لقد أثارت واقعة إضرام النار في العلم الوطني ضجة كبيرة على المستوى الداخلي حيث أدانت هذا الفعل مختلف القوى الحية من هيآت للمجتمع المدني ومؤسسات وسياسين وحقوقيين، ومما لاشك فيه أن هذا السلوك غير مقبول ويمس بشعور المغاربة قاطبة ويسئ إلى رمز من رموز الأمة ألا وهو العلم المغربي .
وإسهاما منا في هذا النقاش حاولنا أن نقارب رأي القانون في هذه المسألة ، وإثارت إمكانية متابعة الضالعين في هذا العمل الإجرامي من عدمه.
واحتراما لمبدأ الشرعية الجنائية الذي يعد أحد أهم ركائز عملية التجريم والعقاب ، جرم المشرع المغربي فعل إهانة العلم الوطني وذلك من خلال الفصل 267-1 من القانون الجنائي الذي يجري سياقه الحرفي على ما يلي :" يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 10000 إلى 100000 درهم كل من أهان علم المملكة ورموزها كما هو منصوص عليه في الفصل 267-4 أدناه .
وإذا ارتكبت الإهانة خلال إجتماع أو تجمع فإن العقوبة تكون بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 10000 إلى 100000 درهم ..."
والوسائل التي ترتكب بها الإهانة والمحال عليها حسب الفصل 263 المذكور هي " بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أو وضعها أو بكتابة أو رسوم غير علنية" .
ومن خلال الإطلاع على الفصلين السابقين يتضح أن الركن المادي لجريمة الإهانة قائم ولو أنه لم يرد بأحد الصور التي عددناها قبل قليل ، إلا أن المشرع فتح الباب على مصراعيه للإهانة التي يدخل من ضمنها حسب اعتقادنا إضرام النار من خلال استعماله مصطلح " أو بأي وسيلة أخرى " .
وبالتالي وبناء على ما تقدم فإن العقوبة المخصصة لهذا الفعل هي الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 10000 إلى 100000 درهم ، على اعتبار أن فعل الإهانة تم في تجمع عمومي كما هو واضح من خلال الصور المتداولة .
هذا من جهة ، أما من جهة ثانية فإن الإشكال يثار حول كيفية تحريك المتابعة في مواجهة المشتبه فيها ، خصوصا أنها خارج التراب الوطني .
وهنا لا بد من لفت النظر إلى أن دول العالم وأمام ما أصبحت تطرحه الجرائم من خطورة خصوصا المنظمة منها ومساسها بمصالح مجموعة من الدول على اعتبار أن ركنها المادي يرتكب داخل تراب دول عدة أو أن المساهمين والمشاركين في هذه الجرائم يتواجدون في دول مختلفة ، وهو ما طرحت معه إشكالات عدة لعل أبرزها مسألة الاختصاص وما له من علاقة حساسة بالسيادة ، لذلك اهتدت الدول لمواجهة هذا النوع من الإجرام بنوع من النجاعة والفعالية إلى آليات للتعاون القضائي من خلال إبرام اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف وفي حالة عدم وجود اتفاقيات يتم التعامل بمبدأ المعاملة بالمثل .
وهذه الآليات متعددة ما يخصنا منها في نازلة الحال هي مسطرة تسليم المجرمين والشكاية الرسمية ، على اعتبار أننا في هذه النازلة أمام احتمالين، وهما إما أن تكون المشتبه فيها ذات جنسية واحدة أو أن تكون مزدوجة الجنسية أي تمتلك كل من الجنسيتين المغرببة والفرنسية .
فيما يخص الاحتمال الأول المتعلق بآحادية الجنسية وهي الجنسية المغربية لا يمكن إعمال أي آلية قضائية باستثناء سلوك مسطرة تسليم المجرمين ، وبالرجوع إلى المادة 713 من قانون المسطرة الجنائية نجدها تعطي الأولوية للاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية فيما يخص التعاون القضائي مع الدول الأجنبية ، ولا تطبق مقتضيات القسم الثالث من الكتاب السابع من القانون المذكور إلا في حالة عدم وجود اتفاقيات أو خلو هذه الأخيرة من الأحكام الواردة به .
وبالرجوع إلى الاتفاقيات الثنائية بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية نجد اتفاقية تسليم المجرمين المؤرخة في 2 أغسطس 2011 المنشورة بواسطة الظهير الشريف 1.09.259 (الجريدة الرسمية عدد 6003 بتاريخ 12 ديسمبر 2011 ) التي تشترط بعض الشروط لتطبيق مسطرة التسليم نذكر منها عدم تعلق الأمر بالجرائم السياسية والعسكرية لكن أهمها هي إزدواجية التجريم وأن يتعلق الأمر بعقوبة سالبة للحرية لا تقل عن سنتين أو أشد (المادة 2 من الاتفاقية ) .
ففيما يخص إزدواجية التجريم فالمشرع المغربي جرم الفعل كما أشرنا إلى ذلك آنفا ، كما أن القانون الفرنسي يجرم نفس الفعل في الفصل 433-5-1 من قانونه الجنائي ، أما الشرط الثاني المتعلق بأن تكون العقوبة السالبة للحرية كحد أدنى هي سنتان فما فوق ، فهو الذي يظهر أنه يثير بعض الإشكالات خصوصا فيما يتعلق بالنص الفرنسي لأن المشرع المغربي عاقب عليه بعقوبة يصل حدها الأقصى لخمس سنوات في حين أن النص الفرنسي عاقب عليه من خلال الفصل السابق الذكر في فقرته الثانية بعقوبة حبسية تصل لستة أشهر وغرامة قدرها 7500 أورو ، في حين العقوبة يجب أن تصل على الأقل لسنتين فما فوق .
مما نستخلص معه أن مسطرة تسليم المجرمين تحتمل التطبيق من عدمه أمام عدم وضوح نص الاتفاقية .
أما الإحتمال الثاني المتعلق بازدواجية الجنسية فلا يمكن في هذه الحالة إلا سلوك آلية الشكاية الرسمية على اعتبار أنه عندما يكون أحد المطلوبين من جنسية الدولة المطلوبة فإنه لا يمكن تسليم مواطنيها لمحاكمته في دولة أخرى .
وآلية الشكاية الرسمية أسست لها المادة الرابعة من نفس الاتفاقية المشار إليها ، كما نظمتها أيضا المادة 23 من اتفاقية التعاون القضائي في الميدان الجنائي بين المغرب وفرنسا المؤرخة في 2 أغسطس 2011 المنشورة بواسطة الظهير الشريف 1.09.256 ( ج ر عدد 6003 بتاريخ 12 ديسمبر 2011 ) والتي بدورها تشترط بعض الشروط على غرار مسطرة التسليم ،منها مسألة ازدواجية التجريم وأن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة ، وهي خلاف الاتفاقية السابقة لم تشترط حد أدنى للعقوبة السالبة للحرية مما يكون معه الردع في هذا الاحتمال عن هذا الفعل ميسرا إذا توفرت جميع الشروط المنوه عنها .
وإسهاما منا في هذا النقاش حاولنا أن نقارب رأي القانون في هذه المسألة ، وإثارت إمكانية متابعة الضالعين في هذا العمل الإجرامي من عدمه.
واحتراما لمبدأ الشرعية الجنائية الذي يعد أحد أهم ركائز عملية التجريم والعقاب ، جرم المشرع المغربي فعل إهانة العلم الوطني وذلك من خلال الفصل 267-1 من القانون الجنائي الذي يجري سياقه الحرفي على ما يلي :" يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 10000 إلى 100000 درهم كل من أهان علم المملكة ورموزها كما هو منصوص عليه في الفصل 267-4 أدناه .
وإذا ارتكبت الإهانة خلال إجتماع أو تجمع فإن العقوبة تكون بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 10000 إلى 100000 درهم ..."
والوسائل التي ترتكب بها الإهانة والمحال عليها حسب الفصل 263 المذكور هي " بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أو وضعها أو بكتابة أو رسوم غير علنية" .
ومن خلال الإطلاع على الفصلين السابقين يتضح أن الركن المادي لجريمة الإهانة قائم ولو أنه لم يرد بأحد الصور التي عددناها قبل قليل ، إلا أن المشرع فتح الباب على مصراعيه للإهانة التي يدخل من ضمنها حسب اعتقادنا إضرام النار من خلال استعماله مصطلح " أو بأي وسيلة أخرى " .
وبالتالي وبناء على ما تقدم فإن العقوبة المخصصة لهذا الفعل هي الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 10000 إلى 100000 درهم ، على اعتبار أن فعل الإهانة تم في تجمع عمومي كما هو واضح من خلال الصور المتداولة .
هذا من جهة ، أما من جهة ثانية فإن الإشكال يثار حول كيفية تحريك المتابعة في مواجهة المشتبه فيها ، خصوصا أنها خارج التراب الوطني .
وهنا لا بد من لفت النظر إلى أن دول العالم وأمام ما أصبحت تطرحه الجرائم من خطورة خصوصا المنظمة منها ومساسها بمصالح مجموعة من الدول على اعتبار أن ركنها المادي يرتكب داخل تراب دول عدة أو أن المساهمين والمشاركين في هذه الجرائم يتواجدون في دول مختلفة ، وهو ما طرحت معه إشكالات عدة لعل أبرزها مسألة الاختصاص وما له من علاقة حساسة بالسيادة ، لذلك اهتدت الدول لمواجهة هذا النوع من الإجرام بنوع من النجاعة والفعالية إلى آليات للتعاون القضائي من خلال إبرام اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف وفي حالة عدم وجود اتفاقيات يتم التعامل بمبدأ المعاملة بالمثل .
وهذه الآليات متعددة ما يخصنا منها في نازلة الحال هي مسطرة تسليم المجرمين والشكاية الرسمية ، على اعتبار أننا في هذه النازلة أمام احتمالين، وهما إما أن تكون المشتبه فيها ذات جنسية واحدة أو أن تكون مزدوجة الجنسية أي تمتلك كل من الجنسيتين المغرببة والفرنسية .
فيما يخص الاحتمال الأول المتعلق بآحادية الجنسية وهي الجنسية المغربية لا يمكن إعمال أي آلية قضائية باستثناء سلوك مسطرة تسليم المجرمين ، وبالرجوع إلى المادة 713 من قانون المسطرة الجنائية نجدها تعطي الأولوية للاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية فيما يخص التعاون القضائي مع الدول الأجنبية ، ولا تطبق مقتضيات القسم الثالث من الكتاب السابع من القانون المذكور إلا في حالة عدم وجود اتفاقيات أو خلو هذه الأخيرة من الأحكام الواردة به .
وبالرجوع إلى الاتفاقيات الثنائية بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية نجد اتفاقية تسليم المجرمين المؤرخة في 2 أغسطس 2011 المنشورة بواسطة الظهير الشريف 1.09.259 (الجريدة الرسمية عدد 6003 بتاريخ 12 ديسمبر 2011 ) التي تشترط بعض الشروط لتطبيق مسطرة التسليم نذكر منها عدم تعلق الأمر بالجرائم السياسية والعسكرية لكن أهمها هي إزدواجية التجريم وأن يتعلق الأمر بعقوبة سالبة للحرية لا تقل عن سنتين أو أشد (المادة 2 من الاتفاقية ) .
ففيما يخص إزدواجية التجريم فالمشرع المغربي جرم الفعل كما أشرنا إلى ذلك آنفا ، كما أن القانون الفرنسي يجرم نفس الفعل في الفصل 433-5-1 من قانونه الجنائي ، أما الشرط الثاني المتعلق بأن تكون العقوبة السالبة للحرية كحد أدنى هي سنتان فما فوق ، فهو الذي يظهر أنه يثير بعض الإشكالات خصوصا فيما يتعلق بالنص الفرنسي لأن المشرع المغربي عاقب عليه بعقوبة يصل حدها الأقصى لخمس سنوات في حين أن النص الفرنسي عاقب عليه من خلال الفصل السابق الذكر في فقرته الثانية بعقوبة حبسية تصل لستة أشهر وغرامة قدرها 7500 أورو ، في حين العقوبة يجب أن تصل على الأقل لسنتين فما فوق .
مما نستخلص معه أن مسطرة تسليم المجرمين تحتمل التطبيق من عدمه أمام عدم وضوح نص الاتفاقية .
أما الإحتمال الثاني المتعلق بازدواجية الجنسية فلا يمكن في هذه الحالة إلا سلوك آلية الشكاية الرسمية على اعتبار أنه عندما يكون أحد المطلوبين من جنسية الدولة المطلوبة فإنه لا يمكن تسليم مواطنيها لمحاكمته في دولة أخرى .
وآلية الشكاية الرسمية أسست لها المادة الرابعة من نفس الاتفاقية المشار إليها ، كما نظمتها أيضا المادة 23 من اتفاقية التعاون القضائي في الميدان الجنائي بين المغرب وفرنسا المؤرخة في 2 أغسطس 2011 المنشورة بواسطة الظهير الشريف 1.09.256 ( ج ر عدد 6003 بتاريخ 12 ديسمبر 2011 ) والتي بدورها تشترط بعض الشروط على غرار مسطرة التسليم ،منها مسألة ازدواجية التجريم وأن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة ، وهي خلاف الاتفاقية السابقة لم تشترط حد أدنى للعقوبة السالبة للحرية مما يكون معه الردع في هذا الاحتمال عن هذا الفعل ميسرا إذا توفرت جميع الشروط المنوه عنها .