MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




الاستاذ محمد درعام او المحامي الاستثناء في زمن الاستثناء

     



الدارالبيضاء في 16يوليوز 2016
الدكتور محمد امغار
عضو مجلس هيئة المحامين بالدارالبيضاء




في مرحلة انتقالية ومكان انتقالي رأى النور بتاريخ  21 اكتوبر 1951  وبالضبط في منطقة تعيش التناقض بين مرفولوجية وبنيوية  وسلوك الكوخ والقصر .

تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمدارس البيضاء حيث حصل على الباكلوريا سنة  1969 ليلتحق بعدها بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الخامس بالرباط, حيث حصل على الاجازة في الحقوق شعبة العلوم القانونية دورة يونيو 1973

وبين الولادة سنة  1951 والإجازة  سنة 1973 عايش المرحوم المراحل الانتقالية والاستثنائية لمغرب اواخر الحماية وبدايات الاستقلال ,وهو الزمن الاشكالي الدي بصم في المرحوم اسوة  بأبناء جيله خصائص الفكر التقدمي .

حصل المرحوم على شهادة الاهلية لمزاولة مهنة المحاماة المنصوص عليها في الفقرة 4 من المادة  23من المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم 65-816الصادر في حالة الاستثناء المنصوص عليها في المادة 35من دستور 1962 ودلك بتاريخ 19 نونبر 1975 بتوقيع مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل انداك الاستاد محمد ميكو .

بتاريخ 3  دجنبر   1975 تقدم بطلب التقييد في لائحة التمرين بهيئة  المحامين بالدارالبيضاء ليصدر قرار تقييده في لائحة التمرين بتاريخ 30 ابريل 1976 ويقيد بالفعل ابتداء من تاريخ ادائه اليمين القانونية في 11ماي 1976 .

المرحوم لم يبتعد كثيرا ولم يبحث عن المكاتب "المقاولات" بل قضى فترة تمرينه غير بعيد عن مكان طفولته ,ومدارسه, ورفاقه , ودار الشباب بو شنتوف ,قضى فترة التمرين بحي الاحباس33 زنقة الفران اي بمكتب المرحوم الاستاد غلام  الدكالي  وبعده الاستاد فاضل عبدالرحيم, المكتب الذي لم يغادره الى ان تم قبول تسجيله بجدول الهيئة بعد قضاء فترة التمرين .

 قبل طلب المرحوم  الرامي للتسجيل بالجدول من طرف مجلس الهيئة المنعقد بتاريخ  18ماي 1979المجلس الذي كان يتكون  انداك من النقيب المرحوم الاستاد عبد الرحيم بن عبد الجليل والأعضاء الاساتدة حسن بلحاج ,محمد الناصري ,عبد المالك التبر ,عبد اللطيف بنجلون, عبد العزيز بن زاكور, احمد بن القاضي, محمد بلخدير, محمد الفاسي ,محمد الشنوكي .

سجل المرحوم بجدول الهيئة بتاريخ 11ماي 1979 تحت عدد 322 وعكس العديد من الزملاء من ابناء جيله لم يمارس المرحوم في اطار المساعدة لأكتر من شهرين, انتقل بعدها في اتجاه وسط المدينة وبالضبط اتجاه شارع المتناقضات من جهة ,وشارع التسامح من جهة اخرى, شار ع 11 يناير, حيث المسجد ,والكنيس,والحانة, والتعايش بين المسلمين, واليهود ,والمسحيين ,فتح مكتب المحاماة في اطار مشاركة مع رفيق دربه  وزميله الاستاد بوشعيب فريحي بعد مصادقة مجلس الهيئة على عقد المشاركة بينهما بتاريخ 23 يوليوس 1979.

 المشاركة التي استمرت بين الاثنين الى غاية  7 ابريل 2000 التاريخ الذي عاين فيه مجلس الهيئة فسخ المشاركة  بين المرحومين ,والاستمرار في الممارسة بنفس المكتب في اطار المساكنة .

وسواء كمتمرن بحي الاحباس او كمحام رسمي بشارع 11 يناير, او كعضو بمكتب جمعية المحامين الشباب , ارتبط اسم المرحوم بالملفات الحقوقية الكبرى والنضال الحقوقي و المهني من اجل ترسيخ مبادئ  المحاكمة العادلة, والدفاع عن الحق والقانون وفي هدا الاطار لاتكاد تجد في ملفه المهني غير الوثائق الشخصية للتسجيل في الهيئة  الى جانب الرسائل وطلبات التعيين في اطار المساعدة القضائية ,وطلبات زيارات المعتقلين في معتقل درب مولاي الشريف الشيئ الذي يوضح طينة المرحوم وممارسته المهنية وفكره التقدمي الرافض للابتذال والتسلق الطبقي والرغبة في الاغتناء .

وقد دفعه ولعه بالمهنة ,ونبل رسالتها الى البحث عن  تحمل المسؤولية داخل مؤسساتها حيث انتخب من طرف زملائه عضوا بمجلس الهيئة ,في دجنبر   1991ليشكل كعادته مجلس الهيئة الاستثنائي الذي قضى سنتين في تسيير دواليب الهيئة الى جانب  النقيب الاستاد ابراهيم السملالي ,والأعضاء الاساتدة حسن بلحاج, محمد الفاسي, الطاهر اللحياني, محمد شهبي, عبد العالي التكناوتي , محمد علي الصايغ , مولود بطاش, عبد الكريم الماحي, محمد عطواني , محمد خفي , الطيب الحاج علي , احمد بنغين , عبد الكبير طبيح, ومن المهام التي كلف بها الى جانب مهام اخرى, مهمة رئاسة تحرير مجلة المحاكم المغربية ,المجلة التي شكلت في فترته استثناء الاستثناء, بحيث استعان في القيام بمهمته بهيئة تحرير شكلت من جيل الزملاء المخضرمين القدماء ,والجدد انداك, المعربون, ودوي التكوين الفرنسي ,ويتعلق الامر بهيئة تحرير تتكون الى جانب المرحوم  من الاساتدة عبد الله بومهدي رحمه الله ,محمد انيق رحمه الله ,كمال اوقادة ,المصطفى ادجيخي, المختار حليم, عزالدين رفقي ,مصطفى الناوي ,وهو الفريق الذي اعطى الى جانب المرحوم الاعداد 64و65و66و67 من مجلة المحاكم المغربية , الاعداد التي شكلت بالفعل نبراس للثقافة الحقوقية, وترجمة للفكر الحر ,وتدوين للعمل القضائي الجاد, وفتحت المجلة في عهده الباب لأقلام الزملاء ورجال القانون الفضلاء.

وفي هدا الاطار كتب المرحوم وهو التقدمي الملم بالتحولات الفكرية, والاستعمال السياسوي لادوات الثقافة وهو العارف كذلك بالمهام الجسام التي يتحملها المثقف ألعضوي كتب المرحوم قائلا انه في وقت مبكر من القرن الماضي ,عرف المجال الثقافي ببلادنا نشوء العديد من المجلات المتخصصة, والتي شكلت في حينها ادوات فاعلة لمتعاطي المهن القانونية ,حين ربطت بين اهتماماتهم ,واستجابات الجهاز القضائي بمختلف درجاته .

ويضيف المرحوم ان هده الظاهرة لم تكن قصرا على بلادنا ,بقدر ماعمت منطقة الشمال الافريقي برمته ,,فكانت ايذانا بولوج عهد جديد قوامه وسائط اتصال حديثة لم يعرفها, من قبل ,نظامنا العدلي القديم ومساعدوه.

ويرى المرحوم ان المهتمين بشان تلك المجالات مافتئوا يذكرون , مجلة التشريع والاحكام بالمغرب ,وجريدة رجال القضاء ,ومجلة التشريع والأحكام الخاصة لمنطقة طنجة,والمجلة الجزائرية ,والمجلة المغربية للقوانين والمذاهب والأحكام الاهلية,وجريدة المحاكم المغربية  كما كان يطلق عليها من طرف السيد "بول ريس" رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بالرباط .

ويذهب المرحوم في تحليله لأدوات الثقافة القانونية انداك الى القول انه ورغم الجوانب الاستعمارية ,التي لاتخفى عن العين  , في المشروع الثقافي سواء ما تمثل منها في الدفاع عن النظام القضائي, المحدث بفرعيه العصري  والاهلي على ما بينهما من  انعدام توازن ,او تلك التي تبشر لنظام العرف , فان جانب الوسيلة اي المجلة في المشروع كان ايجابيا من منظوره  الى حد كبير .

ويذهب المرحوم في تحليله لأدوات الثقافة  للمراحل الاولى  لمغرب الاستقلال الى القول انه ولعوامل تحرر شعوب المنطقة من رقبة ألاستعمار وتصدي ابناءها لقيادة سفينة مهنتهم, وتنامي الاحساس بان اللغة الوطنية عامل جوهري في بناء الشخصية الوطنية المستقلة,فان معظم المجالات ال الى الاندثار واصبحت اثار بعد حين, لتبقى مجلة المحاكم المغربية وحدها التي استطاعت مغالبة عوادي الزمن ,حيث جندها اهلوها لخدمة قضايا العدالة المغربية ومهنة المحاماة وحقوق الانسان في هدا البلد, وفي تحديده لسياسة وفلسفة المجلة انداك, ذهب المرحوم الى القول بان الدراسات  القانونية ذات الطابع الاكاديمي على اهميتها,وتوفر امكانات نشرها في منابر اخرى, لاتكون مفيدة لخط سير المجلة, الا اذا استجابت لحاجيات ملحة وساهمت في وضع حلول وأجوبة لإشكالات مطروحة على ارض الواقع.

ويرى المرحوم ان نظامنا القضائي السائد له جذور ضاربة في القدم بجهات اخرى من هذا العالم, وان اي ارادة لتطويره وتحديثه, لايمكن انجازها بعيدا عن تتبع التغيرات الحاصلة بهذا النظام في تلك المراكز.

ويذهب المرحوم مستحضرا حاجز اللغة الى القول بان حاجزا اسمه اللغة في مهنة تكاد تكون قد عربت كليا سوف لن يسمح بتواصل ناجح مالم يقع تخطيه,ولن يتم ذلك الا بتكثيف عمليات الترجمة, وقد اوفى بدلك رحمه الله الى جانب المرحوم د محمد انيق والعزيز د مصطفى الناوي.

وفي تحليله للتحولات التي عايشها النظام القضائي المغربي ذهب المرحوم الى القول بان الظرفية الاقتصادية, او الدواعي التي تعود لطبيعة جهازنا الاداري برمته, لاتشكل اسبابا ومبررات كافية لاحدات انقلاب شامل داخل قطاع يشكل الضمانة الاكيدة لحماية حريات الناس وأموالهم وإعراضهم, ويرى في هدا الاطار ان اي اختيار يقع في محيط هدا المجال الحيوي, يستلزم بالضرورة استشارة واسعة للممارسين على اختلاف مستوياتهم ,قضاة ومحامين ومساعدين للقضاء باعتبار انهم الذين توجد ايديهم في النار, كما يقال, وذهب الى القول رحمه الله ,انه لما لم يقع ذلك اي اشراك الجميع في الاصلاح , فقد كان لزاما ان يصل الامر الى ماوصل اليه  ويرى المرحوم  ان قضاء فعالا , وكفؤا ومستقلا , امر يهم  جميع مكونات المجتمع المغربي ,دون مزايدات او استعمال لحرب مواقع .

ظل المرحوم حملا لهم المجتمع والمهنة متأملا في المتغيرات معبرا عن رفضه بدخان سيجارته ,

حاور المرحوم بسخريته المعهودة المرض, وظل رفيق الكتاب الى ان استسلم لنوم عميق يوم الاربعاء 13 يوليوس 2016 , ليرقد والى الابد بجانب ابناء الشعب بمقبرة سيدي مسعود بالدارالبيضاء .

وبين 21 اكتوبر 1951 و 13 يوليوس 2016 عاش انسان حمل الكثير , رفض الكثير,ثار على الكثير , سخر من الزمن العاصي على الفهم  رحم الله  واحد من المحامين الذين امنوا برسالة المحاماة , ورفضوا الصعود على اشلاء الفقراء  في زمن التملق والخنوع .

ان صرخة الاحتجاج التي اطلقها ابو در الغفاري في يوم ما بقيت تتردد باستمرار , طيلة تاريخ المجتمعات الاسلامية من طرف مثقفين اخرين,,وبلهجة ولغة,, وفي شروط زمنية مختلفة ,,,,,,



الاثنين 18 يوليوز 2016
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter