تعد العلاقة الزوجية أسمى ما عرفته البشرية، لكونها ترقى بالإنسان من الدائرة الحيوانية إلى علاقة روحية يشعر فيها أنه أرقى الكائنات، إذ يربط نفسه بغيره ضمن علاقة وثيقة اهتمت بها مختلف الشرائع السماوية، غير أنه تبقى الشريعة الإسلامية من الشرائع التي وضعت إطارا متميزا لهذا النظام القائم على الحقوق والالتزامات المتبادلة، حيث إن الزواج سنة الله في خلقه المحمل بأمانة الاستخلاف في الأرض، غايته الإحصان والعفاف وتحقيق التوازن النفسي والاستقرار الروحي، مصداقا لقوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"[1]، وتأكيدا على أهمية هذا الرباط الشرعي ونظرا لقوته وعظمته وعلو شرفه ولما له من أهمية في بناء الأسرة، وصفه الله تعالى في كتابه العزيز بالميثاق الغليظ مصداقا لقوله تعالى: " وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا"[2]. ويعرف الزواج في الشريعة الإسلامية على أنه استمتاع كل من الزوج والزوجة ببعضهما بهدف حفظ النوع الإنساني وتكاثره لعمارة الأرض وعبادة الله.
إن مؤسسة الزواج في الشريعة الإسلامية لا يشترط فيها إلا الرضا والإشهاد دون أي شكلية أخرى، أي أنه يستوجب فقط تحقق إرادة طرفيه - رجل وامرأة - ثم تحديد الصداق وحضور الولي، والإشهاد عليه، ليقوم عقد الزواج وتترتب عنه كافة الآثار الشرعية.
وإلى جانب هذا الاهتمام الذي خص به الفقه الإسلامي مؤسسة الزواج، فإن المشرع الوضعي لم يكن بدوره بمنأى عن هذا الاهتمام، حيث دأبت المجتمعات الإسلامية في العهود الأخيرة على تقنين الأحكام الشرعية على شكل مدونات، قد تلتزم فيها بمذهب وقد تجمع بين جملة من المذاهب، وقد تبحث عن أيسر الأحكام في الاجتهاد الفقهي للعمل بمقتضاه حسب طبيعة المجتمع والظرفية التي يمر بها. وقد بدأها المشرع المغربي بعد الاستقلال بمدونة الأحوال الشخصية[3]، وأنهاها بمدونة الأسرة[4].
ولما فشت سنة التطور وتصاعدت أزمة الثقة وتراجع الوازع الديني والأخلاقي، وتوالت محاولات ضعاف النفوس للتهرب من مسؤولياتهم، اقتضى الوضع فرض شكلية توثيق عقد الزواج، لما لهذا الأخير من آثار تمتد إلى الزوجة والأطفال، ولأن الاستفادة من أي تصرف قد يقوم به الشخص يقف عند ضرورة إثباته، وعقد الزواج لا يخرج عن هذه القاعدة أي أن الاستفادة من آثاره تستوجب بالضرورة إثبات وجوده. وقد كان الفصلان 41 و42 من مدونة الأحوال الشخصية بداية عهد توثيق عقد الزواج بالمغرب، وبسبب تفشي الأمية وعدم استيعاب أحكام النصوص التشريعية والمكتوبة خاصة، سمح المشرع للقاضي بسماع دعوى ثبوت الزوجية بصفة استثنائية عن طريق البينة الشرعية.
وترسيخا لهذا المبدأ نصت المادة 16 من مدونة الأسرة على أنه: "تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة الوحيدة المقبولة لإثبات الزواج. إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة"[5]. والملاحظ أن المشرع احتفظ بنفس مضمون ما جاء في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة لكن بصياغة أكثر وضوحا مما كانت عليه، غير أنه لم يحصر وسائل الإثبات كما كان الأمر بالنسبة للفقرة الأخيرة من الفصل الخامس من م.أ.ش، وجاء اللفظ عاما ليشمل كل ما من شأنه أن يساعد على ذلك. كما يستفاد من نص الفقرة الثالثة من المادة 16 أيضا أنه على القاضي أن يراعي وجود أبناء من عدمه لكون هذا الاستثناء الذي أقره المشرع يهدف بالأساس إلى حماية حقوق الأطفال من نسب ونفقة وارث وغيرها من الحقوق.
أهمية الموضوع:
تكمن أهمية هذا الموضوع في كونه يمس الأسرة التي تعتبر الخلية الأساسية للمجتمع، وفي صلاحها صلاح المجتمع ككل، حيث يعد إثبات الزواج ضمانة لاستقرار كيان الأسرة برمتها، وحقوق مكوناتها، بما في ذلك الأبناء.
إشكالية الموضوع:
إن انقضاء الفترة الانتقالية التي جاءت بها الفقرة الأخيرة في المادة 16 من مدونة الأسرة، يجعلنا نطرح إشكالية مفادها: إلى أي مدى يمكن اعتبار عقد الزواج الوسيلة الوحيدة لإثبات العلاقة
الزوجية بعد انتهاء فترة سماع دعوى الزوجية؟
المنهج المعتمد:
لدراسة هذا الموضوع اعتمدنا كل من المنهج التحليلي والوصفي من خلال وصف وتحليل المقتضيات القانونية ذات الصلة بإثبات العلاقة الزوجية.
خطة البحث:
وللإجابة على الإشكالية التي يطرحها هذا الموضوع ومحاولة الإلمام ما أمكن بجميع جوانبه ارتأينا تقسيم مقالنا المتواضع هذا إلى مبحثين:
- المبحث الأول: إثبات العلاقة الزوجية أثناء الفترة الانتقالية
- المبحث الثاني: العلاقات الزوجية غير الموثقة بعد انقضاء
المبحث الأول: إثبات العلاقة الزوجية أثناء الفترة الانتقالية لسماع دعوى الزوجية.
يكتسي الزواج أهمية كبرى كونه أساس نشأة الأسرة التي تمثل النواة الأولى للمجتمع وأحد ركائزه، وفي صلاحها صلاح المجتمع كله، إلا أنها منوطة بوجود وثيقة عقد الزواج التي تحفظ حقوق طرفي العلاقة الزوجية، إلا أن العادات والتقاليد المغربية وما خلفته من علاقات زوجية غير موثقة، دفعت المشرع المغربي للخروج عن القاعدة وفتح باب توثيق هذه العلاقات كحالة استثنائية (المطلب الأول) باعتماد سائر وسائل الإثبات (المطلب الثاني).
المطلب الأول: إثبات العلاقة الزوجية بين القاعدة والاستثناء.
تعد مسألة إثبات العلاقة الزوجية من بين أكثر القضايا المطروحة داخل المحاكم، وذلك لكون عقد الزواج أهم وثيقة يتم الاعتماد عليها عند نشوء أي نزاع داخل مؤسسة الأسرة، وهذا ما دفع المشرع المغربي للتأكيد على أهمية كتابة عقد الزواج وفق الشكل المطلوب قانونا، فجعل كتابة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثباته (الفقرة الأولى)، غير أن هناك العديد من المواطنين لم يوثقوا عقود زواجهم، مما جعل المشرع يخرج استثناءً على هذه القاعدة ليفتح المجال لإثبات هذا الزواج بحكم قضائي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: القاعدة في إثبات العلاقة الزوجية.
تكتسي كتابة عقد الزواج دورا كبيرا في إثبات العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، خاصة في زمننا هذا الذي انعدم فيه ضمير كثير من الناس، حيث يعد الزواج بدون عقد كتابي وسيلة لحرمان المرأة من مستحقاتها في حال أراد الزوج إنهاء الرابطة الزوجية والتهرب من النفقة والاعتراف بالأطفال وكذا حرمانها من الإرث عند وفاة الزوج.
ورغم مكانة توثيق عقد الزواج في حفظ مؤسسته، إلا أن الكتابة عند السادة المالكية ليست بركن أو شرط لصحة هذا العقد، ذلك أنه عقد رضائي ينعقد بالرضا والقبول، لكنه غدا عقدا شكليا في ظل القوانين السارية، سواء في ظل مدونة الأحوال الشخصية أو مدونة الأسرة[6].حيث جعلت مدونة الأسرة الكتابة شرطا من شروط صحة عقد الزواج فنصت في الفقرة الرابعة من المادة 13 على شرط " سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه"[7]؛ وعبارة توثيقه هنا تدل على كتابة عقد الزواج، فضلا عن أن المشرع المغربي نص في الفقرة الأولى من المادة 16 من م أ على أنه " تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج"[8]، وتمر هذه الوثيقة عبر سلسلة من الإجراءات الشكلية التي تم التنصيص عليها في المواد من 65 إلى 69 من م أ.
وقد أناط المشرع مهمة تحرير وثيقة الزواج لعدلين منتصبين للإشهاد، بعد إدلاء الخطيبين بإذن الزواج يسلم لهما من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج. ولا تكون الكتابة المتضمنة في عقد الزواج رسمية إلا بعد أن يخاطب عليها قاضي التوثيق مع وضع طابعه؛ حتى يتسنى لهذا الأخير مراقبة مدى صحة العقد ومدى صحة توثيقه[9]. فتكون وثيقة الزواج المحررة وفق الشكل الذي حدده المشرع وثيقة رسمية ذات حجة قاطعة على الكافة ولا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير[10] طبقا لمقتضيات القانون رقم 03.16 بشأن خطة العدالة[11] في المادتين34 و 35.[12]
وقد أقرَّ المشرع المغربي قاعدة الكتابة وأولاها مكانة سامية لرغبته في إرساء دعائم الأسرة على أسس تابثة تضمن لها الاستقرار والاطمئنان، حيث أحاط عقد الزواج بسياج من الشكلية لسد جميع منافذ العبث بهذه الرابطة المقدسة.
وعليه، فإن اعتبار وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج أمر طبيعي وبديهي، نظرا للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفها المغرب في اتجاه التنظيم والخضوع للقانون، إذ لا يعقل في القرن الواحد والعشرين وفي إطار مجتمع حداثي ومنفتح على كل تطورات العصر، أن يسمح لبعض الأعراف أو العادات بمخالفة القانون الذي يعتبر أسمى تعبير عن إرادة الأمة، أو إثبات علاقة على درجة كبيرة من الأهمية كعلاقة الزواج بالنظر إلى خطورة الآثار المترتبة عنها فقط بوسائل أخرى غير الكتابة.
الفقرة الثانية: حالة الاستثناء في إثبات العلاقة الزوجية.
أضفى المشرع على وثيقة الزواج الصفة الرسمية؛ واعتبرها الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج كقاعدة أصلية؛ لأنه بمقتضاها تقوم الزوجية قانونا بين المتعاقدين، وتعطي للآثار المترتبة عليها قيمتها إذا ما وجد نزاع بشأنها. غير أن هناك العديد من المواطنين لم يوثقوا عقود زواجهم وبالتالي لا يتوفرون على وسيلة قانونية لإثباته. وذلك ما جعل المشرع المغربي سواء في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة[13]، أو في مدونة الأسرة- يجيز إثبات العلاقة الزوجية حتى في حالة انعدام وثيقة عقد الزواج؛ وذلك من أجل إتاحة الفرصة للأزواج الذين لم يوثقوا زواجهم لاستدراك الأمر وإضفاء الصفة الشرعية والقانونية على زواجهم، حفاظا على حقوق الأسرة، وحماية للأنساب من الاختلاط والضياع. فتضمنت الفقرة الثانية من المادة 16[14] مقتضيات تسمح لكل الأزواج الذين لم يتمكنوا من توثيق عقود زواجهم طبقا للقانون اللجوءَ إلى القضاء لطلب لاستصدار حكم بثبوت الزوجية وفق مسطرة معينة. وقد وضع المشرع لهذا الاستثناء أجلا محددا في فترة انتقالية لم تتعدّ بموجب التعديلات التي تعرضت لها هذه المادة خمسة عشر سنة[15] من تاريخ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ.
إلا أنه وإن أتاح المشرع سماع دعوى الزوجية فقد قيده بشرط إثبات السبب القاهر الذي حال دون توثيق عقد الزواج، فنصت المادة 16 في فقرتها الثانية على أنه : "إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة"[16] فإثبات السبب القاهر حسب المقتضيات أعلاه مقدمة أولية لقبول دعوى ثبوت الزوجية. غير أن المشرع لم يبين في مدونة الأسرة مفهوم السبب القاهر الواجب اعتماده في هذا الصدد، ربما لأن الأمر يتعلق بوقائع قد تختلف وتتغير من نزاع لأخر، مع ملاحظة أن المشرع يتحدث عن الأسباب مما يفيد ضمنيا تعددها وتنوعها[17]. فيبقى بذلك السبب القاهر مسألة موضوعية يندرج تقديره ضمن السلطة التقديرية للقضاء. فقد ترك المشرع المغربي بسكوته المجال واسعا للمحاكم لإعمال سلطتها التقديرية في اعتبار السبب قاهرا من عدمه. وهذا ما أدى إلى اختلاف توجهات هذه المحاكم في هذا الشأن لاختلاف رؤية كل قاض، إذ أن ما يعتبر سببا قاهرا يبرر سماع دعوى الزوجية في نظر محكمة معينة ، قد لا يرقى في نظر محكمة أخرى إلى مستوى السبب القاهر المبرر لسماع هذه الدعوى[18]. وفي هذا الصدد، يمكن للمحكمة أن تجري البحث في الظروف والقرائن التي تؤكد وجود العلاقة الزوجية،باعتماد جميع وسائل الإثبات في سماع دعوى الزوجية بما في ذلك الخبرة، وتبقى شهادة الشهود الوسيلة الأكثر شيوعا واعتمادا للتأكد من توفر العقد على أركانه وشروطه[19].
ولما كان أثر عقد الزواج غير منحصر على الأزواج فقط بل ينفذ إلى الأطفال كذلك؛ أولت مدونة الأسرة اهتماما خاصا لحقوق الأطفال الناتجين عن الزواج غير الموثق فنصت في الفقرة الثانية من المادة 16 على أنه يجب على المحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار أثناء سماع دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن هذه العلاقة الزوجية[20]. فإذا تم إثبات الزوجية يتم تبعا لذلك إثبات جميع الآثار المترتبة عنها من نسب ونفقة وإرث.
ويتبين لنا مما سبق أن الحكم بثبوت الزوجية له أثر كاشف لعقد الزواج وليس منشأ له، إذ يكون العقد ناشئا بأركانه وشروطه سلفا، ويبقى الحكم القضائي القاضي بإثبات العلاقة الزوجية مثبتا ومعاينا لقيام العلاقة الزوجية.
ويرجع إقرار هذا المقتضى القانوني الاستثنائي إلى واقع المجتمع المغربي الذي ما زال يعرف استمرار بعض العادات والتقاليد في الزواج؛ حيث يتم الاستغناء عن التوثيق العدلي لعقود الزواج والاكتفاء بقراءة الفاتحة وما جرت به العادات المتعارف عليها نظرا لغياب أدنى جزاء رادع.
المطلب الثاني: وسائل إثبات العلاقة الزوجية غير الموثقة.
اعتمدت مدونة الأحوال الشخصية على البينة في إثبات الزواج غير الموثق، خلافا لمدونة الأسرة التي اعتمدت في المادة 16 سائر وسائل الإثبات القانونية سواء الموضوعية أو الإجرائية وكذا وسائل الإثبات الشرعية؛ لهذا سنقوم بدراسة وسائل الإثبات الشرعية في الفقرة الأولى في حين سنتناول وسائل الإثبات القانونية في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: إثبات الزواج غير الموثق بالوسائل الشرعية.
من خلال المادة 16 من المدونة؛ نجد أن المشرع سمح بإثبات العلاقة الزوجية غير الموثقة بسائر وسائل الإثبات المقبولة قانونا وكذا شرعا، وهذه الأخيرة تتمثل في الشهادة العلمية للعدول وبينة السماع، أو ظهور الناس بمظهر الأزواج، وكذلك التقارر، وسنتناول كل وسيلة على حدى كالتالي:
أولا: الشهادة العلمية للعدول:
هي وسيلة مستقلة في إثبات الزواج غير الموثق، على اعتبار أنها تقوم على شهادة عدلين منتصبين للإشهاد في واقعة يعلمونها معاينة أو سماعا أو اطلاعا على أحوال المشهود له أو عليه، وتكون هذه الشهادة بناء على إذن قاضي التوثيق، وتضمن في رسم عدلي وترجح على شهادة اللفيف في حالة التعارض.ويجوز الاعتماد عليها وحدها للقول بثبوت الزوجية.[21]
ثانيا: بينة السماع:
إن بينة السماع هي كل موجب لفيفي يشهد شهوده بقيام الزوجية وذيوع خبرها وشيوعها بينهم، تأسيسا على السماع الفاشي الذائع بين الناس. ويشترط في شهادة السماع الاستفاضة، والسلامة من الريبة المؤدية إلى تغليط الشاهد، وفي هذا الصدد يقول ابن عاصم في تحفته:
وأعملت شهادة السماع في الحمل والنكاح والرضاع[22]
ويقول أحد الفقهاء وهو بصدد شرح البيت أعلاه أنه إذا ادعى رجل على امرأة نكاحها، وناكرته في ذلك، وقامت له بذلك بينة شهدت له، وقالوا لا زلنا نسمع من الثقات وغيرهم سماعا فاشيا أن فلانا تزوج فلانة بعقد صحيح، سواء أكانت في حوزه أم لا، وقيل لا تقبل بينة السماع إلا إذا كانت الزوجة في حوزة الزوج.[23]
ثالثا: التقارر:
ويقصد به اعتراف الزوجين بقيام العلاقة الزوجية بينهما، وهو وإن كان أقوى وسائل الإثبات وأكثرها حجية اتفاقا، لأن أحق ما يؤاخذ به المرء إقراره الصحيح الطوعي على نفسه؛ إلا أنه في موضوع ثبوت الزوجية لايغني عن شهادة الشهود، أي يجب أن يضمن في رسم التقارر شهادة الشهود الذين يشهدون بصحة الزوجية بين الطرفي.
ولخصوصية هذه الوسيلة في الإثبات استثنى الفقهاء من ذلك حالة الزوجين الطارئين على البلاد شريطة أن لا يكون تقدم بينهما نزاع وأن يكون التقارر في الصحة. وأسس المجلس الأعلى سابقا - محكمة النقض حاليا- قضاءه على أن "من شروط صحة التقارر أن يكون المتقارران طارئين لا حاضرين كما هو في النازلة"[24].
الفقرة الثانية: إثبات الزواج غير الموثق بالوسائل القانونية.
وسائل الإثبات القانونية تنقسم إلى قسمين وسائل إثبات موضوعية منصوص عليها في ق. ل.ع.، ووسائل إثبات إجرائية تناولها المشرع في ق.م.م، حددها المشرع المغربي في الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود فنص على أن وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي:
أولا: الإقرار:
في هذا الصدد يتم الاعتماد على الإقرار في إثبات الزواج غير الموثق، فالإقرار في اللغة من أقر بالشيء إذا اعترف به، وهو ضد الجحود ورديفا لاعتراف، وأصله اللغة التمكن والاستقرار، وفي الاصطلاح "إخبار بحق لآخر عليه"
ولهذا لم يدخل مشرع المدونة الإقرار ضمن وسائل إثبات الزواج، وذكره في إثبات النسب لتعلق حق الغير به وهو الولد المقر به، لكن رغم عدم تبني المشرع له كوسيلة لإثبات الزواج، فنجد أن بعض المحاكم اعتمدته كوسيلة تغني عن باقي الوسائل الأخرى متمسكة بمقتضيات الفصل 405 من ق ل ع، دون نقض هذه الوسيلة.
وهكذا؛ فإن المجلس الأعلى في أحد قراراته قد أقر بثبوت الزوجية اعتمادا على الإقرار، حيث جاء فيه: "يكون قرار المحكمة صائبا حينما اعتمدت في دعوى ثبوت الزوجية على سائر وسائل الإثبات المنصوص عليها في المادة 16 من م.أ و من بينها التزام مصحح الإمضاء صادر عن الزوج الهالك قيد حياته و الذي يتضمن إقراره بالزواج منها مدة أربع سنوات خلت دون كتابة عقد الزواج وأن هذه العلاقة أسفرت عن ولادة بنت فضلا عن وجود الإذن الصادر عن قاضي التوثيق الذي أذن فيه للزوجين بإنجاز رسم ثبوت الزوجية قبل الوفاة"[25].
ولم يكن الإقرار كافيا، فعمدت المحكمة إلى بناء الحكم على قرائن منها، ازدياد البنت و الإذن المستصدر من القاضي[26].
ثانيا: الكتابة:
أما في ما يخص الكتابة فمحكمة النقض أقرت بصحة الالتزام المكتوب الذي أخده الخاطب على نفسه بشأن إتمام إجراءات الزواج في المستقبل، وقد جاء هذا الالتزام لتقوية شهادة الشهود بوجود العلاقة الزوجية،[27] حيث جاء في نص القرار أن "المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه، لما ثبت لها أن العلاقة الزوجية قائمة بين الطرفين، استنادا إلى مقتضيات المادة16 التي تنص على أن المحكمة تعتمد في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات معتمدة في ذلك على شهادة الشهود والمستمع إليهم بعد أدائهم اليمين القانونية والذين أثبتوا أن العلاقة الزوجية قائمة بين الطرفين لكون الزوجة زفت إلى بيت الزوجية، وكذلك على الالتزام الطاعن المصادق عليه في 9 فبراير 1999، جماعة دوار أولاد زيدوح، والذي يتضمن أنه يلتزم بمقتضاه بإتمام إجراءات الزواج مع المطلوبة في النقض بعدما وعدها به، تكون قد أقامت قضاءها على وثائق لها أصلها في الملف ولم تخرق لا القانون ولا القاعدة المتمسك بها من طرف الطاعن، فجاء قرارها معللا تعليلا كافيا"[28].
ثالثا: القرائن:
قد يلجأ القضاء أيضا إلى إعمال القرائن التي من شأنها أن ترجح بينة المدعي أو تكمل ما يمكن أن يعتريها من نقص أو خلل، ومن الأحكام التي سارت في هذا الاتجاه ما أقرته ابتدائية أصيلة في أحد قراراتها الذي جاء فيه: "وحيث صرح الطرفان بوقوع خطبة بينهما في 2003/10/04 واتفقا على كافة بنود عقد الزواج بحضور الولي وتحديد قدر الصداق والإيجاب والقبول وهو ما عززاه بصور فوتوغرافية وبإقامة حفل بذلك وبالتزام صادر عنها. وحيث أنه اعتبارا للوثائق المشار إليها أعلاه والتي اعتبرتها المحكمة قرينة على قيام العلاقة الزوجية بين المدعي الأول والمدعية الثانية وانسجام وقائع هذه الدعوى مع روح المادة 16 وذلك بوجود أسباب قاهرة لتوثيق عقد الزواج المتمثلة في سفر الطرفين إلى فرنسا وطول مدة العلاقة الزوجية ووجود ولدين نتجا عن هذه العلاقة، وتبعا لذلك فإن المحكمة اقتنعت بصحة الدعوى ويتعين الاستجابة لها"[29].
كما أن الاجتهاد القضائي قد يأخذ في دراسته للأسباب القاهرة قرينة وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية طبقا للفقرة الثالثة من المادة 16 من مدونة الأسرة التي تنص على أن "المحكمة تأخذ بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين".
رابعا: شهادة الشهود
تعتبر شهادة الشهود وسيلة من وسائل الإثبات الأكثر شيوعاً في إثبات العلاقة الزوجية، وقد ترك المشرع المغربي الباب مفتوحا أمام القضاء للأخذ بها حسب حيثيات كل حالة على حدة، وهو ما جعل الاجتهاد القضائي يتعامل بنوع من المرونة مع بعض القضايا في حالة وجود قرائن تزكي شهادة الشهود.
وهو ما يستنتج من القرار الصادر عن محكمة النقض، والذي جاء فيه: "استماع المحكمة في جلسة البحث إلى سبعة شهود دون النصاب الشرعي للشهادة، وتعزيز شهادتهم بالصور الفوتوغرافية للطرفين في حفل زفافهما أخذت لهما في غرفة النوم وإقرار الطالب أن تلك الصور تتعلق به ، كل ذلك يعد دليلا على توفر الرضا، إضافة إلى وجود طفل ناتج عن تلك العلاقة وانتهت إلى القول بثبوت الزوجية غير خارقة للمادة 16 من مدونة الأسرة"[30]. في حين نجد الاجتهاد القضائي يتشدد في ضرورة توفر الشهادة على النصاب الشرعي المتمثل في شاهدين عدلين أو ما يعادلهما من لفيف يتكون من اثنا عشر شاهدا لما هو مقرر في المشهور في الفقه المالكي.
خامسا: الخبرة:
سمح المشرع بإثبات العلاقة الزوجية غير الموثقة بالخبرة القضائية، حيث أشارت المادة 16 من مدونة الأسرة في فقرتها الثانية على أنه: " إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة..." فالخبرة الطبية المتمثلة في البصمة الوراثية لا يمكن أن تستقل لوحدها كأهم وسيلة لإثبات الزوجية، وإنما يمكن أن تكون قرينة أساسية تساعد على إثبات الزواج وفي نفس الوقت تحافظ على الأنساب وذلك في الحالة التي ترفع فيها دعوى الزوجية وينكر الزوج هذه العلاقة، وتقدم الزوجة بالإضافة إلى الوسائل المثبتة للعلاقة الزوجية دفوعا إضافية بإثبات نسب الحمل أو الأبناء المزداد يندا خلال أجل القانوني. وهذا ما ذهب إليه العمل القضائي في حكم لابتدائية الرباط بتاريخ 2006/04/13 تحت عدد 555 في الملف عدد 03/1291/10 حيث ارتكز على شهادة الشهود والخبرة المنجزة بثبوت الزوجية بين مقيمة الدعوى و المقامة عليه، حيث أنه بعدما تنكر للعلاقة أكدت المدعية شروط وأركان الزوجية من إيجاب وقبول وصداق وولي، وأوضحت أن السبب الذي حال دون توثيق عقد الزواج في وقته تمثل في ثقتها في المدعى عليه، فاستمعت المحكمة للشهود، فصرحوا بأنهم يعرفون الطرفين كزوجين، إما بحكم تبادل الزيارات معهم بالنسبة للشاهدين الأولين، وإما بحكم علاقة الجوار بالنسبة للثالث، وإما لكونهما اکتريا منه دارا في ملكه مقر البيت الزوجية وأقاما بها مدة أربعة سنوات ازداد لهما خلالها ابن، بالنسبة للشاهد الأخير، ثم أمرت بإجراء خبرة طبية على الخلايا الوراثية، قام بإنجازها مدير المختبر الجيني للدرك الملكي بالرباط، وانتهى إلى أن المدعى عليه هو الأب البيولوجي للطفل بنسبة 99.99 فحكمت المحكمة بالمصادقة عليها وثبوت الزوجية بينهما وثبوت نسب الابن إليه[31].
المبحث الثاني: العلاقات الزوجية غير الموثقة بعد انقضاء أجل تقديم دعوى الزوجية.
إن المشرع المغربي أتاح لمن فاته توثيق الزواج استدراك الأمر بالإدلاء بما يثبت هذا الزواج غير العقد، إلا أنه قيد ذلك بأجل لم يمدد بعد انقضائه وذلك لأسباب سنحاول ذكر بعض منها في المطلب الأول لنتحدث بعد ذلك في المطلب الثاني عن توجه القضاء في أحكامه وقراراته المتعلقة بإثبات العلاقات الزوجية غير الموثقة بعد انصرام المدة الانتقالية لسماع دعوى الزوجية.
المطلب الأول: دواعي عدم تمديد أجل تقديم دعوى ثبوت الزوجية.
نصت المادة 16 من مدونة الأسرة على العمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات تنتهي بحلول سنة 2009، وبعد ذلك تم تعديل هذه المادة ومُددت هذه الفترة لعشر سنوات أخرى انتهت بحلول شهر فبراير 2019، ثم تقرر عدم تمديد هذا الآجال مرة أخرى والدخول في سلسلة من التمديدات التي لن تنتهي نظرا لكون حالات عدم توثيق عقد الزواج في تزايد مستمر، حيث أن بعض الأشخاص يستغلون مقتضى إثبات الزوجية المنصوص عليه في هذه المادة للتحايل على المقتضيات القانونية المتعلقة بتعدد الزوجات (الفقرة الأولى)، وكذا زواج القاصر (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التحايل من أجل التعدد.
نظم المشرع المغربي مسألة تعدد الزوجات في مدونة الأسرة حيث خصص لهذا الغرض المواد من 40 إلى 46، حيت منعت هذه الأخيرة التعدد متى خيف عدم العدل بين الزوجات ومتى اشترطت الزوجة عدم التزوج عليها.[32] غير أنه مع انتفاء شرط الامتناع عن التعدد من الزوجة يمكن للراغب في التعدد أن يقدم طلب الإذن بذلك للمحكمة التي خول لها المشرع رفض الطلب في الحالة التي يخاف معها عدم العدل بعد قيام التعدد، اعتمادا على مجرد قرائن الحالة القبلية، وفي الحالة التي يغيب فيها المبرر الموضوعي الاستثنائي، أو عدم التوفر على الموارد الكافية لإعالة أسرتين[33].
وبذلك انتقل التعدد من الإباحة إلى التقييد بمساطر خاصة ومعقدة، ومن كونه حقا للزوج يمارسه وفق ضوابط شرعية إلى حق للمحكمة تأذن بممارسته متى تحققت شروطه، والتي جعلتها أغلب التطبيقات القضائية شروطا تعجيزية يصبح معها الإذن بالتعدد شبه مستحيل؛ وذلك ما دفع بعض الراغبين في التعدد إلى التفكير في حيل تعفيهم من هذه المساطر والإجراءات القضائية المعقدة والتي قد تمنعهم من الوصول إلى مبتغاهم حين عدم توفرهم على الشروط الأنفة الذكر؛ ولتجاوز هذا الأمر يلجأ الزوج إلى الزواج العرفي أو ما يسمى بزواج الفاتحة، وحين إنجابه أطفالا يعمد إلى رفع دعوى إثبات الزوجية أمام القضاء، فيصدر حكم يقضي بتوثيق عقد زواجه بالمرأة الثانية اعتمادا على مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 16 التي تنص على أنه: "إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة"[34].
إلا أن القضاء فطن لهذا التحايل؛ فاتجه بعض القضاة إلى معاملتهم بنقيض قصدهم ،ومن ذلك ما جاء في حكم صادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالعرائش والذي فيه:" وحيث أرجع الطالبان سبب عدم توثيق العقد في تاريخه إلى رفض المحكمة طلب التعدد المقدم من طرف الطالب باعتبار أن له زوجة أخرى في عصمته؛
وحيث أن رفض المحكمة لطلب التعدد لا يبرر إبرام عقد زواج آخر للطالب ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشكل ظرفا قاهر يمنع الطالب من إبرام عقد الزواج باعتبار أنه كان ملزما باحترام قرار المحكمة المذكورة؛ وبالتالي لا تعتبر مخالفة قاعدة قانونية آمرة إذن المحكمة بالتعدد قبل إبرام عقد زواج جديد مبررا للاستفادة من قاعدة استثنائية وضعها القانون لمعالجة حالات لا ينطبق بأي جال من الأحوال على حالة الطالبين؛ وحيث أنه وتبعا لذلك يتعين رفض الطلب وإبقاء الصائر على مقدمه"[35].
ومع ذلك فإن مسألة وجود أبناء في العلاقة الزوجية غير الموثقة تدفع بعض القضاة للتساهل وقبول الطلب ولو كان تحايل طالبها واضحا، كما هو مفهوم من حكم جاء فيه: " وحيث إنه في النازلة فإن الطرفين لم ينجبا أبناء وليست طالبة صحة الزوجية حاملا حتى يشفع لها ذلك في تبرير تحايلها على النص القانوني، ومادام الأمر كذلك، فإنه يجب ملاحظة أن طالب صحة الزوجية متزوج بامرأة أخرى وكل ما منعه من توثيق عقد الزواج هو رغبته في عدم اللجوء لمسطرة التعدد، ومن ثم يعامل بنقيض القصد ويكون كل ذلك مبررا لرفض الطلب"[36].
وفي حكم أخر جاء فيه: " حيث إن دعوة الطالب أساسا وحسب طلبه إنما تهدف إلى أن الإذن له بالتعدد بالمسماة...في إطار الفصل 42 وما يليه من مدونة الأسرة؛
لكن حيث إن وقائع القضية تكيف على أساس أن المعني بالأمر إنما أراد إثبات الزوجية بينه وبين المسماة...التي أثمرت علاقته بها بازدياد البنت...بتاريخ 2006/07/18، مما يعني أن معاشرته لهذه الزوجة كانت سابقة وبالتالي تكييف النازلة على أنها دعوى سماع الزوجية أخدا بعين الاعتبار وجود الطفلة بنت الطالب والزوجة الثانية ومصلحتها وكون الطلب قدم في حياة الزوجين معا، الشيء الذي قررت معه المحكمة استنادا إلى العلل أعلاه إلغاء الحكم المستأنف لعدم قيامه على أساس وتصديا الحكم بسماع دعوى الزوجية وثبوتها بين الطرفين"[37].
ويتبين لنا من هذا القرار أن محكمة الاستئناف ألغت الحكم الابتدائي القاضي برفض طلب التعدد، وعللت قرارها بكون الدعوى التي تقدم بها طالبها يجب أن تكيف على أنها دعوى إثبات الزوجية وليست طلب التعدد، حيث تم إعمال مقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة، بعد أن أخد القضاء هنا بعين الاعتبار إنجاب طالب الدعوى لبنت مع الزوجة الثانية.
الفقرة الثانية: التحايل من أجل زواج القاصر.
إن الأصل في عقد الزواج أن يتوفر عاقداه على أهلية الزواج، والتي تكتمل بإتمام الفتى والفتاة 18 سنة كاملة، غير أن المشرع أجاز استثناء النزول عن هذا السن والسماح لمن هم دونه بالزواج، حيث خول لقاضي الأسرة المكلف بالزواج سلطة تقديرية في الإذن بزواج القاصر، وذلك بواسطة مقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب الداعية إليه؛ حيث يعتمد القاضي جميع الوسائل التي أتاحها له المشرع من أجل تكوين فكرة حول الملف مما يساعده على تقدير وجود مصلحة للقاصر في زواجه من عدمها[38].
وجدير بالذكر أن مسطرة زواج القاصر تخضع لقيود صارمة إذ لا يأذن القاضي بزواج القاصر إلا بعد التأكد من قدرته على تحمل أعباء الزواج. وفي هذا الصدد جاء في أحد المقررات ما يلي: "حيث أن المحكمة بعد إطلاعها على وثائق الملف ومحتوياته...وحيث أنه تبعا لما أسفرت عنه الخبرة المنجزة على القاصر، والتي تأكد على ضوئها عدم قدرة القاصرة على الزواج، وهذا سبب وجيه لرفض الإذن، الشيء الذي يكون معه مقرر قاضي الأسرة في محله ويتوجب معه رد استئناف الجهة المستأنفة لعدم تأسيسه"[39].
وهذا ما دفع بعض الأشخاص إلى استعمال مقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة قفزا وتجاوزا وتحايلا على المواد من 19 إلى 21 من المدونة المتعلقة بزواج القاصر، لكن بعض القضاء حاولوا منع هذا التحايل ورفضوا الحكم بتوثيق الزواج، ومن ذلك ما جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بأزيلال: "وحيث إن المانع الذي حال دون إبرام عقد الزواج في حينه هو كون الزوجة قاصرة، وحيث إن السبب المذكور لا يعتبر من قبيل السبب الاستثنائي المانع من إبرام عقد الزواج في إبانه، وحيث كان بإمكان الطرفين سلوك مسطرة تزويج القاصرة، وحيث إنه والحالة هذه يبقى الطلب غير مبرر ويتعين عدم الاستجابة له"[40]. غير أنه في حالة وجود الأطفال تضطر المحكمة لقبول الطلب، حيث يبقى أمر حمايتهم ونسبِهم لآبائهم ذو أولوية باعتبار الإطار العالمي الذي يلزم المغرب بذلك طبقا للاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى حماية الأطفال. وهو ما يستفاد من قرار محكمة الاستئناف بوجدة في تأييدها للحكم الابتدائي القاضي بثبوت الزوجية رغم أن الزوجة تعد قاصرة، معللة قرارها بأن قبول دعوى الزوجية يعد في حد ذاته إذنا للقاصر بالزواج، إضافة إلى كون العلاقة الزوجية قد أثمرت عن إنجاب بنت"[41].
المطلب الثاني:إثبات العلاقة الزوجية غير الموثقة في ضوء العمل القضائي المغربي.
يلعب القضاء دورا مهما في تفعيل دعوى ثبوت الزوجية بوصفه الضامن الأساسي في حماية الحقوق والحريات، وعلى اعتبار أن الاجتهاد القضائي هو أحد أدوات ترشيد الأحكام القضائية، حفاظا على مصداقيتها، فإننا سنتناول في الفقرة الأولى الاتجاه القضائي الذي لا يقبل سماع دعوى ثبوت الزوجية، وسنتطرق في الفقرة الثانية إلى دور القضاء في تفعيل دعوى ثبوت الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
الفقرة الأولى: الاتجاه القضائي الذي لا يقبل سماع دعوى ثبوت الزوجية.
تعد قضايا ثبوت الزوجية من كبريات القضايا المطروحة أمام القضاء الأسري قبل انقضاء أجل تقديم دعوى ثبوت الزوجية، وتقلص حجم هذه القضايا بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة لسماع هذا النوع من الدعاوى، وتجدر الإشارة إلى أنه بالرجوع إلى مقتضيات المادة16 من مدونة الأسرة، وبالمفهوم الذي يفهم من ألفاظ الفقرة الأولى المتبقية في المادة المذكورة؛ نجد أن عقد الزواج هو الوسيلة المقبولة لإثبات العلاقة الزوجية ،وبالتالي لم يعد بالإمكان إثبات الزواج غير الموثق بالحكم القضائي، وغاية المشرع قد انصرفت إلى ترسيخ فكرة شكلية عقد الزواج تحقيقا للضبط والتحري، ولتفادي جحود ونكران العلاقة الزوجية والمحافظة على الأنساب.[42]
ومن المتفق عليه فقها وقانونا أن الأصل المعتبر هو عقد الزواج المزمم لدى العدلين، فلا يتم اللجوء إلى دعوى الثبوت إلا استثناء، وفي حدود الأخذ بقاعدة الضرورة تقدر بقدرها، وفي هذا الصدد سنتطرق إلى حكم قضائي صادر بعد انقضاء أجل تقديم دعوى ثبوت الزوجية عن المحكمة الابتدائية بمكناس بتاريخ 21-02-2019 جاء فيه ما يلي:"حيث يهدف الطلب إلى الحكم بثبوت الزوجية، وحيث إنه طبقا للمقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة فإن سماع دعوى ثبوت الزوجية إذا حالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج في وقته إنما تقرر لفترة انتقالية وصلت في أقصاها إلى خمسة عشر سنة ابتداء من دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ بتاريخ 5-2-2004، وبعد مرور هذا الأجل فإن وثيقة الزواج وحدها التي تبقى الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج، وحيث إنه بذلك تكون الدعوى في جميع الأحوال غير مسموعة لتقدم المدعين بها بتاريخ 6-2-2019 أي بعد انصرام الفترة الانتقالية المذكورة مما يتعين معه التصريح بعدم قبولها"[43].
إن ما يمكن أن نقوله حول هذا الحكم؛ أنه طبق ظاهر النص، ولم تفعل المحكمة دورها في الاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف، كما أنه لم يتم استحضار قاعدة أن النصوص القانونية تخاطب المكلفين بلفظها وفحواها، وأن التصريح بعدم قبول الدعوى بعلة انقضاء أجل سماع دعوى ثبوت الزوجية تسبيب غير عادل ولا ينسجم مع روح العدالة، وهذا ما يجعلنا نطرح سؤالا عن معنى وفحوى تحديد المشرع لفترة انتقالية لا تتعدى خمسة عشر سنة مع مراعاة التمديدات لإثبات الزواج غير الموثق بحكم قضائي، هل المقصود هو حث الناس على كتابة عقد الزواج طبقا للقانون، وتصحيح الوضعيات السابقة التي تم فيها الزواج بدون توثيق عقده؟ ومما لا شك فيه أن غاية المشرع هو الحفاظ على الزواج الشرعي، وهو ما تم التأكيد عليه في أسمى قانون في البلاد وهو الدستور؛ وجاء فيه أن الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساس للمجتمع وأن الدولة بمختلف مؤسساتها وعلى رأسها القضاء ملزمة بضمان الحماية الحقوقية والاقتصادية للأسرة بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها. لهذا فإننا نحتاج إلى قضاء يفعل روح القانون للوصول إلى العدالة الحقة ، تراعي خصوصيات مؤسسة الأسرة المسيجة بسياج الشرع الحكيم ،ومعلوم أنه من الناحية الفقهية وخاصة عند المالكية –كما سبقت الإشارة- لا تعتبر كتابة عقد الزواج ركنا ولا شرطا، إنما في الأصل عقد الزواج عقد رضائي ينعقد بالإيجاب والقبول، وقد قال الشيخ خليل في هذا الصدد: "ركنه ولي وصداق ومحل وصيغة"[44]، و جاء في تحفة ابن عاصم ما يلي:
والمهر والصيغة والزوجـــان ثم الولي جملة الأركان
وفي الدخول الختم في الإشهاد وهو مـكمل في الانعقاد[45]
فقوله: (والمهر) يعني أن أركان عقد الزواج خمسة، والمراد بالركن ما يتوقف عليه الشيء ولو كان خارج الماهية، فالزوج والزوجة ركنان، والولي والصيغة شرطان، وأما الشهود والمهر فليسا بركنين ولا بشرطين لوجود ماهية العقد الشرعي، أما في( الدخول) فالناظم يعني أن الإشهاد على عقد النكاح ليس بركن من العقد ولا بشرط فيه ، وإنما هو شرط في الدخول ، ووجوده عند العقد مندوب ، وكمال للعقد خوف موت أحدهما أو إنكاره العقد[46].
الفقرة الثانية: دور القضاء في تفعيل دعوى ثبوت الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
إن إثبات العلاقة الزوجية خارج الفترة الانتقالية أمر استدعته المصلحة؛ وهذه الأخيرة مناط الأحكام عند فقهاء علم الأصول، ورفعا للضرر عند وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، نجد أن القضاء تدخل في حكم فريد من نوعه وقضى بثبوت العلاقة الزوجية غير الموثقة استنادا إلى المادة 400 من مدونة الأسرة، جاء في هذا الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 27-09-2021: " في الشكل:
" حيث يهدف طلب المدعين إلى الحكم بصحة الزوجية بينهما.
وحيث قدمت الدعوى بتاريخ 17/05/2021، أي بعد انتهاء الفترة الانتقالية المحددة لسماع دعوى الزوجية بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 16 من مدونة الأسرة بتاريخ 05/02/2019.
وحيث إن "إعمال الكلام خير من إهماله"، لذلك يبقى الأصل، تأسيسا على قاعدة "لا بطلان بدون ضرر" ، جواز البث في دعوى نازلة الحال، خصوصا أن حق التقاضي هو حق دستوري مضمون لكل شخص بقصد الدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون حسب المادة 118 من دستور المملكة المغربية....
وحيث إنه ما دام أن الطرف المدعي الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه، فإن الدعوى تبقى مستجمعة لكافة الشروط والشكليات المتطلبة قانونا، مما يتعين معه قبولها. وأضافا أنهما متزوجان مند تاريخ شهر يوليوز 2019، وأنهما أنجبا طفلا، وأنهما لم يوثقا عقد زواجهما بسبب ظروف قاهرة، وأن العلاقة الزوجية لا تزال مستمرة بينهما إلى الآن.
وحيث أكد الشهود استمرار العلاقة الزوجية بين الطرفين إلى الآن. وحيث إن شهادة الشهود تؤكد انتشار خبر الزواج وشيوعه وسط الأهل والأقارب، كما أن وجود أولاد خلال قيام العلاقة الزوجية يشكل قرينة قانونية إضافية تنفي مضنة السوء... وحيث إنه يتعين إعمال إقرار المدعيين بالزوجية على اعتبار أن إعمال الكلام خير من إهماله، وبالتالي وجب على المحكمة أن تتوخى المرونة ما أمكن عند بتها في مثل نازلة الحال لإنقاذ نسب الأبناء الذي يكفي لثبوته ثبوت التراضي على الزواج... وحيث إنه يتعين من جهة أخرى عدم الخلط بين إشهاد العدلين وكتابة العقد.
وحيث إن اجتهادات محكمة النقض المتواترة تؤكد في واقع الأمر حرصها الشديد على الموازنة بين أحكام مدونة الأسرة المتعلقة بالنظام العام لارتباطها بشؤون العقيدة، ومراعاة واقع العصر وما يعرفه المجتمع المغربي من خصوصيات، وذلك بتفسير نصوص المدونة تفسيرا فقهيا مناسب لحل النزعات بما يحفظ للمرأة شرفها وللأولاد نسبهم.
وحيث إنه ما دام أن الغاية من سماع دعوى الزوجية في التشريع المغربي هو تصحيح الوضعيات السابقة التي تم فيها الزواج بدون توثيق عقده، ونظرا لثبوت توافر الزواج المدعى فيه على أركانه وشروطه المحددة بمقتضى المادتين 10 و 13 من مدونة الأسرة باستثناء شرط توثيقه الذي أصبح أمرا متجاوزا وفق لاجتهادات محكمة النقض المتواترة في هذا الشأن، وما دام أن الحكم بثبوت الزوجية إنما يكشف قيام الزواج بأركانه وشروطه المعتبرة ولا ينشئه، واعتبارا لكون الشرع الحكيم متشوف للحوق الأنساب، ولأن أحوال الناس محمولة على الصلاح، وإعمالا لمقتضيات المادة 400 من مدونة الأسرة التي تحيل على قواعد الفقه الإسلامي، فإن المحكمة ثبت لديها قيام العلاقة الزوجية بين الطرفين، وبالتالي لا يسعها إلا الاستجابة للطلب وترتيب الآثار القانونية على ذلك..."[47]
فمن وجهة نظرنا ، نؤيد الطرح الذي ذهب إليه الحكم القضائي المشار إليها أعلاه؛ حيث إنه استحضر جميع القواعد الفقهية المعمول بها في مجال الزواج، بل والأكثر من ذلك فالقضاء عند بته في النازلة كان له بعد النظر من خلال إعمال قواعد فقه المآلات، حيث تم النظر إلى ما ستؤول إليه الأوضاع في حالة عدم قبول دعوى ثبوت الزوجية ،لأنه لن يثبت النسب بناء على الفراش الذي يعتبر بشروطه حجة قاطعة على إثبات نسب الأطفال، وإن كان بالإمكان إثبات النسب بالإقرار أو غيرها من وسائل الإثبات المنصوص عليها في المادة158[48] من المدونة، شريطة عدم متابعة طرفي العلاقة الناتج عنها الولد بالفساد، لأن هناك قاعدة فقهية معمول بها في مجال إثبات النسب تقضي بأنه لا يمكن الجمع بين حد ونسب، وهذا ما يجلنا نطرح سؤالا هو ما المآل إذا ما صرحت المحكمة بعدم قبول سماع دعوى ثبوت الزوجية، خصوصا وأن النيابة العامة مثلا في القضية المشار إليها في الحكم أعلاه التمست رفض الطلب، وفي غالب الأحيان نعتقد أنه كانت النيابة العامة ستلجأ إلى تحريك الدعوى العمومية وتتابع المعنيين بالأمر بجنحة الفساد، وهذا ما سيترتب عنه بشكل تلقائي حرمان الأبناء من حقهم في النسب وحرمان طرفي العلاقة الزوجية غير الموثقة من تصحيح وضعيتهما القانونية وذلك بثبوت علاقتهما الزوجية بناء على حكم قضائي، هذا فضلا على أن النصوص القانونية تكمل بعضها البعض، خصوصا في إطار تكريس المساواة والعدالة إذا ما تعلق الأمر بنفس الموضوع لكن الحكم يختلف، فمثلا يتم رفض دعوى ثبوت الزوجية غير الموثقة بين مغربيين يقطنان داخل المغرب لعدم كتابة العقد ،في حين نجد المادة 14 من مدونة الأسرة اكتفت بحضور شاهدين مسلمين عند إبرام عقود زواج المغاربة المقيمين بالخارج، وفي هذا الجانب اعتبرت محكمة النقض من جهتها أن حضور الشاهدين عند إبرام عقد زواج أجنبي، والذي يقضي تذييله بالصيغة التنفيذية موافقته للنظام العام المغربي، إنما يطلب عند العقد، أما بعد أن يتم البناء فيصبح الحضور متجاوزا ويكفي رضا الطرفان، وبالتالي فعدم حضور الشاهدين لا تأثير له على صحة عقد الزواج[49].
من هنا يتبين لنا أن الأولى المرونة والتساهل مع قضايا ثبوت العلاقات الزوجية غير الموثقة بالمغرب ، لأنه من غير المستساغ أن تتساهل مع المغاربة المقيمين بالخارج وتعفيهم من شهادة شاهدين مسلمين في حالة تم البناء ويتم التشدد على قضايا المغاربة بالمغرب من خلال التمسك بقراءة سطحية للمقتضيات المادة 16 فقط من المدونة، ونقول أن العقد الموثق من لدن عدلين هو الوسيلة الوحيدة المقبولة لإثبات العلاقة الزوجية، وذلك دون استحضار باب الاجتهاد وبالرجوع إلى الفقه المالكي استنادا إلى مقتضيات المادة 400 من مدونة الأسرة؛ لأن عدم توثيق عقد الزواج أمام العدلين المنتصبين للإشهاد له أسباب عدة، في مقدمتها الفقر والأمية المطبقة والجهل بأحكام القانون، مما قد يرتب آثارا وخيمة على الأسرة بأجمعها خاصة الأولاد على مستوى تمدرسهم، بالإضافة إلى الأم التي تعيش قلقا دائما بخصوص هوية أطفالها، وهو وضع مرتبك يسهل على الأب التنصل من الزواج ومن نسب الأولاد، لهذا فنعتقد ومن أجل حل الإشكالات التي تطرحها قضايا ثبوت الزوجية، إما أن يتدخل المشرع من أجل إبقاء الأجل مفتوحا، دون ربطه بزمن محدد، أو يجب تتدخل محكمة النقض للحسم في الموضوع باجتهاد واضح نتجاوز به التضارب القضائي في الموضوع ويعزز مبدأ الأمن القضائي[50].
خاتمة:
من خلال ما تم التطرق إليه في عرضنا هذا، يتضح أن المشرع المغربي أخد بالأصل في إثبات الزواج وهو وثيقة عقد الزواج، ووضع لهذا الأصل استثناء لإثبات العلاقة الزوجية في حال وجود سبب قاهر حال دون توثيقها في فترة انتقالية لتقديم دعوى ثبوت الزوجية انتهت بحلول شهر فبراير من سنة 2019، سعيا منه إلى بلوغ القصد الذي جاءت من أجله هذه المقتضيات القانونية، وهو حفظ حقوق الزوجين والأبناء، وهو ما أدى إلى تضارب العمل القضائي ،حيث نجد اتجاه قضائي يصرح بعدم قبول دعوى ثبوت الزوجية لتقديمها بعد انقضاء الأجل لسماع الدعوى المذكورة، في حين نجد اتجاه قضائي أخر له ثقافة فقهية رصينة استطاع من خلالها أن يحلل قواعد مدونة الأسرة بمرونة وذلك بإعمال مقتضيات المادة 400 من المدونة والحكم بقبول دعوى ثبوت الزوجية بعد انقضاء الأجل استنادا إلى قواعد الفقه المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه قيم الإسلام والعدل والمساواة وهكذا، وفي نظرنا نؤكد أنه:
ـ ينبغي أن يتدخل المشرع ويقوم بتمديد الفترة الانتقالية لسماع دعوى الزوجية لفترة زمنية أخرى لتوثيق العلاقات الزوجية غير الموثقة.
ـ ينبغي أن تتدخل محكمة النقض بقرار يحسم في التناقض ويوحد الاجتهاد القضائي ويحقق الأمن القضائي.
ـ ينبغي تقرير جزاء جنائي يطبق على كل من ثبت أنه كان بإمكانه توثيق عقد زواجه ولم يفعل، وعلى كل من ثبت كذلك أنه يتحايل على القانون.
المراجع:
- الآية 21 من سورة الروم.
- الآية 21 من سورة النساء.
- ظهير شريف رقم 1.57.343 الصادر في 28 ربيع الثاني 1377 الموافق ل 22 نونبر 1957، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2354 بتاريخ 6 دجنبر 1957.
- ظهير شريف رقم 22-04-1 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004)، بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة، منشور الجريدة الرسمية رقم 5184 الصادرة يوم الخميس 5 فبراير 2004.
- تنص المادة 16 من مدونة الأسرة على أنه: " تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج.
تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين.
يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات، ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ".
- عادل حامدي، ثبوت الزوجية بين حقيقة الاستثناء و واجب التيسير و استشراء التحايل، مقال منشور بمجلة مغرب القانون، دون ذكر العدد، 04 فبراير 2018، maroclaw.com، تاريخ الزيارة 19 دجنبر 2021 على الساعة 02:06.
- راجع المادة 13 من مدونة الأسرة.
- الفقرة الأولى من المادة 16 من مدونة الأسرة، م س.
- الدكتور عبد الرحمان حموش، الزواج في مدونة الأسرة بين النظر الفقهي والعمل القضائي، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة(CTP)، الدار البيضاء، 2019، ص 270.
- الدكتور محمد الشافعي، الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة، سلسلة البحوث القانونية 24، الطبعة الخامسة، مطبعة "المطبعة والوراقة الوطنية"، مراكش، ص 102.
- ظهير شريف رقم 56-06-1 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون رقم 03-16 المتعلق بخطة العدالة، الجريدة الرسمية رقم 5400 الصادرة يوم الخميس 2 مارس 2006.
- ـ تنص المادة 34 من قانون خطة العدالة على ما يلي : "يؤدي العدلان الشهادة لدى القاضي المكلف بالتوثيق بتقديم وثيقتها إليه مكتوبة وفق المقتضيات المقررة في هذا القانون ، وفي النصوص التنظيمية المتعلقة بتطبيقه بقصد مراقبتها والخطاب عليها".
- ظهير شريف رقم 1.57.343 الصادر في 28 ربيع الثاني 1377 الموافق ل 22 نونبر 1957،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2354 بتاريخ 6 دجنبر 1957.
- نصت الفقرة الثانية من المادة 16 على ما يلي: " إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة. تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين. يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات، ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ".
- الفترة الأولى من 4 فبراير 2004 إلى 4 فبراير 2009، لكن هذه الفترة لم تكن كافية لتصحيح الوضعية ما دفع المشرع إلى تمديدها للمرة الثانية من 2009 إلى 2014 والثالثة من 2014 إلى غاية 4 فبراير 2019.
- راجع المادة 16 من م أ، مرجع سابق.
- محمد الكشبور، الواضح في شرح مدونة الأسرة، الجزء الأول، انحلال ميثاق الزوجية، الطبعة الثالثة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015، ص 454.
- الدكتور عبد الرحمان حموش، م س، ص 273.
- الدكتور محمد الشافعي، م س، ص 104.
- راجع المادة 16 من م.أ، م س.
- عادل حامدي، شهادة اللفيف وإشكالاتها الفقهية والقضائية، دون ذكر ر.ط، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2015، ص 204.
- أبو بكر بن محمد بن محمد بن عاصم، تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام، الطبعة الأولى، دار الأفاق العربية، 1432ه/2010م، ص 20.
- محمد بن يوسف الكافي، إحكام الأحكام على تحفة الحكام ، على منظومة القاضي أبي بكر محمد بن محمد بن عاصم الأندلسي الغرناطي فيما يلزم القضاة من الأحكام في مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، دون ذكر ز.ط، مطبعة دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 2006م ،ص33.
- عادل حامدي، شهادة اللفيف وإشكالاتها الفقهية والقضائية، م.س، ص199.
- قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 154 بتاريخ 2007/03/14 في الملف الشرعي عدد 2005/1/2/582 (غير منشور).
- عادل الحامدي، الدليل الفقهي و القضائي للقاضي و المحامي في المنازعات الأسرية، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2012/1437، ص 251.
- محمد الكشبور، قراءة في المادة 16 من مدونة الأسرة، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2018، ص66.
- قرار رقم66 الصادر بتاريخ 31 يناير 2007 في الملف الشرعي عدد 682/2/1/2006 قرار (غير منشور).
- حكم صادر عن ابتدائية أصيلة تحت عدد 05/88 بتاريخ 2005/10/05 في ملف عدد 05/104، (غير منشور).
- قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 275 بتاريخ 2007/05/16 في الملف عدد 682/06 منشور بمجلة التقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 2007 صفحة 150
- قضاء الأسرة، مجلة متخصصة، العدد الثالث، دجنبر 2006، ص 72و مابعدها.
- تنص المادة 40 من م.أ على أنه:" يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها".
- الدكتور البشير عدي، تعدد الزوجات في مدونة الأسرة والعمل القضائي، مقال منشور في موقع العلوم القانونية،
- المادة 16 من م.أ.
- حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالعرائش قسم قضاء الأسرة، في الملف رقم 5/06/417، بتاريخ 05/02/2006 (غير منشور).
- حكم صادر عن قسم قضاء الأسرة التابع للمحكمة الابتدائية بمراكش، عدد 841 بتاريخ 24 مارس 2005 في الملف عدد 2005/8/421، أورده محمد الكشبور، (م. س)، ص468 و469.
- قرار صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة رقم 289 في الملف عدد 05/933 بتاريخ 2006/10/11، أورده إدريس الفاخوري، قضايا الأسرة في ضوء العمل القضائي، رصد لأهم التوجهات الصادرة عن محاكم الموضوع ومحكمة النقض، منشور مجلة الحقوق دلائل الأعمال القضائية، دون ذكر العدد، مطبعة الأمنية، 2013، ص 49.
- راجع المواد 19 و20 من م.أ.
- قرار صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة بتاريخ 09/02/2005 في ملف عدد 580/04 منشور في المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، الجزء الأول، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الشروح والدلائل، العدد 10، سنة 2009، ص 29.
- حكم المحكمة الابتدائية بأزيلال صادر بتاريخ 2006/11/30، ملف عدد 06/581، أورده ذ. عادل حامدي، في مقاله ثبوت الزوجية بين حقيقة الاستثناء وواجب التيسير واستشراء التحايل، (م.س).
- قرار محكمة الاستئناف بوجدة مؤرخ في 2008/09/24، ملف عدد 08/47، أورده ذ. عادل حامدي (م.س).
- عادل حاميدي، الدليل الفقهي والقضائي للقاضي والمحامي في المنازعات الأسرية، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، سنة 2016، ص211.
- حكم المحكمة الابتدائية بمكناس الصادر بتاريخ 21-02-2019 عدد 529 ملف عدد 2019-1611-457 أورده : بوكنين احمدناه وسعيد العيطوني، الوجيز في قانون الأسرة المغربي، الزواج وانحلاله، بدون ذكر طبعة، مطبعة سوم برانت أكادير، 2020.
- الشيخ خليل بن إسحاق المالكي اعتنى به وراجعه عبد السلام الشتيوي، مختصر العلامة خليل في فقه الامام مالك، دون ذكر ر.ط، مطبعة دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 2009م، ص:88.
- أبو بكر بن محمد بن محمد بن عاصم، تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام، (م.س)، ص 39.
- العلامة الشيخ محمد بن يوسف الكافي، إحكام الأحكام على تحفة الحكام ، على منظومة القاضي أبي بكر محمد بن محمد بن عاصم الأندلسي الغرناطي فيما يلزم القضاة من الأحكام في مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، دون ذكر ط، مطبعة دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 2006م، ص60.
- حكم المحكمة الابتدائية بمراكش عدد 1910 بتاريخ27 /10/2021 ملف عدد 991/1611/2021 (غير منشور).
- جاء في المادة 158: "يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين أو بينة السماع وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية."
- وقد جاء في قرار للمحكمة النقض"...لكن، حيث إن المحكمة مصدرة القرار لما أيدت الحكم القاضي بتذييل الحكم المذكور بالصيغة التنفيذية بعلة أنه ما دام قد تم الايجاب والقبول بين الطرفين ، وانتفت موانع الزواج، ولم يتم الاتفاق على اسقاط الصداق ، وشهد على الزواج من اتفق حضوره، فإنها لم تخرق المادة14 من مدونة الأسرة لكون حضور الشاهدين فيها متطلبا عند ابرام العقد، وأنه إذا لم يتم الحضور، وحصل ما ذكر ، وتم البناء، فقد أصبح الحضور متجاوزا، ولا تأثير له على صحة عقد الزواج، لذا يبقى ما بالوسيلة على غير أساس,(قرار عدد394 صادر بتاريخ 11/07/2017 في الملف الشرعي عدد 910/2/1/2015، منشور بنشرة قرارات محكمة النقض، غرفة الأحوال الشخصية والميراث، العدد34 ، صفحة 18 و 19.
- محمد الكشبور، قراءة في المادة 16 من مدونة الأسرة، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2018، ص161.