MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الأمر بالأداء الصادر في إطار الملكية المشتركة هل يقبل التعرض أم الاستيناف؟

     

(قراءة في المادة 25 من قانون الملكية المشتركة على ضوء حكم قضائي صادر بتاريخ 3/1/2018)



الأمر بالأداء الصادر في إطار الملكية المشتركة هل يقبل التعرض أم الاستيناف؟
منذ سنة 2003 ارتبط تاريخ 16 ماي، لدى أذهان المغاربة بالأحداث الإرهابية المؤسفة التي وقعت بالدارالبيضاء، لكن مع اختلاف في الزمان والمكان وطبيعة الأفعال، نجد أن المشرع المغربي اختار نفس التاريخ وهو 16 ماي، ليقوم بنشر القانون رقم 106.12 المتعلق بالملكية المشتركة بالجريدة الرسمية1، ويطلعنا على أحداث تشريعية تنسف نسفا مبدأ الأمن القانوني الذي يؤثر مباشرة على الأمن القضائي المنصوص عليه في دستور المملكة لسنة 2011.

فمبدأ الأمن القانوني[2] يقتضي أن كل شخص له الحق في استقرار القاعدة القانونية وأن يكون في مأمن من التعديلات المفاجئة التي يمكنها أن تؤثر على ذلك الاستقرار، بمعنى أن يأتي النص واضح وبدون حاجة لأي تأويل.

لكن للأسف نجد أن التعديلات المشار إليها جاءت بمجموعة من مناطق الظل، والتي فتحت باب التأويلات على مصراعيه، سنقف على إحداها، خاصة المادة 25 من قانون الملكية المشتركة التي تحدد طريق مطالبة وكيل اتحاد الملاك المشتركين بالمساهمات المستحقة.

فمن خلال قراءة للمادة 25 من القانون المذكور، يطرح السؤال حول وسيلة الطعن التي سيسلكها أحد الملاك المشتركين، بخصوص الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية البات في أداء المساهمات المتعلقة بالملكية المشتركة، فهل الأمر بالأداء هو قابل للتعرض أم للإستيناف؟

ففي نزاع عرض على أنظار المحكمة الابتدائية بالرباط تم سلوك مسطرة الطعن بالتعرض على الأمر بالأداء الصادر بتاريخ 10/07/2017 عن نفس المحكمة في ملف أمر بالأداء عدد 269/1102/2017 رقم الأمر 269، والقاضي بأداء المبلغ المطالب به المتعلق بالمساهمات في تكاليف الملكية المشتركة.

وقد صدر عن المحكمة الابتدائية بالرباط التي بتت في التعرض على الأمر المذكور حكما، بتاريخ 3/1/2018، قضى بعدم الاختصاص للبت في التعرض، وجاء في تعليله ما يلي:

"وحيث إنه لئن كانت القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 161 من قانون المسطرة المدنية والمعدلة بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 6 مارس 2014 تقضي بأن الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة الابتدائية تقبل الطعن بالتعرض داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ، فإن مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 25 من قانون الملكية المشتركة المعدل بمقتضى القانون 106.12 الصادر بتاريخ 27/4/2016 تقضي بأن الأوامر بالأداء الصادرة عن رئيس المحكمة في ما يتعلق بأداء مساهمات أعضاء اتحاد الملاك تكون قابلة للطعن بالاستيناف، مما يوضح أننا أمام تعارض بين نص عام ونص خاص يتعلق بالملكية المشتركة، وأنه من المقرر فقها أنه عند التعارض بين نص عام وآخر خاص فإن الأولوية في التطبيق تكون للنص الخاص إعمالا لمبدأ أن النص الخاص يقيد النص العام، ثم أن النص الخاص المذكور أعلاه جاء لاحقا في التشريع عن النص العام، ومن المقرر طبقا لمبدأ تدرج القواعد القانونية أن النص اللاحق ....أولى في التطبيق عن النص السابق وذلك لكون النص اللاحق يميز بين الارادة الحديثة للمشرع ...الإرادة السابقة ويكشف عن مرامي المشرع لما تراءى له تحقيقا للمصلحة المطلوب حمايتها ولا يمكن أبدا الزعم والقول بوقوع تناقض في نصوص التشريع لأن المشرع كما هو معروف منزه علن العبث.

وحيث إنه استنادا لما ذكر أعلاه فإن الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية في مادة أداء مساهمات أعضاء اتحاد الملاك المشتركين يكون قابل للطعن بالاستيناف وليس التعرض، مما يكون معه مقال الطعن قدم لجهة غير مختصة قانونا للبت فيه، مما يتعين التصريح بعدم الاختصاص" المحكمة الابتدائية بالرباط – حكم عدد 7 – بتاريخ 3/1/2018 – ملف عدد 1344/1201/2017. (المنطوق: عدم الاختصاص للبت في التعرض)

وهكذا نجد أن المحكمة اعتبرت نفسها غير مختصة للبت في التعرض على الأوامر بالأداء المتعلقة بالملكية المشتركة.

لـــــــــــــــــــــــــــكــــــــــــــــــــــــن،

ينبغي طرح السؤال التالي: هل المشرع المغربي، ومن خلال المادة 25 من قانون الملكية المشتركة، أوجد لوكيل الاتحاد، مسطرة واحدة للمطالبة بالمساهمات غير
المؤداة، أم أنه خيره بين مسطرتين اثنتين؟

باستقراء دقيق للمادة 25 من قانون الملكية المشتركة، نجد  أن المشرع أوجد مسطرتين اثنتين لاستخلاص وكيل اتحاد الملاك المشتركين المساهمات غير المؤداة، من طرف أحد الملاك المشتركين، وجعل لكل مسطرة طريقة مختلفة للطعن فيها.

فبعدما أقر في الفقرة الأولى على أن وكيل اتحاد الملاك المشتركين لا يحتاج إلى أي ترخيص مسبق من طرف الجمع العام، للمطالبة قضائيا بتحصيل المساهمات المستحقة. وفي الفقرة الثانية تم وضع مسطرة قبلية للمطالبة القضائية من خلال توجيه إنذار بواسطة البريد المضمون ومنح المعني بالأمر أجل ثلاثين يوما يبتدئ من اليوم الموالي لليوم الأول للتبليغ.

بعدها أضاف المشرع الفقرة الثالثة والرابعة من المادة 25، اللذان يتحدثان عن مسطرتين اثنتين:
 
  • الأولى أسماها المشرع في الفقرة 3 بمسطرة: ( الأمر بالأداء) مقابلها في النص الفرنسي INJONCTION DE PAYER
  • وأطلق على الثانية في الفقرة 4 من نفس المادة مسطرة (أمر بأداء المساهمات المستحقة) مقابلها بالنص الفرنسي LE PRESIDENT DU PREMIERE INSTANCE PEUT ORDONNER LE VERSEMENT DES PROVISIONS EXIGIBLES 
وجعل لكل مسطرة شروطها لا يمكن للأمر أن يصدر إلا باستجماعها .
  • فبالنسبة للأولى وهي مسطرة الأمر بالأداء المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 25، فقد قام المشرع بالإحالة على مقتضيات المادة 25 مكرر، وبالتالي من أجل استصدار أمرا بالأداء، لابد من
توفر 4 شروط وهي:
 
  • محضر الجمع العام المصادق بموجبه على مبلغ تكاليف السنة المعنية؛
  • كشف حساب ديون المالك المدين مصادق عليه من طرف وكيل الاتحاد؛
  • شهادة الملكية التي تثبت حصة المالك المدين في الأجزاء المشتركة؛
  • شهادة تثبت تبليغ المالك، بالإنذار المشار إليه في المادة 25 أعلاه.
  • أما فيما يتعلق بالمسطرة الثانية وهي مسطرة أداء المساهمات المستحقة فقد ألزم المشرع توفر شرطين اثنين هما:
    • وثيقة إثبات تصويت الجمع العام لاتحاد الملاك المشتركين على الميزانية التقديرية.
    •  التحقق من انصرام اجل 30 يوما من اليوم الموالي للتوصل بالإنذار. 
وبناء عليه، يتضح أن هناك مسطرتين اثنتين الأولى تتعلق بالأمر بالأداء، يستلزم
لإصدارها التوفر على أربعة شروط، أما الثانية فهي أمر بأداء المساهمات المستحقة، لا تحتاج إلا لشرطين اثنين، وتكون هاته الأخيرة مسطرة تواجهية، لأن الأولى هي التي يبت فيها الرئيس في غيبة الأطراف، وفق قواعد الأمر بالأداء المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية.

وما دام أن هناك مسطرتين، فقد خصص المشرع لكل مسطرة منهما وسيلة طعن مختلفة عن الأخرى، فالمسطرة المنصوص عليها في الفقرة 4 من المادة 25 لا يمكن الطعن فيها إلا بالاستيناف لأنها كما سبق ذكره مسطرة تواجهية والنص جاء صريحا حينما أوضح أن الأمر الصادر فيها يكون مشمولا بالنفاذ المعجل بالرغم الطعن فيه بالاستيناف.

أما مسطرة الأمر بالأداء المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 25، سنلاحظ أن المشرع استهل المادة 25 مكرر بعبارة استثناء من مقتضيات الفصل 155 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، وهي النصوص المتعلقة بالأمر بالأداء والاستثناء هنا جاء فقط بخصوص شروط الحكم من قبيل قيمة المبلغ المطالب به، وعنوان المعني بالأمر وغيرها دون أن يمس الاستثناء طرق الطعن، لكون المادة المذكورة تتحدث فقط على الشروط اللازمة لإصداره.

وهنا يمكن القول، أن المشرع لم يقم بالإشارة إلى قواعد الأمر بالأداء في قانون المسطرة المدنية عبثا، وإنما  قام بذلك من أجل إثارة انتباه مستعملي هذا النص، إلى الارتباط بين مسطرة الأمر بالأداء المنصوص عليه في القانونين، لأنه كان بإمكان المشرع أن يستهل المادة (25 مكرر) بدون ذكر الاستثناء الوارد فيها حاليا، وسيكون النص سليما، لكنه أضافها لكي يوضح بأن هناك مسطرتين اثنتين، وأن المسطرة المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 25 التي تحيل على المادة 25 مكرر، تختلف عن نظيرتها المنصوص عليها في الفقرة 4 من المادة 25، مسطرةً وطعنًا.

وما دام أن المشرع لا يشرع عبتا، لأنه لو أراد مِن جـــَعل مسطرة الأمر بالأداء المنصوص عليها في قانون الملكية المشتركة مسطرة خاصة، كما جاء في تعليل الحكم المشار إليه، ما كان له أن يثير مسألة الاستثناء الواردة في بداية المادة 25 مكرر، لأن الفقرة بدون الجملة الاولى كانت ستفي بالغرض، وسنقول حينها ـــــــ أي لو أن المشرع لم يقم بالإشارة إلى فصول المسطرة المدنية ــــــــ أن المسطرة الحالية هي خاصة، لكن المشرع حينما أوردها في نص المادة إلا لكي يؤكد الارتباط بين المسطرتين.

بل الأكثر من ذلك، يمكن طرح السؤال لو أن الأمر ينحصر على مسطرة واحدة فما الغاية من إضافة الفقرة الرابعة للمادة 25، لأن المشرع كان بإمكانه أن يكتفي فقط بالفقرة الثالثة، دون إضافة الفقرة الرابعة، لكن بإضافته للفقرة الرابعة، يعزز طرح وجود مسطرتين وليس مسطرة واحدة.

وتبعا لما تم بيانه أعلاه، أعتقد أن الأمر بالأداء الصادر في إطار الفقرة 3 من المادة 25 من قانون الملكية المشتركة يبقى قابلا للطعن فيه بالتعرض، وأن اللوم كل اللوم على المشرع المغربي الذي يبتعد عن الوضوح ويدخلنا كممارسين إلى عوالم مظلمة، وينسف مبدأ الأمن القانوني.
 
المسطرة
 
شروطها وسيلة الطعن
-I-
الأمر بالأداء INJONCTION DE PAYER
(المادة 25 الفقرة 3 من قانون الملكية المشتركة)
 
1)محضر الجمع العام المصادق بموجبه على مبلغ تكاليف السنة المعنية؛
2)كشف حساب ديون المالك المدين مصادق عليه من طرف وكيل الاتحاد؛
3)شهادة الملكية التي تثبت حصة المالك المدين في الأجزاء المشتركة؛
4)شهادة تثبت تبليغ المالك، بالإنذار المشار إليه في المادة 25 أعلاه.
(م25 مكرر)
التعرض
الجملة الأولى من المادة 25 مكرر التي تفيد وجود ترابط بين مسطرة الأمر في القانونين العام والخاص لا اختلاف بينهما إلا في الشروط المتطلبة لإصدارهما فقط.
لأن النص كان سيكون سليما دون الاستثناء المذكور لو أراد لها بالفعل أن تكون مسطرة خاصة.
-II-
أمر بأداء المساهمات المستحقة
LE PRESIDENT DU PREMIERE INSTANCE PEUT ORDONNER LE VERSEMENT DES PROVISIONS EXIGIBLES 
(المادة 25 الفقرة 4 من قانون الملكية المشتركة)
1)وثيقة إثبات تصويت الجمع العام لاتحاد الملاك المشتركين على الميزانية التقديرية.
2)التحقق من انصرام اجل 30 يوما من اليوم الموالي للتوصل بالإنذار. 
 
الاستيناف
الفقرة 4 من المادة 25 من قانون الملكية المشتركة.
 
 
 
[1] - القانون رقم 106.12 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.49 بتاريخ 19 من رجب 1437 (27 أبريل 2016)، الجريدة الرسمية عدد 6465 من 9 شعبان 1437 (16 ماي 2016)، ص: 3781.
[2] - عبد المجيد غميجة:" مبدأ الأمن القانوني و ضرورة الأمن القضائي- مجلة الملحق القضائي- العدد 42- ماي 2009- الصفحة: 3.




الاثنين 15 يناير 2018
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter