالبطاقة البنكية.
الفقرة الأولى : التزامات حامل البطاقة.
الفقرة الثانية : التزامات مصدر البطاقة.
الفقرة الثالثة : التزامات التاجر المتعامل بالبطاقة البنكية.
المبحث الثاني : الآثار القانونية الناشئة عن استخدام البطاقة البنكية.
المطلب الأول : الإثبات في البطاقات البنكية.
الفقرة الأولى : إثبات محتوى العمليات.
الفقرة الثانية : إثبات هوية العميل الحامل للبطاقة ( التوقيع الإلكتروني )
المطلب الثاني : الحماية التقنية للبطاقة البنكية.
الفقرة الأولى : وسيط الوفاء الإلكتروني، حافظة النقود الإلكترونية و الافتراضية، نظام تشفير البيانات.
الفقرة الثانية : الجدران النارية، الضوابط الفنية و المضاهاة للتوقيع الإلكتروني.
المبحث الأول : الأحكام العامة للبطاقة البنكية.
سنحاول من خلال هذا المبحث الوقوف على القواعد القانونية المنظمة للبطاقة البنكية (المطلب الأول) ثم التطرق بعد ذلك لالتزامات الأطراف المتعاملة بالبطاقة البنكية.
المطب الأول : القواعد القانونية المنظمة للبطائق البنكية:
تبدو أهمية البحث عن القواعد القانونية المنظمة للبطاقة البنكية لتحديد الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية والى أي النظم القانونية ينتمي والي أي المراكز القانونية يوضع.
وهذا ما يجعلنا نقسم هذا المطلب إلى فقرتين نخصص (الفقرة الأولى) للتكييف القانوني للعلاقات الناشئة عن استخدام البطائق البنكية . أما (الفقرة الثانية) فنتركها للطبيعة الخاصة للبطائق البنكية .
الفقرة الأولى: التكييف القانوني للعلاقات الناشئة عن استخدام البطائق البنكية:
نظرا لحداثة البطاقة البنكية كوسيلة وفاء الكتروني فقد انقسم الفقه والقضاء حول الطبيعة القانونية الخاصة بها إلى قسمين :
الأول : ينظر إلى كل عقد من العقود التي تبرم بمناسبة البطاقة البنكية على حدة ويعطي كل عقد من هذه العقود وصفا قانونيا يختلف عن الآخر والثاني هو الذي ينظر إلى فكرة البطاقة البنكية ككل دون النظر إلى كل عقد مستقل عن الآخر.
أولا: الطبيعة القانونية المتعددة للبطاقة البنكية
ينظر أنصار هذا الاتجاه في تكييفهم هذا إلى نوعين من العقود
• العقد الرابط بين مصدر البطاقة و الحامل.
• و العقد الرابط بين مصدر البطاقة و التاجر.
و يستقل كل عقد من هذين العقدين عن الآخر بطبيعته القانونية( )، لذلك سنقوم بتحديد الطبيعة القانونية لكل عقد من هذه العقود على النحو التالي.
أ): الطبيعة القانونية للعقد الرابط بين مصدر البطاقة و حاملها
يكيف بعض الفقه ( ) هذا العقد على اعتباره قرض شخصي مصحوب باعتماد و ذلك في الحالة التي يمنح فيها العميل أجلا للوفاء لأن المصدر الذي يرتبط بعلاقات أخرى مع التاجر يعمل عن طريق هذا الأخير التزامات عميله و قيمة مشترياته.
بينما ذهب جانب آخر من الفقه ( ) إلى القول أن العلاقة بين المصدر و الحامل تجد تفسيرها في فكرة الوكالة حيث يقوم المصدر بدور الوكيل العادي، و يحصل على أمر من الحامل بدفع مبلغ من النقود للتاجر ، و بالتالي فإن الجهة المصدرة تكون مسؤولة عن تنفيذ الوفاء عن العميل لمصلحة التاجر و يظل العميل هو المدين الأصلي للتاجر، أما البنك فليس إلا وكيلا عنه في الوفاء.
غير أن هذين الاتجاهين لقيا انتقادات كثيرة لذلك حاول البعض الآخر من الفقه التوفيق بين الاتجاهين السابقين بالقول بوجود نوع من التزاوج بين نظامي الوكالة و فتح الاعتماد على اعتبار أن قيام مصدر البطاقة بالوفاء يتم بناء على وكالة صادرة من الحامل ، أما التزام الحامل برد ما دفعه المصدر للتاجر فيتم بناء على عقد فتح الاعتماد بين المصدر و الحامل(( ..
ب): العقد المبرم بين الجهة المصدرة و التاجر
ذهب بعض الفقه ( ) إلى أن التزامات الجهة المصدرة في مواجهة التاجر هي من قبيل الحلول الاتفاقية ( ) على اعتبار أن التاجر يتفق مع البنك المصدرة عندما يستوفي حقه على أن يحل محله تجاه الحامل، أي عندما يقوم البنك بسداد قيمة السلع و البضائع للتاجر و التي يكون الحامل مدينا بها، فإنه يحل التاجر في حقه تجاه الحامل. و من تم تقوم الجهة المصدرة بالرجوع على الحامل لمطالبته بسداد المبالغ المدين بها للتاجر.
بينما يرى البعض الآخر ( ) أن تلك الالتزامات تعتبر بمثابة اشتراط لمصلحة الغير، على اعتبار أن الهدف الأساسي من الاتفاق بين التاجر و البنك المصدر يتمثل في قبول التاجر الوفاء بواسطة البطاقة التي يستخدمها من منحه البنك إياها بموجب عقد البطاقة مع التزام البنك تسديد قيمة ما حصل عليه مستخدم البطاقة الذي يعد من الغير بالنسبة لاتفاقية التاجر. و من هنا يرى هذا الجانب من الفقه أن اتفاقية التاجر تتفق مع ماهية الاشتراط لمصلحة الغير، كما يضيف هذا الفقه بأن جميع الشروط المتطلبة في الاشتراط لمصلحة الغير ( ) متوفرة في اتفاقية التاجر.
بينما يرى بعض الفقه ( ) أن التكييف القانوني لاتفاقية التاجر لا بد أن يلجأ بشأنها إلى البحث عن التكييف القانوني لكل التزام من الالتزامات المصدرة على حدة، فبالنسبة لالتزام البنك المصدر بالوفاء للتاجر بثمن السلع و الخدمات فيمكن تكييفه على اعتبار أن البنك يلعب دورا مزدوجا : كوسيط عندما يقدم خدمات للتاجر باختيار حملة البطاقات بعد التأكد من توافر الثقة فيهم، و كوكيل مكلف بتحصيل حقوق التاجر من حملة البطاقات، بينما يمكن تفسير الشرط الذي يلتزم بموجبه المصدر بتحمل مخاطر عدم الوفاء على أنه ضمان للوفاء.
هذه الآراء وجهت إليها العديد من الانتقادات. مما يجعلنا نستخلص أن الاعتماد على هذا الأسلوب لمحاولة تكييف نظام الأداء باستخدام البطاقات البنكية من شأنه أن يحدد طبيعة كل عقد من العقود المبرمة في إطار استخدام البطاقة دون الوصول إلى تصور شامل نستطيع من خلاله فهم تركيبة نظام الأداء باستخدام البطاقات البنكية كنظام قائم على علاقة ثلاثية الأطراف.
ثانيا: الطبيعة القانونية الواحدة للبطائق البنكية
يتجه الفقه في فرنسا ( ) إلى تحديد الطبيعة القانونية للنظام كله دون الدخول في تحليل العلاقات القائمة بين أطرافه للوصول إلى تطبيق أحكام نظام قانوني قائم على كل علاقة من هذه العلاقات بصفة مستقلة.
و نظرا لتشابك العلاقات القانونية الناشئة عن البطائق البنكية، فلا يمكن أن نخضعها لنظام قانوني واحد من الأنظمة التي وضع لها المشرع الأحكام الخاصة به، بل في اختيار العلاقة القانونية الأساسية و التي تسمح بتنفيذ نظام الوفاء الإلكتروني بواسطة البطاقة و تتمثل هذه العلاقة بالعلاقة بين المصدر و التاجر.( ).
و في محاولة لتكييف نظام الوفاء الإلكتروني بالبطائق من خلال تحليل هذه العلاقات يجب التفرقة بين كون المصدر يضمن الوفاء للتاجر ( أ) أو لا يضمن الوفاء له ( ب )
أ ):مصدر البطاقة ضامن للوفاء
يعتبر ضمان مصدر البطاقة الوفاء للتاجر المنخرط في حدود المبلغ المسموح به لصاحب البطاقة القاعدة العامة أو القاسم المشترك بين جميع عقود بطاقات الأداء و رغم اختلاف قيمة المبلغ الذي يضمن مصدر البطاقة الوفاء به ، فإذا قبل التاجر المنخرط البطاقة فيما يتجاوز حدود الضمان، فإنه يكون مسؤولا عن القدر الزائد حيث لا يلتزم مصدر البطاقة إلا في حدود السقف المتفق عليه مع صاحب البطاقة فقط.
فما هي الطبيعة القانونية لهذه البطاقة التي يستخدمها صاحبها في حدود مبلغ الضمان المحدد في العقد؟.
للإجابة على هذا السؤال نشير الى أن بعض الفقه ( )، اتجه إلى القول بوجود عقد الإنابة في الوفاء فالمادة 217 من ق.ل.ع تقدم لنا عقدا يتفق مع ما يتم بشأن التزام مصدر البطاقة بضمان الوفاء للتاجر المنخرط و هو الإنابة في الوفاء و تكون الإنابة تصرف من يكلف أحدا من الغير بالوفاء عنه و لو لم يكن هذا مدينا لمن وكله على الوفاء، فالإنابة في الوفاء تقتضي وجود أشخاص ثلاثة كما هو الحال في نظام الوفاء بالبطاقة و هم :
1- المنيب : و هو صاحب البطاقة أي المدين الذي ينيب الشخص الأجنبي – و هو مصدر البطاقة – ليفي بالدين للدائن.
2- المناب : ( أي مصدر البطاقة ) فهو الشخص الأجنبي الذي ينيبه المدين ( صاحب البطاقة ) ليفي بالدين للدائن.
3- المناب له : أي التاجر المنخرط
و لهذا يمكن القول أن الإنابة في البطاقة البنكية أن حاملها قد أناب الجهة المصدرة لها في الوفاء بدينه للتاجر و أن التاجر المناب لديه قد ارتضى هذه الإنابة.
و بالرغم من أن فكرة الإنابة في الوفاء أقرب تكييفا للطبيعة القانونية للبطاقة البنكية و التي تفسر العلاقة القانونية الناشئة بين أطرافها الثلاثة مصدر البطاقة و حاملها و التاجر الذي يقبلها في الوفاء، إلا أن هذه الفكرة كسابقتها تعرضت للنقد، و لهذا يرى بعض الفقه الفرنسي ( ) الرجوع مرة ثانية لفكرة الوكالة، و لكن فكرة الوكالة المقصودة هنا ليست الوكالة التي تتضمن التزام الوكيل بضمان الوفاء حيث أن المستفيد من الضمان ليس هو صاحب البطاقة و لكنه التاجر المنخرط و لكنها الوكالة في الوفاء لأن مصدر البطاقة يعتبر وكيلا عن صاحب البطاقة في الوفاء بقيمة المشتريات التي قام بها التاجر المنخرط ( ).
ب ): مصدر البطاقة غير ضامن للوفاء
في هذه الحالة يقوم مصدر البطاقة بالوفاء للتاجر المنخرط بمجرد تقديم الفاتورات إليه و الموقعة من طرف صاحب البطاقة، و يقوم بعد ذلك بالرجوع على صاحب البطاقة مطالبا إياه بأداء المبالغ التي قام بالوفاء بها للتاجر المنخرط. فإذا حصل عليها انتهى الأمر، أما إذا امتنع صاحب البطاقة عن الأداء فيكون لمصدر البطاقة حق الرجوع على التاجر المنخرط لاسترداد ما أداه و يعتبر ذلك مطابقا لما تنص عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 350 من ق.ل.ع بأن مجرد تعيين المدين شخصا يلتزم بأن يقوم بالوفاء بالدين مكانه لا يؤدي إلى التجديد، كما لا يؤدي إلى التجديد تعيين الدائن شخصا للاستيفاء منه.
الفقرة الثانية: الطبيعة الخاصة للبطاقة البنكية
باستقراء كافة الإتجاهات والنظريات السابقة في محاولة لتحديد الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية ،نجد أنه أيا كانت الخلافات التفصيلية فيها ،أنه لا يمكن تفسير العلاقات الناشئة عن استخدام البطاقة بالنظر إلى تكييف كل عقد على حده لأننا بذلك لا نضيف شيئا لهذا النظام ،لأن العبرة بالنظر إلى النظام ككل وأخذ العلاقة الثلاثية ومحاولة تفسيرها.
أولا: تأثير البيئة التجارية والتكنولوجيا الحديثة على البطائق للبنكية:
إن النقص التشريعي في مجال وسائل الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية ليس عيبا لأنها تتميز بالتجدد والتطور وأيضا وضع هذه الوسائل الحديثة في قوالب تشريعية جامدة يعتبر عقبة في سبيل تطورها.
وبذلك يرى أستاذنا الدكتور ضياء علي أحمد نعمان أنه من الخطأ رد نظام البطاقة البنكية إلى نظرية قانونية قائمة مسبقا لأن النظام مستحدث في الحياة البنكية ،ونشأ نتيجة حاجات عملية تهدف إلى تحقيق مصلحة التاجر والحامل على سواء ،ذلك أن الحامل يهدف من وراء الاشتراك بنظام البطاقة الحصول على السلع والخدمات التي يحتاجها بثمن مؤجل يقوم بسداده لاحقا على أقساط مؤجلة والتاجر يهدف من وراء الاشتراك الحصول على ثمن مبيعاته بصورة معجلة من قبل جهة مليئة دون التعرض لمخاطر الإعسار (الإفلاس) وهذه الجهة هي مصدرة البطاقة البنكية.
ولهذا فالبيئة التجارية وما تتميز به من تطور وإبداع تقدم نظما قانونية ووسائل تتلاءم مع الحياة التجارية المتطورة.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه من الخطأ محاولة إخضاع البطائق لأحد القوالب التقليدية الجامدة في القانون المدني لا لعدم ملائمة هذه القوالب للنظم الخاصة بالبطاقة البنكية ،وإنما لعدم ملائمتها لظروف البيئة التجارية التي أفرزتها البطائق البنكية وخضوعها لعوامل التطور والتجديد .
ثانيا: البطاقة البنكية أداة الكترونية لإدارة النقود القيدية:
أيا كانت التكييفات التي قيلت لتحديد العلاقة بين أطراف البطاقة فإنها ستظل أداة الكترونية حديثة لتحديد النقود في الحسابات البنكية فإن ظلت التزامات أطرافها قائمة فستتطور وسائل تحقيقها.
وفي نفس السياق نشير إلى أن مصدر البطاقة يقوم بالوفاء للتاجر طبقا للعقد الذي يربطهما والذي يحدد التزامات كل منهما بغض النظر عن وجود أو انعدام الرصيد فهذا ما سوف تتم تسويته بينه وبين الحامل بموجب العقد الرابط بينهما.
فالمصدر يظل هنا مركز الحسابات البنكية ومقر القيود الواردة عليها وما البطاقة إلا أداة في يد الحامل ومفتاح للتخاطب بين الحامل وحسابه البنكي تحت رعاية المصدر وهو البنك. والملاحظ أن التاجر هو الملتزم بنقل أمر صحيح بالوفاء وصادر من حامل البطاقة لمصدرها ،مع ما يثبت هذا الأمر من فواتير أو تسجيلات الكترونية،وعلاقة التاجر بالمصدر تتمثل في ثقة التاجر في الحصول على الوفاء نظير التزامه بمراعاة إجراءات الحصول عليه.
ويعتبر الحامل مصدر لأمر الوفاء أيا كانت الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية ،فهو بتوقيعه على فاتورة الشراء يصدر أمر لمصدر البطاقة بالوفاء للدائن وهو التاجر.
لهذا لابد في نظر أستاذنا الدكتور ضياء علي احمد نعمان إن ننظر إلى نظام البطاقة بصورة مستقلة ونراعي الأسس التي يقوم عليها هذا النظام ،بحيث نطبق القواعد القانونية التي من شانها أن تحافظ على هذه الأسس باعتبارها السمات يقوم عليها النظام. وعليه فإن أستاذنا لا يرى ما يمنع من تطبيق قواعد مختلفة دون الأخذ بنظرية قائمة بذاتها طالما أن هذه القواعد تنسجم مع السمات التي يقوم عليها النظام وهذه السمات مرجعها العقد القائم سواء أكان عقد الحامل أو عقد التاجر.
المطلب الثاني : التزامات الأطراف المتعاملة بالبطائق البنكية.
إذا كانت بعض وسائل الوفاء التقليدية لا تحتاج للقيام بعملية الوفاء إلا طرفين فقط ، فإن طرق الوفاء الحديثة – البطاقة البنكية – تستوجب ثلاثة أطراف أساسية و المتمثلة في مصدر البطاقة ( البنك ) و حاملها و كذلك التاجر الذي يقبل التعامل بها و يرتبط كل هؤلاء بعقود ترتب التزامات كل طرف منهم و سنعرض لهذه الالتزامات كالآتي :
الفقرة الأولى : التزامات مصدر البطاقة
.
كان دور البنك ينحصر في الوفاء عن الدائن . بل إن بعض وسائل الوفاء التقليدية أصبح فيها دور البنك المصدر هامشيا للغاية لدرجة أن نقل الأموال من حساب المدين إلى حساب الدائن أصبح يتم بشكل إلكتروني باستخدام الوسائل الحديثة ( ) أما في مجال البطائق البنكية فيغدو دور البنك المصدر للبطاقة أكثر وضوحا و أهمية حيث إنه يرتبط بالأطراف الأخرى بموجب عقود مستقلة ترتب التزامات في ذمة أطرافها و تتمثل التزامات البنك – مصدر البطاقة – فيما يلي :
أولا : الالتزام بالوفاء للتاجر المنخرط.
يلتزم البنك بالوفاء للتاجر المنخرط بقيمة المشتريات التي يقوم بها صاحب البطاقة لديه أي أن المؤسسة المصدرة للبطاقة تكون في مركز الضامن أمام التجار الدائنين المنخرطين في حدود المبلغ المتفق عليه بوصفه الحد الأقصى لاستعمال البطاقة و يكون فيما يتعداه وكيلا عن صاحب البطاقة في هذا الوفاء ( ).
ثانيا : الالتزام بإرسال كشف النفقات لصاحب البطاقة.
مصدر البطاقة ملزم بإرسال كشف يضم بيانا كاملا لمبالغ المشتريات التي قام بها صاحب البطاقة خلال فترة استعمال البطاقة التي يحملها بشكل مشروع مع الإشارة إلى البيانات التالية:
• الاسم الكامل مع العنوان.
• الرصيد المتبقي لصاحب البطاقة.
• الرصيد الجديد و المبلغ المسموح به شهريا أو أسبوعيا كحد أدنى.
• الفائدة المستحقة.
الفقرة الثانية : التزامات صاحب البطاقة.
يرتب عقد الانخراط في نظام البطاقة مجموعة من الالتزامات على عاتق صاحب البطاقة تتمثل فيما يلي:
أولا : الالتزام بإعلام مصدر البطاقة.
يلتزم صاحب البطاقة بالإدلاء بجميع المعلومات التي تهم مصدر البطاقة عند إبرام العقد ( حالته المدنية، موطنه، عنوانه، مهنته، دخله ) كما يلتزم بإعلام البنك بكل تعديل طرأ على المعلومات الواردة في العقد الابتدائي.
و إذا كانت المعلومات التي أدلى بها صاحب البطاقة غير صحيحة فإن مصدر البطاقة يستطيع أن يحرك هذه الدعوى الجنائية لأن هذه المخالفات و إن كانت تدخل في النطاق التعاقدي بينهما إلا أنها تشكل جريمة
ثانيا : الالتزام باستعمال الشخص للبطاقة
يجب على صاحب البطاقة البنكية أن يستعملها شخصيا و استعمالا سليما، و لا يجوز للغير استعمالها أو إعارتها إذ يجب أن تبقى تحت حراسته و أن يحتفظ سريا برقمها السري.
ثالثا : مسؤولية صاحب البطاقة في حالتي ضياعها أو سرقتها.
إذا ما رجعنا إلى العقود المبرمة بخصوص بطاقة الوفاء نجدها تنص على هذا الالتزام فعقد بطاقة البنك الشعبي ( ) مثلا في فصله 13 نجده ينص على أن صاحب البطاقة هو المسؤول عن المحافظة عليها و على رقمها السري و إلا اعتبر مسؤولا عنها.
و تقم مسؤولية صاحب البطاقة على أساس قرينة الخطأ من جانبه في المحافظة على البطاقة أما استطاع إثبات عدم الوقوع في الخطأ من جانبه فلا يتحمل أي مسؤولية ( )
رابعا : الالتزام بالوفاء بكل المبالغ التي استخدمها عن طريق استعمال البطاقة.
لا يخلو عقد من عقود بطاقات الوفاء من هذا الشرط و يوضح هذا الشرط كيفية أو طرق الوفاء و كذلك الجزاءات التي يتعرض لها صاحب البطاقة الذي يتخلف القيام بهذا الوفاء.
الفقرة الثالثة : التزامات التاجر المنخرط
يلتزم التاجر الذي قبل التعامل بالبطاقة البنكية كوسيلة للوفاء بعدة التزامات يمكن تقسيمها إلى قسمين :
أولا : الالتزامات العامة.
تتمثل هذه الالتزامات فيما يلي :
- التزام التاجر بقبول البطاقة الصادرة من طرف المصدر في تسوية معاملات حامليها لديه دون أن يطلب الوفاء الفوري بأي وسيلة من وسائل الوفاء التقليدية.
- ضرورة احترام المساواة بين أصحاب البطاقات و باقي الزبناء الآخرين في أسعار السلع أو الخدمات التي تعاقدوا عليها مع التاجر المنخرط.حيث لا يستطيع هذا الأخير ان يرفع من الأسعار إذا كان الوفاء بواسطة البطاقة
- الالتزام بإعلام الزبناء عن قبول هذه البطاقات في محله التجاري.و يكون ذلك عن طريق إلصاق التاجر المنخرط صور البطاقات المقبول الوفاء بها في مكان بارز حتى تظهر هذه الصور للزبناء
- الالتزام بحل جميع النزاعات التي يكمن أن تنشأ بينه و بين صاحب البطاقة.و مرد ذلك كون مصدر البطاقة طرفا أجنبيا عن عقد البيع الذي يبرمه صاحب البطاقة مع التاجر المنخرط وذلك لقيام بطاقة الأداء على عقدين مستقلين الأول بين مصدر البطاقة و صاحبها و الثاني بين مصدر البطاقة و التاجر المنخرط في نظامها
- الالتزام برد جميع الأدوات التي تسلمها من مصدر البطاقة في حالة فسخ العقد بينه و بين هذا الأخير. و أهمها نماذج الفاتورات و إشعارات الخصم و جميع الوثائق الإعلانية
ثانيا : الالتزامات المتعلقة بالوفاء.
تنحصر هذه الالتزامات فيما يلي :
- ضرورة فرض رقابة صارمة على استخدام البطاقة في الوفاء و ذلك عن طريق :
التحقق من شخصية صاحب البطاقة.
ملء الفاتورة التي يتم إرسالها إلى المؤسسة مصدرة البطاقة.
التأكد من مدة صلاحية البطاقة.
التأكد من صحة توقيع صاحب البطاقة على الفاتورة و يكون ذلك عن طريق ملاحظة مدى تطابقها مع التوقيع الموجود على البطاقة ذاتها.
الالتزام بإعداد سند المديونية من طرف التاجر وفقا للنماذج التي يتسلمها من مصدر البطاقة عن طريق الآلة الإلكترونية المخصصة لذلك.
المبحث الثاني: الآثار القانونية الناشئة عن استخدام البطاقة البنكية
سنعمل على تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص ( المطلب الأول ) للإثبات في البطاقات البنكية و ( المطلب الثاني ) للحماية التقنية للبطاقة البنكية.
المطلب الأول: الإثبات في البطاقات البنكية
الإثبات هو |إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب آثارها( ).
و تثير البطاقات البنكية مشكلة كيفية إثبات العلاقات القانونية الناشئة بين أطرافها بعد إبرام العقد أي في مرحلة تنفيذه و الناتجة عن استخدام البطاقات البنكية، خاصة إذا ما علمنا أن التعامل بهذه البطاقات يتم عادة عن طريق استخدام وسائل إلكترونية بعيدا عن الإجراءات اليدوية و استخدام الورق.
و في الحقيقة فإن الإشكال الذي يطرح في هذا المجال هو إشكال مزدوج ، فمن جهة يتعلق بكيفية إثبات محتوى العمليات الناتجة عن استخدام البطاقات البنكية(الفقرة الأولى )، و من جهة ثانية يتعلق بكيفية إثبات هوية العميل مستخدم البطاقة البنكية ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى: إثبات محتوى العمليات
سوف نحاول في هذه الفقرة الوقوف على مدى حجية الوسائل التي يتيحها التعامل بواسطة البطاقات البنكية في الإثبات ، و ذلك من خلال تطرقنا لحجية كل من التوصيلات التي تسلمها الشبابيك الآلية للتوزيع النقدي للعملاء و الكشوف الحسابية في الإثبات( ) و ذلك ( أولا ) ، كما سنحاول دراسة مدى حجية الوسائل الحديثة التي تستخدمها البنوك في حفظ و استرجاع المعلومات "الميكروفيلم و الأشرطة المغناطيسية" ( ثانيا ).
أولا: حجية المستخرجات الإلكترونية في إثبات التعامل بالبطاقة البنكية ( توصيل الشباك الآلي لكشف الحساب ).
إن الحديث عن مدى حجية المستخرجات الإلكترونية في إثبات المعاملات التي تتم بواسطتها البطاقات البنكية يقتضي منا تقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين ، بحيث ندرس مدى حجية التوصيل المستخرج من أجهزة التوزيع الآلي في ( أ ) على أن ننتقل لدراسة مدى حجية كشف الحساب في الإثبات في ( ب).
أ- مدى حجية التوصيل المستخرج من الشبابيك الآلية لتوزيع النقود
عند قيام حامل البطاقة البنكية باستخدام هذه الأخيرة في سحب النقود من الشبابيك الآلية فإنه يقوم بإدخال البطاقة في فتحة خاصة موجودة بالشباك كما يقوم بتركيب رقمه السري، فإذا كان كل من البطاقة و الرقم السري صحيحين تظهر على شاشة الشباك قائمة بالعمليات التي يمكن للحامل القيام بها من خلاله ، و من تم يقوم الحامل بتحديد المبلغ المراد سحبه و الضغط على زر خاص لإتمام العملية و إخراج المبلغ المطلوب سحبه من خلال فتحة خاصة لذلك، كما يقوم بإخراج البطاقة و إصدار توصيل ورقي يتضمن مجموعة البيانات تتعلق بالمبلغ المسحوب و رقم حساب العميل و رقم البطاقة و تاريخ و ساعة القيام بالعملية كما يتضمن رقما خاصا لتلك العملية، و هذا التوصيل يعتبر الأثر الوحيد الذي يحوزه العميل عند قيامه بعملية السحب ( ) و ما مدى حجية هذا التوصيل إذا ما أراد العميل الاحتجاج به في مواجهة البنك؟.
يمكن للعميل حامل البطاقة أن يتمسك بالتوصيل في مواجهة البنك ، غير أن التساؤل الذي يطرح في هذا المجال حول مدى القوة الثبوتية التي يتمتع بها هذا التوصيل ؟ بالرجوع إلى البيانات التي يتضمنها التوصيل المستخرج من الشبابيك الآلية لتوزيع النقد نجد بأنه لا يتضمن أي توقيع مما لا يجعله حجة كاملة في الإثبات بل يمكن اعتباره بداية حجة كتابية في يد العميل الذي يمكنه مواجهة البنك به على هذا الأساس .
ب) حجية كشف الحساب البنكي في الإثبات
نصت المادة 106 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان و مراقبتها الصادر عام 1993 على ما يلي : " كشوف الحسابات التي تعدها مؤسسات الائتمان وفق الكيفية التي يحددها والي بنك المغرب بعد موافقة لجنة مؤسسات الائتمان تعتمد في الميدان القضائي باعتبارها وسائل الإثبات بين المؤسسات و عملائها من التجار في المنازعات التي تنشأ فيما بينهم إلى أن يثبت ما يخالف ذلك " فالمشرع المغربي اعتبر كشف الحساب حجة في مواجهة التاجر إلى أن يثبت ما يخالفه، و قد أحالت على هذه المادة أيضا المادة 492 من م ت ( ).
ثانيا: و سائل تخزين و استرجاع المعلومات و حجيتها القانونية
ساهم التطور التكنولوجي في ابتكار أجهزة صغيرة جدا تمكن البنوك من تخزين كل العمليات المعالجة من طرفها ، هذا يجعلنا نطرح التساؤل حول مدى إمكانية الاعتماد على مثل هذه الوسائل كحجة في الإثبات ؟ و قد درجت البنوك في تضمين عقودها التي تبرمها مع عملائها شروطا تعطي بموجبها لهذه الوسائل الحجة الكاملة لإثبات العمليات التي تتم في إطار هذه العقود، فما مدى حجية مثل هذه الاتفاقات؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه بحيث ندرس مدى حجية وسائل تخزين و استرجاع المعلومات في الإثبات " أ " على أن ننتقل لدراسة مدى صحة الاتفاقات المتعلقة بالإثبات "ب".
أ- مدى حجية الوسائل الحديثة لتخزين و استرجاع المعلومات.
يخضع إثبات التصرفات القانونية في المادة المدنية إلى قواعد قانونية محددة تعتبر ضرورة توفير الحجة الكتابية المحور الأساسي لها، على العكس من ذلك فإن المادة التجارية تأخذ بمبدأ حرية الإثبات، فما مدى حجية الوسائل الحديثة لتخزين و استرجاع المعلومات في ظل المادتين المدنية و التجارية ؟
- في المادة المدنية :
تخضع التصرفات القانونية في المادة المدنية للإثبات بالكتابة التي تعتبر أهم دليل من أدلة الإثبات الأصلية على اعتبار أنها دليل قائم بذاته، و قد أكد الفصل 443 من ق.ل.ع على أهمية الكتابة في الإثبات و جعلها الوسيلة الوحيدة لإثبات التصرفات القانونية التي تزيد قيمتها عن 10.000 درهم ( )، بحيث قد تكون الكتابة رسمية أو عرفية، أو تعد بشكل إلكتروني أو أن توجه بطريقة إلكترونية.
- في المادة التجارية :
المبدأ العام المعمول بع في المادة التجارية هو حرية الإثبات، حيث يجوز للملتزم بالإثبات أن يلجأ إلى جميع الوسائل التي قررها القانون دون التقيد بالكتابة و ذلك ما لم ينص القانون أو الاتفاق على الإثبات بالكتابة طبقا للمادة 334 من مدونة التجارة ( ).
من هنا نلاحظ بأن حرية الإثبات في المادة التجارية أوسع نطاقا منها في المادة المدنية غيرأنها لا تطبق إلا على المعاملات التي تتم بين التجار و بصدد أعمالهم التجارية فإذا كان العميل مدنيا وجب الرجوع إلى الأصل العام الذي يقضي بعدم جواز الإثبات بكافة الوسائل إلا فيما يقل عن 10.000 درهم، أما إذا تجاوز التصرف القانوني هذا المبلغ وجب إثباته بالكتابة ، و في الحالة التي يكون فيها التصرف تجاريا بالنسبة لأحد الأطراف و مدنيا بالنسبة للطرف الآخر فإن الطرف الذي يعتبر التصرف بالنسبة إليه تجاريا يمكن التمسك في مواجهته بكافة وسائل الإثبات مهما كانت قيمة هذا التصرف، أما بالنسبة للطرف الذي يعتبر التصرف بالنسبة إليه مدنيا ، فلا يمكن الإثبات في مواجهته إلا وفقا للقواعد المدنية( ).
ب) مدى صحة الاتفاقات المتعلقة بالإثبات
عادة ما تحرص المؤسسات البنكية المصدرة للبطاقات على أن تدرج ضمن العقود التي تبرمها مع عملائها شروطا بمقتضاها تمنح لتسجيلات الشبابيك الآلية لتوزيع النقود و الدعامات الإلكترونية التي يتم إفراغ هذه التسجيلات عليها الحجية في الإثبات ( ) ، فما مدى صحة مثل هذه الشروط؟
بالرجوع إلى الفصل 443 من ق.ل.ع نجد أنه ينص على أنه : " الاتفاقات و غيرها من الأفعال القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي الالتزامات أو الحقوق و التي يتجاوز مبلغها أو قيمتها عشرة آلاف درهم، لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود ، و يلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية، و إذا اقتضى الحال ذلك أن تعد بشكل إلكتروني أو توجه بطريقة إلكترونية ".
و مما تجدر الإشارة إليه أن هذا الفصل المحدد لمبلغ يتطلب الدليل الكتابي ليس من النظام العام، و عليه فإنه في مجال المعاملات البنكية يمكن للبنك و زبونه باتفاقهما تفادي استلزام الكتابة المهيأة مسبقا كما هي مقررة في هذا النص، و بالتالي يمكنهم الإحالة على جميع وسائل الإثبات كيفما كان المبلغ المالي للعملية المتنازع حولها ( ).
الفقرة الثانية: إثبات هوية العميل حامل البطاقة.
تقوم البطاقة البنكية بوظائف متعددة ، و من هذه الوظائف سحب النقود من الشبابيك الآلية، و كذلك الأداء لدى التجار، و تتم عملية سحب النقود بقيام العميل بإدخال بطاقته في المكان المخصص لذلك في الشباك الآلي للبنك و إدخاله للرقم السري الخاص به، و تعتبر هذه الإجراءات الوسيلة التي يتم من خلالها لإثبات هوية حامل البطاقة، أما عملية الأداء بواسطة البطاقة البنكية فتتم بقيام حامل البطاقة بتقديم هذه الأخيرة للتاجر الذي يقوم بدوره بالتأكد من هوية صاحب البطاقة و كونه حاملها الشرعي، فالتوجه الحالي يسير نحو الاعتماد بشكل أساسي على الرقم السري كوسيلة للتحقق من هوية حامل البطاقة، هذا يدفعنا إلى التساؤل حول مدى ملائمة هذه الوسيلة لقواعد الإثبات في التشريع المغربي؟ و مدى إمكانية الاعتماد عليها لإثبات هوية حامل البطاقة.
هذا ما سنعمل على دراسته في هذه الفقرة بحيث نتناول ( أولا ) مفهوم و وظائف التوقيع على ننتقل لدراسة مدى حجية التوقيع باستخدام البطاقة و الرقم السري في الإثبات ( ثانيا ).
أولا: مفهوم التوقيع باستخدام البطاقة البنكية و الرقم السري ووظائفه.
يعتبر التوقيع باستخدام البطاقة البنكية و الرقم السري أحد أنواع التوقيع الإلكتروني ( ) و هو يعد من أكثر أنواع هذا الأخير ذيوعا و انتشارا حيث تطورت هذه التقنية في مجال المعاملات البنكية كوسيلة للسحب الآلي للنقود أو للوفاء بثمن السلع و الخدمات عند نقط البيع لدى التجار الذين يتوفرون على الأجهزة الخاصة التي تتيح الأداء بهذه الطريقة و يمكن القول بأن التوقيع الإلكتروني بهذه الصورة يتم من الناحية التقنية بإتباع الإجراءات التالية:
- إدخال البطاقة البنكية ( إما في الشباك الآلي للبنك أو في الجهاز المخصص لذلك لدى التاجر، التي تتوفر على البيانات الخاصة بالعميل.
- تركيب الرقم السري الخاص بالعميل.
- الضغط على المفتاح الذي يعتبر بمثابة الموافقة على إصدار الأمر بالسحب أو بالأداء، و يتميز هذه هذا النوع من أنواع التوقيع الإلكتروني ببساطته و سهولة استخدامه و تمتعه بدرجة من الأمان و الثقة إذ لا يمكن الحصول على التوقيع إلا باقتران إدخال البطاقة مع تركيب الرقم السري الصحيح ( ).
ثانيا: حجية التوقيع بواسطة البطاقة البنكية و الرقم السري في الإثبات.
إن الحديث عن حجية التوقيع بواسطة البطاقة البنكية و الرقم السري في الإثبات في ظل غياب نص قانوني صريح يسمح باعتماده كحجة في الإثبات يقتضي منا البحث عن مدى إمكانية تطويع القواعد العامة المنظمة للتوقيع اليدوي لاستيعاب هذا النوع من أنواع التوقيع الإلكتروني.
بالرجوع إلى الفصل "426 " من ق ل ع المغربي نجد بأنه ينص في فقرته الثانية على أنه: " و يلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه و أن يرد في أسفل الورقة، و لا يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع و يعتبر وجوده كعدمه ". فمن خلال هذا الفصل يستنتج بأنه يشترط لصحة التوقيع مجموعة من الشروط يمكن إجمالها فيما يلي:
- أن يكون التوقيع بخط اليد: مقتضيات الفصل 426 من ق ل ع صريحة في وجوب أن يكون " التوقيع بيد الملتزم نفسه " ، فبالتوقيع المعتمد به قانونا هو ذلك الذي يكون بخط يد الملتزم شخصيا و الذي يتجسد في شكل علامة مميزة لصاحبها سواء جاءت في شكل اسم عائلي أو شخصي أو أية كتابة أخرى، و هو ما يتنافى مع فكرة التوقيع باستخدام البطاقة و الرقم السري حيث لا يتم هذا التوقيع بكتابة يدوية مباشرة لصاحبها بل عن طريق مجموعة من الإجراءات لعل أهمها تركيب الرقم السري الخاص بصاحبه بعيدا عن الإجراءات اليدوية .
- يجب أن يكون التوقيع متصلا بالمحرر الذي يتم إلحاقه به، لابد أن يأتي التوقيع في أسفل الورقة الموقع عليها حتى ينسحب على جميع البيانات " الفقرة الأخيرة من الفصل 426 من ق ل ع " بحيث تكون هناك رابطة حقيقية بين المحرر و التوقيع.
و بالرجوع إلى ما يحدث في ميدان التوقيع بالبطاقة و الرقم السري نجد بأن حامل البطاقة لا يقوم بالتوقيع على أي محرر ورقي و إنما يقوم بإدخال البطاقة و الرقم السري في المكان المخصص لذلك في الشباك الآلي للبنك أو في جهاز نقطة البيع الموجودة لدى التاجر مما يجعل من شرط أن يكون التوقيع متصلا اتصالا ماديا بالمحرر الذي يتم إلحاقه به غير متوافر في هذا التوقيع.
و تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أنه إضافة إلى الشروط السابقة يشترط في التوقيع ما يشترط عادة في الكتابة، فيتعين أن يكون مقروءا و دائما،
و يقصد بقراءة التوقيع أن يكون مكتوبا بوسيلة تترك أثرا ماديا.
أما أن يكون دائما فمعنى ذلك أن يستمر مقروءا بالشكل الذي يمكننا من الرجوع إليه كلما دعت الضرورة إلى ذلك
من خلال ما سبق يمكن استنتاج أن الشروط التي وضعها المشرع المغربي لصحة التوقيع اليدوي لا يمكن تطبيقها على التوقيع بواسطة البطاقة و الرقم السري.
غير أن التمسك بحرفية الفصل 426 من ق ل ع يؤدي إلى استبعاد التوقيع بالبطاقة و الرقم السري من فكرة التوقيع و يؤدي إلى فراغ قانوني ناشئ عن التقدم التكنولوجي. و لذلك نادى بعض الفقه ( ) بضرورة الأخذ بالتوقيع بواسطة البطاقة البنكية و الرقم السري كحجة في الإثبات على اعتبار أن حامل البطاقة بإدخال هذه الأخيرة في ماكينة السحب الآلي و تركيبه للرقم السري يمكن من التعرف على مصدر الأمر شأنه في ذلك شأن التوقيع العادي.
المطلب الثاني: الحماية التقنية للبطاقة البنكية
لكي يتم التغلب على مخاطر الوفاء الإلكتروني عبر الأنترنيت بواسطة البطاقة البنكية لا يمكن في حقيقة الأمر تحقيقه إلا من خلال حلول تقنية تكون هي الوسيلة لتحقيق الأمان القانوني المنشود في هذا المجال، و قد تم بالفعل ابتكار عدة وسائل تقنية في هذا المجال ، فما هي هذه الوسائل؟
للإجابة على هذا التساؤل سوف نتطرق تباعا لهذه الوسائل و المتمثلة في ابتكار نظام الوفاء التي تقوم على إيجاد وسيط للوفاء الإلكتروني ، بالإضافة إلى ذلك هناك حافظة النقود الإلكترونية و الافتراضية ثم نظام تشفير البيانات ( فقرة أولى ) ، ثم التطرق بعد ذلك للجدران النارية ، و أخيرا الضوابط الفنية و مضاهاة التوقيعات الإلكترونية ( فقرة ثانية ).
الفقرة الأولى: وسيط الوفاء الإلكتروني، حافظة النقود الإلكترونية و الافتراضية نظام تشفير البيانات
أولا: وسيط الوفاء الإلكتروني
يمكن من خلال هذا الوسيط تفادي تداول البيانات على شبكة الأنترنيت، حيث يقوم هذا الوسيط بإدارة عملية الوفاء لحساب العملاء و الموردين و تسوية ما ينشأ من التصرفات المبرمة بينهم من ديون و حقوق ،حيث يتم عبر هذا الأسلوب نقل النقود من حساب المدين ( العميل ) إلى حساب الدائن ( التاجر أو المورد )، و ذلك بعد إتمام إجراءات الوفاء بين بنكي العميل و التاجر ( ).
ثانيا: حافظة النقود الإلكترونية و الافتراضية
لقد ظهرت فكرة استعمال هذه التقنية و التي ترتكز على تجميع وحدات للقيمة و ذلك في أداة مستقلة عن الحسابات البنكية، فظهرت فكرتي حافظة النقود الإلكترونية PME ( ) و حافظة النقود الافتراضية PMV ( ).
فبالنسبة لحافظة النقود الإلكترونية فإنها تشحن مسبقا برصيد مالي و يتم تسجيل هذا الرصيد المالي في بطاقة، أما بالنسبة لحافظة النقود الافتراضية فإنها تشحن برصيد مالي على القرص الصلب كجهاز الكمبيوتر الخاص الذي يستعمل الشبكة.
و لا شك أن الهدف من هذه التقنية هو تفادي اختراق البيانات التي يتم تداولها عبر شبكة الأنترنيت و التغلب على إمكان استخدامها غير المشروع من قبل الغير، فبمقتضى هذه التقنية يصبح لوحدات القيمة الإلكترونية ذاتية مستقلة حيث يمكن نقلها من محفظة إلكترونية إلى أخرى على نحو يؤدي إلى الوفاء من قبل المدين بمجرد نقل هذه الرموز الإلكترونية ، و يمكن لمتلقي هذا الوفاء على حافظة إلكترونية أن يقوم بتحويل هذه النقود الإلكترونية إلى نقود حقيقية من خلال البنك المصدر لها ( ).
ثالثا: نظام تشفير البيانات
لقد ساهم التقدم الملموس في التقنيات المعلوماتية و خصوصا المتعلقة بعملية التشفير في تأمين إرسال المعلومات الذي ساعد على انتشار الوفاء الإلكتروني كممارسة يومية للعديد من الأشخاص حول العالم.
و يراد بالتشفير مجموعة من الوسائل الفنية التي تستهدف حماية سرية معلومات معينة عن طريق استخدام رموز خاصة تعرف باسم المفاتيح و تشفير البيانات يستهدف المحافظة على سلامتها و تأمين خصوصيتها و لا يستخدمها غير من وجهت إليه.
و قد عرف المشرع المغربي وسائل التشفير في القانون رقم 05.53 من القانون المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية في الفقرة الثانية من المادة 12 بأنه: " كل عتاد أو برمجة أو هما معا ينشأ أو يعدل من أجل تحويل معطيات سواء كانت عبارة عن معلومات أو إشارات أو رموز استنادا إلى اتفاقيات سرية أو من أجل إنجاز عملية عكسية لذلك بموجب اتفاقية سرية أو بدونها ".
الفقرة الثانية: الجدران النارية ، الضوابط الفنية و المضاهاة للتوقيع الإلكتروني
أولا : الجدران النارية
لاشك أن الانترنيت نظام مفتوح يستطيع أي شخص الوصول من خلاله إلى أي شخص آخر، و تخشى العديد من الشركات الارتباط بالانترنيت لوجود معلومات سرية غير متاحة للعموم و قد يسمح الاتصال بالانترنيت لأي شخص بالوصول إلى المعلومات السرية كأرقام حساب العملاء في البنوك و الذي تقوم بتشغيله البطاقة البنكية ( ).
و يعتبر الجدران الناري ( ) وسيلة تستعمل لحماية الشبكات الخاصة من الدخـول و تمنع الوصول غير المشروع بع للشبكة حيث تحمي وحدات التحكم و الإرسال في الانترنيت.
ثانيا : الضوابط الفنية و المضاهاة للتوقيع الإلكتروني.
سوف نبحث الضوابط الفنية ثم مضاهاة التوقيع الإلكتروني ، و ذلك على الشكل التالي:
1- الضوابط الفنية:
هناك ضوابط فنية عامة و ضوابط فنية خاصة
أ- الضوابط الفنية العامة:
هناك عدة ضوابط فنية عامة يجب أن تتوافر في التوقيع الإلكتروني، فيجب أن يكون التوقيع خاصا بالشخص وحده و لا يشاركه فيه غيره، كما يجب ألا يكون قد سبق استخدام هذا التوقيع من قبل و علة ذلك هي كفالة أكبر قدر من السرية على هذا التوقيع.
ب- الضوابط الفنية الخاصة:
هناك ضوابط فنية خاصة بالتوقيع الإلكتروني، تتمثل هذه الضوابط بتشفير المستند كان توقيعا أم سجلا إلكترونيا.
2- ضوابط المضاهاة الإلكترونية
يتضمن التنظيم الفني للتوقيع الإلكتروني الأخذ بوسائل تقنية لإجراء المضاهاة الإلكترونية للتوقيع الإلكتروني و التي يمكن بمقتضاها الوقوف على صحته، و تختلف الطرق الفنية للمضاهاة إلى عدة طرق تكفل كل واحدة قدرا معينا من الطمأنينة و الثقة في السند و تضمن سلامته و حمايته من أن ينكر من صدر منه( ).
حاولنا من خلال دراستنا للبطاقة البنكية كوسيلة للوفاء ، البحث عن الإطار القانوني الملائم لحكم هذا النوع من المعاملات و تسليط الضوء على أهم الإشكالات القانونية التي تطرحها.
بعد هذه الدراسة يمكن طرح مجموعة من الاستنتاجات و هي كالآتي:
- إن تعدد و تنوع أشكال البطاقات البنكية و الوظائف التي تقوم بها قد يؤدي إلى وقوع خلط في التسميات و المفاهيم، و ذلك راجع إلى كون البطاقة البنكية الواحدة يمكن أن تقوم بجميع الوظائف التي تقوم بها البطاقات البنكية من سحب و أداء و ائتمان.
- إن ترك تنظيم التعامل بالبطاقات البنكية إلى الاتفاقات المبرمة بين أطراف العلاقات الناشئة بشأنها، و ذلك بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 329 من مدونة التجارة جعل البنوك نظرا لمركزها القوي بالمقارنة مع مركز العميل تفرض شروطا تعسفية على هذا الأخير.
- إن تعديل القواعد القانونية التقليدية للإثبات من خلال القانون رقم 05/53 و المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات، لم يأتي بشيء جديد فيما يتعلق بإثبات التعاملات التي تتم بواسطة البطاقة البنكية حيث اشترط لكي يكون التوقيع الإلكتروني مؤمنا يجب أن يصدر عن إحدى جهات المصادقة الإلكترونية، و لم يأخذ بعين الاعتبار التوقيع بالبطاقة البنكية رغم ما تضطلع به من خصوصيات.
-
المراجع
أحمد أبو الوفا، التعليق على نصوص قانون الإثبات ، منشأة المعارف بالإسكندرية، الطبعة الثالثة 1987.
إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، مطبعة فضالة المحمدية ، الطبعة الأولى 1977.
إدريس العلوي العبدلاوي، شرح القانون المدني، النظرية العامة للالتزام ، نظرية العقد، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1990.
عبد الودودي يحيى، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، القسم الأول ، مصادر الالتزام، بدون ذكر المطبعة طبعة 1994.
عبد الودودي يحيى، دروس في قانون الإثبات، دار النهضة العربية، القاهرة 1986.
العربي جنان، التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية ( القانون المغربي رقم 53/05 ) دراسة تحليلية نقدية، المطبعة و الوراقة الوطنية، الطبعة الأولى 2008.
العربي جنان، التعاقد الإلكتروني في القانون المغربي دراسة مقارنة، المطبعة و الوراقة الوطنية، الداوديات ، مراكش، الطبعة الأولى 2010.
المختار بن أحمد عطار، العقد الإلكتروني، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى 2010.
ضياء علي أحمد نعمان؛المسؤولية المدنية الناتجة عن الوفاء الإلكتروني بالبطائق البنكية-دراسة مقارنة- الجزء الأول و الثاني؛المطبعة والوراقة الوطنية؛الطبعة الأولى 2010.
فايز نعيم ، بطاقات الوفاء، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة ، طبعة 1990.
محمد الشافعي: بطاقات الأداء و الائتمان بالمغرب، المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2002
محمد مرسي زهرة؛ القانون و الحاسوب؛ مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الطبعة الأولى 1995
محمود ثابت محمود : التوقيع الإلكتروني ، ماهيته، مخاطره و كيفية مواجهتها مدى حجيته في الإثبات ، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة الطبعة الثانية 200
محمود ابو فروة الخدمات البنكية الالكترونية عبر الانترنيت؛رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة؛وحدة التكوين و البحث؛قانون العقود و العقار كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية؛جامعة محمد الأول وجدة؛2005-2006.
فياض ملفي القضاة :مسؤولية البنوك الناتجة عن استخدام الكمبيوتر كوسيلة وفاء، بحث مقدم لمؤتمر القانون و الكمبيوتر و الانترنيت، المنعقد بكلية الشريعة و القانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة بين 1 و 3 مايو 2000.
ضياء نعمان : الحماية التقنية للتجارة الإلكترونية، مقال منشور بمجلة قانون و أعمال ، مجلة قانونية متخصصة ، العدد الأول مارس 2011.
نبيل محمد أحمد صبيح: بعض الجوانب القانونية لبطاقة الوفاء و الائتمان المصرفية، مجلة الحقوق ، جامعة الكويت، عدد 1 السنة 2003.
أهم الإشكالات التي أثيرت خلال المائدة المستديرة ليوم 18/06/2011 والمتعلقة بهذا الموضوع
تحت إشراف الاستاذ ضياء علي احمد نعمان
بالإضافة إلى الإشكالات التي تم ذكرها في العرض بخصوص الطبيعة القانونية للبطاقة البنكية ،ومسألة الإثبات في البطاقة البنكية وتمت الإجابة عنها . فإن البطاقة البنكية تثير مجموعة من الإشكالات تتعلق ب:
*الإشكال الأول: النصوص القانونية في المغرب هل هي كفيلة وقادرة على حماية الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية؟
في نظرنا النصوص القانونية في المغرب غير كفيلة وغير قادرة على حماية الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية.
في ظل غياب تنظيم تشريعي متكامل للبطاقة البنكية في التشريع المغربي ،وترك المشرع مسالة تنظيم البطائق البنكية لحرية أطرافها.
*الإشكال الثاني: ما هي الإمكانية آو كيف نحمي الوفاء الإلكتروني بالبطاقة البنكية؟
لكي يتم التغلب على مخاطر الوفاء الإلكتروني عبر الانترنيت بواسطة البطاقة البنكية لا يمكن في حقيقة الأمر تحقيقه إلا من خلال حلول تقنية تكون هي الوسيلة لتحقيق الأمان القانوني المنشود في هذا المجال. وقد تم بالفعل ابتكار عدة وسائل تقنية في هذا المجال وتتمثل هذه الوسائل في ابتكار نظام الوفاء التي تقوم على ايجاد وسيط الوفاء الإلكتروني . بالإضافة إلى ذلك حافظة النقود الإلكترونية الافتراضية ،ثم نظام تشفير البيانات ثم الجدران النارية والضوابط الفنية ومضاهاة التوقيعات الإلكترونية.