بعد انتظار طويل أصدر المشرع قانونا جديدا يتعلق بكراء المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي ضمنه مقتضيات جديدة أكثر تفصيلا وتدقيقا، ولعل أبرزها توسيع صلاحيات القضاء الاستعجالي للبث في النزاعات المتعلقة بهذا القانون، صلاحيات يمكن اعتبارها ثورة في هذا المجال وخروجا عن الدور الكلاسيكي للسيد رئيس المحكمة المنصوص عليه في الفصل 149 ق م م والذي ينحصر في التدخل لحماية المصلحة المشروعة بعيدا عن المساس بالموضوع.
وحسنا فعل المشرع عندما أفرد نصوصا خاصة واضحة أسند من خلالها الاختصاص للسيد رئيس المحكمة خارج الفصل 149 ق م م، وذلك تمشيا مع ما يسميه جانب من الفقه "القضاء الموضوعي المستعجل".
وإذا كان ظهير 24 ماي 1955 حصر تدخل القاضي الاستعجالي في حالتين: الأولى باعتباره قاضيا للصلح في الفصل 27، والثانية باعتباره قاضيا لمعاينة تحقق الشرط الفاسخ في إطار الفصل 26، فإن ظهير 18 يوليوز 2016 حدد مجموعة من الحالات التي يتم اللجوء فيها إلى السيد رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات و هي كالتالي:
أولا: المحلات الآيلة للسقوط -المادة 13-
خول المشرع للمكري الحق في اللجوء إلى السيد رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة للبث في طلب إفراغ المحلات الآيلة للسقوط طبقا للمادة 13 من القانون الجديد.
والملاحظ أن المشرع كرس هذا الحق بنص صريح تأكيدا منه للاختصاص الذي كان ينعقد لرئيس المحكمة في إطار الفصل 149 ق م م والذي كان مؤطرا بوجود خطر محدق قد يلحق بالحق المراد المحافظة عليه بواسطة اجراءات سريعة جدا لا تتوفر في التقاضي العادي.
وسعيا منه للحفاظ على توازن العلاقة الكرائية بين المكري والمكتري خول المشرع لهذا الأخير أيضا الحق في اللجوء لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للامور المستعجلة من أجل تحديد تعويض احتياطي كامل وفقا لمقتضيات المادة 7 في حالة حرمانه من حق الرجوع.
والواضح من خلال هذه المادة أن المشرع خول للقاضي الاستعجالي ممارسة صلاحيات قاضي الموضوع باستعمال وسائل التحقيق للفصل النهائي في النزاع، ذلك أنه للاستجابة لطلب المكتري بخصوص التعويض الاحتياطي، فإنه لا شك أن الأمر يستدعي إجراء خبرة لتقويم الأصل التجاري انطلاقا من التصريحات الضريبية للسنوات الأربع الأخيرة بالإضافة إلى ما أنفقه المكتري من تحسينات واصلاحات وما فقد من عناصر الأصل التجاري كما يشمل مصاريف الانتقال من المحل طبقا للمادة 7.
ثانيا: توسيع المحل أو تعليته -المادة 17-
تنص المادة 17 من القانون الجديد على أنه " يختص رئيس المحكم في الطلب الرامي إلى الإفراغ وتحديد قيمة التعويض المستحق للمكتري طيلة مدة الإفراغ، كما يبث في طلب تمديد مدة الإفراغ وتحديد التعويض المستحق عن ذلك.
كما يختص بتحديد التعويض احتياطي كامل وفق مقتضيات المادة 7 أعلاه بطلب من المكتري، يستحقه في حالة حرمانه من حق الرجوع".
والملاحظ أن المشرع لأول مرة يتطرق لهذا الجانب من النزاعات في العلاقة بين المكري والمكتري في جميع الميادين بنص صريح، حيث خول لمالك العقار الحق في اللجوء لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات قصد المطالبة بتوسيع أو تعلية البناء.
وتحقيقا لمبدأ التوازن في العلاقة الكرائية بين المكري والمكتري، جعل المشرع هذا النوع من الافراغ مؤقتا لمدة لا تتعدى سنة واحدة ابتداءا من تاريخ الافراغ، على أن يتم تمديدها مرة واحدة لنفس المدة بطلب من المكري.
كما أن من مظاهر هذا التوازن، هو اسناد الاختصاص لقاضي المستعجلات للبث في التعويض عن الافراغ المؤقت والتعويض الاحتياطي وفقا للمقتضيات المادة 7 وذلك بناء على طلب المكتري يستحقه في حالة حرمانه من الرجوع.
ويبدو أن المشرع حافظ على نفس النسق الذي سار عليه في المادة 13 وخول للسيد رئيس المحكمة بصفة ضمنية الاستعانة بجميع وسائل التحقيق خاصة الخبرة التقويمية وهو ما لم يكن يتأتى له من قبل.
ثالثا: ممارسة أنشطة مكملة ومرتبطة أو مختلفة -المادة 22-
أسند المشرع للسيد قاضي المستعجلات البث في منح الإذن للمكتري بناءا على طلبه لبممارسة نشاط أو أنشطة مكملة أو مرتبطة بالنشاط الأصلي متى كانت هذه الأنشطة غير منافية لغرض أو خصائص موقع البناية وليس من شأنها التأثير على سلامتها، وذلك في حالة رفض المكتري الموافقة على طلبه.
واعتقد أن هذا النص ينسجم مع المتطلبات الحالية للتجار خاصة بعد ظهور المركبات التجارية الكبرى في الأحياء الشعبية مما أثر على صغار التجار وجعلهم يفكرون في تغيير أنشطتهم، غير أنهم كانوا يصطدمون بدعوى الإفراغ من أجل تغيير النشاط التجاري فجاء هذا النص لينظم هذه المسألة ويمنحهم الحماية اللازمة، وحتى يضمن الفعالية والسرعة اللازمة فقد أسند المشرع الاختصاص في منح الإذن لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات.
رابعا: استرجاع حيازة المحلات المهجورة والمغلقة -المادة 32-
سيرا على نهجه في قانون الكراء السكني، خول المشرع للمكري الحق في اللجوء للقضاء الاستعجالي قصد استرجاع حيازة محله المهجور بناء على توافر مجموعة من الشروط حددتها المادة 32 من القانون المذكور، منها على الخصوص توقف المكتري عن أداء الكراء وهجره للمحل المكترى إلى وجهة مجهولة لمدة ستة أشهر.
وحتى يتسنى لرئيس المحكمة البث في الطلب، ألزم المشرع المكري تعزيز طلبه بعقد كراء وبمحضر معاينة واقعة الإغلاق أو الهجر مع تحديد المدة وبإنذار موجه للمكتري لأداء واجبات الكراء ولو تعذر تبليغه.
واعتقد أن المشرع لم يكن موفقا عندما اقتصر على ضرورة الإدلاء بعقد الكراء لإثبات العلاقة الكرائية بل كان عليه أن يحافظ على نفس الشروط التي أوردها في المادة 59 من قانون رقم 12-67 المتعلق بالكراء السكني حيث نص على أنه يمكن الإدلاء إما بعقد الكراء أو أي سند كتابي يثبت العلاقة الكرائية خاصة إذ أخدنا بعين الاعتبار إمكانية وجود عقود كراء شفوية نشأت في ظل ظهير 24 ماي 1955.
ونص المشرع من خلال الجزء الثاني من المادة 32 على أنه إذا ظهر المكتري أثناء تنفيذ الأمر المشار إليه أعلاه تتوقف اجراءات التنفيذ تلقائيا وفي هذه الحالة يمكن لرئيس المحكمة أن يحدد للمكتري أجلا لا يتعدى 15 يوما لتسوية الواجبات الكرائية التي لازالت في ذمته تحت طائلة مواصلة اجراءات التنفيذ في حقه واعتقد في هذه الحالة أن رئيس المحكمة سيتحول من قاضي للمستعجلات إلى قاضي التنفيذ.
وخول المشرع للمكتري الحق في اللجوء لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات، من أجل إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعد تنفيذ الأمر القضائي القاضي باسترجاع الحيازة، غير أن ذلك مشروط بتقديم الطلب قبل مرور أجل ستة أشهر من تاريخ تنفيذ الأمر المذكور والإدلاء بما يفيد أداء ما بذمته من واجبات كرائية.
خامسا: الشرط الفاسخ -المادة 33-
أسند المشرع من خلال المادة 33 الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة لمعاينة تحقق الشرط الفاسخ وإرجاع العقار أو المحل لصاحبه في حالة عدم أداء المكتري لواجبات الكراء لمدة ثلاثة أشهر وتضمن عقد الكراء شرطا فاسخا، وذلك بعد توجيه إنذار بالأداء يبقى دون جدوى بانصرام أجل 15 يوما من تاريخ التوصل.
وتأتي المادة 33 من القانون الحالي لتعويض المادة 26 من ظهير 24 ماي 1955 حيث كان من حق المكري اللجوء للقضاء الاستعجالي قصد معاينة تحقق الشرط الفاسخ بالرغم من عدم النص صراحة على اختصاص رئيس المحكمة في المادة 26.
والثابت أن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في النص القديم أي المادة 26 "إنما هو ناتج عن وجود الشرط الفاسخ فلو لم يكن هناك شرط فاسخ لما انعقد له الاختصاص بالأمر بالإخلاء لأنه لا يملك الصفة بذلك وإنما يكون قاضي الموضوع هو المختص" عبد اللطيف هداية القضاء المستعجل في القانون المغربي ص 154.
وخلافا لما هو عليه الحال سابقا فإن المشرع من خلال المادة 33 أعطى الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة بصفة صريحة وحصرية للنظر في معاينة الشرط الفاسخ وإرجاع العقار أو المحل للمكري ومن تم لم يبق من حق المكتري الدفع بعدم لاختصاص في هذا الجانب من النزاع.
الخاتمة:
من خلال المقتضيات الجديدة التي ضمنها قانون الكراء التجاري الجديد، يمكن القول ان المشرع تجاوز المفهوم الكلاسيكي للقضاء الاستعجالي فأصبح بإمكان هذا الأخير تجاوز ظاهر الوثائق والمستندات والمقارنة بين الحجج والغوص في وقائع وادعاءات الأطراف والاستعانة بوسائل التحقيق خاصة الخبرة القضائية للفصل في جوهر النزاع أو الحق المعروض عليه بصفة قطعية بعيدا عن المبدأ المنصوص عليه في الفصل 152 ق م م الذي ينص على أن الأوامر الاستعجالية لا تثبت (إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر).
وبهذا التوجه يكون المشرع قد تبنى مفهوم "القضاء الموضوعي المستعجل" والذي يرى جانب من الفقه بكونه (لا يدخل تحت مصطلح "القضاء المستعجل" بالمعنى الدقيق لهذا المصطلح الذي يعني اتخاد اجراءات مؤقتة لكفالة الحماية العاجلة للحق المدعى فيه، دون مساس بموضوعه وإنما هو قضاء قطعي يحسم النزاع في الموضوع غير أنه خاضع لمسطرة سريعة كمسطرة القضاء المستعجل، عوض خضوعه لمسطرة القضاء العادي البطيئة )) الأستاذ الطيب البواب – موقع القضاء المستعجل من القضاء في الاسلام – مجلة المحاكم المغربية عدد 42 السنة 1986 ص 13 "أشار إليه الدكتور عبد اللطيف هداية الله- القضاء المستعجل في القانون المغربي ص 294.
وحسنا فعل المشرع عندما أفرد نصوصا خاصة واضحة أسند من خلالها الاختصاص للسيد رئيس المحكمة خارج الفصل 149 ق م م، وذلك تمشيا مع ما يسميه جانب من الفقه "القضاء الموضوعي المستعجل".
وإذا كان ظهير 24 ماي 1955 حصر تدخل القاضي الاستعجالي في حالتين: الأولى باعتباره قاضيا للصلح في الفصل 27، والثانية باعتباره قاضيا لمعاينة تحقق الشرط الفاسخ في إطار الفصل 26، فإن ظهير 18 يوليوز 2016 حدد مجموعة من الحالات التي يتم اللجوء فيها إلى السيد رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات و هي كالتالي:
أولا: المحلات الآيلة للسقوط -المادة 13-
خول المشرع للمكري الحق في اللجوء إلى السيد رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة للبث في طلب إفراغ المحلات الآيلة للسقوط طبقا للمادة 13 من القانون الجديد.
والملاحظ أن المشرع كرس هذا الحق بنص صريح تأكيدا منه للاختصاص الذي كان ينعقد لرئيس المحكمة في إطار الفصل 149 ق م م والذي كان مؤطرا بوجود خطر محدق قد يلحق بالحق المراد المحافظة عليه بواسطة اجراءات سريعة جدا لا تتوفر في التقاضي العادي.
وسعيا منه للحفاظ على توازن العلاقة الكرائية بين المكري والمكتري خول المشرع لهذا الأخير أيضا الحق في اللجوء لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للامور المستعجلة من أجل تحديد تعويض احتياطي كامل وفقا لمقتضيات المادة 7 في حالة حرمانه من حق الرجوع.
والواضح من خلال هذه المادة أن المشرع خول للقاضي الاستعجالي ممارسة صلاحيات قاضي الموضوع باستعمال وسائل التحقيق للفصل النهائي في النزاع، ذلك أنه للاستجابة لطلب المكتري بخصوص التعويض الاحتياطي، فإنه لا شك أن الأمر يستدعي إجراء خبرة لتقويم الأصل التجاري انطلاقا من التصريحات الضريبية للسنوات الأربع الأخيرة بالإضافة إلى ما أنفقه المكتري من تحسينات واصلاحات وما فقد من عناصر الأصل التجاري كما يشمل مصاريف الانتقال من المحل طبقا للمادة 7.
ثانيا: توسيع المحل أو تعليته -المادة 17-
تنص المادة 17 من القانون الجديد على أنه " يختص رئيس المحكم في الطلب الرامي إلى الإفراغ وتحديد قيمة التعويض المستحق للمكتري طيلة مدة الإفراغ، كما يبث في طلب تمديد مدة الإفراغ وتحديد التعويض المستحق عن ذلك.
كما يختص بتحديد التعويض احتياطي كامل وفق مقتضيات المادة 7 أعلاه بطلب من المكتري، يستحقه في حالة حرمانه من حق الرجوع".
والملاحظ أن المشرع لأول مرة يتطرق لهذا الجانب من النزاعات في العلاقة بين المكري والمكتري في جميع الميادين بنص صريح، حيث خول لمالك العقار الحق في اللجوء لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات قصد المطالبة بتوسيع أو تعلية البناء.
وتحقيقا لمبدأ التوازن في العلاقة الكرائية بين المكري والمكتري، جعل المشرع هذا النوع من الافراغ مؤقتا لمدة لا تتعدى سنة واحدة ابتداءا من تاريخ الافراغ، على أن يتم تمديدها مرة واحدة لنفس المدة بطلب من المكري.
كما أن من مظاهر هذا التوازن، هو اسناد الاختصاص لقاضي المستعجلات للبث في التعويض عن الافراغ المؤقت والتعويض الاحتياطي وفقا للمقتضيات المادة 7 وذلك بناء على طلب المكتري يستحقه في حالة حرمانه من الرجوع.
ويبدو أن المشرع حافظ على نفس النسق الذي سار عليه في المادة 13 وخول للسيد رئيس المحكمة بصفة ضمنية الاستعانة بجميع وسائل التحقيق خاصة الخبرة التقويمية وهو ما لم يكن يتأتى له من قبل.
ثالثا: ممارسة أنشطة مكملة ومرتبطة أو مختلفة -المادة 22-
أسند المشرع للسيد قاضي المستعجلات البث في منح الإذن للمكتري بناءا على طلبه لبممارسة نشاط أو أنشطة مكملة أو مرتبطة بالنشاط الأصلي متى كانت هذه الأنشطة غير منافية لغرض أو خصائص موقع البناية وليس من شأنها التأثير على سلامتها، وذلك في حالة رفض المكتري الموافقة على طلبه.
واعتقد أن هذا النص ينسجم مع المتطلبات الحالية للتجار خاصة بعد ظهور المركبات التجارية الكبرى في الأحياء الشعبية مما أثر على صغار التجار وجعلهم يفكرون في تغيير أنشطتهم، غير أنهم كانوا يصطدمون بدعوى الإفراغ من أجل تغيير النشاط التجاري فجاء هذا النص لينظم هذه المسألة ويمنحهم الحماية اللازمة، وحتى يضمن الفعالية والسرعة اللازمة فقد أسند المشرع الاختصاص في منح الإذن لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات.
رابعا: استرجاع حيازة المحلات المهجورة والمغلقة -المادة 32-
سيرا على نهجه في قانون الكراء السكني، خول المشرع للمكري الحق في اللجوء للقضاء الاستعجالي قصد استرجاع حيازة محله المهجور بناء على توافر مجموعة من الشروط حددتها المادة 32 من القانون المذكور، منها على الخصوص توقف المكتري عن أداء الكراء وهجره للمحل المكترى إلى وجهة مجهولة لمدة ستة أشهر.
وحتى يتسنى لرئيس المحكمة البث في الطلب، ألزم المشرع المكري تعزيز طلبه بعقد كراء وبمحضر معاينة واقعة الإغلاق أو الهجر مع تحديد المدة وبإنذار موجه للمكتري لأداء واجبات الكراء ولو تعذر تبليغه.
واعتقد أن المشرع لم يكن موفقا عندما اقتصر على ضرورة الإدلاء بعقد الكراء لإثبات العلاقة الكرائية بل كان عليه أن يحافظ على نفس الشروط التي أوردها في المادة 59 من قانون رقم 12-67 المتعلق بالكراء السكني حيث نص على أنه يمكن الإدلاء إما بعقد الكراء أو أي سند كتابي يثبت العلاقة الكرائية خاصة إذ أخدنا بعين الاعتبار إمكانية وجود عقود كراء شفوية نشأت في ظل ظهير 24 ماي 1955.
ونص المشرع من خلال الجزء الثاني من المادة 32 على أنه إذا ظهر المكتري أثناء تنفيذ الأمر المشار إليه أعلاه تتوقف اجراءات التنفيذ تلقائيا وفي هذه الحالة يمكن لرئيس المحكمة أن يحدد للمكتري أجلا لا يتعدى 15 يوما لتسوية الواجبات الكرائية التي لازالت في ذمته تحت طائلة مواصلة اجراءات التنفيذ في حقه واعتقد في هذه الحالة أن رئيس المحكمة سيتحول من قاضي للمستعجلات إلى قاضي التنفيذ.
وخول المشرع للمكتري الحق في اللجوء لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات، من أجل إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعد تنفيذ الأمر القضائي القاضي باسترجاع الحيازة، غير أن ذلك مشروط بتقديم الطلب قبل مرور أجل ستة أشهر من تاريخ تنفيذ الأمر المذكور والإدلاء بما يفيد أداء ما بذمته من واجبات كرائية.
خامسا: الشرط الفاسخ -المادة 33-
أسند المشرع من خلال المادة 33 الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة لمعاينة تحقق الشرط الفاسخ وإرجاع العقار أو المحل لصاحبه في حالة عدم أداء المكتري لواجبات الكراء لمدة ثلاثة أشهر وتضمن عقد الكراء شرطا فاسخا، وذلك بعد توجيه إنذار بالأداء يبقى دون جدوى بانصرام أجل 15 يوما من تاريخ التوصل.
وتأتي المادة 33 من القانون الحالي لتعويض المادة 26 من ظهير 24 ماي 1955 حيث كان من حق المكري اللجوء للقضاء الاستعجالي قصد معاينة تحقق الشرط الفاسخ بالرغم من عدم النص صراحة على اختصاص رئيس المحكمة في المادة 26.
والثابت أن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في النص القديم أي المادة 26 "إنما هو ناتج عن وجود الشرط الفاسخ فلو لم يكن هناك شرط فاسخ لما انعقد له الاختصاص بالأمر بالإخلاء لأنه لا يملك الصفة بذلك وإنما يكون قاضي الموضوع هو المختص" عبد اللطيف هداية القضاء المستعجل في القانون المغربي ص 154.
وخلافا لما هو عليه الحال سابقا فإن المشرع من خلال المادة 33 أعطى الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة بصفة صريحة وحصرية للنظر في معاينة الشرط الفاسخ وإرجاع العقار أو المحل للمكري ومن تم لم يبق من حق المكتري الدفع بعدم لاختصاص في هذا الجانب من النزاع.
الخاتمة:
من خلال المقتضيات الجديدة التي ضمنها قانون الكراء التجاري الجديد، يمكن القول ان المشرع تجاوز المفهوم الكلاسيكي للقضاء الاستعجالي فأصبح بإمكان هذا الأخير تجاوز ظاهر الوثائق والمستندات والمقارنة بين الحجج والغوص في وقائع وادعاءات الأطراف والاستعانة بوسائل التحقيق خاصة الخبرة القضائية للفصل في جوهر النزاع أو الحق المعروض عليه بصفة قطعية بعيدا عن المبدأ المنصوص عليه في الفصل 152 ق م م الذي ينص على أن الأوامر الاستعجالية لا تثبت (إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر).
وبهذا التوجه يكون المشرع قد تبنى مفهوم "القضاء الموضوعي المستعجل" والذي يرى جانب من الفقه بكونه (لا يدخل تحت مصطلح "القضاء المستعجل" بالمعنى الدقيق لهذا المصطلح الذي يعني اتخاد اجراءات مؤقتة لكفالة الحماية العاجلة للحق المدعى فيه، دون مساس بموضوعه وإنما هو قضاء قطعي يحسم النزاع في الموضوع غير أنه خاضع لمسطرة سريعة كمسطرة القضاء المستعجل، عوض خضوعه لمسطرة القضاء العادي البطيئة )) الأستاذ الطيب البواب – موقع القضاء المستعجل من القضاء في الاسلام – مجلة المحاكم المغربية عدد 42 السنة 1986 ص 13 "أشار إليه الدكتور عبد اللطيف هداية الله- القضاء المستعجل في القانون المغربي ص 294.