مقدمة
يتميز القانون الدولي الخاص بخصائص عديدة تجعله من أكثر القوانين حيوية وإثارة للجدل ، فهو من جهة قانون حي لكون الحاجة إليه دائمة ،لإيجاد الحلول القانونية للإشكالات التي تطرحها القضايا ذات العنصر الأجنبي، و من جهة أخرى يتميز بإثارته للنقاش كونه يبيح تطبيق القانون الأجنبي من طرف القاضي الوطني ، و ما يطرحه ذلك من أسئلة متعلقة بالسيادة من جهة ، و بالتكييف السليم للقانون الأجنبي من جهة أخرى ، ليبقى السؤال حول اعتباره قانونا أم ندخله في عداد الواقع ، وما يستتبعه ذلك من نتائج على القاضي و على الأطراف خصوصا على مستوى الإثبات.
هذه الأهمية فرضتها كذلك الحركية السريعة للمبادلات و للسلع و الأشخاص على المستوى العالمي ، و ذلك كنتيجة حتمية للعولمة ، و ما تمخض عنها من تعدد للعلاقات التجارية و الإنسانية. مما أدى إلى تكاثر النزاعات التي تعرض على المحاكم الوطنية في صورة نزاعات دولية متضمنة لعنصر أجنبي، وما يفرضه ذلك على القاضي للبحث عن القانون المنظم لهذا النوع من العلاقات ، و عليه إن يحافظ من جهة على سيادة الدولة ، ومن جهة أخرى ألا يمس أو يعرقل المعاملات الدولية و حرية تنقل الأشخاص و السلع ، و إن يضمن حقوق جميع الأطراف مواطنين كانوا أو أجانب . فما هو القانون الذي يضمن هذا التوافق؟ هل هو القانون الوطني للقاضي؟ أم قانون آخر؟
إن صعوبة الاختيار و المفاضلة هي السبب الرئيسي في التنازع بين القوانين ، و هو الذي يحسم فيه القانون الدولي الخاص بتبيان القانون الواجب التطبيق ، و ذلك عن طريق إرساء مجموعة من القواعد توجه القاضي للحسم في اختياره و الاهتداء للقانون الواجب التطبيق ، و تعرف بقواعد الإسناد ، و هي تلك القواعد التي ترشد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق على النزاع المعروض عليه كلما تضمن عنصرا أجنبيا.
و إذا كانت هذه القواعد محط نقاش بين الفقهاء حول مضامينها و معايير اعتمادها و إرساءها ، فإنها ما زالت تطرح مجموعة من التساؤلات خصوصا في ما يتعلق بتطبيق قواعدها من طرف المحاكم الوطنية التي تجد نفسها أمام شروط شكلية أو موضوعية تفرغ قاعدة الإسناد من مضمونها ، لتفسح المجال لتطبيق القانون الوطني للقاضي.
و إذا كان هذا الإشكال غير ظاهر في مجال الأحوال الشخصية لكون الغالبية العظمى من التشريعات تخضع الشخص لقانونه الوطني كلما تعلق الأمر بحالته القانونية ، فان الأمر بخلاف ذلك كلما تعلق الأمر بمعاملاته المالية أو بأمواله بصفة عامة، حيث تختلف النظريات الفقهية و التشريعات الوطنية في إقرار قاعدة الإسناد المعتمدة ، من قانون المكان ، لقانون الإرادة ، أو لقانون الموقع أو مكان إبرام التصرف ؟
فماهو القانون الذي تتم من خلاله عملية التكييف لمعرفة نوعه و تحديده ، قبل إقرار القانون الذي سيخضع له النزاع ؟
و لأجل الإلمام بهذه الإشكالية التي يطرحها موضوع تنازع القوانين في مجال الأموال ،سأعمل على إتباع منهج تحليلي معتمدا على التصميم التالي:
المبحث الأول : تنازع القوانين في مسائل الأموال المادية.
المبحث الثاني: تنازع القوانين في مسائل الأموال المعنوية.
المبحث الأول: تنازع القوانين في مسا ئل الأموال المادية
قبل الخوض في هدا الشأن تجدر الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية والمتمثلة في القانون الذي يحكم تكييف المال ، إذ يعتبر هذا التكييف استثناء من القاعدة العامة للتكييف الموضوعة من طرف الفقيه" بارتان" والتي تقضي بأن التكييف يخضع لقانون القاضي كقاعدة عامة أما تكييف المال فهو استثناء سواء كان عقارا أو منقولا فإنه يخضع لقانون موقع المال و قد اخذ المشرع المغربي بهذا الاستثناء وهذا ما أكدته المادة 17 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب بالمغرب التي تنص على أنه: " تخضع الأموال الموجودة داخل منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب، أصولا كانت أم منقولات،لتشريع المنطقة المذكورة"
ويكمن السبب في دلك،حسب اعتقاد" بارتان"،في أن نظام الأموال ،في كل دولة يرمي إلى تحقيق الطمأنينة في المعاملات و المحافظة على الثروة الوطنية،لأن ذلك فيه ارتباط بالنظام العام الذي لا يجوز المساس به.
وبناء على ذلك،يرى الفقيه" بارتان" أن مهمة تحديد صفة المال وتعيين الحقوق التي يمكن أن تترتب عليه هي مهمة يجب تركها لقانون موقع الأموال.
المطلب الأول : القانون الواجب التطبيق في تكييف المال عقارا.
من المعلوم أن العقارات تخضع لقانون موقعها،غير أن الصعوبة تكمن في تعيين نطاق هدا القانون،مما يستلزم معه معالجة الحقوق العينية التي تنقسم إلى أصلية وتبعية ، فمن الضروري أن يبحث كل نوع منها على حدى.
الفقرة ألأولى : الحقوق العينية الأصلية الواقعة على العقار.
الجدير بالذكر أن الحقوق العينية الأصلية تخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيء تمكنه من استعماله و استغلاله و التصرف فيه، و قد يكون لصاحب الحق كل هذه السلطات أو بعضها بحسب اختلاف مضمون هذه الحقوق.
ومن الملاحظ أن الفقهاء والمحاكم ، في عهد الحماية الفرنسية بالمغرب ، وإن كانوا قد استقروا على وجوب إخضاع التكييف المال إلى عقار أو منقول إنما يخضع للقانون المحلي المغربي ،وذلك من خلال نص المادة 17 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب بالمغرب، نستخلص بان المشرع قد حدد بان قانون موقع العقار هو القانون الواجب التطبيق على الحقوق العينية الأصلية الواردة على عقار من ملكية وما يتفرع عنها من حقوق فضلا عن أسباب كسب الحق في المال من حيازة وشفعة والتصاق ، تم انتقال وانقضاء هذا الحق ، أما إذا كان سبب الاكتساب هو الميراث أو الوصية فان مجال تطبيق قانون الموقع ينحصر بالأثر الناقل للحق ، فيحكمهما القانون الذي تحدده القاعدة الخاصة بكل منهما وهو قانون جنسية المورث أو الموصي وقت الوفاة ، أما بالنسبة لشهر التصرفات العقارية من تسجيل وتقييد فانه يخضع كذلك لقانون موقع العقار وعموما فان تطبيق قانون الموقع فيما يتعلق بالحقوق العينية الأصلية الواردة على العقار لا يثير أي صعوبة لان العقار ثابت في مكانه.
ولقد برر الفقهاء تطبيق قانون الموقع على العقار بأنه يعتبر جزءا من إقليم الدولة التي تمارس عليه سيادتها وإقليم الدولة هو أهم ركن من أركان قيماها، فيجب أن يطبق عليه قانون الدولة نفسها في حين نجد الفقيه " بارتان "يبرر تطبيق قانون الموقع على العقار بتأمين المعاملات، وقد انتقد رأيه على أساس انه ينظر فيه إلى مصلحة الغير دون أن يأخذ في الاعتبار الأشخاص المالكين أو الحائزين ،وترى أغلبية الفقه بأن الحكمة من تطبيق قانون الموقع على العقار هي أنه أنسب قانون يطبق عليه لأنه مستقر في هذا الموقع.
الفقرة الثانية : الحقوق العينيــة التبعيــة الواقعــة على العقار
فهي أيضا حقوق تخول للشخص سلطة مباشرة على شيء معين بالذات و لكنها لا تقوم مستقلة بذاتها بل أنها تستند إلى حق شخصي و تقوم ضمانا للوفاء به ثم إنها من جهة أخرى لا تخول صاحبها سلطة استعمال الشيء أو استغلاله أو التصرف فيه كما هو الشأن بالنسبة للحقوق العينية الأصلية و لكنها توجد ضمانا لحق شخصي.
وبما أن الحقوق العينية التبعية تظل دائما تابعة لحق شخصي فإن مقتضياتها تظل خاضعة في بعض النواحي لمقتضيات القانون الذي يحكم الحق الشخصي.
فبخصوص وجود الحق العيني التبعي يجب أن ينظر إلى نوعه ،فإذا كان تعاقديا يجب أن يخضع لقانون العقد، و إذا كان ناتجا عن القانون نفسه فإنه يخضع للقانون الذي يحكم العلاقة .
"
أولا :حق الرهن الوارد على العقار "
و يخول صاحبه استيفاء حقه من ثمن الشيء الذي يرتب عليه الحق العيني متقدما في ذلك على غيره من الدائنين كما أنه يخول لصاحبها حق تتبع الشيء إذا ما انتقلت ملكية المدين إلى ملكية غيره، و الأصل أن حق الرهن الواقع على العقار يخضع أيضا لقانون موقع المال غير أن هناك بعض الاستثناءات يختلف الفقه في إدخالها أو عدم إدخالها ومثال ذلك فيما يتعلق بالرهن القانوني الذي ترتبه بعض القوانين الغربية مثل القانون الفرنسي لصالح الزوجة على عقارات زوجها فقد اصدر القضاء الفرنسي عدة أحكام قضى فيها بأنه لا يكفي لترتيب هذا الرهن أن يكون قانون موقع العقار يجيزه بل يجب فوق ذلك أن يكون قانون جنسية الزوجة يقر لها هذا الرهن باعتباره من أثار الزواج.
وعلى الرغم من أن السفينة تعتبر في الأصل منقولا فانه من المتفق عليه أنها تعتبر في بعض النواحي عقارا ويرى الفقه أنها تخضع لقانون البلد الذي تحمل علمه ومسجلة في سجل سفنه و عليه فان حق الرهن و الحقوق العينية الواردة على السفينة يسري عليها قانون العلم، وهذا ما أكدته اتفاقية بروكسل المنعقدة في أول ابريل سنة 1926 على إخضاع رهن السفن والطائرات والبضائع الموجودة عليها إلى قانون العلم .
"
ثانيا: حقوق الامتياز الواردة على العقار "
تخضع حقوق الامتياز الواردة على العقار فقط لقانون موقع هذا العقار، أما حقوق الامتياز العامة الواردة على جميع أموال المدين من منقول وعقار فيرى بعض الفقهاء انه يجب أن يكون القانون الذي يسري على الدين يقرر له هذا الامتياز إلى جانب قانون موقع العقار ولا يغني احدهما عن الأخر.
الفقرة الثالثة: العقد المنشــأ للحـق العينـي الوارد على العقار
العقد بصفته تصرفا إراديا فانه يخضع من حيث الموضوع للقانون الذي يختاره المتعاقدين في الأصل ومن حيث الشكل يخضع لقانون المحل في الأصل ومن حيث الأهلية يخضع لقانون الجنسية وقد يكون قانون الموقع والإرادة والجنسية واحدا وقد يختلفا ففي حالة الاختلاف يرى الفقيه "نبواييه" إخضاع العقد الواقع على العقار لقانون موقع العقار سواء من حيث الموضوع أو الشكل أو الأثر وقد اتبعت المدرسة الهولندية هذا الرأي واخذ به كذلك الفقيه الأمريكي "ستورى" وأصبح خضوع العقد الواقع على العقار لقانون موقع العقار هو المعمول به فقها وقضاء في أمريكا وكذلك القضاء الانجليزي، فانه يأخذ بهذا الرأي ولكنه رجع عنه حديثا تحت تأثير الفقه الانجليزي الذي أصبح يرى إخضاع العقد المتعلق بالعقار كله لقانون العقد لا لقانون الموقع أما في فرنسا فقد كان القضاء في بداية الأمر متأثرا بقانون الموقع غير انه استقر أخيرا على أن العقد الواقع على العقار يخضع من حيث الأهلية لقانون الجنسية ومن حيث الشكل لقانون المحل ومن حيث الموضوع لقانون الإرادة ولا يخضع لقانون موقع العقار إلا ما يرتبه من حقوق عينية عليه وقد أصدرت محكمة النقض الفرنسية في هذا الصدد حكما صريحا بذلك في 09/10/1956 وقد اتفق كذلك القضاء الألماني مع هذا الرأي.
أما بالنسبة لموقف المشرع المغربي فقد اخضع العقد المبرم بشان عقار إلى قانون موقع هذا العقار، وتعتبر هذه القاعدة استثناء عن القاعدة العامة التي تخضع الالتزامات التعاقدية لقانون إرادة المتعاقدين ،إن نطاق تطبيق هذا الاستثناء محدد بما ينشئ العقد الوارد على عقار من حقوق عينية أما بالنسبة لأهلية المتعاقدين فإنها تخضع لقانون الجنسية ، وهناك نوع من العقود العقارية لا تنشأ حقوق و التزامات عينية مثل تلك المتعلقة بعمليات الترميم إد هنا يرتب حقوق شخصية التي ينشاها العقد فإنها تخضع لقانون الإرادة ولقد كرس المشرع المغربي قانون الإرادة في العقود في الفصل 13 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب، ويتضح من هدا النص أن المشرع اعتد بالإرادة التي قد يتم الإفصاح عنها صراحة و التي قد تنكشف من واقع الحال ومن الظروف والملابسات التي تحيط بالعقد، كما أن شكل العقد يخضع لقانون المحل وهدا ما أكده الفصل 10 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب نجد أن المشرع المغربي أقر قاعدة إخضاع شكل العقد لقانون مكان الإبرام مع إمكانية اختيار أشكال أخرى ، وإن كان المشرع مغربي غير صريح فيما يتعلق بالعقود المبرمة خارج المغرب ،كنتيجة لما تقدم ذكره فان العقد المبرم في شان عقار يخضع من حيث موضوعه لقانون موقع العقار طبقا للاستثناء المذكور أنفا أما ما ينشأه العقد من حقوق شخصية أو من حيث أهلية المتعاقدين أو من حيث شكله فلا تدخل في نطاق الاستثناء وبما أن الاستثناء لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه فيجب قصره على ما تقدم فقط.
المطلب الثاني:القانون الواجب تطبيقه على المنقول
إدا كان تحديد موقع العقار لمعرفة القانون الواجب التطبيق عليه لا يثير أية صعوبة فالعقار مستقر بحيزه التابت لا يمكن نقله ، فإن المنقول يثير عدة مشاكل منها ما يتعلق بعدم إمكانية معرفة موقعه لأنه دائم التنقل وليس له موقع تابت ، وبناء على الفصل 17 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب ،فإن مقتضياته تنطبق على المنقولات بنفس الكيفية التي تنطبق على العقارات أي أن المنقولات الموجودة في المغرب تخضع للقانون المغربي ، وهكذا فإن تطبيق قانون الموقع على المنقول فهو الذي يثير صعوبة إذا انتقل المنقول من إقليم دولة إلى إقليم دولة أخرى.
الفقرة الأولى: تطبيق قانون الموقع على المنقول.
لقد كان الفقه القديم يعتبر المنقولات تابعة للشخص وأنها خاضعة لقانون موطنه وقد أصبح في كل التشريعات لقانون الموقع حتى في القانون المدني الايطالي الجديد الصادر وفي سنة 1942 الذي عدل عن حكم القانون المدني القديم الذي كان يخضع المنقول لقانون الجنسية بتأثير مذهب "مانشيني"، وهو إتجاه كان مؤيدا من جانب الفقه الأنجلو أمريكي والفرنسي في أواخر القرن التاسع عشر .
والمراد بالمنقول هنا هو المنقول المادي المفرد له كيان ظاهر و مستقل يجعله مستقلا بعضه عن بعض وكذلك عن العقار ، فهدا الانفصال المادي يسمح بتعيين موقعه بسهولة وهو يعتبر موجودا متى كان داخل التراب المغربي أي داخل الإقليم الموجود تحت السيادة المغربية ، أما المنقول المعنوي فسوف نتكلم عنه فيما بعد، وأما المنقول غير المفرد والذي يدخل في مجموعة مالية مثل التركة فانه يخضع عندنا لقانون جنسية المورث عند موته كما هو معلوم ، ويطبق قانون موقع المنقول على كل ما يرد عليه من حقوق عينية ويحدد مدى هذه الحقوق وطرق اكتسابها وانتقالها وانقضائها ويحدد أثارها ،ويقرر ما إذا كان يجب شهرها وكيف يتم شهرها ،وطبقا للاستثناء الذي أدخله الفقيه "بارتان "على مبدأ التكييف يرجع في تكييف الشيء هل هو منقول أو عقار لقانون الموقع ، ويرى "نبواييه" أن هذا الاستثناء لا ينطبق حيث يتوقف على التكييف تحديد القانون الواجب التطبيق كما في الميراث فالقانون الفرنسي يطبق على ميراث العقار قانون الموقع وعلى الميراث في المنقول قانون الموقع ويقول "نبواييه" أن التكييف يخضع في هذه الحالة لقانون القاضي ولكن يلاحظ على هذا الرأي أن التكييف في جميع الحالات يتوقف على نتيجة تطبيق القانون الأجنبي أو عدم تطبيقه فلو أخذ برأي "نبواييه" فيجب أن يصرف النظر نهائيا عن الاستثناء الذي أدخله" بارتان" بالنسبة للمنقول و العقار.
ومن القوانين التي أفردت نصوصا خاصة بالمنقول، نذكر القانون الدولي الخاص السويسري لعام 1987، في المادة 100 منه التي نصت على أن " يسرى على كسب وفقد الحقوق العينية المنقولة قانون مكان موقع المنقول وقت تحقق الوقائع التي يؤسس عليها الكسب أو الفقد ، ويسرى على مضمون وممارسة الحقوق العينية المنقولة قانون مكان موقع المنقول" وفي القانون المصري في المادة 18 من القانون المدني التي تنص على أن"...يسرى بالنسبة إلى المنقول ، قانون الجهة التي يوجد بها هدا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها" بالإضافة إلى عدة قوانين مقارنة أخرى أخدت بقانون موقع المنقول كالقانون الفرنسي ،و السوري، والاسترالي ،والبلجيكي، و الانجليزي...
والمشرع المغربي أيضا أخد بموقع المنقول كما سبق الذكر،وقد تصدى أيضا لمشكلة التنازع المتغير الناجمة عن تبدل موقع المنقول وانتقاله من دولة لأخرى، واعتد في تحديد قانون موقعه بمكان وجوده وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الحق العيني على المنقول، والمقصود بالسبب هنا هو السبب المكسب أو المفقد للحيازة أو الحق العيني،كالاستيلاء على المنقول ليس له مالك والالتصاق والعقد و التقادم المكسب بالإضافة إلى الميراث و الوصية، فمثلا إذا بيعت بضاعة معينة ، بموجب عقد بين شخصين ثم ثار نزاع حول صحة انتقال ملكية هده البضاعة ، يؤخذ بعين الاعتبار في تحديد قانون موقع المنقول مكان وجودها وقت إبرام العقد.
إلا أنه هناك بعض المنقولات دائمة الحركة بحكم وظيفتها أو طبيعتها، كوسائل النقل الدولية والبضائع أتناء النقل ، بحيث يصعب تحديد موقعها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الحقوق
العينية أو فقدها ، مما يدفعنا للتساؤل عن كيفية تعيين موقعها وتحديد القانون الذي يحكمها؟
بالنسبة لوسائل النقل الدولية: أن السفن والطائرات هي منقولات من نوع خاص لأنها معدة للتنقل وعلاوة عل ذلك يمكن أن توجد خارجا عن إقليم أية دولة فهي تخضع لنظام خاص إذ تعتبر موجودة في البلاد التي تكون مسجلة فيها ما لم يتم التخلي عنها كالسفينة التي يغادرها كل البحارة في عرض البحر فهي تصبح إذ بمثابة الشئ الذي لا مالك ويمكن أن يكتسبها بوضع اليد أول من يضع يده عليها ،وبناء على ذلك فإن التصرفات التي ترد على السفينة من بيع ورهن وهبة ووصية، تخضع من حيت أثارها في إنشاء
الحق العيني عليها ، لقانون مكان تسجيلها،أي لقانون علمها
بالنسبة للمنقولات البرية كالشاحنات وسائل النقل بسكك الحديدية:
• بخصوص السيارات و الشاحنات هناك ثلاثة اتجاهات فقهية:
-الاتجاه الأول : القانون الدولة المصدرة التي تم شحن فيها تلك البضاعة أي تطبيق قانون البائع.
-الاتجاه الثاني بأن قانون موقع المنقولات المشحونة هو قانون موطن المالك وهو افتراضي.
-الاتجاه الثالث بأن المنقولات المشحونة تخضع إلى قانون دولة المقصد أو الدولة التي تستقبل هده البضاعة أي القانون المستقر النهائي
• بخصوص لوسائل النقل بسكك الحديدية:
بما أن مستغلها هو ، عادة هو شركة نقل منظمة،فإنها تخضع تلك الوسائل لنظام القيد و التصريح في دولة النشاط، فإنه يسرى عليها قانون محل تسجيل العربات و القاطرات ، أي قانون الدولة التي بها إدارة ومقر شركة السكة الحديد.
وسنقوم بتخصيص الفقرة الموالية حول القانون الواجب التطبيق على المنقول المتغير من مكان للأخر:
الفقرة التانية: تغيير موقع المنقول
قلنا أن تطبيق قانون الموقع بالنسبة إلى المنقول يثير كثيرا من الصعوبات حين يتغير موقع المنقول من إقليم إلى إقليم فيترتب على انتقاله ما اصطلح على تسميته بالتنازع المتغير أو المتحرك.
فحين ينتقل المنقول من إقليم إلى إقليم أخر يكون قد تعلقت به حقوق في كلا الإقليمين أو في أحدهما فإلى أي القانونين يخضع؟ إلى قانون موقعه القديم أم الى قانون موقعه الجديد؟
من خلال هدا التنازع المتحرك هناك رأيين لحل مشكلته.
الرأي الأول:
يرى أنه يطبق على هذا التنازع ما يطبق على التنازع بين القوانين الداخلية من حيث الزمان من القواعد ففي هذا التنازع من حيث الزمان، إذا صدر قانون جديد كان له أثر مباشر على كل ما يحدث تحت سلطانه من وقائع وما يترتب من أثار دون أن يكون له أثر رجعي يستند إلى الماضي ويكون الأمر كذلك أيضا في التنازع المتحرك فإذا انتقل المنقول إلى إقليم أخر خضع لقانون موقعه الجديد بصرف النظر عما يكون تعلق به من الحقوق تحت سلطان القانون القديم ويترتب على ذلك مايلي:
أولا: لو حاز شخصا منقولا من غير المالك في إقليم دولة لا يعرف قانونها قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ثم انتقل بهذا المنقول إلى إقليم دولة يعرف قانونها هذه القاعدة فطبقا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد يكون له أن يتمسك بهذه القاعدة متى توافرت له شروطها ويتملك المنقول.
ثانيا: يقضي القانون الألماني والقانون السويسري بأن بيع المنقول لا يتم إلا بتسليمه فلو اشترى شخص منقولا في ألمانيا وفي سويسرا ولم يتسلمه ثم انتقل هذا المنقول إلى فرنسا فان البيع يعتبر تاما طبقا للقانون الفرنسي ولو لم يتسلم هذا المنقول على الرغم من أن البيع لم يكن تاما تحت سلطان قانون الموقع القانون القديم.
ثالثا: اذا اشترى شخصا منقولا في فرنسا دون أن يتسلمه ثم انتقل هذا المنقول إلى سويسرا ولم يتسلمه المشتري هناك فإنه لا يستطيع أن يقول أن العقد البيع كان تاما في فرنسا وبالتالي لا يكون مالكا.
رابعا: اذا ارتهن شخص منقولا في بلد يعرف قانونه رهن المنقول دون حياته ثم انتقل المنقول إلى إقليم دولة مثل فرنسا أو تونس لا تعرف الرهن الحيازي دون حيازة فطبقا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد لا يكون للمرتهن أن يتمسك بهذا كالرهن.
هذا هو الرأي الذي قال به أكثر الفقهاء ومنهم الفقيه الفرنسي le rebours ،و الفقيه الفرنسي Batifole ولقد دافع "باتفول" عن هذا الرأي بقوله: إنه على الرغم من الفروق الكثيرة بين التنازعين فإن هذا الرأي هو خير رأي لحل مشكلة التنازع المتغير مع إدخال بعض التعديلات، وحتى الآن لم يقترح حل أخر إلا من بين الذي وضع مبدأ احترام الحق المكتسب دوليا، ولتطبيق مبدأ التنازع الزمني على التنازع المتغير يجب التمييز بين مضمون الحق ووسائل كسبه فمضمون الحق كالملكية، أو حق الانتفاع هو الذي يخضع فقط للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد الذي يملك أن يعدل من نظام الحقوق الموجود من قبل، أما وسائل كسب الحقوق فتظل خاضعة للقانون الذي كان يسري عند استعمال هذه الوسائل، وليس لقانون الموقع الجديد أن يمس هذه الوسائل حتى لا يكون ذا أثر رجعي فمثلا الدائن المرتهن حيازيا تحت سلطان قانون يجيز له تملك المنقول المرهون عند عدم الوفاء لا يجوز له أن يتملك هذا المنقول عند عدم الوفاء اذا كان قد نقل إلى فرنسا تطبيقا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد على مضمون الحق والمنقول المحمل بشرط منع التصرف فيه تحت سلطان قانون يجيز ذلك، ويصبح قابلا للتصرف فيه في فرنسا إعمالا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد على مضمون الحق .
أما وسائل كسب الحق فتظل خاضعة لقانون الموقع القديم ولا يجوز لقانون الموقع الجديد أن يعدل منها وإلا كان ذا أثر رجعي مادام كسب الحق قد تم وفقا لأحكام القانون الأجنبي السابق، ولكن قانون الموقع الجديد يستطيع أن لا يقبل حقا يتعارض مع النظام القانوني الساري في الدولة مثل الرهن الرسمي على المنقول أو الرهن الحيازي دون حيازة.
الرأي الثاني:
هو الاحترام الدولي لنفاذ الحق المكتسب وطبقا لهذا الرأي متى كسب حق على منقول طبقا لقانون موقعه القديم فيجب أن يظل هذا الحق محترما تحت سلطة قانون الموقع الجديد، مالم ينشأ تحت سلطان هذا القانون حق مضاد له. ولكن يشترط أن يكون الحق الذي نشأ تحت سلطان قانون الموقع القديم قد تم تكوينه وفقا لأحكام هذا القانون، وألا يكون مخالفا للنظام العام في دولة قانون الموقع الجديد، وترتب على هذا الرأي النتائج التالية:
أولا: إذا اشترى شخص منقولا في ألمانيا أو سويسرا دون أن يتسلمه فإنه لا يعتبر مالكا في فرنسا أو في الجزائر حيث القانون يعتبر البيع تاما بدون تسليم، وذلك لأن الملكية لم تكن قد انتقلت طبقا لقانون الموقع القديم ولكن اذا حدث العكس بان اشترى شخص منقولا في فرنسا دون ان يتسلمه فإنه يعد مالكا له بمجرد العقد فإذا انتقل المنقول إلى ألمانيا أو إلى سويسرا فلا يجوز أن يباع ثانية بحجة أن قانون الموقع الجديد يعتبر البيع غير تام بدون التسليم، بل يجب أن يحترم الحق المكتسب على هذا المنقول طبقا لقانون موقعه القديم.
ثانيا: اذا حاز شخص منقولا بحسن النية من غير مالكه في بلد يجيز قانونه التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ثم انتقل المنقول إلى بلد لا يعرف قانونه هذه القاعدة فانه يعتبر مع ذلك مالكا له ويحترم حقه المكتسب طبقا لقانون موقع المنقول السابق.
وطبقا لهذا الرأي إذا نشأ تحت سلطان قانون الموقع الجديد حق مضاد للحق الذي نشأ تحت سلطان قانون الموقع القديم سقط الحق القديم، وإذا تعارض الحق الذي نشا على المنقول طبقا للقانون السابق مع النظام القانوني في الموقع الجديد سقط الحق القديم كذلك وقد أخذت بلجيكا بهذا الرأي، كما اخذ به مشروع توحيد قواعد التنازع بين هولندا وبلجيكا في سنة 1951. كما أن المشرع المغربي أخذ بهذا الرأي على ما يظهر إذ تدل عبارة المادة 17 "تخضع الأموال الموجودة داخل منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب ، أصولا كانت أم منقولات ،لتشريع المنطقة المذكورة"
أما وقد عرفنا مدى اختصاص قانون الموقع بالنسبة الى المنقول المادي المفرد ينبغي أن نعرف قبل أن ننتقل الى بحث القانون الواجب التطبيق على المنقول المعنوي، ان قانون موقع المنقول لا شأن له بالعقد الخاص بالمنقول فهذا العقد يخضع من حيث موضوعه لقانون الإرادة كما سوف نرى ومن حيث شكله لقانون الشكل، مثل كل التصرفات القانونية ومن حيث أهلية التعاقد لقانون الجنسية.
وقد سبق أن قلنا أن القانون الواجب التطبيق على السفن هو قانون العلم، وكذلك تخضع الطائرات لقانون العلم الذي تحمله وهذا هو ما استقر عليه القضاء الفرنسي وهو الذي قرره معهد القانون الدولي ببروكسل في اجتماعه المنعقد في سنة 1985، وقد قلنا ان البضائع المحطة على السفن تخضع كذلك لقانون علم السفينة. أما البضائع المحملة على وسائل النقل لا تحمل علما، فقد كان "سافيني" يرى إخضاعها لقانون الشخصي لمالكها، ولكن يرى بعض الفقه الحديث إخضاعها لقانون محل وصولها على انه اذا ما حدث أن استقرت هذه البضائع في مكان استقرارها مؤقتا خضعت لقانون هذا المكان وقد اتفق في "معاهدة برن" المنعقدة في سنة 1952 على إخضاع عربات السكك الحديدية لقانون الدولة التي تملكها، أما السيارات فقد رأى بعض الفقهاء إخضاعها لقانون الدولة التي تحمل لوحة باسمها بينما رأى البعض الأخر إخضاعها لقانون محلها الفعلي.
المبحث الثاني : تنازع القوانين في مسائل الأموال الغير المادية(المعنوية)
يراد بالأموال المعنوية هي الأشياء الغير الحسية ، كالأفكار والألحان و المخترعات وغيرها من أشكال الإنتاج الفكري ، التي يمكن أن تكون محلا للحق العيني، وتمثل هده المنقولات المعنوية مجرد حقوق مناطة بشخص معين ، كحق المؤلف أو الفنان، التي تعرف بالملكية الأدبية و الفنية، وحق المخترع أو الرسام والمصمم، وبعض المصنفات التطبيقية مثل برامج الحاسوب ألآلي التي يطلق عليها الملكية الصناعية، بالإضافة إلى بعض الحقوق الشخصية التي تصلح لأن تكون محلا للتعامل ، كالديون.
وتثور نفس الإشكاليات فيما يتعلق بالأموال المادية أيضا في الأموال المعنوية، ومن المعلوم أن هدا النوع من المنازعات تستمد تقنياتها من المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
ورئينا إخضاع قاعدة إسناد الأموال المادية لقانون موقع المال ، حيت أن هده القاعدة لا تنطبق على الأموال المعنوية لأنه يصعب تصور وجوده في حيز مكاني معين حتى نقول أنه خاضع لقانون ذلك المكان ، لأنها تفتقد لكيان محسوس.
وسأتطرق لهدا المبحث في النقاط التالية:
المطلب الأول: الملكية الأدبية والفنية.
فيما يتعلق بالملكية الأدبية والفنية يرى بعض الفقهاء اعتبارها كالمنقول المادي، وإخضاعها لقانون الموقع على أن يفترض موقعها في المكان الذي نشرت فيه لأول مرة، فتخضع لقانون هذا المكان من حيث الملكية نفسها ومدى الحق فيها ومدته، وهذا ما أخذت به اتفاقية برن المنعقدة في 9 سبتمبر 1886 والمعدلة في بروكسل سنة 1948 ، وقد وضعت هذه الاتفاقية مبدأ حماية حق المؤلف طبقا لقانون البلد الذي تطلب فيه الحماية، وبصرف النظر عما اذا كان قانون البلد الذي نشر فيه لأول مرة يمنح هذه الحماية أو لا يمنحها، غير أنه يجب الرجوع إلى قانون هذا البلد، اذا كان يمنح الحماية، ولمعرفة المدة التي يمنح الحماية أثناءها ولا يجوز أن تزيد مدة الحماية عن هذه المدة في البلد الذي يتطلب فيه الحماية. وقد وضعت اتفاقية جنيف المنعقدة في 1952 بخصوص حق المؤلف مبدأ اختصاص قانون المكان الذي تطلب فيه الحماية بشرط أن لا تزيد عن المدة الممنوحة في البلد الأصلي إن كان هذا البلد يمنح حماية، وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بهذا المعنى بتاريخ 22/12/1959. ولكن اذا حدث الاعتداء على حق المؤلف في بلد ورفع المؤلف الدعوى في بلد أخر فأي القانونين يكون هو المختص؟ فهناك خلاف في هدا الأمر بين الفقه فبعضه يرى اختصاص قانون البلد الذي وقع فيه الاعتداء والبعض يرى اختصاص قانون القاضي ( أي القانون الذي رفعت أمام محكمته الدعوى)، وبعضه يرى الجمع بين القانونين.
واذا اعتبر قانون البلد الذي حدث فيه النشر لأول مرة هو قانون البلد الأصلي، فماذا يكون الحل لو نشر المؤلف في عدة بلدان مرة واحدة؟ ترى اتفاقية برن وكذلك اتفاقية جنيف أن يعمل عندئذ بقانون البلد الذي يمنح أقل مدة للحماية بينما يرى بعض الفقه أن يطبق قانون البلد الذي حدث فيه النشر الأساسي.
أما اذا لم ينشر المؤلف وظل مخطوطا فيرى بعض الفقهاء أن يطبق عليه قانون المؤلف الشخصي إذ يكون من حقوقه اللصيقة به وقد أخذت بهذا الرأي اتفاقية برن أما القانون الذي يسري على براءة الاختراع فهو قانون الدولة التي منحت هذه البراءة .
المطلب ألثاني : الملكية الصناعية والتجارية
ويشمل هده الملكية على سبيل المثال لا للحصر كل من براءة الاختراع و الرسوم و النماذج الصناعية، ثم العلامات الفارقة والأسماء التجارية.
الفقرة الأولى : براءة الاختراع
تعتبر العلوم التطبيقية و الصناعية و الطبية و الزراعية هي الأخرى مجالا خصبا للابتكار والاختراع والاكتشافات العلمية ، ومنبعا خصبا لتكنولوجيا الحديثة في ظل ما يسمى بالثورة التكنولوجية،وأمام أهمية هده الوسائل فقد عملت الدول وخاصة المتقدمة منها على توفير الحماية القانونية اللازمة ، وذلك تشجيعا للبحت العلمي و خدمة الإنسانية.
وبراءة الاختراع هي حق المخترع في الاستئثار بفكرته الابتكارية و السر الصناعي الجديد ، واحتكار استغلالها اقتصاديا ، وهكذا فإن حقوق المخترع كحقوق مالية ، لا تثير فقط مشكلات ممارستها وحمايتها في العلاقات الوطنية ،بل أيضا في مجال العلاقات ذات الطابع الدولي فما هو القانون الواجب التطبيق إدا شب نزاع على مستوى الدولي؟
للإجابة عن هدا السؤال يجب التمييز بين حالتين :
الحالة الأولى: صدور البراءة في دولة واحدة ، والراجح في هده الحالة هو تطبيق قانون تلك الدولة المانحة البراءة،ودلك راجع أن هده البراءة لا تمنح إلى بعد إجراءات التسجيل والإيداع وهده الإجراءات تتم من طرف السلطة العامة لهده الدولة ،وهي لا تعمل إلا وفقا لقانونها الإقليمي والنقطة الثانية إن الدولة التي تمنح هده البراءة هي عادة الدولة التي نشأت بها الفكرة المبتكرة.
وهدا الرأي الغالب، أخذت به مجموعة من التشريعات منها القانون البيرو الذي نص على أنه "يسرى على وجود أثار الحقوق العينية المتعلقة بالأعمال...الصناعية....قانون المكان الذي سجلت فيه هده الحقوق" ونجد أيضا كل من القانون المجري ،و الكويتي ،و المصري أخذت هي لأخرى بهذا الرأي.
الحالة الثانية : صدور البراءة في دولة الأصل ،وحصول المخترع ، عن ذات الاختراع،على براءة في دولة أو دول أخرى،طلبت منها الحماية، وهي طريقة يجيزها المشرع المغربي.
والقانون الواجب التطبيق في هده الحالة هو قانون دولة الأصل المانحة للبراءة لأول مرة، ولكن هدا الرأي أصبح مهجورا ، نظرا لتعارضه مع مبدأ استقلال إقليمية البراءة المعمول به في كل الدول ، والذي أقرته كل الاتفاقيات الدولية التي سبق الإشارة لها.
وعليه فالراجح هو تطبيق قانون الدولة التي يطلب منها الحماية ، طالما قد أودع صاحب الاختراع طلب براءة في تلك الدولة ، إذن من الأفضل أن يعطى الاختصاص بناء على إقليم ، وقانون الدولة المطلوب منها الحماية سيكفل تحقيقي الحماية القانونية للحق الاحتكاري التشريع الاسباني يأخذ بهذا الحل حيت تنص المادة 4-10 مدني على أنه "يتم حماية حقوق الملكية الذهنية الصناعية على الإقليم الاسباني طبقا لتشريع ألاسباني دون المساس بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تكون اسبانيا طرفا فيها"
الفقرة ألثانية : الرسوم و النماذج الصناعية
هي الأخرى تولد حقوق معنوية مقومة بالمال، وهي كل ترتيب للخطوط على سطح المنتجات أو كل شكل أو قالب خارجي تصب فيه المنتجات والسلع، بألوان أو بدون ألوان .
وتخضع الرسوم والنماذج الصناعية في كثير من الدول لنظام التسجيل أو الإيداع ، وبالتالي فإن حمايتها ترتبط بتسجيلها، ولهذا فإن هذه الرسوم و النماذج تخضع وفق الاتجاه الفقهي الغالب لقانون البلد الذي أودعت أو سجلت فيه، ويطبق هذا القانون في نظر بعضهم ، كما رئينا بالنسبة لحقوق الاختراع، على أنه قانون موقع الرسوم والنماذج الصناعية.
ولكن يميل البعض الأخر من الفقه ،إلى ضرورة مراعاة قانون الدولة التي يتمسك فيها الشخص بحقه على الرسم و النموذج لديها، على أساس اعتبارات تتعلق بأمن الصناعة والتجارة وبالطابع الإقليمي للنظم المتعلقة بالرسوم و النماذج الصناعية.
وصفوة القول فإن الملكية الصناعية تبقى خاضعة لقانون الدولة التي تمنح حمايتها.
الفقرة الثالثة : العلامات الفارقة والأسماء التجارية
العلامة التجاريةMarque de commerce وهي عبارة عن إشارة أو رمز،يتألف من كلمة أو حرف أو رقم أو رسم أو صورة أو شعار أو إسم مختصر أو توقيع أو لون أو تشكيلة من الألوان أو نقش بارز ،يستخدم في تمييز منتجات أو سلع أي مشروع صناعي أو تجاري أو زراعي أو مجموعة من المشاريع ، أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات يؤديها ذلك المشروع.
و من الثابت و المعلوم أن العلامات التجارية هي وسيلة للحماية من المنافسة غير المشروعة،يستمد الحق فيها من الأسبقية في استعمالها،فإنها تخضع،في رأي الكثيرين،لقانون مكان منشأة الاستغلال،في حين نجد في القانون الفرنسي تخضع لقانون مكان التسجيل على غرار الرسوم و النماذج الصناعية ، وذلك بعد أن أصبح الحق في العلامات الفارقة المعلقة على تسجيلها وليس على استعمالها لأول مرة،كما أن الفقهاء الذين يتمسكون باعتبارات الأمن الاقتصادي،الصناعي والتجاري، يميلون إلى تطبيق القوانين المتعلقة بهذه العلامات والأسماء، وغيرها من المسائل المتعلقة بالملكية الصناعية والتجارية كافة تطبيق إقليميا .
وهكذا فإن مجمل القول هو أن العلامة التجارية حسب بعض الفقه يرى أنها تخضع لقانون البلد الذي استعملت فيه لأول مرة، بينما يرى البعض الأخر إخضاعها لقانون البلد الذي سجلت فيه لأول مرة وأما المحل التجاري فيخضع لقانون موقعه.
المطلب الثالث : الديون أو الحقوق الشخصية
وأما الديون فيرجع فيما يتعلق بانتقالها إما إلى نفس القانون الذي يحكم مصدرها (وهذا هو الرأي السائد في ألمانيا وسويسرا والبلاد الإسكندنافية) ،وإما إلى قانون محل إبرام الحوالة (وهذا الرأي هو السائد في انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية) أما الرأي السائد في فرنسا فهو إخضاع انتقال الديون إلى قانون موطن المدين.
أما اذا تجسدت الديون في صكوك فإذا كان الصك سندا لحالة امتزج الدين بالصك وأصبح كالمنقول العادي وخضع مثله لقانون الموقع ،وأما اذا كان الصك سندا اسميا فقد رأى بعض الفقهاء إخضاعه لقانون موطن الدائن باعتباره صاحب الحق، بينما رأى البعض الأخر إخضاعه لقانون موطن المدين لان الدعاوى ترفع أمام محكمة موطنه ويتم الوفاء فيه ، وأما الأسهم الاسمية فتخضع لقانون الهيئة التي أصدرتها.
وبخصوص الكمبيالات والشيكات والسندات الاذنية فقد رأى البعض إخضاعها لقانون محل الانعقاد كل التزام صرفي فيها بمعنى أن يخضع التزام الساحب لقانون محل السحب والتزام كل مظهر لقانون محل التظهير والتزام القابل لقانون محل القبول، وهذا هو الرأي الذي أخذت به اتفاقيتا جنيف المنعقدتان في سنتي 1930/1931 بخصوص الكمبيالة والشيك.
الخاتمة
نستخلص مما سبق أن المال لا يتمثل في الأشياء المادية فقط بل أيضا في الأشياء المعنوية التي ليس لها وجه مادي، بل أكثر من ذلك إن الحقوق المعنوية طغت بتأثير التطور الاجتماعي والاقتصادي على الأشياء المادية.
إن إشكالية تنازع القوانين في الأموال، تعرف إختلافا كبيرا في قواعد الإسناد في شأن الأموال ، و ذلك راجع لاختلاف الأسس الفلسفية للتشريعات بين الدول، لكن الملاحظة التي ينبغي التنبيه إليها هي أن الاختلاف المتحدث عنه يتوقف في حدود معرفة القانون الواجب التطبيق ، و لا يتجاوز ذلك إلى معرفة الحل القانوني لموضوع النزاع ، و هذا مرده لوظيفة القانون الدولي الخاص و قواعد الإسناد التي يقررها، فهي تكتفي بتبيان القانون الواجب تطبيقه و لا تتجاوز ذلك لوضع حل لموضوع النزاع.
و يبقى التساؤل الكبير الذي يسترعي الانتباه، هو إذا كان هذا الاختلاف على مستوى إقرار قواعد الإسناد بهذه الدرجة ، فكيف يستطيع القضاء الحسم خصوصا عندما يتعلق الأمر بإرجاع الإحالة ، أو بتعدد التفسيرات القضائية لقواعد الإسناد؟
وختاما إن مثل هده المواضيع لم تلقى ترحيبا من أقلام الباحتين، ولم تستوفي حظها من البحت بما يلق من قيمتها العلمية خاصة في بلادنا المغرب ،ولعلى السبب الرئيسي في دلك هو الفراغ التشريعي الذي يعاني منه هدا المجال مما يستدعي مراجعة تشريعية لظهير الوضعية المدنية للأجانب بالمغرب ، و ترك المجال مفتوحا أمام القضاء لمسايرة التطور الاجتماعي والاقتصادي عن طريق مراجعة مختلف القضايا والنزاعات في الأموال ذات العنصر الأجنبي ، تم خلق تعاون قضائي بين الدول لسد الفراغ القانوني على المستوى الدولي.
.
المراجع:
o أحمد زوكاغي،أحكام القانون الدولي الخاص في التشريع المغربي، تنازع القوانين،دار توبقال للنشر،الطبعة الأولى 1992.
o أحمد عبد الكريم سلامة،علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجا ،مكتبة الجلاء الجديدة،المنصورة- مصر،الطبعة لسنة 1996
o إبراهيم أحمد إبراهيم،الوجيز في القانون الدولي الخاص،الجزء الثاني تنازع القوانين الاختصاص القضائي الدولي.
o حفيظة سيد حداد،العقود المبرمة بين الدول و الأشخاص الخاصة الأجنبية، منشورات الحلبي الحقوقية.
o فؤاد ديب،القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين،مديرية الكتب و المطبوعات الجامعية،1991-1992.
o فؤاد عبد المنعم رياض سامية راشد ،أصول تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي ،دار النهضة العربية ، القاهرة 1990.
o محمد الأطرش،القانون الدولي الخاص ، مطبعة مرز ، مراكش ،2005 ، الطبعة الثانية .
o موسى عبود،الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي،الناشر المركز الثقافي العربي،الطبعة الأولى،أكتوبر 1994.
يتميز القانون الدولي الخاص بخصائص عديدة تجعله من أكثر القوانين حيوية وإثارة للجدل ، فهو من جهة قانون حي لكون الحاجة إليه دائمة ،لإيجاد الحلول القانونية للإشكالات التي تطرحها القضايا ذات العنصر الأجنبي، و من جهة أخرى يتميز بإثارته للنقاش كونه يبيح تطبيق القانون الأجنبي من طرف القاضي الوطني ، و ما يطرحه ذلك من أسئلة متعلقة بالسيادة من جهة ، و بالتكييف السليم للقانون الأجنبي من جهة أخرى ، ليبقى السؤال حول اعتباره قانونا أم ندخله في عداد الواقع ، وما يستتبعه ذلك من نتائج على القاضي و على الأطراف خصوصا على مستوى الإثبات.
هذه الأهمية فرضتها كذلك الحركية السريعة للمبادلات و للسلع و الأشخاص على المستوى العالمي ، و ذلك كنتيجة حتمية للعولمة ، و ما تمخض عنها من تعدد للعلاقات التجارية و الإنسانية. مما أدى إلى تكاثر النزاعات التي تعرض على المحاكم الوطنية في صورة نزاعات دولية متضمنة لعنصر أجنبي، وما يفرضه ذلك على القاضي للبحث عن القانون المنظم لهذا النوع من العلاقات ، و عليه إن يحافظ من جهة على سيادة الدولة ، ومن جهة أخرى ألا يمس أو يعرقل المعاملات الدولية و حرية تنقل الأشخاص و السلع ، و إن يضمن حقوق جميع الأطراف مواطنين كانوا أو أجانب . فما هو القانون الذي يضمن هذا التوافق؟ هل هو القانون الوطني للقاضي؟ أم قانون آخر؟
إن صعوبة الاختيار و المفاضلة هي السبب الرئيسي في التنازع بين القوانين ، و هو الذي يحسم فيه القانون الدولي الخاص بتبيان القانون الواجب التطبيق ، و ذلك عن طريق إرساء مجموعة من القواعد توجه القاضي للحسم في اختياره و الاهتداء للقانون الواجب التطبيق ، و تعرف بقواعد الإسناد ، و هي تلك القواعد التي ترشد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق على النزاع المعروض عليه كلما تضمن عنصرا أجنبيا.
و إذا كانت هذه القواعد محط نقاش بين الفقهاء حول مضامينها و معايير اعتمادها و إرساءها ، فإنها ما زالت تطرح مجموعة من التساؤلات خصوصا في ما يتعلق بتطبيق قواعدها من طرف المحاكم الوطنية التي تجد نفسها أمام شروط شكلية أو موضوعية تفرغ قاعدة الإسناد من مضمونها ، لتفسح المجال لتطبيق القانون الوطني للقاضي.
و إذا كان هذا الإشكال غير ظاهر في مجال الأحوال الشخصية لكون الغالبية العظمى من التشريعات تخضع الشخص لقانونه الوطني كلما تعلق الأمر بحالته القانونية ، فان الأمر بخلاف ذلك كلما تعلق الأمر بمعاملاته المالية أو بأمواله بصفة عامة، حيث تختلف النظريات الفقهية و التشريعات الوطنية في إقرار قاعدة الإسناد المعتمدة ، من قانون المكان ، لقانون الإرادة ، أو لقانون الموقع أو مكان إبرام التصرف ؟
فماهو القانون الذي تتم من خلاله عملية التكييف لمعرفة نوعه و تحديده ، قبل إقرار القانون الذي سيخضع له النزاع ؟
و لأجل الإلمام بهذه الإشكالية التي يطرحها موضوع تنازع القوانين في مجال الأموال ،سأعمل على إتباع منهج تحليلي معتمدا على التصميم التالي:
المبحث الأول : تنازع القوانين في مسائل الأموال المادية.
المبحث الثاني: تنازع القوانين في مسائل الأموال المعنوية.
المبحث الأول: تنازع القوانين في مسا ئل الأموال المادية
قبل الخوض في هدا الشأن تجدر الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية والمتمثلة في القانون الذي يحكم تكييف المال ، إذ يعتبر هذا التكييف استثناء من القاعدة العامة للتكييف الموضوعة من طرف الفقيه" بارتان" والتي تقضي بأن التكييف يخضع لقانون القاضي كقاعدة عامة أما تكييف المال فهو استثناء سواء كان عقارا أو منقولا فإنه يخضع لقانون موقع المال و قد اخذ المشرع المغربي بهذا الاستثناء وهذا ما أكدته المادة 17 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب بالمغرب التي تنص على أنه: " تخضع الأموال الموجودة داخل منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب، أصولا كانت أم منقولات،لتشريع المنطقة المذكورة"
ويكمن السبب في دلك،حسب اعتقاد" بارتان"،في أن نظام الأموال ،في كل دولة يرمي إلى تحقيق الطمأنينة في المعاملات و المحافظة على الثروة الوطنية،لأن ذلك فيه ارتباط بالنظام العام الذي لا يجوز المساس به.
وبناء على ذلك،يرى الفقيه" بارتان" أن مهمة تحديد صفة المال وتعيين الحقوق التي يمكن أن تترتب عليه هي مهمة يجب تركها لقانون موقع الأموال.
المطلب الأول : القانون الواجب التطبيق في تكييف المال عقارا.
من المعلوم أن العقارات تخضع لقانون موقعها،غير أن الصعوبة تكمن في تعيين نطاق هدا القانون،مما يستلزم معه معالجة الحقوق العينية التي تنقسم إلى أصلية وتبعية ، فمن الضروري أن يبحث كل نوع منها على حدى.
الفقرة ألأولى : الحقوق العينية الأصلية الواقعة على العقار.
الجدير بالذكر أن الحقوق العينية الأصلية تخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيء تمكنه من استعماله و استغلاله و التصرف فيه، و قد يكون لصاحب الحق كل هذه السلطات أو بعضها بحسب اختلاف مضمون هذه الحقوق.
ومن الملاحظ أن الفقهاء والمحاكم ، في عهد الحماية الفرنسية بالمغرب ، وإن كانوا قد استقروا على وجوب إخضاع التكييف المال إلى عقار أو منقول إنما يخضع للقانون المحلي المغربي ،وذلك من خلال نص المادة 17 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب بالمغرب، نستخلص بان المشرع قد حدد بان قانون موقع العقار هو القانون الواجب التطبيق على الحقوق العينية الأصلية الواردة على عقار من ملكية وما يتفرع عنها من حقوق فضلا عن أسباب كسب الحق في المال من حيازة وشفعة والتصاق ، تم انتقال وانقضاء هذا الحق ، أما إذا كان سبب الاكتساب هو الميراث أو الوصية فان مجال تطبيق قانون الموقع ينحصر بالأثر الناقل للحق ، فيحكمهما القانون الذي تحدده القاعدة الخاصة بكل منهما وهو قانون جنسية المورث أو الموصي وقت الوفاة ، أما بالنسبة لشهر التصرفات العقارية من تسجيل وتقييد فانه يخضع كذلك لقانون موقع العقار وعموما فان تطبيق قانون الموقع فيما يتعلق بالحقوق العينية الأصلية الواردة على العقار لا يثير أي صعوبة لان العقار ثابت في مكانه.
ولقد برر الفقهاء تطبيق قانون الموقع على العقار بأنه يعتبر جزءا من إقليم الدولة التي تمارس عليه سيادتها وإقليم الدولة هو أهم ركن من أركان قيماها، فيجب أن يطبق عليه قانون الدولة نفسها في حين نجد الفقيه " بارتان "يبرر تطبيق قانون الموقع على العقار بتأمين المعاملات، وقد انتقد رأيه على أساس انه ينظر فيه إلى مصلحة الغير دون أن يأخذ في الاعتبار الأشخاص المالكين أو الحائزين ،وترى أغلبية الفقه بأن الحكمة من تطبيق قانون الموقع على العقار هي أنه أنسب قانون يطبق عليه لأنه مستقر في هذا الموقع.
الفقرة الثانية : الحقوق العينيــة التبعيــة الواقعــة على العقار
فهي أيضا حقوق تخول للشخص سلطة مباشرة على شيء معين بالذات و لكنها لا تقوم مستقلة بذاتها بل أنها تستند إلى حق شخصي و تقوم ضمانا للوفاء به ثم إنها من جهة أخرى لا تخول صاحبها سلطة استعمال الشيء أو استغلاله أو التصرف فيه كما هو الشأن بالنسبة للحقوق العينية الأصلية و لكنها توجد ضمانا لحق شخصي.
وبما أن الحقوق العينية التبعية تظل دائما تابعة لحق شخصي فإن مقتضياتها تظل خاضعة في بعض النواحي لمقتضيات القانون الذي يحكم الحق الشخصي.
فبخصوص وجود الحق العيني التبعي يجب أن ينظر إلى نوعه ،فإذا كان تعاقديا يجب أن يخضع لقانون العقد، و إذا كان ناتجا عن القانون نفسه فإنه يخضع للقانون الذي يحكم العلاقة .
"
أولا :حق الرهن الوارد على العقار "
و يخول صاحبه استيفاء حقه من ثمن الشيء الذي يرتب عليه الحق العيني متقدما في ذلك على غيره من الدائنين كما أنه يخول لصاحبها حق تتبع الشيء إذا ما انتقلت ملكية المدين إلى ملكية غيره، و الأصل أن حق الرهن الواقع على العقار يخضع أيضا لقانون موقع المال غير أن هناك بعض الاستثناءات يختلف الفقه في إدخالها أو عدم إدخالها ومثال ذلك فيما يتعلق بالرهن القانوني الذي ترتبه بعض القوانين الغربية مثل القانون الفرنسي لصالح الزوجة على عقارات زوجها فقد اصدر القضاء الفرنسي عدة أحكام قضى فيها بأنه لا يكفي لترتيب هذا الرهن أن يكون قانون موقع العقار يجيزه بل يجب فوق ذلك أن يكون قانون جنسية الزوجة يقر لها هذا الرهن باعتباره من أثار الزواج.
وعلى الرغم من أن السفينة تعتبر في الأصل منقولا فانه من المتفق عليه أنها تعتبر في بعض النواحي عقارا ويرى الفقه أنها تخضع لقانون البلد الذي تحمل علمه ومسجلة في سجل سفنه و عليه فان حق الرهن و الحقوق العينية الواردة على السفينة يسري عليها قانون العلم، وهذا ما أكدته اتفاقية بروكسل المنعقدة في أول ابريل سنة 1926 على إخضاع رهن السفن والطائرات والبضائع الموجودة عليها إلى قانون العلم .
"
ثانيا: حقوق الامتياز الواردة على العقار "
تخضع حقوق الامتياز الواردة على العقار فقط لقانون موقع هذا العقار، أما حقوق الامتياز العامة الواردة على جميع أموال المدين من منقول وعقار فيرى بعض الفقهاء انه يجب أن يكون القانون الذي يسري على الدين يقرر له هذا الامتياز إلى جانب قانون موقع العقار ولا يغني احدهما عن الأخر.
الفقرة الثالثة: العقد المنشــأ للحـق العينـي الوارد على العقار
العقد بصفته تصرفا إراديا فانه يخضع من حيث الموضوع للقانون الذي يختاره المتعاقدين في الأصل ومن حيث الشكل يخضع لقانون المحل في الأصل ومن حيث الأهلية يخضع لقانون الجنسية وقد يكون قانون الموقع والإرادة والجنسية واحدا وقد يختلفا ففي حالة الاختلاف يرى الفقيه "نبواييه" إخضاع العقد الواقع على العقار لقانون موقع العقار سواء من حيث الموضوع أو الشكل أو الأثر وقد اتبعت المدرسة الهولندية هذا الرأي واخذ به كذلك الفقيه الأمريكي "ستورى" وأصبح خضوع العقد الواقع على العقار لقانون موقع العقار هو المعمول به فقها وقضاء في أمريكا وكذلك القضاء الانجليزي، فانه يأخذ بهذا الرأي ولكنه رجع عنه حديثا تحت تأثير الفقه الانجليزي الذي أصبح يرى إخضاع العقد المتعلق بالعقار كله لقانون العقد لا لقانون الموقع أما في فرنسا فقد كان القضاء في بداية الأمر متأثرا بقانون الموقع غير انه استقر أخيرا على أن العقد الواقع على العقار يخضع من حيث الأهلية لقانون الجنسية ومن حيث الشكل لقانون المحل ومن حيث الموضوع لقانون الإرادة ولا يخضع لقانون موقع العقار إلا ما يرتبه من حقوق عينية عليه وقد أصدرت محكمة النقض الفرنسية في هذا الصدد حكما صريحا بذلك في 09/10/1956 وقد اتفق كذلك القضاء الألماني مع هذا الرأي.
أما بالنسبة لموقف المشرع المغربي فقد اخضع العقد المبرم بشان عقار إلى قانون موقع هذا العقار، وتعتبر هذه القاعدة استثناء عن القاعدة العامة التي تخضع الالتزامات التعاقدية لقانون إرادة المتعاقدين ،إن نطاق تطبيق هذا الاستثناء محدد بما ينشئ العقد الوارد على عقار من حقوق عينية أما بالنسبة لأهلية المتعاقدين فإنها تخضع لقانون الجنسية ، وهناك نوع من العقود العقارية لا تنشأ حقوق و التزامات عينية مثل تلك المتعلقة بعمليات الترميم إد هنا يرتب حقوق شخصية التي ينشاها العقد فإنها تخضع لقانون الإرادة ولقد كرس المشرع المغربي قانون الإرادة في العقود في الفصل 13 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب، ويتضح من هدا النص أن المشرع اعتد بالإرادة التي قد يتم الإفصاح عنها صراحة و التي قد تنكشف من واقع الحال ومن الظروف والملابسات التي تحيط بالعقد، كما أن شكل العقد يخضع لقانون المحل وهدا ما أكده الفصل 10 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب نجد أن المشرع المغربي أقر قاعدة إخضاع شكل العقد لقانون مكان الإبرام مع إمكانية اختيار أشكال أخرى ، وإن كان المشرع مغربي غير صريح فيما يتعلق بالعقود المبرمة خارج المغرب ،كنتيجة لما تقدم ذكره فان العقد المبرم في شان عقار يخضع من حيث موضوعه لقانون موقع العقار طبقا للاستثناء المذكور أنفا أما ما ينشأه العقد من حقوق شخصية أو من حيث أهلية المتعاقدين أو من حيث شكله فلا تدخل في نطاق الاستثناء وبما أن الاستثناء لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه فيجب قصره على ما تقدم فقط.
المطلب الثاني:القانون الواجب تطبيقه على المنقول
إدا كان تحديد موقع العقار لمعرفة القانون الواجب التطبيق عليه لا يثير أية صعوبة فالعقار مستقر بحيزه التابت لا يمكن نقله ، فإن المنقول يثير عدة مشاكل منها ما يتعلق بعدم إمكانية معرفة موقعه لأنه دائم التنقل وليس له موقع تابت ، وبناء على الفصل 17 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب ،فإن مقتضياته تنطبق على المنقولات بنفس الكيفية التي تنطبق على العقارات أي أن المنقولات الموجودة في المغرب تخضع للقانون المغربي ، وهكذا فإن تطبيق قانون الموقع على المنقول فهو الذي يثير صعوبة إذا انتقل المنقول من إقليم دولة إلى إقليم دولة أخرى.
الفقرة الأولى: تطبيق قانون الموقع على المنقول.
لقد كان الفقه القديم يعتبر المنقولات تابعة للشخص وأنها خاضعة لقانون موطنه وقد أصبح في كل التشريعات لقانون الموقع حتى في القانون المدني الايطالي الجديد الصادر وفي سنة 1942 الذي عدل عن حكم القانون المدني القديم الذي كان يخضع المنقول لقانون الجنسية بتأثير مذهب "مانشيني"، وهو إتجاه كان مؤيدا من جانب الفقه الأنجلو أمريكي والفرنسي في أواخر القرن التاسع عشر .
والمراد بالمنقول هنا هو المنقول المادي المفرد له كيان ظاهر و مستقل يجعله مستقلا بعضه عن بعض وكذلك عن العقار ، فهدا الانفصال المادي يسمح بتعيين موقعه بسهولة وهو يعتبر موجودا متى كان داخل التراب المغربي أي داخل الإقليم الموجود تحت السيادة المغربية ، أما المنقول المعنوي فسوف نتكلم عنه فيما بعد، وأما المنقول غير المفرد والذي يدخل في مجموعة مالية مثل التركة فانه يخضع عندنا لقانون جنسية المورث عند موته كما هو معلوم ، ويطبق قانون موقع المنقول على كل ما يرد عليه من حقوق عينية ويحدد مدى هذه الحقوق وطرق اكتسابها وانتقالها وانقضائها ويحدد أثارها ،ويقرر ما إذا كان يجب شهرها وكيف يتم شهرها ،وطبقا للاستثناء الذي أدخله الفقيه "بارتان "على مبدأ التكييف يرجع في تكييف الشيء هل هو منقول أو عقار لقانون الموقع ، ويرى "نبواييه" أن هذا الاستثناء لا ينطبق حيث يتوقف على التكييف تحديد القانون الواجب التطبيق كما في الميراث فالقانون الفرنسي يطبق على ميراث العقار قانون الموقع وعلى الميراث في المنقول قانون الموقع ويقول "نبواييه" أن التكييف يخضع في هذه الحالة لقانون القاضي ولكن يلاحظ على هذا الرأي أن التكييف في جميع الحالات يتوقف على نتيجة تطبيق القانون الأجنبي أو عدم تطبيقه فلو أخذ برأي "نبواييه" فيجب أن يصرف النظر نهائيا عن الاستثناء الذي أدخله" بارتان" بالنسبة للمنقول و العقار.
ومن القوانين التي أفردت نصوصا خاصة بالمنقول، نذكر القانون الدولي الخاص السويسري لعام 1987، في المادة 100 منه التي نصت على أن " يسرى على كسب وفقد الحقوق العينية المنقولة قانون مكان موقع المنقول وقت تحقق الوقائع التي يؤسس عليها الكسب أو الفقد ، ويسرى على مضمون وممارسة الحقوق العينية المنقولة قانون مكان موقع المنقول" وفي القانون المصري في المادة 18 من القانون المدني التي تنص على أن"...يسرى بالنسبة إلى المنقول ، قانون الجهة التي يوجد بها هدا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها" بالإضافة إلى عدة قوانين مقارنة أخرى أخدت بقانون موقع المنقول كالقانون الفرنسي ،و السوري، والاسترالي ،والبلجيكي، و الانجليزي...
والمشرع المغربي أيضا أخد بموقع المنقول كما سبق الذكر،وقد تصدى أيضا لمشكلة التنازع المتغير الناجمة عن تبدل موقع المنقول وانتقاله من دولة لأخرى، واعتد في تحديد قانون موقعه بمكان وجوده وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الحق العيني على المنقول، والمقصود بالسبب هنا هو السبب المكسب أو المفقد للحيازة أو الحق العيني،كالاستيلاء على المنقول ليس له مالك والالتصاق والعقد و التقادم المكسب بالإضافة إلى الميراث و الوصية، فمثلا إذا بيعت بضاعة معينة ، بموجب عقد بين شخصين ثم ثار نزاع حول صحة انتقال ملكية هده البضاعة ، يؤخذ بعين الاعتبار في تحديد قانون موقع المنقول مكان وجودها وقت إبرام العقد.
إلا أنه هناك بعض المنقولات دائمة الحركة بحكم وظيفتها أو طبيعتها، كوسائل النقل الدولية والبضائع أتناء النقل ، بحيث يصعب تحديد موقعها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الحقوق
العينية أو فقدها ، مما يدفعنا للتساؤل عن كيفية تعيين موقعها وتحديد القانون الذي يحكمها؟
بالنسبة لوسائل النقل الدولية: أن السفن والطائرات هي منقولات من نوع خاص لأنها معدة للتنقل وعلاوة عل ذلك يمكن أن توجد خارجا عن إقليم أية دولة فهي تخضع لنظام خاص إذ تعتبر موجودة في البلاد التي تكون مسجلة فيها ما لم يتم التخلي عنها كالسفينة التي يغادرها كل البحارة في عرض البحر فهي تصبح إذ بمثابة الشئ الذي لا مالك ويمكن أن يكتسبها بوضع اليد أول من يضع يده عليها ،وبناء على ذلك فإن التصرفات التي ترد على السفينة من بيع ورهن وهبة ووصية، تخضع من حيت أثارها في إنشاء
الحق العيني عليها ، لقانون مكان تسجيلها،أي لقانون علمها
بالنسبة للمنقولات البرية كالشاحنات وسائل النقل بسكك الحديدية:
• بخصوص السيارات و الشاحنات هناك ثلاثة اتجاهات فقهية:
-الاتجاه الأول : القانون الدولة المصدرة التي تم شحن فيها تلك البضاعة أي تطبيق قانون البائع.
-الاتجاه الثاني بأن قانون موقع المنقولات المشحونة هو قانون موطن المالك وهو افتراضي.
-الاتجاه الثالث بأن المنقولات المشحونة تخضع إلى قانون دولة المقصد أو الدولة التي تستقبل هده البضاعة أي القانون المستقر النهائي
• بخصوص لوسائل النقل بسكك الحديدية:
بما أن مستغلها هو ، عادة هو شركة نقل منظمة،فإنها تخضع تلك الوسائل لنظام القيد و التصريح في دولة النشاط، فإنه يسرى عليها قانون محل تسجيل العربات و القاطرات ، أي قانون الدولة التي بها إدارة ومقر شركة السكة الحديد.
وسنقوم بتخصيص الفقرة الموالية حول القانون الواجب التطبيق على المنقول المتغير من مكان للأخر:
الفقرة التانية: تغيير موقع المنقول
قلنا أن تطبيق قانون الموقع بالنسبة إلى المنقول يثير كثيرا من الصعوبات حين يتغير موقع المنقول من إقليم إلى إقليم فيترتب على انتقاله ما اصطلح على تسميته بالتنازع المتغير أو المتحرك.
فحين ينتقل المنقول من إقليم إلى إقليم أخر يكون قد تعلقت به حقوق في كلا الإقليمين أو في أحدهما فإلى أي القانونين يخضع؟ إلى قانون موقعه القديم أم الى قانون موقعه الجديد؟
من خلال هدا التنازع المتحرك هناك رأيين لحل مشكلته.
الرأي الأول:
يرى أنه يطبق على هذا التنازع ما يطبق على التنازع بين القوانين الداخلية من حيث الزمان من القواعد ففي هذا التنازع من حيث الزمان، إذا صدر قانون جديد كان له أثر مباشر على كل ما يحدث تحت سلطانه من وقائع وما يترتب من أثار دون أن يكون له أثر رجعي يستند إلى الماضي ويكون الأمر كذلك أيضا في التنازع المتحرك فإذا انتقل المنقول إلى إقليم أخر خضع لقانون موقعه الجديد بصرف النظر عما يكون تعلق به من الحقوق تحت سلطان القانون القديم ويترتب على ذلك مايلي:
أولا: لو حاز شخصا منقولا من غير المالك في إقليم دولة لا يعرف قانونها قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ثم انتقل بهذا المنقول إلى إقليم دولة يعرف قانونها هذه القاعدة فطبقا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد يكون له أن يتمسك بهذه القاعدة متى توافرت له شروطها ويتملك المنقول.
ثانيا: يقضي القانون الألماني والقانون السويسري بأن بيع المنقول لا يتم إلا بتسليمه فلو اشترى شخص منقولا في ألمانيا وفي سويسرا ولم يتسلمه ثم انتقل هذا المنقول إلى فرنسا فان البيع يعتبر تاما طبقا للقانون الفرنسي ولو لم يتسلم هذا المنقول على الرغم من أن البيع لم يكن تاما تحت سلطان قانون الموقع القانون القديم.
ثالثا: اذا اشترى شخصا منقولا في فرنسا دون أن يتسلمه ثم انتقل هذا المنقول إلى سويسرا ولم يتسلمه المشتري هناك فإنه لا يستطيع أن يقول أن العقد البيع كان تاما في فرنسا وبالتالي لا يكون مالكا.
رابعا: اذا ارتهن شخص منقولا في بلد يعرف قانونه رهن المنقول دون حياته ثم انتقل المنقول إلى إقليم دولة مثل فرنسا أو تونس لا تعرف الرهن الحيازي دون حيازة فطبقا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد لا يكون للمرتهن أن يتمسك بهذا كالرهن.
هذا هو الرأي الذي قال به أكثر الفقهاء ومنهم الفقيه الفرنسي le rebours ،و الفقيه الفرنسي Batifole ولقد دافع "باتفول" عن هذا الرأي بقوله: إنه على الرغم من الفروق الكثيرة بين التنازعين فإن هذا الرأي هو خير رأي لحل مشكلة التنازع المتغير مع إدخال بعض التعديلات، وحتى الآن لم يقترح حل أخر إلا من بين الذي وضع مبدأ احترام الحق المكتسب دوليا، ولتطبيق مبدأ التنازع الزمني على التنازع المتغير يجب التمييز بين مضمون الحق ووسائل كسبه فمضمون الحق كالملكية، أو حق الانتفاع هو الذي يخضع فقط للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد الذي يملك أن يعدل من نظام الحقوق الموجود من قبل، أما وسائل كسب الحقوق فتظل خاضعة للقانون الذي كان يسري عند استعمال هذه الوسائل، وليس لقانون الموقع الجديد أن يمس هذه الوسائل حتى لا يكون ذا أثر رجعي فمثلا الدائن المرتهن حيازيا تحت سلطان قانون يجيز له تملك المنقول المرهون عند عدم الوفاء لا يجوز له أن يتملك هذا المنقول عند عدم الوفاء اذا كان قد نقل إلى فرنسا تطبيقا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد على مضمون الحق والمنقول المحمل بشرط منع التصرف فيه تحت سلطان قانون يجيز ذلك، ويصبح قابلا للتصرف فيه في فرنسا إعمالا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد على مضمون الحق .
أما وسائل كسب الحق فتظل خاضعة لقانون الموقع القديم ولا يجوز لقانون الموقع الجديد أن يعدل منها وإلا كان ذا أثر رجعي مادام كسب الحق قد تم وفقا لأحكام القانون الأجنبي السابق، ولكن قانون الموقع الجديد يستطيع أن لا يقبل حقا يتعارض مع النظام القانوني الساري في الدولة مثل الرهن الرسمي على المنقول أو الرهن الحيازي دون حيازة.
الرأي الثاني:
هو الاحترام الدولي لنفاذ الحق المكتسب وطبقا لهذا الرأي متى كسب حق على منقول طبقا لقانون موقعه القديم فيجب أن يظل هذا الحق محترما تحت سلطة قانون الموقع الجديد، مالم ينشأ تحت سلطان هذا القانون حق مضاد له. ولكن يشترط أن يكون الحق الذي نشأ تحت سلطان قانون الموقع القديم قد تم تكوينه وفقا لأحكام هذا القانون، وألا يكون مخالفا للنظام العام في دولة قانون الموقع الجديد، وترتب على هذا الرأي النتائج التالية:
أولا: إذا اشترى شخص منقولا في ألمانيا أو سويسرا دون أن يتسلمه فإنه لا يعتبر مالكا في فرنسا أو في الجزائر حيث القانون يعتبر البيع تاما بدون تسليم، وذلك لأن الملكية لم تكن قد انتقلت طبقا لقانون الموقع القديم ولكن اذا حدث العكس بان اشترى شخص منقولا في فرنسا دون ان يتسلمه فإنه يعد مالكا له بمجرد العقد فإذا انتقل المنقول إلى ألمانيا أو إلى سويسرا فلا يجوز أن يباع ثانية بحجة أن قانون الموقع الجديد يعتبر البيع غير تام بدون التسليم، بل يجب أن يحترم الحق المكتسب على هذا المنقول طبقا لقانون موقعه القديم.
ثانيا: اذا حاز شخص منقولا بحسن النية من غير مالكه في بلد يجيز قانونه التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ثم انتقل المنقول إلى بلد لا يعرف قانونه هذه القاعدة فانه يعتبر مع ذلك مالكا له ويحترم حقه المكتسب طبقا لقانون موقع المنقول السابق.
وطبقا لهذا الرأي إذا نشأ تحت سلطان قانون الموقع الجديد حق مضاد للحق الذي نشأ تحت سلطان قانون الموقع القديم سقط الحق القديم، وإذا تعارض الحق الذي نشا على المنقول طبقا للقانون السابق مع النظام القانوني في الموقع الجديد سقط الحق القديم كذلك وقد أخذت بلجيكا بهذا الرأي، كما اخذ به مشروع توحيد قواعد التنازع بين هولندا وبلجيكا في سنة 1951. كما أن المشرع المغربي أخذ بهذا الرأي على ما يظهر إذ تدل عبارة المادة 17 "تخضع الأموال الموجودة داخل منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب ، أصولا كانت أم منقولات ،لتشريع المنطقة المذكورة"
أما وقد عرفنا مدى اختصاص قانون الموقع بالنسبة الى المنقول المادي المفرد ينبغي أن نعرف قبل أن ننتقل الى بحث القانون الواجب التطبيق على المنقول المعنوي، ان قانون موقع المنقول لا شأن له بالعقد الخاص بالمنقول فهذا العقد يخضع من حيث موضوعه لقانون الإرادة كما سوف نرى ومن حيث شكله لقانون الشكل، مثل كل التصرفات القانونية ومن حيث أهلية التعاقد لقانون الجنسية.
وقد سبق أن قلنا أن القانون الواجب التطبيق على السفن هو قانون العلم، وكذلك تخضع الطائرات لقانون العلم الذي تحمله وهذا هو ما استقر عليه القضاء الفرنسي وهو الذي قرره معهد القانون الدولي ببروكسل في اجتماعه المنعقد في سنة 1985، وقد قلنا ان البضائع المحطة على السفن تخضع كذلك لقانون علم السفينة. أما البضائع المحملة على وسائل النقل لا تحمل علما، فقد كان "سافيني" يرى إخضاعها لقانون الشخصي لمالكها، ولكن يرى بعض الفقه الحديث إخضاعها لقانون محل وصولها على انه اذا ما حدث أن استقرت هذه البضائع في مكان استقرارها مؤقتا خضعت لقانون هذا المكان وقد اتفق في "معاهدة برن" المنعقدة في سنة 1952 على إخضاع عربات السكك الحديدية لقانون الدولة التي تملكها، أما السيارات فقد رأى بعض الفقهاء إخضاعها لقانون الدولة التي تحمل لوحة باسمها بينما رأى البعض الأخر إخضاعها لقانون محلها الفعلي.
المبحث الثاني : تنازع القوانين في مسائل الأموال الغير المادية(المعنوية)
يراد بالأموال المعنوية هي الأشياء الغير الحسية ، كالأفكار والألحان و المخترعات وغيرها من أشكال الإنتاج الفكري ، التي يمكن أن تكون محلا للحق العيني، وتمثل هده المنقولات المعنوية مجرد حقوق مناطة بشخص معين ، كحق المؤلف أو الفنان، التي تعرف بالملكية الأدبية و الفنية، وحق المخترع أو الرسام والمصمم، وبعض المصنفات التطبيقية مثل برامج الحاسوب ألآلي التي يطلق عليها الملكية الصناعية، بالإضافة إلى بعض الحقوق الشخصية التي تصلح لأن تكون محلا للتعامل ، كالديون.
وتثور نفس الإشكاليات فيما يتعلق بالأموال المادية أيضا في الأموال المعنوية، ومن المعلوم أن هدا النوع من المنازعات تستمد تقنياتها من المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
ورئينا إخضاع قاعدة إسناد الأموال المادية لقانون موقع المال ، حيت أن هده القاعدة لا تنطبق على الأموال المعنوية لأنه يصعب تصور وجوده في حيز مكاني معين حتى نقول أنه خاضع لقانون ذلك المكان ، لأنها تفتقد لكيان محسوس.
وسأتطرق لهدا المبحث في النقاط التالية:
المطلب الأول: الملكية الأدبية والفنية.
فيما يتعلق بالملكية الأدبية والفنية يرى بعض الفقهاء اعتبارها كالمنقول المادي، وإخضاعها لقانون الموقع على أن يفترض موقعها في المكان الذي نشرت فيه لأول مرة، فتخضع لقانون هذا المكان من حيث الملكية نفسها ومدى الحق فيها ومدته، وهذا ما أخذت به اتفاقية برن المنعقدة في 9 سبتمبر 1886 والمعدلة في بروكسل سنة 1948 ، وقد وضعت هذه الاتفاقية مبدأ حماية حق المؤلف طبقا لقانون البلد الذي تطلب فيه الحماية، وبصرف النظر عما اذا كان قانون البلد الذي نشر فيه لأول مرة يمنح هذه الحماية أو لا يمنحها، غير أنه يجب الرجوع إلى قانون هذا البلد، اذا كان يمنح الحماية، ولمعرفة المدة التي يمنح الحماية أثناءها ولا يجوز أن تزيد مدة الحماية عن هذه المدة في البلد الذي يتطلب فيه الحماية. وقد وضعت اتفاقية جنيف المنعقدة في 1952 بخصوص حق المؤلف مبدأ اختصاص قانون المكان الذي تطلب فيه الحماية بشرط أن لا تزيد عن المدة الممنوحة في البلد الأصلي إن كان هذا البلد يمنح حماية، وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بهذا المعنى بتاريخ 22/12/1959. ولكن اذا حدث الاعتداء على حق المؤلف في بلد ورفع المؤلف الدعوى في بلد أخر فأي القانونين يكون هو المختص؟ فهناك خلاف في هدا الأمر بين الفقه فبعضه يرى اختصاص قانون البلد الذي وقع فيه الاعتداء والبعض يرى اختصاص قانون القاضي ( أي القانون الذي رفعت أمام محكمته الدعوى)، وبعضه يرى الجمع بين القانونين.
واذا اعتبر قانون البلد الذي حدث فيه النشر لأول مرة هو قانون البلد الأصلي، فماذا يكون الحل لو نشر المؤلف في عدة بلدان مرة واحدة؟ ترى اتفاقية برن وكذلك اتفاقية جنيف أن يعمل عندئذ بقانون البلد الذي يمنح أقل مدة للحماية بينما يرى بعض الفقه أن يطبق قانون البلد الذي حدث فيه النشر الأساسي.
أما اذا لم ينشر المؤلف وظل مخطوطا فيرى بعض الفقهاء أن يطبق عليه قانون المؤلف الشخصي إذ يكون من حقوقه اللصيقة به وقد أخذت بهذا الرأي اتفاقية برن أما القانون الذي يسري على براءة الاختراع فهو قانون الدولة التي منحت هذه البراءة .
المطلب ألثاني : الملكية الصناعية والتجارية
ويشمل هده الملكية على سبيل المثال لا للحصر كل من براءة الاختراع و الرسوم و النماذج الصناعية، ثم العلامات الفارقة والأسماء التجارية.
الفقرة الأولى : براءة الاختراع
تعتبر العلوم التطبيقية و الصناعية و الطبية و الزراعية هي الأخرى مجالا خصبا للابتكار والاختراع والاكتشافات العلمية ، ومنبعا خصبا لتكنولوجيا الحديثة في ظل ما يسمى بالثورة التكنولوجية،وأمام أهمية هده الوسائل فقد عملت الدول وخاصة المتقدمة منها على توفير الحماية القانونية اللازمة ، وذلك تشجيعا للبحت العلمي و خدمة الإنسانية.
وبراءة الاختراع هي حق المخترع في الاستئثار بفكرته الابتكارية و السر الصناعي الجديد ، واحتكار استغلالها اقتصاديا ، وهكذا فإن حقوق المخترع كحقوق مالية ، لا تثير فقط مشكلات ممارستها وحمايتها في العلاقات الوطنية ،بل أيضا في مجال العلاقات ذات الطابع الدولي فما هو القانون الواجب التطبيق إدا شب نزاع على مستوى الدولي؟
للإجابة عن هدا السؤال يجب التمييز بين حالتين :
الحالة الأولى: صدور البراءة في دولة واحدة ، والراجح في هده الحالة هو تطبيق قانون تلك الدولة المانحة البراءة،ودلك راجع أن هده البراءة لا تمنح إلى بعد إجراءات التسجيل والإيداع وهده الإجراءات تتم من طرف السلطة العامة لهده الدولة ،وهي لا تعمل إلا وفقا لقانونها الإقليمي والنقطة الثانية إن الدولة التي تمنح هده البراءة هي عادة الدولة التي نشأت بها الفكرة المبتكرة.
وهدا الرأي الغالب، أخذت به مجموعة من التشريعات منها القانون البيرو الذي نص على أنه "يسرى على وجود أثار الحقوق العينية المتعلقة بالأعمال...الصناعية....قانون المكان الذي سجلت فيه هده الحقوق" ونجد أيضا كل من القانون المجري ،و الكويتي ،و المصري أخذت هي لأخرى بهذا الرأي.
الحالة الثانية : صدور البراءة في دولة الأصل ،وحصول المخترع ، عن ذات الاختراع،على براءة في دولة أو دول أخرى،طلبت منها الحماية، وهي طريقة يجيزها المشرع المغربي.
والقانون الواجب التطبيق في هده الحالة هو قانون دولة الأصل المانحة للبراءة لأول مرة، ولكن هدا الرأي أصبح مهجورا ، نظرا لتعارضه مع مبدأ استقلال إقليمية البراءة المعمول به في كل الدول ، والذي أقرته كل الاتفاقيات الدولية التي سبق الإشارة لها.
وعليه فالراجح هو تطبيق قانون الدولة التي يطلب منها الحماية ، طالما قد أودع صاحب الاختراع طلب براءة في تلك الدولة ، إذن من الأفضل أن يعطى الاختصاص بناء على إقليم ، وقانون الدولة المطلوب منها الحماية سيكفل تحقيقي الحماية القانونية للحق الاحتكاري التشريع الاسباني يأخذ بهذا الحل حيت تنص المادة 4-10 مدني على أنه "يتم حماية حقوق الملكية الذهنية الصناعية على الإقليم الاسباني طبقا لتشريع ألاسباني دون المساس بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تكون اسبانيا طرفا فيها"
الفقرة ألثانية : الرسوم و النماذج الصناعية
هي الأخرى تولد حقوق معنوية مقومة بالمال، وهي كل ترتيب للخطوط على سطح المنتجات أو كل شكل أو قالب خارجي تصب فيه المنتجات والسلع، بألوان أو بدون ألوان .
وتخضع الرسوم والنماذج الصناعية في كثير من الدول لنظام التسجيل أو الإيداع ، وبالتالي فإن حمايتها ترتبط بتسجيلها، ولهذا فإن هذه الرسوم و النماذج تخضع وفق الاتجاه الفقهي الغالب لقانون البلد الذي أودعت أو سجلت فيه، ويطبق هذا القانون في نظر بعضهم ، كما رئينا بالنسبة لحقوق الاختراع، على أنه قانون موقع الرسوم والنماذج الصناعية.
ولكن يميل البعض الأخر من الفقه ،إلى ضرورة مراعاة قانون الدولة التي يتمسك فيها الشخص بحقه على الرسم و النموذج لديها، على أساس اعتبارات تتعلق بأمن الصناعة والتجارة وبالطابع الإقليمي للنظم المتعلقة بالرسوم و النماذج الصناعية.
وصفوة القول فإن الملكية الصناعية تبقى خاضعة لقانون الدولة التي تمنح حمايتها.
الفقرة الثالثة : العلامات الفارقة والأسماء التجارية
العلامة التجاريةMarque de commerce وهي عبارة عن إشارة أو رمز،يتألف من كلمة أو حرف أو رقم أو رسم أو صورة أو شعار أو إسم مختصر أو توقيع أو لون أو تشكيلة من الألوان أو نقش بارز ،يستخدم في تمييز منتجات أو سلع أي مشروع صناعي أو تجاري أو زراعي أو مجموعة من المشاريع ، أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات يؤديها ذلك المشروع.
و من الثابت و المعلوم أن العلامات التجارية هي وسيلة للحماية من المنافسة غير المشروعة،يستمد الحق فيها من الأسبقية في استعمالها،فإنها تخضع،في رأي الكثيرين،لقانون مكان منشأة الاستغلال،في حين نجد في القانون الفرنسي تخضع لقانون مكان التسجيل على غرار الرسوم و النماذج الصناعية ، وذلك بعد أن أصبح الحق في العلامات الفارقة المعلقة على تسجيلها وليس على استعمالها لأول مرة،كما أن الفقهاء الذين يتمسكون باعتبارات الأمن الاقتصادي،الصناعي والتجاري، يميلون إلى تطبيق القوانين المتعلقة بهذه العلامات والأسماء، وغيرها من المسائل المتعلقة بالملكية الصناعية والتجارية كافة تطبيق إقليميا .
وهكذا فإن مجمل القول هو أن العلامة التجارية حسب بعض الفقه يرى أنها تخضع لقانون البلد الذي استعملت فيه لأول مرة، بينما يرى البعض الأخر إخضاعها لقانون البلد الذي سجلت فيه لأول مرة وأما المحل التجاري فيخضع لقانون موقعه.
المطلب الثالث : الديون أو الحقوق الشخصية
وأما الديون فيرجع فيما يتعلق بانتقالها إما إلى نفس القانون الذي يحكم مصدرها (وهذا هو الرأي السائد في ألمانيا وسويسرا والبلاد الإسكندنافية) ،وإما إلى قانون محل إبرام الحوالة (وهذا الرأي هو السائد في انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية) أما الرأي السائد في فرنسا فهو إخضاع انتقال الديون إلى قانون موطن المدين.
أما اذا تجسدت الديون في صكوك فإذا كان الصك سندا لحالة امتزج الدين بالصك وأصبح كالمنقول العادي وخضع مثله لقانون الموقع ،وأما اذا كان الصك سندا اسميا فقد رأى بعض الفقهاء إخضاعه لقانون موطن الدائن باعتباره صاحب الحق، بينما رأى البعض الأخر إخضاعه لقانون موطن المدين لان الدعاوى ترفع أمام محكمة موطنه ويتم الوفاء فيه ، وأما الأسهم الاسمية فتخضع لقانون الهيئة التي أصدرتها.
وبخصوص الكمبيالات والشيكات والسندات الاذنية فقد رأى البعض إخضاعها لقانون محل الانعقاد كل التزام صرفي فيها بمعنى أن يخضع التزام الساحب لقانون محل السحب والتزام كل مظهر لقانون محل التظهير والتزام القابل لقانون محل القبول، وهذا هو الرأي الذي أخذت به اتفاقيتا جنيف المنعقدتان في سنتي 1930/1931 بخصوص الكمبيالة والشيك.
الخاتمة
نستخلص مما سبق أن المال لا يتمثل في الأشياء المادية فقط بل أيضا في الأشياء المعنوية التي ليس لها وجه مادي، بل أكثر من ذلك إن الحقوق المعنوية طغت بتأثير التطور الاجتماعي والاقتصادي على الأشياء المادية.
إن إشكالية تنازع القوانين في الأموال، تعرف إختلافا كبيرا في قواعد الإسناد في شأن الأموال ، و ذلك راجع لاختلاف الأسس الفلسفية للتشريعات بين الدول، لكن الملاحظة التي ينبغي التنبيه إليها هي أن الاختلاف المتحدث عنه يتوقف في حدود معرفة القانون الواجب التطبيق ، و لا يتجاوز ذلك إلى معرفة الحل القانوني لموضوع النزاع ، و هذا مرده لوظيفة القانون الدولي الخاص و قواعد الإسناد التي يقررها، فهي تكتفي بتبيان القانون الواجب تطبيقه و لا تتجاوز ذلك لوضع حل لموضوع النزاع.
و يبقى التساؤل الكبير الذي يسترعي الانتباه، هو إذا كان هذا الاختلاف على مستوى إقرار قواعد الإسناد بهذه الدرجة ، فكيف يستطيع القضاء الحسم خصوصا عندما يتعلق الأمر بإرجاع الإحالة ، أو بتعدد التفسيرات القضائية لقواعد الإسناد؟
وختاما إن مثل هده المواضيع لم تلقى ترحيبا من أقلام الباحتين، ولم تستوفي حظها من البحت بما يلق من قيمتها العلمية خاصة في بلادنا المغرب ،ولعلى السبب الرئيسي في دلك هو الفراغ التشريعي الذي يعاني منه هدا المجال مما يستدعي مراجعة تشريعية لظهير الوضعية المدنية للأجانب بالمغرب ، و ترك المجال مفتوحا أمام القضاء لمسايرة التطور الاجتماعي والاقتصادي عن طريق مراجعة مختلف القضايا والنزاعات في الأموال ذات العنصر الأجنبي ، تم خلق تعاون قضائي بين الدول لسد الفراغ القانوني على المستوى الدولي.
.
المراجع:
o أحمد زوكاغي،أحكام القانون الدولي الخاص في التشريع المغربي، تنازع القوانين،دار توبقال للنشر،الطبعة الأولى 1992.
o أحمد عبد الكريم سلامة،علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجا ،مكتبة الجلاء الجديدة،المنصورة- مصر،الطبعة لسنة 1996
o إبراهيم أحمد إبراهيم،الوجيز في القانون الدولي الخاص،الجزء الثاني تنازع القوانين الاختصاص القضائي الدولي.
o حفيظة سيد حداد،العقود المبرمة بين الدول و الأشخاص الخاصة الأجنبية، منشورات الحلبي الحقوقية.
o فؤاد ديب،القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين،مديرية الكتب و المطبوعات الجامعية،1991-1992.
o فؤاد عبد المنعم رياض سامية راشد ،أصول تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي ،دار النهضة العربية ، القاهرة 1990.
o محمد الأطرش،القانون الدولي الخاص ، مطبعة مرز ، مراكش ،2005 ، الطبعة الثانية .
o موسى عبود،الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي،الناشر المركز الثقافي العربي،الطبعة الأولى،أكتوبر 1994.