مقدمة:
نظرا للنمو الديموغرافي الذي شهده المغرب في النصف الأخير من القرن 20 والتغييرات الاقتصادية والاجتماعية التي واكبته نتج عن ذلك بروز ظاهرة الهجرة من البادية إلى المدينة وقد صاحب ذلك نمو متسارع للحواضر، وتوسع في العمران، وارتفاع في أثمنة العقارات نتيجة الضغط المتزايد للطلب من أجل تغطية حاجيات السكن.
كما لوحظ انتشار متزايد للملكية المشتركة في بلادنا في عدة مدن كالدار البيضاء، الرباط، فاس، طنجة، أكادير...
لذا كان على المشرع المغربي مواكبة هذا التطور الحاصل من خلال إعادة النظر في القانون المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المقسمة إلى شقق ظهير 16 نونبر 1946، الشيء الذي نتج عنه صدور قانون جديد تحت رقم 00-18 مواكبا في ذلك التطورات الحاصلة في ميدان السكن.
فقانون 00-18 تعرض بتفصيل لنظام الملكية المشتركة باعتباره ميثاقا جماعيا يهتم بتنظيم الحياة في إطار الملكية المشتركة ويحدد ويضبط حقوق والتزامات الملاك المشتركين وينظم إدارة الحياة اليومية للعقار المشترك الملكية.
فكل ذلك يرتب وجود تسيير وتدبير يومي معقلن لأجزاء الملكية المشتركة بعضها في الملكية الخاصة المفرزة يتولاه المالك المشترك والبعض الآخر هو الجزء الشائع ملكيته بين الملاك كافة مما يستدعي في هذا الأخير تدبيرا جماعيا في تسيير شؤونه لتداخل التزامات وحقوق بين مختلف ساكنة العمارة. الشيء الذي عمل عليه قانون 00-18 أي تنظيم إدارة الملكية المشتركة عن طريق أجهزة تقريرية وتنفيذية تمكنه من حسن القيام بأهدافه.
وقد خص المشرع المغربي لإدارة الملكية المشتركة من خلال قانون 00-18 مجموعة من المواد تنظم وتبين تدابير إدارة الملكية المشتركة وذلك من خلال المادة 13 إلى المادة 30 من القانون 00-18.
ومن المعلوم أن ظهير 16 نونبر 1946 كان قد وضع الأسس القانونية التي تقوم عليها الملكية المشتركة وهكذا بعد أن نظم هذه الملكية على المستوى الفردي بتوضيحه لحقوق وواجبات الملاك المشتركين على مختلف أجزاء العقار قام بتحديد قواعد الحياة الجماعية داخلها بإحداث جمع عام في إطار "اتحاد للملاك المشتركين" كما أحدث ممثلا لهذا الاتحاد في شخص وكيله ونص على وضع نظام الملكية المشتركة إلى غير ذلك من المقتضيات إلا أن هذا التنظيم كان قاصرا وقد تم انتقاده بسبب عجزه عن إيجاد الوسائل الكفيلة لمواجهة المشاكل التي تعرفها إدارة الملكية المشتركة. الشيء الذي حاول المشرع استدراكه من خلال القانون 00-18.
وقد خصت العديد من الكتابات المهتمة بنظام الملكية المشتركة حيزا هاما في حديثها عن إدارة هذا الأخير من بينهم: مارسيل يوماري (تعريب إدريس ملين)، عبد الحق صافي، الوكاري محمد، بونبات... .
وتكمن أهمية هذا الموضوع من الناحية النظرية أنه يحدد من خلال القانون 00-18 لمقتضيات إدارة الملكية المشتركة الذي ينشأ بقوة القانون في الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة وذلك عن طريق بيان أجهزة هذا الاتحاد الذي يكونه الملاك المشتركين وكيفية عمله.
أما من الناحية العملية فإنه يبين حقوق وواجبات هؤلاء الملاك خصوصا إذا علمنا أنه على المستوى الواقعي قد تتداخل هذه الواجبات والحقوق. والإشكال المطروح من خلال هذا الموضوع هو:
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال القانون 00-18 أن ينظم إدارة الملكية المشتركة؟ وهل استطاع التوفيق بين المصالح الفردية والجماعية من خلال إدارة وتسيير هذه الملكية؟
في إطار مقاربتنا لهذا الموضوع اعتمدنا على تصميم استقرائي تحليلي .
وحتى يتأتى لنا الإجابة عن الإشكالية المطروحة قمنا بتقسيم هذا الموضوع إلى محورين ناقشنا في المحور الأول:اتحاد الملاك المشتركين أما المحور الثاني فقد عالجنا فيه الجمع العام لاتحاد الملاك المشتركين، وكل ذلك استدعته طبيعة الموضوع.
المحور الأول: اتحاد الملاك المشتركين
ينشأ اتحاد الملاك المشتركين بقوة القانون طبقا للمادة 13 من القانون 00-18 بغرض الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة، ويتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة (أولا)، ويمارس مجموعة من الاختصاصات المخولة له بقوة القانون، كما يتحمل مسؤولية الإخلال بها (ثانيا).
1) الشخصية المعنوية لاتحاد الملاك المشتركين ونطاقها
جاء في المادة 13 من القانون 00-18 على أنه "ينشأ بقوة القانون بين جميع الملاك المشتركين في ملكية عقارات مقسمة إلى شقق وطبقات ومحلات..." ويمثل جميع الملاك المشتركين ويتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي يكون الغرض منه الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة[1].
ويترتب عن اعتراف المشرع بهذه الشخصية مجموعة من الآثار () التي يترتب عليها حدود ونطاق ( ).
الآثار المترتبة عن الإعتراف بالشخصية المعنوية لاتحاد الملاك:
ويتم ذلك بواسطة وكيل الاتحاد الذي يمثله في التصرفات القانونية والمدنية، وذلك طبقا للمادة 26 من القانون 00-18 في بندها الأخير التي تنص على أنه من مهام وكيل الاتحاد "...تمثيل الاتحاد لدى المحاكم بإذن خاص من الجمع العام" والذي تقابله في القانون الفرنسي المادة 18 من قانون 10 يوليوز 1965. وهكذا مثلا يمكنه إقامة دعوى قضائية ضد أي واحد من الملاك المشتركين لإلزامه بالتقيد بواجباته واحترامها[4]، كما أنه قد يرفع دعواه في مواجهة الغير كالمقاول الذي يتحمل مسؤولية الإخلال بالأشغال التي تعاقد من أجل إنجازها على الأجزاء المشتركة، كما قد يتقاضى ضد الغير المسؤول عن الإضرار بالأجزاء المشتركة[5].
أيضا من الجائز أن ترفع على الإتحاد دعوى من قبل الغير كوكيل الاتحاد أو الحارس الذين يطالبان بدفع الأجور المستحقة لهما، كما يجوز لأحد ـ أو بعض ـ الملاك المشتركين مقاضاة الاتحاد لجبر الأضرار المترتبة عن إهمال في تدبير وصيانة الأجزاء المشتركة، أو عما ينجزه من إصلاحات للبناء أو أشغال للحفاظ عليه[6].
2) نطاق الشخصية المعنوية لاتحاد الملاك المشتركين
يرافق نشأة اتحاد الملاك بقوة القانون ودون الحاجة لأي تدخل مباشر من قبل الملاك المشتركين إحداث الملكية المشتركة بعقار مبني ما. ويتمتع هذا الاتحاد بالشخصية المعنوية ما دامت الملكية المشتركة قائمة، وهو يستمر إلى أن يقع هدم العقار أو زوال الملكية المشتركة، ذلك أنه بهدم العقار يصبح وجود الاتحاد دون جدوى إلا إذا اتفق الملاك المشتركون على إعادة بنائه طبقا للمادة 45 من القانون 00-18 المغربي، والمادة 33 من قانون 1965 الفرنسي، كذلك يزول اتحاد الملاك حينما تصبح جميع أجزاء العقار المشترك في ملكية شخص واحد حيث تنمحي الشروط المتطلبة في المادة الأولى من القانونين معا (1965 الفرنسي و 00-18 المغربي) لانطباق الملكية المشتركة[7].
وقد أشار كثير من الفقهاء إلى أن الاتحاد يتوفر على شخصية معنوية محدودة النطاق، فهناك من يرى أن الأساس القانوني لهذه الشخصية غير حاسم، فدخول المالك المشترك في عضوية الاتحاد، وإن كان إلزاميا، فهو تابع لقراره الحرلشراء محل في العقار المشترك، كما أن الهدف الذي يسعى إليه يظل فرديا وهو امتلاك محله، ولا يهدف إلى الاشتراك كما هو الشأن بالنسبة للشركة، فالاتحاد لا يملك العقار المشترك بل هو لا يملك حتى الأجزاء المشتركة فيه. كما أن الشخصية المعنوية التي يتوفر عليها تعتبر مجرد تقنية تسهل تدبير العقار، وتهدف إلى إعداد وتنظيم حقوق الملاك المشتركين المتنافسة والتي تكون من طبيعة واحدة[8].
وتتجلى حدود هذه الشخصية المعنوية في عدد من المظاهر، أهمها:
فعدم توفر الاتحاد على حق ملكية العقار يفسر الصعوبات التي يواجهها دائنوه الذين لا يمكنهم حجز العقار المشترك[11].
وتبعا لذلك فإنه يستطيع الاتحاد شراء أحد الأجزاء المشتركة في البناء لتكون مسكنا للحارس أو مقرا للاجتماعات، وشراء بعض المواد والأجهزة المستعملة في التنظيف ولكن في مقابل ذلك لا يحق له القيام بأعمال تجارية بقصد المضاربة وتحقيق الربح، لكونه لا يتوفر على مصادر ذاتية للتمويل، بل تمول ذمته المالية مباشرة من التسبيقات والاشتراكات التي يقدمها الملاك المشتركون.
ثانيا: اختصاصات اتحاد الملاك المشتركين ومسؤوليته
فالمادة 13 في فقرتها الأولى من القانون 00-18 تحث على دور اتحاد الملاك والغرض الأساسي من نشأته إذ هو "الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة". وبذلك فإن دور اتحاد الملاك واختصاصه الرئيسي يتجسد في هذا الغرض باعتباره ممثلا لمجموع أعضائه. وبالإضافة إلى هذا الاختصاص المحدد قانونا (الغرض) فإنه من الضروري أن تظل اختصاصات الاتحاد مقيدة باحترام الحقوق الفردية للملاك وبضرورة التقيد بأحكام نظام الملكية المشتركة.
فحتى يقوم الاتحاد بممارسة الاختصاصات المنبثقة من الغرض المعد له فذلك يستدعي إحداث وتنظيم سير بعض الأجهزة حتى تمكنه من القيام باختصاصاته والتي تتمثل في الجمع العام، ووكيل الاتحاد، مجلس الاتحاد فمن خلال هذه الأجهزة يقوم اتحاد الملاك بتنفيذ اختصاصاته لذا سنقوم ببحث بعض هذه الاختصاصات في معرض حديثنا عن الجمع العام.
وجدير بالذكر أن هذه الاختصاصات (وكما أشرنا سالفا) أنها تظل مقيدة باحترام الحقوق الفردية للملاك المشتركين وبالخصوص لأحكام نظام الملكية المشتركة.
مما يستدعينا على الحديث على القيود التي تحد من اختصاصات اتحاد الملاك ومنها:
فالمادة 89 تنص "يسأل مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره أو تهدمه الجزئي، إذا وقع هذا أو ذاك بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء ويطبق نفس الحكم في حالة السقوط أو التهدم الجزئي لما يعتبر جزءا من العقار كالأشجار والآلات المندمجة في البناء والتوابع الأخرى المعتبرة عقارات بالتخصيص، وتلزم المسؤولية صاحب حق السطحية إذا كانت ملكية هذا الحق منفصلة عن ملكية الأرض.
وإذا التزم شخص غير المالك برعاية البناء إما بمقتضى عقد أو بمقتضى حق انتفاع أو أي حق عيني آخر يحمل هذا الشخص المسؤولية.
فبالرجوع إذن إلى المادة 13 من القانون 00-18 نجدها تحمل المسؤولية لاتحاد الملاك أما المادة 89 من ق.ل.ع فتحمل المسؤولية لمالك البناء. لكن وحيث أن اتحاد الملاك المشتركين يقع على عاتقه واجب المحافظة على العقار وتدبير أجزائه المشتركة وحيث أن الفقرة 2 من الفصل 89 من ق.ل.ع تنص على أنه "إذا التزم شخص غير المالك برعاية البناء تحمل هذا الشخص المسؤولية"، وحيث أن اتحاد الملاك المشتركين يعد في هذه الحالة مسؤولا عن الحفاظ عليه فإنه يكون مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه[18].
كما أن الفصل 89 يستلزم "انهيار البناء أو تهدمه الجزئي" مما يفسر تضييق مجال المسؤولية على عكس الفصل 13 من القانون 00-18 الذي وسع نطاق المسؤولية لتشمل الأضرار التي تنتج عن إهمال في تسيير الأجزاء المشتركة أو صيانتها أو عما يقوم به من إصلاحات للبناء أو أعمال للحفاظ عليها. فتنبني المسؤولية من خلال الفصل 89 من ق.ل.ع على أساس خطأ مفترض في جانب الاتحاد لكن ما يجدر بيانه أن هذا الخطأ المفترض ليس قاطعا بل يمكن دحضه بإثبات أحد الأمرين:
إما بإثبات أن التهدم الكلي أو الجزئي لم يكن بسبب نقص الصيانة أو العيب في البناء وإنما بسبب لا دور للاتحاد فيه (نشوب حريق في البناء أدى إلى سقوطه)، حيث يتم الرجوع هنا على المتسبب.
وإما بإثبات أن الانهيار تم نتيجة لأسباب أجنبية لا دخل للاتحاد فيها كالقوة القاهرة (الزلزال).
أما المادة 13 من القانون 00-18 فتنبني فيها المسؤولية على كون الضرر الناتج عن ذلك حصل جزء من الأجزاء المشتركة أو بإحدى التجهيزات المشتركة (كما هو الحال في حالة الضرر الحاصل لأحد الأشخاص نتيجة سقوطه بدرج العقار المشترك بسبب عدم صيانته ويتعين أن يكون الضرر واقعا بسبب أحد الأجزاء المشتركة لا ناتجا عن أجزاء مفرزة. وحالة الفيضان للمياه بالعقار المشترك نتيجة في عيب للقنوات المشتركة)[19].
وعلى أي حال استنادا على الشخصية المعنوية التي يتمتع بها اتحاد الملاك المشتركين فدعاوى المسؤولية هاته توجه ضد وكيله باعتباره ممثلا له، فإذا كان المتضرر هو مكتري أحد المحلات من أحد الملاك المشتركين فيمكنه متابعة المالك بناء على المسؤولية العقدية والذي بدوره يمكنه الرجوع على اتحاد الملاك وإما رفع دعوى المسؤولية التقصيرية بناء على مقتضيات المادة 13 من القانون 00-18 في حالة الضرر الناتج عن إهمال الصيانة أو في تسيير الأجزاء المشتركة.
كما يمكن للمتضرر مطالبة الاتحاد بالتعويض عن الأضرار التي قد تلحقه جراء التصرف من قبل أحد الملاك أو وكيل الاتحاد بناء على مقتضيات المادة 26 من القانون 00-18 التي تستلزم منه القيام بالإصلاحات الاستعجالية للحيلولة دون وقوع أضرار بالغير، وكذلك بناء على مقتضيات المادة 35 التي أعطت للمالك الحق في مقاضاة اتحاد الملاك نتيجة الأشغال التي يقوم بها فيتسبب له في الأضرار.
ب-1- مسؤولية الاتحاد عن فعل العقار طبقا للفصل 88 من ق.ل.ع
ينص الفصل 88 من ق.ل.ع " كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر وذلك مالم يثبت:
1- أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر.
2- وأن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو لقوة قاهرة أو لخطأ المتضرر".
فالمادة 13 من القانون 00-18 لم ترديها أية مقتضيات تستبعد صراحة اللجوء إلى القواعد العامة وبالتالي فإن للمتضرر من فعل العقار المشترك الخيار بين إقامة دعواه استنادا على المادة 13 من القانون 00-18 إذا أثبت بأن الضرر ناتج عن جزء مشترك في العقار أو عن إحدى تجهيزاته المشتركة أو أن يبني دعواه على أساس الفصل 88 من ق.ل.ع إذا لم يستطع إثبات ذلك لكن بشرط أن يكون ـ في هذه الحالة ـ الشيء المتسبب في الضرر تحت حراسة اتحاد الملاك أن يكون مرتبطا بالعقار المشترك وأن لا تتحقق شروط الفصل 89 ق.ل.ع خاصة منها أن يكون الضرر غير ناتج عن تهدم العقار[20].
وكما هو معلوم فقد تشدد المشرع المغربي مع حارس الشيء حينما منع عليه التحلل من المسؤولية المنصوص عليها في الفصل 88 من ق.ل.ع إلا بإثباته أمرين معا: إثبات الحارس للسبب الأجنبي (القوة القاهرة، الحادث الفجائي، خطأ المضرور) وإثبات أنه فعل ما هو لازم لتجنب وقوع الخطر. وكل ذلك يقع على الاتحاد باعتباره الحارس القانوني.
ب-2- مسؤولية الاتحاد عن فعل تابعيه طبقا للمادة 85 من ق.ل.ع
تنص المادة 85 في الفقرة الثالثة من ق.ل.ع " المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم ومأموروهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها".
من خلال هذا النص يتضح أنه حتى تترتب المسؤولية التقصيرية للاتحاد فإنه لا بد من توافر شرطين:
الشرط الأول: وجود علاقة تبعية بين الاتحاد وتابعه: أي أن يخضع التابع لسلطة ورقابة الاتحاد فينطبق على كل شخص مأجور يشغله الاتحاد ويعمل حسب توجيهاته، كالحارس والبستاني و المكلف بصيانة ونظافة الأجزاء المشتركة، هذا مع العلم أن وكيل الاتحاد ليس تابعا لهذا الأخير بل هو وكيله ما دام يتمتع بنوع من حرية المبادرة والاستقلالية في مباشرة مهامه[21].
كذلك بالنسبة لتابعي وكيل الاتحاد الذين يشغلهم لحسابه إذ لا تربطهم أية علاقة قانونية مع اتحاد الملاك المشتركين.
الشرط الثاني: ارتكاب التابع للفعل الضار أثناء أداء وظيفته أو بمناسبتها
ويندرج ضمن هذا الإطار قيام الحارس أو غيره من التابعين المذكورين خلال قيامهم بمهامهم بأفعال تلحق الضرر بالأجزاء المشتركة أو بأحد الملاك المشتركين أو بالغير[22]. وبذلك تقوم مسؤولية الاتحاد عند إثبات خطأ التابع المحدث للضرر كما في حالة إهمال حراسة العقار وتعرض أحد الملاك المشتركين للسرقة من جراء ذلك مما يستوجب على الاتحاد دفع التعويض للمتضرر مع إمكانية رجوعه على التابع[23].
ب- 3) مسؤولية الاتحاد عن خطأ واجب الإثبات استنادا إلى الفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع.
تنص الفقرة الأولى من المادة 77 "كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح له به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا أثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر" أيضا نصت المادة 78 في فقرتها الأولى على انه "كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه لا بفعله فقط ولكن بخطأه أيضا وذلك عندما يثبت هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر".
فمن خلال هذين النصين يمكن أن تثار مسؤولية الاتحاد إذا أثبت المضرور ثلاثة عناصر: خطأ صادر عن الاتحاد بواسطة أحد أجهزته (الجمع العام، وكيل الاتحاد، مجلس الاتحاد) وضرر مادي أو معنوي ناتج عنه وعلاقة سببية بينهما[24].
وبما أن غاية الاتحاد هي الحفاظ على العقار وإدارة أجزائه المشتركة فقد يتضرر أحد الملاك أو الغير من خطأه في حراسة وإدارة العقار حيث تثار مسؤوليته. والتي تكون مسؤولية تقصيرية استنادا للفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع إذا كان المتضرر من الغير أما إذا كان أحد الملاك المشتركين هو المتضرر فهنا تطبق أحكام المسؤولية التعاقدية طبقا للفصل 263 من ق.ل.ع[25].
المحور الثاني: الجمع العام لاتحاد الملاك المشتركين وسلطة اتخاذ القرارات
يعتبر الجمع العام الجهاز التشاوري لجميع الملاك المشتركين للتقرير بشأن إدارة الأجزاء المشتركة، وهذا ما أشارت إليه المادة 15 من القانون 00-18 بأنه: "يتولى الجمع العام تسيير العقار المشترك وفقا للقانون ولنظام الملكية المشتركة".
ويعد الجمع العام الجهاز الأسمى في الملكية المشتركة، يتعين احترام قراراته والتقيد بها من قبل وكيل الاتحاد وجميع الملاك المشتركين[26]. في إطار تنظيم الجمع العام نجد الظهير الملغي لم يتطرق إلى كيفية تنظيم الجمع العام تاركا الأمر لنظام الملكية المشتركة، بينما القانون 00-18 تطرق إلى كيفية الجمع العام وحدد صلاحياته وسلطاته وبعض الجوانب المتعلقة بتنظيمه، لكن يتبين من خلال الرجوع إلى القانون 00-18 أن هناك مجموعة من النقط لم يتطرق إليها القانون وقام بإحالتها على نظام الملكية المشتركة.
وبالتالي سنقسم هذا المحور إلى عنصرين: سنخصص الأول للقواعد المنظمة للجمع العام، ثم نبحث في سلطات الجمع العام في اتخاذ القرارثانيا.
أولا: القواعد المنظمة للجمع العام للملاك المشتركين
كما سبقت الإشارة إلى ذلك فظهير الملغي لم ينظم قواعد الجمع العام وإنما ترك ذلك لنظام الملكية المشتركة، وذلك عكس قانون 00-18 نجده نظم بعض الأحكام المتعلقة بدعوة الجمع العام وتنظيم اجتماعاته في المادتين 16 و 17
دون تفصيلها، ولم يتطرق كذلك إلى كيفية تسيير أعمال الجمع العام وبالتالي يتعين الرجوع إلى نظام الملكية المشتركة.
وبناء على ما سبق سنقسم القواعد المنظمة للجمع العام إلى تكوين الجمع العام (1)، ثم كيفية استدعاء وعقد جلسات الجمع العام (2).
وإذا كان المالك المشترك يعد عضوا بقوة القانون في الجمع العام فإن ذلك لا يعني إجباره على حضور اجتماعاته، فهو حر في اختيار مشاركته فيه أو في الامتناع عن الحضور، وذلك بالرغم مما يتبين من ظاهر الفقرة الأولى من المادة 14 من قانون 00-18 التي جاء فيها: "...ويتعين عليه المشاركة في أعمال الاتحاد ولا سيما في القرارات التي يتخذها الجمع العام بالتصويت"، وبالتالي فغياب المالك المشترك عن اجتماعات الجمع العام ينتج عن هذا الغياب عرقلة إدارة العقار المشترك وبالتالي يكون لها آثارا سلبية على سير الجموع العامة[27]. وتتاح الفرصة لوكيل الاتحاد من أجل الاستحواذ على كل السلط والتوسع في القيام بمهام الإدارة بإرادته المنفردة.
ومن هذا المنطلق أجاز المشرع إمكانية تمثيل المالك المشترك من الاتحاد لتفادي مسألة التغيب عن اجتماعات الجمع العام والتي لها آثار وخيمة على إدارة العقار المشترك.
وبالتالي يمكن أن يمثل المالك المشترك في الاتحاد إما تمثيلا اتفاقيا وإما قضائيا وإما شرعا بالإضافة إلى حالات خاصة.
بالنسبة للتمثيل الاتفاقي: يمكن للمالك المشترك أن يفوض غيره لتمثيله في الجمع
العام، والتصويت نيابة عنه على القرارات المتخذة في إطاره، ويكون هذا التفويض بوكالة خاصة[28]. ومن خلال الرجوع إلى المادة 14 من القانون 00-18 نجد أن هذه المادة لم توضح ما إذا كان الوكيل ينبغي أن يكون من الملاك أم من الغير، ويستشف أيضا من الفقرة الرابعة من المادة 14 من نفس القانون أن للمالك صلاحية اختيار الوكيل من الغير ما لم ينص نظام الملكية المشتركة على عكس ذلك.
وإذا كانت الوكالة تتم أصلا بتراضي الطرفين، أي أنها عقد رضائي طبقا للمادة 883 من ق.ل.ع.م فإن المادة 14 حرصت أن يكون التفويض كتابة، وذلك تجنبا لكل مشكل قد يثور بخصوص وجود هذه الوكالة أو مضمونها[29].
وفي إطار المقارنة بين الظهير الملغي والقانون 00-18 في تمثيل المالك المشترك، نجد الظهير الملغي كان يوكل لشخص واحد مهمة تمثيل كثير من الملاك، أما بالنسبة للقانون 00-18 نص على أنه لا يجوز تكليف شخص واحد بأن يمثل أكثر من مالك مشترك.
وأمام صمت المشرع بخصوص إمكانية إنابة وكيل الاتحاد على أحد الملاك، فإن الرأي الراجح يقضي بمنع الإنابة في نظام الملكية المشتركة، وذلك تجنبا لتداخل سلطات الأجهزة المكلفة بإدارة وتدبير الملكية المشتركة[30].
بالنسبة للتمثيل القانوني: يتعلق الأمر في هذا التمثيل بفرضيتين لم ينص عليهما المشرع في المادة 14 من القانون 00-18 المتعلق بنظام الملكية المشتركة.
أما بالنسبة للتمثيل الشرعي للمالك المشترك:
لم يتعرض المشرع لهذه الحالات من التمثيل في إطار المادة 14 من القانون00-18، وتتمثل هذه الحالة في حالة القاصر الذي يملك جزءا من العقار المشترك، وبالتالي لتمثيل القاصر يتعين الاحتكام إلى القواعد العامة التي يعود أمر تمثيله في الجمع العام لنائبه الشرعي الذي له الولاية حسب المادة 233 من مدونة الأسرة 2004.
بالنسبة للحالة التي يكون فيها الجزء المفرز موضوع حق انتفاع من له حق الحضور والتصويت هل مالك الرقبة أم المنتفع؟
فيما يخص الظهير الملغي كان يقضي بأنه يحق لكل الطرفين الحضور أثناء الاجتماع، لكن بالنسبة للتصويت على القرارات المتخذة عند وجود الاختلاف بينهما يكون حق التصويت للذي قام بسداد حصته من التكاليف المشتركة بصورة فعلية، في حين القانون 00-18 لم يتضمن أي نص مشابه.
في إطار هذه الحالة -اختلاف الطرفين في عملية التصويت والحضور- يرى بعض الفقه بأن يتم تضمين بند في نظام الملكية المشتركة يقضي بإلزامية تعيين وكيل مشترك بين الطرفين من أجل تمثيلهما في الجمع العام[31]. وذلك تفاديا للمشاكل بين الطرفين.
وبالنسبة لحالة العقار المشترك المملوك من قبل شخص معنوي، فإن تمثيل لدى أجهزة الاتحاد يعود لممثله القانوني الذي توجه إليه الاستدعاءات لحضور أشغال الجموع العامة.
ج- توزيع الأصوات بين الملاك المشتركين
تنص الفقرة الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون 00-18 على ما يلي: "يتمتع كل مالك بعدد من الأصوات بحسب حقوقه في جزء العقار المفرز العائد له.
يحدد نظام الملكية المشتركة عدد الأصوات بالنسبة لكل جزء مفرز".
يتضح من خلال الفقرتين أن تحديد عدد الأصوات التي يتوفر عليها كل مالك، مشترك يتعين أن يتناسب مع أهمية حقوقه في العقار المشترك. وهكذا المادة 14 من القانون 00-18 تحدد عدد الأصوات بحسب حقوق المالك في جزء العقار المفرز العائد له. بمعنى أن ذلك العدد يتحدد طبقا للمادة السادسة من نفس القانون على أساس الجزء المفرز العائد له بالنسبة إلى مجموع الأجزاء المفرزة في العقار وذلك عند إنشاء الملكية المشتركة.
تعتبر عملية توزيع الأصوات بين الملاك المشتركين عملية تقنية معقدة، ترتب آثارا مهمة بالنسبة لتطبيق كثير من أحكام الملكية المشتركة، لذلك فقد أصاب المشرع عندما اعتبر المعيار السالف معيارا مكملا يمكن للأطراف تحقيقه أو مخالفته في سندات الملكية[32].
د- أنواع الجموع العامة للملاك المشتركين
يعد الجمع العام الجهاز المقرر لاتحاد الملاك المشتركين، والمعبر عن الإرادة المشتركة للملاك، وهو الآلية الوحيدة التي تملك السلطة اتخاذ القرار في إطار اجتماعاته الفعلية، وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون 00-18 على ما يلي: "ويعقد الجمع العام العادي مرة كل سنة على الأقل، ويمكن عقد جمع استثنائي كلما دعت الضرورة لذلك يدعى إليه جميع الملاك المشتركين".
يلاحظ أن المشرع المغربي نص من خلال مقتضيات المادة أعلاه على نوعين من الجموع العامة: الجمع العادي والجمع العام الاستثنائي.
بالنسبة للجمع العام العادي المنصوص عليه في المادة 16 والتي تجتمع مرة كل سنة للبت في القضايا العادية وتتمثل هذه الأخيرة في الأعمال الإدارة العادية العقار المشترك كتعيين وكيل الاتحاد وعزله أو نائبه، واتخاذ القرارات والتدابير التي تؤدي إلى الحفاظ على سلامة العقار المشترك...
أما بالنسبة للجمع العام الاستثنائي يقوم هذا الجمع أيضا بمجموعة من المهام التي لها طابع هام تتمثل في وضع نظام الملكية المشتركة إن لم يوجد أو تعديله كليا أو جزئيا، وإدخال تحسينات على العقار، كاستبدال أو إضافة أداة أو أكثر من أدوات التجهيز والقيام بتعيين حارس البناية وعزله، وتعيين وكيل الاتحاد بشكل استعجالي...
أ- كيفية استدعاء أعضاء الجمع العام:
لم يحدد المشرع بخصوص هذه النقطة تنظيما مفصلا للقواعد التي ينبغي القيام بها للدعوة الاجتماع الجمع العام، وإنما اكتفى بالإشارة فقط إلى بعض الجهات التي يمكنها توجيه الدعوة لانعقاد ذلك الجمع، طبقا للمادة 16 من القانون 00-18.
وقد ارتأينا تناول كيفية استدعاء أعضاء الجمع العامفي النقط التالية: الجهة المكلفة بتوجيه الاستدعاء ثم شكل الاستدعاء وآجال توجيه ومحتوى الاستدعاء .
-الجهة المكلفة بتوجيه الاستدعاء
جاءت مقتضيات المادة 16 من قانون 00-18 واضحة عندما نصت على أن استدعاء أعضاء الجمع العام يتم من قبل مالك شريك أو أكثر ثم أضافت يوجه وكيل الاتحاد دعوة لانعقاد الجمع العام العادي أو الاستثنائي.
وبالتالي فالجهة المكلفة بتوجيه الاستدعاء تتمثل في مالك شريك أو أكثر من مالك أو وكيل الاتحاد.
-شكل الاستدعاء وأجل توجيهه
من خلال الرجوع إلى المادة 30 من القانون 00-18، وبالرجوع أيضا إلى بعض النظم الملكية المشتركة، يتبين أن الاستدعاءات توجه بطريقتين:
-محتوى الاستدعاء
بالنسبة للبيانات التي ينبغي أن تتوافر في شكل الاستدعاء تنص أغلب نظم الملكية المشتركة على ضرورة تضمين الاستدعاء تاريخ وساعة ومكان اجتماع الجمع العام، وكذلك الإشارة إلى مشروع جدول الأعمال من خلال تدارس النقط المشار إليها في جدول الأعمال.
ب- انعقاد جلسات الجمع العام:
من خلال الرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون 00-18 التي تنص على ما يلي: "ينتخب الجمع العام في كل اجتماع من بين أعضائه رئيسا لتسيير أشغاله، ويعين كاتبا لتحرير المحضر للاجتماع ويتداول في القضايا المدرجة في جدول أعماله بعد المصادقة عليه"، يتبين أن هذه الفقرة جاءت مقتضياتها بشكل مقتضب وبالتالي يتعين الرجوع إلى نظام الملكية المشتركة من أجل ضبط أحكام انعقاد جلسات الجمع العام.
وعلى ضوء ما سبق سنقوم ببحث سير عمل جلسات الجمع العام، وذلك في النقط التالية: إعداد ورقة الحضور، وتعيين رئيس وحاسبين وكاتب الجلسة ، والمداولات والتصويت على القرارات وتحرير وتوقيع محضر الجلسة :
- ورقة الحضور:
يعمل الكاتب على إعداد ورقة حضور، تتضمن هذه الورقة الإسم العائلي والشخصي وعنوان كل مالك مشترك أو نائبه، والإشارة إلى عدد الأصوات التي يتوفر عليها، وتوقع هذه الورقة عند افتتاح الجلسة من قبل كل مالك مشترك أو نائبه، ويشهد على صحتها رئيس الجلسة، تعتبر هذه الورقة حجة قاطعة على صحة القرارات المتخذة.
- تعيين رئيس وحاسبين وكاتب للجلسة:
يستنتج من الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون 00-18 أن الجمع العام ينتخب في كل اجتماع من بين أعضائه رئيسا لتسيير أشغاله، ويعين كاتبا لتحرير محضر الاجتماع، وبالنسبة لتعيين حاسبين لم تنص المادة السالفة الذي على ضرورة وجودهما. وبالتالي سنبحث في الحالات الواردة في المادة السابقة مع الإشارة إلى الحالة الأخيرة لما لها من دور في نظام الملكية المشتركة.
- المداولات والتصويت على القرارات:
نصت المادة 17 من القانون 00-18 في الفقرة الثانية على أنه: "ينتخب الجمع العام...ويتداول في القضايا المدرجة في جدول أعماله..."، وبذلك لا تعتبر المداولات صحيحة إلا إذا تعلقت بالقضايا المدرجة في جدول أعمال الجمع العام، وهكذا يقوم رئيس الجلسة بعرض للنقط المتداولة والتصويت عليها كل واحدة على حدة[35]. ويكون التصويت بشكل علني.
- تحرير وتوقيع محضر الجلسة:
بعد اختتام الجلسة يقوم كاتب الجلسة بتحرير محضر الاجتماع، يوقعه الرئيس وأعضاء مكتب الجمع العام والكاتب، ويشكل هذا المحضر شهادة على صحة كل من المداولات والقرارات التي تم التوصل إليها أثناء عقد الاجتماع، ويتعين على كاتب الجلسة أن يوضح كل التوضيحات وكذا البيانات التي تمكن من تأمين احترام حقوق سائر الملاك المشتركين.
كما يتعين على كاتب الجلسة أن يشير إلى كل النتائج المتعلقة بالتصويت وعدد المشاركين فيه، وعدد الأصوات المعبر عنها، وعدد الموافقين والمعارضين أو الممتنعين.
وتعتبر المحاضر المكتوبة والموقعة صحيحة إلى حين وجود حجة مخالفة، وفي حالة ما إذا إدعى أحد الملاك إلى وجود خروقات يتعين عليه إثبات ذلك.
ويبلغ المحضر الاختتامي إلى كل الملاك وهذا ما تعرضت له المادة 30 من قانون 00-18، وألزمت بذلك الوكيل الاتحاد ومن يليه، داخل أجل 8 أيام، ويتم هذا التبليغ برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بواسطة عون قضائي.
ثانيا: سلطات الجمع العام في اتخاذ القرارات
من خلال الرجوع إلى القانون 00-18 المتعلق بقانون الملكية المشتركة نجد هذا الأخير قام بتحديد القواعد المتعلقة باتخاذ القرار من قبل الجمع العام في المواد 18 إلى 22، واتخاذ القرار يكون بالأغلبية وهي على نوعين تختلف بحسب طبيعة وأهمية القرارات اللازم اتخاذها بالإضافة لذلك اشترط ايضا الاجماع في مجموعة من القرارات الهامة والتي حددها قانونا.
بناء على ما سبق سوف نقسم سلطات الجمع العام إلى عنصرين، ستتناول القرارات التي يتخذ الجمع العام فيها القرار بالأغلبية(1)، ثم القرارات التي يتخذ فيها الجمع العام القرار بالإجماع(2)
بالنسبة للأغلبية المطلقة:
تنص المادة 18 من القانون 00-18 المغربي بأنه: "يتخذ الجمع العام القرارات والتدابير المتعلقة بتطبيق نظام الملكية المشتركة، وبصفة عامة تلك الخاصة بتسيير العقار المشتركة ملكيته بالأغلبية المطلقة لأصوات الملاك المشتركين الحاضرين أو الممثلين ما لم ينص على خلاف ذلك في نظام الملكية المشتركة.
وإذا لم يتوفر نصاب النصف أصوات الملاك المشتركين في الاجتماع الأول، يتم في أجل ثلاثين يوما انعقاد جمع عام ثاني تتخذ فيه القرارات بالأغلبية المطلقة للأصوات الملاك المشتركين الحاضرين أو الممثلين".
يستشف من هذه المادة أن المشرع تبنى مبدأ الأغلبية المطلقة لأصوات الملاك المشتركين، حيث أن هذا المبدأ يطبق بالخصوص على جميع القرارات التي يتخذها الجمع العام، ولا يستثنى من تطبيقها إلا ما تم الإشارة إليه في المادة 21 والتي قرر المشرع فيها الأغلبية القوية ¾، وكذا القرارات التي يشترط فيها إجماع الملاك.
وبالتالي فالأغلبية المطلقة تطبق على القرارات والتدابير الواردة في المادة 18 و 19 من القانون 00-18.
بالنسبة للأغلبية ثلالثة أرباع: "الأغلبية القوية"
فيما يخص القرارات التي يكفي فيها توفر ثلاثة أرباع أصوات الملاك هي تلك القرارات التي أشار إليها المشرع ضمن المادة 21 من القانون 00-18 وتتمثل في:
- تشييد مبنى جديد كتوفير مسكن للحارس أو إحداث أجزاء مفرزة للاستعمال الخاص.
- بناء وإعداد محلات للاستعمال المشترك كتشييد محل للاتحاد فوق الأرض المشتركة.
- اكتساب حقوق عقارية كالتعاقد على تمتيع العقار المشترك الملكية بحقوق ارتفاق على عقارات مجاورة له.
- تفويت حق تعلية العقار المشترك لملكية لفائدة واحد من الملاك المشتركين أو أكثر أو لفائدة الغير[37].
ويعتقد بعض الفقه أن قرار الإجماع يتعين اتخاذه في جمع عام للملاك المشتركين بالرغم من عدم التنصيص على ذلك صراحة في القانون 00-18 وذلك لأن المادة 22 تنص على اتخاذ قرار بالإجماع ولم تتحدث على اتفاق كل الملاك وعليه لايمكن التعبير عن الإرادة الجماعية لكل الملاك المكونين للاتحاد إلا في اجتماع جهازه المقرر أي الجمع العام[38].
وجدير بالذكر أن المشرع نص في المادة 44 و 45 من القانون 00-18 على قرارات يتطلب فيها الإجماع العام للملاك وذلك في حالة الحق في التعلية أو الحق الحفر اللذين لا يكونان صحيحين إلا بالإجماع من طرف الملاك المشتركين م 44 وحالة اتخاذ خرار بإعادة بناء العقار إذا تهدم كليا م 45[39].
ومن الملاحظ أن خطورة وأهمية هذه القرارات وما شابهها كثير دفعت بالمشرع إلى التنصيص على وجوب اتخاذها بإجماع سائر الملاك المشتركين بحيث أن رفص أو امتناع أحدهم يكفي لعرقلة ذلك وفي هذا ضمان للحقوق الفردية لهؤلاء.
لكن السؤال المطروح هنا هو مدى إلزامية المادة 22 من القانون 00-18 الخاصة بإجماع الملاك المشتركين في اتخاذ القرار. يقول الأستاذ عبد الحق الصافي في هذا الصدد "لكن لا مانع يمنع من مخالفة هذا النص ذي الطبيعة المكملة في نظرنا وذلك عن طريق تضمين النظام شرطا يقضي بإمكانية اتخاذ مثل هذه القرارات بالأغلبية المزدوجة"[40]، في حين نجد أن بعض الفقه الآخر يستقرئ المادة 20 بصفتها الآمرة وذلك من خلال الصيغة التي جاءت بها إذ استعمل المشرع فيها لفظ "يشترط" التي تقيد الإلزام والوجوب وأردفها بتعداد لعدد من القرارات التي يستلزم فيها الإجماع الشيء الذي لا يمكن من تضمين نظام الملكية المشتركة شرطا يقضي باتخاذ هذه القرارات بأية أغلبية كانت[41].
ونسير نفس اتجاه الرأي الثاني على اعتبار أن هذه القرارات المهمة والخطيرة لا يمكن الحسم فيها إلا بإجماع الملاك المشتركين، وذلك حتى لايتم الإضرار بالحقوق الفردية للملاك. كما أن مضمون المادة 44 ليس فيها أي لبس بخصوص إلزامية الإجماع.
ثالثا: مهام وكيل الاتحاد[42].
يعد دور وكيل الاتحاد في التنظيم القانوني للملكية المشتركة بالغ الأهمية، فعلى عاتقه يقع عبء تدبير العقار المشترك، واعتبره كل من القانونين المغربي والفرنسي بمثابة الجهاز التنفيذي والممثل الرسمي لاتحاد الملاك المشتركين[43].
وقد تعرضت المادة 26 من القانون 00-18 لنوع من التفصيل لاختصاصاته حيث يعتبر المسؤول الأول عن حسن إدارة وتسيير الملكية المشتركة، مما يدعو إلى حسن اعتباره، فهو جهاز دائم الوجود بينما لاينعقد الجمع العام إلا نادرا[44].
وبالتالي فإن وكيل الاتحاد يمارس المهام والاختصاصات التالية:
وبذلك ترجع لوكيل الاتحاد تمثيل اتحاد الملاك المشتركين أمام المحاكم كمدعى عليه (مثلا في مواجهة دعوى أحد مأجوري الاتحاد المطالب قضائيا بحقوقه) أو كمدع ضد أحد الملاك المشتركين الذي رفض أداء حصته في التكاليف المشتركة، أو ضد المقاول في البناء الذي لم ينفذ التزاماته في القيام بترميم أحد الأجزاء المشتركة في البناء[49].
ويتوقف حق الوكيل في تمثيل الاتحاد أمام القضاء على إذن خاص يقرره الجمع العام.
ويمكنه كذلك وبمبادرو منه أن يشرع في الأشغال المستعجلة كلما كانت للتأخير في المشروع في هذه الأشغال (صيانة أو إصلاحات) عواقب وخيمة على العقار[51].
وفي كل الأحوال يتعين على المأمور كوكيل للاتحاد أن يقدم لأول جمع عام منعقد كل البيانات والإيضاحات المتعلقة بالمبادرات التي أقدم عليها[52].
وتتجلى هذه الوثائق فيما يلي:
ويعمل وكيل الاتحاد في الغالب على تسيير جلسات الجمع العام وتحرير محاضر[55].
ج- الوظيفة الحسابية والمالية لوكيل الاتحاد:
يقوم وكيل الاتحاد بدور أساسي في الحياة المالية لاتحاد الملاك المشتركين[56]، وطبقا للمادة 26 من قانون 00-18، يستخلص الوكيل التكاليف المشتركة، ويمسك المخزون المالي المشترك، ويسهر على إعداد محاسبة من شأنها توضيح الوضعية الماليةلكل مالك مشترك، كما يعمل على إعداد الميزانيات التقديرية والأرصدة المالية الخاصة ويعرض ذلك لتصويت الجمع العام.
كما أنه يخول وصلا للمالك المشترك الذي يعتزم بيع محله، كما يفيد براءة ذمته المالية في مواجهة الاتحاد[57].
كما يمكن لوكيل[58] الاتحاد فتح حساب بنكي باسم الاتحاد من أجل تدبير مالي ومحاسبي مستقل وواضح بكل اتحاد للملاك[59].
خاتمة:
يتضح ممن خلال ما سبق أن المشرع المغربي من خلال القانون 00-18 نهج اتجاها مزدوجا في إدارته للملكية المشتركة، فمن جهة عمل على تدعيم الحقوق الجماعية في سبيل المصلحة العليا للعقار وذلك ما يظهر من خلال بعض المقتضيات المشار إليها سلفا، ومن جهة أخرى عمل على تعزيز سلطة نظام الملكية المشتركة كضابط للعلاقة بين الإرادة الجماعية المتمثلة في اتحاد الملاكوكل مالك مشترك والحفاظ على الحقوق الفردية للملاك المشتركين من جهة ثانية.
فالملاحظ أن القانون 00-18 جاء ببعض المقتضيات القانونية الجديدة والتي لم يكن منصوصا عليها في ظهير 1946 كتمتعه (الاتحاد) بشخصية معنوية في نص صريح (ظهير 1946 كان يقر بشخصية معنوية ضمنية) كما أن ظهير 1966 كان يحيل فيما يخص مسؤولية الاتحاد على القواعد العامة في قانون الالتزامات والعقود. أما القانون 00-18 فقد نص على مسؤولية الاتحاد من خلال المادة 13 سائرا سير نظيره الفرنسي.
كما أن القانون 00-18 تطرق للجمع العام وحدد صلاحياته واختصاصاته وبعض الجوانب المتعلقة بتنظيمه إلا أن ما يعاب على المشرع أنه وبخصوص القواعد التي تنظم سيره بقي دوره محتشما بحيث لم يضبطها بتفصيل محيلا في ذلك في المادة 17 على نظام الملكية المشتركة على عكس المشرع الفرنسي الذي خصها بتنظيم دقيق، فأهمية الجمع العام في اتخاذ القرارات كان يستدعي قواعد آمرة لسير أعماله ضمانا للتوازن بين مصالح الملاك المشتركين.
كما أنه من الناحية العملية نجد عدم اهتمام المجتمع المغربي على مستوى العمارات بإدارات الملكية المشتركة حيث نجد أن أغلبية الملاك المشتركين لا يحضرون الاجتماعات كما أن الوكيل هو الذي يتحمل المسؤولية في تسيير العمارة مما يستدعي أدوارا تحسيسية بهذه الإدارة.
نظرا للنمو الديموغرافي الذي شهده المغرب في النصف الأخير من القرن 20 والتغييرات الاقتصادية والاجتماعية التي واكبته نتج عن ذلك بروز ظاهرة الهجرة من البادية إلى المدينة وقد صاحب ذلك نمو متسارع للحواضر، وتوسع في العمران، وارتفاع في أثمنة العقارات نتيجة الضغط المتزايد للطلب من أجل تغطية حاجيات السكن.
كما لوحظ انتشار متزايد للملكية المشتركة في بلادنا في عدة مدن كالدار البيضاء، الرباط، فاس، طنجة، أكادير...
لذا كان على المشرع المغربي مواكبة هذا التطور الحاصل من خلال إعادة النظر في القانون المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المقسمة إلى شقق ظهير 16 نونبر 1946، الشيء الذي نتج عنه صدور قانون جديد تحت رقم 00-18 مواكبا في ذلك التطورات الحاصلة في ميدان السكن.
فقانون 00-18 تعرض بتفصيل لنظام الملكية المشتركة باعتباره ميثاقا جماعيا يهتم بتنظيم الحياة في إطار الملكية المشتركة ويحدد ويضبط حقوق والتزامات الملاك المشتركين وينظم إدارة الحياة اليومية للعقار المشترك الملكية.
فكل ذلك يرتب وجود تسيير وتدبير يومي معقلن لأجزاء الملكية المشتركة بعضها في الملكية الخاصة المفرزة يتولاه المالك المشترك والبعض الآخر هو الجزء الشائع ملكيته بين الملاك كافة مما يستدعي في هذا الأخير تدبيرا جماعيا في تسيير شؤونه لتداخل التزامات وحقوق بين مختلف ساكنة العمارة. الشيء الذي عمل عليه قانون 00-18 أي تنظيم إدارة الملكية المشتركة عن طريق أجهزة تقريرية وتنفيذية تمكنه من حسن القيام بأهدافه.
وقد خص المشرع المغربي لإدارة الملكية المشتركة من خلال قانون 00-18 مجموعة من المواد تنظم وتبين تدابير إدارة الملكية المشتركة وذلك من خلال المادة 13 إلى المادة 30 من القانون 00-18.
ومن المعلوم أن ظهير 16 نونبر 1946 كان قد وضع الأسس القانونية التي تقوم عليها الملكية المشتركة وهكذا بعد أن نظم هذه الملكية على المستوى الفردي بتوضيحه لحقوق وواجبات الملاك المشتركين على مختلف أجزاء العقار قام بتحديد قواعد الحياة الجماعية داخلها بإحداث جمع عام في إطار "اتحاد للملاك المشتركين" كما أحدث ممثلا لهذا الاتحاد في شخص وكيله ونص على وضع نظام الملكية المشتركة إلى غير ذلك من المقتضيات إلا أن هذا التنظيم كان قاصرا وقد تم انتقاده بسبب عجزه عن إيجاد الوسائل الكفيلة لمواجهة المشاكل التي تعرفها إدارة الملكية المشتركة. الشيء الذي حاول المشرع استدراكه من خلال القانون 00-18.
وقد خصت العديد من الكتابات المهتمة بنظام الملكية المشتركة حيزا هاما في حديثها عن إدارة هذا الأخير من بينهم: مارسيل يوماري (تعريب إدريس ملين)، عبد الحق صافي، الوكاري محمد، بونبات... .
وتكمن أهمية هذا الموضوع من الناحية النظرية أنه يحدد من خلال القانون 00-18 لمقتضيات إدارة الملكية المشتركة الذي ينشأ بقوة القانون في الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة وذلك عن طريق بيان أجهزة هذا الاتحاد الذي يكونه الملاك المشتركين وكيفية عمله.
أما من الناحية العملية فإنه يبين حقوق وواجبات هؤلاء الملاك خصوصا إذا علمنا أنه على المستوى الواقعي قد تتداخل هذه الواجبات والحقوق. والإشكال المطروح من خلال هذا الموضوع هو:
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال القانون 00-18 أن ينظم إدارة الملكية المشتركة؟ وهل استطاع التوفيق بين المصالح الفردية والجماعية من خلال إدارة وتسيير هذه الملكية؟
في إطار مقاربتنا لهذا الموضوع اعتمدنا على تصميم استقرائي تحليلي .
وحتى يتأتى لنا الإجابة عن الإشكالية المطروحة قمنا بتقسيم هذا الموضوع إلى محورين ناقشنا في المحور الأول:اتحاد الملاك المشتركين أما المحور الثاني فقد عالجنا فيه الجمع العام لاتحاد الملاك المشتركين، وكل ذلك استدعته طبيعة الموضوع.
المحور الأول: اتحاد الملاك المشتركين
ينشأ اتحاد الملاك المشتركين بقوة القانون طبقا للمادة 13 من القانون 00-18 بغرض الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة، ويتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة (أولا)، ويمارس مجموعة من الاختصاصات المخولة له بقوة القانون، كما يتحمل مسؤولية الإخلال بها (ثانيا).
1) الشخصية المعنوية لاتحاد الملاك المشتركين ونطاقها
جاء في المادة 13 من القانون 00-18 على أنه "ينشأ بقوة القانون بين جميع الملاك المشتركين في ملكية عقارات مقسمة إلى شقق وطبقات ومحلات..." ويمثل جميع الملاك المشتركين ويتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي يكون الغرض منه الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة[1].
ويترتب عن اعتراف المشرع بهذه الشخصية مجموعة من الآثار () التي يترتب عليها حدود ونطاق ( ).
الآثار المترتبة عن الإعتراف بالشخصية المعنوية لاتحاد الملاك:
- الذمة المالية المستقلة: إن الغرض من إنشاء اتحاد الملاك المشتركين هو الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة، ولتحقق هذا الغرض لابد من توفره على الأموال اللازمة للنهوض بهذه المهام، أي ذمة مالية مستقلة تتكون من عناصر إيجابية وأخرى سلبية. فالعناصر الإيجابية تتشكل من الاشتراكات والتسبيقات المالية التي يقدمها الملاك المشتركون لمواجهة تكاليف إدارة الأجزاء المشتركة، والأموال العقارية أو المنقولة التي يمتلكها من أجل القيام بمهامه ضمن مبدإ التخصيص، وأيضا التعويضات التي قد تقضي بها المحكمة لفائدته ومصادر الدعم الأخرى كالتبرعات والهبات.
- أهلية التعاقد:
- التقاضي أمام القضاء:
ويتم ذلك بواسطة وكيل الاتحاد الذي يمثله في التصرفات القانونية والمدنية، وذلك طبقا للمادة 26 من القانون 00-18 في بندها الأخير التي تنص على أنه من مهام وكيل الاتحاد "...تمثيل الاتحاد لدى المحاكم بإذن خاص من الجمع العام" والذي تقابله في القانون الفرنسي المادة 18 من قانون 10 يوليوز 1965. وهكذا مثلا يمكنه إقامة دعوى قضائية ضد أي واحد من الملاك المشتركين لإلزامه بالتقيد بواجباته واحترامها[4]، كما أنه قد يرفع دعواه في مواجهة الغير كالمقاول الذي يتحمل مسؤولية الإخلال بالأشغال التي تعاقد من أجل إنجازها على الأجزاء المشتركة، كما قد يتقاضى ضد الغير المسؤول عن الإضرار بالأجزاء المشتركة[5].
أيضا من الجائز أن ترفع على الإتحاد دعوى من قبل الغير كوكيل الاتحاد أو الحارس الذين يطالبان بدفع الأجور المستحقة لهما، كما يجوز لأحد ـ أو بعض ـ الملاك المشتركين مقاضاة الاتحاد لجبر الأضرار المترتبة عن إهمال في تدبير وصيانة الأجزاء المشتركة، أو عما ينجزه من إصلاحات للبناء أو أشغال للحفاظ عليه[6].
2) نطاق الشخصية المعنوية لاتحاد الملاك المشتركين
يرافق نشأة اتحاد الملاك بقوة القانون ودون الحاجة لأي تدخل مباشر من قبل الملاك المشتركين إحداث الملكية المشتركة بعقار مبني ما. ويتمتع هذا الاتحاد بالشخصية المعنوية ما دامت الملكية المشتركة قائمة، وهو يستمر إلى أن يقع هدم العقار أو زوال الملكية المشتركة، ذلك أنه بهدم العقار يصبح وجود الاتحاد دون جدوى إلا إذا اتفق الملاك المشتركون على إعادة بنائه طبقا للمادة 45 من القانون 00-18 المغربي، والمادة 33 من قانون 1965 الفرنسي، كذلك يزول اتحاد الملاك حينما تصبح جميع أجزاء العقار المشترك في ملكية شخص واحد حيث تنمحي الشروط المتطلبة في المادة الأولى من القانونين معا (1965 الفرنسي و 00-18 المغربي) لانطباق الملكية المشتركة[7].
وقد أشار كثير من الفقهاء إلى أن الاتحاد يتوفر على شخصية معنوية محدودة النطاق، فهناك من يرى أن الأساس القانوني لهذه الشخصية غير حاسم، فدخول المالك المشترك في عضوية الاتحاد، وإن كان إلزاميا، فهو تابع لقراره الحرلشراء محل في العقار المشترك، كما أن الهدف الذي يسعى إليه يظل فرديا وهو امتلاك محله، ولا يهدف إلى الاشتراك كما هو الشأن بالنسبة للشركة، فالاتحاد لا يملك العقار المشترك بل هو لا يملك حتى الأجزاء المشتركة فيه. كما أن الشخصية المعنوية التي يتوفر عليها تعتبر مجرد تقنية تسهل تدبير العقار، وتهدف إلى إعداد وتنظيم حقوق الملاك المشتركين المتنافسة والتي تكون من طبيعة واحدة[8].
وتتجلى حدود هذه الشخصية المعنوية في عدد من المظاهر، أهمها:
- بالنسبة للذمة المالية لاتحاد الملاك المشتركين:
فعدم توفر الاتحاد على حق ملكية العقار يفسر الصعوبات التي يواجهها دائنوه الذين لا يمكنهم حجز العقار المشترك[11].
- كذلك إذا كان الاتحاد يتوفر على أهلية التعاقد، فإن المتعاقدين معه (المقاولون خاصة) يتعين عليهم اتخاذ الحيطة والحذر ـ بالنظر للذمة الضعيفة التي يتوفر عليها ـ وذلك بطلبهم ضمانات لتسوية ديونهم، حيث لم يبق لهم ـ في حالة عدم أداء ديونه ـ إلا ممارسة دعوى غير مباشرة ضد الملاك المشتركين بحسب حصة كل واحد منهم في العقار المشترك[12].
- تقيد نشاط اتحاد الملاك المشتركين بمبدإ التخصص:
وتبعا لذلك فإنه يستطيع الاتحاد شراء أحد الأجزاء المشتركة في البناء لتكون مسكنا للحارس أو مقرا للاجتماعات، وشراء بعض المواد والأجهزة المستعملة في التنظيف ولكن في مقابل ذلك لا يحق له القيام بأعمال تجارية بقصد المضاربة وتحقيق الربح، لكونه لا يتوفر على مصادر ذاتية للتمويل، بل تمول ذمته المالية مباشرة من التسبيقات والاشتراكات التي يقدمها الملاك المشتركون.
- إذا كان الاتحاد يمكنه أن يبرم تصرفات قانونية تنشئ حقوقا عينية عقارية، أو تكسب حقوقا عقارية بقرار يتخذه الجمع العام بإجماع الملاك المشتركين طبقا للمادة 22 من القانون 00-18، فإنه لا يجوز له أن ينشئ رهنا رسميا على العقار الذي يشتريه ويظل جزءا مفرزا في ملكيته، لانعدام النص القانوني الذي يخوله ذلك، ولا على الأجزاء المشتركة أو العقار المشترك برمته ما دام أنه لا يملكه، حيث يتعين عليه في هذه الحالة الأخيرة الحصول على ترخيص بذلك من قبل جميع الملاك[14].
ثانيا: اختصاصات اتحاد الملاك المشتركين ومسؤوليته
- اختصاصات اتحاد الملاك
فالمادة 13 في فقرتها الأولى من القانون 00-18 تحث على دور اتحاد الملاك والغرض الأساسي من نشأته إذ هو "الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة". وبذلك فإن دور اتحاد الملاك واختصاصه الرئيسي يتجسد في هذا الغرض باعتباره ممثلا لمجموع أعضائه. وبالإضافة إلى هذا الاختصاص المحدد قانونا (الغرض) فإنه من الضروري أن تظل اختصاصات الاتحاد مقيدة باحترام الحقوق الفردية للملاك وبضرورة التقيد بأحكام نظام الملكية المشتركة.
فحتى يقوم الاتحاد بممارسة الاختصاصات المنبثقة من الغرض المعد له فذلك يستدعي إحداث وتنظيم سير بعض الأجهزة حتى تمكنه من القيام باختصاصاته والتي تتمثل في الجمع العام، ووكيل الاتحاد، مجلس الاتحاد فمن خلال هذه الأجهزة يقوم اتحاد الملاك بتنفيذ اختصاصاته لذا سنقوم ببحث بعض هذه الاختصاصات في معرض حديثنا عن الجمع العام.
وجدير بالذكر أن هذه الاختصاصات (وكما أشرنا سالفا) أنها تظل مقيدة باحترام الحقوق الفردية للملاك المشتركين وبالخصوص لأحكام نظام الملكية المشتركة.
مما يستدعينا على الحديث على القيود التي تحد من اختصاصات اتحاد الملاك ومنها:
- ضرورة التقيد بأحكام نظام الملكية المشتركة إذ نصت المادة 9 من القانون 00-18 "يعتبر باطلا كل شرط في نظام الملكية المشتركة يفرض قيودا على حقوق الملاك المشتركين في الأجزاء المفرزة لكل واحد منهم باستثناء ما يتعلق بتخصيص العقار المشترك وبخصوصياته وموقعه".
- ضرورة احترام الحقوق الفردية للملاك المشتركين، فحقوقهم على أجزائهم المفرزة والمحددة في نظام الملكية المشتركة تلزم اتحاد الملاك إذ لا يمكنه أن يمارس أية سلطة على ملكية هذه الأجزاء وإدارتها.
- حصر اختصاصات الاتحاد في إدارة الأجزاء المشتركة والحفاظ على العقار، فالأجزاء المشتركة تعتبر مملوكة على الشياع بين المشتركين إذ ويتم استعمالها بشكل يومي مما يقتضي ضرورة تسييرها وتدبير شؤونها بدقة وذلك ما يقع على عاتق اتحاد الملاك بالإضافة إلى الحفاظ على العقار برمته وذلك عن طريق أجهزته (المادة 20 من القانون 00-18 المهام المنوطة بالجمع العام). كما أن الاتحاد لا يعد مالكا للأجزاء المشتركة وبالتالي فليس له حق التصرف فيها في المسائل المتعلقة بإدارتها والانتفاع بها[16].
- مسؤولية اتحاد الملاك المشتركين
- المسؤولية الخاصة لاتحاد الملاك المشتركين:
فالمادة 89 تنص "يسأل مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره أو تهدمه الجزئي، إذا وقع هذا أو ذاك بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء ويطبق نفس الحكم في حالة السقوط أو التهدم الجزئي لما يعتبر جزءا من العقار كالأشجار والآلات المندمجة في البناء والتوابع الأخرى المعتبرة عقارات بالتخصيص، وتلزم المسؤولية صاحب حق السطحية إذا كانت ملكية هذا الحق منفصلة عن ملكية الأرض.
وإذا التزم شخص غير المالك برعاية البناء إما بمقتضى عقد أو بمقتضى حق انتفاع أو أي حق عيني آخر يحمل هذا الشخص المسؤولية.
فبالرجوع إذن إلى المادة 13 من القانون 00-18 نجدها تحمل المسؤولية لاتحاد الملاك أما المادة 89 من ق.ل.ع فتحمل المسؤولية لمالك البناء. لكن وحيث أن اتحاد الملاك المشتركين يقع على عاتقه واجب المحافظة على العقار وتدبير أجزائه المشتركة وحيث أن الفقرة 2 من الفصل 89 من ق.ل.ع تنص على أنه "إذا التزم شخص غير المالك برعاية البناء تحمل هذا الشخص المسؤولية"، وحيث أن اتحاد الملاك المشتركين يعد في هذه الحالة مسؤولا عن الحفاظ عليه فإنه يكون مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه[18].
كما أن الفصل 89 يستلزم "انهيار البناء أو تهدمه الجزئي" مما يفسر تضييق مجال المسؤولية على عكس الفصل 13 من القانون 00-18 الذي وسع نطاق المسؤولية لتشمل الأضرار التي تنتج عن إهمال في تسيير الأجزاء المشتركة أو صيانتها أو عما يقوم به من إصلاحات للبناء أو أعمال للحفاظ عليها. فتنبني المسؤولية من خلال الفصل 89 من ق.ل.ع على أساس خطأ مفترض في جانب الاتحاد لكن ما يجدر بيانه أن هذا الخطأ المفترض ليس قاطعا بل يمكن دحضه بإثبات أحد الأمرين:
إما بإثبات أن التهدم الكلي أو الجزئي لم يكن بسبب نقص الصيانة أو العيب في البناء وإنما بسبب لا دور للاتحاد فيه (نشوب حريق في البناء أدى إلى سقوطه)، حيث يتم الرجوع هنا على المتسبب.
وإما بإثبات أن الانهيار تم نتيجة لأسباب أجنبية لا دخل للاتحاد فيها كالقوة القاهرة (الزلزال).
أما المادة 13 من القانون 00-18 فتنبني فيها المسؤولية على كون الضرر الناتج عن ذلك حصل جزء من الأجزاء المشتركة أو بإحدى التجهيزات المشتركة (كما هو الحال في حالة الضرر الحاصل لأحد الأشخاص نتيجة سقوطه بدرج العقار المشترك بسبب عدم صيانته ويتعين أن يكون الضرر واقعا بسبب أحد الأجزاء المشتركة لا ناتجا عن أجزاء مفرزة. وحالة الفيضان للمياه بالعقار المشترك نتيجة في عيب للقنوات المشتركة)[19].
وعلى أي حال استنادا على الشخصية المعنوية التي يتمتع بها اتحاد الملاك المشتركين فدعاوى المسؤولية هاته توجه ضد وكيله باعتباره ممثلا له، فإذا كان المتضرر هو مكتري أحد المحلات من أحد الملاك المشتركين فيمكنه متابعة المالك بناء على المسؤولية العقدية والذي بدوره يمكنه الرجوع على اتحاد الملاك وإما رفع دعوى المسؤولية التقصيرية بناء على مقتضيات المادة 13 من القانون 00-18 في حالة الضرر الناتج عن إهمال الصيانة أو في تسيير الأجزاء المشتركة.
كما يمكن للمتضرر مطالبة الاتحاد بالتعويض عن الأضرار التي قد تلحقه جراء التصرف من قبل أحد الملاك أو وكيل الاتحاد بناء على مقتضيات المادة 26 من القانون 00-18 التي تستلزم منه القيام بالإصلاحات الاستعجالية للحيلولة دون وقوع أضرار بالغير، وكذلك بناء على مقتضيات المادة 35 التي أعطت للمالك الحق في مقاضاة اتحاد الملاك نتيجة الأشغال التي يقوم بها فيتسبب له في الأضرار.
- مسؤولية الاتحاد طبقا للقواعد العامة:
ب-1- مسؤولية الاتحاد عن فعل العقار طبقا للفصل 88 من ق.ل.ع
ينص الفصل 88 من ق.ل.ع " كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر وذلك مالم يثبت:
1- أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر.
2- وأن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو لقوة قاهرة أو لخطأ المتضرر".
فالمادة 13 من القانون 00-18 لم ترديها أية مقتضيات تستبعد صراحة اللجوء إلى القواعد العامة وبالتالي فإن للمتضرر من فعل العقار المشترك الخيار بين إقامة دعواه استنادا على المادة 13 من القانون 00-18 إذا أثبت بأن الضرر ناتج عن جزء مشترك في العقار أو عن إحدى تجهيزاته المشتركة أو أن يبني دعواه على أساس الفصل 88 من ق.ل.ع إذا لم يستطع إثبات ذلك لكن بشرط أن يكون ـ في هذه الحالة ـ الشيء المتسبب في الضرر تحت حراسة اتحاد الملاك أن يكون مرتبطا بالعقار المشترك وأن لا تتحقق شروط الفصل 89 ق.ل.ع خاصة منها أن يكون الضرر غير ناتج عن تهدم العقار[20].
وكما هو معلوم فقد تشدد المشرع المغربي مع حارس الشيء حينما منع عليه التحلل من المسؤولية المنصوص عليها في الفصل 88 من ق.ل.ع إلا بإثباته أمرين معا: إثبات الحارس للسبب الأجنبي (القوة القاهرة، الحادث الفجائي، خطأ المضرور) وإثبات أنه فعل ما هو لازم لتجنب وقوع الخطر. وكل ذلك يقع على الاتحاد باعتباره الحارس القانوني.
ب-2- مسؤولية الاتحاد عن فعل تابعيه طبقا للمادة 85 من ق.ل.ع
تنص المادة 85 في الفقرة الثالثة من ق.ل.ع " المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم ومأموروهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها".
من خلال هذا النص يتضح أنه حتى تترتب المسؤولية التقصيرية للاتحاد فإنه لا بد من توافر شرطين:
الشرط الأول: وجود علاقة تبعية بين الاتحاد وتابعه: أي أن يخضع التابع لسلطة ورقابة الاتحاد فينطبق على كل شخص مأجور يشغله الاتحاد ويعمل حسب توجيهاته، كالحارس والبستاني و المكلف بصيانة ونظافة الأجزاء المشتركة، هذا مع العلم أن وكيل الاتحاد ليس تابعا لهذا الأخير بل هو وكيله ما دام يتمتع بنوع من حرية المبادرة والاستقلالية في مباشرة مهامه[21].
كذلك بالنسبة لتابعي وكيل الاتحاد الذين يشغلهم لحسابه إذ لا تربطهم أية علاقة قانونية مع اتحاد الملاك المشتركين.
الشرط الثاني: ارتكاب التابع للفعل الضار أثناء أداء وظيفته أو بمناسبتها
ويندرج ضمن هذا الإطار قيام الحارس أو غيره من التابعين المذكورين خلال قيامهم بمهامهم بأفعال تلحق الضرر بالأجزاء المشتركة أو بأحد الملاك المشتركين أو بالغير[22]. وبذلك تقوم مسؤولية الاتحاد عند إثبات خطأ التابع المحدث للضرر كما في حالة إهمال حراسة العقار وتعرض أحد الملاك المشتركين للسرقة من جراء ذلك مما يستوجب على الاتحاد دفع التعويض للمتضرر مع إمكانية رجوعه على التابع[23].
ب- 3) مسؤولية الاتحاد عن خطأ واجب الإثبات استنادا إلى الفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع.
تنص الفقرة الأولى من المادة 77 "كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح له به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا أثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر" أيضا نصت المادة 78 في فقرتها الأولى على انه "كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه لا بفعله فقط ولكن بخطأه أيضا وذلك عندما يثبت هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر".
فمن خلال هذين النصين يمكن أن تثار مسؤولية الاتحاد إذا أثبت المضرور ثلاثة عناصر: خطأ صادر عن الاتحاد بواسطة أحد أجهزته (الجمع العام، وكيل الاتحاد، مجلس الاتحاد) وضرر مادي أو معنوي ناتج عنه وعلاقة سببية بينهما[24].
وبما أن غاية الاتحاد هي الحفاظ على العقار وإدارة أجزائه المشتركة فقد يتضرر أحد الملاك أو الغير من خطأه في حراسة وإدارة العقار حيث تثار مسؤوليته. والتي تكون مسؤولية تقصيرية استنادا للفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع إذا كان المتضرر من الغير أما إذا كان أحد الملاك المشتركين هو المتضرر فهنا تطبق أحكام المسؤولية التعاقدية طبقا للفصل 263 من ق.ل.ع[25].
المحور الثاني: الجمع العام لاتحاد الملاك المشتركين وسلطة اتخاذ القرارات
يعتبر الجمع العام الجهاز التشاوري لجميع الملاك المشتركين للتقرير بشأن إدارة الأجزاء المشتركة، وهذا ما أشارت إليه المادة 15 من القانون 00-18 بأنه: "يتولى الجمع العام تسيير العقار المشترك وفقا للقانون ولنظام الملكية المشتركة".
ويعد الجمع العام الجهاز الأسمى في الملكية المشتركة، يتعين احترام قراراته والتقيد بها من قبل وكيل الاتحاد وجميع الملاك المشتركين[26]. في إطار تنظيم الجمع العام نجد الظهير الملغي لم يتطرق إلى كيفية تنظيم الجمع العام تاركا الأمر لنظام الملكية المشتركة، بينما القانون 00-18 تطرق إلى كيفية الجمع العام وحدد صلاحياته وسلطاته وبعض الجوانب المتعلقة بتنظيمه، لكن يتبين من خلال الرجوع إلى القانون 00-18 أن هناك مجموعة من النقط لم يتطرق إليها القانون وقام بإحالتها على نظام الملكية المشتركة.
وبالتالي سنقسم هذا المحور إلى عنصرين: سنخصص الأول للقواعد المنظمة للجمع العام، ثم نبحث في سلطات الجمع العام في اتخاذ القرارثانيا.
أولا: القواعد المنظمة للجمع العام للملاك المشتركين
كما سبقت الإشارة إلى ذلك فظهير الملغي لم ينظم قواعد الجمع العام وإنما ترك ذلك لنظام الملكية المشتركة، وذلك عكس قانون 00-18 نجده نظم بعض الأحكام المتعلقة بدعوة الجمع العام وتنظيم اجتماعاته في المادتين 16 و 17
دون تفصيلها، ولم يتطرق كذلك إلى كيفية تسيير أعمال الجمع العام وبالتالي يتعين الرجوع إلى نظام الملكية المشتركة.
وبناء على ما سبق سنقسم القواعد المنظمة للجمع العام إلى تكوين الجمع العام (1)، ثم كيفية استدعاء وعقد جلسات الجمع العام (2).
- تكوين الجمع العام:
- العضوية الإجبارية للمالك المشترك بقوة القانون:
وإذا كان المالك المشترك يعد عضوا بقوة القانون في الجمع العام فإن ذلك لا يعني إجباره على حضور اجتماعاته، فهو حر في اختيار مشاركته فيه أو في الامتناع عن الحضور، وذلك بالرغم مما يتبين من ظاهر الفقرة الأولى من المادة 14 من قانون 00-18 التي جاء فيها: "...ويتعين عليه المشاركة في أعمال الاتحاد ولا سيما في القرارات التي يتخذها الجمع العام بالتصويت"، وبالتالي فغياب المالك المشترك عن اجتماعات الجمع العام ينتج عن هذا الغياب عرقلة إدارة العقار المشترك وبالتالي يكون لها آثارا سلبية على سير الجموع العامة[27]. وتتاح الفرصة لوكيل الاتحاد من أجل الاستحواذ على كل السلط والتوسع في القيام بمهام الإدارة بإرادته المنفردة.
ومن هذا المنطلق أجاز المشرع إمكانية تمثيل المالك المشترك من الاتحاد لتفادي مسألة التغيب عن اجتماعات الجمع العام والتي لها آثار وخيمة على إدارة العقار المشترك.
- تمثيل المالك المشترك في الجمع العام:
وبالتالي يمكن أن يمثل المالك المشترك في الاتحاد إما تمثيلا اتفاقيا وإما قضائيا وإما شرعا بالإضافة إلى حالات خاصة.
بالنسبة للتمثيل الاتفاقي: يمكن للمالك المشترك أن يفوض غيره لتمثيله في الجمع
العام، والتصويت نيابة عنه على القرارات المتخذة في إطاره، ويكون هذا التفويض بوكالة خاصة[28]. ومن خلال الرجوع إلى المادة 14 من القانون 00-18 نجد أن هذه المادة لم توضح ما إذا كان الوكيل ينبغي أن يكون من الملاك أم من الغير، ويستشف أيضا من الفقرة الرابعة من المادة 14 من نفس القانون أن للمالك صلاحية اختيار الوكيل من الغير ما لم ينص نظام الملكية المشتركة على عكس ذلك.
وإذا كانت الوكالة تتم أصلا بتراضي الطرفين، أي أنها عقد رضائي طبقا للمادة 883 من ق.ل.ع.م فإن المادة 14 حرصت أن يكون التفويض كتابة، وذلك تجنبا لكل مشكل قد يثور بخصوص وجود هذه الوكالة أو مضمونها[29].
وفي إطار المقارنة بين الظهير الملغي والقانون 00-18 في تمثيل المالك المشترك، نجد الظهير الملغي كان يوكل لشخص واحد مهمة تمثيل كثير من الملاك، أما بالنسبة للقانون 00-18 نص على أنه لا يجوز تكليف شخص واحد بأن يمثل أكثر من مالك مشترك.
وأمام صمت المشرع بخصوص إمكانية إنابة وكيل الاتحاد على أحد الملاك، فإن الرأي الراجح يقضي بمنع الإنابة في نظام الملكية المشتركة، وذلك تجنبا لتداخل سلطات الأجهزة المكلفة بإدارة وتدبير الملكية المشتركة[30].
بالنسبة للتمثيل القانوني: يتعلق الأمر في هذا التمثيل بفرضيتين لم ينص عليهما المشرع في المادة 14 من القانون 00-18 المتعلق بنظام الملكية المشتركة.
- تتمثل الفرضية الأولى في:
- تتمثل الفرضية الثانية في:
أما بالنسبة للتمثيل الشرعي للمالك المشترك:
لم يتعرض المشرع لهذه الحالات من التمثيل في إطار المادة 14 من القانون00-18، وتتمثل هذه الحالة في حالة القاصر الذي يملك جزءا من العقار المشترك، وبالتالي لتمثيل القاصر يتعين الاحتكام إلى القواعد العامة التي يعود أمر تمثيله في الجمع العام لنائبه الشرعي الذي له الولاية حسب المادة 233 من مدونة الأسرة 2004.
- وضعيات خاصة لتمثيل المالك المشترك:
بالنسبة للحالة التي يكون فيها الجزء المفرز موضوع حق انتفاع من له حق الحضور والتصويت هل مالك الرقبة أم المنتفع؟
فيما يخص الظهير الملغي كان يقضي بأنه يحق لكل الطرفين الحضور أثناء الاجتماع، لكن بالنسبة للتصويت على القرارات المتخذة عند وجود الاختلاف بينهما يكون حق التصويت للذي قام بسداد حصته من التكاليف المشتركة بصورة فعلية، في حين القانون 00-18 لم يتضمن أي نص مشابه.
في إطار هذه الحالة -اختلاف الطرفين في عملية التصويت والحضور- يرى بعض الفقه بأن يتم تضمين بند في نظام الملكية المشتركة يقضي بإلزامية تعيين وكيل مشترك بين الطرفين من أجل تمثيلهما في الجمع العام[31]. وذلك تفاديا للمشاكل بين الطرفين.
وبالنسبة لحالة العقار المشترك المملوك من قبل شخص معنوي، فإن تمثيل لدى أجهزة الاتحاد يعود لممثله القانوني الذي توجه إليه الاستدعاءات لحضور أشغال الجموع العامة.
ج- توزيع الأصوات بين الملاك المشتركين
تنص الفقرة الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون 00-18 على ما يلي: "يتمتع كل مالك بعدد من الأصوات بحسب حقوقه في جزء العقار المفرز العائد له.
يحدد نظام الملكية المشتركة عدد الأصوات بالنسبة لكل جزء مفرز".
يتضح من خلال الفقرتين أن تحديد عدد الأصوات التي يتوفر عليها كل مالك، مشترك يتعين أن يتناسب مع أهمية حقوقه في العقار المشترك. وهكذا المادة 14 من القانون 00-18 تحدد عدد الأصوات بحسب حقوق المالك في جزء العقار المفرز العائد له. بمعنى أن ذلك العدد يتحدد طبقا للمادة السادسة من نفس القانون على أساس الجزء المفرز العائد له بالنسبة إلى مجموع الأجزاء المفرزة في العقار وذلك عند إنشاء الملكية المشتركة.
تعتبر عملية توزيع الأصوات بين الملاك المشتركين عملية تقنية معقدة، ترتب آثارا مهمة بالنسبة لتطبيق كثير من أحكام الملكية المشتركة، لذلك فقد أصاب المشرع عندما اعتبر المعيار السالف معيارا مكملا يمكن للأطراف تحقيقه أو مخالفته في سندات الملكية[32].
د- أنواع الجموع العامة للملاك المشتركين
يعد الجمع العام الجهاز المقرر لاتحاد الملاك المشتركين، والمعبر عن الإرادة المشتركة للملاك، وهو الآلية الوحيدة التي تملك السلطة اتخاذ القرار في إطار اجتماعاته الفعلية، وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون 00-18 على ما يلي: "ويعقد الجمع العام العادي مرة كل سنة على الأقل، ويمكن عقد جمع استثنائي كلما دعت الضرورة لذلك يدعى إليه جميع الملاك المشتركين".
يلاحظ أن المشرع المغربي نص من خلال مقتضيات المادة أعلاه على نوعين من الجموع العامة: الجمع العادي والجمع العام الاستثنائي.
بالنسبة للجمع العام العادي المنصوص عليه في المادة 16 والتي تجتمع مرة كل سنة للبت في القضايا العادية وتتمثل هذه الأخيرة في الأعمال الإدارة العادية العقار المشترك كتعيين وكيل الاتحاد وعزله أو نائبه، واتخاذ القرارات والتدابير التي تؤدي إلى الحفاظ على سلامة العقار المشترك...
أما بالنسبة للجمع العام الاستثنائي يقوم هذا الجمع أيضا بمجموعة من المهام التي لها طابع هام تتمثل في وضع نظام الملكية المشتركة إن لم يوجد أو تعديله كليا أو جزئيا، وإدخال تحسينات على العقار، كاستبدال أو إضافة أداة أو أكثر من أدوات التجهيز والقيام بتعيين حارس البناية وعزله، وتعيين وكيل الاتحاد بشكل استعجالي...
- كيفية استدعاء وعقد جلسات الجموع العامة
أ- كيفية استدعاء أعضاء الجمع العام:
لم يحدد المشرع بخصوص هذه النقطة تنظيما مفصلا للقواعد التي ينبغي القيام بها للدعوة الاجتماع الجمع العام، وإنما اكتفى بالإشارة فقط إلى بعض الجهات التي يمكنها توجيه الدعوة لانعقاد ذلك الجمع، طبقا للمادة 16 من القانون 00-18.
وقد ارتأينا تناول كيفية استدعاء أعضاء الجمع العامفي النقط التالية: الجهة المكلفة بتوجيه الاستدعاء ثم شكل الاستدعاء وآجال توجيه ومحتوى الاستدعاء .
-الجهة المكلفة بتوجيه الاستدعاء
جاءت مقتضيات المادة 16 من قانون 00-18 واضحة عندما نصت على أن استدعاء أعضاء الجمع العام يتم من قبل مالك شريك أو أكثر ثم أضافت يوجه وكيل الاتحاد دعوة لانعقاد الجمع العام العادي أو الاستثنائي.
وبالتالي فالجهة المكلفة بتوجيه الاستدعاء تتمثل في مالك شريك أو أكثر من مالك أو وكيل الاتحاد.
-شكل الاستدعاء وأجل توجيهه
من خلال الرجوع إلى المادة 30 من القانون 00-18، وبالرجوع أيضا إلى بعض النظم الملكية المشتركة، يتبين أن الاستدعاءات توجه بطريقتين:
- إما برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل توجه إلى المسكن الحقيقي أو المختار للمالك المشترك أو من يمثله.
- عون قضائي يعمل على تبليغ هذا الاستدعاء.
-محتوى الاستدعاء
بالنسبة للبيانات التي ينبغي أن تتوافر في شكل الاستدعاء تنص أغلب نظم الملكية المشتركة على ضرورة تضمين الاستدعاء تاريخ وساعة ومكان اجتماع الجمع العام، وكذلك الإشارة إلى مشروع جدول الأعمال من خلال تدارس النقط المشار إليها في جدول الأعمال.
ب- انعقاد جلسات الجمع العام:
من خلال الرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون 00-18 التي تنص على ما يلي: "ينتخب الجمع العام في كل اجتماع من بين أعضائه رئيسا لتسيير أشغاله، ويعين كاتبا لتحرير المحضر للاجتماع ويتداول في القضايا المدرجة في جدول أعماله بعد المصادقة عليه"، يتبين أن هذه الفقرة جاءت مقتضياتها بشكل مقتضب وبالتالي يتعين الرجوع إلى نظام الملكية المشتركة من أجل ضبط أحكام انعقاد جلسات الجمع العام.
وعلى ضوء ما سبق سنقوم ببحث سير عمل جلسات الجمع العام، وذلك في النقط التالية: إعداد ورقة الحضور، وتعيين رئيس وحاسبين وكاتب الجلسة ، والمداولات والتصويت على القرارات وتحرير وتوقيع محضر الجلسة :
- ورقة الحضور:
يعمل الكاتب على إعداد ورقة حضور، تتضمن هذه الورقة الإسم العائلي والشخصي وعنوان كل مالك مشترك أو نائبه، والإشارة إلى عدد الأصوات التي يتوفر عليها، وتوقع هذه الورقة عند افتتاح الجلسة من قبل كل مالك مشترك أو نائبه، ويشهد على صحتها رئيس الجلسة، تعتبر هذه الورقة حجة قاطعة على صحة القرارات المتخذة.
- تعيين رئيس وحاسبين وكاتب للجلسة:
يستنتج من الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون 00-18 أن الجمع العام ينتخب في كل اجتماع من بين أعضائه رئيسا لتسيير أشغاله، ويعين كاتبا لتحرير محضر الاجتماع، وبالنسبة لتعيين حاسبين لم تنص المادة السالفة الذي على ضرورة وجودهما. وبالتالي سنبحث في الحالات الواردة في المادة السابقة مع الإشارة إلى الحالة الأخيرة لما لها من دور في نظام الملكية المشتركة.
- تعيين رئيس الجلسة:
- تعيينكاتبللجلسة:
- تعيين حاسبي الأصوات:
- المداولات والتصويت على القرارات:
نصت المادة 17 من القانون 00-18 في الفقرة الثانية على أنه: "ينتخب الجمع العام...ويتداول في القضايا المدرجة في جدول أعماله..."، وبذلك لا تعتبر المداولات صحيحة إلا إذا تعلقت بالقضايا المدرجة في جدول أعمال الجمع العام، وهكذا يقوم رئيس الجلسة بعرض للنقط المتداولة والتصويت عليها كل واحدة على حدة[35]. ويكون التصويت بشكل علني.
- تحرير وتوقيع محضر الجلسة:
بعد اختتام الجلسة يقوم كاتب الجلسة بتحرير محضر الاجتماع، يوقعه الرئيس وأعضاء مكتب الجمع العام والكاتب، ويشكل هذا المحضر شهادة على صحة كل من المداولات والقرارات التي تم التوصل إليها أثناء عقد الاجتماع، ويتعين على كاتب الجلسة أن يوضح كل التوضيحات وكذا البيانات التي تمكن من تأمين احترام حقوق سائر الملاك المشتركين.
كما يتعين على كاتب الجلسة أن يشير إلى كل النتائج المتعلقة بالتصويت وعدد المشاركين فيه، وعدد الأصوات المعبر عنها، وعدد الموافقين والمعارضين أو الممتنعين.
وتعتبر المحاضر المكتوبة والموقعة صحيحة إلى حين وجود حجة مخالفة، وفي حالة ما إذا إدعى أحد الملاك إلى وجود خروقات يتعين عليه إثبات ذلك.
ويبلغ المحضر الاختتامي إلى كل الملاك وهذا ما تعرضت له المادة 30 من قانون 00-18، وألزمت بذلك الوكيل الاتحاد ومن يليه، داخل أجل 8 أيام، ويتم هذا التبليغ برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بواسطة عون قضائي.
ثانيا: سلطات الجمع العام في اتخاذ القرارات
من خلال الرجوع إلى القانون 00-18 المتعلق بقانون الملكية المشتركة نجد هذا الأخير قام بتحديد القواعد المتعلقة باتخاذ القرار من قبل الجمع العام في المواد 18 إلى 22، واتخاذ القرار يكون بالأغلبية وهي على نوعين تختلف بحسب طبيعة وأهمية القرارات اللازم اتخاذها بالإضافة لذلك اشترط ايضا الاجماع في مجموعة من القرارات الهامة والتي حددها قانونا.
بناء على ما سبق سوف نقسم سلطات الجمع العام إلى عنصرين، ستتناول القرارات التي يتخذ الجمع العام فيها القرار بالأغلبية(1)، ثم القرارات التي يتخذ فيها الجمع العام القرار بالإجماع(2)
- اتخاذ القرار بالأغلبية:
بالنسبة للأغلبية المطلقة:
تنص المادة 18 من القانون 00-18 المغربي بأنه: "يتخذ الجمع العام القرارات والتدابير المتعلقة بتطبيق نظام الملكية المشتركة، وبصفة عامة تلك الخاصة بتسيير العقار المشتركة ملكيته بالأغلبية المطلقة لأصوات الملاك المشتركين الحاضرين أو الممثلين ما لم ينص على خلاف ذلك في نظام الملكية المشتركة.
وإذا لم يتوفر نصاب النصف أصوات الملاك المشتركين في الاجتماع الأول، يتم في أجل ثلاثين يوما انعقاد جمع عام ثاني تتخذ فيه القرارات بالأغلبية المطلقة للأصوات الملاك المشتركين الحاضرين أو الممثلين".
يستشف من هذه المادة أن المشرع تبنى مبدأ الأغلبية المطلقة لأصوات الملاك المشتركين، حيث أن هذا المبدأ يطبق بالخصوص على جميع القرارات التي يتخذها الجمع العام، ولا يستثنى من تطبيقها إلا ما تم الإشارة إليه في المادة 21 والتي قرر المشرع فيها الأغلبية القوية ¾، وكذا القرارات التي يشترط فيها إجماع الملاك.
وبالتالي فالأغلبية المطلقة تطبق على القرارات والتدابير الواردة في المادة 18 و 19 من القانون 00-18.
بالنسبة للأغلبية ثلالثة أرباع: "الأغلبية القوية"
فيما يخص القرارات التي يكفي فيها توفر ثلاثة أرباع أصوات الملاك هي تلك القرارات التي أشار إليها المشرع ضمن المادة 21 من القانون 00-18 وتتمثل في:
- وضع نظام الملكية المشتركة إن لم يكن موجودا أو تعديله عند الاقتضاء،
- إدخال تحسينات على العقار كاستبدال أو إضافة أداة أو أكثر من أدوات التجهييز واتخاذ ما يلزم لتسيير تنقل الأشخاص المعاقين.
- تعيين حارس للبناية وعزله وتحديد شروط عمله وكذا توفير محل لإقامته.
- مراجعة توفير التكاليف المشتركة المنصوص عليها في المادة 37 من هذا القانون بسبب تغيير الغرض المخصص له جزاء أو أكثر من الأجزاء المفرزة.
- الترخيص لبعض الملاك المشتركين بإنجاز أشغال على نفقتهم نفس الأجزاء المشتركة أو المظهر الخارجي للعقار، دون المساس بالغرض الذي خصص له العقار أصلا.
- القيام بأشغال الصيانة الكبرى.
- تثبيت هوائيات وصحون جماعية وكل معدات أو تجهيزات مماثلة.
- اتخاذ الإجراءات التي من شأنها ضمان أمن السكان وممتلكاتهم، وذلك بإبرام تأمين مشترك لدرء كل الأخطار.
- اتخاذ القرار بإجماع الملاك المشتركين:
- قرارات تستهدف تطوير العقارات من الناحية الكمية: والتي تتعلق بإدخال بنيات جديدة ويندرج في هذا الإطار:
- تشييد مبنى جديد كتوفير مسكن للحارس أو إحداث أجزاء مفرزة للاستعمال الخاص.
- بناء وإعداد محلات للاستعمال المشترك كتشييد محل للاتحاد فوق الأرض المشتركة.
- قرارات تستهدف التصرف في حقوق على العقار المشترك الملكية: ويندرج ضمن ذلك:
- اكتساب حقوق عقارية كالتعاقد على تمتيع العقار المشترك الملكية بحقوق ارتفاق على عقارات مجاورة له.
- تفويت حق تعلية العقار المشترك لملكية لفائدة واحد من الملاك المشتركين أو أكثر أو لفائدة الغير[37].
ويعتقد بعض الفقه أن قرار الإجماع يتعين اتخاذه في جمع عام للملاك المشتركين بالرغم من عدم التنصيص على ذلك صراحة في القانون 00-18 وذلك لأن المادة 22 تنص على اتخاذ قرار بالإجماع ولم تتحدث على اتفاق كل الملاك وعليه لايمكن التعبير عن الإرادة الجماعية لكل الملاك المكونين للاتحاد إلا في اجتماع جهازه المقرر أي الجمع العام[38].
وجدير بالذكر أن المشرع نص في المادة 44 و 45 من القانون 00-18 على قرارات يتطلب فيها الإجماع العام للملاك وذلك في حالة الحق في التعلية أو الحق الحفر اللذين لا يكونان صحيحين إلا بالإجماع من طرف الملاك المشتركين م 44 وحالة اتخاذ خرار بإعادة بناء العقار إذا تهدم كليا م 45[39].
ومن الملاحظ أن خطورة وأهمية هذه القرارات وما شابهها كثير دفعت بالمشرع إلى التنصيص على وجوب اتخاذها بإجماع سائر الملاك المشتركين بحيث أن رفص أو امتناع أحدهم يكفي لعرقلة ذلك وفي هذا ضمان للحقوق الفردية لهؤلاء.
لكن السؤال المطروح هنا هو مدى إلزامية المادة 22 من القانون 00-18 الخاصة بإجماع الملاك المشتركين في اتخاذ القرار. يقول الأستاذ عبد الحق الصافي في هذا الصدد "لكن لا مانع يمنع من مخالفة هذا النص ذي الطبيعة المكملة في نظرنا وذلك عن طريق تضمين النظام شرطا يقضي بإمكانية اتخاذ مثل هذه القرارات بالأغلبية المزدوجة"[40]، في حين نجد أن بعض الفقه الآخر يستقرئ المادة 20 بصفتها الآمرة وذلك من خلال الصيغة التي جاءت بها إذ استعمل المشرع فيها لفظ "يشترط" التي تقيد الإلزام والوجوب وأردفها بتعداد لعدد من القرارات التي يستلزم فيها الإجماع الشيء الذي لا يمكن من تضمين نظام الملكية المشتركة شرطا يقضي باتخاذ هذه القرارات بأية أغلبية كانت[41].
ونسير نفس اتجاه الرأي الثاني على اعتبار أن هذه القرارات المهمة والخطيرة لا يمكن الحسم فيها إلا بإجماع الملاك المشتركين، وذلك حتى لايتم الإضرار بالحقوق الفردية للملاك. كما أن مضمون المادة 44 ليس فيها أي لبس بخصوص إلزامية الإجماع.
ثالثا: مهام وكيل الاتحاد[42].
يعد دور وكيل الاتحاد في التنظيم القانوني للملكية المشتركة بالغ الأهمية، فعلى عاتقه يقع عبء تدبير العقار المشترك، واعتبره كل من القانونين المغربي والفرنسي بمثابة الجهاز التنفيذي والممثل الرسمي لاتحاد الملاك المشتركين[43].
وقد تعرضت المادة 26 من القانون 00-18 لنوع من التفصيل لاختصاصاته حيث يعتبر المسؤول الأول عن حسن إدارة وتسيير الملكية المشتركة، مما يدعو إلى حسن اعتباره، فهو جهاز دائم الوجود بينما لاينعقد الجمع العام إلا نادرا[44].
وبالتالي فإن وكيل الاتحاد يمارس المهام والاختصاصات التالية:
- فرض احترام نظام الملكية المشتركة:
- يجب أن يبذل الوكيل ما في وسعه من لباقة وحزم لفرض احترام ضابط الملكية المشتركة سواء من قبل الملاك المشتركين أو من قبل مكتريهم أو غيرهم من ذوي الحقوق[45].
- فيتعين عليه أخذ المبادرة بصورة تلقائية لإجبار الملاك المشتركين بكل الوسائل القانونية على أداء نصيبهم في التكاليف المشتركة ولو عن طريق حجز مبالغ الكراء المترتبة لهم لدى المكترين أو تقييد الرهن الرسمي الجبري على الرسوم العقارية المعنية... وهو لا يحتاج إلى ترخيص الجمع العام للقيام بهذه الوسائل القانونية وما شابهها[46].
- تنفيذ قرارات الجمع العام:
- تمثيل الاتحاد أمام القضاء:
وبذلك ترجع لوكيل الاتحاد تمثيل اتحاد الملاك المشتركين أمام المحاكم كمدعى عليه (مثلا في مواجهة دعوى أحد مأجوري الاتحاد المطالب قضائيا بحقوقه) أو كمدع ضد أحد الملاك المشتركين الذي رفض أداء حصته في التكاليف المشتركة، أو ضد المقاول في البناء الذي لم ينفذ التزاماته في القيام بترميم أحد الأجزاء المشتركة في البناء[49].
ويتوقف حق الوكيل في تمثيل الاتحاد أمام القضاء على إذن خاص يقرره الجمع العام.
- إدارة العقار المشترك الملكية واتخاذ المبادرة في حالة الاستعجال:
ويمكنه كذلك وبمبادرو منه أن يشرع في الأشغال المستعجلة كلما كانت للتأخير في المشروع في هذه الأشغال (صيانة أو إصلاحات) عواقب وخيمة على العقار[51].
وفي كل الأحوال يتعين على المأمور كوكيل للاتحاد أن يقدم لأول جمع عام منعقد كل البيانات والإيضاحات المتعلقة بالمبادرات التي أقدم عليها[52].
- النهوض ببعض المهام الإدارية الصرفة:
- مسك أرشيف الملكية المشتركة:
وتتجلى هذه الوثائق فيما يلي:
- نظير الرسم العقاري الأصلي (المادة 55 من قانون 00-18).
- نسخة من نظام الملكية المشتركة.
- مسك الربائد والسجلات المتعلقة بالعقار وتمكين كل الملاك المشتركين من الإطلاع عليها.
- حالة توزيع التكاليف المشتركة.
- اللائحة الآنية لأسماء الملاك المشتركين.
- عقود التأمين المتعلقة بالمخاطر التي قد يتعرض لها العقار.
- سجل محاضر اجتماعات الجمع العام.
- المراسلات، التصاميم، العقود، ومجمل الوثائق المتعلقة بالعقار[53].
- تأمين كتابة الجمع العام:
ويعمل وكيل الاتحاد في الغالب على تسيير جلسات الجمع العام وتحرير محاضر[55].
ج- الوظيفة الحسابية والمالية لوكيل الاتحاد:
يقوم وكيل الاتحاد بدور أساسي في الحياة المالية لاتحاد الملاك المشتركين[56]، وطبقا للمادة 26 من قانون 00-18، يستخلص الوكيل التكاليف المشتركة، ويمسك المخزون المالي المشترك، ويسهر على إعداد محاسبة من شأنها توضيح الوضعية الماليةلكل مالك مشترك، كما يعمل على إعداد الميزانيات التقديرية والأرصدة المالية الخاصة ويعرض ذلك لتصويت الجمع العام.
كما أنه يخول وصلا للمالك المشترك الذي يعتزم بيع محله، كما يفيد براءة ذمته المالية في مواجهة الاتحاد[57].
كما يمكن لوكيل[58] الاتحاد فتح حساب بنكي باسم الاتحاد من أجل تدبير مالي ومحاسبي مستقل وواضح بكل اتحاد للملاك[59].
خاتمة:
يتضح ممن خلال ما سبق أن المشرع المغربي من خلال القانون 00-18 نهج اتجاها مزدوجا في إدارته للملكية المشتركة، فمن جهة عمل على تدعيم الحقوق الجماعية في سبيل المصلحة العليا للعقار وذلك ما يظهر من خلال بعض المقتضيات المشار إليها سلفا، ومن جهة أخرى عمل على تعزيز سلطة نظام الملكية المشتركة كضابط للعلاقة بين الإرادة الجماعية المتمثلة في اتحاد الملاكوكل مالك مشترك والحفاظ على الحقوق الفردية للملاك المشتركين من جهة ثانية.
فالملاحظ أن القانون 00-18 جاء ببعض المقتضيات القانونية الجديدة والتي لم يكن منصوصا عليها في ظهير 1946 كتمتعه (الاتحاد) بشخصية معنوية في نص صريح (ظهير 1946 كان يقر بشخصية معنوية ضمنية) كما أن ظهير 1966 كان يحيل فيما يخص مسؤولية الاتحاد على القواعد العامة في قانون الالتزامات والعقود. أما القانون 00-18 فقد نص على مسؤولية الاتحاد من خلال المادة 13 سائرا سير نظيره الفرنسي.
كما أن القانون 00-18 تطرق للجمع العام وحدد صلاحياته واختصاصاته وبعض الجوانب المتعلقة بتنظيمه إلا أن ما يعاب على المشرع أنه وبخصوص القواعد التي تنظم سيره بقي دوره محتشما بحيث لم يضبطها بتفصيل محيلا في ذلك في المادة 17 على نظام الملكية المشتركة على عكس المشرع الفرنسي الذي خصها بتنظيم دقيق، فأهمية الجمع العام في اتخاذ القرارات كان يستدعي قواعد آمرة لسير أعماله ضمانا للتوازن بين مصالح الملاك المشتركين.
كما أنه من الناحية العملية نجد عدم اهتمام المجتمع المغربي على مستوى العمارات بإدارات الملكية المشتركة حيث نجد أن أغلبية الملاك المشتركين لا يحضرون الاجتماعات كما أن الوكيل هو الذي يتحمل المسؤولية في تسيير العمارة مما يستدعي أدوارا تحسيسية بهذه الإدارة.
الهوامش
[1]محمد أحمد بونبات: نظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية، طبعة 2004، ص 60.
[2]عبد الحق صافي: الملكية المشتركة - للعمارات والدور المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات - الطبعة الأولى 2005، ص 55.
[3]محمد الوݣاري: المشتركة للعقارات المبنية، الطبعة الأولى 2008، دار النشر والطباعة، ص 313.
[4]محمد الوݣاري: م.س، ص 314.
[5]عبد الحق صافي: م.س، ص 86.
[6]عبد الحق صافي: م.س، ص 86.
[7]محمد الوݣاري: م.س، ص 314.
[8]عبد الحق صافي: م.س، ص 86.
[9]محمد الوݣاري: م.س، ص 315.
[10]عبد الحق صافي: م.س، ص 86.
[11]محمد الوݣاري: م.س، ص 315.
[12]محمد الوݣاري: م.س، ص 315.
[13]عبد الحق صافي: م.س، ص 87.
[14]محمد الوݣاري: م.س، ص 316.
[15]محمد الوݣاري: م.س، ص 317.
[16]محمد الوݣاري: مرجع سابق، ص 319 وما بعدها.
[17]نفس المرجع، ص 323.
[18]محمد الوݣاري: م.س، ص 325.
[19]محمد الوݣاري: م.س.، ص 326.
[20]محمد الوكاري: م.س، ص 328.
عبد القادر العرعاري: المسؤولية المدنية الطبعة الثالثة 2011 ص
عبد القادر العرعاري: المسؤولية المدنية الطبعة الثالثة 2011 ص
[21]عبد الحق صافي: م.س، ص 91.
[22]عبد الحق صافي: م.س، ص 92.
[23]محمد الوݣاري: م.س.، ص 330.
[24]محمد الوݣاري: م.س.، ص 331.
[25]محمد الوݣاري: م.س.، ص
[26]محمد الوݣاري: م.س.، ص 332.
[27]محمد الوݣاري: م.س.، ص 336.
[28]محمد الوݣاري: م.س.، ص 337.
[29]عبد الحق صافي: م.س، ص 95.
[30]عبد الحق صافي: م.س، ص 95.
[31]محمد الوݣاري: م.س.، ص 341.
[32]عبد الحق صافي: م.س، ص 55.
[33]عبد الحق صافي: م.س، ص 101.
[34]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص 357.
[35]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص 358.
[36]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص380.
[37]عبد الحق صافي: م.س، ص 118.
[38]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص 380.
[39]نفس المرجع.
[40]عبد الحق صافي: م.س، ص 118.
[41]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص 380.
[42]يمكن تعيين وكيل اتحاد الملاك المشتركين في ظل القانون المغربي 18-00 بإحدى الطرق التالية:
- إما في نظام الملكية المشتركة وذلك من قبل المنعشون العقاريون والمشرع المغربي لم ينص على ذلك في القانون 18-00 إلا أنه موجود في الواقع العملي مع إمكانية المصادقة على هذا الاختيار في جمع عام للملاك المشتركين بالأغلبية المطلقة لأصوات الملاك المشتركين الحاضرين أو الممثلين، وهذه الأغلبية منصوص عليها في المادة 19 من القانون 18-00.
- من قبل الجمع العام للملاك المشتركين وذلك طبقا للفقرة الأولى من المادة 19 من القانون 18-00 المنظم للملكية المشتركة والتي جاء فيها "يعين الجمع العام بالأغلبية المطلقة لأصوات الملاك المشتركين أو الممثيل وكيلا للاتحاد دون نائب له من بينهم".
- من قبل القضاء وذلك طبقا للفقرة الثالثة من المادة 19 من القانون 18-00 التي جاء فيها: "إذا تعذر تعيين وكيل الاتحاد ونائبه، يقوم بالتعيين المذكور رئيس المحكمة الابتدائية بناء على طلب واحد أو أكثر من الملاك المشتركين، بعد إعلامهم جميعا أو سماع أقوال الحاضرين منهم".
[43]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص 393.
[44]عبد الحق صافي: م.س، ص 128.
[45]لوي مارصيل بوماري - تعريب: إدريس مالين- نظام الملكية المشتركة في العقارات المقسمة إلى شقق، ص 70.
[46]عبد الحق صافي: م.س، ص 129.
[47]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص 421.
[48]عبد الحق صافي: م.س، ص 129.
[49]عبد الحق صافي: م.س، ص 130.
[50]عبد الحق صافي: م.س، ص 130.
[51]مارصيل بوماري، مرجع سابق، ص 131.
[52]عبد الحق صافي: م.س، ص 131.
[53]عبد الحق صافي: م.س، ص 131، 132.
[54]مارصيل بوماري، مرجع سابق، ص 73.
[55]عبد الحق صافي: م.س، ص 132.
[56]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص 440.
[57]عبد الحق صافي: م.س، ص 132.
[58]تجدر الإشارة أن مهام وكيل الاتحاد تنتهي بما يلي:
- إنتهاء المدة المحددة والتي هي حسب الفقرة الخامسة من المادة 19 من القانون 18-00 محددة في سنتين، إذا لم يقع تجديدها فإن مهمة وكيل الاتحاد تنتهي بإنتهاء هذا الأجل.
- الوفاة: حيث تنتهي مهمة وكيل الاتحاد الذي يكون شخصا ذاتيا بوفاته وقد أشارت إلى ذلك المادة 27 من القانون 18-00 المغربي.
- حل الشخص المعنوي: تنتهي مهام وكيل الاتحاد أيضا إذا كان شخصا معنويا بتصفيته قضائيا وحل الشركة.
- زوال اتحاد الملاك المشتركين: قد تنحل الشخصية المعنوية لاتحاد الملاك المشتركين نتيجة جمع كل أجزاء الملكية المشتركة في يد واحدة بإقتناء أحد الملاك جميع تلك الأجزاء. أو بسبب نزع ملكية العقار المشترك بكامله من أجل المنفعة العامة.
- الاستقالة: استقالة وكيل الاتحاد تنتهي معه مهامه.
- العزل: عزل وكيل الاتحاد وذلك طبقا للفقرة الأخير من المادة 19 من القانون 18-00 وذلك بواسطة الجمع العام بالأغلبية المطلقة لأصوات الملاك المشتركين الحاضرين أو الممثلين.
[59]ذ: محمد الوݣاري: م.س.، ص 445.